
كان شّاباً يلاحق فتاة، ويبثّها كلمات الحبّ والهيام، وهي تبعده عنها، لعلمها أنّه مخادع، وجلّ ما يريده هو إشباع شهواته ليس إلّا. وفي يوم من الأيّام وعندما كان يعلن عن حبّه لها، أخبرته أنّ شقيقتها أجمل منها، وهي تقف خلفه، فنظر الشّاب وراءه فلم يجد أحداً، فقالت له الفتاة: هل رأيت؟ أنت لا تحبّني، لأنّك لو كنت تحبّني لما اشتغل قلبك عنّي ولو للحظة لكي ترى شقيقتي، وتركته..
يجب على الفتاة القيام بواجباتها الشرعيّة عندما تصير مكلّفة من الناحية الشرعيّة، ويتحقّق التكليف إذا تحقّقت ثلاثة شروط:
الأوّل: البلوغ، ويتحقّق عند الفتاة بإكمالها تسع سنوات قمريّة.
الثاني: العقل، فلا تكليف على المجنونة. والعقل يعني القدرة على الإدراك والتمييز.
الثالث: القدرة، فلا يجب الإتيان بالتكاليف التي تعجز الفتاة عن الإتيان بها.
س - ألا يعتبر تكليف الفتاة في هذا السن، أمراً يفوق قدرتها على القيام بواجباتها العباديّة؟
ج- إنّ الشريعة الإسلاميّة سمحاء، والتكاليف فيها تنسجم مع قدرة الفتاة عند سنّ البلوغ.نعم قد تعجز الفتاة أحياناً عن القيام ببعض واجباتها كالصوم مثلاً فيسقط وجوب الصوم في شهر رمضان، وتقضيه قبل شهر رمضان التالي، فإن عجزت عن القضاء أيضاً يسقط وجوب الصوم عنها، وتكتفي بدفع الفدية فقط، والفدية هي إطعام مسكين واحد عن كلّ يوم ثلاثة أرباع الكيلو، ولا يجب قضاؤه في السنوات الآتية حتّى لو تجدّدت لها القدرة.
أختي العزيزة: إنّ الله تعالى لم يكلّفك بشيء إلّا وهو مقدور عليه، فالصلاة والصيام والخمس والحجّ، والصدق والأمانة، وترك الغيبة والنميمة والسرقة، وغير ذلك هي مقدورة عادة لكلّ مكلّف، ومع عروض العجز فلا تكليف، وقد قال الله تعالى: ﴿لاَ يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا...﴾(1)
س - لماذا يتحقّق البلوغ عند الفتاة قبل الشاب؟ وهل من علاقة لذلك بالتكليف؟
ج- خلق الله سبحانه وتعالى الذّكر والأنثى، وأودع في كلّ منهما خصائص وميزات في التكوين الجسديّ والنفسيّ، يكمّل كلّ منهما الآخر، ولم يجعلهما متشابهين، لأنّ التشابه يتنافى مع كمال المجتمع، ومرحلة البلوغ عند الفتاة تسبق مرحلة البلوغ عند الفتى، وهذا لخصوصيّةٍ عند الفتاة غير موجودة عند الفتى، وعندما تصل إلى سنّ البلوغ تتشرّف بالتكليف، فيجب عليها القيام بوظائفها الشرعيّة. وهذا لا يؤدّي إلى نقيصة فيها، بل البلوغ تشريف لها وتكريم.أختي العزيزة: لا تربطي تكليفك بتكليف أحد. فكّري كيف تحقّقين كمالك وسعادتك، كما وانتبهي إلى أنّك ستُحشرين وحدك لتحاسَبي وحدك، فأخلصي عملك لله تعالى، واعملي لخلاص نفسك، والله تعالى يقول في سورة الزلزلة: ﴿يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتاً لِّيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ...﴾.
س - قد يتصوّر بعضهم أنّ تكليف الفتاة في هذا العمر يمثّل ظلماً لها، وربّما يجدونه نقيصة، هل لكم أن تبيّنوا لنا الصورة الحقيقيّة لهذا التكليف؟
ج- خلق الله تعالى الإنسان، وهيّأ له التشريعات التي تؤدّي إلى كماله وسعادته. وتشتمل هذه التشريعات على واجبات ومحرّمات. وكلّ واجب فيه مصلحة للمكلّف، وكلّ حرام فيه مفسدة. وعندما يصير الإنسان بالغاً عاقلاً قادراً يصير مكلّفاً بهذه التشريعات، ويبدأ سيره نحو الكمال. والتكليف بهذا المعنى هو تشريف للمكلّف، وليس حملاً ثقيلاً.
أختي العزيزة: إعلمي أنّ الله تبارك وتعالى لم يوجب شيئاً عليكِ إلّا وفيه مصلحة لك، ولم يحرّم عليك شيئاً إلّا وفيه مفسدة، فإذا فعلت الواجبات وتركت المحرّمات تكونين قد حقّقت لنفسك المصالح، وأبعدتِ عنها المفاسد، وهذا خير وكرامة، وليس ظلماً ونقيصة. فالتكليف تشريف لك وتكريم، ووصولك إلى البلوغ قبل الفتى يعني أنّك دخلت في عالم التشريف قبله.
س- لماذا أودع الله تعالى الغرائز فينا؟ ولماذا يتكامل بعض هذه الغرائز في سنّ البلوغ؟
ج- خلق الله تعالى الإنسان من روح وجسد، وأودع فيه مجموعة من الغرائز، فبعضها يحرّك الإنسان ليأكل ويشرب ويتنفّس وغيرها، وبهذه الأمور يتمّ الحفاظ على الجسد، وبعضها ينمو في مرحلة البلوغ، والهدف منه استمرار النوع الإنسانيّ، وبدون هذه الغرائز لن يحصل الزواج، وبدون الزواج لن تكون ولادات ولا استمرار للبشر، وهكذا ينقطع النسل البشريّ، فوجود هذه الغرائز ضرورة لاستمرار البشر.أختي العزيزة: عليك أن تتّبعي طريق الحقّ، وتتصرّفي مغ غرائزك ضمن الحدود التي رسمتها الشريعة الإسلاميّة، ولا تتّبعي الهوى والشيطان، فإنّ اتّباع الهوى والشيطان يفسد الفتاة كما ويساهم في إفساد المجتمع، ويوم القيامة تكون العاقبة شديدة.
س- لا أعرف ما هي وظائفي الشرعيّة في مرحلة البلوغ، وأستحيي من أن أسأل عن ذلك، فما هو تكليفي؟
ج- يجب على كلّ مكلّف أن يتعلّم الواجبات لينفّذها، وأن يتعلّم المحرّمات ليتركها ويجتنبها. وهناك وسائل عديدة يمكن للمكلّفة من خلالها أن تتعرّف إلى التكاليف الشرعيّة، منها: سؤال الأم، والمتخصّصات في شؤون التربية الدينيّة في المدارس، والهيئات النسائيّة، والكشّافة. ويمكن سؤال عالم الدين ولو عبر الهاتف، وغير ذلك.وعلى الجميع أن يُدرك أنّ بعض الأمور الشرعيّة ينبغي للإنسان المؤمن أن يسأل عن تكليفه ووظيفته تجاهها، حتّى ولو كان السؤال يعرّضنا للخجل والحياء لأنّ معرفة الأحكام الشرعيّة أهمّ من كلّ شيء في حياتنا.
العلاقات بين الجنسين- العشق- التواصل
س - هل يعتبر إظهار العشق معصية؟
ج- العشق هو تعلّق القلب بشخص ما أو بشيء ما، وهو درجة عالية من الحبّ، وقد يرتقي هذا العشق إذا كان مصحوباً بالعفاف والطهارة إلى درجة يصير معها أمراً في غاية القدسيّة، سواء أكان المعشوق هو الله تعالى، أو المخلوق، كأن تعشق المرأة زوجها، وترتقي في عشقها له إلى درجة عالية، وهذا ممّا يدعو إليه الشرع، وفيه سعادة المرأة في الدنيا والآخرة. أمّا إذا خرج العشق من دائرة العفاف والطهارة وتحكّمت به الغريزة الحيوانيّة فيدخل في مصيدة الشيطان وحبائله.وإذا أرادت الفتاة الزواج من شاب فلا مشكلة في حبّها له إذا كان ضمن الضوابط الشرعيّة، وراعت المسائل التالية: ترك النظر واللمس والكلام بطريقة غرائزيّة محرّمة، مع مراعاة الستر الشرعيّ. وعليها أن تكون محتشمة في علاقاتها معه. إذ إنّه ما دام لم يُجرَ عقد الزواج فهو لا زال كغيره ممّن يجب مراعاة الضوابط الشرعيّة معه.
س- تعرّفت إلى شابّ أصغر منّي بثلاث سنين، ويريدني أن أكون حبيبة له لمدّة معينة، لكنّني أشعر بالذنب، من فضلكم أرشدوني.
ج- الحبّ الحقيقيّ هو رباط مقدّس- إذا كان في محلّه- لا مجال معه لأن يميل قلب الحبيب عن حبيبه. أمّا الحبّ الذي تتحدّث عنه الفتاة فإنما هو شهوة وغريزة، يريد الشاب من خلاله أن يشبع غرائزه مع الفتاة ثمّ يتركها.
زعموا أنّ شّاباً كان يلاحق فتاة، ويبثّها كلمات الحبّ والهيام، وهي تبعده عنها، لعلمها أنّه مخادع، وجلّ ما يريده هو إشباع شهواته ليس إلّا. وفي يوم من الأيّام وعندما كان يعلن عن حبّه لها، أخبرته أنّ شقيقتها أجمل منها، وهي تقف خلفه، فنظر الشّاب وراءه فلم يجد أحداً، فقالت له الفتاة: هل رأيت؟ أنت لا تحبّني، لأنّك لو كنت تحبّني لما اشتغل قلبك عنّي ولو للحظة لكي ترى شقيقتي، وتركته.
لذلك نقول للأخت الكريمة إنّ ما تسأل عنه ليس حبّاً، بل هو شهوة بكلام جميل، فاحذري منه، وإذا كان فعلاً يحبّك فلتكن محبّته عبارة عن الإحترام والتقدير وليس لإشباع الغرائز.
س- ما هو حكم التواصل عبر الإنترنت مع الجنس الآخر؟
ج- الإنترنت هو من وسائل الاتّصال الهامّة في عالم اليوم إذا أحسنت الإستفادة منه، والتواصل من خلاله ليس محرّماً، ولذا يجوز التواصل عبر الإنترنت مع الجنس الآخر، إذا كان ضمن الضوابط الشرعيّة، أي إذا بقي الحديث في دائرة الالتزام والاتّزان والاحتشام. أمّا إذا خرج من هذه الدائرة إلى الكلام الماجن والخلاعيّ، أو أصبح مثيراً للشّهوة أو اللذّة فإنّه يحرم، ويُنهى عن استخدامه في هذا المجال.س- كيف يمكننا أن نحول دون إيجاد علاقات غير مشروعة بين الجنسين في المجتمع؟
ج- طرح الإسلام جملة من الحلول للحؤول دون حصول هذه المشكلة، منها:
الأوّل: الزواج المبكر، فإنّه يحقّق للشابّين الإشباع الجنسيّ بمقدار يساعد على تجنّب إقامة علاقات غير مشروعة.الثاني: التحلّي بمكارم الأخلاق، كعامل يساعد على تجنّب الاختلاط الذي يؤدّي إلى إثارة الغرائز، والامتناع عن مشاهدة البرامج المصوّرة التي تثير الشهوات، ورعاية العفّة والاحتشام.
الثالث: الالتزام بالمثل الأعلى وهو الله- تبارك وتعالى-، من خلال الاقتداء بالنبيّ محمّد صلى الله عليه وآله وسلم وآله عليهم السلام وإطاعتهم، والتشبّه بهم، والتحلّي بصفاتهم التي كلّها حسنة.
الرابع: إشغال النفس بأشياء أخرى مفيدة وتجنّب الفراغ.
الخامس: التفكير الدائم بالموت وما بعده، وبيوم الحساب وما بعده.
س- إذا تجاوزت العلاقة بين الشّابّ والفتاة الحدود، وأصبحت تشكّل خطراً عليهما، ما السبيل إلى قطع هذه العلاقة؟
ج- لعلّ الصراحة هي الأسلوب الأنجح في إنهاء هذه العلاقة، ويكون ذلك بذكر المخاطر المترتّبة عليها، فإن تمّت الاستجابة لذلك، وحلّت المسألة بشكل موثوق فيه، كان به، وإلّا فيجب التعامل معها بحكمة لحلّها، ومسألة الورع عن محارم الله لا تحتمل التأخير.س- كلمة "عشق" لم ترد في القرآن الكريم، فهل يعني هذا أنّ القرآن لا يولي أهمّيّة للعشق؟
ج- العشق هو شدّة التعلّق والميل إلى شيء آخر، وهو قد يكون ممدوحاً فيما إذا تعلّق بمورد صحيح كعشق الله عزّ وجلّ وأهل البيت عليهم السلام أو الزوج الصالح أو الزوجة الصالحة، وقد يكون مذموماً إذا تعلّق بمورد غير جائز شرعاً كعشق رجل أجنبيّ أو امرأة أجنبيّة، قال الله تعالى: ﴿زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاء وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللهُ عِندَهُ حُسْنُ الْمَآبِ﴾ (2)، فحبّ الشهوات من متاع الحياة الدنيا، وهو زائل، وليس ممّا يوصل إلى سعادة الحياة الآخرة.
وإذا كان هناك من وصف لحال الحبّ والوله الذي وصلت معه العلاقة إلى مرتبة عالية من الذوبان في المحبوب الممزوج بالشهوة، فهو الشغف، وهذا حال امرأة العزيز مع النبيّ يوسف عليه السلام، التي أحبّت يوسف إلى درجة أنّها لم تعد تهتمّ إلاّ به، وحاولت اقتراف الزنى معه، قال تعالى: ﴿امْرَأَةُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَن نَّفْسِهِ قَدْ شَغَفَهَا حُبًّا﴾ (3)
س- كيف تتمكّن الفتاة من أن تعرف رأي شخص تحتمل أنّه يحبّها؟
ج- إنّ الحبّ الحقيقي بما أنّه أمر قلبيّ فهو لا يمكن معرفته إلّا من خلال الآثار الناتجة عنه، وذلك من خلال شدّة الاهتمام بالمحبوب، والمعاملة الحسنة معه، والاحترام والتقدير له، ونحو ذلك من الافعال والتصرّفات الكاشفة عنه.إذا كان فعلاً يحبّها لا بدّ له من أن يقدم على خطوة يبيّن لها فيها ميله تجاهها، وهذا أمر طبيعيّ ومتعارف عليه، أمّا إذا لم يظهر ميوله نحوها، فعليها أن لا تتسرّع وتربط أفكارها به.
أمّا إذا كانت الفتاة مصرّة على معرفة ميوله نحوها، فننصحها بأنْ تطلب المساعدة من أحد الأشخاص الموثوقين، يطمئنّ له ذلك الشخص، مع التشديد على أن يخفي الشخص المساعد هدفه من الفحص والسؤال، وأن لا يُظهر رغبة الفتاة بمعرفة رأي الشخص حتّى لا تَظهر الفتاة بمظهر يُستشعر منه أنّها تعمل على استدراج ذلك الشاب مع ما يعني ذلك من مهانة لها.
س- إذا اطمأنّ شخص بأنّه لا يقع في المعصية، فهل يجب عليه الحدّ من ارتباطه بالجنس المخالف؟
ج- إذا اطمأن الشخص بأنّه لا يقع في المعصية، فهذا لا يعني الانفتاح في العلاقات مع الجنس الآخر بل ينبغي الاقتصار على موارد الحاجة التي لا بد منها، إذ إنّ الإنسان لا يضمن عواقب الأمور، وهو على الأقلّ لا يضمن مشاعر الطرف الآخر.وقد رسم الله- سبحانه وتعالى- الطريق المشروع في إقامة علاقات بين الجنسين، وأكّد على تجنّب حالات التواصل التي قد يُستشعر منها ولو بنسبة ضئيلة الوقوع في المحذور. نعم لو كانت الفتاة مطمئنّة إلى وضعها في تواصلها مع الجنس الآخر، فيجوز لها التواصل مع الجنس الآخر بشرط التزام الضوابط الشرعيّة. أمّا إذا شعرت الفتاة بأنّ هذا التواصل سيؤدّي بها إلى المعصية فإنّ عليها الاجتناب وقطع علاقتها به دون تردّد.
س- كنت أشعر بنقص عاطفيّ من أسرتي تجاهي، فأقمت علاقة عاطفيّّة بشاب، والآن أحاول أن أتخلّص من هذه المعضلة، أرجوكم أرشدوني إلى كيفيّة الخلاص منها.
ج- إنّ النقص العاطفيّ لا يعوّض من طريق علاقة عابرة وغير شرعيّة بشاب، وهي كمن يستجير من الرمضاء بالنار، فإذا ما انتكست هذه العلاقة فإنّها تكون بمنزلة مصيبة تحلّ على الفتاة، وإذا ما تصاعدت هذه العلاقة فإنّها لا شكّ ستجرّ عليها الوبال أيضاً، وهي في كلّ الأحوال معصية.
ولذا فإنّنا ننصح هذه الفتاة بقطع هذه العلاقة فوراً ودون تأخير. وريثما تتوصّل إلى حلّ لمشكلتها، ننصحها بالتواصل مع صديقة وفيّة، أو أن تشارك في بعض الأنشطة الاجتماعيّة أو الرياضيّة أو الثقافيّة، أي في المجال الذي تسمح به قدراتها وإمكاناتها، أو ما توفّر لها ممّا تسمح به هذه الإمكانات، ولا تنسَي الدعاء والصدقة.
س- ألا يجوز للشاب والفتاة أن يكونا ودودَين أحدهما تجاه الآخر؟ وهل الحبّ جريمة؟
ج- يجب أن نميّز بين نوعين من العلاقة:
أ- علاقة تنتج الحبّ، فإذا كان بهدف الزواج، فهذا أمر مشروع نشجّعه وندعو إليه، بشرط أن تكون العلاقة ضمن الضوابط الشرعيّة.ب- علاقة تثير الغرائز والشهوات وتؤدّي إلى الوقوع في الحرام وحبائل الشيطان، وهذا ما ندعو إلى الابتعاد عنه.
ولذلك ينبغي على الفتاة والشاب أن يتعرّفا إلى مفهوم الحبّ الحقيقيّ، لقيام علاقة سليمة بينهما، وهو الحبّ المبنيّ على العفاف والطهارة والاحترام.
س- هل من مشكل في أن تنشأ بين الشّاب والفتاة علاقة صداقة، يستطيعان من خلالها مساعدة بعضهما بعضاً في الدراسة- مثلاً-؟ ولماذا يُنظر إلى أيّ علاقة تعاون بينهما سلباً؟
ج- الصّداقة بمفهومها الحقيقيّ تقوم على الاحترام والأمانة والثقة والتعاون والمساعدة للصّديق، ونصحه وإرشاده، وبغير ذلك لا تكون العلاقة بين شخصين صداقة.
وقد مدح الإسلام الصّداقة القائمة على الاحترام والودّ المتبادل، كما في سائر الأديان والمعتقدات، ودعا إلى إنشاء صداقة مع أشخاص جدد، فضلاً عن الحفاظ على الأصدقاء القدامى.
ولذلك نجد أنّ الإسلام في شريعته السمحاء يميّز بين العلاقة القائمة على الشهوة والغريزة، وتلك القائمة على الوفاء والإخلاص، فإذا كانت العلاقة بين الشاب والفتاة هي تلك العلاقة التي يسعى الشاب من خلالها إلى إشباع شهواته وغرائزه الجنسيّة فهذه ليست صداقة، وإنّما هي رفقة سوء، أقام من خلالها علاقة أشبع بها غرائزه، وترك الفتاة لمصيرها، بعد أن عبث بشرفها وعزّتها وكرامتها.
ولذلك يجب أن تُحكَم العلاقة بين الشّاب الأجنبيّ والفتاة بضوابط شرعيّة من عدم اللمس والنظر المحرّمين، ومن عدم الكلام والأفعال المثيرة للشّهوة والغرائز، ومن عدم المخافة في الوقوع في الفتنة والمفسدة ولو في المستقبل. وهذه الضّوابط يصعب تحقيقها في الكثير من العلاقات، فكيف إذا ارتقت العلاقة إلى مرتبة الصّداقة بينهما؟ فإنّ الصّداقة حالة تزداد فيها الروابط بينهما على نحو لا تخلو فيه من حرام من هنا وحرام من هناك. ولو حصلت هكذا صداقة فستفقد الفتاة صفة الصلاح والعفّة وتصير معرّضة للأذى من الفسّاق.
وعليه نقول إنّه لا مانع من التعاون فيما بين الفتاة والشّاب، ولكن في ضمن جوّ من الاحتشام، حيث لا يكون اللقاء في خلوة أو في مكان بعيد عن أعين النّاس، حيث لا يكون الشّيطان ثالثهما، وحيث إغراءات الشيطان أكبر من أن تقاومها فتاة لم تحصّن نفسها بالتقوى، ولا عاشت تجربة تجعلها تعي مصلحتها في الدّنيا والآخرة.
س- شاب في مرحلة المراهقة، أقام علاقة حبّ بفتاة، على أن تنتهي بالزّواج، ما رأيكم بهذه العلاقة؟
ج- عند قيام أيّ علاقة حبّ بين الجنسين، فإنّه ينبغي للشّابّ والفتاة الحذر في هذه العلاقة حتّى ولو كان الهدف منها الوصول إلى الزواج، باعتبار أنّ الشخص في هذه المرحلة تنقصه التجربة والوعي والخبرة في الحياة، وليس محصّناً بالتقوى. أمّا لو حصلت هذه العلاقة بهدف الزواج في أجواء طبيعيّة وهادئة وضمن الضّوابط الشّرعيّة مع الاستفادة من تجارب الآخرين فلا مانع منها، ولكن إذا أخلّت الفتاة أو الشاب بهذه الضّوابط وانصرفت إلى الملامسة المحرّمة أو النّظر المحرّم أو الكلام المثير وما إلى ذلك فإنّها لا شكّ تُدخل نفسها في المعصيّة...كما ينبغي لنا الالتفات إلى أنّه على الفتاة والشاب أن يكونا حذرين في إقامة العلاقة مع الجنس الآخرحتّى لو كانت هذه العلاقة وفق الضوابط الشرعيّة، وذلك لقلّة تجاربها، وعدم كفاية التحصّن بالتقوى في هذه المرحلة، وإلّا فخوف الوقوع في الأخطاء وفي المحرّمات كبير. س- هل يجوز للفتاة أن تعجب بالشّاب وتصف جمال وجهه، وعينيه؟
ج- يجوز النظر إلى وجه الشاب إذا لم يكن فيه إثارة شهوة أو تحريك غريزة. وأمّا إذا كان النظر يثير الشهوة أو يحرّك الغريزة فلا يجوز.
أمّا الإعجاب فإنّه إن كان ناشئاً عن إثارة شهوة أو تلذّذ فلا يجوز، وإن لم يكن ناشئاً عن ذلك فيجوز إذا لم يترتّب عليه مفاسد أخرى (كازدراء الفتاة).س- هل يجوز للفتاة أن تذهب إلى الملاهي مع شاب لتشرب العصير- فقط-، وذلك لتتسلّى قليلاً؟
ج- إنّ وجود الفتاة مع شاب في هكذا أمكنة لا يخلو- غالباً- من مفاسد كإثارة الشهوة أو هتك حرمة الفتاة، فإذا حصل ذلك كان حراماً. وننصح الأخت بأنْ تتسلّى بأمور لا توصلها إلى المعصية. وإذا كان لا بدّ من لقاء شابّ فلتسعَ بغير هذه الطريقة إلى إقامة علاقة سليمة تنتج زواجاً شرعياً.س- هل يجوز للفتاة أن تذهب مع الشاب "خطيفة" لأنّ أهلها رفضوا تزويجها منه؟
ج- قبل أن تفكّر الأخت باللجوء إلى "الخطيفة" عليها أن تدرس موضوع العلاقة بهذا الشاب بحكمة ورويّة، فلا تتسرّع لأنّ الإقدام على هذه الخطوة قد ينجم عنه مشاكل أو يعقّد العلاقات، فإمّا أن تقنع أهلها بزواجها أو أن يقنعوها. فإذا كان النقاش مع الأهل غير ممكن فلتطلب المساعدة ممّن تحتمل أنّه يؤثّر فيهم لإيجاد جوّ من الحوار الهادىء والنقاش البنّاء.
ولذلك فإنّ الإقدام على هذه الخطوة فيه من المخاطر ما قد لا يمكنّك من أن تتحمّلي عواقبه، لذلك ننصحك بتجنّب القيام بها، لأنّ كثيرات ممّن ذهبن "خطيفة" ندمن في مستقبل أيامهنّ، لأنّ الفتاة عندما تختلف مع "خاطفه" تكون في موقع ضعيف، وقد يصل بها الحال إلى أن لا تجد ملاذاً لها عند أهلها أو من يحميها، لذلك نقول للأخت العزيزة حاولي أن تكوني عاقلة وحكيمة، ولا تحكّمي الشهوة العابرة على عقلك وحكمتك، حتّى لا تفقدي سعادتك في الدنيا والآخرة.
كما نلفت انتباه الأخت الكريمة إلى أنّ موضوع "الخطيفة" له مترتّباته في مجتمعاتنا، بحيث يؤدّي إلى نزاعات وصراعات بين النّاس، وربّما يوصل إلى حال من التقاتل، وهي في كلّ الأحوال- أي "الخطيفة"- تؤدّي إلى علاقات متوتّرة، فإذا أرادت الأخت أن تصل إلى السعادة فأين هي هذه السعادة؟ لا سيّما أنّ أهلها قد يشعرون بالانكسار والمهانة، ما قد يدفعهم إلى ما يسمّى ب-"غسل العار"، وما ينتج عن ذلك من أعمال انتقاميّة وارتكاب للجريمة.
وأمّا من الناحية الشرعيّة ففي المسألة صورتان:
الأولى: إذا لم تكن الفتاة راشدة (إنْ لم تكن تميّز بين الحسن والقبح، وكان إدراكها العقليّ غير مكتمل) فلا يجوز لها العقد بدون إذن وليّها.الثانية: إذا كانت راشدة وكانت بكراً فالأحوط وجوباً الاستئذان من وليّ أمرها بالإضافة إلى إذنها.
س- هل يجوز للفتاة أن تتخيّل بعض الرجال الذين يعجبونها، كأن يقبّلها أحدهم أو يقترب منها...؟ علماً بأنّ هذا يحدث في الخيال فقط.
ج- إذا كان التخيّل يؤدّي إلى اللذّة والشهوة فيُحرم، لأنّ كلّ ما يحرّك الشّهوة بين غير الزوجين فهو حرام، حتّى لو كان هذا التخيّل من خلال قراءة الكتب، ونحو ذلك.
وهذا التخيّل له مفاسد خطيرة، فإنّه كالشرب من ماء البحر، فكلّما شرب الظمآن منه ازداد عطشاً، وكذلك هذه التخيّلات، فكلما تخيّلت الفتاة صورة شهوانيّة ازدادت رغبتها بذلك، وانشغل فكرها بالمزيد، لأنّ الشيطان يستغلّ هذه الفتاة ليبعدها عن ربّها. لذلك نقول للأخت الكريمة أشغلي فكرك بصورة مفيدة، وابتعدي عن كلّ ما يثير الشهوة عندك.س- فتاة عندما تتحدّث مع شاب أو تشاهد فيلماً تلفزيونيّاً عن الحبّ تشعر بأنّ هناك شيئاً ما فيزيولوجياً يحدث في داخلها، وهي تشعر برغبة شديدة بمشاهدة هكذا أفلام. هذه الفتاة بكر غير متزوّجة، ما هي نصيحتكم لها؟
ج- إنّ ما يحدث مع هذه الفتاة هو إثارة الشّهوة والّلذة، وهو من النظر المحرّم سواء أكانت الفتاة متزوّجة أم عزباء، وسواء أكانت ثيّباً أم بكراً. وهي مأثومة.
ولذلك ننصحك أختي العزيزة بإشغال وقتك بأمور أخرى. ولا يجوز لك فعل ما يوجب إثارة اللذّة والشهوة، واصبري حتّى يوفّقك الله تعالى للزواج الشرعيّ. وتأمّلي في هذا الكون، وما فيه من عجائب وغرائب، تدلّ على عظمة الخالق، كما تأمّلي في محطّات الحياة الإنسانيّة منذ بدايات مرحلة تكوّن الإنسان، وما يمرّ بها من مراحل، وصولاً إلى مرحلة الموت، وليكن التوقّف مليّاً عند هذه اللحظة وما بعدها في هكذا أوقات، لتساعدي نفسك على الابتعاد عن حبائل الشيطان.س- لماذا لا يجوز للرجل أن يصافح المرأة الأجنبيّة؟
ج- إذا كانت المصافحة بدون ساتر، بأن كانت بملامسة بشرة الرجل لبشرة الفتاة، فهي حرام ومعصية. وأمّا إذا كانت من وراء الساتر (كما لو كان كلاهما أو أحدهما يرتدي قفّازات، مثلاً) فتجوز المصافحة إذا لم يكن فيها شهوة ولا غمز (شدّ)، وإذا كان فيها شهوة أو غمز فلا تجوز.وهذا التحريم يثبت للرجل وللفتاة احتراماً خاصّاً، فلكلٍّ منهما حرمة واحترام،من حيث هو إنسان ولا يجوز لكلّ منهما فعل ما يُوجب إثارة الشهوة فإنّ الله- تعالى- يقول: ﴿وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلاً﴾ (4)، ولا شكّ أنّ المصافحة من مقدّمات هذه الفاحشة.
المصادر :
1- البقرة: 286
2- آل عمران:14
3- يوسف: 30
4- الإسراء:23
/ج