![المکر والسذاجة في السياسة المکر والسذاجة في السياسة](https://rasekhoon.net/_files/thumb_images700/article_ar/A12531.jpg)
![المکر والسذاجة في السياسة المکر والسذاجة في السياسة](https://rasekhoon.net/_files/userfiles//Article/1393/08/2/A12531.jpg)
نوري العلوي
يحکی ان ثعلبا جاع فذهب الی حمامة فعرض عليها صداقته مقابل ان تعطيه فراخها لياکلها فرفضت الحمامة هذا الاتفاق الغير منطقي فاصرّ علی ذلک واصرّت علی موقفها ، فلجا الی اسلوب التهديد فهددها بان لولم تستجيب لمطالبه فانها ستخسر صداقته ، لکنها لم تکن بحاجة الی صداقة ثعلب ماکر لاسيما وان الثمن باهض والعرض سخيف.
اضر الجوع بالثعلب فرجع الی الحمامة فهددها هذه المرة باسلوب آخر حيث انه طلب منها ان تلقي بفراخها له فورا لياکلها وان لم تفعل فانه سيصعد اليها النخلة ويقوم بذلک العمل وياکل الفراخ بنفسه وامام عينيها ... خافت الحمامة البسيطة المسکينة من هکذا تهديد شديد اللهجة واعطاها فرصة للتفکير بالموضوع وصار یعد ،واحد ، اثنين ، ثلاثة .. اضطربت الحمامة وصرخت قبلت بالشرط والقت فراخها للثعلب وهي تبکي وصار ياکل الفراخ تحت النخلة وهي تنظر.
انصرف الثعلب شبعان وهو يقول : ليس ذکاء الثعلب هو طريق النجاح دائما بل غباء الحمام .
ان ما يجري في العراق اليوم هو نفس القصة اعلاه تقريبا فکل من يريد شيئا من العراق يدخل بسهولة وبتهديد بسيط يحصل علی مايريد دون عناء ، والعجيب ان الذي یستفيد من هذا الاسلوب هو القريب والبعيد الصديق والعدو . فالاکراد يهددون بالانفصال من العراق ان لم تمنح لهم ثروة العراق وحکم العراق ومصادر العراق وان يحکموا انفسهم بانفسهم وان لايتدخل العراق بشوونهم ولايحق للعراقی الدخول الی مناطقهم ولايحق للعراقيين ان يستفيدوا من ثروة العراق بدون اذن الاکراد (عدم التصويت علی الميزانية) وکل شي وامور کثيرة والنتيجة انهم منفصلون بالفعل واکثر من انفصال فهم يحتلون العراق حکما واقتصاديا وجغرافيا ويهددوننا بالانفصال ونحن نخاف من ذلک کثيرا ونعطيهم ما يريدون .
نفس الموضوع تکرر عندما تعب العراقيون من تقديم فلذات اکبادهم ضحايا يذبحون علی ایدي الدواعش من السنة ولاکثر من اثني عشر عاما ولا احد يهب لانقاذهم او حتی يستنکر هکذا عمل متکرر وفي جميع المناطق التي یوجد فيها شيعي من الدجيل الی الکاظمية وکربلاء والنجف والمجازر في سبايکر .. وعندما رفضوا ذلک وهبَّ العراقيون لملاحقة قاتليهم ووصلوا الی العوجة واقتربوا من قبر صدام جن جنون سليم الجبوري وصار يلوح ويهدد بالانفصال وکان قبل ذلک ساکتا وهو رئيس مجلس الشعب العراقي وهنا يظهر وکانه ممثل الدواعش في المجلس وقد يکون کذلک .
وعلی الصعيد الاخر فان شيخ الازهر ايضا لم يسکت علی هزيمة الدواعش في مقر حکومتهم تکريت وصار يندب امريکا والمجتمع الدولي لانقاذهم من ايدي الشيعة حسب تعبيره . والحقيقة ليس کذلک ، فان الذي حصل في العراق ان العراقيين سئموا من تقديم ابناءهم ضحايا وبهذه البساطة لاعدائهم الذين ظلموهم طيلة العقود السابقة وحدث ان وجد في القوم رجل رشيد قال کلمته بعد ان طفح الکيل
وصدق الله العليُّ العظيم الذي قال في محكم كتابه الكريم {أَلَيْسَ مِنكُمْ رَجُلٌ رَّشِيدٌ} فرجلٌ واحدٌ عَبَرَ كلّ العناوين الضيّقة، الدّينية والمذهبيّة والإثنية والمناطقية كالمرجع الاعلى السيد السيستاني، قاد العراقيين بنجاحٍ ليعبرَ بهم امواج الفتن الطائفية والعنصرية، التي ظلَّ السّياسيّون يؤجّجونها لحاجة في انفسهم، الى جبهة النصر المؤزر {وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِندِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ}.
في هذه الأثناء؛ يُصدر الأزهر (الشريف) بياناً عنوانه؛ الأزهر الشريف يُطالب بتحرّك عاجل لوقف المجازر التي تُرتكب ضِدّ اهلِ السّنّة بالعراق!!!.
وبذلك يكون الأزهر قد اعترف، من جانب، بان (الارهابيين) سُنّة! كما اعترف، من جانب آخر، بانّ الإرهابيين انهزموا بالحرب التي يشنّها العراقيون على الارهاب، كما انه اعترف بجرائم الارهابيين جملةً وتفصيلاً، وهو يتمنّى ان لا ينهزموا في هذه الحرب بالعراق!.
كما انّه شرعَن نبأ الفاسق عندما اعتمدهُ ليصدر بيانه الطائفي هذا، وبذلك يكون قد خالف نصاً قرآنياً نهانا فيه الله تعالى وامرنا فيه ان لا نصغي الى فاسق فقال {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ}.
لا ادري ان كان الأزهر، بهذا البيان، قد اعترف بالارهابيّين وشرعَن مسمّياتهم بالخلافة الاسلامية وما ألى ذلك؟ وفيما اذا كان سيحرّم قتالهم في مصر كذلك؟ ام في العراق فقط؟!.
و لماذا لم يصرّح الأزهر يوماً بانّ جرائم الارهابيين في العراق تثير الفتنة الطائفية؟ فيما يعتبر انتصارات العراقيين اليوم على الارهاب بانها تثير الفتنة الطائفيّة؟!.
سبايكر لم تُثر الفتنة الطائفية! وقبلها تفجير مرقد الإمامين الهمامين العسكريّين (عليهما السلام) في سامراء لم يُثر الفتنة الطائفية! والسيّارات المفخّخة في الأحياء الشيعيّة التي ظلّت تحصد أرواح الأبرياء اكثر من عقد كامل لحدّ الان لم تثر الفتنة الطائفية! الّا انّ طرد الارهابيين من المناطق التي يسيطرون عليها وحصد رؤوسهم بعد ان استباحوا ارض (السنّة) وعرضهم وشرفهم وأرواحهم وأنفسهم ودماءهم، تُثير الفتنة الطائفية! مالكم كيف تحكمون؟!. قليلاً من الانصاف يا شيخ الأزهر .
وعودا علی بدء وقصة الحمامة والثعلب ولو افترضنا ان الاکراد يستطيعون الانفصال وانهم سيعيشون دون حروب اومشاکل لا داخلية من احزاب کبیرة متناحرة ولسنوات قريبة حيث الف بينها المرحوم سيد عبد العزيز الحکيم ، ولا خارجية مع جيرانهم ..لو حدث الانفصال وعاش الاکراد علی قمم الجبال ولو حصل التقسيم وانزوی السنة في خیامهم علی طول صحراء الرمادي وعرضها . ماذا سيخسر العراق سوی انه سيرتاح من المفخخات والقنابل والضيم المستمر والفقر الدائم والتهديد المزمن ، وسيربح العراقيون رووسهم دون حصاد بين الاونة والاخری ولايرون الذئب ولا الذئب يراهم ولا يکونون مجبرين علی النظر الی الدواعش وهم يجلسون علی کراسی مجلس النواب وهم يجاملونهم ويضحکون بوجوههم ، وکذلک سيربحون ثروتهم واراضيهم ، وبین هذا وذاک وعلی کل حال فان العراقيين غير مستفيدين من اقليم الاکراد ولا صحراء السنة ، والعراقي اسهل له ان يسافر الی لندن او باريس من ان يسافر الی الرمادي او اربیل فلماذا هذا الخوف والتباکي .
وبعيدٌ عن هذا وذاک سيبني العراقيون دولتهم من سامراء الی بغداد وکربلاء والنجف الاشرف وحتی الفاو بعيدا عن ذباحیهم ويعيشون في رفاه ولو من فائض ما ينفقونه الان علی دعاة الانفصال والتقسيم . کماهو الحال الذي حصل للکويت فهم يعيشون مرتاحين في نعيم مقيم لا بعثي يبتزهم ولاجبوري يذبحهم ، وهم ايضا لم يسلموا من التکارته عندما هجموا عليهم عام 1990 واحتلوا بلدهم ، ولم یقف الکويتيون متفرجين مثل الحمامة الساذجة فقد استطاعوا بذکائهم وسياستهم ان يجمعوا الراي العام واعادة بلدهم وان يعيدوا البهجة لبلدهم ، وحتی انهم استطاعوا ان يثاروا لذلک العمل المشين وان يحفروا لصدام وازلامه القبور المناسبة لهم.
المصدر :
راسخون /2015
/ج