![شخصية الطفل شخصية الطفل](https://rasekhoon.net/_files/thumb_images700/article_ar/A12344.jpg)
تکتمل شخصية الطفل في السنوا ت الاولی من عمره اذ انه بعد اکتشافه لما حوله من عالم غریب علية یبدآ بتصرفات تدفعه لبناء شخصيته نحو الکمال الی الحد المطلوب وما علی الابوین الا ان یساعداه ان یصل الی المکان المنشود وان لا یصدم بخلاف ما يخطط له ببراءة وفطرة عادية ، علی هذا الطريق ستکون امامه مراحل وحالات منها :
الخيال :
كل مرحلة من مراحل العمر تعطي الطفل عنصراً جديداً . بعد الثلاث سنوات يطغى الخيال على العناصر الباقية التي سبق وتعرّف عليها كالضحك والعاطفة والذكاء واللغة .الخيال هو الذي يفرّق بين الإنسان والحيوان . حتى عمر معيّن يستطيع الحيوان الصغير أن يحلّ المشاكل نفسها التي يحلّها الطفل لكنه يبقى عاجزاً عن التخيّل .
هذا الخيال متطلّب جداً وتكفي القصص لتغذيته . يطلب الطفل الكثير منها . أحياناً يكتفي بما يسمع وأحياناً أخرى يتطلّب تفاصيل معيّنة خصوصاً إذا كان الطفل صاحب ذوق أو ميل محدد .
المساء هو الوقت الأنسب لرواية القصص والتي تبقى الوسيلة المثلى لجعل الطفل ينام بهدوء وبلا مشاكل .
عندما لا يكتفي الطفل بالقصص التي يسمعها : يخترع غيرها . يؤلّف الشخصيات ، يلبسها الثياب ، يطعمها ، ويخبرها قصصاً أو يعاقبها .
لا يتكلّم الطفل إلاّ مع لعبته . ويتوجّه كذلك إلى الأغراض التي تحيط به . يرتطم بالطاولة فيقول لها : « ايّتها الطاولة الخبيثة . آلمتني كثيراً وسوف أعاقبك » . بالنسبة إلى الطفل كل الاشياء حية . الحجارة والأشجار والغيوم إلخ .....
الطفل ممثّل ، ونحن ننمي فيه هذه الموهبة عندما نقدّم له مسدساً أو أدوات طبية ، فيتحول بسرعة من مقاتل إلى طبيب أو إلى رائد فضاء أو سائق سيارة سباق أو معلمة مدرسة أو راقصة أو بائعة خضار إلخ .... وعندما يكون الطفل مع أصدقائه الصغار يوزّع الأدوار : « أنت الزعيم وأنا الشرطي ، أنا الأم وأنت الطفل » . في هذا العمر يحاول الطفل دائماً أن يحجز الدور الجيد لنفسه . عندما لا تعود الألعاب ولا القصص كافية لتغذية مخيلة طفلك ، يخترع رفيقاً يتكلّم معه بكثرة . هذا الرفيق إمّا أن يكون الوجه الشرير للطفل الذي يقوم بكل المعاصي والذي يكسّر أغراض البيت ويعصي الأوامر ، أو قد يكون الصديق الوفيّ الذي يشاركه حياته ويخرج معه للنزهة واللعب .
بعض الأهل يعتقد أن وجود هذا الرقيق الوهمي مضرّ بالطفل . ليس هذا الاعتقاد صحيحاً إذا بقي « الرفيق » رفيق اللعب الذي يُسلّي طفلك . ونعم هو مضرّ إذا استحوذ على كلّ اهتمامه ، وأصبح محور حياته وشغله عن كل ما حوله ، وجعله يترك ألعابه المفضلة . لإبعاد الطفل عن هذا الزميل الوهمي لا تهزأي به بل استبدلي به آخر حقيقياً . ذلك لأن الطفل يخترع هذا الصديق الوهمي في عمر الدخول إلى المدرسة وكأنه يعلن عن حاجته إلى أصدقاء .
تكون الحالة سيّئة عندما يحتاج الطفل بقوة إلى الحلم ، ولا تعطيه ظروف الحياة ما يحتاجه . عندها يكون الرفيق الخيالي مجرّد تهرّب له . في هذه الحالة يحتاج الطفل إلى صديق حقيقي وإلى عائلة حقيقية أي متفهمة .
هل يعتقد الطفل حقيقة بوجود هذا الرفيق الوهمي ؟ نعم ولا .
وفي جميع الحالات تبقى صورة هذا الرفيق غير واضحة ومعالمه متغيّرة كثيراً والأدوار التي يأخذها تختلف يوماً عن يوم . مخيّلة الطفل لها حدودها ولا يمكن أن تتغلّب على الواقع الملموس .
علاقة الأهل مع خيال الطفل
أن دور الأم في اطلاق طاقات مخيلة الطفل وانماء هذه المخيلة ، هو مهمّ وحساس جداً . لأنه قد يؤثر سلبياً أو ايجابياً على انسياب الطفل مع الأجواء والشخصيات التي يولّدها خياله . عليك سيدتي ان تتفادي السخرية والضحك من خيال طفلك خاصة ، عندما يطرح عليك سؤالا ، مثل : « أين يقع كوكب معيّن يسكنه البطل سوبرمان ؟ » من الخطأ إعادة الطفل إلى رشده وواقع الحياة بأن تنفي وجود هذا الكوكب وذاك البطل .مثل هذا التصرف يجعلك تقطعين انطلاقة طفلك في لحظة واحدة وتهدمين ما بناه خياله في ساعات ، وربما أيام . وهذا يذيق الطفل مرارة الخيبة ويخفف من ثقته بنفسه ويدفعه إلى تعطيل خياله .
إذن كيف تتصرفين في مثل هذه الحالة ؟
أفضل ما تقومين به هو انتهاز فرصة ذكر الطفل للكواكب فتحدثيه عن حقيقة وجود كواكب كثيرة في الفلك . وإذا كان بلغ سنّا تمكنه من استيعاب بعض الحقائق العلمية فبامكانك أن تشرحي له بعض المعلومات حول دوران الكواكب وسرعة الضوء إلى غير ذلك ؟ وإذا كان طفلك يمثل دور طبيب أو شرطي وهو يلعب ، فلا تسخري منه ، بل اعطيه فكرة عن دور هاتين الشخصيتين ، مشاركة اياه في لعبته .الغيرة :
بعد عمر الثلاث سنوات يكون الطفل اكتسب الأسس اللازمة كلّها ولا يعود يحتاج الى تطويرها . اكتسب العاطفة والضحك والذكاء والخيال . تدوم عملية التطوير هذه مدة طويلة ، قد تمتد إلى ما بعد المراهقة . وشيئاً فشيئاً يصبح الطفل أكبر وأقوى وأذكى وأكثر وعياً . وتتسع رقعة معلوماته .في المجالات الفكرية والجسدية ، يجري التطوّر بأشكال متفاوتة السرعة ، ولكن دائماً الى الأمام . أما في المجالات الأخرى ، الاجتماعية والعاطفة ، فهناك تفاوت كبير . قد يكون التقدم سريعاً وقد يحصل تقهقر . هناك فترات من الراحة الطويلة وفترات أخرى عصيبة في حياة الطفل . السبب هو كونه يبدأ يتعوّد مشاركة الآخرين إيّاه ، وانصهاره في المجتمع المحيط به ، فلا يعود يعتبر نفسه محور العالم والعائلة .
بين عمر الثلاث والخمس سنوات هناك معبر صعب على الطفل أن يجتازه . تضطرب حياته العاطفية ذات يوم ويصبح حزيناً وعنيفاً . إنه يكتشف ، ولأول مرة ، طعم الغيرة .
طفلك سعيد . أنت تشكلين محور حياته وهو كذلك بالنسبة إليك . هذا ما يشعر به . تخصصين وقتك لإطعامه و غسله وأخذه إلى نزهة ولا تتركينه أبداً . إنها سعادته القصوى ، والتي يكتفي بها .
فجأةً يكتشف الطفل وجود إنسانٍ آخر يحبه ويعجب به هو والده . علاقته به مختلفة عن العلاقة بالأم . هذا شيء طبيعي ، الأب يلبّي حاجات الطفل كما تفعل أمه لكنه أيضاً يشكل مصدراً للسعادة بالنسبة للطفل ، والذي يكتفي بهذه العاطفة المزدوجة .
بعد فترة يلاحظ الطفل أن أمه تخفّف من إهتمامها به . هو لا يدري أن سبب ذلك كونه تجاوز عمر العناية الخاصة والأطعمة المميزة ، وأنه بلغ مستوى إدراك وتفسير ما يراه وما يحيط به . ينتبه إلى أن أمه تعتني بشخص آخر هو « أبوه » ، التي اعتبرها تحبه وحده ، اكتشف أنها تحبّ سواه . كأنّنا نسمعه يردّد الجمل التالية : « إنها تأخذ بيده كما تمسك يدي تخصّص له وقتاً كان بإمكانها أن تقضيه معي ، تأخذني إلى الفراش باكراً وتغادرني مسرعة لأنه ينتظرها ليخرجا معاً إلى أمكنة مجهولة ... » . عندما يكونان معاً يتكلمان ويتصرفان كانّني غير موجود . إنهما يتجنّبانني . الاكتشاف الكبير هو : « أبي يحب أمي التي تقدم له عاطفتها ويبدو أن هناك رابطاً يربطهما من الصعب إدراك نوعيته وكأنهما يخفيان سرّاً كبيراً » .
هذا الاكتشاف يقلب حياة طفلك رأساً على عقب خصوصاً إذا كان عاطفياً جداً وحساساً ، وإذا كانت علاقته بوالديه وطيدة جداً .
هذه الألم التي أحبّها كثيراً ليست له وحده . يجب أن يتقاسمها مع غيره . صعوبة جديدة تعترضه لأنه لا يعرف بعد معنى كلمة مشاركة .
في هذه السن نلاحظ أيضاً أن الطفل الذكر ينجذب أكثر نحو أمه بينما الطفلة تنجذب نحو أبيها ، مما يعقّد الأمور ويخلط بين الرغبة والغيرة . تتحوّل العلاقة المنفصلة بين الأم وطلفها من جهة والأب والطفل من جهة أخرى ، إلى مثلث متناسق الأطراف : الأب ، الأم ، والطفل .
هذا الاكتشاف كما ذكرنا سابقاً يحوّل طباع الطفل من هادئة إلى عنيفة . ولبعض الوقت سوف يفضل أحد الوالدين على الآخر ، وسوف يطلب منه المزيد من العاطفة . في هذه المرحلة من عمره يصاب الطفل بالكوابيس و يطرأ ضعف على قدرته التعبيرية بالكلام أو يبالغ في التدلّل لمجرد لفت الأنظار إليه . بعد مدة قد تقصر أو تطول يستعيد الطفل الروابط الطبيعية مع أهله وتنتهي أزمته كما ابتدأت .
قد تمرّ هذه النوبة ولا تلفت الإنتباه أو قد يمرّ الطفل بمراحل صعبة جداً . في كل حال عقدة أوديب هي عتبة لا بدّ من أن يجتازها الطفل باتجاه إقامة العلاقات الطبيعية مع عائلته ومع زملائه .
يتعلّم الطفل في هذه المرحلة المضطربة أموراً ثلاثة مهمة :
ـ المشاركة التي سوف تقوده من مرحلة الغرور إلى مرحلة العلاقة الطبيعية .
ـ أساس العائلة شخصان متحابان .
ـ وأخيراً إنه لا يستطيع أن يستغني عن أحد والديه . سوف يعمل جاهداً للتشبه بأحدهما وغالباً ما تتشبّه البنت بأمّها والصبي بوالده .
هذا المثال يساعد الطفل على إيجاد هويته وعلى أن ينمو بشكل طبيعي .
التوائم :
يتطلب الاعتناء بالتوائم مجهوداً مزدوجاً من قبل الأم . لكن ما إن تمرّ المرحلة الصعبة ، أو الأسبوعان الأوّلان وهما المخصصان لتنظيم الأمور اليومية حتى تشعر الأم بسعادة عارمة . « سعادتان في الوقت نفسه . وعائلة كبيرة مرة واحدة . وهذا يعادل التعب والجهد المبذول بل يتخطاه » . هذا القول لأم أنجبت توأمين .يحتاج التوأمان إلى عناية خاصة ولا يمكنك سيدتي أن تعامليهما كما تعاملين الولد الوحيد . ستعرفين السبب عندما ندخل وإيّاك عالمهما الخاص بهما وهذا ما سوف نقوم به فيما يلي :
الولدان التوأمان لا يشعر الواحد منهما بالعزلة أبداً . إنهما إثنان إلى مائدة الطعام وخلال النزهة . عندما يلفظ أحدهما أولى كلماته وعند اكتشافه الألعاب وخلال كل أعماله واكتشافاته هناك من يراقب ويشارك . وهذا ما سوف يؤثّر كثيراً على تصرفات التوأمين وتطور نموّهما . لكي تدركي معنى هذا تصوّري أن هناك من يراقبك ويشاركك في كل ما تفعلينه طوال النهار ويفكر مثلك .
هذا عالم الإثنين ، يكتشفانه ويبنيانه طوال سنوات عمرهما الأولى يشعران بأنهما قويان معاً . عندما تنادين أحدهما يردّان معاً وعندما يريد أحدهما التكلم عن نفسه يقول : « نحن » .
الأنا يقولها الطفل المنفرد عند بلوغه الثلاث سنوات . أمّا التوائم فلا يتعلمونها قبل بلوغهم الخمس سنوات . ويخلطون بين الأنا والأنت .
هذه الصعوبة في التفرقة بين الأخوين التوأمين موجودة في ظروف كثيرة . عندما يقف أحد التوائم أمام المرآة لا يعرف أنه هو ، لأنه تعوّد أن يرى صورة شبيهة معه دائماً . وحتى بلوغه سن الخامسة يظنّ أنه يرى أخاه في المرآة أو في الصور .
في رأي علماء النفس ، هذه الأفعال مهمة جداً بالنسبة إلى مستقبل التوائم . هم منغلقون على عالمهم الخاص . اعتادوا التخاطب بلغة خاصة لا يفهمها المحيطون بهم ويحتفظون ببعض هذه الكلمات ويستعملونها حتى بعد بلوغهم .
الأخوان التوأمان متقاهمان ، متكاملان ، مكتفيان ولا يقومان يمجهود يماثل الذي يقوم به الأطفال الآخرون في محاولتهم تفهم محيطهم والتعبير عما في نفوسهم . هذا المجهود يترجم عادة بالرغبة في الحديث ، أمّا التوائم فقد لوحظ أنهم يتكلمون في سن متأخرة وإذا لم يتنبّه الأهل ويعالجون الأمر ، يتفاقم التأخير .
حتى داخل مجتمعهم الصغير الذي يؤلفونه ، ينظم التوائم حياتهم ويوزعون الأدوار مستعملين مزاياها الخاصة . قد يكون الواحد منهما أقوى بينما الآخر أذكى ، الأول ينسّق الإتصالات مع الخارج والثاني ينظم الداخل و يوزع الأدوار في الألعاب أو يستلم النقود ويخطط لإنفاقها . وغالباً ما يتبادلان الأدوار فينفذ أحدهم القصاص بدلاً من أخيه .
لا يحتاج الولد التوأم إلى الإرتباط بالمجتمع الخارجي كما يحتاج الولد العادي . ذلك لأنه حاصل سلفاً على رفيق يلعب معه و يتحدث إليه . لذلك نجده متحفظاً حتى مع أفراد عائلته ، خجولاً ومتعلّقاً أكثر فأكثر بأخيه .
لا يشكو الأخوان التوأمان أبداً من هذه العلاقة الوثيقة التي تربطهما قبل بلوغ سن المراهقة . أمّا بعد بلوغ هذا السنة فيثوران ويحاولان التحرّر من هذه القيود . يرفضان إرتداء الملابس نفسها وينزعجان عندما يخلط أحد بينهما .
على الأهل التحضير لهذا الإنفصال وعدم مقاومته وإلاّ أصبح صعباً وربّما مستحيلاً ، وعائقاً في سبيل تكوّن شخصية مستقلّة لكل منهما .
على الأهل أن يختاروا للتوأمين اسمين غير متشابهين وليس كما درجت العادة ( رامي وسامي مثلاً ) عليهم أن يتفادوا إلباسهما ثياباً مماثلة ، وتسريح شعرهما بالطريقة ذاتها ، ولا يجبروهما على النوم في سرير واحد ولا يقدموا اليهما الهدايا نفسها . هذه التصرفات من قبل الأهل تؤدي إلى دفع التوأمين نحو مزيد من العزلة بدلاً من مساعدتهما على تكوين شخصيتين منفصلتين . دلّت التجربة بوضوح على أن التوأمين إذا عاشا منفصلين منذ ولادتهما نظراً لظروف قاهرة وعادا فالتقيا بعد مدّة طويلة نجدهما مختلفين تماماً من ناحية الشخصية والطباع . بينما إذا أجبرنا طفلين في العمر نفسه على العيش المشترك كالتوأمين نجدهما بعد مدّة يتصرفان وكأنهما فعلاً توأمين . هذا يثبت أن العشرة والعادة لهما التاثير الأهم وتأتي عملية الوراثة بالدرجة الثانية .
المصدر :
بتصرف من کتاب اسرار الطفولة
/ج