مولَّر

ماكس

Monday, August 21, 2017
الوقت المقدر للدراسة:
موارد بیشتر برای شما
ماكس
(1823 ـ 1900) فردريش (أو فريدريك) ماكس مولَّر Friedrich Max Müller مستشرق وعالم لغوي ألماني، عُرف في إنكلترا ـ حيث أمضى معظم سنوات حياته ـ وعالمياً بهذا الاسم. وهو مؤسس فرع البحوث السنسكريتية في جامعة أكسفورد ومؤسس علم الأديان المقارن فيها أيضاً. ولد في مدينة ديسّاو Dessau وتوفي في أكسفورد. وهو ابن الشاعر المعروف ڤيلهلم مولر Wilhelm الذي لحّن فرانتس شوبرت[ر] بعض قصائده. تلقى تعليمه في «مدرسة نيكولاي» Nikolai Schule في لايبزيغ Leipzig، ثم درس في جامعتها الأدب والفلسفة، وأبدى في الوقت نفسه اهتماماً باللغات الشرقية، فتعلم العربية[ر] والسنسكريتية[ر] ثم درسهما، ونشر في أثناء دراسته ترجمة عن السنسكريتية لمجموعة حكايات الحكمة «هيتو بادِشا» Hitopadesa (المقتبسة من كتاب «بنجاتنترا أو الأسفار الخمسة» Pañcatantra ت(1844). ولما عرف إلى أين يقوده شغفه العلمي انتقل إلى برلين؛ ثم إلى باريس عام 1845؛ ثم إلى لندن لمتابعة بحوثه في مركز الدراسات السنسكريتية حينذاك بحكم تبعية الهند للتاج البريطاني. وبالتعاون مع شركة الهند الشرقية East India Company نشر كتاب الهندوس المقدس «ريغـڤيدا» [ر. ڤيدا] Rigveda مع تفسيره والتعليق عليه في ستة مجلدات، استغرق العمل فيها ربع قرن (1849ـ 1874)، كما نشر عام 1877 طبعة للنص الأصلي من دون تعليق. وكان في عام 1869 قد ترجم ونشر «أناشيد البراهمانية المقدسة» Rig-Veda’-Sanhità؛ بعد أن أقنع الشركة بضرورة دراسة النصوص السنسكريتية القديمة بهدف معرفة تطور الأديان الهندية؛ خطوة أولى في بحوث علم الأديان المقارن.

عمل ماكس مولر منذ عام 1850 محاضراً في جامعة أُكسفورد في ميدان تاريخ الأدب وعلم اللغة المقارن، وصار عام 1851 عضو شرف في الجامعة، ثم صار عام 1854 أستاذ كرسي اللغات والآداب الحديثة، وعضو مجلس إدارة مكتبة بودلي Bodleian Library، حيث عمل بين عامي 1865 ـ 1867 أمين قسم الدراسات الاستشراقية. وفي عام 1868 أوجدت جامعة أكسفورد كرسياً خاصاً لعلم الأديان المقارن، وكان ماكس مولر أول من شغله.

وفي خضم انهماك مولر في الدراسات اللغوية والدينية المقارنة، كان لابد من أن يولي اهتماماً خاصاً بالأساطير، وتُعدُّ مقالاته على هذا الصعيد أكثرها إغراءً بالقراءة، فقد وجدها بالتحليل شكلاً من أشكال الوعي بالظواهر الطبيعية، أو نوعاً من العلم البدائي في سياق تطور البشرية ثقافياً. كما كان قريباً من أفكار تشارلز داروين[ر] فيما يتعلق بتطور الثقافات، وهو يرى أن الآلهة في البداية قد دخلت ميدان الفعل والتأثير في البشر مفهومات مجردة، تبادل معها الإنسان الأفكار أو عبّر عن رأيه أمامها، لكنها لم تُشَخَّص إلا لاحقاً. وهكذا ظهر لـ«الإله ـ الأب» الهندي ـ الجرماني أسماء مختلفة: زيوس Zeus، جوبيتر Jupiter، دياوس بيتا Dyaus Pita. إلا أنه من الممكن الرجوع بهذه التسميات كلها إلى كلمة (دياوس) التي تعني «التجلي» أو «الإشعاع»؛ وهي تؤدي إلى: ديـڤا deva، ديوس deus، وذيوس theos بوصفها مصطلحات تشير إلى الإله وإلى الاسم المحدد: زيوس Zeus وجوبيتر Jupiter بمعنى (deus- pater) أي «الإله ـ الأب»، وقد كان لهذا التصور تأثيره في فلسفة نيتشه[ر] لاحقاً. إن استكشاف مولر عالمَ الأساطير أدى إلى تعمقه في علم الأديان المقارن الذي أثمر بداية من عام 1875نحو خمسين مجلداً جمعها بعنوان «كتب الشرق المقدسة» The Sacred Books of the East، خارج نطاق الديانات السماوية الثلاث. وفي سنواته الأخيرة كتب مولر في الفلسفة الهندية وحفَّز على البحث عن مخطوطات ونقوش شرقية، وكان من نتائج ذلك في حينه اكتشاف بعض الكتابات البوذية الهندية مدونة في اليابان.

يُعدّ ماكس مولر في مؤلفاته وترجماته وشروحاته المستشرق الأكثر أهمية في أواخر القرن التاسع عشر، علماً أن بحوثه قد أثارت خلافات متنوعة ومتباينة على الصعيد القومي والكنسي، لكنها مازالت محتفظة بريادتها العلمية حتى اليوم.

نبيل الحفار

مراجع للاسـتزادة:

 - L.P.V.D.BOSCH, F.M.Müller: A Life Devoted to the Humanities (2002).

- J.R.STONE. The Essential Max Müller: On Language, Mythology and Religion, (New York: Palgrave 2002).


ارسل تعليقاتك
با تشکر، نظر شما پس از بررسی و تایید در سایت قرار خواهد گرفت.
متاسفانه در برقراری ارتباط خطایی رخ داده. لطفاً دوباره تلاش کنید.