الإیمان و التقوی
إنّ الله قد حثّ فی کثیر من آیاته علی أصالة التقوی الفردیة والاجتماعیة ، وما أکثر الروایات فی ذلک ، فکلّ واحد من المجتمع علیه أن یراعی التقوی وصیانة النفس من الذنوب والمعاصی ، إلاّ أنّ هذه الخصلة الربّانیة لا بدّ وأن تتجلّی فی رجل الدین والطبیب أکثر من غیرهما.فالطبیب من خلال علمه وتشریحه للإنسان ، یعتقد فی قلبه بالمبدأ والمعاد ، فیؤمن بالله سبحانه ، بأنّ الإنسان وما فیه من العجائب والغرائب من تعدّد القوی واختلاف النفوس ، لا بدّ أن یکون له من مدبّر حیّ قیّوم عالم قدیر ، فمن المستحیل أن یکون مثل هذا النظام الدقیق فی وجود الإنسان العظیم ، الذی ربما یزعم أ نّه جرم صغیر ولکن انطوی فیه العالم الأکبر ، ففیه ما فی الکون وزیادة ، وهی روحه التی من النفخة الإلهیة:
قال الله تعالی : (یَسْألونَکَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أمْرِ رَبِّی وَما اُوتیتُمْ مِنَ العِلْمِ إلاّ قَلیلا)(1)
(ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فیهِ مِنْ روحِهِ)(2)
فروحه ممّا وراء المادّة ـ میتافیزیقیة ـ ومن عالم الغیب والأمر ، فمن المستحیل أن یکون مثل هذا النظام من خلق الصدفة ـ کما یدلّ علیه برهان حساب الاحتمالات ـ .
فالطبیب المؤمن بالله یلزمه التقوی والعمل الصالح ، فیکون من مصادیق الخطابات الإلهیة فی کتابه الکریم:
(الَّذینَ آمَنوا وَعَمِلوا الصَّالِحاتِ)(3)
وعن أمیر المؤمنین علی (علیه السلام) : “ من تطبّب فلیتّقِ الله ولیصحّ ولیجتهد”(4)
فیلزم الطبیب صیانة النفس کما قال محمد بن زکریا الرازی : “ فأوّل ما یجب علیک : صیانة النفس عن الاشتغال باللهو والطرب ، والمواظبة علی تصفّح الکتب”(5)
فالطبیب لا بدّ أن یکون متّقیاً عادلا ، ومن عدالته أن یشهد بالحقّ ، ولا یکتم الشهادة ، قال الله تعالی:
(وَلا تَکْتُموا الشَّهادَةَ وَمَنْ یَکْتُمْها فَإنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ وَاللهُ بِما تَعْمَلونَ عَلیمٌ)(6)
وعن أمیر المؤمنین فی ذیل الآیة الشریفة قال : “ من کان فی عنقه شهادة فلا یأبَ إذا دُعی لإقامتها ولیقمها ، ولینصح فیها ، ولا تأخذه فیها لومة ، ولیأمر بالمعروف ولینهَ عن المنکر”(7)
ثمّ شعب الإیمان وفروع التقوی ومصادیقها کثیرة ، وما أعظم التقوی؟ !
یقول أمیر المؤمنین علی (علیه السلام) : “ إنّ تقوی الله دواء داء قلوبکم ، وبصر عمی أفئدتکم ، وشفاء مرض أجسادکم ، وصلاح فساد صدورکم ، وطهور دنس أنفسکم ، وجلاء عشی أبصارکم”(8)
ومن مصادیق التقوی ضبط النفس فی الکلام والرأی والعمل ، ویکون شعاره : إذا کان الکلام من فضّة فالسکوت من ذهب.
کما علیه أن یکون صادقاً فی قوله وفعله ویخلص فی العمل والمعالجة ، ویتخیّر إخوان الصفا من عباد الله الصالحین ، فإذا کنت فی قوم فصاحب خیارهم ، ولا تصحب الأردی فتردی مع الردیء.
والتقوی ذو أبعاد ، کالتقوی الأخلاقیة والمالیة والسیاسیة وغیرها ، وجمعها التقوی الإلهیة . ولو کانت ملکة راسخة فی وجود الإنسان ، فإنّه یصان من حملات الشیاطین ، کما قال سبحانه:
(إنَّ الَّذینَ اتَّقَوْا إذا مَسَّهُمْ طائِفٌ مِنَ الشَّیْطانِ تَذَکَّروا فَإذا هُمْ مُبْصِرونَ)(9)
ولقد اهتمّ الإسلام العظیم بالتقوی فی حیاة المسلم ، وما أکثر الآیات الکریمة
التی تحرّض الإنسان علی کسب التقوی والتحلّی بها
هذا کلّه من برکات وثمرات التقوی والتزکیة ، وإنّها تعنی : التطهیر ، وهو إزالة الأدناس والقذرات والأوساخ الظاهریة والباطنیة ، فیشمل إزالة الاعتقادات الفاسدة ، کالشرک والکفر ، وإزالة الملکات الرذیلة من الأخلاق ، کالکبر والشحّ ، وإزالة الأعمال والأفعال الشنیعة ، کالقتل والزنا وشرب الخمر ، وکلّ ما حرّم الله سبحانه.
وإنّما یلزم الطبیب التقوی من بدایة أمره ، وأوّل شبابه وبلوغه ، بأن یخلّی قلبه من الرذائل والصفات الذمیمة ، ثمّ یحلّیه بالأخلاق الحمیدة ، ثمّ یجلّیها ویصقلها حتّی یکون مظهراً لأسماء الله وصفاته الوجودیة البحتة ، فلا یغفل ولا یضجر ولا یکسل ، بل یتعبّد لله سبحانه فی کلّ حرکاته وسکناته طیلة حیاته.
ثمّ التقوی کلّی مشکّک ذو مراتب طولیة وعرضیة ، اُمّهات المراتب والمراحل ثلاثة ، کما ورد فی الخبر الشریف عن الإمام الصادق (علیه السلام) : “ التقوی علی ثلاثة أوجه : تقوی من خوف النار والعقاب وهو ترک الحرام وهو تقوی العامّ ، وتقوی من الله وهو ترک الشبهات فضلا عن الحرام وهو تقوی الخاصّ ، وتقوی فی الله وهو ترک الحلال فضلا عن الشبهة” ، وإلی هذه المراتب الثلاث اُشیر فی الکتاب الإلهی بقوله:
( لَیْسَ عَلی الَّذینَ آمَنوا وَعَمِلوا الصَّالِحاتِ جُناحٌ فیما طَعِموا إذا ما اتَّقَوْا وَآمَنوا وَعَمِلوا الصَّالِحاتِ ثُمَّ اتَّقَوْا وَآمَنوا ثُمَّ اتَّقَوْا وَأحْسَنوا وَاللهُ یُحِبُّ الُمحْسِنینَ)(10)
فعلی الطبیب أن یتّقی الله فی کلّ حالاته ، لا سیّما فی مجال عمله ، وفیما یفعله بالمریض ، وینصح فیه ، فیجتهد فی معالجته ولا یتململ ولا یتساهل علی الإطلاق ، ویکون ناصحاً لا یغشّ مریضه ، وذلک من تقوی الله فی المریض ، فالتقوی من أهمّ العوامل والدوافع لیقوم الإنسان بواجباته الشرعیة والإنسانیة علی النحو الأتمّ والأفضل والأکمل.
ولمثل هذا یقول أمیر المؤمنین علی (علیه السلام) : “ من تطبّب فلیتّقِ الله ولینصح ولیجتهد”(11) ، فقدّم التقوی علی النصح والاجتهاد ، وهذا یعنی أنّ الطبیب بأمسّ الحاجة إلی هذه التقوی حتّی لا یفرّط فیما اُلقی علی عاتقه من المسؤولیة الکبری.
وإلیک بعض الروایات الشریفة من معدن الوحی وبیت الرسالة الأطهار (علیهم السلام) فی عظمة التقوی وأهمّیتها البالغة فی حیاة المسلم.
قال رسول الله (صلی الله علیه وآله):
“من رزق التقوی ، رزق خیر الدنیا والآخرة”
“ من اتّفی الله عاش قویّاً ، وسار فی بلاد عدوّه آمناً”
“ إنّ ربّکم واحد ، وإنّ أباکم واحد ، ودینکم واحد ، ونبیّکم واحد ، ولا فضل لعربیّ علی عجمیّ ، ولا عجمی علی عربیّ ، ولا أحمر علی أسود ، ولا أسود علی أحمر ، إلاّ بالتقوی”.
“ الحمد لله الذی صدق عبده ... إنّ الله أذهب نخوة العرب وتکبّرها بآبائها ، وکلّکم آدم وآدم من تراب ، وأکرمکم عند الله أتقاکم”
“ لا کرم إلاّ بالتقوی ، لو أنّ السماوات والأرض کانتا رتقاً علی عبد ، ثمّ اتّقی الله لجعل الله له منهما فرجاً ومخرجاً”
وقال أمیر المؤمنین (علیه السلام):
“ التقوی رئیس الأخلاق”
“ علیک بالتُقی ، فإنّه خُلق الأنبیاء”
“ التقوی أقوی أساس ، والصبر أقوی لباس”
“ التقوی أفضل الأعمال”.
“ التقوی لا عوض عنها ولا خلف”
“ التقوی أفضل کنز ، وأحرز حرز ، وأعزّ عزّ”.
“ والتقوی فیه نجاة کلّ هارب ، ودرک کلّ طالب ، وظفر کلّ غالب”
“ إنّ من فارق التقوی اُغری باللذات والشهوات ووقع فی تیه السیّئات ، ولزمه کثیر التبعات”
“ أیسرّکَ أن تکون من حزب الله الغالبین ؟ اتّقِ الله سبحانه وأحسن فی کلّ اُمورک ، فإنّ الله مع الذین اتّقوا والذین هم محسنون”
“ أوصاکم الله بالتقوی ، وجعلها منتهی رضاه ، وحاجته من خلقه ، فاتّقوا الله الذی أنتم بعینه ، ونواصیکم بیده”
“ التقوی منتهی رضا الله من عباده ، وحاجته من خلقه”
“ اُوصیکم عباد الله بتقوی الله ، فإنّها خیر ما تواصی العباد به ، وخیر عواقب الاُمور عند الله”
“ اُوصیکم عباد الله بتقوی الله ، فإنّها الزمام والقوام ، فتمسّکوا بوثائقها ، واعتصموا بحقائقها”
“ اُوصیکم عباد الله بتقوی الله فإنّه غبطة الطالب ، وثقة الهارب اللاجی ، واستشعروا التقوی شعاراً باطناً”
“ ألا فصونونها وتصوّنوا بها ، من تعرّی عن لباس التقوی لم یستتر بشیء من أسباب الدنیا”
“ التقوی حصن المؤمن ، وأمنع حصون الدین التقوی”
“ إلجأوا إلی التقوی ، فإنّه جُنّة منیعة من لجأ إلیها حصنته ، ومن اعتصم بها عصمته ، فاعتصموا بتقوی الله ، فإنّ لها حبلا وثیقاً عروته ، ومقعلا منیعاً ذروته”.
“ التقوی مفتاح الصلاح”.
“ ما أصلح الدین کالتقوی”
“ إنّ تقوی الله عمارة الدین وعماد الیقین”
“ وإنّها لمفتاح صلاح ومصباح نجاح”
“ إنّ تقوی الله مفتاح سداد وذخیرة معاد ، وعتق من کلّ ملکة ، ونجاة من کلّ هلکة ، بها ینجح الطالب ، وینجو الهارب ، وتنال الرغائب”.
“ سبب صلاح الإیمان التقوی”
“ إنّ تقوی الله حمت أولیاء الله محارمه ، وألزمت قلوبهم مخافته ، حتّی أسهرت لیالیهم ، وأظمأت هواجرهم ، فأخذوا الراحة بالنصب ، والرِّیّ بالظمأ ، واستقربوا الأجل فبادروا العمل”
“ اعلموا أ نّه ( من یتّقِ الله یجعل له مخرجاً ) من الفتن ، ونوراً من الظلم ، ویخلّده فیما اشتهت نفسه ، وینزل منزل الکرامة عنده ، فی دار اصطنعها لنفسه ، ظلّها عرشه ، ونورها بهجته ، وزوّارها ملائکته ، ورفقاؤها رسله”.
قال الله تعالی:(یا أ یُّها الَّذینَ آمَنوا اتَّقوا اللهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَموتُنَّ إلاّ وَأنْتُمْ مُسْلِمونَ)(12)
لا یخفی ما ذکرناه عن الرسول الأکرم وأمیر المؤمنین (علیهما السلام) إنّما هو غیض من فیض ، فعندنا الاُلوف من الأخبار فی التقوی من جوانب عدیدة من الرسول الأکرم وعترته الطاهرین (علیهم السلام)(13) ، إلاّ أ نّه نکتفی بهذا المقدار طلباً للاختصار.
الرحمة
إنّ أسماء الله وصفاته توقیفیة ، وقد بلغت الألف ونیّف ، وکلّها تدلّ علی الرحمة الرحمانیة والرحیمیة ، أی الرحمة العامّة ، کالرحمان فإنّها للمؤمن والکافر فی الدنیا والرحمة الخاصّة ، کالرحیم المختصّة بالمؤمنین ، فکلّ أسماء الله تدلّ علی الرحمة العامّة والخاصّة ، إلاّ بعضها التی تعدّ بالأصابع کالقهّار والمنتقم وشدید العقاب . فهی وإن دلّت علی الغضب الإلهی إلاّ أ نّها فی واقعها وصمیمها ترجع إلی الرحمة أیضاً ، کما هو مذکور فی محلّه.والحقّ أنّ مثل هذه الأسماء أیضاً من الرحمة الإلهیة ، فیا من سبقت رحمته غضبه ، وإنّه أرحم الراحمین ، وإنّ الرحمة والشفقة القلبیة والحنان والعطوفة من الصفات الحمیدة والأخلاق الطیّبة ، فما أکثر الآیات والروایات التی تحثّ الإنسان علی أن یتخلّق بهذه الصفة المبارکة “ إرحم من فی الأرض یرحمک من فی السماء” ، فالرحمة من کلّ واحد حسناً إلاّ أ نّه من الطبیب بالنسبة إلی مرضاه أحسن ، فلا بدّ للطبیب فی نظر الإسلام أن یکون رحیماً ، تتجلّی الرحمة الإلهیة فی حرکاته وسکناته ، فی أقواله وأفعاله ، ویتعامل مع المریض بکلّ رفق وشفقة ورحمة ، فإنّه یحتاج إلی رحمة الطبیب أکثر من کلّ شیء فی مقام شفائه وعلاجه.
فالطبیب إنّما هو من مظاهر رحمة الله:
(فَبِما رَحْمَة مِنَ اللهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ کُنْتَ فَظَّاً غَلیظَ القَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِکَ)(14).
وجاء فی الطبّ الروحانی لمحمّد بن زکریا الرازی : “ إنّ السیرة التی بها سار ،
وعلیها مضی أفاضل الفلاسفة ، هی بالقول المجمل : معاملة الناس بالعدل والأخذ علیهم من بعد ذلک بالفضل ، واستشعار العفّة والرحمة والنصح للکلّ ، والاجتهاد فی نفع الکلّ إلاّ من بدأ منهم بالجور والظلم”(15).
فالعمدة فی أخلاق الطبیب أن یستشعر من قلبه الرحمة والشفقة وهی العاطفة التی إذا تحلّی بها الطبیب انشرح بها صدره وشعر بلذّة وسرور فی عمله ، فحینئذ یحسّ بسعادة وشغف وارتیاح ضمیر ، حینما یحنّ قلبه علی المرضی ویشفق علی من یعالجه ، ویتعامل معه بکلّ رفق ولین.
وإلیک نماذج من الآیات والروایات الشریفة الدالّة علی الرحمة والشفقة القلبیّة:
قال الله تعالی:
(مُحَمَّدٌ رَسولُ اللهِ وَالَّذینَ مَعَهُ أشِدَّاءُ عَلی الکُفَّارِ رُحَماءُ بَیْنَهُمْ)(16).
(وَجَعَلْنا فی قُلوبِ الَّذینَ اتَّبَعوهُ رَأفَةً وَرَحْمَة)(17).
(وَتَواصَوْا بِالرَّحْمَةِ)(18).
قال رسول الله (صلی الله علیه وآله):
“ الراحمون یرحمهم الرحمن یوم القیامة ، ارحم من فی الأرض یرحمک من فی السماء“
“ من رحم ولو ذبیحة عصفور رحمه الله یوم القیامة”.
“ من لا یَرحم لا یُرحم”.
“ إنّ الله رحیم یحبّ الرحیم یضع رحمته علی کلّ رحیم”.
“ إرحم المساکین”.
“ یا أنس ، ارحم الصغیر ووقّر الکبیر تکن من رفقائی”.
“ ارحموا عزیزاً ذلّ ، وغنیاً افتقر ، وعالماً ضاع فی زمان جهّال”.
وقال أمیر المؤمنین علی (علیه السلام):
“ أحسن یحسن إلیک ، إرحم ترحم”.
“ وإنّما ینبغی لأهل العصمة والمصنوع إلیهم فی السلامة أن یرحموا أهل الذنوب والمعصیة ، ویکون الشکر هو الغالب علیهم”.
“ من لا یرحم الناس منعه الله رحمته”.
“ ارحم من أهلک الصغیر ووقّر الکبیر”(19).
حسن الخُلق
من أهمّ أخلاق الطبیب حسن الخلق وطلاقة الوجه والبشاشة ، فإنّها محبّذة من کلّ واحد ، فإنّ المؤمن هشّ بشّ ، بشره فی وجهه وحزنه فی قلبه ، وما أکثر الآیات والروایات الشریفة الدالّة علی ذلک.فإنّ حسن الخلق یوجب سعادة الدارین ، ویزید فی الرزق ، ویجلب حبّ الناس ومودّتهم ، ویعین علی التقدّم والازدهار ، ومن ساء خلقه فرّ الناس منه ، وأضرّ بصرح سعادته ، وفی الحدیث الشریف : “ لیس شیء فی المیزان أثقل من حسن الخلق”.
“ والخُلق بمعنی الطبیعة والنظرة والسجیّة ، وهو الدین والطبع ، وحقیقته أ نّه لصورة الإنسان الباطنة وهی نفسه وأوصافها ومعانیها المختصّة بها بمنزلة الخلق لصورته الظاهرة وأوصافها ومعانیها ولهما أوصاف حسنة وقبیحة ، والثواب والعقاب یتعلّقان بأوصاف الصورة الباطنة ، أکثر ممّا یتعلّقان بأوصاف الصورة الظاهرة ، ولهذا تکرّرت الأحادیث فی مدح حسن الخلق فی غیر موضع کقوله : “ من أکثر ما یدخل الناس الجنّة تقوی الله وحسن الخلق” ، وقوله : “ أکمل المؤمنین إیماناً أحسنهم خلقاً” ، وقوله : “ إنّ العبد لیدرک بحسن خلقه درجة الصائم القائم” ، وقوله : “ بعثت لاُتمّم مکارم الأخلاق” وکذلک ورد فی ذمّ سوء الخلق أیضاً أحادیث کثیرة ، وفی حدیث عائشة عن رسول الله : “ کان خلقه القرآن” أی کان متمسّکاً به وبآدابه وأوامره ونواهیه وما یشتمل علیه من المکارم والمحاسن والألطاف ....
وخالق الناس : عاشرهم علی أخلاقهم ، قال:
خالق الناس بخلق حسن *** لا تکن کلباً علی الناس یهرّ”(20)
فالخَلق ـ بفتح الخاء المعجمة ـ والخُلق ـ بضمّها ـ یشترکان فی الأصل ، إلاّ أ نّها مع الفتح بمعنی الهیئة الظاهریة ، ومع الضمّ بمعنی البواطن والسجایا ، وتطلق علی الأفعال والملکات والصفات ، وبإضافتها إلی الحسن والسوء تمیّز الأخلاق الطیّبة من الذمیمة والسیّئة ، وربما یقال هذا عمل أخلاقی ویراد به الحسن ، وهذا غیر أخلاقی ویراد به السوء . ویمتاز العمل الأخلاقی عن العادی ، أ نّه یکون ممدوحاً ویصدر من الإنسان لرغبة ومن دون تردید وشکّ وإکراه ، یرافقه المدح العقلائی کالعفّة والتقوی وحسن الخلق والوفاء والسخاء وما شابه ذلک ، وهو إمّا أن یکون ذاتیاً أو کسبیّاً ، تفصیل ذلک فی علم الأخلاق وفلسفته ، ثمّ الدین الإسلامی لیحثّ الناس إلی التخلّق بالأخلاق الحمیدة والسجایا الحسنة وحسن الخلق ، ویهتمّ بذلک غایة الاهتمام ، حتّی قیل من أوجب الواجبات تعلّم الأخلاق والتحلّی بها ، فإنّ الله سبحانه بعد أحد عشر قسماً یقول:
(قَدْ أفْلَحَ مَنْ زَکَّاها وَقَدْ خابَ مَنْ دَسَّاها)(21).
وهذا إن دلّ علی شیء فإنّه یدلّ علی عظمة علم الإخلاق وأهمیّته البالغة علی الفرد وفی المجتمع ، فلولا ذلک لانهار وانحطّ ، حتّی یؤدّی ذلک إلی هلاکه وانهدامه.
والطبیب إنّما یحتاج إلی الأخلاق الفاضلة ، لأ نّه من الأرکان الأساسیة فی تعمیر المدینة الفاضلة ودوامها وسعادتها ، کما إنّه یفتقر إلی التکامل فی سیره وسلوکه ، وإنّه مکلّف بحفظ سلامة الناس ، فإذا لم یکن متخلّقاً بالأخلاق الحسنة ، کما لو تبع شهواته وملاذّه ، وغرّته الدنیا فی مقامها ومالها ووجاهتها ، فإنّه یوجب الإخلال فی حفظ النظام وسلامة المجتمع ، فلا بدّ أن یکون الطبیب مؤمناً ومعتقداً ومتّقیاً ، یحمل الأخلاق الطیّبة ، والسجایا الجمیلة.
ومع ظهور الطبّ وعلمه الشریف کان الحدیث حول أخلاق الطبیب وما یلزمه فی مقام العمل والحرفة . کما جاء ذلک فی قسم بقراط الیونانی وفی الطبّ الهندی القدیم . کما جاء ذلک فی الحمورابیة قبل میلاد المسیح بألفین ومائتی سنة ، کما کتب الرازی الطبّ الروحانی وابن سینا فی علم الأخلاق وغیرهما من علماء الإسلام.
فحسن الخلق حسن من کلّ أحد ، إلاّ أ نّه من الطبیب أحسن ، لا سیّما فی مجال فنّه وعلمه ، فما أحوج المریض إلی ابتسامة من طبیبه المعالج لأمراضه ؟ ! وربّ کلمة حلوة بلسم لجراحه ، کما أنّ الکلمة الجارحة وکلمة السوء أمضی من جرح السیف ، کما یقول الشاعر:
جراحات السنان لها التیامٌ *** ولا یلتام ما جرح اللسان
ومن حسن الخلق أن لا یذمّ مریضه ، ویفرط فی ملامته ، بل یتکلّم معه بقول لیّن وکلام لطیف ، فإنّ الله یأمر نبیّه موسی وأخاه هارون فی قصّة فرعون ودعوته إلی الله قائلا:
(إذْهَبا إلی فِرْعَوْنَ إنَّهُ طَغی فَقولا لَهُ قَوْلا لَیِّناً لَعَلَّهُ یَتَذَکَّرَ أوْ یَخْشی )(22).
فإذا کان الحدیث مع مثل فرعون الطاغیة الذی ادّعی الربوبیة بلین ولطافة وحکمة ، فما بال الطبیب یغلظ فی کلامه ، ویجرح عواطف مریضه ، ویزید فی المرض
الجسدی مرضاً روحیّاً.
فلا یکثر ملامة المریض ، فإنّ أمیر المؤمنین علی (علیه السلام) یقول : “ الإفراط فی الملامة یشبّ نار اللجاجة”(23) ، فکثرة الملامة یوجب تهییج العناد ولجاجة الآخر ، ممّا یمنعه عن استماع الحقّ والانصیاع له.
فعلی الطبیب أن یتجنّب المناقشات التی لا تعنیه والقضایا التی لا تخصّه ، ویحسن خلقه وسلوکه بتطهیر النفس من الأخلاق الذمیمة ، ثمّ الاتّصاف بالأخلاق الحمیدة.
قال رسول الله (صلی الله علیه وآله) : “ خصلتان لا تجتمعان فی مؤمن : البخل وسوء الخلق”.
فمن حسن الخلق السخاء وعدم الغضب ، فإنّه ربما الغاضب یرتکب المعاصی والآثام ویتجاوز الحقّ والصواب.
وقد مدح الله:
(الکاظِمینَ الغَیْظَ وَالعافینَ عَنِ النَّاسِ وَاللهُ یُحِبُّ الُمحْسِنینَ)(24).
وقد ورد فی الخبر : إذا غضب أحدکم وهو قائم فلیجلس ، فإن ذهب عنه الغضب ، وإلاّ فلیضطجع ، وإذا غضب أحدکم فلیسکت” ، فإنّ الغضب شیطان العجلة.
ولتثبیت مفهوم حسن الخلق فی النفوس نذکر جملة من الروایات الشریفة فی هذا الباب ، وهو غیض من فیض:
قال رسول الله (صلی الله علیه وآله):
“ الإسلام حسن الخلق”.
“ الخلق الحسن نصف الدین”.
حسن الخلق ذهب بخیر الدنیا والآخرة”.
“ ثلاث من لم تکن فیه فلیس منّی ولا من الله عزّ وجلّ ، قیل : یا رسول الله ، وما هنّ ؟ قال : حلم یردّ به جهل الجاهل ، وحسن خلق یعیش به فی الناس ، وورع یحجزه عن معاصی الله”.
“ من حسن خلقه بلّغه الله درجة الصائم القائم”.
“ إنّ العبد لیبلغ بحسن خلقه عظیم درجات الآخرة وشرف المنازل ، وإنّه لضعیف العبادة”.
“ أوّل ما یوضع فی میزان العبد یوم القیامة حسن خلقه”.
“ ما من شیء أثقل فی المیزان من خُلق حسن”.
“ ما یوضع فی میزان امرئ یوم القیامة أفضل من حُسن الخُلق”.
“ إنّ أحبّکم إلیَّ وأقربکم منّی یوم القیامة مجلساً أحسنکم خلقاً وأشدّکم تواضعاً”.
“ أکمل المؤمنین إیماناً أحسنهم خلقاً”.
“ إنّ الله یحبّ معالی الأخلاق ویکره سفاسفها”.
حسن الخلق یثبت المودّة”.
قال أمیر المؤمنین علی (علیه السلام):
“ لا قرین کحسن الخلق”.
“ الخلق المحمود من ثمار العقل ، الخلق المذموم من ثمار الجهل”.
حسن الخلق من أفضل القسم وأحسن الشیم”.
حسن الخلق رأس کلّ بِرّ”.
“ من حسنت خلیقته طابت عشرته”.
حسن الخلق فی ثلاث : اجتناب المحارم وطلب الحلال والتوسّع علی العیال”.
“ إنّ بذل التحیّة من محاسن الأخلاق”.
“ علیکم بمکارم الأخلاق فإنّها رفعة ، وإیّاکم والأخلاق الدنیّة فإنّها تضع الشریف وتهدّم المجد”.
حسن الخلق یدرّ الأرزاق ویؤنس الرفاق”.
قیل للصادق (علیه السلام) : ما حدّ حسن الخلق ؟ قال : “ تلین جانبک ، وتطیّب کلامک ، وتلقی أخاک ببشر حسن”.
حسن الخلق یزید فی الرزق”.
“ إنّ حسن الخلق یذیب الخطیئة کما تذیب الشمس الجلید ، وإنّ سوء الخلق لیُفسد العمل کما یفسد الخلّ العسل”.
“ من حسن خلقه کثر محبّوه ، وآنست النفوس به”.
“ لا وحشة أوحش من سوء الخلق”.
“ خصلتان لا یجتمعان فی مؤمن : البخل وسوء الخلق”.
“ من ساء خلقه عذّب نفسه”.
“ من ساء خلقه ملّه أهله ، أعوزه الصدیق والرفیق ، ضاق رزقه”.
“ أحسن الأخلاق ما حملک علی المکارم”.
“ إنّ أزین الأخلاق : الورع والعفاف”(25).
الاجتهاد والمشورة
علی الطبیب أن یجتهد فی طبابته ولا یتهاون فی معالجة المرضی ، أو یجعلهم مخبراً للامتحانات ، ویجری علیهم اختبارات وتجارب لنظریّاته وکشفیّاته الظنیة والوهمیة ، فإنّه لا یجوز لمن لم یکن من أهل الخبرة أن یبدی نظراً فی غیر ما عنده ، فإنّ ذلک یعدّ من الخیانة ولیست الخدمة ، فبعض العوامّ یتطبّبون من تلقاء أنفسهم ، ویجوّزون نسخ طبّیة للمرضی ، وکأ نّهم خبراء وأطباء حاذقین ، بل الطبیب یصعب علیه ذلک من دون الممارسة والمجاهدة والاجتهاد فی تشخیص المرض وکیفیة علاجه . کما إذا احتاج الطبیب إلی مشورة طبیة فلا یغفل عن ذلک ، ولا یغترّ بنفسه ویعجب بها ، فیفقد اتّزانه ووقاره ، ویتهاون فی معالجة مریضه ، ومن شاور العقلاء کسب عقولهم ، وفی بعض الموارد یحتاج الطبیب إلی اللجنة الطبیة ومشاورة زملائه والدکاترة الآخرین.کما أ نّه یحاول ابتداء أن یکشف الأمراض من خلال خبرته الطبیة وحدسه وعقله ، فإن لم یصل إلی التشخیص الکامل عندئذ یستعین بالمختبرات والتحالیل الطبیة وما شابه ذلک . فإنّه فی قدیم الزمان کان الأطباء بعقولهم وحدسیّاتهم یشاهد منهم ما یحیّر العقول فی فنّ الطبّ ، ولا اختیار للإنسان إلاّ بعقله وثقافته.
ویقبح بالطبیب أن یکون کسولا عاجزاً فرحاً أشراً بطراً:
(إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِن قَوْمِ مُوسَىٰ فَبَغَىٰ عَلَيْهِمْ وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لَا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ)(26).
وفی الخبر الشریف : “ المؤمن القویّ خیر وأحبّ إلی الله من المؤمن الضعیف” ، وقد تزوّج التوانی بالکسل فولد بینهما الفقر ، وإنّ الله یبغض الشابّ الفارغ ، فلا بدّ من المثابرة والاجتهاد ، ویغدو الإنسان عالماً ربانیاً أو متعلّماً علی سبیل النجاة.
ولا تقفُ ما لیس لکَ به علم ، وقد وردت الآیات والروایات الکثیرة فی المنع عن القول بغیر علم والردع عنه ، وهذا واضح لا یحتاج إلی برهان ودلیل.
ثمّ إذا کان الطبیب مختصّاً فی عضو من أعضاء بدن الإنسان کأمراض العین ، فلا یحقّ له أن یبدی نظره فی أمراض القلب مثلا ، فإنّه لو فعل یعدّ من جهّال الأطباء.
فلا بدّ للطبیب من الاجتهاد فی علمه وعمله ، فعن أمیر المؤمنین علی (علیه السلام) : “ من تطبّب فلیتّقِ الله ولینصح ولیجتهد”(27).
فلا یجوز للطبیب أن یتعلّل ویتساهل فی معالجة المریض ، ومن یفعل ذلک فإنّه یکون من المرضی ، بل أکثر مرضاً من مریضه ، لأنّ مثل هذا الطبیب یکون مریض الروح ، وعلاجه أصعب من علاج مرض الجسد ، ویصدق علیه المثل المعروف “ طبیب یداوی الناس وهو علیل”.
فعلی الطبیب أن یراعی جمیع الأخلاقیات الحسنة الفردیة والاجتماعیة ، وفی مقدّمتها تقوی الله سبحانه ، وما أدراک ما التقوی ، فإنّه بتقوی الله یندفع الإنسان ویسعی بکلّ جهده وجهوده إلی القیام بواجباته الإنسانیة والدینیة علی النحو الأفضل والأکمل والأتمّ ، ولهذا قدّم أمیر المؤمنین (علیه السلام) التقوی علی النصح والاجتهاد.
ومن الاجتهاد الاستحکام فی العمل وإنّ “ الله یحبّ عبداً إذا عمل عملا
أحکمه وأتقنه” ، کما روی ذلک عن النبیّ الأکرم فی قصّة دفن سعد بن معاذ.
ویقول علی بن العباس ناصحاً : “ علی الطبیب أن یجدّ فی معالجة المرضی وحسن تدبیرهم ومعالجتهم سواء بالغذاء أو بالدواء”.
وکلّ ناصح علیه أن یبدأ بنفسه أوّلا ، حتّی یکون کلامه مؤثّراً فی غیره ، فإنّ الکلام إذا خرج من القلب دخل فی القلب ، وإذا خرج من اللسان فإنّه لم یتجاوز الآذان.
یقول أبو الأسود الدؤلی:
یا أ یّها الرجل المعلّم غیره *** هلاّ لنفسک کان ذا التعلیم
تصف الدواء لذی الأسقام وذی الضنا *** کیما یصحّ به وأنت سقیم
ومن یجرّ الداء إلی نفسه کیف یکون ناصحاً لغیره ، فإنّه لن یحبّ غیره أکثر من محبّته لنفسه کما هو واضح ، فلن یستطیع أن ینفع غیره ویضرّ نفسه.
وعن عیسی بن مریم (علیه السلام) : “ فإذا رأیتم الطبیب یجرّ الداء إلی نفسه فاتّهموه واعلموا أ نّه غیر ناصح لغیره”(28).
وهذه بعض الروایات فی الاجتهاد والمشورة :
فمن الأوّل:
قال أمیر المؤمنین (علیه السلام):
“ من بلغ جُهد طاقته بلغ کُنه إرادته”.
“ من طلب شیئاً ناله أو بعضه”.
عن الإمام الرضا (علیه السلام):
“ سبعة أشیاء بغیر سبعة أشیاء من الاستهزاء : من استغفر بلسانه ولم یندم بقلبه فقد استهزأ بنفسه ، ومن سأل الله التوفیق ولم یجتهد فقد استهزأ بنفسه ...”.
عن الأمیر (علیه السلام):
“ من قصّر فی العمل ابتلاه الله سبحانه بالهمّ”.
“ من قصّر فی أیّام أمله قبل حضور أجله ، فقد خسر عمره وضرّه أجله”.
“ التفریط مصیبة القادر”.
“ من استدام قرع الباب ولجّ ، ولج”.
“ علیکم بالجدّ والاجتهاد ، التأهّب والاستعداد ، والتزوّد فی منزل الزاد ، ولا تغرّنکم الدنیا کما غرّت من کان قبلکم من الاُمم الماضیة والقرون الخالیة”.
“ اجتهدوا فی العمل ...”.
قال الله تعالی:
(وَمَنْ یُجاهِدْ فَإنَّما یُجاهِدُ لِنَفْسِهِ إنَّ اللهَ لَغَنِیٌّ عَنِ العالَمینَ)(29).
ومن الثانی:
قال الله تعالی:
(وَأمْرُهُمْ شوری بَیْنَهُمْ)(30).
(وَشاوِرْهُمْ فی الأمْرِ)(31).
قال رسول الله (صلی الله علیه وآله):
“ ما حار من استخار ، ولا ندم من استشار”.
“ الحزم أن تستشیر ذا الرأی وتطیع أمره”.
“ ما من رجل شاور أحد إلاّ هُدی إلی الرشد”.
“ لا مظاهرة أوثق من المشاورة”.
“ لا تشاور جباناً فإنّه یضیّق علیک المخرج ، ولا تشاور البخیل فإنّه یقصر بک عن غایتک ، ولا تشاور حریصاً فإنّه یزیّن لک شرّها”.
قال أمیر المؤمنین علی (علیه السلام):
“ من شاور ذوی العقول استضاء بأنوار العقول”.
“ المستشیر متحصّن من السقط”.
“ المستشیر علی طرف النجاح”.
“ المشاورة راحة لک وتعب لغیرک”.
“ شاور قبل أن تعزم ، وفکّر قبل أن تقدم”.
“ لا یستغنی العاقل عن المشاورة”.
“ حقّ علی العاقل أن یضیف إلی رأیه رأی العقلاء ، ویضمّ إلی علمه علوم الحکماء”.
“ لا تستشر الکذّاب فإنّه کالسراب یقرّب علیک البعید ویبعّد علیک القریب”.
“ شاور فی اُمورک الذین یخشون الله ترشد”.
قال الإمام الکاظم (علیه السلام):
“ من استشار لم یعدم عند الصواب مادحاً ، وعند الخطأ عاذراً”.
“ مشاورة العاقل الناصح رشد ویمن وتوفیق من الله ، فإذا أشار علیک الناصح العاقل فإیّاک والخلاف ، فإنّ فی ذلک العطب”.
“ أفضل من شاورت ذوی التجارب”.
“ خیر من شاورت ذوو النُهی والعلم واُولو التجارب والحزم”(32).
هذه بعض الروایات الدالّة علی الاجتهاد والمشورة ، وهی عامّة ونافعة لکلّ الناس ، ولکن الحریّ بها أکثر من غیره هو الطبیب ، فإنّه الأولی له أن یجتهد أوّلا ثمّ یستشیر ذوی النهی والعلم واُولو التجارب والحزم ثانیاً ، حتّی یکون موفّقاً فی حیاته العلمیة والعملیة ، ویعرف الداء والدواء ، وإلاّ فإنّه یکون کما قال أمیر المؤمنین (علیه السلام) : “ ربما کان الدواء داء والداء دواء” ، ویقول زین العابدین : “ من لم یعرف داءه أفسده دواؤه”.
عدم تخطئة الطبیب الآخر
فإنّ من الأخلاق الحسنة للأطباء أ نّه عندما یقف أحدهم علی خطأ صاحبه وزمیله فی الطبّ فی تشخیص مرض وکیفیة علاج أو تجویز دواء أو ما شابه ذلک ، فلا یخطئه أمام مریضه ، ویتهجّم علیه ویهینه ویستغیبه ، ممّا یؤدّی ذلک إلی فقد المریض ثقته بالطبیب ، بل بلطائف الکلام ومعاریضه ، یمکن أن یرشد المریض إلی صوابه ورشده وما فیه صلاحه وخیره ، کما یرشد الطبیب الآخر إلی العمل الصحیح والمعالجة الصحیحة بحکمة بالغة من دون جرح المشاعر والأحاسیس.وقد ورد فی الخبر الشریف : “ أحبّ الإخوان إلیَّ من أهدی إلیَّ عیوبی” ، أن یکون التذکّر والنصح علی نحو الهدایا لا بقصد الفضیحة والتنقیص والتشهیر.
ولا یکون الطبیب دنیّ النفس والطبع ، بل کریماً سمحاً عالی الهمّة ، ومن سماحته أن یذکّر إخوانه بما ینفعهم بلطف وإحسان ، فإنّ الذکری تنفع المؤمنین لو کانت مع شرائطها الشرعیة والعقلیّة.
وقال رسول الله : “ اُمرت بمداراة الناس” “ مداراة الناس صدقة” ، ومن أعظم ما یملک الناس به السماح والعطاء ، فإنّه یسترق به من لم یکن ینقاد ، فلا بدّ للطبیب من المخالطة الحسنة بالتلطّف والمداراة وإیفاء الحقوق والحلم عن الجهّال والعفو عمّن ظلمه والإیثار مع الحزم والعزم وحسن الفطنة والتعقّل الکامل والاجتهاد التامّ وطلب المعالی بسهر اللیالی ، ومراعاة حقوق الآخرین ، ومنها عدم تخطئة الأطباء الآخرین أمام المریض ، وإذا کان یختلف معه فی التشخیص ، فالأولی له أن یخبره بذلک ، ویتشاوران فی معالجة المریض وسلامته ، فإنّ مقصودهما واحد ، لا سیّما وإنّهما یؤمنان بالله ورسوله ، ویقصدان من طبابتهما محض الخدمة والتقرّب إلی الله سبحانه وتعالی.
الدقّة و التأنّی
من اللازم علی کلّ واحد من الأطباء العموم والأخصّائیین ، أن یدقّقوا فی تشخیص الأمراض ومعرفة العلل ، کماعلیهم التأنّی وعدم العجلة فی تجویز النسخة الطبیة واستعمالها ( فإنّ العجلة من الشیطان ، والتأنّی من الرحمن ).وهذا ممّا یحتّم علیهم أن لا یتوقّفوا فی طلب العلم ، بل یسایروا الرکب الحضاری والتقدّم البشری فی مجالات الطبّ ، فالطبیب الناجح هو الذی یطالع أحدث المقالات العلمیة والمجلاّت الطبیة العالمیة ، والکتب الحدیثة.
فعن الإمام الصادق (علیه السلام) : “ کلّ ذی صناعة مضطرّ إلی ثلاث خصال یجتلب بها المکسب ، وهو أن یکون حاذقاً بعلمه ، مؤدّیاً للأمانة فیه ، مستمیلا لمن استملّه”(33).
وإنّما یکون الطبیب حاذقاً فی طبّه ، لو لم یتساهل أو یتکاسل أو یتهاون فی طلب علمه ، کما إنّه لو تطبّب من دون علم فهو ضامن ، لو أتلف مریضه أو أوجب فیه نقصاً ، کما ورد فی الخبر الشریف “ من تطبّب ولم یعلم منه الطبّ فهو ضامن”(34).
“ من تطبّب ولم یکن بالطبّ معروفاً فإذا أصاب نفساً فما دونها فهو ضامن”.
ویقول الرازی : “ ودع ما یهذی به جهّال العامّة ، أنّ فلاناً قد وقعت له التجربة فی غیر علم یرجع إلیه ، فإنّ ذلک لا یکون ولو کان من أطول الناس عمراً ،
وما نفع له من علاج موافق فهو من حسن الاتّفاق.
فأعلی درجات هؤلاء الذین لیسوا یرجعون إلی علم اُصول الصناعة ، إنّهم ینظرون فی الکتب فیستعملون منها العلاجات ولیسوا یعلمون أنّ الأشیاء الموجودة فیها ، لیست هی أشیاء تستعمل بأعیانها ، بل هی مقالات جعلت لیحتذی علیها وتعلّم الصناعة منها”(35).
فلا یحقّ للطبیب أن یعالج المرض بالتجربة علیهم واختبار الدواء فیهم ، من دون علم ودقّة وتأنٍّ.
“ وقد نهی عن ذلک المعلّم الحکیم أبقراط حین ابتدأ فقال : العمر قصیر والصناعة طویلة والزمان جدید والتجربة خطر ، فقد صدق لعمری فی قوله : وإنّی أنهی عن التجربة فی صناعة الطبّ”(36).
“ واعلم أنّ اللصوص وقطّاع الطریق خیر من اُولئک النفر الذین یدّعون الطبّ ولیسوا بأطبّاء ، لأ نّهم یذهبون بالمال وربما أتوا علی الأنفس ، وهؤلاء کثیراً ما یأتون علی الأنفس النفیسة ... فإنّ من أصعب الاُمور التحکیم علی الأرواح بغیر معرفة والأمر بشیء والنهی عن غیره من غیر بصیرة”(37).
فعلی الطبیب أن یتحرّی الدقّة التامّة فی إجراء الفحوصات علی المریض ، وهذا ما یحکم به العقل من الأمانة ومن المشاعر الإنسانیة ، کما حکم به الشرع المقدّس.
ولنا روایات کثیرة فی مذمّة العجلة وإنّها من الشیطان ، ومدح التأنّی وأ نّه من
الرحمن.
قال رسول الله (صلی الله علیه وآله):
“ من تأنّی أصاب أو کاد ، ومن عجل أخطأ أو کاد”.
“ التؤدّة فی کلّ شیء خیر إلاّ فی عمل الآخرة”.
قال أمیر المؤمنین علی (علیه السلام):
“ العجل یوجب العثار”.
“ الزلل مع العجل”.
“ أنهاک عن التسرّع فی القول والفعل”.
“ العجول مخطئ وإن ملک ، المتأنّی مصیب وإن هلک”.
“ التأنّی فی العقل یؤمن الخطل ، التروّی فی القول یؤمن الزلل”.
“ إذا عرض شیء من أمر الآخرة فابدأ به ، وإذا عرض شیء من أمر الدنیا فتأنّه حتّی تصیب رشدک فیه”.
“ التؤدّة ممدوحة فی کلّ شیء إلاّ فی فرص الخیر”.
“ إیّاک والعجلة بالاُمور قبل أوانها والتساقط فیها عند زمانها”.
“ من الخرق العجلة قبل الإمکان والأناة بعد الفرصة”.
“ العجل قبل الإمکان یوجب الغصّة”.
قال الإمام الباقر والصادق (علیهما السلام):
“ إنّما أهلک الناس العجلة ، ولو أنّ الناس تثبّتوا لم یهلک أحد”.
“ الأناة من الله ، والعجلة من الشیطان”.
“ مع التثبّت تکون السلامة ، ومع العجلة تکون الندامة”.
“ من ابتدأ بعمل فی غیر وقته کان بلوغه فی غیر حینه”.
قال الله تعالی:
(خُلِقَ الإنْسانُ مِنْ عَجَل سَاُریکُمْ آیاتی فَلا تَسْتَعْجِلونَ)(38).
الثبات
فإنّ الاستقامة والثبات فی العمل والخلق الرفیع من أنجح الطرق لنیل الکمال وصعود قُلل السعادة ، إنّما یفلح من ثابر وصمد وثبت ، فلا ییأس إذا اعترضه شیء من العقبات فی طریقه ، ولا یعیقه العوائق ، فإنّه لا معنی للیأس مع الحیاة ، ولا حیاة مع الیأس.بل بکلّ قوّة وربط جأش یرفع الأقدام ویقود العربة فی سبیل النجاح ، ولا تثبط عزیمته النباح ، فیقوم بالواجب وهو ما لزم الإنسان عمله مسترشداً بضمیره.
العفّة
من کان متّقیاً لا محالة یکون عفیفاً ، فإذا أعددنا التقوی من أوّل أخلاق الطبیب ، یعنی اشترطنا عفّته أیضاً ، وکذلک باقی الصفات ، فإنّ التقوی سیّد الأخلاق ورأسها ، ولکن نذکر بعض الصفات ونفرد له عنواناً ، لأهمّیته البالغة فی حیاة الطبیب ، ولأ نّه لا بدّ أن یتجلّی فیه أکثر من غیره ، ومن تلک الصفات : العفّة.وهی تعمّ کلّ الأعضاء والجوارح والجوانح ، فالعفّة لا تنحصر بعضو دون عضو ، بل علی المرء أن یکون عفیفاً فی بصره ، بأن لا ینظر إلی ما حرّمه الله سبحانه ، وعفیفاً فی سمعه بأن لا یسمع المحرّمات ، وعفیفاً فی کلامه ، وعفیفاً فی بطنه وفرجه ویده ورجله ، وحتّی فکره وسلوکه وقلبه وجوانحه.
وربما أکثر الناس ابتلاءً بالنظر إلی ما یحرم فی الأحوال العادیّة النظر إلیه هم الأطبّاء . فإنّما یجوز للطبیب أن ینظر بمقدار ما ترتفع به الضرورة ، فإذا أمکنه أن یعالج المریض من خلال وصفه ، فإنّه یقتصر علی ذلک ، ولا یجوز النظر ، وإذا کان بإمکانه أن یعالج بالنظر إلی دائرة أضیق ، فلا یحقّ له أن یتعدّی إلی ما زاد ، وإذا کان بالإمکان أن یعالج بالنظر إلی المرآة دون المباشرة ، فلا یباشر ـ کما ورد ذلک فی الروایات ـ وإذا کانت المعالجة تتحقّق بالنظر فلا یحقّ له أن یلمس ما حرّم الله علیه.
یقول علیّ بن العباس ناصحاً : “ وأن لا ینظر إلی النساء بریبة سواء کان النظر للسیّدة أم للخادمة ، ولا یدخل إلی منازلهنّ إلاّ للمداواة ... وعلیه أن یکون رحیماً بریء النظرة”(39).
وجاء فی قسم أبقراط : “ وأحفظ نفسی فی تدبیری علی الزکاة والطهارة ـ إلی أن قال ـ وکلّ المنازل التی أدخلها ، إنّما أدخل إلیها لمنفعة المرضی ، وأنا بحال خارجة عن کلّ جور وظلم وفساد إرادی مقصود إلیه فی سائر الأشیاء ، وفی الجماع للنساء والرجال الأحرار منهم والعبید”.
وقال محمد بن زکریا : وإذا عالج من نسائه أو جواریه أو غلمانه أحداً فیجب أن یحفظ طرفه ـ أی بصره ـ ولا یجاوز موضع العلّة . فقد قال الحکیم جالینوس فی وصیّته للمتعلّمین : ولعمری لقد صدق فیما قال : علی الطبیب أن یکون مخلصاً لله ، وأن یغضّ طرفه عن النسوة ذوات الحسن والجمال ، وأن یتجنّب لمس شیء من أبدانهنّ ، وإذا أراد علاجهنّ أن یقصد الموضع الذی فیه معنی علاجه ، ویترک إجالة عینه إلی سائر بدنها ، ورأیت من یتجنّب ما ذکرت فکبر فی أعین الناس ، واجتمعت إلیه أقاویل الخاصّة والعامّة . قال : ورأیت من تعاطی النساء ، فکثرت قالة الناس فیه فتجنّبوه ورفضوه”.
فالنظر إلی غیر موضع الحاجة عند المعالجة یعدّ من الخیانة فی أعراض الناس ، فلا یجوز للطبیب أن ینظر إلی ما حرّم الله وکذلک الطبیبة ، قال الله تعالی:
(قُلْ لِلْمُؤْمِنینَ یَغُضُّوا مِنْ أبْصارِهِمْ وَیَحْفَظوا فُروجَهُمْ ذلِکَ أزْکی لَهُمْ إنَّ اللهَ خَبیرٌ بِما یَصْنَعونَ * وَقُلْ لِلْمُؤْمِناتِ یَغْضُضْنَ مِنْ أبْصارِهِنَّ وَیَحْفَظْنَ فُروجَهُنَّ وَلا یُبْدینَ زینَتَهُنَّ إلاّ ما ظَهَرَ مِنْها ... )(40).
ویحرم علی الطبیب أن یخلو مع الأجنبیة ، ویوجب بطلان الصلاة لو أرادها فی ذلک المکان کما أفتی الفقهاء بذلک ، حسب الشرائط المذکورة فی الکتب الفقهیة.
ولا بأس أن نذکر نماذج من الآیات الکریمة والروایات الشریفة فی العفّة.
قال رسول الله (صلی الله علیه وآله):
“ إنّ الله یحبّ الحییّ المتعفّف ، ویبغض البذیّ السائل الملحف”.
“ أحبّ العفاف إلی الله عفّة البطن والفرج”.
“ أمّا العفاف ، فیتشعّب منه الرضا والاستکانة والحظّ والراحة والتفقّد والخشوع والتذکّر والتفکّر والجود والسخاء ، فهذا ما یتشعّب للعاقل بعفافه رضیً بالله وبقسمه”.
قال أمیر المؤمنین علی (علیه السلام):
“ ألا وإنّ لکلّ مأموم إماماً ، یقتدی به ویستضیء بنور علمه ، ألا وإنّ إمامکم قد اکتفی من دنیاه بطمریه ، ومن طعمه بقرصیه ، ألا وإنّکم لا تقدرون علی ذلک ، ولکن أعینونی بورع واجتهاد وعفّة وسداد”.
“ ما المجاهد الشهید فی سبیل الله بأعظم أجراً ممّن قدر فعفّ ، لکاد العفیف أن یکون ملکاً من الملائکة”.
العفّة شیمة الأکیاس ، الشره سجیّة الأرجاس”.
العفّة رأس کلّ خیر”.
کان أمیر المؤمنین صلوات الله علیه یقول:
“ أفضل العبادة العفاف”.
“ العفاف أفضل شیمة”.
“ العفاف یصون النفس وینزّهها عن الدنیا”.
“ علیک بالعفاف فإنّه أفضل شیمة الأشراف”.
“ زکاة الجمال العفاف”.
“ عفّوا عن نساء الناس تعفّ نساؤکم”.
“ کانت امرأة علی عهد داود (علیه السلام) یأتیها رجل یستکرهها علی نفسها ، فألقی الله عزّ وجلّ فی قلبها ، فقالت له : إنّک لا تأتینی مرّة إلاّ وعند أهلک من یأتیهم ، فذهب إلی أهله فوجد عند أهله رجلا ، فأتی به داود (علیه السلام) ، فقال : یا نبیّ الله ، أتی إلیَّ ما یؤتَ إلی أحد ! قال : وما ذاک ؟ قال : وجدت هذا الرجل عند أهلی . فأوحی الله تعالی إلی داود (علیه السلام) : قل له : کما تدین تدان”.
قال أمیر المؤمنین (علیه السلام):
“ الحرفة مع العفّة خیر من الغنی مع الفجور”.
وفی صفة المتّقین ، قال (علیه السلام):
“ حاجاتهم خفیفة وأنفسهم عفیفة”.
“ إذا أراد الله بعبد خیراً عفّ بطنه وفرجه”.
“ أصل العفاف القناعة ، وثمرتها قلّة الأحزان”.
“ الرضا بالکفاف یؤدّی إلی العفاف”.
“ قدر الرجل علی قدر همّته ، وعفّته علی قدر غیرته”.
“ من عقل عفّ”.
“ ثمرة العفّة الصیانة”.
“ من عفّ خفّ وزره ، وعظم عند الله قدره”.
“ من عفّت أطرافه حسنت أوصافه”
“ بالعفاف تزکوا الأعمال”.
“ من اُتحف العزّة والقناعة حالفه العزّ”.
“ ینبغی لمن عرف نفسه أن یلزم القناعة والعفّة”.
“ إنّ أفضل العفّة الورع فی دین الله والعمل بطاعته ، وإنّی اُوصیک بتقوی الله فی أمر سرّک وعلانیتک”(41).
المصادر :
1- الإسراء : 80
2- السجدة : 9
3- الرعد : 29
4- البحار 59 : 74 ، المستدرک 3 : 127
5- أخلاق الطبیب : 19
6- البقرة : 282
7- الوسائل ، الجزء 18.
8- میزان الحکمة 8 : 243
9- الأعراف : 201
10- جامع السعادات 2 : 186 ، والآیة من سورة المائدة : 96
11- البحار 62 : 74
12- آل عمران : 102
13- میزان الحکمة 10 : 618 ـ 664 ، عن البحار 73 ، .
14- آل عمران : 159
15- أخلاق الطبیب : 27
16- الفتح : 29
17- الحدید : 27
18- البلد : 17
19- میزان الحکمة 4 : 68
20- لسان العرب 10 : 86
21- الشمس : 8
22- طه : 43 ـ 44
23- غرر الحکم : 70
24- آل عمران : 124
25- الروایات من میزان الحکمة 3 : 135 ـ 158 .
26- القصص : 76
27- البحار 62 : 74
28- البحار 2 : 107
29- الروایات من میزان الحکمة 2 : 147 ، والآیة من سورة العنکبوت : 6
30- الشوری : 38
31- آل عمران : 159
32- الروایات من میزان الحکمة 5 : 210 .
33- تحف العقول : 238
34- کنز العمّال 10 : 16
35- أخلاق الطبیب : 76
36- أخلاق الطبیب : 76
37- المصدر : 82
38- الإسراء : 11 ، والروایات من میزان الحکمة 6 :72
39- الآداب الطبیة : 119
40- النور : 30 ـ 31
41- الروایات من میزان الحکمة 6 : 358