(1672 ـ 1725) بطرس الأول المعروف باسم بطرس الكبير Peter The Great الابن الأصغر للقيصر ألكسي الأول ميخائيلوفتش القيصر الثاني من أسرة رومانوف (1645-1667). ولد في موسكو، وتوفي في بطرسبرغ، قيصر روسية (1682-1725) وأول الأباطرة الروس منذ عام 1721. توفي والده وهو في الرابعة من العمر فانتقل العرش إلى أخيه من والده، فيودور الثالث، حتى عام 1682، حين أصبح بطرس قيصراً وتقاسم العرش مع أخ آخر له من أبيه إيفان الخامس، إلا أن الحكم الفعلي كان بيد أخته غير الشقيقة صوفيا التي استولت على السلطة بعد ثورة قام بها مؤيدوها. في تلك الأثناء كان بطرس الحدث الذي لم يكن له من الحكم إلا الاسم، يعيش ووالدته في قرية قريبة من موسكو. لم يتلق بطرس في هذه المدة أي ثقافة، لكنه استطاع أن يجمع حوله عدداً من رفاقه من أبناء الأسر الروسية النبيلة، علّمهم ودربهم وألف منهم مجموعة حرس صغيرة اعتمد عليها.
حاولت صوفيا التخلص من عدوتها الأولى نتاليا، والدة بطرس، إلا أن محاولتها باءت بالإخفاق، بعد أن تخلى عنها جنودها والتحقوا ببطرس الذي كان يتخذ من أحد الأديرة ملجأً له، وفي أيلول 1689 دخل بطرس موسكو مع مؤيديه ونزلت له صوفيا عن السلطة، وكان عمره حينذاك سبعة عشر عاماً، فترك شؤون الحكم لوالدته «نتاليا ناريشكين» التي لم تكن لديها الكفاية والمقدرة اللتين توافرتا لصوفيا، في حين انصرف هو للاطلاع على أحوال الناس والبلاد، فزار عام 1693 مدينة أركانغليسك، التي كانت في ذلك الوقت المرفأ الروسي الوحيد في الشمال البعيد من البلاد، وهناك تلقى دروساً في الملاحة من رجال البحر الإنكليز والألمان، وفي عام 1694 توفيت والدته وتبعها في عام 1696 شقيقه الذي لم يكن أهلاً لتولي العرش، عندئذ أضحى بطرس الحاكم الوحيد اسماً وفعلاً. تعلّم في أوائل حياته فن الحرب، وأَبحرَ لقتال الأتراك في البحر الأسود، فاستولى على حصن آزوف عند مصب نهر الدون (1696)، معتمداً في القتال على الفرق التي أنشأها من رفاق الطفولة، وعلى السفن التي كان مولعاً بها. وفتح بذلك لروسية منفذاً على البحار الدافئة، لكنه لم ينل تأييد الغرب لمشروعه شن حرب «صليبية» على الدولة العثمانية. وفي هذه المرحلة ازداد احتكاكاً بالغرب الأوربي، وتأثر بتقنياته الجديدة، وقام بجولة شخصية في عدد من الدول الأوربية متخفياً بمرافقه السويسري ليفور Lefort، وعمل في هولندة وإنكلترة بعضاً من الوقت نجاراً عادياً بغية زيادة معلوماته عن بناء السفن، وفي عام 1698 انتقل إلى فيينة، عاصمة أسرة آل هابسبورغ النمسوية، لكنه اضطر إلى العودة إلى روسية بعد أن وصلت إليه أنباء قيام ثورة قام بها حرس القيصر فأخمدها بقسوة، حيث أمر بإعدام نحو 4000 رجل قتل الكثيرين منهم بيديه، الأمر الذي نشر الرعب في نفوس الكثيرين من الروس. ثم شرع في إحداث تبديلات كثيرة في الأنظمة الروسية كان يراها ضرورية لإنهاء عزلة روسية، فقرر تقليد الغرب في اللباس والزي، وحلق لحيته وأمر أتباعه بالاقتداء به، وفرض غرامة على من يرغب في الاحتفاظ بها، وأصدر قانوناً يجعل ارتداء الملابس الغربية إلزامياً، وفي عام 1700 انتهت الحرب مع الدولة العثمانية، إلا أنه سرعان ما انضم إلى كل من بولندة والدنمارك في محاربتهما السويد، واستمرت تلك الحرب طوال المدة الواقعة مابين 1700-1721 وقد مُني بطرس وقواته في بدايتها بهزيمة كبيرة إثر حصاره لمدينة نارفا Narva القريبة من الساحل الجنوبي لفنلندة، فعمل على إعادة تنظيم قواته واستطاع في عامي 1702-1703 أن يسيطر على المنطقة الساحلية عند مصب نهر «النيفا» في بحر البلطيق، وأن يقيم مدينة وقلعة اتخذها حاضرة له، فسميت باسم «سان بطرسبرغ» (بتروغراد ثم ليننغراد أيام الحكم السوفييتي)، وفي عام 1709 حقق بطرس نصراً كبيراً على الملك شارل الثاني عشر، ملك السويد في معركة بولتافا Poltava، فاضطر شارل بعد أن انقطع عن بلاده للجوء إلى تركية، مما أدى إلى تجدد الحرب بين روسية وتركية في عام 1711. واستردت الدولة العثمانية آزوف على البحر الأسود بتأييد فرنسة وإنكلترة وهولندة، ثم قام الصلح بين روسية والسويد بموجب معاهدة نيشتاد عام 1721 التي ضمنت لبطرس الاحتفاظ بالأراضي المُسْتَولى عليها من مقاطعات البلطيق، وبذلك تحقق الحلم بالوصول إلى البحار المفتوحة.
كان عهد بطرس الأكبر عهد حروب، إلا أنه حاول في السنوات الأخيرة من حكمه القيام بعدد من الإصلاحات فيما بين العامين 1717و1725، في محاولة منه للنهوض بروسية والوصول بها إلى مصاف الدول الأوربية. فشرع في إعادة تنظيم الجيش وتقويته وحاول أن يجعل التعليم إجبارياً للطبقة العليا من الشعب الروسي حتى يضمن توفير الأطر المتعلمة التي يمكنها تعليم الآخرين، وجلب الخبراء من الخارج وأرسل بعضاً من الشباب الروس إلى البلدان الغربية للتدريب على الموضوعات المتعلقة بالبحرية التي ظلت تأخذ حيزاً كبيراً من تفكيره واهتماماته. وأحدث ما أسماه مجلس الشيوخ، لكنه لم يكن أكثر من جهاز من الموظفين لتلقي أوامره وتنفيذها. وكان بطرس يستشير هذا المجلس في بعض الأحيان، ولم يكن هناك وزراء بالمعنى المعروف، وإنما كان هناك عدد من الموظفين الذين يدير كل منهم قسماً من أقسام الحكومة تحت إمرة القيصر، ومن بين هؤلاء كان هناك عدد من الخبراء الذين استقدمهم القيصر من الدول الغربية، وقد تطلبت الإصلاحات إضافة إلى الحروب المزيد من الأموال، فاضطر بطرس إلى فرض ضرائب جديدة، حتى لم يبق شيء لم تُفرض عليه الضرائب، وقد أثقلت هذه الضرائب والخدمة العسكرية كواهل الفلاحين خاصة، فهجر كثير منهم منازلهم وأرضهم إلى جهات أخرى من روسية يصعب على الحكومة الوصول إليها. وقد حاول بطرس أن يَحدَّ من المعارضة، وكانت الكنيسة واحدة من البؤر الخطيرة المحرضة على المعارضة، لذا فإنه لم يُعين بطريركاً جديداً بعد وفاة بطريرك موسكو عام 1721، ومنذ ذلك الحين، أصبحت الكنيسة في روسية تُحكم من قبل مجلس لرجال الدين (مجمع كنسي، سنودس) كان يرأسه رجل يُعين بمعرفة القيصر شخصياً، ويبعث إليه بالتقارير عن كل مايحدث. وكان أكثر ما يقلقه في أواخر أيامه ألاّ يُكْتب لعمله الذي بدأه الاستمرار والديمومة، لأن الكثيرين كانوا غير راضين عن تلك الإصلاحات، وهناك فريق كان يريد لها النجاح، ومن هذا الفريق، كان ألكسي ابن القيصر، الذي كان مُتوقّعاً له أن يرث العرش بعد وفاة أبيه، وقد كان هذا الابن مسالماً يختلف عن والده القيصر الذي كان حيوياً محباً للحرب، لذا كانت المشاجرات بينهما لاتنقطع، وأخيراً فرَّ الابن من روسية عام 1716، وذهب إلى فيينة حيث وضع نفسه تحت حماية الامبراطور، لكنه عاد في عام 1718 إلى البلاد بناء على وعد من والده بالسماح له بأن يعيش بحرية وسلام، لكن والده كان يخشى أن تقوى به شوكة أولئك المعارضين لحكمه وإصلاحاته، فأمر بتعذيب أصدقائه وأعدم عدداً منهم، وأجبره على الاعتراف بأنه كان يتمنى موت أبيه، فنزل عن ولاية العهد، إلا أن هذا لم يخفف من سخط والده الذي أمر به فسجن، وعُذِّب بقسوة حتى الموت مع أنه كان مريضاً وضعيفاً وذلك عام 1718، وبقي بطرس من دون ابن يخلفه. وعندما توفي عام 1725 لم يعد أحد قادراً على أن يتحمل أعباء عمله. إلا أنه كان قد اختار زوجته الثانية كاترين لوراثة العرش، وكانت تعود في أصولها إلى منبت متواضع، وقد كانت عشيقة لصديقه فيشكوف، إلا أنه سرعان ماتعلق بها، مع معرفته علاقتها الغرامية بصديقه لمدة عامين، وتزوجها فصارت قيصرة روسية، وتوفيت وهي أمّية. كان بطرس ضخم البدن قوي البنية، لايرحم نفسه أو الآخرين في العمل، مؤملاً الوصول ببلده إلى مصاف الدول الأوربية العظمى والمتطورة في الكثير من المجالات، لذا سعى ما وسعه الجهد للقيام بالإصلاحات الإدارية والمالية والاقتصادية والاجتماعية، والتي كان منها تحرير النساء وبناء المنازل من الحجارة وتشجيع الصناعة والنهوض بالتجارة وتأسيس المستشفيات والمدارس الطبية والتعليمية ومصالح إطفاء الحريق، ووضع الأديرة وممتلكاتها تحت تصرف الحكومة، واهتم بالتوسع الاستعماري لذا مَوَّل رحلة فيتوس برنغ الأولى، وغير ذلك من الإنجازات الكبيرة التي تمكنت من وضع روسية على أول طريق التقدم والتطور حتى نادى به مجلس الشيوخ عام 1722 «أبا الوطن وامبرطوراً وكبيراً» واعترف بعظمته فولتير[ر] الذي كتب «تاريخ روسية في عصر بطرس الكبير».
بطرس الأول الكبير
Saturday, November 1, 2014
الوقت المقدر للدراسة:
ارسل تعليقاتك
با تشکر، نظر شما پس از بررسی و تایید در سایت قرار خواهد گرفت.
متاسفانه در برقراری ارتباط خطایی رخ داده. لطفاً دوباره تلاش کنید.
آخر أعلام
الأكثر زيارة في الأسبوع
موارد بیشتر برای شما
الشعر في مشهد، العاصمة الدينية لإيران
الانهيار البطيء للنظام السعودي..بن سلمان وحيدا في القمة!
معركة فاصلة على الرئاسات الثلاث في البرلمان العراقي
امريكا تصعد هجماتها الإعلامية ضد وزيرخارجيتها السابق
كاتب بريطاني: ابن زايد يستغل جهل ابن سلمان
مفاجأة... لماذا قرر عمر البشير حل الحكومة؟
الأنواء تعلن حالة الطقس في العراق للأيام المقبلة
اليابان تجرب مصعدا إلى الفضاء!
استخدام تقنية التعرف على الوجه في مطارات الهند
روسيا تستأنف إنتاج أضخم "سفينة طائرة" في العالم
جماعة علماء العراق: حرق القنصلية الايرانية تصرف همجي!!
البرلمان العراقى يعقد جلسة استثنائية لمناقشة الأوضاع بالبصرة اليوم
قمة طهران تخطف صواب الغرب وتذهل ساسته
معلومات لم تسمعها عن "المختار الثقفي"..من أديا دوري الامام الحسين وأخيه قمر بني هاشم؟!
الأمم المتحدة تطالب الصين بالإفراج عن مليون مسلم من الأويغور