(1856 ـ 1951) المارشال هنري فيليب بيتان Philippe Petain Henry عسكري وسياسي ومنظر استراتيجي فرنسي، نال في الحرب العالمية الأولى شهرة كبيرة وعُدَّ بطلاً قومياً إثر الانتصار الكبير الذي أنجزه على القوات الألمانية في معركة فردان سنة 1916، ثم صار في الحرب العالمية الثانية، أي بعد خمسة وعشرين عاماً من ذلك التاريخ، شخصية سياسية مثيرة لجدل كبير بعد تعامله المشبوه مع الاحتلال الألماني وقبوله تولي منصب الرئاسة في القسم غير المحتل من فرنسة.
ولد فيليب بيتان في الرابع والعشرين من نيسان في أسرة ريفية في بلدة كوشي ألا تور Cauchy-á-la-Tour في شمالي فرنسة. توفيت والدته ولما يبلغ السنتين من العمر وكفلته جدته لأمه. وبعد إتمامه الدراسة الابتدائية في مدرسة ريفية محلية، وحصوله على الثانوية العامة في كلية الدومينيكان، التحق بأكاديمية سان سير Saint-Cyr العسكرية وتخرج فيها عام 1878 برتبة ملازم ثان خيّال، وعين ضابطاً في فوج الألبين Alpine Regiment مشاطراً جنوده حياتهم القاسية. التحق في عام 1888 بالمدرسة الحربية العليا ونال شهادة الأركان بعد سنتين، عين في عام 1901مدرساً لمادة تكتيك المشاة في المدرسة الحربية، وظل فيها حتى عام 1910، وكان يؤمن بعدم جدوى العمليات الهجومية، ويولي الدفاع والإبطال الناري لقوات العدو أفضلية، وكان ذلك من أسباب تقلبه البطيء في الرتب العسكرية لتناقض آرائه مع آراء القيادة، وخاصة مبادئ الحرب التي نادى بها الجنرال فرديناند فوش[ر] سنة 1903 وخطة الحرب التي وضعها الجنرال جوفر[ر] Joffre وتبنتها القيادة سنة 1913. ومع ذلك فقد رقي بيتان عشية اندلاع الحرب العالمية الأولى (3 آب 1914) إلى رتبة جنرال (عميد) وقد ناهز الثمانية والخمسين من العمر، وعين قائداً للواء الرابع مشاة عند نهر المارن، ثم لم يلبث أن رقي إلى رتبة لواء (14 أيلول 1914) وعين قائد فيلق الجيش الثالث والثلاثين (24 تشرين الأول 1914) عند أرتوا Artois ، ثم قائداً للجيش الثاني (21 حزيران 1915) في شامبانية، ثم قائد جبهة فردان (26 شباط 1916) التي حقق فيها نجاحاً باهراً فتمكن من إعادة تنظيم الجبهة وتوفير طرق الإمداد لقواته ورفع معنوياتها، وبرع في استخدام مدفعيته إلى حد أنه تمكن من إيقاف الهجوم الألماني على هذه الجبهة، فذاع صيته وغدا اسمه على كل لسان، وكلف في الأول من أيار 1916 قيادة مجموعة جيوش الوسط. وفي التاسع والعشرين من نيسان 1917 سمي بيتان رئيساً للأركان العامة الفرنسية بعد الإخفاق الذي منيت به هذه القوات بقيادة الجنرال نيفيل R.G.Nivelle على جبهة شومان دي دام Chemin des Dames، فنجح في إعادة الروح المعنوية لهذه القوات. وفي 15 أيار من السنة نفسها صار بيتان القائد العام للجيوش الفرنسية، وشاركت هذه الجيوش بإمرته في الهجوم العام الذي قاده المارشال فوش القائد العام لقوات الحلفاء عام 1918 و تقاسم معه أمجاد النصر النهائي. وفي 19 تشرين الثاني 1918 سمي بيتان مارشال فرنسة، وارتقى إلى أعلى منصب عسكري فرنسي: نائب رئيس المجلس الحربي الأعلى.
في عام 1925 كلف بيتان تولّي ما حدث في مراكش (المغرب) إثر ثورة الأمير عبد الكريم الخطابي في الريف، عين بعدها المفتش العام للجيش الفرنسي حتى عام 1931 ثم مفتش الدفاع الجوي حتى 1934، وكان له نفوذ كبير في أوساط القيادة الفرنسية كما كان لآرائه الاستراتيجية تأثير واضح في المذهب العسكري الفرنسي فيما بين الحربين، إذ كان من أهم المدافعين عن أولوية الدفاع الثابت عن خطوط محصنة في الحرب، ومن أشد المتحمسين لإقامة خط ماجينو الذي افترض فيه أن يكون مانعاً لا يمكن التغلب عليه، ويحول دون أي غزو ألماني لفرنسة، متجاهلاً أهمية الحركية mobility والهجوم والوسائل الحديثة لتحقيقهما، ولاسيما الدبابات والطيران.
بعد أحداث السادس من شباط 1934، في فرنسة، صار بيتان وزيراً للحربية في وزارة دومرغ Doumergue، وانهمك منذئذ في النشاط السياسي. وفي عام 1939 عين بيتان سفيراً لبلاده في إسبانية، ثم نائباً لرئيس مجلس الوزراء (18 أيار 1940) في وزارة بول رينو Reynaud Paul التي تألفت بعد النكسة الأولى في الحملة على فرنسة، و نجح الألمان فيها بالالتفاف على خط ماجينو العظيم بفضل مدرعاتهم وسرعة تحركاتهم. وكان من نتائج هذه الحملة احتلال الألمان هولندة وبلجيكة واستسلام فرنسة، وحصار القوات البريطانية في دونكرك. وقد رفض بيتان الذي كان معجباً بالنظم الديكتاتورية التي حكمت ألمانية وإيطالية وإسبانية، ومن أشد معارضي الجبهة الشعبية في فرنسة، أن يغادر البلاد ليتابع نضال الاحتلال من شمالي إفريقية. وفي السادس عشر من شهر حزيران من العام 1940 تسلم رئاسة الحكومة الفرنسية ودخل في مفاوضات مع المحتلين الألمان لعقد هدنة صارت فرنسة بموجبها مجزأة إلى قسمين، قسم تحتله القوات الألمانية وتديره مباشرة، وقسم غير محتل سمي فرنسة الحرة، ويضم الأجزاء الجنوبية الغربية من البلاد.
وفي الحادي عشر من تموز سنة1940 وبعد انتقال الحكومة إلى مدينة فيشي واجتماع الجمعية الوطنية فيها، وإقرار شكل السلطة في القسم غير المحتل من البلاد تسلم بيتان رئاسة الدولة والحكومة، وعيّن بيير لافال Pierre de Laval المتطرف نائباً لرئيس الحكومة التي عرفت باسم حكومة فيشي، وكانت في واقع الأمر حكومة فاشية متعاونة مع الألمان حتى نهاية الحرب.
حاول بيتان في حكمه أن يمارس سياسة التوازن في المعاملة بين الحلفاء ودول المحور لا متعاوناً معهم ولا مناهضاً لهم بحسب الحال، وفي ظنه أن التعاون والحياد سوف يحميان فرنسة من عسف الاحتلال والتدمير، ويحميان مصالحها وممتلكاتها الاستعمارية وحياة الفرنسيين. وكان من أهدافه بناء فرنسة الجديدة في ظل النظام الجديد الذي كان يعتقد أنه سيسود أوربة بعد انتصار ألمانية على بريطانية، ويأمل أن تصير فرنسة الجدار الغربي الذي سيحمي أوربة من البلشفية، ويحلم بثورة وطنية داخلية تحوّل فرنسة إلى دولة ذات نظام استبدادي شعاره: «العمل والأسرة والوطن». ولكن هتلر، الذي لم يكن في واقع الأمر يقيم وزناً لهذه الحكومة، ويفرض عليها رغباته فرضاً، أمر قواته والموالين له باحتلال كامل الأراضي الفرنسية بعد أن نجح الحلفاء في إنزال قواتهم في شمالي إفريقية. وتحولت حكومة فيشي إلى نظام يخدم المصالح الألمانية. وقيل إن بيتان لمرضه وتقدمه في السن لم يكن مطلعاً على الإجراءات المتطرفة التي كان يمارسها مستشاروه وخاصة بيير لافال. ولمّا حاول بيتان إقالة نائبه لافال في كانون الأول 1943 أمره هتلر بإعادته إلى منصبه بكامل صلاحياته. ولما نزل الحلفاء في النورمندي في حزيران 1944 طلب بيتان إلى الفرنسيين التزام الهدوء وعدم التعاون مع القوات المتحاربة.
دفع نجاح الحلفاء في الإنزال في النورمندي إلى نقل المارشال بيتان إلى بلدة بلفور، ومنها إلى سيغمارنغن Sigmaringen القريبة من شتوتغارت تحت الحجر، ولكنه رفض القيام بأي نشاط سياسي. وفي شهر نيسان 1945 نجح في الانتقال إلى سويسرة، وعاد منها إلى فرنسة طوعاً، حيث قُدم إلى المحاكمة أمام المحكمة العليا بتهمة الخيانة العظمى (23تموز - 14 آب) وحكم عليه بالإعدام لتعاونه مع الاحتلال الألماني، ولكن الجنرال ديغول أنزل العقوبة إلى السجن المؤبد، واعتقل بيتان في قلعة بورتاليه Portalet ثم في جزيرة يو yeu القريبة من ساحل بريتاني حيث توفي عن عمر يناهز 95 عاماً.
بيتان
فيليب
Wednesday, November 19, 2014
الوقت المقدر للدراسة:
ارسل تعليقاتك
با تشکر، نظر شما پس از بررسی و تایید در سایت قرار خواهد گرفت.
متاسفانه در برقراری ارتباط خطایی رخ داده. لطفاً دوباره تلاش کنید.
آخر أعلام
الأكثر زيارة في الأسبوع
موارد بیشتر برای شما
الشعر في مشهد، العاصمة الدينية لإيران
الانهيار البطيء للنظام السعودي..بن سلمان وحيدا في القمة!
معركة فاصلة على الرئاسات الثلاث في البرلمان العراقي
امريكا تصعد هجماتها الإعلامية ضد وزيرخارجيتها السابق
كاتب بريطاني: ابن زايد يستغل جهل ابن سلمان
مفاجأة... لماذا قرر عمر البشير حل الحكومة؟
الأنواء تعلن حالة الطقس في العراق للأيام المقبلة
اليابان تجرب مصعدا إلى الفضاء!
استخدام تقنية التعرف على الوجه في مطارات الهند
روسيا تستأنف إنتاج أضخم "سفينة طائرة" في العالم
جماعة علماء العراق: حرق القنصلية الايرانية تصرف همجي!!
البرلمان العراقى يعقد جلسة استثنائية لمناقشة الأوضاع بالبصرة اليوم
قمة طهران تخطف صواب الغرب وتذهل ساسته
معلومات لم تسمعها عن "المختار الثقفي"..من أديا دوري الامام الحسين وأخيه قمر بني هاشم؟!
الأمم المتحدة تطالب الصين بالإفراج عن مليون مسلم من الأويغور