
الموعظة لا تنجح فيمن لا زاجر له و لا واعظ من نفسه و ما وهب الله تعالى لعبده هبة أنفع له من زاجر من نفسه و قل أن تنجح الموعظة في أهل التجبر و التكبر و إني لأعجب من قوم غدوا في المطارف العتاق و الثياب الرقاق يخيطون الولايات و يتحملون الأمانات و يتعرضون للخيانات حتى إذا بلغوا بغيتهم و نالوا أمنيتهم خافوا من فوقهم من أهل الفضل و الفقه و ظلموا من دونهم من أهل الضعف و الحرفة و سمنوا أبدانهم و أهزلوا دينهم و عمروا دنياهم و خربوا آخرتهم و أوسعوا دورهم و ضيقوا قبورهم يتكئ أحدهم على شماله و يأكل غير ماله و يدعو بحلو بعد حامض و رطب بعد يابس و حار بعد بارد حتى إذا غصته الكظة و أثقلته البطنة و غلبه البشم قال يا جارية هات هاضوما و هات حاطوما و الله يا جاهل يا مغرور ما حطمت طعامك بل حطمت دينك و أزلت يقينك فأين مسكينك و أين يتيمك و أين جارك و أين من غصبته و ظلمته و استأثرت بهذا عليه و تجبرت بسلطانك عليه حتى إذا بالغ هذا في المظالم و ارتطم في الم آثم قال قد زرت و قد حججت و قد تصدقت و نسي قول الله تعالى إِنَّما يَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ و قوله تعالى تِلْكَ الدّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُها لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَ لا فَساداً وَ الْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ .
و قال النبي (صلی الله عليه وآله وسلم)ما آمن بالقرآن من استحل محارمه .
و قال أمير المؤمنين (عليه السلام)ليس من شيعتي من أكل مال المؤمن حراما إنما يعيش صاحب هذا الحال مفتونا و يموت مغرورا و يقول يوم القيامة لمن دخل الجنة من أهل السعادة هو و أمثاله أَ لَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ قالُوا بَلى وَ لكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ وَ تَرَبَّصْتُمْ وَ ارْتَبْتُمْ وَ غَرَّتْكُمُ الْأَمانِيُّ حَتّى جاءَ أَمْرُ اللّهِ وَ غَرَّكُمْ بِاللّهِ الْغَرُورُ فَالْيَوْمَ لا يُؤْخَذُ مِنْكُمْ فِدْيَةٌ وَ لا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا دل هذا على أنهم غير الكافر .
عقاب الزناء و الربا
قال النبي (صلی الله عليه وآله وسلم)إن لأهل النار صرخة من نتن فروج الزناة و إياكم و الزناء فإن فيه ست خصال ثلاث في الدنيا و ثلاث في الآخرة فأما التي في الدنيا فإنه يذهب بهاء الوجه و يورث الفقر و ينقص العمر و أما التي في الآخرة يوجب سخط الله و سوء الحساب و عظم العذاب إن الزناة يأتون يوم القيامة تشتعل فروجهم نارا يعرفون بنتن فروجهم و قال النبي (صلی الله عليه وآله وسلم)إن الله مستخلفكم في الدنيا فانظروا كيف تعملون فاتقوا الزناء و الربا قيل قالت المعتزلة يوما في مجلس الرضا (عليه السلام)إن أعظم الكبائر القتل لقوله تعالى وَ مَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ خالِداً فِيها الآية .و قال الرضا (عليه السلام)أعظم من القتل إثما و أقبح منه بلاء الزناء لأن القاتل لم يفسد بضرب المقتول غيره و لا بعده فسادا و الزاني قد أفسد النسل إلى يوم القيامة و أحل المحارم فلم يبق في المجلس فقيه إلا قبل يده و أقربما قاله .
و قال (صلی الله عليه وآله وسلم)إذا كانت فيكم خمس رميتم بخمس إذا أكلتم الربا رميتم بالخسف و إذا ظهر فيكم الزناء أخذتم بالموت و إذا جارت الحكام ماتت البهائم و إذا ظلم أهل الملة ذهبت الدولة و إذا تركتم السنة ظهرت البدعة و قال (صلی الله عليه وآله وسلم)ما نقض قوم عهدهم إلا سلط عليهم عدوهم و ما جار قوم إلا كثر القتل بينهم و ما منع قوم الزكاة إلا حبس القطر عنهم و لا ظهرت فيهم الفاحشة إلا فشا فيهم الموت و ما يخسر قوم المكيال و الميزان إلا أخذوا بالسنين و قال (صلی الله عليه وآله وسلم)إذا عملت أمتي خمس عشرة خصلة حل بهم البلاء إذا كان الفيء دولا و الأمانة مغنما و الصدقة مغرما و أطاع الرجل امرأته و عصى أمه و بر صديقه و جفا أباه و ارتفعت الأصوات في المساجد و أكرم الرجل مخافة شره و كان زعيم القوم أرذلهم و لبسوا الحرير و اتخذوا المغنيات و شربوا الخمور و أكثروا الزناء فارتقبوا عند ذلك ريحا حمراء أو خسفا أو مسخا أو ظهر العدو عليكم ثم لا تنصرون .
وصايا و حكم بليغة
من وصية لقمان لابنه قال :
يا بني لا يكن الديك أكيس منك و أكثر محافظة على الصلوات أ لا تراه عند كل صلاة يؤذن لها و بالأسحار يعلن بصوته و أنت نائم و قال يا بني من لا يملك لسانه يندم و من يكثر المراء يشتم و من يدخل مداخل السوء يتهم و من يصاحب صاحب السوء لا يسلم و من يجالس العلماء يغنم يا بني لا تؤخر التوبة فإن الموت يأتي بغتة يا بني اجعل غناك في قلبك و إذا افتقرت فلا تحدث الناس بفقرك فتهون عليهم و لكن اسأل الله من فضله يا بني كذب من يقول الشر يقطع بالشر أ لا ترى أن النار لا تطفأ بالنار و لكن بالماء و كذلك الشر لا يطفأ إلا بالخير يا بني لا تشمت بالمصاب و لا تعير المبتلى و لا تمنع المعروف فإنه ذخيرة لك في الدنيا و الآخرة يا بني ثلاثة تجب مداراتهم المريض و السلطان و المرأة و كن قنعا تعش غنيا و كن متقيا تكن عزيزا يا بني من حين سقطت من بطن أمك استدبرت الدنيا و استقبلت الآخرة و أنت في كل يوم إلى ما استقبلت أقرب منك إلى ما استدبرت فتزود لدار أنت مستقبلها و عليك بالتقوى فإنه أربح التجارات و إذا أحدثت ذنبا فاتبعه بالاستغفار و الندم و العزم على ترك العود لمثله و اجعل الموت نصب عينيك و الوقوف بين يدي خالقك و تمثل شهادة جوارحك عليك بعملك و الملائكة الموكلين بك تستحي منهم و من ربك الذي هو مشاهدك و عليك بالموعظة فاعمل بها فإنها عند العاقل أحلى من العسل الشهد و هي على السفيه أشق من صعود الدرجة على الشيخ الكبير و لا تسمع الملاهي فإنها تنسيك الآخرة و لكن احضر الجنائز و زر المقابر و تذكر الموت و ما بعده من الأهوال فتأخذ حذرك يا بني استعذ بالله من شرار النساء و كن من خيارهن على حذر يا بني لا تفرح على ظلم أحد بل أحزن على ظلم من ظلمته يا بني الظلم ظلمات و يوم القيامة حسرات و إذا دعتك القدرة على ظلم من هو دونك فاذكر قدرة الله عليك يا بني تعلم من العلماء ما جهلت و علم الناس ما علمت تذكر بذلك في الملكوت يا بني أغنى الناس من قنع بما في يديه و أفقرهم من مد عينيه إلى ما في أيدي الناس و عليك يا بني باليأس عما في أيدي الناس و الوثوق بوعد الله و اسع فيما فرض عليك و دع السعي فيما ضمن لك و توكل على الله في كل أمورك يكفيك و إذا صليت فصل صلاة مودع تظن أن لا تبقى بعدها أبدا و إياك ما تعتذر منه فإنه لا يعتذر من خير و أحب للناس ما تحب لنفسك و اكره لهم ما تكره لنفسك و لا تقل ما لم تعلم و اجهد أن يكون اليوم خيرا لك من أمس و غدا خيرا لك من اليوم فإنه من استوى يوماه فهو مغبون و من كان يومه شرا من أمسه فهو ملعون و ارض بما قسم الله لك فإنه سبحانه يقول أعظم عبادي ذنبا من لم يرض بقضائي و لم يشكر نعمائي و لم يصبر على بلائي .و أوصى رسول الله (صلی الله عليه وآله وسلم)معاذ بن جبل فقال له أوصيك باتقاء الله و صدق الحديث و أداء الأمانة و خفض الجناح و الوفاء بالعهد و ترك الخيانة و حسن الجوار و صلة الأرحام و رحمة اليتيم و لين الكلام و بذل السلام و حسن العمل و قصر الأمل و توكيد الأيمان و التفقه في الدين و تدبر القرآن و ذكر الآخرة و الجزع من الحساب و كثرة ذكر الموت و لا تسب مسلما و لا تطع آثما و لا تقطع رحما و لا ترض بقبيح تكن كفاعله و اذكر الله عند كل شجر و مدر و بالأسحار و على كل حال يذكرك فإن الله تعالى ذاكر من ذكره و شاكر من شكره و جدد لكل ذنب توبة السر بالسر و العلانية بالعلانية و اعلم أن أصدق الحديث كتاب الله و أوثق العز التقوى و أشرف الذكر ذكر الله تعالى و أحسن القصص القرآن و شر الأمور محدثاتها و أحسن الهدي هدي الأنبياء و أشرف الموت الشهادة و أعمى العمى الضلالة بعد الهدى و خير العلم ما نفع و شر العمى عمى القلب و اليد العليا خير من اليد السفلى و ما قل و كفى خير مما كثر و ألهى و شر المعذرة عند الموت و شر الندامة يوم القيامة و من أعظم الخطايا اللسان الكذب و خير الغنى غنى النفس و خير الزاد التقوى و رأس الحكمة مخافة الله تعالى في السر و العلانية و خير ما ألقي في القلب اليقين و إن جماح الإثم الكذب و الارتياب و النساء و حبائل الشيطان و الشباب شعبة من الجنون و شر الكسب كسب الربا و شر الم آثم أكل مال اليتيم و السعيد من وعظ بغيره و ليس لجسم نبت على الحرام إلا النار و من تغذى بالحرام فالنار أولى به و لا يستجاب له دعاء و الصلاة نور و الصدقة حرز و الصوم جنة حصينة و سكينة و تركها مغنم مغرم و على العاقل أن يكون له ساعة يناجي فيها ربه و ساعة يتفكر فيها صنع الله و ساعة يحاسب فيها نفسه و ساعة يتخلى فيها لحاجته من حلال و على العاقل أن يكون ساعيا في ثلاث تزود لمعاد و سعى لمعاش و لذة في غير محرم و على العاقل أن يكون بصيرا بزمانه مقبلا على شأنه حافظا للسانه .
و في توراة موسى (عليه السلام)عجبت لمن أيقن بالموت كيف يفرح و لمن أيقن بالحساب كيف يذنب و لمن أيقن بالقدر كيف يحزن و لمن أيقن بالنار كيف يضحك و لمن رأى تقلب الدنيا بأهلها كيف يطمئن إليها و لمن أيقن بالجزاء كيف لا يعمل و لا عقل كالدين و لا ورع كالكف و لا حسب كحسن الخلق .
و قال أبو ذر أوصاني رسول الله (صلی الله عليه وآله وسلم)بسبع خصال حب المساكين و الدنو منهم و هجران الأغنياء و أن أصل رحمي و أن لا أتكلم بغير الحق و أن لا أخاف في الله لومة لائم و أن أنظر إلى من هو دوني و لا أنظر إلى من هو فوقي و أن أكثر من سبحان الله و الحمد لله و لا إله إلا الله و الله أكبر و لا حول و لا قوة إلا بالله العلي العظيم فإنهن الباقيات الصالحات.
و قال من سلك الجدد أمن العثار و الصبر مطية السلامة و الجزع مطية الندامة و مرارة الحلم أعذب من حلاوة الانتقام و ثمرة الحقد الندامة و من صبر على من يكره أدرك ما يحب و الصبر على المصيبة مصيبة للشامت بها و الجزع عليها مصيبة ثانية بفوات الثواب و هي أعظم المصائب .
و قال رسول الله (صلی الله عليه وآله وسلم)خير الرزق ما يكفي و خير الذكر ما يخفى و إني أوصيكم بتقوى الله و حسن النظر لأنفسكم و قلة الغفلة عن معادكم و ابتياع ما يبقى بما يفنى و اعلموا أنها أيام معدودة و الأرزاق مقسومة و الآجال معلومة و الآخرة أبد لا أمد له و أجل لا منتهى له و نعيم لا زوال له فاعرفوا ما تريدون و ما يراد بكم و اتركوا من الدنيا ما يشغلكم عن الآخرة و احذروا حسرة المفرطين و ندامة المغترين و استدركوا فيما بقي ما فات و تأهبوا للرحيل من دار البوار إلى دار القرار و احذروا الموت أن يفاجئكم على غرة و يعجلكم عن التأهب و الاستعداد و إن الله تعالى قال فَلا يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً وَ لا إِلى أَهْلِهِمْ يَرْجِعُونَ فرب ذي عقل أشغله هواه عما خلق له حتى صار كمن لا عقل له و لا تعذروا أنفسكم في خطئها و لا تجادلوا بالبطل فيما يوافق هواكم و اجعلوا همكم نصر الحق من جهتكم أو من جهة من يجادلكم فإن الله تعالى يقول يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا أَنْصارَ اللّهِ فلا تكونوا أنصارا لهواكم و الشيطان و اعلموا أنه ما هدم الدين مثل إمام ضلالة و أضل و جدال منافق بالباطل و الدنيا قطعت رقاب طالبيها و الراغبين إليها و اعلموا أن القبر روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النيران فمهدوه بالعمل الصالح فمثل أحدكم يعمل الخير كمثل الرجل ينفذ كلامه يمهد له قال الله تعالى فَلِأَنْفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ و إذا رأيتم الله يعطي العبد ما يحب و هو مقيم على معصيته فاعلموا أن ذلك استدراج له قال الله تعالى: سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ سئل ابن عباس عن صفة الذين صدقوا الله المخافة فقال هم قوم قلوبهم من الخوف قرحة و أعينهم باكية و دموعهم على خدودهم جارية يقولون كيف نفرح و الموت من ورائنا و القبر موردنا و القيامة موعدنا و على الله عرضنا و شهودنا جوارحنا و الصراط على جهنم طريقنا و على الله حسابنا فسبحان الله و تعالى فإنا نعوذ به من ألسن واصفة و أعمال مخالفة مع قلوب عارفة فإن العمل ثمرة العلم و الخوف ثمرة العمل و الرجاء ثمرة اليقين و من اشتاق إلى الجنة اجتهد في أسباب الوصول إليها و من حذر النار تباعد مما يدني إليها و من أحب لقاء الله استعد للقائه .
و روي أن الله تعالى يقول في بعض كتبه يا ابن آدم أنا حي لا أموت أطعني فيما أمرتك أجعلك حيا لا تموت يا ابن آدم أنا أقول للشيء كن فيكون أطعني فيما أمرتك أجعلك تقول للشيء كن فيكون و كذلك قال الله تعالى في كتابه العزيز وَ لَكُمْ فِيها ما تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَ لَكُمْ فِيها ما تَدَّعُونَ نُزُلًا مِنْ غَفُور رَحِيم .
و قال رسول الله ثلاث مهلكات و ثلاث منجيات فأما المهلكات فشح مطاع و هوى متبع و إعجاب المرء بنفسه و أما المنجيات فخشية الله في السر و العلانية و القصد في الغنى و الفقر و العدل في الرضا و الغضب .
و قال الحسن (عليه السلام)لقد أصبحت أقوام كانوا ينظرون إلى الجنة و نعيمها و النار و جحيمها يحسبهم الجاهل مرضى و ما بهم مرض أو قد خولطوا و إنما خالطهم أمر عظيم خوف الله و مهابته في قلوبهم كانوا يقولون ليس لنا في الدنيا من حاجة و ليس لها خلقنا و لا بالسعي لها أمرنا أنفقوا أموالهم و بذلوا دماءهم و اشتروا بذلك رضا خالقهم علموا إن اشترى منهم أموالهم و أنفسهم بالجنة فباعوه و ربحت تجارتهم و عظمت سعادتهم و أفلحوا و أنجحوا فاقتفوا آثارهم رحمكم الله و اقتدوا بهم فإن الله تعالى وصف لنبيه (صلی الله عليه وآله وسلم)صفة آبائه إبراهيم و إسماعيل و ذريتهما و قال فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ و اعلموا عباد الله أنكم مأخوذون بالاقتداء بهم و الاتباع لهم فجدوا و اجتهدوا و احذروا أن تكونوا أعوانا للظالم فإن رسول الله (صلی الله عليه وآله وسلم)قال من مضى مع ظالم يعينه على ظلمه فقد خرج من ربقة الإسلام و من حالت شفاعته دون حد من حدود الله فقد حاد الله و رسوله و من أعان ظالما ليبطل حقا لمسلم فقد برئ من ذمة الإسلام و ذمة الله و ذمة رسوله و من دعا لظالم بالبقاء فقد أحب أن يعصى الله و من ظلم بحضرته مؤمن أو اغتيب و كان قادرا على نصره و لم ينصره فقد باء بغضب من الله و من رسوله و من نصره فقد استوجب الجنة من الله تعالى و إن الله تعالى أوحى إلى داود (عليه السلام)قل لفلان الجبار إني لم أبعثك لتجمع الدنيا على الدنيا و لكن لترد عني دعوة المظلوم و تنصره فإني آليت على نفسي أن أنصره و أنتصر له ممن ظلم بحضرته و لم ينصره .
و قال النبي (صلی الله عليه وآله وسلم)من آذى مؤمنا و لو بشطر كلمة جاء يوم القيامة مكتوبا بين عينيه آيس من رحمة الله و كان كمن هدم الكعبة و البيت المقدس و قتل عشرة آلاف من الملائكة .
و قال رفاعة بن أعين قال لي الصادق (عليه السلام)أ لا أخبرك بأشد الناس عذابا يوم القيامة قلت بلى يا مولاي قال أشد الناس عذابا يوم القيامة من أعان على مؤمن بشطر كلمة ثم قال أ لا أخبرك بأشد من ذلك فقلت بلى يا سيدي فقال من عاب عليه شيئا من قوله أو فعله ثم قال ادن مني أزدك أحرفا أخر ما آمن بالله و لا برسوله و لا بولايتنا أهل البيت من أتاه المؤمن في حاجة لم يضحك في وجهه فإن كانت عنده قضاها و إن لم تكن عنده تكلفها له حتى يقضيها له و إن لم يكن كذلك فلا ولاية بيننا و بينه و لو علم الناس ما للمؤمن عند الله لخضعت له الرقاب فإن الله تعالى اشتق للمؤمن اسما من أسمائه فالله هو المؤمن سبحانه و سمى عبده مؤمنا تشريفا له و تكريما و إنه يوم القيامة يؤمن على الله تعالى فيجير إيمانه و قال الله تعالى ليأذن بحرب مني من آذى مؤمنا أو أخافه و كان عيسى (عليه السلام)يقول يا معشر الحواريين تحببوا إلى الله ببغض أهل المعاصي و تقربوا إلى الله بالبعد عنهم و التمسوا رضاه في غضبهم و إذا جالستم فجالسوا من يزيد في عملكم منطقه و يذكركم الله رؤيته و يرغبكم في الآخرة عمله .
و قال أمير المؤمنين (عليه السلام)لأبي ذر ألزم قلبك الفكر و لسانك الذكر و جسدك العبادة و عينيك البكاء من خشية الله و لا تهتم برزق غد و ألزم المساجد عمارها هم أهل الله و خاصته قراء كتابه العاملون به .
و قال (عليه السلام)المروة ست ثلاث في السفر و ثلاث في الحضر فالتي في الحضر تلاوة القرآن و عمارة المساجد و اتخاذ الإخوان في الله و أما التي في السفر بذل الزاد و حسن الخلق و المعاشرة بالمعروف .
و كان الحسن (عليه السلام)يقول يا ابن آدم من مثلك و قد خلى ربك بينه و بينك متى شئت أن تدخل إليه توضأت و قمت بين يديه و لم يجعل بينك و بينه حجابا و لا بوابا تشكو إليه همومك و فاقتك و تطلب منه حوائجك و تستعينه على أمورك و كان (عليه السلام)يقول أهل المسجد زوار الله و حق على المزور و التحفة لزائره و روي أن المتنخم في المسجد يجد بها خزيا في وجهه يوم القيامة و كان الناس في المساجد ثلاثة أصناف صنف في الصلاة و صنف في تلاوة القرآن و صنف في تعلم العلوم فأصبحوا صنف في البيع و الشراء و صنف في غيبة الناس و صنف في الخصومات و أقوال الباطل .
و قال (عليه السلام)ليعلم الذي يتنخم في القبلة أنه يبعث و هي في وجهه و قال يقول الله تعالى المصلي يناجيني و المنفق يقرضني في الغنى و الصائم يتقرب إلي و قال إن الرجلين يكونا في صلاة واحدة و بينهما مثل ما بين السماء و الأرض من فضل الثواب .
المصدر :
ارشاد القلوب : ص75 - 78
/ج