
ميلاد يسوع وهو حديث ميلاد يسوع المسيح أو تجسده حسب العقائد المسيحية، ويحتفل بها في ثلاث مناسبات هي عيد الميلاد تذكار الميلاد الجسدي وعيد رأس السنة وهو عيد الميلاد حسب الشرع اليهودي وأساس التقويم الميلادي وذكرى ختانة المسيح؛ وعيد الغطاس وهو الميلاد الروحي. ويدعى الزمن الفاصل بين المناسبة الأولى في 25 ديسمبر (7 يناير في التقويم اليولياني) والثالثة في 6 يناير (19 يناير حسب التقويم اليولياني) زمن الميلاد، ويسبقه عادة صوم في الكنائس الأرثوذكسية وصلوات خاصة في الكنيسة الكاثوليكية. تذكر حادثة الميلاد في إنجيل لوقا وإنجيل متى من زاويتين مختلفتين، وتشكل أحد أهم أركان الإيمان المسيحي، ولد المسيح حسب الأناجيل القانونية في بيت لحم، من أم عذراء، في مكان مقفر إذ لم يجدا مكانًا في النزل.
تُذكر رواية الميلاد في إنجيلي متى ولوقا، وتغدوا الرواية في إنجيل لوقا أكثر تفصيلاً؛ عناصر الرواية الإنجيلية للميلاد مفادها أن مريم قد ظهر لها جبرائيل مرسلاً من قبل الله وأخبرها أنها ستحبل بقوّة الروح القدس بطفل "يكون عظيمًا وابن العلي يدعى، ولن يكون لملكه نهاية"،[لوقا 1/32] وعندما اضطرب يوسف النجار خطيب مريم من روايتها ظهر له الملاك أيضًا في الحلم تصديقًا لرواية مريم وتشجيعًا له،(1) ويتفق متى ولوقا أن الميلاد قد تمّ في بيت لحم مدينة النبي داود لا في مدينة الناصرة حيث كانا يعيشان وحيث تمت البشارة، يعود ذلك تتميمًا للنبؤات السابقة حول مكان الميلاد سيّما نبؤة النبي ميخا، أما السبب المباشر فهو طلب أغسطس قيصر إحصاء سكان الإمبراطورية الرومانية تمهيدًا لدفع الضرائب، ولذلك سافر يوسف مع مريم وكان حينها قد ضمها إلى بيته كزوجته دون أن تنشأ بينهما علاقة زوجية، وعند وصولهما إلى بيت لحم لم يجدا مكانًا للإقامة في فندق أو نزل وحان وقت وضع مريم، فبحسب إنجيل لوقا وضعت طفلها في مذود ولفته بقماط.[لوقا 2/7] وإن ذكر المذود هو الدافع الأساسي للاعتقاد بوجود المغارة أو الحظيرة، لأن الحظائر عادة كانت عبارة عن كهوف أما المذود فهو مكان وضع علف الحيوانات،(2) وكان أوريجانوس قد أثبت المغارة وقال أنه نقل القصة عن تقاليد أقدم،(3) وتُجمع تفاسير آباء الكنيسة أن ميلاد يسوع بظروف "فقيرة حقيرة" لتعليم البشر التواضع وكمثال على الترفع عن الأمور الماديّة، كذلك فإن المناخ اليهودي حينها كان ينتظر قدوم "الماشيح" ملكًا ومحررًا من السلطة الرومانية، وبالتالي فإن مولد المسيح يجب أن يكون كقائد عسكري أو ملك في قصر لا مذود، وفي ذلك إشارة إلى كون ملك المسيح ملكًا روحيًا لا دنيويًا.
في غضون ذلك، كان ملاك من السماء قد ظهر لرعاة في المنطقة مبشرًا إياهم بميلاد المسيح، وظهر في إثره جندٌ من السماء حسب المصطلح الإنجيلي، مُسبحين وشاكرين، أما الرعاة فقد زاروا مكان مولده وشاهدوه مع أمه ويوسف وانطلقوا مخبرين بما قيل لهم من قبل الملاك، ولذلك هم أول من احتفل بعيد الميلاد وفق التقليد.(4).
أما أبرز الأحداث اللاحقة للميلاد فهي ختان يسوع في القدس، وهرب العائلة إلى مصر خوفًا على حياته من هيرودوس الذي أراد قتله، ومن ثم عودة العائلة من مصر بعد وفاة الملك. ويذكر أيضًا، أن عيد الميلاد هو عيد ميلاد يسوع المسيح بالجسد أما من حيث الوجود، فهو منذ الأزل، وبالتالي وكما جاء في قانون الإيمان هو مولود غير مخلوق.(5)
بحسب إنجيل يعقوب المنحول، فإن سالومة وهي أيضًا إحدى قريبات العذراء إضافة إلى قابلة مشرفة على ولادتها حضرا الميلاد؛ بحسب الإنجيل المنحول أيضًا فقد كانت سالومة تشكك في أن مريم قد حبلت فعلاً من الروح القدس وأنها كانت وستبقى عذراءً، فعندما ولدت العذراء تعجبت القابلة وسالومة فقد ظلت مريم عذراءً على الرغم من ولادتها، إذاك هتفت سالومة وتهللت وآمنت بكل ما كانت مريم قد أخبرتها به.(6)
رواية الأناجيل المنتحلة عمومًا غير مأخوذ بها في الكنيسة أو في العقائد المسيحية غير أنها هامة لدراسة الفكر الديني لدى المسيحيين في القرون الأولى، كما أنها تعكس إكرام العذراء منذ العصور المبكرة في المسيحية،(7) أما في رواية الميلاد الرسمية لا تذكر سالومة أو القابلة، لكن يذكر رعاة وقد ظهر لهم ملائكة وأرشدوهم إلى مكان الميلاد: "وجاؤوا مسرعين فوجدوا مريم ويوسف والطفل مضجعًا في مذود."(8) وتختم رواية الميلاد: "وأما مريم فكانت تحفظ هذه الأمور جميعًا وتتأملها في قلبها."(9)
التأطير التاريخي للحدث:
رغم أن التقويم الميلادي يتخذ من ميلاد المسيح أساسًا لحساب السنوات، إلا أنّ غياب الدقة في الحساب من جهة، والأخطاء في طول السنة الشمسية من جهة ثانية حتى أصلحت في القرن السادس عشر من جهة ثانية، قد جعلت تاريخ ميلاد المسيح ينزاح عن الموعد الافتراضي له، الممثل في بداية التقويم الميلادي.(10) ولما كانت الأناجيل القانونية الأربعة لا تذكر تاريخ ميلاد المسيح بشكل صريح، فإن استجلاء تاريخ الميلاد، يتم اعتمادًا على بعض التلميحات التاريخية، ومقاطعتها مع الأدلة الخارجية.إن إنجيل لوقا، يذكر أن يوحنا المعمدان بدأ دعوته في السنة الخامسة عشر من حكم طيباريوس قيصر، وأن يسوع اعتمد بعد فترة وجيزة وكان له من العمر ثلاثين عامًا. ملك طيباريوس قيصر شراكة مع أخيه عام 11 ومتفردًا عام 14، وبالاعتماد على التقويم الأول يكون يوحنا قد بدأ دعوته عام 26-27 وبالتالي يحدد تاريخ ميلاد المسيح بالعام 4 قبل الميلاد؛(11)وهو يتفق بذلك مع إنجيل لوقا وإنجيل متى اللذان يذكران بأن المسيح قد ولد في عهد الملك هيرودس، والذي حدد معظم الباحثين تاريخ وفاته عام 4-3 قبل الميلاد، استنادًا إلى يوسيفوس فلافيوس. هناك دليل فلكي يعتدّ به عدد من الباحثين، فإن إنجيل متى، يذكر نجمًا عظيمًا ظهر تزامنًا مع ميلاد المسيح ولعلّه هو اقتران كواكب المشتري والزهرة والمريخ الذي تم نحو 6-4 قبل الميلاد. هناك نظرية أخرى، وهي الأقرب للتقليد، باعتبار المسيح، ولد نحو العام 2-0 قبل الميلاد، وتقوم على احتساب السنوات الخمس عشر لحكم طيباريوس قيصر من حكمه منفردًا عام 14، هذا يجعل العماد نحو 28-30 أي الميلاد نحو 2-0 قبل الميلاد/الميلاد، داعموا هذه النظرية يؤخرون تاريخ وفاة هيرودس الكبير لنحو العام 4 للميلاد.
صورة زجاجية في كنيسة يوحنا المعمدان الأنجليكانية في آشفيلد، أستراليا. تمثل يسوع الراعي الصالح أحد الألقاب الإنجيلية للمسيح.
أما في المسيحية، واعتمادًا على العهد الجديد، فيسوع هو المسيح الذي انتظره اليهود وفيه تحققت نبؤات العهد القديم،(12) وله عدد وافر من الألقاب، وهو معصوم، وكامل، والوحيد الذي لم يرتكب أي خطيئة،(13)وقد ولد من عذراء بطريقة إعجازيّة، واجترح عجائب ومعجزات عديدة وقدم تعاليمًا صالحة لكل آن، رافعًا البشر لمرتبة أبناء الله،(14) لتمثّل حياته "إنجيل عمل" مُلهم لأتباعه،(15) وأسس الكنيسة، ومات على الصليب تكفيرًا عن خطايا العالم،فكان مُحرر البشرية وبُشراها السارّة، ثم قام من بين الأموات ورفع إلى السماء، بعد أن وعد المؤمنين به أنه سيعود في آخر الزمان؛ ليكون بذلك كمال الإعتلان الإلهي للبشر، وختام رسالات السماء،مفتتحًا عهدًا جديدًا، بعد سلسلة من العهود السابقة، ليغدو بذلك طريقه، الوسيط الوحيد بين الله والإنسان؛بعد مرحلة طويلة من الإعداد بدأت منذ آدم وإبراهيم.(16)
حسب النظرة اللاهوتيّة للمسيح، فإنه يمثل القدرة الإلهية في البشرية،(17)فهو كلمة الله، الأزليّة، التي تدرعت بجسد من مريم، وبالتالي فهو مستحق العبادة، كما يوضح قانون الإيمان الذي صيغ في مجمع نيقية عام 325. أما النظرة الإسلامية ليسوع أو عيسى بن مريم كما يدعى في القرآن، فهي تتفق مع المسيحية بكونه المسيح وبصحة الميلاد العذري، واجتراح عجائب وآيات، والعودة في آخر الزمان، وتعتبره نبيًا ومن أولي العزم، وتنعته أيضًا بأنه كلمة الله، بيد أنها تنفي الصلب، والدور الكفاري، والبعد الماورائي. يذكر أن اليهوديّة، ترفض الاعتراف بأنه المسيح المنتظر، بحجة أنه لم يف بجميع النبؤات الواردة عنه في التناخ، هناك وجهات نظر متنوعة أخرى حول المسيح، ظهرت على مرالتاريخ، ومنها البهائية التي قالت بأن له مظهر من مظاهر الله، ووسيط بين الله والبشرية، ويعكس صفات الله. (18)
«المسيح الضابط»، وهي من أقدم أيقونات دير سانت كاترين، في سيناء.
يعرف يسوع أيضًا بوصفه المسيح من الفعل مشح أي مسح ومعناها في العهد القديم الممسوح بالزيت أو الطيب المقدس. ونقلت الكلمة إلى اللغة اليونانية كما هي ولكن بحروف يونانية " ميسياسوهو أصل المصطلح المتعارف عليه اليوم.
كانت عملية المسح تتم في العهد القديم بواسطة الطيب المقدس الذي كان يصنع من زيت الزيتون مضافًا إليه عدد من الطيوب، حسب ماهو وارد في سفر الخروج، وقد استمر هذا التقليد في المسيحية من خلال سر الميرون. وكان الشخص أو الشيء الذي مسح يصبح مقدساً ومكرساً للإله، ولذلك فقد حصرت الشريعة اليهودية استخدامه للكهنة والملوك والأنبياء، ودعي شاغلوا هذه المناصب في العهد القديم باسم "مسحاء الرب"، بيد أن العهد القديم يؤكد أن هؤلاء المسحاء جميعاً كانوا ظلاً ورمزاً للآتي والذي دعي منذ داود فصاعداً بالمسيح، وسماه سفر دانيال "المسيح الرئيس"، وأسبغت عليه ألقاب عديدة ونسب له الدور في خلاص الشعب اليهودي السياسي والديني معًا، والعالم كلّه أيضًا. بكل الأحوال فإن لقب المسيح في العهد القديم لا يشير دومًا إلى المنتظر، خصوصًا في الأسفار التاريخية، بل هو يشير في كثير من الحالات إلى الملك أو النبي أو الكاهن. وقد تنبأ أنبياء العهد القديم جميعهم عن هذا المنتظر وحددوا كثيرًا من مجريات حياته.
في مرحلة لاحقة لإطلاق لقب «المسيح الرئيس» على المنتظر، كفت الكتب المقدسة عن استعمال لقب «مسيح» إلا للمنتظر، وهو حسب المعتقدات اليهودية والمسيحية سيجمع في شخصه المهن الثلاث في آن معًا، أي سيكون في الوقت ذاته، نبيًا وكاهنًا وملكًا.
يقصد بالأدلة الخارجية، المصادر التاريخية غير المسيحية من يهود أو وثنيين والتي أشارت إلى يسوع في مرحلة مبكرة أواخر القرن الأول، أو بدايات القرن الثاني؛ وهي وإن كانت مقتضبة نوعًا ما ولا يمكن تتبع أعمال المسيح أو نشاطاته من خلالها، إلا أنها اكتسبت أهمية خاصة، مع تقدّم علم التاريخ خلال القرنين المنصرمين؛ فإن الأدلة الداخلية لأي رواية، تزداد درجة موثوقيتها وتماسكها كلما دُعمت بأدلة خارجية تصادق عليها؛ وفي المقابل فإنّ انعدام الأدلة الخارجية أو مناقضتها لأحداث الرواية الداخلية، يدفع إلى نبذ الرواية الداخلية في كثير من حالات النقد والتصنيف التاريخي؛ مع الأخذ بعين الاعتبار مدة مطابقة الأدلة الداخلية للظروف والبيئة من جهة، والفاصل التاريخي عن الأحداث من جهة ثانية.(20)
النصوص
أقدم الأدلة الخارجية عن المسيح حاليًا، هي أولاً شهادة المؤرخ اليهودي فلافيوس يوسيفوس، في كتابه "العاديّات اليهودية"، الموضوع عام 93 في روما، فبعد أن أشار إلى يوحنا المعمدان، كتب يوسيفوس:وفي ذلك الوقت، كان يعيش يسوع، وهو رجل من رجال الدين، إذا جاز أن نسميه كذلك، لأنه كان يأتي بأعمال عجيبة، ويعلّم الناس، ويتلقى الحقيقة وهو مغتبط، وقد اتبعه الكثير من اليهود والرومان.
وتتابع الرواية، بالإشارة إلى قيامته من بين الأموات وكونه المسيح المنتظر، ما دفع للقول لدى أغلب الباحثين بأن شهادة يوسيفوس تحوي على أصل صادق صحيح، أضيف إليه من قبل النسّأخ والشرّاح.(21)والشهادة الثانية عن يسوع، تعود لكتاب "الحوليّات" لتاسيتوس المكتوب حوالي عام 115 ويشير إلى المسيح "الذي سلّمه للعذاب، الوالي بيلاطس البنطي في عهد الإمبراطور طيباريوس"، ويذكر أيضًا حريق روما عام 64، والذي اتهم به نيرون المسيحيين وأفضى لقتل بطرس وبولس. هناك أيضًا شهادة سويتونيوس من سيرة الإمبراطور كلوديوس، المكتوبة حوالي العام 121 والذي يشير إلى طرد اليهود والمسيحيين من روما عام 49 - 50 بموجب مرسوم إمبراطوري "لأنهم كانوا يثيرون الشغب بشكل متواتر بتحريض من رجل اسمه كرستوس"، ويؤكد معظم الشراح، أن النص يتعلق بيسوع الذي كان قد أضحى كونه المسيح المنتظر موضع خلاف بين اليهود واليهود المسيحيين، وتفيد هذه الشهادة أيضًا بسرعة انتشار المسيحية حتى كان خليقًا بها أن يصدر مرسوم إمبراطوري عام 50، علمًا أن سفر أعمال الرسل، يذكرها أيضًا.(22)
وكذلك، فإن بلني الأصغر، يفيد الإمبراطور ترايانوس حوالي العام 111، بأنّ "جمعًا كبيرًا من الناس، يجتمعون في يوم معيّن قبل الفجر لينشدوا للمسيح"،ويقول ثالس نقلاً عن يويوس أفريكانوس، من القرن الأول، أن "الظلمة العجيبة التي يقال أنها حدثت وقت موت المسيح، كانت ظاهرة طبيعية محضة، ولم تكن أكثر من مصادفة عادية"،أخيرًا فإن المقابر السردابية في مدينة روما، والتي تعود لأواخر القرن الأول، تحوي إشارات واضحة ليسوع ومريم وبطرس.(23)
كتابات العهد الجديد
الإنجيليون الأربعة، بريشة جوردينز، القرن الخامس عشر.
أقدم الأناجيل تاريخًا، هو إنجيل مرقس، رفيق بطرس وتلميذه، كتب في روما «من ذكريات نقلها إليه بطرس» كما أثبت في القرن الثاني إيريناوس وكليمنت الإسكندري، ويعيد علماء الكتاب المقدس تاريخه لمرحلة 55 - 65، ويركز على معجزات المسيح أكثر من أي إنجيل آخر. أما الإنجيل القانوني الثاني، فهو إنجيل متى، الذي وضع حسب رأي أغلب الباحثين في سوريا الساحلية - ولربما في أنطاكية - للمسيحيين من أصل يهودي، بغية إثبات كون الماشيح قد جاء، ولذلك يفرد مكانة خاصة للعهد القديم، وتقاليد آباء الكنيسة ترجعه إلى متى، أحد التلاميذ الاثني عشر، في حين اقترح بعض العلماء أن تكون النسخة الحالية المدونة باليونانية ترجمة لنسخة أقدم كتبها متى بالآرامية غير أن هذا الرأي مكث ضعيفًا وقال به أوريجانوس،وبكل الأحوال يجب أن تفهم النسبة إلى متى بالمعنى الواسع، أما تاريخه، فأرجعته الغالبية إلى مرحلة 60 - 65 قبيل خراب القدس.(25)
أما الرواية الثالثة، فهي إنجيل لوقا، تلميذ بولس، والذي وصفه "بالطبيب الحبيب"،وللكتاب ملحق هو سفر أعمال الرسل، وجههما إلى ثاوفيلس ومن خلاله إلى المسيحيين اليونان، وغالب الظن أنه كتب في روما بعيد تخريب القدس عام 70، أما الرواية الرابعة فهي إنجيل يوحنا والذي يدعى أيضًا "الإنجيل اللاهوتي"، ويفتتح الكتاب على حد وصف النقاد "بمقدمة لاهوتية على جانب كبير من الفخامة"، ويعلن صراحة أنه اختار بعض المواقف والشذرات من حاية يسوع الناصري ليثبت أنه ابن الله. ويكاد يكون الإجماع بين النقاد، أن يوحنا قد اطلع على المؤلفات السابقة، فأراد أن يعكس وجهًا جديدًا يصحّ أن يسمى الوجه اللاهوتي، دون أن يغفل التقاليد الإزائية الكبرى. ومجمل القول في أصل الإنجيل الرابع، برأي أغلب النقاد، أن مؤلفه هو يوحنا بن زبدي أو شخصية مقربة منه، وقد اطلع على إنجيلي مرقس ولوقا، فجاء إنجيله مكملاً لهما، في أفسس ضمن تركيا حاليًا، وهي عاصمة ثقافية، تتلاطم بها التيارات الفلسفية الشرقية والغربية، بين العامين 80 - 90.(26)
يؤمن المسيحيون بأنّ الكتاب المقدس صحيح بالمطلق، ومعصوم، ويمكن الركون إلى أحداثه على أنها أحداث تاريخية وقعت فعلاً، وبأنه موحى من الله، غير أن مفهوم الوحي الكتابي لا يعني أن الله قد تكلّم للملاك، فنقل الملاك الكلام إلى ناطق الوحي فأذاعه، فالمفهوم المسيحي يعتبر أن الله أوحى مباشرة للمؤلف - يُسمى عادة المؤلف الملهم - الأفكار والحقائق التي يريدها الله، غير أن المؤلف الملهم كتباها بأسلوبه الخاص، وتفكيره، وبالصيغ الأدبية والثقافية الخاصة التي كانت سائدة في زمانه، لذلك يستطيع الباحث في الكتاب المقدس أن يستنتج الكثير من صفات كاتب السفر والظروف التي كانت في وسطه إذا حلل أسلوب الكتابة، ولكن في داخل هذه التعابير التي لها صيغة بشرية مضمون وفكرة إلهية.(27)
إن استعراض النصوص يمرّ أولاً بمرحلة التقليد الشفهي، فالتلاميذ والوعاظ رددوا أقوال المسيح ورووا أعماله حسب حاجات الحياة، فتكونت في البداية تقاليد شفهية منقولة بالتواتر ولربما سجلت في صيغ وثائق مجموعة من أعمال يسوع أو معجزاته أو رواية الآلام، وهذه التقاليد الأوليّة تأقلمت في مفرداتها مع مصطلحات بيئتها، فلفظ "بارك" عند متى ومرقس يوافق عادة سامية أما لفظ "شكر" عند لوقا وبولس يدلّ على بيئة هيلينية، في إطار استحضار العشاء الأخير، الأمر ذاته يمكن تصنيفه في مواقف أخرى، كصيغ التطويبات.(28)
فرضية المصدرين للأناجيل الإزائية.
لقد كان إنجيل مرقس لا أقدم الأناجيل فحسب، بل أيضًا أساسًا في إنجيلي متى ولوقا، وهو ما يعرف عمومًا باسم "القضية الإزائية"، فإنه في الأناجيل الثلاثة من التسلسل الزمني والكلمات المشتركة ما يجعل من المؤكد اطلاع متى ولوقا على إنجيل مرقس، وعلى سبيل المثال فإن متى يشترك مع مرقس في 548 آية، وإن لوقا يشترك مع مرقس في 434، وأما متى ولوقا فيشترك كلاهما بنحو 230 آية لا تذكر في مرقس، ما دفع العلماء لتأصيل هذا الاشتراك بتقليد مشترك أطلق عليه اسم "الوثيقة ق". أخيرًا، فإنّ لكلّ إنجيلي انفراده بتقاليده الخاصة، فحوالي 320 آية خاصة بمتى وحده، و500 آية خاصة بلوقا وحده - حسب أباء الكنيسة نقلها من مريم العذراء- ويعرّف الأمر بأنه نظرية المصدرين في شرح القضية الإزائية.(30)
بعض الباحثين حديثًا رفضوا النظرية السابقة في تفسير القضية الإزائية، وفضلوا القول بأن التقليد ذاته كتب في ثلاث صيغ، بيد أنه في كلا الحالتين، من المهم الملاحظة، عدم إغفال حرية الإنجيليين في التحرير، فلوقا أكثر اهتمامًا بشرح العادات اليهودية لكون إنجيله موجه لمسيحيين يونان، أما متى فلا يهتم بذلك، فهو يهتم بالأحرى بأظهار يسوع بوصفه متمم النبؤات؛ وتبويب الخطب والأمثال بشكل متتالي عند متى يقابله نثرها في لوقا، أخيرًا فإن إنجيل يوحنا، قد كتب بعد الإزائية واطلع عليها، ويقتصر على مختارات من أحداث وآيات ذات جدة توضح عادة ضمن الخطب، كما خصص سبعة فصول كاملة للأسبوع الأخير، ليشكّل بذلك خاتمة تنوّع الفن الإنجيلي وغناه.(31)
حياته حسب العهد الجديد
مريم تقبل البشارة، صورة روسية من القرن التاسع عشر.
الميلاد
ميلاد المسيح، بريشة هونثورست، 1622.
انتقلت مريم إلى زيارة أليصابات ومكثت عندها حتى ميلاد يوحنا، وبعدها بست أشهر حسب التسلسل التاريخي لرواية الإنجيل، انتقل يوسف ومريم إلى بيت لحم للاكتتاب، إذ كان قد صدر أمر أغسطس قيصر بإحصاء سكان الإمبراطورية كلّ في مدينته أو بلدته، وكانت بيت لحم مدينة داود وذريته. وبينما كانا هناك، تمّ زمانها لتلد، فولدت المسيح ولفته بقماط وأنامته في مذود، إذ لم يجدا نُزلاً يأويان إليه. ترافق الحدث مع ظواهر أخرى، كظهور جند من الملائكة مُسبحين لقوم من الرعاة؛ وفي اليوم الثامن ختن المسيح وسُمي. وبعدها بأربعين يومًا لتطهير مريم، صعد به أهله لزيارة الهيكل في القدس، وذلك تماشيًا مع طقوس الشريعة.(34)
الطفولة
يسوع الطفل في الناصرة، مع مريم ويوسف.
لا نعرف الكثير عن حداثة يسوع اللاحقة، وبعض الإشارات الإنجيلية عامة للغاية، فكان ينمو ويتقوى بالحكمة و«نعمة الله معه»،ومما لا شكّ فيه أن العائلة كانت متدينة، إذ تحجّ إلى القدس في كل عام، والحدث الأبرز هو وجوده في الهيكل بين العلماء لثلاث أيام وله من العمر اثني عشر عامًا. ولعلّه احترف النجارة كيوسف، إذ دعي «النجار ابن مريم». وغياب ذكر يوسف في الحياة العلنية إنما يشير إلى وفاته، فانتقل يسوع للعمل وتأمين مدخول البيت. وكان له عائلة كبيرة، سواءً بمعنى أولاد عمومته حسب التفسير الكاثوليكي والبروتستانتي، أو أولاد يوسف من زواج سابق حسب التفسير الأرثوذكسي. ويذكر أن بعض الأناجيل المنحولة وكتابات آباء الكنيسة، تنسب للمسيح اجتراح المعجزات، لعلّ أهمها إدباب الحياة في طيور صنعها من طين، والحكمة منذ طفولته، غير أن هذه الكتابات لا تعتبر رسميّة.(36)
النشاط العلني
كان العماد، وهو الغطس في المياه الجارية بعد التوبة عن الخطايا رمزًا لولادة ثانية، حيث يموت الإنسان «ليولد من جديد» بشكل أقرب إلى الله؛ وهكذا فالتوبة تعطيه طهارة الروح والماء طهارة الجسد. وكانت عملية العماد منتشرة في بعض المجتمعات اليهودية قبيل المسيح ومنها جماعة الأسينيين، ولعلّ يوحنا المعمدان قد تأثر بهم حين بدأ دعوته على نهر الأردن. وكانت دعوة يوحنا تنستند إلى ضرورة التوبة والأعمال الصالحة (متى 3: 8) ورفض الشفاعة دون أعمال (متى 3: 9) والمساواة بين جميع الأمم (لوقا 3: 14)، وبيّن أنه ليس المسيح بل نبي يعدّ أمامة الطريق (لوقا 3: 15-16)، كما كانت علاقته بهيرودوس الملك سيئة للغاية، وبعد عماد يسوع بفترة قصيرة، سجن يوحنا ثم أعدم (لوقا 3: 20).(37)وفي هذه البيئة، قدم يسوع من الجليل ليعتمد على يد يوحنا، أما عماد يسوع فكان اعترافًا بخطيئة الأمة بأكملها كما فعل أنبياء كثر قبله كموسى ودانيال وعزرا، واتخذها نقطة انطلاق لدعوته العلنية من جهة ثانية، فكان أن أكمل ما بدأه يوحنا. وعند معمودية يسوع، حلّ عليه الروح القدس، روح الله، على هيئة طائر الحمام، في حين سمع صوت من السماء يعلن هذا ابني الحبيب الذي به سُررت تأييدًا لرسالته. وطبقًا لإنجيل لوقا، فإن يوسع كان له من العمر ثلاثين عامًا حين بدأ دعوته العلنية، وكان الكاهن حسب شريعة موسى يبدأ خدمته في سن الثلاثين (العدد 4: 3)، ويعتبر عمر الكهولة والنضوج، وقد سجّل الكتاب أن يوسف حين ملك على مصر (التكوين 41: 46) وكذلك داود حين ملك على فلسطين (صموئيل الثاني 5: 4)، كان لهما من العمر ثلاثين عامًا.(38)
وبعد عماده بدأت المرحلة العلنية من حياة يسوع من بشارة يوحنا نفسها،فانتقل بداية إلى البريّة، حيث صام أربعين يومًا وليلة كما فعل موسى النبي، وفي ختام تلك الأيام جرّب الشيطان المسيح ثلاث مرات مقتبسًا من الكتاب المقدس نفسه، غير أنّ المسيح بكّته وردّ عليه بثلاث آيات من سفر التثنية، وتعتبر التجربة خريستولوجيًا هامة للغاية، فبعد أن انتصر الشيطان على الإنسان في جنة عدن وأغوى آدم وحواء، انتصر الإنسان على الشيطان بالمسيح. أخيرًا، فإن تجربة المسيح، كانت في وقت حرج بالنسبة له، بعد أربعين يومًا من الصيام، ورغم ذلك، فقد تمكّن من الانتصار على الشيطان وتجربته.(39)
دعوة التلاميذ وإرسالهم
بعد تجربة الجبل، وخلال المرحلة اللاحقة، أخذ يسوع يشكّل نواة مقربة من التابعين ليكونوا حلقة مقربة منه وسندًا يعاونه في رسالته، وهم التلاميذ الاثني عشر، وضمن هذه الحلقة هناك حلقة أصغر مكونة من بطرس ويوحنا بن زبدي وأخاه يعقوب. وقد تمت أغلب الدعوات في الجليل، ودُعي بطرس وأندراوس بينما كان يلقيان الشبكة لصيد السمك في بحيرة طبرية، وكذلك يوحنا ويعقوب (متى 4: 18-22). وبشكل عام، فإن الخلفيّة الثقافيّة أو المراكز الاجتماعية للتلاميذ لم تكن مرموقة بشريًا، لعلّ أوفرهم ثقافة دنيويّة هو متى الذي دعاه يسوع من مكتب جباية الضرائب، وهي المهنة التي كانت ينظر إليها عوام اليهود بكونها خيانة وعمالة للرومان، ما استدعى اعتراضًا من الفريسيين فأجابهم المسيح بأن ليس الأصحاء محتاجين إلى طبيب بل المرضى كما يوضح في متى 9: 9-12.(40)وكذلك، فقد كان التلاميذ متنوعين في المشارب السياسية، إذ تسجل القائمة سمعان الغيور ويهوذا الإسخريوطي على أنهما من شيعة الغيورين التي كانت تنتهج الكفاح المسلح ضد الرومان، وترى المسيح قائدًا حربيًا قبل أن يكون مصلحًا دينيًا، ولعلّ ذلك هو السبب الأبرز الذي دفع يهوذا لخيانة معلمه. وتذكر الأناجيل، مجموعة أكبر كانت تتبعه، دون أن تحسب على التلاميذ، وكان من ضمن هذه المجموعة الأوسع نساء (لوقا 8: 2-3)، كما عيّن اثنين وسبعين آخرين وأرسلهم اثنين اثنين ليسبقوه إلى كل مدينة أو مكان كان على وشك الذهاب إليه؛ وقد منح المسيح التلاميذ سلطانًا لكي يشفوا الأمراض، ويطردوا الأرواح النجسة؛ ورغم مجاورتهم له، إلا أنه كان يرسلهم أيضًا مبشرين، وزودهم بمجموعة من النصائح (متى 10: 5-42)، فباتوا في أعقاب ذلك يدعون رسل المسيح، وطالبهم بعد قيامته، بنقل تعاليمه لجميع الناس.(41)
وبشكل عام، لم يكن التلاميذ دومًا فاهمين لقصد المسيح أو الغاية التي اجترح بها أحد أعماله أو أمثاله. فتسجل الأناجيل عددًا من المناسبات التي وبخ بها المسيح تلاميذه على شكّهم أو قلة إيمانهم أو ترددهم، رغم الآيات والعجائب التي شهدوها (مرقس 8: 33؛ مرقس 9: 32). غير أنه وبعد قيامته، يذكر سفر أعمال الرسل دورهم التبشيري والشجاعة التي تحلوا بها، وفهم الكتاب وجميع أعمال يسوع، حتى قتل لإيمانهم به أغلبهم. وسوى ذلك، فقد رفع تعليمهم وقبولهم على أنه منه هو شخصيًا كما في لوقا 10: 16.
ومجمل الأمر، أن الكنيسة قامت بجهودهم؛ وبينما يرى الأرثوذكس والبروتستانت، أن التلاميذ متساوين في السلطة أو أن بطرس متقدم عليهم شرفيًا، يرى الكاثوليك أن لبطرس سلطة فعلية «كرأس للرسل» لا شرفيًا فقط استنادًا إلى مواضع منها متى 16: 16.(42)
التشريع والمواعظ
المسيح يلقي عظة الجبل، بريشة كارل بلوش.
المسيح يعلّم الصلاة الربيّة، بريشة جيمس تيسوت، القرن التاسع عشر.
ركّز المسيح أيضًا في تعاليمه على يوم القيامة ووراثة الملكوت، مفهوم ملكوت السماوات يتخذ مكانة مركزية في تعاليم يسوع، ولا أدلّ على ذلك، أنه قد ورد نحو ثمانين مرة في الإنجيل، وتوجز الصلاة الربية التي علّمها المسيح، جوهر تعاليمه عن الملكوت. وفيما يخصّ التعليم الاجتماعي أيضًا، فقد أولى يسوع عناية خاصة في ذلك للفقراء وسائر أصناف المستضعفين، وإن كانت عظات الإزائية اجتماعية بالأحرى، فإنّ إنجيل يوحنا يُظهر بشكل متزايد الصيغة اللاهوتية - الماورائية لكلام المسيح، فالحديث مع نيقوديموس يركز على المعاني الروحية للعماد كولادة ثانية ، ومحبة الله للعالم هي التي أرسلت المسيح ؛ ويشرح أيضًا علاقته بالآب وشهادة الآب له ؛ وشبه تعليمه وكلامه بالطعام الحقيقي والحي وهو ما دعّم لاحقًا سر القربان ، وأيضًا يتكلم يسوع في عظاته، سيّما الأخيرة، عن محبته لخاصته الذين في العالم، وحبّه لهم إلى الغاية .(45)
الأمثال
لوحة تصوّر من مثل العذارى العشر، أحد أبرز أمثال المسيح.
إن مجموع الأمثال، وأغلبها إزائية، ثمانية وثلاثون مثلاً،تبوب في عشرة أبواب، فمنها عن الدينونة والمستقبل، وعن الخدمة والطاعة، وعن الصلاة ومحبة الله ورحمته، وعن محبة الإنسان لكل إنسان، والقيم الأخلاقية. وتشبك الأمثال أحيانًا، فإن عظة واحدة كما في متى 13 حيث ترد خمسة أمثال تختصّ مواضيع مختلفة، أو تأتي ردًا على سؤال وجّه للمسيح أو استكمالاً لما ورد في العهد القديم.(46)
المعجزات والخوارق
تهدئة العاصفة التي ضربت بحر الجليل، بريشة ريمبرانت.
المسيح يقيم لعازر من الموت، بريشة كارل بلوش.
وكان المسيح يأمر أيضًا بعضًا من الذين شفاهم بأن يقدموا القرابين التي أمر بها موسى فيما يخص اليهود، ولم تتوقف معجزاته على اليهود وحدهم بل شفى أيضًا «من الأمم»، مثل شفاء خادم قائد المئة، والأعاجيب التي قام بها في زيارته المدن العشر والسامرة وصيدا وصور. وتذكر الأناجيل ثلاث حوادث لإقامة الموتى: ابنة رئيس المجمع يائير، وابن أرملة نائين، ولعازر، صديق يسوع. وإلى جانب ذلك، كان يطرد الأرواح النجسة بكلمة منه، والشياطين، شافيًا من أصيب بقوى خبيثة؛ ومن الخوارق الأخرى التي سطرتها الأناجيل والتي تشير إلى علاقة المسيح مع الطبيعة، كتهدئة العاصفة التي ضربت بحيرة طبرية، ولعن أحدى أشجار التين فيبست، ومعرفة النوايا، واصطياد بطرس ومن معه سمكًا كثيرًا بعد أن أمرهم بإلقاء الشباك، والمشي على الماء، وتكثير الأرغفة والسمكتان. يذكر أن يسوع قد أعطى تلاميذه مثل هذه السلطة، ويذكر سفر الأعمال اجتراح التلاميذ باسم المسيح عددًا من المعجزات(49)
النبؤات
النبؤة حسب علم اللاهوت، هي أعجوبة عقليّة لا تقع تحت الحواس، وتقوم على معرفة المستقبلات الناشئة عن حرية الإنسان وكشف النقاب عنها قبل وقوعها، قدم المسيح عددًا كبيرًا من النبؤات التي تختصّ بالمرحلة اللاحقة لوجوده الأرضي، ولعلّ أشهر النبؤات تدمير الهيكل وخراب القدس والذي تمّ خلال عام 70؛ واشار إلى الاضطهادات على المسيحيين والتضييق الذي سيقع عليهم وهو ما تمّ حتى صدورم مرسوم ميلانو، ودعا للثبوت في وجه الاضطهاد والمحافظة على الإيمان حتى لو وصل الاضطهاد إلى العائلة، بل قال في يوحنا 16: 2 أنه سيأتي وقت يظنّ من يقتلكم «يؤدي لله خدمة».(50)وتنبأ عن موته وقيامته ثلاث مرات، وخيانة أحد تلاميذه، ووعد بإرسال الروح القدس المعزّي والمعين، ليقوي المؤمنين ويذكرهم، وقال أن ما يقوله كأنه صادر عن المسيح شخصيًا، وقدّم وصفًا مسهبًا ليوم القيامة، وما سيسبقه من ويلات، وظهور أنبياء ومعلمين وقادة دينيين كذبة يضلون الكثيرين وعلى رأسهم المسيح الدجال، إلى جانب تكاثر الحروب والمجاعات والكوارث وقيام أمّة على أمة، وسقوط الآلهة والقوات الأرضية قبل هزيمة الشيطان في المجيء الثاني، حيث لدى عودة المسيح ستشاهده «جميع الأمم وقبائل الأرض»،ودعا للسهر والترقب فلا أحد يعلم حين يحين الوقت. أخيرًا فإنّ سفر الرؤيا كما يصرح بذلك في 1:1-2 هو وحي من قبل المسيح.(51)
التجلي وعلاقته بالأنبياء
تجلي المسيح، وعن يمينه موسى ويساره إيليا. بريشة رافائيل.
أمر يسوع من شهد التجلي بالصمت حتى نهاية رسالته، وكذلك فقد منع التلاميذ أو من شفاهم، في مناسبات عددية من أن يذيعوا كونه المسيح. يعود ذلك بشكل أساسي، إلى أن النبوات المسيانيّة، التي تحفل بها الكتب المقدسة، قد قدمت حلقتين عن «المخلص المنتظر» أو «النبي الآتي»، الأول هي العبد المتألم، والثانية هي الملك المظفر. طبقًا للتعاليم المسيحية، فإنّ الملك المظفر يأتي في آخر الزمان، ليحوّل العالم الفاسد إلى عالم مفتوح على الأبدية لا يدخل فيه الشر أو الشيطان أو الموت، وهو ما سيتم في المجيء الثاني؛ أما المجيء الأول فقد ركّز على صورة العبد المتألم، وما كان للأولى أن تتم لولا الثانية. كلا الصورتين، في كلا الأحوال، تنطبقان في شخص المسيح، الذي دأبت كتابات العهد الجديد على إظهاره بوصفه متمم النبؤات، لكونها، إلى جانب الخوارق والمعجزات، الدليل الأبرز على أصله العلوي، وإنمامًا لذلك، فقد أعلن المسيح أنه يندرج في خط من سبقه، فهو ما جاء ليلغي بل ليُكمل، وأكثر من الاستشهادات بسير السابقين والاقتباس من الكتب المقدسة،ودعا اتباعه للتمثل بهم.(53)
علاقته بالسلطة الدينية
المسيح يقلب موائد الصيارفة وباعة حمام الذبيحة في الهيكل المقدس، بريشة كارل بلوش.
شكّل الصدوقيون أغلبية المجلس الأعلى وعرفوا بكونهم الأقلية الثرية والمثقفة والمحتكرة لتجارة الهيكل، والتي اكتفت بأسفار موسى الخمسة فقط ما دفعها لرفض مفاهيم مثل القيامة والملائكة، ونظرًا لثرائهم فقد تحالفوا مع الرومان. أما الفريسيين، وهم أقلية في المجلس الأعلى، فعلى العكس من ذلك، كانوا ذوي شعبية واسعة لمقارعتهم الرومان، غير أنهم اشتهروا بتعصبهم، والقول بالتبرير الذاتي، والتعلق بالمظاهر الخارجية كإطالة أهداب الثياب، واحتقار سائر فئات الشعب لاسيّما الوضيعة،فكان أحد ميادين خلافاتهم معه اهتمامه بالطبقات الدنيا من الشعب، والتي كان ينظر إليها على أنها غير مشمولة برحمة الله. ويمكن أن يضاف سبب خلاف آخر، فسلطة يسوع التعليمية ومعارفه لم تأت من الدراسة الطويل على يد الفقهاء المعترف بهم، بل إن هذا التعليم كان من الله مباشرة: "تعليمي ليس من عندي بل من عند الذي أرسلني" كما قال لهم في يوحنا 7: 16، وأسلوبه المختلف والأكثر بساطة جعل شعبيته تطغى على شعبيتهم، فطبقًا لمرقس 1: 22: "ذهل الحاضرون من تعليمه لأنه كان يعلمهم كصاحب سلطان وليس كالكتبة".
وبشكل عام فإنّ كلا الفريقين، كان محط نقد يسوع وتعنيفه، وكان على صدام دائم معهم فيما يخصّ قضايا استنبطها الكتبة - وهم متحالفين مع الفريسيين، كانت مهمتم الأساسية نسخ التوراة - من الشريعة، كالتدواي في يوم السبت (لوقا 5: 6-11). وقد بدأ الصدام مع السلطة الدينية التقليدية باكرًا،فقالوا أن شيطانًا يسكنه (متى 9: 34)، وتآمروا على قلته منذ بداية نشاطه العلني (متى 12: 38-39). وفي المقابل، جاء رهط منهم إلى يسوع طالبًا آية فوصفهم بالجيل الشرير والخائن (متى 12: 38-39) وأنهم يخالفون وصايا الله من أجل المحافظة على تقاليدهم الشكلية والقشرية (متى 15: 1-8؛ 23: 5-7) وحذر منهم (متى 16: 6)، وقصدهم في بعض أمثاله التي ضربها (متى 21: 45-46) ولعلّ أقسى ما سجلته الأناجيل من توبيخ المسيح لهم ما في متى 23، حيث هددهم بنار جهنم ووصفهم بالمرائين، ووصف النصّ بأنه أعنف ما واجه به المسيح القادة الدينيين؛كما قلب موائد الصيارفة وموائد باعة حمام الذبيحة كما في مرقس 11: 15-19، ووصف الصدوقيين الذين ينكرون القيامة بأنهم في ضلال عظيم.
على أن بعضًا منهم، آمن بالمسيح كنيقوديمس ويوسف الرامي،وبعضهم آمن سرًا لكنه لم يجهر الإيمان خوفًا من الطرد من المجمع حسب يوحنا 12: 34-44 أما القسم الثالث، لا سيّما أعضاء المجلس الأعلى، تآمروا على قتله خلال عيد الفصح، لانشغال الشعب من جهة ولتواجد الحاكم الروماني في القدس من جهة ثانية.(54)
الموت والقيامة والصعود
دخول القدس
استقبال المسيح على أبواب القدس، بريشة فليكس لويس.
حسب يوحنا 11: 45-57، فإنه وقبيل دخول يسوع إلى القدس، كان المجلس الأعلى قد تباحث بأمره وأقرّ الأعضاء بأنه "إذا تركناه وشأنه، يؤمن به الجميع، فيأتي الرومان ويدمرون هيكلنا المقدس، وأمتنا"، ولذلك قال قيافا: "ألا تفهمون أنه من الأفضل أن يموت رجل واحد فدى الأمّة، بدل أن تهلك الأمة كلها". وبهذا الشكل، فإن قرار الموت على يسوع، كان قد صدر قبل محاكمته حتى، وهو ما يجعل محاكمته حتى، غير شرعيّة وفق أحكام الشريعة اليهودية.(55)
تعاليم يسوع عن يوم القيامة، ولعن إحدى أشجار التين، والإنباء بخراب الهيكل، ومدح داود، وفلسا الأرملة، وسكب العطر على رأسه وقدميه، تصنّف ضمن أحداث الأسبوع الأخير. يوم الأربعاء حسب التقليد، كان يهوذا الإسخريوطي، قد بدأ التفاوض مع المجلس الأعلى حول تسليم المسيح، وقبض ثمن ذلك مبلغ ثلاثين قطعة من الفضة سجلت في متى 26: 14-16، وهو العمل الذي تمّ بوحي من الشيطان، وأتفق أن يكون بعيدًا عن الجموع في لوقا 22: 2-6.
العشاء الأخير
صورة تظهر العشاء الأخير، حين قدّم المسيح الخبز على أنه جسده.
بعد العشاء، غادر يسوع ومعه التلاميذ إلى خارج المدينة نحو جبل الزيتون، حيث كان يمضي أغلب وقته، وفي الجثمانية، أخذ معه بطرس وابنا زبدي، ثم انفرد بنفسه لكي يصلي، وأعلن عن حزنه وقد ظهر له ملاك من السماء يشدده؛وعندما فرغ من صلاته، عاد إلى التلاميذ، فوجدهم نيام، وبعد برهة قصيرة، حضر يهوذا الإسخريوطي برفقة حرس الهيكل وجند رومان وعدد من الشيوخ، وكانت العلاقة المتفق عليها بين يهوذا والجند، أن من يقبله يكون هو المطلوب اعتقاله، وإذا قبّله، حاول بطرس الدفاع عنه وقطع أذن عبد رئيس الكهنة ملخس، فأعادها يسوع بمعجزة، وفي حين هرب القسم الأكبر من التلاميذ، سيق يسوع إلى مقر رئيس الكهنة. (56)
المحاكمة
المسيح أمام قيافا، في جلسة المجلس الأعلى لليهود، بريشة جوزيه دي مادرازو، القرن التاسع عشر.
لوحة«هذا هو الرجل» وهي العبارة التي نطق بها حسب الإنجيل بيلاطس البنطي أمام الحشد، بعد أن جلد يسوع. بريشة أنطونيرو كيسري،القرن التاسع عشر.
أراد بيلاطس تبرئة يسوع، إذ علم أنهم سلّموه عن حسد، وبناءً على ترجي زوجته، وإذ علم أنه من الجليل أحاله إلى هيرودس أنتبياس، والي الجليل المتواجد في القدس للاحتفال بالعيد، غير أن هيرودس لم يبد به رأيًا؛كما أن يسوع خلال أي مرحلة من مراحل المحاكمة لم يدافع عن نفسه، وكان قليل الكلام. وبعد أن أعاد هيرودس يسوع إلى بيلاطس، جلده ثم عرضه على الجمهور، ثم خيّر بين إطلاقه أو إطلاق باراباس، اللص والقاتل،كما هي العادة في العيد، "ولكن رؤساء الكهنة، حرضوا الجموع أن يطالبوا بالأحرى، بإطلاق سراح باراباس" حسب تصريح مرقس 15: 11. وبعد أن غسل يديه أمامهم، ملعنًا برائته من دمه، سلّمه ليصلب.(57)
الصلب والموت والدفن
صلب المسيح، وأسفل الصليب مريم العذراء ويوحنا بن زبدي.
وإذ كان ذلك، حلّ الظلام على الأرض كلّها، وانشق ستار الهيكل شطرين الفاصل بين قسم العامة، وقدس الأقداس، دلالة على انتفاء الحاجة على وسيط مع الله وفق علم اللاهوت، وتزلزلت الأرض، وطعن جنبه بحربة، فسال منه دم وماء، ولم تكسر عظامه، إذ كان بيلاطس قد طلب أن تكسر عظام المصلوبين لتسريع موتهم، فلا تبق جثثهم على الصليب في سبت الفصح، وآمن به قائد المئة، بينما "الجموع الذين احتشدوا ليراقبوا مشهد الصلب، لما رؤوا ما حدث، رجعوا قارعين الصدور" في لوقا 23: 28.
في أعقاب الموت، طلب يوسف الرامي، أحد أعضاء المجلس الأعلى وتلميذ سرّي للمسيح، بأخذ الجثمان، فسمح له بيلاطس بذلك بعد أن تعجب بأنه ما سريعًا. أخذ يوسف الرامي ومعه نيقوديموس الجثمان إلى جانب يوحنا بن زبدي ومن شهد الصلب من النسوة، وقاما تكفينه ووضع الطيوب على جسده، ثم نقله إلى بستان قريب مك مكان الصلب، فيه قبر جديد لم يكن قد دفن به أحد بعد.(58)
القيامة والصعود
لوحة قيامة يسوع المسيح من الموت، بريشة نويل كويبل 1700.
حسب العقائد المسيحية، فإن جسد المسيح المقام هو ذو الطبيعة نفسها التي ستحملها أجساد البشر في القيامة في اليوم الأخير، فمع كونه "مادي" إلا أنه غير قابل للفساد، أو مقيد بحدود الزمان والمكان، وبذلك "لا سلطان للموت عليه". تمت القيامة فجر يوم الأحد، وكانت مريم المجدلية أولى المبشرات، والكفن بقي مجمعًا سالمًا ملفوفًا في مكانه؛ في حين دحرج الحجر عن باب القبر. خلال الأربعين يومًا التالية ظهر المسيح لتلاميذه وجماعات أخرى من المؤمنين اثني عشر مرة، قبل أن يصعد إلى السماء حيث هو «حي»، وينتظر المسيحيون «عودته» (59)
لوحة مارونية تظهر المسيح جالسًا تحيط به ملائكة، بينما يقف إلى بقربه مار مارون ومار بطرس والملاكان جبرائيل وميخائيل؛ وفي القسم السفلي تظهر العذراء مع حشد من المؤمنين؛ وفي الزاوية اليسرى العليا يظهر النبي موسى، وفي مقابلتها النبي أشعياء.
يعتقد المسيحيون أن المسيح هو الموعود به منذ آدم في العهد القديم مرورًا بإبراهيم واسحق ويعقوب وموسى وداود وسواهم من الأنبياء،هذا الموعود قد نال منذ داود لقب مسيح الرب، وتنبأت الأسفار المقدسة إن أعماله وكفاحاته ومعجزاته، وبشكل عام فإنّ النبؤات المسيانيّة كانت على الدوام أحد أبرز مواضيع الدراسات والعقائد اليهودية - المسيحية، وبهذا المعنى كان انتظار اليهود للماشيح محوريًا في الديانة وهو ما حققه يسوع إذ أتمّ النبؤات والوعود السابقة،وافتتح العهد الجديد، بعد سلسلة من العهود السابقة، وقدّم العماد والافخارستيا على أنهما رموز العهد الجديد، كما كان الختان رمز العهد الإبراهيمي وحفظ السبت رمز العهد الموسوي، والهيكل رمز العهد الداودي، غير أن هذا العهد الجديد غير ملغ لما قبله بل مكمّل ومطوّر ومتمم له.(60)
يؤمن المسيحيون أن المسيح حاضر في العالم، حضور سري وروحي لكنه حقيقي، وذلك عن طريق مجموع المؤمنين به أي الكنيسة الجامعة التي تدعى "جسد المسيح السري"،وأيضًا عن طريق سر القربان التي يحتفل به ضمن القداس الإلهي حيث يعتقد أغلب المسيحيين بوجود المسيح السرّي أيضًا فيه "تحت أعراض الخبز".
إن لقب المسيح في جذوره اليهودية - المسيحية، إنما يشير إلى ثلاث صفات في المختار، هي النبي والملك والكاهن، وإن كان النبي قد ظهرت أجلى أطوراه في المجيء الأول، والملك في المجيء الثاني، فإن الكاهن هي صفة ما بين المجيئين، وتشير بالمعنى الكتاب لاسيّما الرسالة إلى العبرانيين إلى الشفاعة الخاصة بالمسيح وهي كمال الشفاعات، بل الشفاعة الوحيدة ذات البعد الكفاري؛ على أن كلا الصفتين الأخرىتين يترافقان، والإشارة هنا إلى الصفة الأجلى. هناك مفهومان آخران يرتبطان في الفكرين الديني اليهودي والمسيحي عن المسيح، وهو ابن الله وابن الإنسان، أما ابن الإنسان، فقد وردت عنه النبؤة في سفر دانيال، بوصفه ملك قادم في آخر الأزمنة لتجتمع تحت رايته كافة الشعوب والقبائل في الأرض، ويجري حكمًا وقضاءً وعدلاً في الأرض، فهو يرتبط إذن باللقب الثاني في المسيح أي الملك؛وكذلك حال ابن الله، فإن الفكر الديني اليهودي كان يعتبر المسيح حين يأتي يتمتع بلقب ابن الله إشارة أو استعارة لقربه منه.
وأيضًا فإن المسيحيون يؤمنون، بأن المسيح هو رأس البشرية، وبكرها، وفيه قد هدمت الحواجز بين الشعوب،وأن الأمم قد أعطيت له ميراثًا، وأن الجنة المقبلة، أورشليم الثانية، سيكون رئيسها وفي وسطها. وأنّ الله به قد كشف عن ذاته وأعلن سرّ إرادته، وأعتق الجنس البشري من العبودية، وباتوا يدعون أبناء الله، وتستفيض أسفار العهد الجديد في وصف كينونة أبناء الله وإخوة المسيح. وأخيرًا، يعتقد المسيحيون أيضًا أن المسيح هو الإنسان الكامل،ومن يتبعه يغدو أكثر كمالاً، وأن الإنجيل الذي قدمه يسوع للعالم يشكل "شريعة العهد الجديد" وهو أساس التعاليم المسيحية إلى جانب مصادر أخرى تستخدم للتفسير ومنها ما يعرف باسم القانون الطبيقي، فالمسيح هو "المعلم" وتعاليمه هي الأصل والأساس الذي يجب أن يُبنى عليه حياة كل إنسان مؤمن بالمسيح.(61)
الرؤية الأولى لوحة لجوزيف سميث، رسم على زجاج ملون: يسوع يظهر لمؤسس طائفة المورمون في العالم الجديد.
يسوع في الديانات والمذاهب الأخرى
في اليهودية
أما عن يسوع الناصري الذي ادعى أنه المسيّا، وقُتل بأمر المحكمة، كان النبي دانيال قد سبق وتنبأ عنه: "وأطفال ثوار شعبك سيرفعون أنفسهم لمرتبة النبوة فيتعثرون"، فهل يمكن أن توجد صخرة عثرة أكبر من هذه؟ كل الأنبياء أجمعوا على أن المسيّا سوف يخلص إسرائيل وينقذه وبأنه سيجمع المشتتين ويقيم الوصايا، بينما سبب الناصري ضياع إسرائيل بحد السيف وتفرق من تبقى منهم في كل مكان، كما أنه غيّر التوراة وتسبب بحصول خطأ فظيع."
كذلك فإن اليهودية الإصلاحية تعلن بشكل صارم بأن كل يهودي يصرح بان يسوع هو المسيح المخلص فهو ليس بيهودي بعد، فبحسب التقليد اليهودي فأن السماء لم ترسل أنبياء بعد عام 420 ق.م، فيكون بذلك النبي ملاخي هو آخر الأنبياء في اليهودية وهو سابق للمسيح بأربعة قرون. لم يمنع ذلك، مدح بعض الشخصيات اليهودية يسوع والكتابة عنه بشكل إيجابي، منهم الفيلسوف التشكيكي باروخ سبينوزا الذي اعتبره لا نبيًا فحسب بل "صوت الله".(62)
في الإسلام
عيسى ينزل مائدة من السماء (سورة المائدة 111-115 وإنجيل يوحنا 6)، رسم تركي عثماني من القرون الوسطى، وقد تم وضع قماش أبيض على وجه عيسى احترامًا له، حيث أن تصوير الأنبياء ممنوع في الإسلام.
من الصعب العثور على جذر عربي واضح لاسم عيسى، ويرى عدد من الباحثين أنه تعريب لاسم إيسوس اليوناني ، أو إيسَ نظرًا لكون لازمة "وس" تلحق بجميع أسماء الأعلام في اللغة اليونانية،ويرى العدد الآخر من الباحثين أن اللفظ هو اللفظ الذي كان سائدًا في شمال شبه الجزيرة العربية وهي ظاهرة متكررة مع سائر أسماء الأنبياء، فالقرآن يقول يحيى لا يوحنّا وإلياس لا إيليا وإدريس لا أخنوخ.
في الواقع، فإن نقاط الائتلاف بين الرواية المسيحية والرواية الإسلامية لحياته وطبيعته تفوق نقاط الاختلاف، رغم كون نقاط الاختلاف جوهرية عند وقوعها. فكيفية الحبل به وبشارة مريم ومكانتها هي واحدة في الروايتين،وذكر القرآن لكونها قد ولدته تحت جذع نخلة لا يناقض الإنجيل الذي لا يذكر به لحظة الولادة، ما يؤدي أقله لكون الرواية القرآنية لا تنفي الرواية الإنجيلة أو تخالفها. أما حديث عيسى في المهد وظهور براءة مريم كما تذكر في القرآن فتغيب عن الأناجيل الرسمية لكنها تظهر في الأناجيل المنحولة خصوصًا "أناجيل الطفولة" ومن هذه الأحداث نفخ عيسى في طيور مصنوعة من طين فتحولت إلى طيور حقيقية، وهي مذكورة في إنجيل توما وسورة آل عمران. ومن المعلوم، أن الكنيسة وإن رفضت هذه الأناجيل غير أن بضعًا من أحداثها قد أثبته آباء الكنيسة وأدرج في إطار التقاليد الكنسية اللاحقة.
أما عن أعماله اللاحقة فتتفق الروايتان حول إقامة الموتى وإبراء البرص والعميان وإنزال مائدة من السماء والتي وجدها البعض تقابل تكثير الخبز في الأناجيل الأربعة وتحليل بعض ما حرمت الشريعة اليهودية،(63)وملخص القول، أنه على الرغم من عدم تفصيل القرآن لأي معجزة من معجزاته إلا أنه يتفق مع ما جاء في الإنجيل من حيث العناوين العريضة لهذه المعجزات دون خلاف
أيضًا فإن فراس السواح يعرض في كتابه «الإنجيل برواية القرآن» قائمة من خمسين قولاً منسوبة في الإنجيل ليسوع وترد في القرآن بالسياق والمعنى نفسه دون أن تكون منسوبة لشخصه، ما يدلّ - حسب رأي السواح - إلى تشابه في الجوهر المشترك لتعاليم يسوع وتعاليم القرآن؛ على سبيل المثال يقول يسوع في إنجيل لوقا: "تأملوا الطيور، إنها لا تزرع ولا تحصد... والله يقيتها. كم أنتم بالحري أفضل من طيور كثيرة." [لوقا 12/24] ويقابلها في القرآن: ( وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لَا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ) (64) كما أن تفاصيل يوم القيامة وما سيسبقه من زلزلة ونفخ في الصور وظهور الدجال هي متطابقة في تعليم يسوع وتعليم سفر رؤيا يوحنا والرواية الإسلامية للأحداث، مع بعض الاختلافات في التفاصيل، وتفسير الكنيسة لبعض هذه الأحداث بالمعنى المجازي في حين تمسك الإسلام بحرفيتها.
عظة الجبل المذكورة في إنجيل متى. رسم فارسي من القرون الوسطى.
مئذنة عيسى المسيح في المسجد الأموي بدمشق، حيث يؤمن المسلمون أن المسيح سيهبط إلى الأرض في هذا الموقع في آخر الزمان ليقاتل المسيح الدجّال.
أما النطاق الثاني للخلاف، فهو موضوع ألوهة يسوع أو كونه الابن، حيث تظهره العقائد الإسلامية بمظهر النبي والرسول إنما تحت إمرة الله؛ ومن الملاحظ أن المسيحية لا تنفي كون يسوع نبيًا أو رسولاً فبوصفه "المسيح" فقد جمع ثلاث صفات هي النبي والكاهن والملك. أما نقد كونه ذو طبيعة إلهية أو ابن الله فهناك العديد من الآيات التي تفيد ذلك: ( مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ )(69)وفي موضع آخر: ( لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُواْ اللّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللّهُ عَلَيهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ )(70)
يعتقد المسلمون أن المسيح رسول الله من أولي العزم من الرسل. ويجلّون ذكراه ويسلّمون عليه وعلى كل الأنبياء، ويتسمون باسمه عيسى وباسم أمّه مريم كما يعتقدون بأن المسيح سيأتي لينصر المسلمين والمؤمنين بالله، آخر الزمان، فيملأ الأرض عدلاً وقسطًا. كما يؤمن المسلمون أن المسيح قد تنبأ بقدوم محمد ليكون آخر الأنبياء وخاتمهم، لما جاء في القرآن: ( وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ)(71) ويقول علماء الشريعة الإسلامية أن "أحمد" المذكور هو نفسه محمد لعدّة أسباب منها أن هذه البشارة بهذا الاسم نزلت في لغة غير عربية، واللغات لا تتطابق فيها الأسماء تمام المطابقة، فقد يقرأ الاسم الواحد بأكثر من لفظ لضرورة الترجمة، مثل "إبراهيم"، فهو يُقرأ "إبراهام" ويقرأ "إبراهوم" في قراءات القرآن الكريم، ولم يقل أحد أن الاسم الأول غير الاسم الثاني، ولكن جرى التسامح في رسمها ونطقها لاختلاف اللغة.(72)
في البوذية
لوحة المسيح وبوذا، بريشة الفرنسي بول رونسون عام 1880.
وجهة نظر الهندوسية
للهندوس اعتقادات مختلفة عن يسوع، فالبعض يعتقد بأنه كان رجلا عاديًا، والكثيرين منهم ينظرون إلى يسوع على أنه "جورو" – أي المعلم الهندوسي الذي قطع شوطا طويلا في بلوغ الحكمة، أو بأنه "يوجي" – أي خبير بممارسة اليوغا، ولكنه لم يكن إلها، والعديدين من أتباع تقليد "يوغا سرات شبدا"، أي اتحاد الروح مع الكائن الأسمى" مثل سوامي فيفيكانادا، أحد كبار القادة الروحيين لفلسفة الفيدانتا والذي عاش في القرن التاسع عشر، يعتبرون يسوع بأنه منبع للاستقامة وبأنه خلاصة الكمال.أما بالنسبة لباراماهانسا يوجاناندا الذي لعب دورًا رئيسيًا في جلب فلسفة اليوغا إلى الغرب وكان يعتقد بأن يسوع كان إعادة لتجسد النبي اليسع وبأنه كان تلميذًا ليوحنا المعمدان الذي كان بدوره إعادة لتجسد النبي إيليا، حيث النبي اليسع كان تلميذًا للنبي إيليا، وكلاهما من أنبياء العهد القديم.
وقد اعتبر المهاتما غاندي يسوع كأحد معلميه الرئيسيين وبأنه ملهمه في فلسفة المقاومة السلمية أو فلسفة اللاعنف، ومن أقواله الشهيرة عن يسوع قوله للإنكليز: أحب مسيحكم، ولكني لا أحب مسيحييكم فهم بعيدون جدًا عن أن يكونوا كالمسيح.
وجهات نظر متنوعة
موعظ في ساحة تايمز سكوير بمدينة نيويورك يحمل لافتة تدعو إلى التوبة والمحبة اقتداءً بحياة يسوع.تعتبر الديانة البهائية يسوع المسيح ومحمد بن عبد الله وجواتاما بوذا وآخرين بأنهم جميعًا أنبياء لله، وبينما يوجد هناك وجهات نظر بهائية تتفق مع تلك المسيحية عن يسوع فإن المسيحيين يرفضونها تمامًا. تنظر الديانة المندائية إلى يسوع على أنه نبي مخادع أو المسيح الكاذب أنتجته خرافات إله اليهود في كتاب العهد القديم، وبأنه كان خصمًا للنبي الصالح يوحنا المعمدان، ومع هذا فإنهم يؤمنون بأن يوحنا قد عمَّد يسوع. أما حركة العصر الجديد آراء وتصورات عديدة عن شخصية يسوع المسيح، فالبعض منهم يعتبره المعلم العظيم أو السيد العلِّي على غرار بوذا، الذي علم الناس بأن المسيحانية هي شيء يمكن لأي إنسان بلوغه.
وفي نفس الوقت العديد من مبادئ حركة العصر الجديد كالتقمص تتعارض وتتضارب مع تعاليم المسيحية التقليدية، وهناك بعض جماعات هذه الحركة تعتقد بأن يسوع درس الحكمة في جبال الهملايا أو في مصر خلال سنوات حياته الضائعة، أي خلال فترة تقريبية ما بين طفولته وبداية عمله التبشيري عندما بلغ الثلاثين والتي لم يتحدث عنها الكتاب المقدس.
هناك العديد من علماء الأخلاق ممن شددوا على القيم الأخلاقية التي نادى بها يسوع، مثل جاري ويلس الذي بين أن هناك تمايز بين أخلاقيات يسوع والأخلاقيات المعتادة للمسيحية، وقد صور يسوع على أنه الواعظ المتجول، الذي علّم عن السلام والمحبة وحقوق المرأة والأطفال، وخاصم القادة الدينيين والمرائين والأغنياء، وقد أيَّد وأكَّد على هذه المبادئ الأخلاقية الكثير من المدافعين عن حقوق الإنسان والملحدين واللاأدريين.
المصادر :
1- التفسير التطبيقي للعهد الجديد، لجنة من اللاهوتيين، دار تايدل للنشر، بريطانيا العظمى، طبعة ثانية 1996، ص.8
2- التفسير التطبيقي للعهد الجديد، ، ص.207
3- عيد ميلاد السيد المسيح، سلطانة الحبل بلا دنس، 26 ديسمبر 2011.
4- التفسير التطبيقي للعهد الجديد، ، ص.209
5- مولود غير مخلوق - محاضرات تبسيط الإيمان، الأنبا تكلا، 26 ديسمبر 2011.
6- إنجيل بشارة يعقوب، (باللغة الإنكليزية)، المقطع 13 و14 و15.
7- مدخل إلى العهد الجديد، ، ص.24
8- لوقا 16/2
9- لوقا 19/2
10- تاريخ ميلاد المسيح، نؤمن، 9 ديسمبر 2012.
11- حساب ميلاد المسيح استنادًا إلى التأريخ القبطي، الكنيسة القبطية الكاثوليكية، 9 ديسمبر 2012.
12- البشرى، مجموعة من المؤلفين، المركز الكاثوليكي للتعليم المسيحي، الطبعة الأولى، أنطلياس 2005، 69.
13- يسوع المسيح، شخصيته وتعاليمه، الأب بولس إلياس، ص.51/رسالة كورنثس الثانية 5: 21؛ الرسالة إلى العبرانيين 4: 15؛ رسالة بطرس الأولى 2: 22؛ رسالة يوحنا الأولى 3: 5./ البشرى، ، ص.90
14- رب المجد، عبد الفادي القاهراني، دار النفير، بيروت 1990، ص.106
15- الحرية المسيحية والتحرر، بندكت السادس عشر، مجمع العقيدة والإيمان، جل الديب 1986، فقرة.82
16- هدية التكفير المجانية، الإيقاظ، 19 يوليو 2012./معجم المجمع الفاتيكاني المسكوني الثاني، عبدو خليفة، ص.36/الحرية المسيحية والتحرر ، فقرة.43/ يسوع كما في متى، فكتور حداد، ص.39 /التعليم المسيحي - الجزء الثاني، إغناطيوس زيادة، .
17- الإنسان والكون والتطور بين العلم والدين، هنري بولاد، دار المشرق، الطبعة الرابعة، بيروت 2008، ص.313
18- الإنجيل براوية القرآن، فراس السواح، ص.218/ التصور الإسلامي للمسيح، صيد الفوائد، 19 يوليو 2012.
19- يسوع المسيح، شخصيته وتعاليمه، ص.95/ معنى اسم يسوع المسيح، الموسوعة الكاثوليكية، 29 كانون الأول 2010.
20- قصة الحضارة - ويل ديورانت، الكتاب الخامس، الباب السادس والعشرون، الفصل الأول، ص.3901-3902
21- فلافيوس يوسيفوس المؤرخ، الأب بولس فغالي، 21 نوفمبر 2012./ يوسيفوس، الموسوعة العربية المسيحية، 21 نوفمبر
22- قصة الحضارة - ويل ديورانت، الكتاب الخامس، الباب السادس والعشرون، الفصل الأول، ص.3902/ طرد المسيحيين من روما، الأنبا تكلا، 21 نوفمبر 2012./ الرسالة التي غيرت العالم، الكلمة، 21 نوفمبر 2012.
23- الأدلة التاريخية المبكرة لوجود يسوع المسيح، نؤمن، 21 نوفمبر 2012./ قصة الحضارة - ويل ديورانت، الكتاب الخامس، الباب السادس والعشرون، الفصل الأول، ص.3903/ الفاتيكان وروما المسيحية، محمد فاضل، دار طلاس،ص.98.
24- يسوع المسيح، شخصيته وتعاليمه، ص.14/ التفسير التطبيقي للعهد الجديد، ص.117
25- يسوع كما في متى، ص.19/ يسوع المسيح، شخصيته وتعاليمه، ص.18/ مدخل إلى العهد الجديد، ص.47
26- لمن كتب لوقا إنجيله، البشارة، 21 نوفمبر 2012./ يسوع المسيح، شخصيته وتعاليمه، ص.28/مدخل إلى العهد الجديد، ص.349 ، ص.307 ، ص.357.
27- الإنسان والكون والتطور بين العلم والدين،ص.144/ إطلالة الألف الثالث، فقرة.6/معجم المجمع الفاتيكاني الثاني، ص.43/يسوع كما في متى، ص.51
28- مدخل إلى العهد الجديد، ص.38/ يسوع كما في متى، ص.17
29- لوقا 1:2؛ الرسالة إلى العبرانيين 2: 3؛ رسالة بطرس الثانية 1: 16؛ رسالة يوحنا الأولى 1: 1-4/ مدخل إلى العهد الجديد، ص.22/معجم المجمع الفاتيكاني الثاني، ص.77
30- يسوع المسيح، شخصيته وتعاليمه، ص.25/ مدخل إلى العهد الجديد، ص.40/ يسوع كما في متى، ص.22
31- يسوع كما في متى، ص.26/يسوع كما في متى، ص.10
32- رب المجد، ص.42،177،201/ التعليم المسيحي، ص.112/ مدخل إلى العهد الجديد، ص.26./ الإنجيل برواية القرآن، ص.171/ سلسلتي نسب المسيح في العهد الجديد، الأنبا تكلا، 5 نوفمبر 2012./ يسوع كما في متى، ص.18
33- التعليم المسيحي، ص. 28./ ميلاد المسيح، معجزة الأيام والأزمنة، اليوم السابع، 5 نوفمبر 2012./ البشرى، ص.77،39/ يوسف، أنموذج العبور نحو الولادة، القديسة تريزا، 5 نوفمبر 2012.
34- الإنجيل برواية القرآن، ص.40/ عيد دخول المسيح إلى الهيكل، سلطانة الحبل بلا دنس، 5 نوفمبر 2012.
35- الهروب إلى مصر، الكتاب المقدس، 5 نوفمبر 2012./ الله يسير مع شعبه، ص.129/ رب المجد، ص.77
36- لوقا 2: ،41،40./ الله يسير مع شعبه، ص.131/ التفسير التطبيقي للعهد الجديد، ص.265./ التعليم المسيحي، ص.29/ من هم أخوة يسوع، إرسالية مار نرساي، 5 نوفمبر 2012./ أناجيل الطفولة، الموسوعة العربية المسيحية، 10 نوفمبر 2012.
37- التعليم المسيحي، ص.55/ما هو سر العماد؟، البشارة المارونية، 6 نوفمبر 2012./ العماد اليهودي والعماد المسيحي، بولس فغالي، 6 نوفمبر 2012./ البشرى، ص.31/الأسينيون، المصيري، 6 نوفمبر 2012.
38- يسوع ويوحنا المعمدان، بولس فغالي، 6 نوفمبر 2012./ لماذا اعتمد المسيح، السراج الأرثوذكسي، 6 نوفمبر 2012./ معمودية يسوع، الكلمة، 6 نوفمبر 2012.
39- الإنجيل برواية القرآن، ص.140/ الصوم في المسيحية، الأجوبة، 6 نوفمبر 2012./ إبليس يجرب المسيح، الكلمة، 6 نوفمبر 2012./ التجارب الثلاث للمسيح، دير الأنبا مقاريوس الكبير، 6 نوفمبر 2012./ التفسير التطبيقي للعهد الجديد، ص.19/ رب المجد، ص.104/ التعليم المسيحي، ص.87/ البشرى، ص.63/ يسوع المسيح، شخصيته وتعاليمه، ص.49
40- الله يسير مع شعبه، ص128ص.136/الرسل الاثني عشر، المنارة الأرثوذكسية، 10 نوفمبر 2012./ رسل يسوع المسيح الاثني عشر، صفحات مريم، 10 نوفمبر 2012./ يوحنا الرسول، لينجا، 10 نوفمبر 2012./ البشرى، ص.67/ دعوة متى، كلمة الحياة، 10 نوفمبر 2012./ دعوة لاوي، الأب بولس فغالي، 10 نوفمبر 2012.
41- غيور، الموسوعة العربية المسيحية، 10 نوفمبر 2012./ مخطوطات وادي قمران: اليهود والرومان، كنيسة الإسكندرية الكاثوليكية، 10 نوفمبر 2012./ لماذا خان يهوذا المسيح؟، الأجوبة، 10 نوفمبر 2012.
42- الإنجيل برواية القرآن، ، ص.136/ توبيخ المسيح للتلاميذ، الأنبا تكلا، 10 نوفمبر 2012./ يسوع كما في متى، ، ص.9/ يسوع المسيح، شخصيته وتعاليمه، ، ص.184.
43- يسوع المسيح، شخصيته وتعاليمه، ، ص.22/ الحرية المسيحية والتحرر ، فقرة.62/ التطويبات، بولس فغالي، 7 نوفمبر 2012./ من شريعة الغاب إلى عظة الجبل، بولس فغالي، 7 نوفمبر 2012.
44- الحرية المسيحية والتحرر، ، ص.54/ البشرى، ، ص.84
45- يسوع المسيح، شخصيته وتعاليمه، ، ص.92/ الله يسير مع شعبه، ، ص.142./ رب المجد، ، ص.135/ الحرية المسيحية والتحرر، ص.21/ الإنجيل برواية القرآن، ، ص.183/ البشرى ، ص.5
46- يسوع المسيح، شخصيته وتعاليمه، ، ص.45/ الله يسير مع شعبه، ص143ص.150./ الإنسان والكون والتطور بين العلم والدين، ص.207/ التفسير التطبيقي للعهد الجديد، ص.399/ أمثال يسوع، الكلام، 7 نوفمبر 2012.
47- هل العلم يؤيد معجزات الدين؟، ولروحك، 9 نوفمبر 2012./ معجزات المسيح الشفائية، كلمة الحياة، 9 نوفمبر 2012./ موثوقية معجزات يسوع، الحقيقة للجميع، 9 نوفمبر 2012./ يسوع المسيح، شخصيته وتعاليمه، ، ص.91/ يسوع كما في متى، ص.68/ عرس قانا الجليل، يسوعيون، 9 نوفمبر 2012.
48- يسوع المسيح، شخصيته وتعاليمه، ، ص.60/ الإنجيل برواية القرآن، ، ص.16/ التعليم المسيحي، ، ص.32./ التفسير التطبيقي للعهد الجديد، ص.44/ الله يسير مع شعبه، ص.156
49- اليهودية أم المسيحية، طريق الإنجيل، 9 نوفمبر 2012./ الإنجيل برواية القرآن، ص.105/معطي الحياة، الأنبا تكلا، 9 نوفمبر 2012./ المسيح يشفي لجئون، كلمة الحياة، 9 نوفمبر 2012./ أحد شفاء المخلع، القبيات، 9 نوفمبر 2012.
50- يسوع المسيح، شخصيته وتعاليمه، ، ص.62/ دمار الهيكل وخراب أورشليم، الأنبا تكلا، 9 نوفمبر 2012./ ما هو تاريخ الكنيسة، الأجوبة، 9 نوفمبر 2012.
51- غرض المسيح من إرسال الروح القدس، الحياة والإيمان، 9 نوفمبر 2012./ البارقليط من هو؟، البابا كيرلس السادس، 9 نوفمبر 2012./ احترزوا من الأنبياء الكذبة، كلمة الحياة، 9 نوفمبر 2012.
52- مدخل إلى العقيدة المسيحية، الكلمة، 18 نوفمبر 2012./ عيد التجلي، كنيسة القديس جاورجيوس للروم الأرثوذكس، 18 نوفمبر 2012./ تجلي يسوع، موقع كنيسة القديسة تريزا، 18 نوفمبر 2012.
53- التفسير التطبيقي للعهد الجديد، ، ص.159/ الإنجيل برواية القرآن، ص.146/ حول الاستشهادات انظر على سبيل المثال: يوحنا 8: 37-38؛ يوحنا 5: 45-47؛ لوقا 24: 44؛ لوقا 24: 17./ انظر مثلاً، متى
54- الإنجيل برواية القرآن، ، ص.134/ الإنجيل برواية القرآن، ص.154/ الله يسير مع شعبه، ، ص.123/ يسوع المسيح، شخصيته وتعاليمه، ، ص.48/ التعليم المسيحي، ، ص.118/ الإنجيل بروايةالقرآن، ، ص.135/.
55- التفسير التطبيقي للعهد الجديد، ، ص.354./ يسوع المسيح، شخصيته وتعاليمه، ، ص.70
56- الله يسير مع شعبه، ، ص.163/ العشاء الأخير، الأنبا تكلا، 20 نوفمبر 2012./ سر القربان الأقدس، سر الإيمان، الموسوعة العربية المسيحية، 20 نوفمبر 2012./
57- يسوع المسيح، شخصيته وتعاليمه، ، ص.172/ التفسير التطبيقي للعهد الجديد، ، ص.105/ الله يسير مع شعبه، ص.169./ محاكمة المسيح أمام بيلاطس، المراعي الخضراء، 21 نوفمبر 2012.
58- رب المجد، ، ص.166/ كلمات يسوع على الصليب، إرسالية مار نرساي، 6 نوفمبر 2012./ كلمات يسوع على الصليب، بطرس وبولس، 6 نوفمبر 2012./ دفن المسيح، الأنبا تكلا، 6 نوفمبر 2012.
59- رب المجد، ، ص.414/ التعليم المسيحي للشبيبة الكاثوليكية - بالعربية، مجموعة من الأساقفة بموافقة البابا بندكت السادس عشر، مكتب الشبيبة البطريركي، بكركي 2012، ص.68/.
60- الرسالة إلى فيلبي 3: 21./ بدعة شهود يهوه ومشايعهم، اسكندر جديد، نداء الرجاء، حمص، ص.129/ رب المجد،ص82ص.95/ يسوع المسيح، شخصيته وتعاليمه، ، ص.179.
61- يسوع المسيح، شخصيته وتعاليمه، ، ص.176/ يسوع المسيح، شخصيته وتعاليمه، ص.113/ رب المجد، ، ص.171/ يسوع كما في متى، ص.87/ مدخل إلى العهد الجديد، ، ص.1083/ الإنجيل برواية القرآن، ، ص.179192
62- يسوع المسيح، شخصيته وتعاليمه، ، ص.120، ص.124.
63- الإنجيل برواية القرآن، فراس السواح، دار علاء الدين للنشر، دمشق 2011، ص.91 انظر بعضًا من أماكن ورود هذه الألقاب: مريم 30 والنساء 171 ومريم 34 ومريم 21 والزخرف 59 وآل عمران 45./ الإنجيل برواية القرآن، ، ص.91، ص.92، ص.95، ص.96، ص.104
64- سورة العنكبوت، 60
65- الإنجيل برواية القرآن، ، ص.106/ سورة النساء، الآية: 157-158.
66- الإنجيل برواية القرآن، ، ص.131/ سورة مريم، 33
67- آل عمران، 55
68- النساء 157؛ .
69- المؤمنون 91
70- سورة المائدة، 72
71- سورة الصف، يلا ثقافة، بشارات قدوم النبي محمد في كتب أهل الكتاب
72- موقع علماء الشريعة، فتاوى عامة، سؤال في قوله تعالى..يأتي من بعدي اسمه أحمد
/ج