موقع المهدی فی السنة النبویة

عند استعراضنا لتاریخ روایة وكتابة الأحادیث النبویة، والظروف التی أحاطت بهذا التاریخ لدى دولة الخلافة وعلمائها من جهة، ولدى أهل بیت النبوة وأولیائهم من جهة أخرى، وعند وقوفنا على ما رواه الطرفان عن المهدی المنتظر، وعلامات ظهوره،
Monday, December 14, 2015
الوقت المقدر للدراسة:
موارد بیشتر برای شما
موقع المهدی فی السنة النبویة
 موقع المهدی فی السنة النبویة

 






 

عند استعراضنا لتاریخ روایة وكتابة الأحادیث النبویة، والظروف التی أحاطت بهذا التاریخ لدى دولة الخلافة وعلمائها من جهة، ولدى أهل بیت النبوة وأولیائهم من جهة أخرى، وعند وقوفنا على ما رواه الطرفان عن المهدی المنتظر، وعلامات ظهوره، وعصر هذا الظهور، یتبین لنا بوضوح ساطع أن المهدی المنتظر حقیقة من الحقائق الدینیة الرئیسة التی أجمع المسلمون على صحتها، وتواترت أنباء هذه الحقیقة بینهم، تواترا لا یقل عن تواتر أركان الإسلام، وأساسیاته الضروریة، وأن ما رواه الطرفان عن رسول الله فی هذا الموضوع هو جزء لا یتجزأ من المعارف والمعلومات الدینیة التی جاء بها الإسلام كدین، وأن هذه المعارف والمعلومات جزء لا یتجزأ من عقیدة الإسلام وتعالیمه.

مدرستا الأمة

تخرجت الأمة الإسلامیة من مدرستین لا ثالث لهما.

المدرسة الأولى: وهی مدرسة دولة الخلافة التاریخیة :

ومن والاها من علماء المسلمین رغبة أو رهبة وقد أجمع أساتذة وخریجو هذه المدرسة على أن المهدی المنتظر حقیقة دینیة، بشر بها الرسول وأنه سیظهر ذات یوم، ورووا مئات الأحادیث عن رسول الله التی تحدثت عن المهدی ونسبه، وعن حتمیة ظهوره، وعن علامات الظهور، وعن عصر ظهوره، ووفق معاییر هذه المدرسة وموازینها، فقد أجمع أساتذتها وخریجوها بأن تلك الأحادیث صحیحة، ومتواترة وأنها قد رواها جمع كبیر من الصحابة الكرام والعلماء الذین یمتنع عقلا اجتماعهم على الكذب، وأن هذه الأخبار قد شاعت بین المسلمین وتناقلتها أجیالهم جیلا عن جیل، واطمأنت لها القلوب فتحولت إلى جزء لا یتجزأ من العقیدة الدینیة والإسلامیة.

المدرسة الثانیة : وهی مدرسة أهل بیت النبوة:

أساتذتها أئمة أهل البیت الأعلام الذین تتلمذوا على ید الرسول شخصیا، وعاشوا وإیاه تحت سقف واحد طوال حیاته المباركة، وأورثهم علمی النبوة والكتاب، وعهد إلیهم بوظیفة بیان ما أنزل الله من بعده كل فی عصره، وقد تخرج على أیدیهم علماء أفذاذ نبغوا بعلمی النبوة والكتاب، وقد أجمع أئمة أهل بیت النبوة وخریجو مدرستهم على أنهم قد سمعوا رسول الله یبشر بالمهدی المنتظر، ویسمیه باسمه محمد بن الحسن وأنه حفید النبی، وأنهم سمعوا رسول الله یصفه وصفا دقیقا، ویؤكد على حتمیة ظهوره، مثلما سمعوه وهو یبین علامات هذا الظهور، ویصف عهد المهدی وما فیه من عدل ورخاء، وسیادة على العالم كله، وظهور لدین الإسلام على كل الأدیان، وأن هذا المهدی هو الإمام الثانی عشر من أئمة أهل بیت النبوة، ومن لا یعتقد بذلك فلیس من شیعة أهل البیت ولا من موالیهم الخلص. بمعنى أن هذا الاعتقاد جزء من حقیقة موالاة وتولی أهل بیت النبوة. ثم إنه ما من إمام من الأئمة الأخیار إلا وقد بشر بالمهدی المنتظر، وروى عن جده رسول الله أحادیث تتعلق بذات المهدی وصفاته، وعلامات ظهوره ومظاهر العدل، والعزة، والرخاء فی صحاحهم وكتب حدیثهم تتحدث بالتفصیل عن المهدی، ویعتبرون ظهوره فرجا، وانتظار هذا الفرج قربى إلى الله ودینا .
لقد عرفنا إجماع المدرستین الإسلامیتین الوحیدتین فی العالم الإسلامی على حقیقة أن رسول الله بالفعل قد بشر بالمهدی المنتظر، وأكد حتمیة ظهوره، بحیث أنه لو لم یبق من الدنیا إلا یوم واحد، لطول الله ذلك الیوم حتى یظهر المهدی المنتظر فیه، ولا خلاف بین اثنین من كون المهدی من أهل بیت النبوة.
فهل یعقل بربك أن یجمع أهل بیت النبوة وأولیاؤهم، وعلماء دولة الخلافة والخلفاء وأولیاؤهم وهم على طرفی نقیض على كذب! وبتعبیر أدق هل یعقل أن یجمع كافة المسلمین على كذب، أو على أسطورة منسوبة للدین، أو على الكذب على رسول الله، أو التقول علیه!
یمكن لدولة الخلافة أن تجبر فریقا من الأمة على هدم الكعبة نفسها وهی أقدس مقدسات المسلمین، وتجبر الفریق الآخر على السكوت، ویمكنها أن تنتهك أعظم حرمات الإسلام، فتقتل ابن النبی، وتقتل وتبید ذریة النبی، وتسبی بناته وبأعصاب هادئة بأیدی فریق من الأمة مع ضمان سكوت الفریق الآخر، ویمكنها أن تستبیح مدینة النبی، فتفض بكارات بناتها وتنهب أموالها، وتقتل الأكثریة الساحقة من سكانها وتأخذ البیعة من الناس على أنهم خول وعبید لخلیفة یتصرف بهم تصرف المالك بملكه وأشیائه! كما حدث ذلك فی التاریخ فعلا، بمعنى أن دولة الخلافة قادرة على فعل كل ما تریده، ولكنها لا تستطیع أن تجبر الأمة لتقتنع قناعة تامة، وتختلق على رسول الله الأنباء المتعلقة بالمهدی المنتظر، ولنفترض بأنها استطاعت أن تقود رعایاها، وتسخر مواردها فی حملة اختلاق كبرى على رسول الله، فهل یمكنها أن تجبر أئمة بیت النبوة على المشاركة بمثل هذه الحملة! وهل یمكنها أن تجبر الأئمة على اقتراف جریمتی الكذب والاختلاق على رسول الله! وهم نماذج بشریة فذة تعتبر الموت سعادة، والحیاة مع الظالمین شقاء لا یطاق!
ثم ما هی مصلحة الخلفاء، أو رعایاهم، أو دولتهم لیجمعوا على حقیقة أن المهدی المنتظر من أهل بیت النبوة! وهم الخلفاء الذین كانوا یؤمنون أن العبید والموالی وأعداء الله ورسوله أولى بالخلافة من آل محمد، فهل یعقل أن یعملوا بأیدیهم الدلیل الذی سیدینهم!
لقد فرضت كثرة ونوعیة، وصحة وتواتر، الأحادیث الصادرة عن رسول الله نفسها على الخلفاء ورعایاهم ودولتهم، فكان زخمها من القوة بحیث لم یعد بالإمكان إنكارها، أو تجاهلها أو تكذیبها، إنها قوة الحقائق الربانیة التی یعترف بها المحب والكاره، المؤمن والفاسق.
لهذا كله أجمع أهل بیت النبوة ومن والاهم على أن الأحادیث المتعلقة بالمهدی المنتظر قد صدرت من رسول الله بالفعل، وأنهم قد سمعوا رسول الله یتحدث بها، وأنه قد كلفهم ببیانها ونقلها للمسلمین، وأنهم ورثوا هذه الحقیقة كجزء لا یتجزأ من علمی النبوة والكتاب.
كذلك فقد أجمع علماء دولة الخلافة بأنه قد ثبت لدیهم بالوجه القطعی بأن الأخبار المتعلقة بالمهدی المنتظر قد صدرت عن رسول الله بالفعل، وأنهم قد حصلوا تلك الأخبار بنفس الطرق والوسائل التی حصلوا فیها على أخبار النبی عن الصلاة والصیام والحج وغیرها من أحكام الإسلام، وأنه قد ثبت لدیهم صحتها وتواترها، وعلى ذلك تسالم جمیع علماء دولة الخلافة ورعایاها عبر تاریخها السیاسی الطویل، وما زال ذلك إرثا مقدسا.

رواة الأحادیث المتعلقة بالمهدی المنتظر

روى الأحادیث المتعلقة بالمهدی أكثر من خمسین صحابیا. شهدت الأكثریة الساحقة منهم بأنهم قد سمعوا رسول الله یدلی بهذه الأحادیث ویتحدث بها أمامهم وعلى مسامعهم.
وتتبع العلماء بدقة متناهیة بعض هذه الأحادیث حتى أوصلوها إلى بعض الصحابة فوقفت عندهم، دون أن یصرحوا بأنهم قد سمعوها من رسول الله. ولا یخفى أن أحادیث المهدی كلها من أنباء الغیب، والصحابی لا یوحى إلیه، ولا یعلم الغیب إلا من رسول الله، وهذا كله یعنی أن الأحادیث الموقوفة عند بعض الصحابة قد صدرت بالفعل من رسول الله. ومن المستحیل عقلا أن یتفق عدد یربو على الخمسین صحابیا على كذب! خاصة وأنه لا مصلحة لهم بالكذب، ولم یكرههم أحد على ذلك، ثم إنهم لا یعرفون شخص المهدی المنتظر على وجه الیقین لیكذبوا من أجله أو لیطمعوا بثواب عاجل منه لهذا الكذب.

من هم رواة الأحادیث المتعلقة بالمهدی المنتظر

1 - أهل بیت النبوة وآل محمد:

فعلی بن أبی طالب والسیدة فاطمة بنت محمد الزهراء والسبط الإمام الحسن، والسبط الثانی الإمام الحسین علیهم السلام قد أجمعوا جمیعا بأنهم قد سمعوا رسول الله یحدث بالأحادیث المتعلقة بالمهدی المنتظر، وهؤلاء الأربعة هم أبناء النبی، ونساء النبی، ونفس النبی كما هو ثابت من آیة المباهلة. وهم آل محمد، الذین لا تجوز صلاة مسلم إن لم یصل علیهم، وهم أهل البیت الذین أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهیرا، ولو لم یكن للأحادیث المتعلقة بالمهدی المنتظر غیر هؤلاء الرواة لكان فیهم الكفایة، ولتحقق بهم الیقین. ثم إن الأئمة الطاهرین الثمانیة الذین آلت إلیهم الإمامة بعد الإمام الحسین قد رووا هذه الأحادیث، وقدموها لاتباعهم وللأمة كجزء لا یتجزأ من علمی النبوة والكتاب.

2 - من بنی هاشم أیضا:

كان الهاشمیون أكثر الناس التصاقا بالنبی والتفافا حوله، وجهادا معه، ودفاعا عنه، وبلاء فی سبیله وقد وعى الكثیر منهم ما صدر عن النبی من قول أو فعل أو تقریر، ونذكر من الرواة الهاشمیین الذین رووا أحادیث متعلقة بالمهدی المنتظرمنهم : العباس بن عبد المطلب عم النبی وعبد الله بن العباس وعبد الله بن جعفر الطیار.

3 - الصحابة الأبرار:

ومن الذین رووا الأحادیث المتعلقة بالمهدی المنتظر طائفة من الصحابة الأبرار الذین ثبتوا على الولاء لله وللرسول ولأهل بیت النبوة، واجتازوا المحن والبلاء بنفوس مطمئنة، وفارقوا الدنیا دون أن یغیروا ویبدلوا أو ینقلبوا على أعقابهم منهم سلمان الفارسی، وأبو ذر الغفاری، وعمار بن یاسر،وجابر الأنصاری وحذیفة بن الیمان.

4 - خلفاء ومرشحون للخلافة

وممن روى الأحادیث المتعلقة بالمهدی المنتظر خلفاء، كعمر بن الخطاب، وعثمان بن عفان، أو ممن ترشحوا للخلافة كعبد الرحمن بن عوف، وطلحة بن عبید الله، وعبد الله بن عمر بن الخطاب، وعبد الله بن عمرو بن العاص.

5 - من زوجات النبی:

وروى أحادیث متعلقة بالمهدی المنتظر بعض زوجات النبی كأم سلمة، وعائشة، وأم حبیبة.

6 - طائفة من الصحابة الكرام:

وروى جانبا من الأحادیث المتعلقة بالمهدی المنتظر طائفة من أجلاء الصحابة منهم أبو أیوب الأنصاری، وزید بن أرقم، وأبو سعید الخدری، وسهل بن سعد الساعدی، وحذیفة بن أسید، ومعاذ بن جبل.

7 - مثلما روتها طائفة أخرى من الصحابة:

كأبی هریرة، وعبد الله بن عمرو بن العاص وعمران بن حصین، وأنس بن مالك، وزید بن ثابت...
المصادر:
کتاب المهدی المنتظر فی الفكر الإسلامی، مركز الرسالة ص 28، وما فوق: و (إبراز الوهم المكنون من كلام ابن خلدون) أبو الفیض الغماری ص 437، (ومعجم أحادیث الإمام المهدی)، الشیخ علی الكورانی


ارسل تعليقاتك
با تشکر، نظر شما پس از بررسی و تایید در سایت قرار خواهد گرفت.
متاسفانه در برقراری ارتباط خطایی رخ داده. لطفاً دوباره تلاش کنید.