ولاية الفقيه على الصعيد الفقهي

من الناحية الفقهية لا أعتقد أن ثمة مشكلة فقهية في مسألة الولاية والطاعة. فان الخلاف المعروف بين الفقهاء في أمر (ولاية الفقيه) لا يتصل بهذه المسألة، ولا علاقة له بمسألة الارتباط بالولاية والطاعة والبيعة سوأ كان الرأي الفقهي
Thursday, October 29, 2015
الوقت المقدر للدراسة:
موارد بیشتر برای شما
ولاية الفقيه على الصعيد الفقهي
 ولاية الفقيه على الصعيد الفقهي

 







 

من الناحية الفقهية لا أعتقد أن ثمة مشكلة فقهية في مسألة الولاية والطاعة.
فان الخلاف المعروف بين الفقهاء في أمر (ولاية الفقيه) لا يتصل بهذه المسألة، ولا علاقة له بمسألة الارتباط بالولاية والطاعة والبيعة سوأ كان الرأي الفقهي في مسألة ولاية الفقيه بالايجاب أو بالسلب.
فان الخلاف المعروف في مسألة ولاية الفقيه يتلخص في أن الفقاهة هل تكسب صاحبها الولاية أم لا؟ وهذه مسألة يختلف فيها الفقهاء بين رأيين مختلفين، فينفي الشيخ الانصاري وطائفة من تلامذة مدرسته ولاية الفقيه بهذا المعنى، ومنهم آية اللّه السيد الخوئي رحمه اللّه، ويذهب جمع آخر من الفقهاء الى اثبات الولاية للفقهأ كالشيخ أحمد النراقي استاذ الشيخ الانصاري، ومنهم الامام الخميني رحمه اللّه من المعاصرين.
وبموجب هذا الرأي يحق لكل فقيه أن يمارس الولاية في شؤون المسلمين ما لم تتزاحم الولايات، فاذا تزاحمت الولايات نفذ الحكم السابق من هذه الولايات بمقتضى القواعد الاصولية.
والفقهاء المعاصرون بين مؤيد لها ومعارض، يرى أن الادلة التي يذكرها المؤيدون لولاية الفقيه لا تنهض بهذه النتيجة.
وهذه مسألة تختلف في الموضوع والحكم عن مسالة الولاية ووجوب طاعة ولي الامر. ولا أعتقد أن فقيها من الفقهاء يذهب الى جواز مخالفة ولي الامر وجواز الانفصال عنه في هذا الفرض.
فان البديل لهذا الحكم هو تعطيل الحدود الالهية والنظام والامن الاجتماعيين. أو اقرار ولاية الظالمين المفسدين للنظام والامن والمجتمع.
واذا سقط كل من هذين البديلين من الاعتبار، فلا محالة ينحصر الامر في الفرض الاول وهو مبايعة وطاعة ولي الامر والارتباط به. ولا أعتقد أن فقيها يخرج عن هذه البديهية الفقهية.
فان الغأ السيادة والحاكمية في المجتمع رأسا يؤدي الى تعطيل الحياة كلها، فضلا عن تعطيل حدود اللّهوشريعته. وهو أمر لا يمكن أن يلتزم به أحد، وهذا هو أحد البديلين.
والبديل الاخر هو اقرار الانظمة العلمانية والحكام الظلمة وتشريعاتهم وأحكامهم والالتزام بها.
وهذا البديل يواجه عقبتين أساسيتين، احداهما عقبة واقعية، والاخرى نظرية.
أما الواقعية، فهي ان هؤلأ الحكام يدخلون في ممارساتهم اليومية للحكم في مخالفات شرعية كثيرة ويرتكبون الكثير من المظالم والمنكرات.
ومن يقرأ تاريخ هذه الحكومات والانظمة المعاصرة منها والمتقدمة لا يشك في هذه الحقيقة. ويكفي أن نلقي نظرة سريعة على الانظمة القائمة في حياتنا السياسية اليوم، لئلا ندخل في جدل علمي غير مثمر في هذه البديهية.
وافتراض وجود نظام سياسي غير اسلامي يحقق العدل الذي يريده اللّه تعالى، وينظم حركة عجلة حياة المجتمع من دون أن يدخل ممارسات محرمة، ويرتكب المظالم والمنكرات افتراض غير واقعي لا يصح من الناحية العلمية أن نتوقف عنده.
وهذه الانظمة وهؤلاء الحكام موضوع حكمين شرعيين لا يختلف فيه الفقهاء.
الحكم الاول: وهو ايسرها، حرمة التعاون مع الظلمة وحرمة التحاكم اليهم الا بالعنوان الثانوي وحرمة دعمهم وتأييدهم واسنادهم بكل أشكال الدعم والاسناد.
والحكم الثاني: وهو اشقهما واصعبهما، وجوب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر بعرضهما العريض، الذي يبتدئ بالتغيير وفرض المعروف باليد (الثورة المسلحة لقلب النظام)، ويمتد عبر مرحلة العصيان المدني،ومرحلة المقاطعة السياسية والادارية والاقتصادية، ومرحلة الاجهار بالامر بالمعروف والنهي عن المنكروالشجب والردع، وآخره الانكار بالقلب، وهو أدنى درجات الايمان.
وهذه هي العقبة العملية التي تجعل معايشة هذه الانظمة أمرا ممتنعا ومحرما من الناحية الشرعية.
فان معايشة هذه الانظمة وقبول سيادتها من أبرز وأصرح مصاديق الركون الى الظالمين الذي نهانا اللّه تعالى عنه بقوله تعالى: (ولا تركنوا الى الذين ظلموا فتمسكم النار)(1)
أما العقبة الثانية فهي العقبة النظرية، وتتلخص هذه العقبة في مسألة (توحيد الولاية) وانحصار الولاية في حياة الانسان في اللّه تعالى. وفيمن يأذن ويأمر به اللّه.
وسلب الولاية من غير اللّه تعالى وغير أوليأ اللّه الذين أمر اللّه تعالى بطاعتهم، وعدم مشروعية اية ولاية اخرى،مهما كانت الاسباب. وهذه مسلمة قرآنية لا يرقى اليها الشك، ولها علاقة مباشرة بقضية (التوحيد) في القرآن:
يقول تعالى: (أم اتخذوا من دونه أوليأ فاللّه هو الولي)(2). ويقول تعالى: (أفحسب الذين كفروا أن يتخذوا عبادي من دوني أوليأ)(3)
ويقول تعالى: (وما كان لهم من دون اللّه من أولياء)(4)
ويقول تعالى: (قل أغير اللّه أتخذ وليا فاطر السماوات والارض) (5). ويقول تعالى: (اتبعوا ما أنزل اليكم من ربكم ولا تتبعوا من دونه أوليأ)(6)
وهذه كلها آيات بينات محكمات من كتاب اللّه، صريحات في توحيد الولاية للّه تعالى، والغأ شرعية أي ولأ آخرغير ولأ اللّه تعالى ومن يأمر اللّه تعالى بولايته.
وليس من شك أن معايشة الانظمة غير الاسلامية تتضمن التسليم لولاية الحكام الظلمة وقبولها والتحاكم اليهم.
وقد نهانا اللّه تعالى في كتابه عن طاعتهم، والتسليم والانقياد لهم، ونهانا عن التحاكم اليهم، وأمرنا بأن نكفر بهم،ونرفضهم، وحرم علينا الاقرار بولايتهم، وسلب شرعية الحكم والولاية عنهم.
يقول تعالى: (ألم تر الى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل اليك وما أنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا الى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به ويريد الشيطان أن يضلهم ضلا لا بعيدا)(7). وهذه الاية الكريمة تقرر بشكل قطعي حرمة التحاكم الى الطاغوت ووجوب الكفر به، ويستنكر القرآن التحاكم الى الطاغوت في الوقت الذي امروا بأن يكفروا به.
وليس من شك أن الحكام الذين يحكمون بغير ما أنزل اللّه من أبرز وأوضح مصاديق الطاغوت.
ويقول تعالى: (ولا تطيعوا أمر المسرفين * الذين يفسدون في الارض ولا يصلحون)(8)
ويقول تعالى: (ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطا)(9)
ويقول تعالى: (فاصبر لحكم ربك ولا تطع منهم آثما أو كفورا)(10). ويقول تعالى: (ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وسأت مصيرا)(11). وبنأ على ذلك، فلا تصح معايشة ولاية الظالم الذي أمرنا اللّه تعالى برفضه، وحرم علينا طاعته والتحاكم اليه.وهذه هي العقبة النظرية للبديل الثاني.
ومع سقوط هذين البديلين عن الاعتبار وعدم وجود بديل ثالث لا يبقى أمامنا غير خيار شرعي واحد، وهوالارتباط بمحور الولاية (الفقيه المتصدي) وهو القدر المتيقن ممن نعلم بأن اللّه تعالى أذن لهم في ولاية المسلمين في عصر الغيبة، والالتزام بطاعته ومبايعته، والسعي لتمكينه وبسط يده وسلطانه، اذا كان قائما ومتصديابالفعل. أو السعي لنصب الفقيه الكفوء العدل للولاية، اذا لم يكن ناهضا بأمر الولاية والحكم بالفعل، وازالة العقبات وتمكينه من الحكم والولاية. وأعتقد ان طرح المسألة بهذه الصيغة يحقق لنا وحدة الرأي الفقهي في مسألة الولاية، بغض النظر عن اختلاف الفقهاء من الرأي في مسألة ولاية الفقيه.
وقد قلنا ان هذه المسألة لا ترتبط بتلك المسألة، والخلاف المعروف في مسألة (ولاية الفقيه) ليس بمعنى الخلاف في مسألة الارتباط بالولاية، ومن الممكن أن نستحصل على وحدة الرأي الفقهي في مسألة الارتباط بالولاية مع وجود هذا الخلاف في مسألة ولاية الفقيه أو حتى مع اختيار الرأي السلبي من مسألة ولاية الفقيه.
فان الرأي السلبي في تلك المسألة لا يصحح الموقف السلبي من مسألة الارتباط بالولاية.
وقد انطلقت في تكوين هذا الرأي من مجموع من المسلمات الفقهية، لذلك أعتقد أن بالامكان أن نجعل من هذاالرأي أساسا لوحدة النظر بين الفقهاء المعاصرين في مسألة الارتباط بالولاية.
أدلة ولاية الفقيه:
واذا اتضح ما تقدم من أمر الحاكمية في هذا الدين وأصالتها، ننتقل الى البحث عن ولاية الفقيه، فان طبيعة المنهجة التي رسمناها لهذا الكتاب، تقتضينا أن نبحث بعد التأكد من أصالة الحاكمية في هذا الدين عن الادلة التي تثبت ولاية الفقيه وحقه في الحكم، وحرمة تولي هذا الامر من قبل أحد غير الفقهاء والعارفين بأحكام اللّه وحدوده.
فان مسؤولية الحاكم، هي العمل لتحقيق أحكام اللّه وحدوده في المجتمع، واقامة حكم اللّه وتطبيق شريعته، ولهذاالسبب كان مما يجب أن يتصف به الحاكم، هو الفقاهة في دين اللّه وأحكامه وشرائعه.
ونعني بالفقاهة ما قدمنا له من تعريف سابقا وهو فهم أحكام اللّه وحدوده من أدلتها التفصيلية، باجتهاد ورأي من دون تقليد، فلا يتاح للحاكم أن يحكم بما أنزل اللّه، لو لم يكن فقيها فيما أنزل اللّه من حكم.
ولا يجوز أن يتولى شؤون المسلمين، لو لم يكن عالما بما أوجب اللّه في ذلك، من حدود وشريعة.
ولذلك كله، فان من الطبيعي أن ينحصر الحق في الحكم والولاية، في الفقيه دون غيره من فئات المجتمع، وأن يكون الفقيه، هو وحده الذي يتسلم السلطة التنفيذية في المجتمع الاسلامي باستحقاق.
ولا بد أن نستنطق بعد ذلك الروايات والاحاديث التي تؤكد هذا المعنى، وتدل بصراحة على انحصار هذا الحق في الفقيه الذي يفهم الاحكام الالهية، والوظائف من الادلة الفقهية التفصيلية، عن رأي واجتهاد، وهذه الاحاديث كثيرة، نستعرض منها نموذجين بايجاز، ونحيل القارئ لاطلاع تفصيلي أكثر، الى الموسوعات الحديثية والفقهية(ولدراسة تفصيلية في ذلك، نوصي القرأ بمراجعة المحاضرات القيمة التي القاها آية‏اللّه العظمى‏الامام‏الخميني(قدس سره)، في محاضرته عن ولاية‏الفقيه والحكم الاسلامي التي القاها في النجف الاشرف وطبعت فيها، وقدتناول(قدس سره) في هذه المحاضرات الروايات الدالة على ولاية الفقيه بالبحث والدرس من حيث المتن والسند بصورة وافية‏ودقيقة. ولما كانت هذه الروايات قد درست من قبل سماحته دراسة علمية مستوعبة، فلا نرى ضرورة في ذكر هذه‏الروايات جميعابالتفصيل، وانما نقتصر على ذكر بعضها، ونحيل القارى الى هذه المحاضرات، فيما لو كان يطلب‏تفصيلا اكثر في هذا الموضوع.)
والنموذج الاول من هذه النماذج، هو الروايات الدالة على ارجاع الناس الى الفقهاء في القضايا العامة، وفيما يحدث بين المسلمين من خلاف وفي مجاري الامور والحوادث الواقعة.
والنموذج الثاني، هو الروايات الدالة على أن الفقهاء يقومون مقام الانبيأ والائمة، ويرثون مكانتهم في الحياة الاجتماعية، ويخلفونهم في قيادة المجتمع وادارته.
النموذج الاول من الروايات روايات الولاية
وهي الروايات الدالة على نصب الفقهاء حكاما على الناس في مسائل الحياة الاجتماعية، من قبل الائمة (عليهم السلام)،وارجاع الناس اليهم في الشؤون الاجتماعية، وفي قضايا الحكم والادارة، نقتصر على ذكر ثلاث روايات منها:
1- عن اسحاق بن يعقوب، قال: سألت محمد بن عثمان العمري، أن يوصل لي كتابا قد سألت فيه عن مسائل أشكلت علي، فورد التوقيع بخط مولانا صاحب الزمان (عليه السلام):
(أما ما سألت عنه أرشدك اللّه وثبتك... الى أن قال: وأما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها الى رواة أحاديثنا، فانهم حجتي عليكم وأنا حجة اللّه)(12)
و(الحوادث الواقعة) هي الاحداث التي تتطلب مواقف سياسية موحدة، والقضايا التي تتطلب اجرأات جديدة،والتي يكون أمرها بيد الحاكم، وذلك كالحروب والطوارئ، والتحولات الاجتماعية التي تتطلب اجرأات اجتماعية وقيادية. وهذه الاحداث والقضايا بشكل عام، تتطلب موقفا مركزيا واحدا وحاكما يفرض رأيه، وينقاد له المجتمع،ويحقق وحدة الموقف الذي هو أهم ما في هذا الامر.
فهناك اذن ((حوادث)) تتطلب مواقف جمعية يحددها الحاكم، بما له من السلطة التنفيذية في المجتمع. وبازأ هذه الحوادث، فهناك مسائل تتطلب أحكاما يحددها الشارع، وليس لاحد أن يتصرف فيها في قليل أو كثير. والحاكم الشرعي، لا يملك فيها الا بيان الحكم الشرعي حسبما ينتهي اليه نظره واجتهاده.
وبين الامرين بون بعيد، والسؤال في الحديث عن الحوادث الواقعة، التي تتطلب أحكاما ومواقف واجرأات من قبل السلطة الحاكمة، أو الحاكم الشرعي حسبما تقتضيه المصلحة العامة، وليس سؤالا عن المسائل الشرعية التي يكثر الابتلأ بها.
فان كلمة (الحوادث الواقعة)، تكاد تكون صريحة في ذلك، بالاضافة الى أن الرجوع الى رواة الحديث، فيما يبتلي به الفرد من المسائل الشرعية في عصر الغيبة، كان من الامور الواضحة.
ومن المستبعد جدا أن يكون السائل أراد ذلك بسؤاله.
2- عمر بن حنظلة، قال: سألت أبا عبد اللّه (عليه السلام)عن رجلين من أصحابنا، بينهما منازعة في دين أو ميراث، فتحاكماالى السلطان والى القضاة أيحل ذلك؟ قال:
(من تحاكم اليهم في حق أو باطل، فانما تحاكم الى الطاغوت، وما يحكم له، فانما يأخذه سحتا، وان كان حقا ثابتا له، لانه أخذه بحكم الطاغوت، وما أمر اللّه أن يكفر به).
قال: (يريدون أن يتحاكموا الى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به)(13). قلت: فكيف يصنعان؟ قال: (ينظران من كان منكم ممن قد روى حديثنا، ونظر في حلالنا وحرامنا، وعرف أحكامنا، فليرضوا به حكما فاني جعلته عليكم حاكما)(14)
ومن الواضح أن الرجوع الى السلطان، أو الحاكم الجائر ليس لغرض معرفة الحق من الباطل، فان السائل على علم بانحراف هؤلأ الحاكمين جميعا، وانما يكون لغرض انقاذ الحق وتنفيذه عن طريق الحاكم، وبالسلطة التي يملكها الحاكم، وارغام المعتدي للاذعان للحق.
ويحظر الامام (عليه السلام)عليه وعلى عامة المؤمنين أن يرجعوا الى هؤلأ، ويعتبر المال الذي يأخذه بموجب حكم الحاكم سحتا، وان كان من حقه المشروع. ثم يأمر الامام (عليه السلام)أن يرجع المسلمون فيما يثار بينهم من خلاف، الى الفقهاء الذين نظروا في حلال هذا الدين وحرامه، وعرفوا أحكامه لينفذوا فيهم أحكام اللّه وحدوده.
ويمنح الفقيه هذا الحق الذي يستطيع بموجبه أن ينفذ حكمه في المعتدي. ويأخذ منه الحق. ويوجب على الامة الانقياد له (فاني جعلته عليكم حاكما).
فتحكيم الفقهاء والرجوع اليهم اذن يأتي في الحديث قبال مقاطعة الحكام الجائرين والمنحرفين.
فان المقصود بالسؤال، ليس الجانب التشريعي من قضأ القضاة الجائرين وأحكامهم، فان السائل لا يمكن أن يخطر على باله، أن يكون قضأ هؤلأ القضاة مقياسا للحق. وانما المقصود بالسؤال هو الرجوع الى هؤلأالقضاة، من أجل انقاذ حق مشروع، فيما لو كان هؤلأ القضاة يحكمون وفق المقاييس الشرعية.
واذا كان يجب مقاطعة هؤلأ الحكام حتى في تنفيذ انقاذ حق مشروع، وكان يجب الرجوع الى الفقهاء في ذلك كله،فان الفقهاء يحلون من المجتمع محل هؤلأ القضاة والحكام، بالصلاحيات المخولة اليهم، ويكون الارجاع الى الفقهاء في نفس الشؤون والامورالتي كان يتولا ها الحكام الجائرون، ويكون الفقيه حاكما بنفس المعنى، ويكون حكمه نافذا، يجب الانقياد له وامتثاله على المؤمنين، كما كان الحكام من أصحاب السلطة الزمنية يتمتعون بهذا الحق في نظر الناس، ويجوزله تنفيذ حكمه بالقوة، كما كان الحكام يرون لانفسهم ذلك.
وبذلك تكون الرواية صريحة في اعتبار الفقيه حاكما يتمتع من قبل الشارع بسلطة تنفيذية، يجوز له بموجبهاتنفيذ ما يصدره من حكم، ويجب على الامة أن تنقاد له وتطيع.
ومما يدل على ولاية الفقيه في ممارسة القضايا التي تتعلق بشؤون الحكم من الامور الحسبية وولاية المظالم وتنفيذ العقوبات والمحافظة على أموال القصر والسفهأ وغير ذلك: ان القضاة المنصوبين من قبل الخلفأ في العصر الاموي والعباسي، كانوا يمارسون مثل هذه الاعمال، وكانت تخولهم السلطة الحاكمة المركزية في ذلك الوقت ممارسة هذه المهام. فكان القاضي قيما على أموال الايتام والقصر، وكان يأمر بتنفيذ العقوبات ومطاردة المجرمين ويتولى الامور الحسبية.
وطبيعة المقابلة بين قضاة البلاط، والقضاة المنصوبين من قبل أهل البيت (عليه السلام)من الفقهاء، والمنع عن مراجعة اولئك وارجاع الناس الى هؤلأ... تقضي أن على القضاة المنصوبين من قبلهم (عليه السلام)قضأ عاما أو خاصا نفس المسؤوليات التي كانت تناط بقضاة البلاط. وذلك حتى يتأتى لهؤلأ القضاة أن يسدوا الحاجات التي كان يسدهاأولئك القضاة.
ويؤيد ذلك الرواية التالية المروية عن الامام الباقر (عليه السلام):
روى الكليني في الكافي عن محمد بن اسماعيل بن بزيغ، قال:
مات رجل من أصحابنا، ولم يوص، فرفع أمره الى قاضي الكوفة، فصير عبدالحميد القيم بماله. وكان الرجل خلف ورثة صغارا، ومتاعا وجواري. فباع عبد الحميد المتاع. فلما أراد بيع الجواري ضعف قلبه على بعضهن. اذ لم يكن الميت صير اليه وصيته، وكان قيامه فيها بأمر القاضي، لانهن فروج.
قال فذكرت ذلك لابي جعفر (عليه السلام)، وقلت له: يموت الرجل من أصحابنا، ولا يوصي الى أحد، ويخلف جواري، فيقيم القاضي رجلا منا ليبيعهن أو قال يقوم بذلك رجل منا، فيضعف قلبه لانهن فروج، فما ترى في ذلك؟ قال: فقال: (اذا كان القيم به مثلك أو مثل عبد الحميد، فلا بأس)(15)
3- حسن بن علي بن شعبة، عن أبي عبد اللّه الحسين (عليه السلام)، عن أمير المؤمنين (عليه السلام): (مجاري الامور والاحكام على أيدي العلماء، باللّه الامنأ على حرامه وحلاله)(16)
والرواية طويلة اقتصرنا فيها على موضع الشاهد، ومن التأمل في مجموع الرواية يتضح أن المقصود بالعلمأهنا الفقهاء، وليس الائمة (عليهم السلام)، كما يحتمل ذلك بعض الفقهاء(والتعبير عن الفقهاء (بالعلماء باللّه) دون (العلماء بأحكام اللّه) لغرض يعرف من صدر الحديث، حيث يتناول‏الحديث الانكار على الاحبار الذين اقروا الناس على ما كانوا يرتكبون من منكرات رغم علمهم بأحكام اللّه، وهذا السياق‏يقتضي التعبير عن العلمأ الذين تناط بهم مجاري الامور والاحكام علمأ باللّه وامنأ على حلاله وحرامه.)
والمقصود من مجاري الامور والاحكام، هو السلطة التنفيذية ومنصب الافتأ التي سبق أن أشرنا اليهما في صلاحيات الحاكم وسلطاته. فان المقصود بالامور هو الشؤون الاجتماعية التي يتولى ادارتها الحاكم، ويرجع الناس اليه فيها، ويتغير الحكم فيها حسب اختلاف الظروف والمصالح الاجتماعية، وهي بالطبع تختلف عن الاحكام الشرعية الثابتة التي يتولى فيها الفقيه أمر استخراجها من الادلة الشرعية والافتأ بها الى الناس. وبذلك فالرواية تدل على اناطة الحكومة والافتأ بالفقهاء، وتنصيبهم حكاما على المسلمين في الشؤون الاجتماعية،التي لابد أن يتولا ها جهاز اجتماعي حاكم في المجتمع.
يقول العلا مة حسين بن نصر اللّه الموسوي: دلت الرواية على أن العلمأ لهم الرئاسة المطلقة، والسلطة الثابتة في امور الرعية واجرأ الاحكام الشرعية، حيث نص على أن مجاري الامور بيدهم. ومن المعلوم أن الامور جمع محلى باللام، وهو مفيد للعموم، فلا اختصاص في رئاستهم بأمر دون أمر، بل لهم الرئاسة في جميع امورالرعية(17)
نظرة في أحاديث الولاية:
هناك احاديث وروايات كثيرة بهذا المضمون الاحاديث بهذا المضمون كثيرة، ولسنا بصدد استقصائهاوعرضها. وهي وان كان بعضها لا يخلو من مناقشة في سندها، الا أن تكرر هذا المضمون في أحاديث كثيرة تطمئن الباحث الى صحة صدور هذا المضمون. وأما من حيث المضمون والدلالة، فان هذه الاحاديث والروايات جميعا، تتفق في تنزيل الفقهاء منزلة الانبيأ والائمة في مسؤولياتهم وواجباتهم، وتعتبرهم (خلفأ) و (ورثة) و(امنأ) للانبيأ.
ومما لا شك فيه أن مسؤولية الانبيأ وبخاصة اولي العزم منهم، لم تكن تبليغ أحكام اللّه ودعوة الناس الى دين اللّهفحسب، وانما كان من مسؤوليتهم أيضا تولي السلطة في حياة المجتمع، وقيادة المجتمع، وتنظيم حياته وعلاقاته، كما كان يجب على الناس الانقياد لهم والرجوع اليهم فيما يتصل بشؤون السلطة والحكم والادارة. وقدبحثنا عن هذا الجانب في حياة النبي (صلی الله عليه وآله وسلم)بشكل واسع في مقدمة هذا البحث، ورأينا أن الجانب القيادي، كان يعتبر جانبا كبيرا من اهتمامات النبي (صلی الله عليه وآله وسلم)ومسؤولياته.
واذا كان الامر كذلك، فان هذه المجموعة من الروايات تنزل الفقهاء منزلة الانبيأ. فتعتبرهم (امنأ) للانبيأ و(ورثة) لهم و (خلفأهم) و (بمنزلتهم). وهذه الصفات جميعا، وهذه العناية بشأن الفقهاء، بهذا الشكل من التأكيدوالتكرار، لا يمكن أن يقصد به الفضل أو المنزلة في الحياة الاخرى، أو أي شيء من هذا القبيل.
واقتران (الفقاهة) ب (النبوة) في الروايات برابطة الخلافة تارة، وبعلاقة الوراثة اخرى، والامانة ثالثة، والمنزلة رابعة، ذو مدلول أعمق وأشمل من ذلك كله، ويتناول كل السلطات والصلاحيات التي أناطها اللّه تعالى بالانبيأ والائمة (عليه السلام)عدا الامور التي تخصهم.
ومن أظهر هذه السلطات والصلاحيات وأهمها، هي صلاحية الحكم في المجتمع وتولي السلطة فيه.
ويتضح الامر كثيرا لو عرضنا هذه التعابير جميعا على العرف العام من الناس، وألغينا الاحتمالات والتشكيكات التي لا يأخذها العرف بنظر الاعتبار.
وذلك فيما لو صرح حاكم قبل وفاته، بأن فلانا بمنزلتي ووارثي وأميني وخليفتي، فهل يمكن أن يرتاب أحد من الناس في أن الحاكم يريد اناطة السلطة والحكومة به بعد وفاته؟ واذا كان الامر بهذا الحد من الوضوح في الفهم العرفي العام، فلماذا لا يجوز التمسك بهذه الروايات جميعا،وبغيرها مما يتفق معها في المضمون في اثبات ولاية الفقيه، وحقه في تولي السلطة الاجتماعية في المجتمع.
وهناك مجموعات اخرى من الروايات تشبه هاتين المجموعتين من الروايات في هذا المضمون، وتدل على ولاية الفقيه وحقه في التنفيذ، ووجوب الانقياد له من قبل الامة.
وبامكان القارئ أن يرجع الى هذه الروايات في الجوامع الحديثية بشكل مفصل.
نظرة اخرى في أحاديث الولاية:
من مراجعة الروايات المتقدمة، يتبين أن الفقيه يتولى من حياة المجتمع (مجاري الامور) و (الحوادث الواقعة).وهذه الامور والحوادث، هي التي يلي أمرها الفقيه من حياة المجتمع، وينفذ فيها على المسلمين حكمه ورأيه.ولابد من القأ بعض الضوء على ذلك، ليتضح ما هو المقصود من هذه الامور والحوادث.
وأول ما يلفت النظر في ذلك، أن المقصود من الامور التي يتولاها الفقيه شيء غير الاحكام الشرعية.
فان رجوع الناس الى الرواة والفقهاء في الاحكام الشرعية، ليس من الامور الخافية التي يسأل عنها اسحاق بن يعقوب، وانما المقصود ب(الحوادث الواقعة) و (مجاري الامور) التي يرجع الناس فيها الى العلمأ، هي الشؤون الاجتماعية والادارية التي ترك الاسلام أمرها للفقيه الحاكم، يتولى أمرها حسبما تقتضيه المصلحة الاجتماعية.
وبذلك، فان (مجاري الامور) و (الحوادث الواقعة)، تقع في النقطة المقابلة من الاحكام الشرعية، التي تحدد جزءاكبيرا من تصرفات المسلمين قادة ورعايا في حدود شرعية دقيقة.
ففي الحياة الاجتماعية نوعان من المسائل:
نوع من هذه المسائل ورد فيها أحكام شرعية ثابتة، ولا يمكن أن تتبدل بحال، وليس للفقيه حق في اجرأ أي تغيير عليها:
كحرمة الربا، والاحتكار، ووجوب اخراج الزكاة، والخمس من المال، ووقوع الطلاق عن رغبة الرجل دون المرأة، وغير ذلك من الاحكام الشرعية الثابتة التي تتناول جانبا كبيرا من حياة الفرد وحياة المجتمع.
ونوع آخر من المسائل الاجتماعية لم يحدد الشارع لها حكما شرعيا ثابتا، نظرا لارتباطها الوثيق بالظروف الاجتماعية المتبدلة، وعدم وجود وضع ثابت لها، مما يتطلب أحكاما ومواقف مختلفة باختلاف الظروف والحالات التي تطرأ على المجتمع، كالضرائب المالية التي تفرضها الدولة على رؤوس الاموال عدا الزكاة والخمس في الحالات الضرورية، كما لوتعرضت الامة لكارثة طبيعية، أو تعرضت لهجوم من جانب الاعداء، ويتطلب الامر فرض ضرائب مالية عداضريبة الخمس والزكاة على المتمكنين من ذوي الدخول الكبيرة من جانب الحاكم الاسلامي لمواجهة الحالة الطارئة. وكالزام الناس بنظام خاص تتطلبه المصلحة الاجتماعية في العمل والتجارة والدراسة والسيروالسكنى.
فقد تقتضي المصلحة الاجتماعية أن تتوقف ممارسة الافراد لمهنة من المهن الحرة، كالطبابة والصيدلة مثلا،على موافقة الجهات المعنية في الدولة، وقد تقتضي المصلحة الاجتماعية المنع من استيراد بضاعة من البضائع،لغرض دعم الانتاج الداخلي، أو لغير ذلك من الاسباب، وقد تقتضي ارغام الناس على التلقيح ضد بعض الامراض المعدية، خوفا من انتشار المرض. وغير ذلك من الحوادث والامور التي لا يمكن تحديدها في اطار ثابت من الاحكام الشرعية، نظرا لاختلاف الظروف والمصلحة.
فان مثل هذه الحوادث والامور، تتطلب مرونة وتبدلا في الحكم حسب اختلاف الظروف والمصالح الوقتية، ممايجعل ربطها بأحكام شرعية ثابتة أمرا غير ممكن. وهذه الامور هي المقصودة ب (مجاري الامور) و (الحوادث الواقعة) التي ورد ذكرها في الروايتين الاولى والثالثة، وقد أناط الاسلام أمر هذه الحوادث بالولاة من الفقهاء، ومنحهم حقا في الحكم في أمثال هذه القضايا، بما تتطلبه مصلحة الوقت والظرف، وأمر المسلمين بالرجوع اليهم والانقياد لهم، فيما يتعلق بهذه القضايا التي تتولى السلطة تنظيمها وتنسيقها عادة في الدول، واعتبرحكمهم نافذا على المسلمين، لا يجوز مخالفته في شيء.
ومن الواضح أن الاحكام التي يصدرها الحاكم في مثل هذه القضايا،لا تنتظمها في مفرداتها نصوص شرعية خاصة ثابتة، لعدم امكان وضع حدود ثابتة لمفردات هذه القضايا.وانما يلحظ الحاكم في الحكم مصلحة الوقت والظرف فقط، ولكن هذه الاحكام مع ذلك تندرج في أحكام كلية شرعية يستند عليها الفقيه في التطبيق، ويتولى أمر تطبيقها.
فان الامر باعداد القوة لمواجهة العدو وارهابه، حكم كلي شرعي، يستند عليه الفقيه في اعداد تنظيم عسكري خاص تتطلبه مصلحة الوقت والظرف، ويتولى تنفيذه وتطبيقه بين المسلمين بما منحه الاسلام من حق وسلطة في مجال التنفيذ.
ونلاحظ بعد ذلك في كلمة (الحوادث الواقعة) و (مجاري الامور)، أن المقصود منهما لا يمكن أن يكون الحوادث والامور التي تتصل بحياة الافراد، دون أن ترتبط بمصلحة اجتماعية، وانما تخص هذه الكلمة الحوادث والامور التي تتصل بحياة المجتمع وبشؤون القيادة والحكم، وما يرتبط بالمصلحة الاجتماعية بشكل من الاشكال. فلا تعني هذه الروايات اذن، مراجعة الفقهاء في القضايا الشخصية التي لا تتصل بالحياة الاجتماعية، وبشؤون القيادة والحكم وبالمصلحة الاجتماعية، كما لو أراد أحد الزواج من امرأة، أو الانفاق على فقير، أو السعي في ايجاد عمل لانسان عاطل، أو شرأ أو بيع. فان أمثال هذه القضايا لا تخص السلطة الحاكمة، ولا تتعلق بشؤون القيادة والزعامة، وليست من الامور والحوادث الاجتماعية التي تتولا ها السلطة عن الناس عادة. فيجوز للمسلمين ممارسة أمثال هذه الامور التي لا ترتبط بشؤون الحكم والادارة والقيادة اتصالا وثيقا، بصفة شخصية، دون حاجة الى مراجعة جهاز الحكومة الاسلامية في ذلك. ويناط غير ذلك من شؤون الحياة الاجتماعية والادارية، وقضايا الحكم والسياسة والحرب بالحاكم وجهاز الحكومة.
النموذج الثاني من الروايات أحاديث التنزيل
وهي احاديث وروايات كثيرة تدل على أن الفقهاء يرثون الانبيأ، ويخلفونهم في القيادة على المجتمع، وانهم يقومون بين المسلمين مقام الانبيأ من بني اسرائيل، وينزلون من الامة منزلة الائمة في وجوب الانقياد لهم،وفي نفوذ حكمهم ووجوب الرجوع اليهم، وهي كثيرة نقتصر على ذكر بعضها:
1- عن أبي عبد اللّه الصادق (عليه السلام)قال: قال رسول اللّه (صلی الله عليه وآله وسلم)
(الفقهاء امنأ الرسل ما لم يدخلوا في الدنيا)(18)
2- عن أبي البختري عن أبي عبد اللّه (عليه السلام)قال: (ان العلماء ورثة الانبياء)(19)
3- عن الامام الرضا (عليه السلام)، قال: (منزلة الفقيه في هذا الوقت كمنزلة الانبيأ في بني اسرائيل)
4- عن رسول اللّه (صلی الله عليه وآله وسلم)، قال: (علمأ امتي كسائر الانبياء قبلي)(20)
5- عن أمير المؤمنين (عليه السلام)عن رسول اللّه (صلی الله عليه وآله وسلم)أنه قال:
(اللهم ارحم خلفائي، قيل: ومن خلفاؤك يا رسول اللّه؟ قال:الذين يأتون من بعدي ويروون حديثي وسنتي).
وهناك أحاديث اخرى بهذا المضمون، بامكان القارئ الرجوع اليها في الموسوعات الحديثية والفقهية.
المصادر :
1- هود: 113.
2- الشورى: 9.
3- الكهف: 102.
4- هود: 20.
5- الانعام: 14.
6- الاعراف: 3.
7- النساء: 60.
8- الشعراء: 151 152.
9- الكهف: 28.
10- الانسان: 24.
11- النساء: 115.
12- وسائل الشيعة 18/101 الباب‏11 من ابواب‏صفات القاضي ح‏9.
13- النساء: 60.
14- وسائل الشيعة 18/98 99، الباب‏11 من ابواب صفات القاضي، ح‏1/ نقد الرجال: ص‏253 / الكافي: 3/275
15- وسائل الشيعة: 12 / 270 كتاب التجارة، باب‏16 من ابواب عقد البيع، ح‏2.
16- تحف العقول: ص‏169، باب ما روي عن الحسين بن علي(عليه السلام).
17- المسائل النجفية: ص‏331.
18- الكافي كتاب فضل العلم: باب‏13، الحديث‏5.
19- السيد حسين الموسوي في الدرة النجفية: ص‏331.
20- العوائد: ص‏186.

 



ارسل تعليقاتك
با تشکر، نظر شما پس از بررسی و تایید در سایت قرار خواهد گرفت.
متاسفانه در برقراری ارتباط خطایی رخ داده. لطفاً دوباره تلاش کنید.