
كان للامام علي بن ابي طالب عليه السلام وفاطمة الزهراء عليها السلام الدور البارز في حياة الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وآله وسلم لا سيما في ساعاته الاخيرة من حياته . فقد كانت فاطمة الزهراء جالسة قربه فلما رأت ذلك قامت حزينة واخذت بيدي الحسن والحسين وجعلت تندب أباها ، ففتح الرسول عينيه ووضع رأسه على صدرها ودعا وقال : اللهم الهم فاطمة الصبر ، ثم قال : ( ابشري يا فاطمة فستكونين اول من يلحق بي ) وجعل يعالج سكرات الموت فاخذت تبكي بكاء شديداً ، فأراد علي اسكاتها فقال النبي : ( دعها تبكي اباها ) ثم اغمض عينيه واسلم روحه (1)
وفي المجالس السنّية : فلما كان من الغد حجب الناس عنه وثقل في مرضه وكان امير المؤمنين عليه السلام لا يفارقه الا لضرورة ، فقام في بعض شؤونه فأفاق رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فافتقد علياً ، فقال وازواجه حوله : ادعوا لي اخي وصاحبي وعاوده الضعف فأصمت فقالت عائشة : ادعوا ابا بكر فدعي ودخل وقعد عند رأسه فلما فتح عينيه نظر اليه فأعرض عنه بوجهه فقام وقال : لو كان له حاجة لافضى بها اليّ .
فلما خرج اعاد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم القول ثانياً وقال : ادعوا لي اخي وصاحبي فقالت حفصة : ادعوا له عمر ، فدعي فلما حضر ورآه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم اعرض عنه فانصرف ، ثم قال ادعوا لي اخي وصاحبي فقالت ام سلمة : ادعوا له علياً فانه لا يريد غيره فدعي امير المؤمنين عليه السلام ، فلما دنا منه اومأ اليه فأكب عليه فناجاه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم طويلاً ثم قام فجلس ناحية حتى اغفى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فلما غفى خرج فقال له الناس : يا ابا الحسن ما الذي اوعز اليك ؟ فقال اوصاني بما انا قائم به ان شاء الله تعالى ثم ثقل وحضره الموت وامير المؤمنين عليه السلام حاضر عنده فأخذ علي عليه السلام رأسه فوضعه في حجره فأغمى عليه ، فأكبت فاطمة عليها السلام تنظر في وجهه وتندبه وتبكي وتقول :
وابيض يستسقي الغمام بوجهه ثمال اليتامى من عصمة للارامل
ففتح الرسول صلى الله عليه وآله وسلم عينيه وقال : بصوت ضئيل يا بنيّة هذا قول عمك ابي طالب لا تقوليه ولكن قولي : ( وما محمد الا رسول قد خلت من قبله الرسل افان مات او قتل انقلبتم على اعقابكم ) فبكت طويلاً فأومأ إليها بالدنو منه ، فدنت منه فأسرّ اليها شيئاً تهلل له وجهها فقيل لفاطمة عليها السلام : ما الذي اسرّ اليك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فسري عنك به (سري عنه الهم : مجهولاً انكشف) ما كنت عليه من الخوف والقلق بوفاته ؟ قالت : اخبرني انني اول اهل بيته لحوقاً به وانه لن تطول المدة لي بعده حتى ادركه فسري بذلك عني . (2)
بطيبةَ رَسْمٌ للرّسُول وَمَعْهَدُ *** مُنِيرٌ، وَقَد تَعْفُو الرُّسُومُ وتَهْمــَدُ
ولا تَنْمَحي الآياتُ مِن دَارِ حُرْمَةٍ *** بها مِنْبَرُ الهادي الذي كانَ يَصْعـَدُ
ووَاضِح ُ آياتٍ ، وَبَاقي مَعَالِمٍ ، *** وَرَبْعٌ لَهُ فيهِ مُصَلَّى وَمَســـْجِدُ
بِها حُجُرَاتٌ كانَ يَنْزِلُ وَسْطَها *** مِنَ الله نورٌ يُسْتَضَاءُ، وَيُوقـــَدُ
مَعالِمُ لمْ تُطْمَسْ على العَهْدِ آيُها أتَاهَا *** البِلَى، فالآيُ منها تَجــَدَّدُ
عرَفْتُ بِهَا رَسْمَ الرّسُولِ وعَهْدَهُ، *** وَقَبْرَاً بِهِ وَارَاهُ في التُّرْبِ مُلــْحِدُ
ظَلِلْتُ بها أبكي الرّسولَ، فأسْعَدَتْ *** عُيون، وَمِثْلاها مِنَ الجَفْنِ تُسـعدُ
تَذَكَّرُ آلاءَ الرّسولِ، وَمَـا أرَى *** لهَا مُحصِياً نَفْسي، فنَفسي تبـلَّدُ
مُفجَّعَةٌ قَدْ شَفّهَا فَقْدُ أحْـمَدٍ، *** فَظَلّتْ لآلاءِ الرّسُولِ تُعـــَدِّدُ
وَمَا بَلَغَتْ منْ كلّ أمْرٍ عَشـِيرَهُ، *** وَلكِنّ نَفسي بَعْضَ ما فيهِ تـحمَد
أطالتْ وُقوفاً تَذْرِفُ العَينُ جُهْدَها *** عَلى طَلَلِ القَبْرِ الّذي فِيهِ أحْـمَدُ
فَبُورِكتَ، يا قبرَ الرّسولِ، وبورِكتْ *** بِلاَدٌ ثَوَى فيهَا الرّشِيدُ المُســَدَّدُ
وَبُورِكَ لَحْد ٌ منكَ ضُمّنَ طَيّباً، *** عَليهِ بناءُ من صفيحٍ، مُنَـــضَّدُ
تَهِيلُ عَلَيْهِ التَرْبَ أيْدٍ وأعْيُنٌ *** عليهِ، وقدْ غارَتْ بذلِكَ أسْــعُدُ
لقد غَيّبوا حِلْماً وعِلْماً وَرَحمةً، *** عَشِيّةَ عَلّوْهُ الثّرَى، لا يُوَسَّـــدُ
وَرَاحُوا بحُزْنٍ ليس فيهِمْ نَبيُّهُمْ، *** وَقَدْ وَهَنَتْ منهُمْ ظهورٌ، وأعضـُدُ
يُبكّون مَنْ تَبكي السَّماوات يَوْمَهُ، *** وَمَنْ قدْ بَكَتْهُ الأرْضُ فالناس أكمَدُ
وَهَلْ عَدَلَتْ يَوْماً رَزِيّةُ هَالِكٍ *** رَزِيّةَ يَوْمٍ مَاتَ فِيهِ مُحَــــمّدُ
تَقَطَّعَ فيهِ منزِلُ الوَحْيِ عَنهُمُ، *** وَقَد كان ذا نورٍ، يَغورُ ويُنــْجِدُ
يَدُلُّ على الرّحمنِ مَنْ يقتَدي بِهِ، *** وَيُنْقِذُ مِنْ هَوْلِ الخَزَايَا ويُرْشِــدُ
إمامٌ لَهُمْ يَهْدِيهِمُ الحقَّ جَاهِداً، *** مُعلِّمُ صدْقٍ، إنْ يُطِيعوهُ يَسـعَدوا
عَفُوٌّ عن الزّلاّتِ، يَقبلُ عُذْرَهمْ، *** وإنْ يُحسِنُوا، فالله بالخَيرِ أجــْوَد
وإنْ نَابَ أمْرٌ لم يَقوموا بحَمْدِهِ، *** فَمِنْ عِنْدِهِ تَيْسِيرُ مَا يَتَشــَدّدُ
فَبَيْنَا هُمُ في نِعْمَةِ الله بيْنَهُمْ *** دليلٌ به نَهْجُ الطّريقَةِ يُقْصَـــدُ
عزيزٌ عليْهِ أنْ يَحِيدُوا عن الهُدَى، *** حَريصٌ على أن يَستقِيموا ويَهْتَدوا
عَطُوفٌ عَليهِمْ، لا يُثَنّي جَناحَهُ *** إلى كَنَفٍ يَحْنو عليهم وَيَمْهــِدُ
فَبَيْنَا هُمُ في ذلكَ النّورِ، إذْ غَدَا *** إلى نُورِهِمْ سَهْمٌ من المَوْتِ مُقصـِدُ
فأصْبَحَ محمُوداً إلى الله رَاجِعاً، *** يُبَكّيهِ جَفْنُ المُرسَلاتِ وَيَحمــَدُ
وأمستْ بِلادُ الحَرْم وَحشاً بقاعُها، *** لِغَيْبَةِ ما كانَتْ منَ الوَحْيِ تعهـدُ
قِفاراً سِوَى مَعْمورَةِ اللَّحْدِ ضَافَها *** فَقِيدٌ، يُبَكّيهِ بَلاطٌ وغَرْقـدُ
وَمَسْجِدُهُ، فالموحِشاتُ لِفَقْدِهِ، *** خلاءٌ لَه ُ فِيهِ مَقامٌ وَمَقْــعَدُ
وبِالجَمْرَةِ الكُبْرَى لهُ ثَمّ أوْحشتْ *** دِيارٌ، وعَرْصَاتٌ، وَرَبْعٌ، وَمــوْلِدُ
فَبَكّي رَسولَ الله يا عَينُ عَبْرَةً *** ولا أعرِفَنْكِ الدّهْرَ دمعَكِ يَجْمَدُ
وَمَا لكِ لا تَبْكِينَ ذا النّعْمَةِ الّتي *** على النّاسِ مِنْها سابغٌ يَتَغَـــمَّدُ
فَجُودي عَلَيْهِ بالدّموعِ وأعْوِلي *** لِفَقْدِ الذي لا مِثْلُهُ الدّهرَ يُوجَــدُ
وَمَا فَقَدَ الماضُونَ مِثْلَ مُحَمّدٍ، *** ولا مِثْلُهُ، حتّى القِيَامَةِ، يُفْقـــَدُ
أعَفَّ وأوْفَى ذِمّةً بَعْدَ ذِمّةٍ، *** وأقْرَبَ مِنْهُ نائِلاً، لا يُنــــَكَّدُ
وأبْذَلَ مِنهُ للطّريفِ وَتَالـِدٍ، *** إذا ضَنّ معطاءٌ بما كانَ يُتـــْلِدُ
وأكرَمَ حَيَّاً في البُيُوتِ، إذا انتمى، *** وأكْرَمَ جَدَّاً أبْطَحِيَّاً يُســــَوَّد
وأمْنَعَ ذِرْوَات، وأثْبَتَ في العـُلى*** دَعَائِمَ عِزٍّ شاهِقات ٍ تُشــــيَّدُ
وأثْبَتَ فَرْعاً في الفُرُوعِ وَمَنْبِـتاً، *** وَعُوداً غَداةَ المُزْنِ، فالعُودُ أغـيَدُ
عاشت الزهراء سلام الله عليها بعد ابيها فترة قصيرة جاوزت الشهرين او الثلاث ، وهي فترة مليئة بالاحداث والمفاجئات لقد غمرت وجهها بكفها واستسلمت الى البكاء ، وبقيت راكعة امام نعش والدها الذي احبها واحبته محدقة الى وجهه تغتسل بدموعها التي تذرفها
فدك .. الحق والميراث
تأتي اهمية ( فدك ) في كونها قرية كان النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم يقسم فيئها بين آل بيته وفقراء المسلمين . ولما مات الرسول محمد صلى الله عليه وآله وسلم ورثت فاطمة الزهراء هذا الارث ، ولما طالبت به منعت وكفّت عن الطلب ، لكنها انصرفت غاضبة ساخطة كما يحدثنا بذلك الرواة . اخرج البخاري في باب فرض الخمس ان فاطمة عليها السلام ابنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سألت أبا بكر الصديق بعد وفاة رسول الله ان يقسم لها ميراثها ما ترك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مما افاء الله عليه ، فقال لها ابو بكر : ان رسول الله قال لا نورّث ، فغضبت فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فهجرت ابا بكر فلم تزل مهاجرة حتى توفيت (3) .وقال العقاد : فلما قضى عليه الصلاة والسلام ارسلت فاطمة الى ابي بكر تسأله ميراثها فيها وفيما بقي من خمس خيبر ، فقال ابو بكر : ان رسول الله صلى الله عليه وآله كان يقول : ( اننا معشر الانبياء لا نورث ما تركناه صدقة ) واني والله لا اغير شيئاً من صدقة رسول الله من حالها التي كان عليها (4) ثم قال لها : فأما ان كان ابوك قد وهب لك هذا المال فاني اقبل كلمتك في ذلك وانفذ ما امر به ، فأجابت فاطمة بان اباها لم يفض اليها بشيء من ذلك وانما اخبرتها ام ايمن بان ذلك كان قصده ، عند ذلك اصرّ ابو بكر على استبقاء فدك وخيبر وردهما الى بيت مال المسلمين (5) .
الا ان الزهراء عليها السلام احتجت عليه بسندها عن القرآن الكريم بقوله : فقال عن نبي من انبيائه هو (زكريا) : (يرثني ويرث من آل يعقوب) وقوله تعالى : (وورث سليمان داود) وان ابا بكر قال لها يابنت رسول الله : انت عين الحجة ومنطق الرسالة لا يدل بجوابك ولا اوقعك عن صوابك ولكن هذا ابو الحسن بيني وبينك هو الذي اخبرني بما تفقدت وانبأني بما اخذت وتركت ويحسن بنا ان نلفت نظر القارئ الى ان ابا بكر قال : يا ابنة رسول الله والله ما ورث ابوك ديناراً ولا درهماً وانه قال : (ان الانبياء لا يورثون) فقالت : ان فدك وهبها لي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم .
قال : فمن يشهد بذلك فجاء علي بن ابي طالب فشهد وجاءت ام ايمن فشهدت ايضاً ، فجاء عمر بن الخطاب وعبد الرحمان بن عوف فشهدا ان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان يقسمها ، فقال ابو بكر : صدقت يا ابنة رسول الله وصدق علي وصدقت ام ايمن وصدق عمر وصدق عبد الرحمان بن عوف وذلك ان مالك لأبيك كان رسول الله يأخذ من فدك قوتكم ويقسم الباقي في سبيل الله فما تصنعين بها ؟ قالت اصنع بها كما يصنع بها أبي ، قال : فلك على الله ان اصنع كما يصنع بها ابوك ، قالت : الله لتفعلن ، قال : الله لأفعلن ، قالت : اللهم اشهد . وكان ابو بكر يأخذ عليها فيدفع اليهم منها ما يكفيهم ويقسم الباقي وكان عمر كذلك ثم كان عثمان كذلك ثم كان علي كذلك (6) .
لقد اقبلت فاطمة في لمةٍ من حفدتها ونساء قومها تطأ ذيولها ، ما تخرم مشيتها مشية رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم (7) حتى دخلت على ابي بكر وقد حشد الناس من المهاجرين والانصار ، فضرب بينها وبينهم ربطة بيضاء ، ثم أنَّت انّه اجهش لها القوم بالبكاء ، ثم امهلت طويلاً حتى سكتوا فخطبت خطبة طويلة جداً قالت في آخرها :
(لقد جاءكم رسول من انفسكم عزيز عليه ما عنتم ، حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم ، فان تعزوه تجدوه ابي دون ابائكم ، وآخا ابن عمي دون رجالكم) ثم ذكرت كلاماً طويلاً في آخره : (ثم انكم الان تزعمون ان لا ارث لي افحكم الجاهلية تبغون ؟ ومن احسن من الله حكماً لقوم يتقون ايه معاشر المسلمين ابتز ارث ابي ـ ابى الله ان ترث ياابن ابي قحافة اباك ولا ارث ابي ، لقد جئت امراً فريا . افعلى عمد تركتم كتاب الله ونبذتموه وراء ظهوركم ، اذ يقول : « وورث سليمان داود » . وفي خبر يحيى بن زكريا عليهما السلام اذ يقول : « رب هب لي من لدنك ولياً يرثني ويرث من آل يعقوب » . وقال : « واولو الارحام اولى ببعض في كتاب الله » . وقال : « يوصيكم الله في اولادكم للذكر مثل حظ الانثيين » . وزعمتم ان لا حظوة لي ولا ارث من ابي ولا رحم بيننا . أأنتم اعلم بخصوص القرآن وعمومه من ابي وابن عمي ؟ ثم رنت بطرفها نحو الانصار ، فقالت : يا معشر الفتية واعضاء الملمة وحصن الاسلام ما هذه الغميزة في حقي ؟ اما كان صلى الله عليه وآله وسلم يقول : (المرء يحفظ في ولده) .
وللعلامة الشيخ محمد جواد مغنية رأي بهذا الخصوص جاء فيه : (لقد كان على ابي بكر ان يقيم اولاً وقبل كل شيء البيّنة على ان النبي توفى مالكاً لفدك وانها من جملة ما ترك ثم يحتج على سيدة النساء فاطمة ، ولكنه عكس الامر وطلب البينة من صاحب اليد المالكة المتصرفة . طلب منها البينة لا لشيء الا لمجرد دعواه بأن ما تركه ابوها فهو صدقة ، ونحن نسلم ـ جدلاً ـ بذلك ، ولكن نتساءل : هل كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يملك فدكاً حين وفاته حتى يصدق عليها انها من جملة ما ترك ؟ كيف ، وقد ذهب الى ربه وفدك ليست في يده ولا في تصرفه ، بل في يد السيدة المعصومة وفي سلطانها وتصرفها باعتراف ابي بكر وجميع الصحابة ، وبعد ، فان حكاية المعصومة وفدك وابي بكر تماماً كحكاية والد وهب ولده داراً وسكنها الولد في حياة الوالد ، وبعد موت الوالد جاء فلان الفلاني وقال للولد الساكن المتسلط : عليك ان تخلي الدار وتسلمني اياها لأن أباك قد اوصى لي بجميع ما ترك ، قال هذا دون ان يثبت ان الدار من جملة ما ترك الموصي ، ومع التسليم بالوصية وصحتها ، هل يسوغ لعاقل وفاهم ان يقول للولد عليك ان تسلم الدار للمدعي لأن اباك قد اوصى له بجميع ما ترك ، بعد العلم بان اباه مات ، وهذه الدار على غير ملكه ، لأنها في يد غيره ، واليد تدل على الملك (8) .
اجل ، لقد كان من الطبيعي ان تثير هذه الكلمات المؤثرة ضجة حول الارث المحمدي الذي تآمر عليه جمع من المخالفين ، لكن الزهراء عليها السلام خيبت آمالهم بعد ان تصدت للرد عليهم وتحدتهم بجرأة متناهية وحجج دامغة ، اضطربت لها النفوس وتقلبت الابصار وتركت في كثير من القلوب غصة لا يقر لها قرار .
ومما يعين على الاحاطة حول مسألة الخلاف فيقضية فدك ، قول عمر لأبي بكر : انطلق بنا الى فاطمة فانا قد اغضبناها ، فانطلقا واستأذنا عليها فلم تأذن لهما ، فأتيا علياً فكلماه فأدخلهما ، فلما قعدا عندها حوّلت وجهها الى الحائط فسلما عليها فلم ترد عليهما السلام ، فتكلم ابو بكر وقال : (يا حبيبة رسول الله ان قرابة رسول الله احب اليّ من قرابتي وانك لأحب اليّ من عائشة ابنتي ، ولوددت يوم مات ابوك اني مت ولا ابقى بعده . افتراني اعرفك واعرف فضلك وشرفك وامنعك حقك وميراثـك من من رسول الله ؟ الا اني سمعت اباك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول : ( لا نورث ما تركنا فهو صدقة ) فقالت : ( ارأيتكما ان حدثتكما حديثاً عن رسول الله ألم تسمعا رسول الله يقول : ( رضاء فاطمة من رضائي وسخطها من سخطي ) ؟ قالا : نعم سمعناه من رسول الله . قالت : ( فاني اشهد الله وملائكته انكما اسخطتماني وما ارضيتماني ولئن لقيت النبي لاشكونكما اليه ) .
فقال ابو بكر : ( انا عائذ بالله من سخطه وسخطك يا فاطمة ) ثم انتحب يبكي حتى كادت نفسه تزهق . ثم خرج فاجتمع اليه الناس فقال لهم : ( يبيت كل رجل منكم معانقاً حليلته مسروراً بأهله وتركتموني وما انا فيه لا حاجة في بيعتكم . اقيلوني ببيعتي ) (9) واستمرت الزهراء في جهادها واختارت الاعتصام عن الكلام مع ابي بكر هذه المرة فأعلمت الملأ بانها قالت : والله لا اكلمه بكلمة ما حييت فلم تكلمه حتى ماتت .
أرأيت الى الزهراء وجرأتها وموقفها والرجحان في ميزان القيم اذا قيس بنساء العالم ؟ انها وأيم الحق شهاب ثاقب لا ينطفئ منه اللهب في العواصف الهوج ، فضلاً على مالها من محامد فضلى وخصال رفيعة . ولم تنس ( فـدك ) ان ترجع اليها كل مرة ، كان يلمع فيها الحق ، لقد شعر ابن عبد العزيز بقيمة الانصاف فأرجع الى فاطمة ( فدكاً ) . لقد شعر بذلك ايضاً ـ فيما بعد ـ ابو العباس السفاح ، ثم من بعده المأمون بن الرشيد ان للزهراء سلام الله عليها شخصية موحية ولها حماس منقطع النظير لا سيما في استرداد الحق لأهله (10) والمثل يقول ( ما ضاع حق وراءه مطالب ) .
اما ما اعلمه يقيناً ان الزهراء عليها السلام عاشت في غربة ، وعانت وحدة قاسية ووحشة موجعة ، تفكر ابداً بالحق المغتصب ، تتمشى في جنباتها اشتاح التفجع ، وتملأ صدرها انات اللوعة وهي اسيرة بيت الاحزان ، حيث تخيم عليه اجنحة الموت ، تملأ الفضاء بأنّات محزنة متقطعة هائلة مخيفة ، واحياناً تكون في غيبوبة نفسية تفصلها عن كل المظاهر الخارجية .
مرض الزهراء عليها السلام
لقد ازداد حزن الزهراء وألمها بعد وفاة ابيها ، فاذا جنَّ الليل وهدأت الاصوات ، استوحشت لفقدان صوته الحنون ، الذي كان يؤنسها وهو يرتل القرآن ترتيلا . لكنها رأت نفسها ذليلة بعد ان كانت ايام ابيها عزيزة مكرمة ، يسبغ عليها من حنانه وعطفه الشيء الكثير . وظلت تعيش على انات ونحيب قرب بيت الاحزان ، وتطلق صرخاتها من اعماق القلب ، الى ان داهمها المرض العضال الذي انحل جسمها واذاب لحمها ، وغارت عيناها من شدة الحزن ، ولم تزل باكية العين ، فيأتي على عليه السلام فيرجعها الى بيتها الذي يذكرها بأيام محمد صلى الله عليه وآله وسلم .بقيت فاطمة عليها السلام طريحة الفراش بين كمد وكرب ، تنشج نشيجاً حزيناً .
روي انها رأت في المنام اباها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فشكت اليه ما نالها من بعده ، فقال لها : انك قادمة علي عن قريب (11) كما انها رأت في المنام مرة اخرى كأن ملائكة كثيرة هبطوا من السماء ، واذا بقصور مشيدة وبساتين وانهار خرجت من تلك القصور حواري يضحكن ويقلن : مرحباً بمن خلقت الجنة لها وخلقنا من اجل ابيها ، ثم لم تزل الملائكة تصعد بها حتى ادخلوها داراً فيها قصور كثيرة وفي القصور بيوت لا تعد وفيها من السندس والاستبرق على الاسرة شيء كثير غير اواني الذهب والفضة ، وفيها الوان الطعام ، ورأت انهاراً اشد بياضاً من اللبن واطيب رائحة من المسك فقالت : لمن هذه الدار ، وما هذه الانهار ؟ فقيل لها : اما الدار فهي الفردوس الاعلى ليس بعده جنة وهي دار ابيك ومن معه من النبيين ومن احب الله ، وهذا نهر الكوثر الذي وعد الله اباك ان يعطيه اياه .
فقالت : اين ابي ، قالوا لها : الساعة يدخل عليك ، فبينما هي كذلك اذ ظهر لها قصور اعلى من تلك القصور وفرش احسن مما رأته ، واذا اباها جالس على تلك الفرش ومعه جماعة فأخذها وضمها اليه وقبَّل ما بين عينيها ، وقال لها : يا بنية أما ترين ما اعد الله لك وما تقدمين عليه ، ثم اراها قصوراً مشرقات فيها الوان الطرايف والحلي والحلل ، وقال : هذا مسكنك ومسكن زوجك وولديك ومن احبك واحبهما فطيبي نفساً فانك قادمة علي بعد ايام ، فانتبهت فرحة وقصت الرؤيا على امير المؤمنين عليه السلام (12) .
من الواضح الجلي انها الحقت بأبيها كما نص على ذلك الرواة بعد عدة شهور من وفاته وما زالت تقول في ايام المرض : يا حي يا قيوم برحمتك استغيث فأغثني اللهم زحزحني عن النار وادخلني الجنة والحقني بأبي محمد ، فإذا قال لها امير المؤمنين : عافاك الله وأبقاك ، تقول له : يا ابا الحسن ما اسرع اللحاق برسول الله (13) .
وفاة الزهراء عليها السلام
ودعّت الزهراء عليها السلام مجتمعاً شغلته تناقضاته وعيوبه ، فتصدت لهم بخطب غراء لها صداها بين محبيها وخصومها ، تمدهم بالحب والتكريم .بعد عمر حافل بجلائل الاعمال ، لاقت الزهراء سلام الله عليها حتفها ، بعد ان استودعت الحياة على تراث ضخم كان مثيراً للجدل خلال اقل من ربع قرن من الزمان ، ودفنها الامام عليّ عليه السلام . جاء في كتاب ( المجالس السنية ) ما يلي :
( وذكر جماعة انها لما مرضت دعت ام ايمن واسماء بنت عميس وعلياً عليه السلام واوصت الى علي بثلاث وصايا :
(الاولى) : ان يتزوج بأمامة بنت اختها زينب لحبها اولادها وقالت : ان تكون لولدي مثلي ( وفي رواية ) قالت : بنت اختي وتحني على ولدي ، وامامة هذه هي بنت ابي العاص ابن الربيع وهي التي روي : ان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان يحملها في الصلاة وأمها زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، فلما توفت الزهراء تزوج امير المؤمنين عليه السلام امامة كما وصته .
(الثانية) : ان يتخذ لها نعشاً وصفته له (وفي رواية) ان اسماء بنت عميس قالت لها : اني اذ كنت بارض الحبشة رأيتهم يصنعون شيئاً فان اعجبك اصنعه لك ، فدعت بسرير فأكبته لوجهه ثم دعت بجرائد فشدتها على قوائمه وجعلت عليه نعشاً ، ثم جللته ثوباً فقالت فاطمة عليها السلام : اصنعي لي مثله استريني سترك الله من النار ، (وكان) ذلك اول نعش عمل في الاسلام .
(وفي الاستيعاب) : كانت فاطمة عليها السلام اول من غطي نعشها من النساء في الاسلام على تلك الصفة ، ثم بعدها زينب بنت جحش (وفي رواية) انها لما رأت صورة النعش تبسمت وما رئيت متبسمة الا ذلك اليوم (قال الصادق عليه السلام) : اول من جعل له النعش فاطمة عليها السلام .
(الثالثة) : ان لا يُشهد احداً جنازتها ممن ظلمها ، وان لا يترك ان يصلي عليها احد منهم وان يغسلها في قميصها ولا يكشفه عنها لانها كانت قد اغتسلت قبل وفاتها بيسير وتنظفت ولبست ثيابها الجدد ، وان تدفن ليلا ويعفى قبرها . (وفي رواية) انها اوصت لأزواج النبي صلى الله عليه وآله وسلم لكل واحدة منهن باثنتي عشرة اوقية ولنساء بني هاشم مثل ذلك ، واوصت لامامة بنت اختها زينب بشيء (وفي رواية) انها تصدقت بمالها على بني هاشم وبني عبد المطلب ، وان علياً عليه السلام تصدق عليهم وادخل معهم غيرهم ، (فلما) توفيت قام امير المؤمنين عليه السلام بجميع ما وصته فغسلها في قميصها واعانته على غسلها اسماء بنت عميس وامر الحسن والحسين عليهما السلام يدخلان الماء ، ولم يحضرها غيره وغير الحسنين وزينب وام كلثوم وفضة جاريتها واسماء بنت عميس ، وكفّنها في سبعة اثواب ثم صلى عليها وكبر خمساً ودفنها في جوف الليل وعفى قبرها . ولم يحضر دفنها والصلاة عليها الا علي والحسنان ونفر من بني هاشم وخواص علي عليه السلام (14) .
وان علياً عليه السلام افاض عليها من الماء ثلاثاً وخمساً وجعل في الخامسة شيئاً من الكافور ، وكان يقول : اللهم انها امتك وبنت رسولك وخيرتك من خلقك (15) .
اما بخصوص مدفن الزهراء عليها السلام فهناك روايات عديدة ، لعل اقربها الى الصواب هو الحرم الشريف النبوي في المدينة المنورة . يقول الرحالة السر تشارلز بورتون الذي زار المدينة المنورة في 1814 بعد وصفه للبقيع :
(ويبدو ان المؤرخين المسلمين يبتهجون بالغموض الذي يكتنف مدفن السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام ، فبعضهم يذكر انها دفنت في الحرم الشريف ويستند في ذلك الى الرواية التي تقول انها حينما علمت بدنو اجلها قامت فرحة مستبشرة فغسلت الغسل الكبير ولبست ملابسها النظيفة ، ثم فرشت حصيرة على ارض بيتها الواقع بقرب الرسول ، وتمددت مستقبلة القبلة فوضعت يدها تحت خدها ، وقالت لمن حضر بقربها : لقد تطهرت ولبست ثيابي الطاهرة ، فلا تسمحوا لأحد بأن يكشف عن جسدي بل ادفنوني حيث انا .. وحينما عاد علي وجد زوجته قد توفيت ، ونفذت رغبتها الاخيرة ، وكان عمر بن عبد العزيز يعتقد بهذه الرواية فألحق الغرفة تلك بالمسجد ، ولذلك فالاعتقاد العام في الاسلام هو ان الزهراء البتول قد دفنت في الحرم ، اما اولئك الذين يعتقدون بأنها مدفونة في البقيع فيستندون الى قول الامام الحسن : ( .. فإذا لم يسمحوا بدفني عند قبر جدي فادفنوني في البقيع الى جنب امي فاطمة ) وهؤلاء يرون الخير التالي في هذا الشأن (16) .
ويعلق جعفر الخياط فيقول : ونقول تعليقاً على ما جاء في الامامة والسياسة لابن قتيبة : ان الزهراء توفيت وهي غير راضية عن ابي بكر ، ولذلك لم تشأ ان يعلم بموتها هو او غيره لئلا يصلي عليها وهو خليفة للمسلمين ، فدفنت في بيتها الذي ادخل في الحرم بعد ذلك ، فعلى هذا فقد تكون الرواية المنسوبة الى الامام الحسن التي يفهم منها انها مدفونة في البقيع غير صحيحة (17) .
وتجدر الاشارة الى ان علياً عليه السلام صلى عليها وقيل العباس وانزلاها القبر الامام علي والفضل ، وكانت قد اشارت على علي عليه السلام ان يدفنها ليلاً .
قال ابو الفرج الاصفهاني في (مقاتل الطالبيين) : كانت وفاة فاطمة عليها السلام بعد وفاة النبي صلى الله عليه وآله وسلم بمدة يختلف في مبلغها ، فالمكثر يقول : ثمانية اشهر والمقلل يقول : اربعين يوماً ، الا ان الثبت في ذلك ما روي عن ابي جعفر محمد بن علي عليه السلام : انها توفيت بعده بثلاثة اشهر . حدثني بذلك الحسن بن علي ، عن الحارث عن ابن سعد عن الواقدي عن عمرو بن دينار عن ابي جعفر محمد بن علي عليه السلام (18) وقيل انها توفيت في شهر رمضان سنة عشر من النبوة ودفنت في المسجد النبوي كما مر بنا آنفاً . وطبيعي انه لم يكن في الامكان القيام بشيء كثير في هذا الباب الا حسب الوصية التي اوصت بها . (19)
وبقدر تعلق الامر بالدفن وموضعه ، فالمعلومات المتعلقة بالقضية كانت معروفة ، ولانعدام الدقة في الامور في الغالب فان تقديرها ليس بيسير . والقبر الحقيقي للزهراء يكمن في قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم ( ما بين قبري ومنبري روضة من رياض الجنة ) لان الدلائل الجمة وافرة على ان قبرها هو قرب قبر والدها . وقد انبرى لرثائها اهل الفضل والادب منذ ذلك الحين حتى يوم الناس هذا .
في الديوان المنسوب الى الامام علي عليه السلام ، انه انشد بعد وفاة فاطمة عليها السلام (20) .
ألا هل إلى طول الحياة سبيل *** وأنى وهذا الموت ليس يحول
وإني وإن أصبحت بالموت موقنا *** فلي أمل من دون ذاك طويل
وللدهر ألوان تروح وتغتدي *** وإن نفوسا بينهن تسيل
ومنزل حق لا معرج دونه *** لكل امرئ منها إليه سبيل
قطعت بأيام التعزز ذكره *** وكل عزيز ما هناك ذليل
أرى علل الدنيا علي كثيرة *** وصاحبها حتى الممات عليل
وإني لمشتاق إلى من احبه *** فهل لي إلى من قد هويت سبيل
وإني وإن شطت بي الدار نازحا *** وقد مات قبلي بالفراق جميل
فقد قال في الامثال في البين قائل *** أضربه يوم الفراق رحيل
لكل اجتماع من خليلين فرقة *** وكل الذي دون الفراق قليل
وإن افتقادي فاطما بعد أحمد *** دليل على أن لايدوم خليل
وكيف هناك العيش من بعد فقدهم *** لعمرك شئ ما إليه سبيل
سيعرض عن ذكري وتنسى مودتي *** ويظهر بعدي للخليل عديل
وليس خليلي بالملول ولا الذي *** إذا غبت يرضاه سواي بديل
ولكن خليلي من يدوم وصاله *** ويحفظ سري قلبه ودخيل
إذا انقطعت يوما من العيش مدتي *** فان بكاء الباكيات قليل
يريد الفتى أن لايموت حبيبه *** وليس إلى ما يبتغيه سبيل
وليس جليلا رزء مال وفقده *** ولكن رزء الاكرمين جليل
لذلك جنبي لا يؤاتيه مضجع *** وفي القلب من حر الفراق غليل
المصادر :
1- عقيدة الشيعة ، رونالدسن ، ص 30 .
2- المجالس السنية ، محسن الامين / ج 5 / ص 24 ـ 26 . القصيدة لحسان بن ثابت
3- صحيح البخاري / ج 5 / ص 5 .
4- فاطمة الزهراء والفاطميون ، عباس محمود العقاد / ص 57 و 58 .
5- حياة محمد / محمد حسين هيكل / ص 321 .
6- المصدر السابق / ص 58 .
7- اعلام النساء / عمر رضا كحاله / ج 4 / ص 116 و 117 .
8- علم اصول الفقه في ثوبه الجديد / الشيخ محمد جواد مغنية / ص 403 .
9- الامامة والسياسة / ابن قتيبة / ج 1 / ص 14 . وانظر اعلام النساء / ج 3 / ص 1214 .
10- الحضارة الاسلامية / آدم متز / ج 1 / ص 128 .
11- دلائل الامامة / لابن جرير ص 44 .
12- المصدر / ص 43 .
13- مصباح الانوار عن ( وفات الصديقة الزهراء ) للسيد عبد الرزاق المقرم / ص 103 .
14- المجالس السنية / محسن الامين / ج5 / ص 121 ـ 123 .
15- بحار الأنوار / للعلامة الشيخ محمد باقر المجلسي / ج 18 / ص 263 .
16- موسوعة العتبات المقدسة المنورة في المراجع العربية ـ جعفر الخياط / ص 283 .
17- المصدر السابق / ص 285 .
18- مقاتل الطالبيين ـ ابو الفرج الاصفهاني / ص 49 .
19- طبقات بن سعد 8 / 11 .
20- بحار الانوار / للعلامة الشيخ محمد باقر المجلسي / ج 43 / ص 216 .