
في تطوّر نوعي يعكس تحوّلًا استراتيجيًا في معادلات المواجهة، دخلت الجمهورية الإسلامية الإيرانية مرحلة جديدة من الردّ على العدوان الصهيوني، مستخدمة صواريخ مطوّرة ذات قدرة تدميرية عالية وتقنيات تكنولوجية دقيقة. وقد شكّلت هذه الصواريخ، التي استهدفت مواقع استراتيجية داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة، صدمة عسكرية وأمنية داخل كيان الاحتلال، وكسرت جدار الوهم الذي ظلت منظومته الأمنية تتكئ عليه لعقود.
اللافت في هذه الجولة من التصعيد أنّ إيران لم تكتفِ بردود تقليدية، بل استخدمت أسلحة دقيقة ونقطية الاستهداف، مما شكّل اختراقًا غير مسبوق للمنظومات الدفاعية الصهيونية. وقد أعلن حرس الثورة الإسلامية، في بيانه رقم 12 ضمن عملية “الوعد الصادق 3″، استهداف مركز القيادة والمعلومات التابع لجيش الاحتلال قرب مستشفى “سوروكا” العسكري في تل أبيب، باستخدام صواريخ استراتيجية وطائرات انتحارية مسيّرة.
الرسالة التي أرادت طهران إيصالها واضحة: القدرة الاستخبارية والتقنية للجمهورية الإسلامية لم تعد موضع شك، وإن منظوماتها الصاروخية باتت قادرة على اختراق عمق العدو بدقة، في ظل عجز تام عن التصدي أو التنبؤ.
وفيما كانت حكومة الاحتلال تروّج، على مدى الأيام السابقة، لانخفاض زخم الهجمات الإيرانية، جاءت هذه الضربة لتنسف تلك المزاعم وتُدخل المؤسسة الأمنية والعسكرية في حالة من الإرباك والذهول. فقد عادت تساؤلات الداخل الصهيوني إلى الواجهة: ماذا أنجز جيش الاحتلال منذ بداية العدوان؟ وأين نتائج غاراته على طهران؟ وما مدى جدوى “القبة الحديدية” التي لم تستطع إيقاف صواريخ وصلت إلى قلب تل أبيب؟
جبهة داخلية إسرائيلية منقسمة وشعب إيراني موحد
لكن الأمر لا يتوقف عند الضربات فقط، بل يمتد إلى الجبهة الداخلية الاسرائيلية التي تعيش اليوم حالة من الخوف والهلع. فقد تم إجلاء آلاف المستوطنين إلى الفنادق، وتضرّرت عشرات المنازل والمنشآت الاقتصادية، بما فيها بورصة تل أبيب التي هزّ استهدافها ثقة المستثمرين بالاقتصاد الصهيوني.
وفي هذا الإطار، أشار مدير موقع “الخنادق” الإلكتروني، الدكتور محمد شمص، إلى أن العدوان ساهم في توحيد الداخل الإيراني، في حين أن الجبهة الداخلية لدى الاحتلال تُعاني استنزافًا اقتصاديًا متفاقمًا، خصوصًا بعد استهداف البورصة الإسرائيلية مؤخرًا، وما خلّفه ذلك من نتائج اقتصادية سلبية.
ولفت الدكتور شمص، في مقابلة مع قناة “المنار”، إلى أن المستوطنين يعيشون في حالة من الرعب داخل الملاجئ، وهو ما يجعل من حرب الاستنزاف عامل ضغط كبير على الاحتلال. وقد بدأت أصوات الاحتجاج تتصاعد، لا سيما عبر وسائل التواصل الاجتماعي، حيث عبّر العديد من الإسرائيليين عن استيائهم من تصريحات رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، الذي وعد بأن تستمر الحرب أسبوعًا أو أسبوعين، وبأن منظومات الدفاع الجوي ستؤمّن الحماية لهم، ليتّضح لاحقًا أن هذه المنظومات عاجزة عن توفير الحماية المطلوبة.
وتعمّقت الأزمة مع مشروع قانون يناقشه الكنيست، يفرض عقوبات صارمة على من يصوّر مواقع القصف أو الصواريخ الاعتراضية، في محاولة لمنع تسرب الصور التي تعكس هشاشة الواقع الأمني إلى الداخل الصهيوني، أكثر من خشية تسريبها إلى الخارج.
وأكد الدكتور شمص أن العدوان وحّد الإيرانيين، فالشعب الإيراني اليوم، بملايينه، موحّدٌ على قلب رجل واحد، حتى المعارضة الإيرانية، من نخب مثقفة وأكاديمية وجامعية وفنية، خرجت لتقول: “نحن نختلف مع النظام في بعض القضايا الداخلية، لكننا موحّدون يدًا واحدة في مواجهة العدو الخارجي، نتنياهو”.
وهذا الموقف واقعي وملموس، وفق الدكتور شمص، أما ما يُتداول من أصوات عبر بعض منصات التواصل الاجتماعي، فهي في الغالب تدار من الخارج، ويعبّر عنها أفراد من مجموعات مقيمة خارج البلاد. وأشار، في هذا الإطار، إلى أن العديد من التظاهرات التي خرجت في كندا وعدد من الدول الأوروبية شارك فيها معارضون إيرانيون، عدد كبير منهم خرج دعمًا لإيران في مواجهة العدوان الصهيوني عليها.
مخاوف إسرائيلية حقيقية من حرب استنزاف
من جهة أخرى، تكشف هذه التطورات أن إيران مستعدّة لحرب استنزاف طويلة الأمد، مبنية على بنك أهداف متدرّج ومدروس. وقد أثبتت بالفعل قدرتها على استهداف منشآت استراتيجية، من حيفا إلى بئر السبع، كما كشفت عجز الاحتلال عن السيطرة على المعادلة الميدانية، رغم امتلاكه أحدث منظومات الاعتراض.
وفي السياق ذاته، أكد الدكتور شمص أن الاحتلال الإسرائيلي غير قادر على الاستمرار في هذا المسار لفترة طويلة، نظرًا إلى أن جبهته الداخلية تتصدّع وتتآكل بسرعة، فالمستوطنون اليوم يعيشون تحت الأرض داخل الملاجئ على مدار 24 ساعة، وليس فقط في ساعات الليل، بسبب استمرار الضربات الصاروخية الإيرانية التي باتت تستهدف الأراضي المحتلة، بما فيها تل أبيب، ليلًا ونهارًا.
وعلى عكس الاحتلال، تُعدّ الجمهورية الإسلامية الإيرانية دولة كبيرة وتتمتّع بمقوّمات صمود عسكري واقتصادي ونفسي لفترات طويلة، وقد أعدّت نفسها جيدًا لحرب طويلة الأمد تمتدّ لأشهر، من حيث الجهوزية العسكرية والاقتصادية والمعنوية.
ولفت الدكتور شمص إلى أن حرب الاستنزاف تُلحق ضررًا كبيرًا بالاحتلال على المستويين البشري والمعنوي، إذ إن مفهوم “الردع” الذي طالما تبجّح به الاحتلال بدأ يتآكل. ويُذكر أن ديفيد بن غوريون قال في ستينيات القرن الماضي: “عندما يسقط الردع الإسرائيلي، تسقط إسرائيل”.
ومع أن الأصوات في كيان الاحتلال بدأت تنادي بتدخل أميركي مباشر، فإن الغموض لا يزال يلفّ القرار الأميركي، في ظل إدراك حقيقي لصعوبة تحقيق نصر ميداني، ولأن التورط في مواجهة مفتوحة مع إيران قد يُفشل الأهداف السياسية والعسكرية المعلنة للحرب.
في المقابل، يبرز سؤال استراتيجي يُربك قيادة الاحتلال: كيف ستتصرف واشنطن في ظل هذا التصعيد؟ وهل ستخاطر بالتورط المباشر؟ التردد الأميركي لا يخفى، خاصة مع التحذيرات من أن الانخراط في صراع مباشر مع إيران قد يُشعل جبهات إقليمية متعددة لا ترغب بها إدارة ترامب.
ويتصاعد الجدل داخل الكونغرس الأميركي حول احتمال انخراط الولايات المتحدة عسكرياً إلى جانب إسرائيل في المواجهة المفتوحة مع إيران، في وقت تظهر فيه استطلاعات الرأي معارضة شعبية متزايدة لأي تدخل أميركي مباشر في المواجهة. وفيما يدفع تيار واسع من “الصقور” الجمهوريين (حزب ترامب) وحلفائهم التقليديين في الحزب الديمقراطي نحو دعم إسرائيل عسكرياً، تقود مجموعة من النواب والشيوخ من كلا الحزبين جهوداً معاكسة لمنع أي تدخل من دون تفويض رسمي من الكونغرس.
إيران تتدرج في الردّ وتُلحق أضرارًا ملموسة بالكيان الإسرائيلي
على الجانب الآخر، تُظهر الجمهورية الإسلامية أنها لم تستخدم كامل ترسانتها بعد، بل تعمل وفق خطة مدروسة ومتصاعدة، في حين يحاول الاحتلال ترميم صورته المهشّمة عبر تصريحات متشنّجة لقياداته، من نتنياهو إلى بن غفير، دون أن ينجحوا في تهدئة ذعر المستوطنين أو استعادة الثقة.
وتعتمد التكتيكات العسكرية التي ينتهجها الجيش الإيراني والحرس الثوري على مبدأ التصعيد التدريجي، أي الرد التصعيدي المتدرّج، مع زيادة الزخم بشكل تصاعدي بهدف إيلام العدو الإسرائيلي بصورة مستمرة. وأوضح الدكتور شمص أن الجمهورية الإسلامية تستخدم عددًا محدودًا من الصواريخ في كل موجة، ما يتيح لها الحفاظ على وتيرة نارية مستدامة لفترة طويلة، خاصة في حال توسّعت المواجهة ودخلت الولايات المتحدة على خط التصعيد، إذ ستكون طهران حينها أمام تحدي إدارة حرب على عدّة جبهات متزامنة.
وبحسب الدكتور شمص، فإن استخدام أسلحة ثقيلة ومتطوّرة، مثل صاروخ “خرمشهر” وصاروخ “فتّاح” من الجيل الأول، إضافة إلى استهداف مواقع حساسة — كهيئة الأمن العام (الشاباك)، وجهاز “الموساد”، ومعهد وايزمان، ومراكز نووية — يكشف عن تطوّر لافت في استراتيجية الردّ الإيرانية، وانتقالها إلى مستوى جديد من المواجهة النوعية.
كما شملت الضربات الإيرانية عشرات القواعد والمطارات العسكرية التابعة للاحتلال، نُفّذت بدقة إصابة عالية، ما يُظهر أن إيران لم تعد في موقع الدفاع فقط، بل باتت صاحبة اليد العليا في الميدان، خصوصًا فيما يتعلق بالسيطرة الجوية والهيمنة على أجواء الأراضي الفلسطينية المحتلة، بحسب ما أكد الدكتور شمص.
الواقع أن الاحتلال يقف اليوم على حافة أزمة وجودية. فالمواجهة المباشرة مع إيران أثبتت أن عقيدة التفوق الأمني والعسكري الصهيوني لم تعد كافية، بل باتت عبئًا يصعب تسويقه خارجيًا. والخسائر الاقتصادية، إلى جانب الفشل الاستخباري والدفاعي، تدفع المستوطنين للهروب من الكيان، ولو في قوارب نحو قبرص.
أما ما ينتظر كيان الاحتلال في المرحلة المقبلة، فمرهون بمدى قراءته لما يحدث، وإدراكه أن المواجهة مع إيران، بشروطها الجديدة، لم تعد معركة توازن ردع، بل تحوّلت إلى معركة كشف هشاشة، وكسر هيبة، وتآكل أسطورة الدولة الآمنة.
استهداف كيان العدو.. عزّ لإيران وذلّ للمتخاذلين
جاء الرد الايراني على العدوان الاسرائيلي ليؤكد مدى حضور إيران وثباتها بمواجهة العدوانية الصهيونية المدعومة اميركيا، ومدى قدرة ايران على الوقوف بوجه كل التحديات والرد حيث يجب ان ترد على اي عدوان يطالها طالما كما كل اعتداء يخرق سيادتها ويمس بحقوقها وفقا لما تنص عليه القوانين الدولية.
واللافت ان إيران هي الدولة التي تتعرض لحصار عمره يزيد عن الـ40 سنة بما مرّت به من عقوبات متواصلة ومقاطعة من قبل الادارات الغربية ولا سيما الادارات الاميركية والكثير من الدول التابعة في هذا العالم الذي يرضخ بغالبيته للمخططات الصهيوأميركية.
واللافت اكثر ان الادارة الاميركية وعلى رأسها دونالد ترامب الذ ي يحاول رفع السقوف دائما، تتردد في إعلان التأييد العلني للدخول بالعدوان الصهيوني على إيران، بما في ذلك من دلالات تظهر مدى الخوف من ايران وقدرتها على استهداف المصالح الاميركية في العديد من النقاط بالعالم وبمقدمتها منطقة الخليج والشرق الاوسط.
أليس كل ذلك هو مفخرة لإيران وقائدها الإمام السيد علي الخامنئي ولجيشها وللدولة فيها وشعبها؟ أليس كل ذلك يؤكد ان ايران دولة تناصر الحق وترفض الرضوخ للظالمين مهما كانت التضحيات؟ أليس ايران اليوم بما تواجهه هو ضريبة لتأييدها للقضية الفلسطينية ورفضها للقبول بشطب حقوق الشعب الفلسطيني المظلوم وشعوب الامة العربية والاسلامية المقهورة بسبب الطغيان الاميركي؟
فإيران، هذه الدولة التي تعرضت لحصار وعقوبات على مدى 40 سنة نراها اليوم قادرة على صدّ العدوان وضرب عمق الكيان، بالمقابل أنظمة عربية وإسلامية صامتة متواطئة غير قادرة على توجيه كلمة للإدارة الأميركية ورئيسها، فأين هذه الأنظمة من كل ما يجري سواء بالعدوان على إيران أو على غزة وكل المنطقة؟ إلى أي مدى فقدت هذه الأنظمة ثقلها السياسي والعسكري وقيمتها المعنوية امام العدو الاسرائيلي والادارة الاميركية؟
حول كل ذلك قال الكاتب والباحث في الشؤون الإقليمية أحمد فرحات “هناك في المنطقة عدد من المشاريع المتصارعة والمتنافسة ولعلّ أوضحها مشروعان متقابلان: مشروع الاستسلام ومشروع المقاومة”، وتابع “تمثّل الجمهورية الإسلامية الإيرانية رأس حربة مشروع المقاومة وهي جزء أصيل من معركة الأمة في مواجهة الاحتلال والهيمنة، في حين يخوض الكيان الصهيوني المعركة بالوكالة عن الولايات المتحدة بشكل خاص، وعن الغرب عموما”.
واضاف فرحات في حديث لموقع قناة المنار “للأسف، فإنّ في منطقتنا أطرافًا عديدة اختارت الاصطفاف إلى جانب المشروع الأميركي-الصهيوني، وتماهت في خطابها مع الحملة المعادية لايران، ما يشكّل عمليًا غطاء سياسيًا وأخلاقيًا للعدوان على مشروع المقاومة ويمنح الذريعة للكيان الصهيوني لضرب قوى الصمود في المنطقة خدمةً لمشروع الاستسلام والتطبيع”، وتابع ان “المؤسف أكثر أن من بين هذه الجهات، بعض التي تُحسب على التيار الإسلامي، وقد اختارت أن تقف على الضفة الأخرى من المعركة، تحت شعار: (اضرب الظالمين بالظالمين)”، وسأل “متى تحوّلت إيران إلى ظالمة بنظر هؤلاء؟ ومن هي الجهة الإسلامية التي منحت نفسها صلاحية توزيع شهادات بالعدل أو الظلم؟ وهل وقوف إيران إلى جانب فلسطين ودعمها في وجه الاحتلال يُعدّ ظلمًا؟”.
ولفت فرحات الى ان “عزل النفس عن هذه المعركة، تحت ذرائع فقهية أو سياسية واهية، هو تخلٍّ عن روح العزّة التي تجسّدها ايران التي قدمت مشهدًا تاريخيًا غير مسبوق عبر ضربها تل أبيب، وهو ما لم تجرؤ على فعله أي من الأنظمة العربية خلال أكثر من سبعة عقود من الصراع”، واكد ان “هذه المعركة، كسائر المواجهات مع العدو الإسرائيلي، تمثّل مفخرة للأمة ولجبهة المقاومة التي اختارت أن تكتب التاريخ بالدم والعزيمة لا بالبيانات والادّعاءات”، وأوضح ان “من أراد الالتحاق بركب الكرامة، فالموكب أمامه، ومن اختار المشروع المقابل، فلن يكون بمنأى عن لعنة خذلان القضية، والتاريخ سيُسجّل موقعه في معسكر التطبيع والذل والانحياز إلى الظالم”.
ورأى فرحات ان “هذه المعركة أكدت عمق المأزق العربي، الذي يتجلّى في مواقف الأنظمة الرسمية التي منحت العدو الصهيوني حصانة سياسية وعسكرية لشنّ عدوانه المتكرر على الأمة الإسلامية، تلك الأنظمة التي شرعنت العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة ولم تحرك ساكنًا إزاء هول المجازر التي ارتُكبت هناك، خصوصًا وأن الدول المُطبّعة لم تجرؤ حتى على قطع علاقاتها مع الكيان الصهيوني، ولو على أدنى المستويات”، واضاف “رغم امتلاك العديد من الدول العربية لطائرات قتالية وأنظمة تسليحية متطورة، فإنها لم تُستخدم إلا ضد الشعوب العربية ذاتها، كما حدث خلال العدوان على اليمن، حين تكتلت مجموعة من الدول تحت ما سُمّي بالتحالف العربي ووجّهت أعتى أنواع الأسلحة ضد الشعب اليمني، في مشهد دموي لم يُراعِ حرمة المدنيين ولا قواعد القانون الدولي”.
وأشار فرحات الى انه “في مواجهة الجرائم الصهيونية في غزة، فقد اكتفت هذه الأنظمة بالصمت، ولم تتجرأ على اتخاذ موقف شجاع أو السماح لشعوبها بالتظاهر نصرةً لفلسطين”، وتابع “اليوم، تتكرّر الصورة نفسها مع العدوان الإسرائيلي على ايران، حيث تمارس تلك الدول دور المتواطئ، إما من خلال الصمت المُريب أو عبر السماح للطائرات الصهيونية باستخدام أجوائها في طريقها لضرب إيران”، وأسف انه “وصل الأمر إلى تفاخر بعض الأنظمة، كالنظام الأردني، بإسقاط مسيّرات إيرانية كانت متجهة نحو أهداف عسكرية داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة وكأن الدفاع عن كيان الاحتلال بات محل فخر قومي!”.
وشدد فرحات على ان “هذا التواطؤ العربي الرسمي يُعدّ طعنة في خاصرة القضية الفلسطينية وخيانة صريحة لتاريخ النضال العربي ويؤكد أن معركة الوعي اليوم لا تقلّ أهمية عن المعركة في الميدان”، واضاف “لم تقتصر حالة الغياب السياسي على الأنظمة العربية، بل امتدت لتشمل العديد من الدول الإسلامية الأخرى، التي لا تزال عاجزة عن صياغة موقف موحّد وفعّال في مواجهة العدوان الصهيوني المتواصل على ايران”، وتابع “باستثناء موقفين بارزين ومباشرين لكل من باكستان وتركيا، اللذين أعربا بشكل واضح عن رفضهما للعدوان الإسرائيلي، فإن معظم دول العالم الإسلامي، الممتدة من الصين شرقاً إلى المحيط الأطلسي غرباً، تواصل الاكتفاء بمواقف رمادية أو بيانات باهتة، تفتقر إلى الجدية أو التأثير السياسي الحقيقي”.
واعتبر فرحات ان “هذا التراخي يُفقد تلك الدول مصداقيتها أمام شعوبها، كما يُضعف موقعها المعنوي في وجدان أبناء الأمة الإسلامية، وفي مقدمتهم الشعب الفلسطيني، الذي يخوض وحده معركة الأمة يوميا في الضفة الغربية وقطاع غزة، في مواجهة آلة البطش الصهيونية”، واضاف انه “في ظل هذا الصمت أو التواطؤ، تتكرس معادلة خطيرة: عدو يمتلك قرار العدوان، في مقابل أمة تفتقر إلى موقف جامع يليق بحجم التحديات والمخاطر”.
في الختام، لا يسعنا إلا التأكيد ان إيران سجلت للعالم اليوم دروسا في العز والإباء، الردود الايرانية وضرب مختلف مناطق الكيان يشكل بحد ذاته انتصارا حقيقيا لايران ولكل محور المقاومة، بغض النظر عن النتائج العملية الهامة التي يحققها خاصة في سياق ردع العدو الإسرائيلي والوقوف بوجه الغطرسة والعنجهية التي يمثلها المشروع الصهيوني الأميركي.
المصدر:
- موقع المنار
- موقع الجزیره