![النضال من أجل الحكومة الإسلامية النضال من أجل الحكومة الإسلامية](https://rasekhoon.net/_files/thumb_images700/article_ar/A13098.jpg)
نحن مكلفون بالعمل الجدي لأجل إقامة الحكومة الإسلامية، ويعتبر العمل الدعائي أول أنشطتنا في هذا الطريق، فيجب أن نتقدم من خلال العمل الاعلامي، ففي جميع أنحاء العالم كان الأمر كذلك على الدوام. إذ يلتقي عدة أشخاص ويفكرون في الأمر، ثم يقررون ويقومون بعد ذلك بالعمل الدعائي، فيزدادون شيئاً فشيئاً، إلى أن ينتهي الأمر بأن يصيروا قوة نافذة في حكومة كبيرة ـ أو يحاربونها ـ ومن ثم يسقطونها. لقد قضوا على محمد علي ميرزا وأقاموا حكومة المشروطة. ولم يكن منذ البداية ثمة جيش وقوة، وإنّما تقدَّموا من خلال العمل الدعائي. وأدانوا المتسلطين والمتفرعنين، وقاموا بتوعية الشعب، وأفهموا الناس أنّ هذا التفرعن أمر مرفوض. وأخذت دائرة العمل الدعائي (التوعية) بالاتساع شيئاً فشيئاً، حتى شملت جميع طبقات المجتمع، وتحول الشعب إلى قوة يقظة وفاعلة، ومن ثم حققوا النتيجة المطلوبة.
بالطبع يجب أن تقوموا بتعليم المسائل العبادية، لكن المهم هو المسائل السياسية للإسلام، المسائل الاقتصادية والحقوقية للإسلام. فإنها محور العمل، ويجب أن تكون كذلك. تكليفنا هو السعي لتأسيس دولة إسلامية حقيقية، ويجب علينا أن نقوم بالدعاية والارشاد وتوحيد التوجهات، وايجاد تيار دعائي وفكري من أجل تحقيق ظاهرة اجتماعية، لكي تنتظم الجماهير الواعية والعارفة لدورها والمتدينة شيئاً فشيئاً في نهضة إسلامية تثور وتقيم الحكومة الإسلامية.
الدعاية والتوجيه نشاطان أساسيان ومهمان بالنسبة لنا. فوظيفة الفقهاء هي نشر العقائد والأحكام والأنظمة الإسلامية وتعليمها للناس، من أجل تهيئة الأرضية لتطبيق الأحكام، وإقامة الإسلام في المجتمع. لقد رأيتم أنّه ورد في الرواية في وصف خلفاء النبي الأكرم (صلی الله عليه وآله وسلم) أي الفقهاء قوله أنهم "يعلمونها الناس" أي يعلمون الناس الدين، خصوصاً في هذه الظروف حيث يسعى المستعمرون والحكام الظلمة والخونة واليهود والنصارى والماديّون لتحريف حقائق الإسلام وإضلال المسلمين. ففي هذه الظروف تزداد مسؤوليتنا في التبليغ والتوجيه أكثر من أي وقت. نحن نرى اليوم أن اليهود ـ خذلهم الله ـ قد تصرَّفوا في القرآن، وأحدثوا بعض التغييرات في نسخ القرآن التي طبعوها في الأراضي المحتلة. ونحن مكلفون بالتصدي لهذه التصرفات الخيانية. فيجب رفع الصوت وتنبيه الناس، لكي يتضح أنّ اليهود وحماتهم الأجانب أناس معادون للإسلام، ويريدون إقامة حكومة اليهود في الدنيا.
وبما أنّهم جماعة مؤذية وفاعلة أخشى ـ والعياذ بالله ـ أن يصلوا في يوم من الأيام إلى هدفهم، وأن يؤدي تقاعس بعضنا إلى أن يحكمنا حاكم يهودي ـ لا جعل الله ذلك اليوم ـ، ومن ناحية أخرى فإنّ عدداً من المستشرقين ـ الذين هم العملاء الثقافيون للمؤسسات الاستعمارية ـ ناشطون لتحريف حقائق الإسلام وقلبها. مبلغو (دعاة) الاستعمار يعملون بنشاط، ويقومون بإبعاد شبابنا عنا بدعاياتهم السيئة في كل زأوية من زوايا البلاد الإسلامية. إنهم لا يقومون بتنصيرهم أو تهويدهم، وإنّما هم يفسدونهم ويجعلونهم بلا دين ولا أباليين، وهذا يكفي بالنسبة للمستعمرين. لقد ظهرت في مدينتنا طهران مراكز دعاية السوء الكنسية والصهيونية.
"الصهيونية" اسم لحركة قومية متعصبة جداً وجدت بهدف تأسيس وطن قومي مستقل لليهود. وأخذت تسميتها من جبل "صهيون" في القدس حيث ضريح النبي دأوود (عليه السلام) وكانت الصهيونية ردة فعل على حالة العداء لليهود في البلاد الأوربية. ورائد هذه النهضة كاتب صحفي يهودي مجريّ اسمه "ثيودور هرتزل" الذي أقام المؤتمر الصهيوني العالمي الأول سنة 1897 م في سويسرا. وعمل في ذلك المؤتمر شخص يدعى "وايزمن" على اقناع أعضاء المؤتمر بأية وسيلة على اتخاذ فلسطين كوطن لليهود، وجعلهم يوافقون على توطين اليهود فيه.
ومع صدور وعد "بلفور" وموافقة بريطانيا على هجرة اليهود إلى فلسطين، أتى الصهاينة بأعداد أخرى من اليهود إلى فلسطين، وقاموا بانتزاع الأراضي والمزارع والبيوت من العرب بمساعدة رؤوس الأموال الأمريكية، فأضحت القدرة المالية للمنظمة الصهيونية حالياً توازي أكبر الشركات في العالم. مركز هذه المنظمة أمريكا، وتقوم بقيادة أنشطة الجمعيات الصهيونية في أكثر من ستين بلداً في العالم، وتمتلك المنظمة الصهيونية ثمانية عشر منظمة أساسية عالمية، و281 منظمة وطنية يهودية، و251 اتحاد محلي. كما تملك تحت تصرفها أنواعاً من اللجان الاستشارية، وصناديق النقد، والكثير من الامكانات السياسية والاقتصادية الأخرى. كما تمتلك هذه المنظمة أيضاً مراكز للجاسوسية والمعلومات في أكثر بلدان العالم. وتتلقى المعونات من الوكالات العامة في جميع أنحاء العالم. ويمتلك الصهاينة تحت تصرفهم 1036 صحيفة أشهرها صحيفة "لنيويورك تايمز"والبهائية لكي يضلوا الناس ويبعدوهم عن الأحكام والتعاليم الإسلامية.
أفلا يكون هدم هذه المراكز المضرة بالإسلام من وظيفتنا؟ فهل يكفينا أن تكون "النجف" لنا فحسب؟ مع أنها ليست لنا أيضاً. هل علينا أن نجلس في "قم" ونكتفي بإقامة العزاء، أم يجب أن نكون على العكس من ذلك يقظين وفاعلين؟
أنتم جيل الشباب في الحوزات العلمية يجب أن تكونوا أحياء، وأن تقوموا بحفظ استمرارية أمر الله حيّاً.
في سنة 1260 هـ ق أعلن شخص اسمه السيد علي محمد نفسه بصفة "باب الامام" ووسيلة للاتصال به. وبعد فترة ادّعى المهدوية. فاعتقل وقُتل، لكن قام من بين أتباعه أخَوان يسمى أحدهما "صبح الأزل" والآخر "بهاء" وادَّعَيا خلافته. وسمّى أتباع صبح الأزل أنفسهم "البابية" (الأزلية) بينما سمى أتباع بهاء الله أنفسهم "البهائية".
وقامت الدولة العثمانية بنفي بهاء الله وأتباعه إلى "عكا" في فلسطين، بينما نفت صبح الأزل وأتباعه إلى جزيرة قبرص، ونمت فرقة البهائيين في فلسطين بمساعدة الانكليز، ومن بعدهم ساعدتهم دولة إسرائيل أيضاً. ونالت هذه الفرقة زمان حكم محمد رضا بهلوي في إيران موقعاً متميزاً، وكان لها تأثير اساسي في سياسة إيران الخارجية، وفي تأمين المصالح الصهيونية.أنتم جيل الشباب، تحركوا باتجاه النضج والتكامل الفكري، ودعوا التفكير الهامشي الذي التصق بكثير من العلوم لأنّ هذه النظرة الضيقة تعيق الكثير منا عن القيام بمسؤولياته المهمة. لبُّوا نداء الإسلام، وأنقذوا المسلمين من الأخطار المحدقة.
إنّ الأعداء يقومون بتصفية الإسلام، ويقضون عليه باسم الأحكام الإسلامية، وباسم الرسول الأكرم (صلی الله عليه وآله وسلم). لقد توجه الدعاة من مختلف الأنواع ـ سواء من أهل البلاد أو الأجانب، وسواء التابعين للاستعمار، أو دعاتهم الداخليين ـ إلى جميع القرى والمناطق الإيرانية، ويقومون بإضلال أبنائنا وشبابنا الذين يمكن أن يستفيد منهم الإسلام، فقوموا بانقاذهم. أنتم مكلفون بنشر ما تفقهتم به بين الناس، وتعليمهم الأمور التي تعلمتموها. وكل ذلك المدح والتمجيد للفقهاء الوارد في أحاديثنا(1)
إنّما هو بسبب كون الفقيه مبيِّناً لأحكام الإسلام وعقائده وأنظمته، ومعلِّماً لسنة رسول الله (صلی الله عليه وآله وسلم)للناس. عليكم أن تجدّوا في الارشاد والتعليم لأجل نشر الإسلام، وشرح مفاهيمه.
نحن مكلفون بإزالة الإبهام الذي "ألصقوه" بالإسلام، وما لم نزل ذلك الإبهام فإننا لن نتمكّن من تحقيق أية نتيجة. علينا أن نقوم ـ نحن والأجيال الآتية ـ بإزالة الابهام الملصق بالإسلام، والمرتكز في أذهان الكثيرين، حتى من المثقفين، نتيجة مئات السنين من دعايات السوء، وأن نبيّن الرؤى الإسلامية للكون وأنظمته الاجتماعية والحكومة الإسلامية، لكي يعرف الناس ماهية الإسلام ونوعية قوانينه. فالحوزات العلمية اليوم في قم ومشهد والأماكن الأخرى مكلفة بالعمل على بيان واقع الإسلام، وشرح مبادئه. إنّ الناس لا يعرفون الإسلام. فعليكم أن تعرّفوا شعوب الدنيا على أنفسكم وعلى إسلامكم وأئمتكم وحكومتكم الإسلامية، وخصوصاً لطبقة المثقفين والجامعيين الواعين. واطمئنوا إلى أنّكم لو بيَّنتم هذا المذهب كما هو في الواقع، والحكومة الإسلامية على واقعها، فإنّ هؤلاء سوف يتقبلونهما. إذ أنّ الجامعيين معارضون للاستبداد وللحكومات العميلة للاستعمار، ومعارضون للتسلط، ونهب الأملاك العامة، والسرقة والكذب. ليس هناك جامعة أو جامعيون يخالفون الإسلام الذي يمتلك ذلك الطراز من الحكومة والتعاليم الاجتماعية.
إنّهم يمدُّون أيديهم إلى صورة حوزة النجف طالبين منها الحل. فهل نجلس بانتظار أن يأمرونا هم بالمعروف، ويدعوننا إلى تأدية التكليف؟ إنّ شبابنا في أوربا يأمروننا بالمعروف، ويقولون لنا إنّهم قد قاموا بتشكيل المراكز الإسلامية طالبين منا العون والمساعدة.
إنّنا مكلفون بالتذكير بهذه الأمور، وببيان نمط الحكومة الإسلامية، وطريقة أولياء الأمر في صدر الإسلام، وأن دار إمارتهم ودكة القضاء عندهم (وزارة العدل) كانت في زأوية من زوايا المسجد، بينما كانت دولتهم تشمل إيران ومصر والحجاز واليمن.ومن المؤسف أنّه عندما انتقلت الحكومة إلى الطبقات الأخرى، تحولت إلى سلطنة، بل أسوأ. علينا أن نوضح الصورة عن تلك الحكومة التي نريدها، وعن شروط الحكام الذين يجب أن يحكمونا ويتولوا أمورنا، وعن تصرفاتهم وسياستهم التي يتبعونها.
إنّ الحاكم في المجتمع الإسلامي هو ذاك الذي يقوم بما قام به الإمام علي (عليه السلام) مع أخيه عقيل(2) لكي يمنعه من طلب أي تفضيل مادي على الآخرين، ومن طلب معونة إضافية من بيت المال. والذي يسترد العقد الذي تأخذه ابنته كعارية مضمونة من بيت المال، ويقول لها لو لم تكن عارية مضمونة لكنت أول هاشمية تقطع يدها في الإسلام(3) فنحن نريد حاكماً كهذا. حاكماً يطبق القانون، لا لأهوائه وميوله، ويرى الجميع متسأوون أمام القانون، وذوي حقوق أساسية ووظائف متسأوية، فلا يفرق ولا يميز بين أحد وأحد، وينظر إلى أقاربه والآخرين نظرة واحدة. لو سرق ابنه، فإنّه يقطع يده، ولو تاجر أخوه أو أخته بالمخدرات لأعدمهم. لا أنه يعدم عدة اشخاص لأجل عشرة غرامات من الهيروئين، بينما غيرهم يمتلك المقادير الكبيرة، ويستورد الشحنات تلو الشحنات.
الاستفادة من الاجتماعات لأجل الارشاد والتوجيه
إنّ الكثير من الأحكام العبادية في الإسلام شرعت من أجل الخدمات الاجتماعية والسياسية. وأساساً فإنّ العبادات الإسلامية توأم مع السياسة وتدبير المجتمع. فمثلاً صلاة الجماعة، واجتماع الحج، والجمعة لها آثار سياسية بالإضافة إلى آثارها المعنوية والأخلاقية والعقائدية. الإسلام وفَّر هذه الاجتماعات ليستفاد منها دينياً، لتقوى عواطف وأحاسيس الأخوّة والتعأون بين الأفراد، ولينمو الرشد الفكري أكثر فأكثر، وليجدوا الحلول لمشاكلهم السياسية والاجتماعية، ولينطلقوا بعد ذلك إلى جهاد وسعي جماعي. في البلاد غير الإسلامية أو في ظل الحكومات غير الإسلامية الحاكمة في البلاد الإسلامية يضطرون لصرف الملايين من ثروة البلاد وميزانيتها كلما أرادوا ترتيب مثل هذه الاجتماعات، ومع ذلك فإنّ اجتماعاتهم تلك تفتقر إلى الصفاء، وتكون خالية من كل آثار الخير. لقد أوجد الإسلام ـ من خلال نظمه ـ حوافز تجعل كل شخص يتمنى الذهاب إلى الحج من نفسه، وحتى لو كان سيراً على الأقدام ويتوجه إلى صلاة الجماعة بشوق ورغبة.علينا أن نستفيد من هذه الاجتماعات لأجل التوجيه والارشاد الديني، ونشر النهضة العقائدية والسياسية الإسلامية. البعض لا يفكر بهذه الأمور، ولا يفكر في أداء القراءة في الصلاة بشكل صحيح. وعندما يذهبون إلى الحج، فبدلاً من أن يسعوا للتفاهم مع أخوتهم المسلمين، ونشر أحكام الإسلام، والتفكير بحلول لمشاكل المسلمين ومصائبهم العامة، فيبذلوا المساعي المشتركة مثلاً لأجل تحريرفلسطين ـ ذلك الوطن الإسلامي ـ وتراهم بدلاً من ذلك يعملون على ايجاد الخلافات.مع أنّ المسلمين في صدر الإسلام كانوا يحققون الانجازات المهمة في اجتماع الحج أو الجماعة والجمعة. لم تكن خطبة الجمعة مجرد قراءة سورة ودعاء وبضع كلمات، بل كانت خطب الجمعة ُتجيّش فيها الجيوش، وكانوا يتوجهون من المسجد إلى ميدان الحرب. وذاك الذي يتوجه إلى ميدان القتال من المسجد لا يخاف سوى الله فقط، ولا يخشى القتل والفقر والتهجير. وجيش كهذا هو جيش فتح وظفر.
عندما تطالعون خطب الجمعة لأميرالمؤمنين (عليه السلام)(4) وخطبه بشكل عام تجدون أنه كان ينهج فيها هذا النهج، من تحريك الناس، ودفعهم للنضال، والتضحية في سبيل الإسلام، والدفاع عنه، والعمل على حل مشاكل الدنيا. لو كانوا يجتمعون كل جمعة، ويتدارسون مشاكل المسلمين العامة، ويحلونها أو يصممون على حلها، لما آلت الأوضاع إلى هذه الحال. علينا هذه الأيام أن نقوم بتشكيل وتنظيم هذه الاجتماعات بكل جدية، وأن نستغلها في التعليم والارشاد والتوجيه.وبهذا تتسع النهضة العقائدية والسياسية للإسلام وتزداد اتّقاداً.
نحو عاشوراء جديدة
تبنُّوا الإسلام واطرحوه، وحققوا بذلك نظير عاشوراء. كيف حفظنا استمرارية عاشوراء بقوة، ولم نسمح بزوالها ونسيانها، وكيف يستمر الناس لليوم بإحياء عاشوراء بالتجمع واقامة الشعائر (سلام على مؤسسها)، فأنتم اليوم أيضاً أوجدوا تياراً يدعو لأمر الحكومة الإسلامية، ويحييها من خلال إقامة الاجتماعات ومجالس العزاء والوعظ، وطرح المسألة وتركيزها في أذهان الشعب.إذ لو قمتم بالتحدث عن الإسلام، وعرّفتم الناس على عقائده واُصوله وأحكامه ونظمه الاجتماعية، فإنهم سوف يتقبلونه بحماس تام، والله يعلم أن مريدي الإسلام كثيرون. وقد جرَّبت ذلك بنفسي، فعندما كان يتم إلقاء كلمة ما، كانت تحدث تياراً في الناس. والسبب في ذلك هو أن الجميع منزعجون من الوضع وغير راضين عنه، لكنهم لا يستطيعون إظهار ذلك في ظل الحراب والارهاب.
فهم يحتاجون لمن يقف ويتكلم بشجاعة. وأنتم أبناء الإسلام الشجعان، قفوا بقوة، وتكلموا أمام الناس، وبيِّنوا الحقائق لجماهير الناس بالاُسلوب البسيط، وادفعوهم نحو التحرك والثورة، وانفخوا في أبناء الشعب ـ من عمال ومزارعين طيبين وجامعيين يقظين ـ روح الجهاد، فسيتحولون جميعاً إلى مجاهدين. إنّ جميع طبقات الشعب مستعدة للنضال لأجل حرية الاُمة واستقلالها وسعادتها. وهذا النضال يحتاج إلى الدين، فضعوا الإسلام ـ الذي هو دين الجهاد والنضال ـ بين يدي الشعب، ليصححوا أخلاقهم وعقائدهم طبقه، ويشكلوا قوة مجاهدة تقضي على الأجهزة السياسية الجائرة الاستعمارية، وتقيم الحكومة الإسلامية.الفقهاء "حصون الإسلام" عندما يقومون بدور تبيين عقائد الإسلام ونظمه للناس، ويكونوا مدافعين عنه، ويرسخون ذلك من خلال المواقف الصلبة الواعية، ومن خلال قيادة الناس. فعندها سيشعر الناس ـ ولو بعد مرور العقود الطويلة على فقدهم ـ بأنّ ذلك الخسران كان مصيبة على الإسلام، وأنه قد خلَّف فراغاً. وبحسب تعبير الرواية "ثلم في الإسلام ثلمة لا يسدها شيء". عندما يقول الحديث: "إذا مات الفقيه المؤمن ثلم في الإسلام ثلمة" فهل المراد هو مثلي، ممن جلس في بيته لا شغل له سوى المطالعة؟ إنّما يُثلَمُ في الإسلام ثلمة عندما يفقد الإسلام شخصاً كالإمام الحسين (عليه السلام)، الذي كان حافظاً لعقائد الإسلام وقوانينه ونظمه. أو كمثل العلامة نصير الدين الطوسي والعلاّمة الحلي الذين قدّموا الخدمات
المقأومة والنضال طويل الأمد
ليس ثمة عاقل يتوقع أن نتوصل من خلال عملنا التبليغي والارشادي إلى تشكيل الحكومة الإسلامية بسرعة. فمن أجل النجاح في إقامة الحكومة الإسلامية المستقرة، نحتاج إلى أنشطة متنوعة ومتواصلة، فهذا هدف يحتاج إلى وقت طويل. عقلاء العالم يقومون بوضع حجر في مكان ما لكي يقيموا عليه بناءً بعد مئتي سنة من ذلك الوقت، ومن ثم يحققوا النتيجة المرجوة.سأل الخليفة ذلك المزارع العجوز ـ الذي كان يضع الفسيل ـ عما يدفعه إلى زرع ما يحتاج في انتاجه إلى خمسين سنة اُخرى، حيث يكون قد مات الزارع فأجاب: "لقد زرعوا فأكلنا، ونزرع فيأكلون".
فعملنا إذا كانت نتيجته تتحقق للأجيال القادمة، فعلينا أيضاً أن نستمر به، إذ أنه خدمة للإسلام، ولأجل سعادة البشر، وليس أمراً شخصياً لكي نقول: بما أنه لن ينتج الآن، وإنّما سيأخذ نتيجته الآخرون فيما بعد، فلا علاقة لنا به. لو أن سيد الشهداء (عليه السلام) ـ الذي ضحى بكل ما لديه من ماديات ـ كان يفكر بمثل هذا التفكير، ولو كان عمله لنفسه ولفائدته الشخصية، لكان هادن منذ البداية، وانتهت القضية. كان الجهاز الأموي الحاكم إنّما يريد من الحسين (عليه السلام) البيعة والخضوع لحكمه. فلم يكونوا ليحصلوا على أفضل من ذلك، بأن يعترف ابن النبي (صلی الله عليه وآله وسلم)وإمام ذلك الزمان بحكومتهم، ويخاطبهم بلقب "أميرالمؤمنين". لكنه (عليه السلام) إنّما كان يفكر بمستقبل الإسلام والمسلمين، وعارض وجاهد وضحى لأجل نشر الإسلام في المستقبل، وإقامة أنظمته السياسية والاجتماعية في المجتمعات.تأملوا في الرواية التي ذكرتها فيما سلف لتجدوا أن الإمام الصادق (عليه السلام) الذي كان يعيش في ظروف تقية، وفي ظل ضغوطات الحكام الظلمة، ولم يكن يمتلك أية سلطة تنفيذية، وكان في معظم الأحيان يخضع للمراقبة والمحاصرة، ومع هذا يقوم بتعيين التكاليف للمسلمين، وينصب حكاماً وقضاة. فما معنى هذا التصرف منه (عليه السلام) ؟ وأساساً ما الفائدة المترتبة على هذا النصب والعزل؟ إنّ الرجال العظماء ذوي الآفاق الفكرية الواسعة لا يشعرون باليأس في أي وقت من الأوقات، ولا ينظرون إلى وضعهم الحالي، حيث يكونون في السجن، وليس من المعلوم أنهم سيخرجون منه أم لا. بل يخططون للتقدم في أهدافهم مهما كانت الظروف التي يعيشونها، لكي ينفِّذوا تلك الخطط فيما بعد بأنفسهم إذا تمكّنوا، وإذا لم تسنح لهم الفرصة، يقوم بذلك الآخرون ـ ولو بعد مئتين أو ثلاثمائة عام ـ الكثير من النهضات الكبرى بدأت بهذا الشكل. فسوكارنو رئيس جمهورية أندونيسيا السابق كان يحمل تلك الأفكار في السجن، ووضع الخطط والبرامج، ومن ثم نفذها فيما بعد.
والإمام الصادق (عليه السلام) ـ عدا عن وضع الخطة ـ قام بالنصب والتعيين أيضاً. لو كان عمل الإمام (عليه السلام) ناظراً لذلك الوقت فقط، لكان يُعدُّ عمله هذا ضرباً من اللغو، لكنه (عليه السلام) كان يفكر بالمستقبل. فهو لم يكن مثلنا مشغولاً بنفسه ومهتماً بوضعه فقط. كان يحمل همَّ الاُمة والبشرية بل وجميع العالم.
أحمد سوكارنو (1901 ـ 1970م) كان أبوه مدرساً. انتمى في التاسعة عشر من عمره إلى معهد فني هولندي، تخرج حاملاً شهادة هندسية. قضى فترات من النفي والسجن بسبب جهاده ضد الاستعمار. أعلن سنة 1945م تأسيس حكومة جمهورية أندونيسيا، وانتخب سنة 1949م رئيساً لجمهورية بلاده بشكل رسمي. كان من الرموز السياسية البارزة في العالم، ومن مؤسسي حركة عدم الانحياز. اضطر سنة 1967 للاستقالة بعد انقلاب للعسكريين الموالين للغرب. من آثاره كتاب "راية الثورة".كان يريد إصلاح البشر، وتطبيق قوانين العدل. كان عليه أن يقوم بالتخطيط والتعيين منذ ألف وعدة مئات من السنين، لكي يتوصل إلى يقظة الشعوب هذه الأيام، وإلى وعي الاُمة الإسلامية وثورتها. لم يبق ثمة تحيُّر، فوضع الحكومة الإسلامية ورئيس الإسلام معلوم، واساساً فإنّ دين الإسلام، ومذهب الشيعة، وسائر المذاهب والأديان تقدموا بهذا الشكل. أي لم يكن ثمة شيء في البداية سوى الأطروحة، ومن ثم، وبعد صمود وجدية القادة والأنبياء تحققت النتيجة. لم يكن النبي موسى (عليه السلام) سوى راعٍ مارس عمله ذاك لسنين طويلة.
وعندما كُلِّف بمواجهة فرعون، لم يكن يملك من مساعدٍ أو نصير. لكنه ـ بما يمتلك من لياقةٍ وصفات وصمود ـ أزال أساس حكومة فرعون بعصاه. أتظنون أنه لو كانت عصا موسى بيدي أو بأيدي حضراتكم لكان حصل معنا نفس النتيجة؟! إنّ الأمر يحتاج إلى همَّة موسى وجدِّيته وتدبيره لكي يتم القضاء على فرعون. وهذا ليس بمقدور أي كان. عندما بُعث النبي الأكرم (صلی الله عليه وآله وسلم)بالرسالة، وشرع بالدعوة، لم يؤمن به في البداية سوى طفل في الثامنة من العمر هو أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) وامرأة في الاربعين هي خديجة، ولم يكن لديه سواهما.
والجميع يعلم كم ناله من أذى ومحاربة وتخريب. لكنه لم ييأس، ولم يقل لا نصير لدي، بل صمد، وأوصل ـ بقدرته الروحية وعزمه القوي ـ الرسالة من الصفر إلى هذه النتيجة، حيث ينضوي تحت لوائها سبعمائة مليون شخص هذه الأيام.مذهب الشيعة بدأ أيضاً من الصفر. وعندما وضع الرسول (صلی الله عليه وآله وسلم)أساسه قوبل بالاستهزاء، إذ حين جمع الرسول (صلی الله عليه وآله وسلم)قومه بداية الدعوة، عرض عليهم دعوته، وسألهم أيهم يؤازره في هذا الأمر ليكون وزيره وخليفته، ولم يجبه أحد سوى أمير المؤمنين (عليه السلام) ـ الذي لم يكن قد بلغ سن البلوغ بعد ـ لكنه كان يحمل روحاً كبيرة أكبر من كل الدنيا. التفت أحدهم إلى أبي طالب، وقال له مستهزئاً: لقد أمرك أن تطيع ابنك وتسمع له(5).
وفي ذلك اليوم الذي أعلن فيه ولاية أميرالمؤمنين (عليه السلام) على الناس قوبل بالبخبخة (بخٍ بخٍ) الظاهرية(6)، لكن العصيان والخلاف بدأ منذ ذلك الوقت، واستمر إلى النهاية. لو كان الرسول (صلی الله عليه وآله وسلم)نصبه مرجعاً للمسائل الشرعية فحسب، لما خالفه أحد. لكن نصبه خليفة له، وجعله الحاكم على المسلمين، والمقرر لمصير اُمة الإسلام، وهذا هو الذي سبب هذه الاعتراضات والمخالفات. وأنتم اليوم إذا جلستم في بيوتكم، ولم تتدخلوا في أمور البلاد، فلن يتعرض لكم أحد. وإنما يتعرضون وكل فيما لو تدخلتم في أمور البلاد فحسب. وأميرالمؤمنين (عليه السلام) والشيعة نالوا كل هذا الأذى، وكل هذه المصائب بسبب تدخلهم في أمور الحكومة وسياسة البلاد. لكنهم مع هذا لم يتخلُّوا عن الجهاد والعمل، إلى أن صار عدد الشيعة اليوم ـ نتيجة جهادهم وعملهم التبليغي ـ حوالي مئتي مليون شخص.
إصلاح الحوزات العلمية
.إنّ نشر الإسلام وبيان مفاهيمه وتوضيح معالمه يحتاج إلى اصلاح الحوزات العلمية. وذلك بتكامل برامج الدراسة، واُسلوب التبليغ والتعليم، وتبديل التراخي والاعمال واليأس وعدم الثقة بالنفس، بالجد والسعي والأمل والثقة بالنفس، وإزالة الآثار التي حصلت في روحية البعض بسبب دعايات الاجانب وتلقيناتهم، وإصلاح أفكار جماعة المتظاهرين بالقداسة، الذين يعيقون عملية الاصلاح في الحوزات والمجتمع، ونزع عمائم معممي البلاط ـ الذين يبيعون الدين بالدنيا ـ وطردهم من الحوزات.إزالة الآثار الفكرية والأخلاقية للاستعمار
لقد عمل عملاء الاستعمار والأجهزة التربوية والاعلامية والسياسية للحكومات العميلة لمدة قرون على بث السموم، وإفساد أفكار وأخلاق الناس، والأشخاص الذين كانوا يأتون إلى الحوزة هم من بين أفراد الشعب، ويحملون معهم التأثيرات الفكرية والأخلاقية السيئة ولا شكّ. إذ الحوزات العلمية جزء من الشعب والمجتمع. لذا علينا أن نسعى لإصلاح عناصر الحوزات فكرياً وأخلاقياً، وأن نواجه ونزيل الآثار الفكرية والروحية الناتجة عن دعايات وتلقينات الأجانب وسياسة الدول الخائنة والفاسدة.إنّ هذه الآثار ملحوظة بشكل واضح، إذ نجد أنّ البعض منا في الحوزات يتهامسون بأننا عاجزون عن القيام بمثل هذه الأمور، ما لنا ولهذه الأمور؟ نحن علينا أن ندعو، ونجيب على الاستفتاءات فقط. هذه الأفكار من آثار تلقينات الأجانب، وهي من نتائج دعايات السوء التي كان يبثها المستعمرون خلال هذه القرون المتأخرة، تغلغلت في أعماق القلوب في النجف وقم ومشهد وسائر الحوزات، وسببت الضعف والوهن، وهي لا تسمح لحامليها بالرشد والنمو الفكري.إنّهم يتعللون باستمرار بأننا لا نقدر على هذه الأمور. هذه افكار خاطئة فهؤلاء الذين يحكمون البلاد الإسلامية هذه الأيام ماذا يمتلكون لكي يتمكّنوا من القيام بذلك من دوننا؟ من منهم يمتلك الكفاءة أكثر من الأشخاص العاديين؟ والكثير منهم لم ينل أي تعليم أصلاً. فأين درس حاكم الحجاز وماذا درس؟ ورضا خان كان أمياً، لم يكن أكثر من جندي أميّ. وهكذا كان الوضع في التاريخ أيضاً، فالكثير من الحكام المتفرعنين والمتسلطين لم يكونوا يتمتعون بكفاءة إدارة المجتمع وتدبير الاُمة، أو شيء من علم أو فضيلة. كهارون الرشيدأو غيره ممن حكموا البلاد الكبيرة.
ما هو حظ أولئك من العلم؟ العلم والتخصص إنّما يحتاج إليهما في التخطيط والأمور التنفيذية والادارية، ونحن أيضاً سوف نستفيد من وجود أشخاص كهؤلاء. أمّا ما له علاقة بالإشراف والإدارة العليا للبلاد، وبسط العدالة بين الناس هو ما درسه الفقيه وحصَّله، وما هو ضروري لحفظ الحرية الوطنية والاستقلال هو ما يمتلكه الفقيه، فالفقيه هو الذي لا يخضع لنفوذ الأجانب، ولا يركع للآخرين، ويدافع إلى آخر نفس عن حقوق الشعب، وعن الحرية والاستقلال، وأراضي الوطن الإسلامي. والفقيه هو الذي لا ينحرف يميناً وشمالاً.
ابعدوا هذا الجمود عنكم، أكملوا وأنضجوا برامجكم وأساليبكم التوجيهية، وابذلوا الجهود في نشر الإسلام وتعريفه، وصمموا على إقامة الحكومة الإسلامية، وبادروا للتقدم في هذا الطريق، وضعوا أيديكم بأيدي الشعب المناضل والباحث عن الحرية، وعندها يكون أمر إقامة الحكومة الإسلامية أمراً مؤكداً. ثقوا بأنفسكم، فأنتم تمتلكون القدرة والجرأة والتدبير للنضال في سبيل تحرير الاُمة واستقلالها، وعندما تتمكنون من توعية الشعب ودفعه للنضال، وزعزعة أجهزة الاستعمار والاستبداد، فسوف تنمو تجاربكم، وتزداد كفاءتكم وتدبيركم في الأمور الاجتماعية يوماً بعد يوم. وعندما تنجحون في القضاء على أجهزة الحكم الجائر فستتمكّنون يقيناً من القيام بمسؤولية إدارة الحكومة وقيادة جماهير الشعب. إنّ برامج الحكومة والإدارة والقوانين اللازمة لها جاهزة.
فالإسلام قرر الضرائب والموارد اللازمة لادارة البلاد، وكذلك سن جميع القوانين التي يحتاج إليها في ذلك. فلن تحتاجوا بعد تشكيل الحكومة إلى وضع قانون، أو لاستعارة القوانين من الآخرين كمثل الحكام المتغربين والمبهورين بالأجانب. فكل شيء جاهز ومهيَّأ. ولم يبق سوى برامج الوزارات التي يتم إعدادها وتنظيمها واقرارها من خلال التعأون بين المستشارين والمعأونين المتخصصين في المجالات المختلفة المؤتلفين في مجلس استشاري.
ومن حسن الحظ فإنّ الشعوب أيضاً مؤيدة لكم ومتحدة معكم. وما ينقصنا هو الهمة والقوة المسلحة، وهذا أيضاً سنحصل عليه إن شاء الله. نحتاج إلى عصا موسى وهمته. يجب أن يكون لدينا من يستعمل عصا موسى، وسيف علي بن أبي طالب (عليه السلام).
أجل، فإنّ هؤلاء الأشخاص العديمي اللياقة الجالسين في الحوزات لا يقدرون على تشكيل حكومة وحفظها، لأنّهم من العجز إلى درجة أنهم لا يستطيعون استعمال القلم أيضاً، ولا التحرك لانجاز أي عمل.لقد غرس الأجانب واتباعهم في أذهاننا بأنّه لا شغل لنا بهذه الأمور، ولسنا أهلاً لها، وان علينا أن نهتم بشغلنا، بمدارسنا ودرسنا وتحصيلنا، وأنا للآن لا أستطيع إخراج هذه الدعايات السيئة من أذهان البعض، وافهامهم أن عليهم أن يكونوا رؤساء البشر، وأنهم مثل الآخرين يستطيعون إدارة مملكة. فبماذا يتميّز عليكم الآخرون سوى أنهم قضوا أوقاتاً طيبة في مكان ما، أو أنهم ربما درسوا في الأثناء أيضاً؟!
نحن لا نقول لا تدرسوا، فلسنا معارضين للتحصيل وللعلم. فليذهبوا إلى القمر، ولينتجوا المصنوعات الذريّة، فنحن لا نمنعهم، غاية الأمر إن لنا تكليفاً وموقفاً تجاه تلك الأمور. قوموا ببيان مفاهيم الإسلام، وأوصلوا الصورة الإسلامية عن الحكومة إلى جميع أنحاء الدنيا، فلعل سلاطين البلاد الإسلامية ورؤساء جمهورياتها يلتفتون إلى صحة الموقف ويلتزمون به. فنحن لا نريد انتزاع السلطة منهم، فكل من كان منهم أميناً وملتزماً نتركه في موقعه.
نحن المسلمون يبلغ تعدادنا في الدنيا اليوم سبعمائة مليون شخص، مائة وسبعون مليون منهم شيعة. هؤلاء كلهم معنا، لكننا لم نستطع إداراتهم بسبب ضعف همتنا. علينا أن نشكل الحكومة التي تكون أمينة على الشعب، ويطمئن لها الشعب، ويستطيع أن يسلمها مصيره. نريد حاكماً أميناً ليحمل الأمانة، وتعيش الاُمة في كنفه، وكنف القانون براحة بال.يجب أن نحمل هم هذه الأمور. ولا يجب أن نيأس. لا تتصوروا أنّ هذا الأمر لا يتحقق. والله يعلم أن كفاءتكم ولياقتكم ليست بأقل من الآخرين. إذا كانت اللياقة هي الظلم وسفك الدماء، فبالطبع لسنا كذلك. عندما جاءني ذلك الرجل في السجن حيث كنت أنا والسيد القمي سلمه الله ـ والذي لا يزال لحد الآن متورطاً بالبلاء والمشاكل ـ قال: "السياسة سوء طوية وكذب، وباختصار هي بلاء ولعنة فاتركوها لنا" وقد صدق فيما قال، إذ لو كانت السياسة هي هذه الأمور خاصة، فهي خاصة بهم. لكن الإسلام فيه سياسة، والمسلمون عندهم سياسة، وأئمة الهدى (عليه السلام) هم "ساسة العباد" لكنها سياسة بغير المعنى الذي ذكره. لقد أراد استغفالنا. ومن ثم ذهب فأعلن في الصحف أنه قد تم التفاهم على عدم تدخل علماء الدين في السياسة وبعد خروجي من السجن صعدت المنبر وكذَّبت كلامه، وقلت لهم أن هذا كذب، وإذا كان الخميني أو غيره قد تكلم بشيء كهذا فإننا نخرجه.
لقد غرسوا في أذهانكم من البداية أنّ السياسة تعني الكذب وما شابه ذلك من المعاني، لكي يبعدوكم عن أمور البلاد، بينما يتصرفون هم كما يريدون. وأنتم عليكم بالدعاء أيضاً، عليكم بالجلوس هنا والدعاء بـ"خلد الله ملكه" بينما هم يفعلون ما يحلو لهم، ويرتكبون القبائح التي يريدون. بالطبع فهم لا يمتلكون هذه الدرجة من الفهم ـ وللّه الحمد ـ لكن أساتذتهم وخبراءهم هم الذين وضعوا هذه الخطط. وضعها الاستعمار الانكليزي الذي دخل بلاد الشرق منذ ثلاثة قرون، وتعرّف إلى جميع أمور هذه البلاد.
وأنا الآن أُبيّن لكم حقيقة الأمر. لقد جاءني أحدهم ولا اُريد ذكر اسمه، وقال لي: أيّها السيد إن السياسة كذب وخداع وغش ونفاق، والخلاصة أنها بلاء ولعنة فدعوا ذلك لنا نحن. وبما أن الظرف لم يسمح فلم اشأ مناقشته، فقلت له: نحن منذ البداية لم نتدخل في هذه السياسة التي تتكلم عنها. والآن حيث أن الظرف يستلزم ذلك فإني أقول: أنّ هذا ليس من الإسلام في شيء. والله إن الإسلام كله سياسة. لقد بيّنوا الإسلام بشكل غير سليم. إنّ سياسة المدن تنبع من الإسلام. إنني لست من أولئك الملالي (رجال الدين) الذين يكتفون بالجلوس هنا والتسبيح. أنا لست "البابا" لكي أكتفي بتأدية بعض المراسم يوم الأحد، وأنصرف بقية الأوقات إلى شأني، دون التدخل في الأمور الأخرى. وبعد ذلك أيضاً اتفق المستعرون الأمريكيون وغيرهم مع الانكليز، وساروا معاً مشتركين في تطبيق هذه المخططات. عندما كنت في همدان ـ في وقت ما ـ أراني أحد طلاب الحوزة ـ الذي كان رجلاً فاضلاً تخلى عن اللباس الديني لكنه حافظ على الناحية المسلكية ـ ورقة كبيرة قد وضعت عليها علامات بالأحمر. وحسب قوله فإنّ هذه العلامات الحمراء إشارات إلى الثروات الطبيعية المخزونة الموجودة في إيران، والتي قد اكتشفها الخبراء الأجانب. درس الخبراء الأجانب بلادنا، وتعرفوا إلى أماكن وجود ثرواتنا الطبيعية من ذهب ونحاس ونفط وغير ذلك.
وفهموا نفسياتنا، ووزنوا مستوى روحية الأشخاص في بلادنا. وعلموا أن الشيء الوحيد الذي يشكل سدّاً في مقابلهم، ويمنع خططهم من التنفيذ، هو الإسلام وعلماؤه. لقد تعرف هؤلاء إلى قوة الإسلام الذي وصلت سيطرته إلى أوربا، وعلموا أنّ الإسلام الحقيقي معارض لما يريدون. كما أدركوا أيضاً أنهم لا يستطيعون الهيمنة على علماء الدين الحقيقيين والتصرف بفكرهم. لذا سعوا من البداية لإزالة هذه الشوكة من طريق سياستهم، وإلى إضعاف الإسلام والقضاء على مؤسسة علماء الدين. وقاموا بذلك أيضاً من خلال دعايات السوء بنحو صار فيه الإسلام يبدو بنظرنا هذه الايام أنه لا يتجأوز عدة مسائل. فمن جهة سعوا إلى تحقير وتشويه صورة علماء الدين والفقهاء ـ الذين هم على رأس الجمعيات الإسلامية ـ من خلال التهم الباطلة، أو غير ذلك من الأساليب. عديم الكرامة وعميل الاستعمار ذاك الذي كتب في كتابه: أنّ ستمائة من علماء النجف وإيران كانوا يعملون لحساب الانكليز، وأن الشيخ مرتضى قبض المعاش منهم لمدة سنتين فقط، ثم التفت للأمر(7)
ونوضح أنّ اسماعيل رائين تعأون مع السافاك منذ بداية تأسيسه، وكان رقمه السري 1498. وأعد كتابه عن الماسونية بالتعأون مع السافاك. ومقارنة الوثائق المذكورة في كتاب رائين مع وثائق السافاك تدلّ على أنّ قسماً مهماً من تلك الوثائق ورد في كتاب رائين بشكل منتقى، وكان له أيضاً علاقات جيدة مع "علم" وزير البلاط الشاهنشاهي. وهو الذي دفعه إلى تأليف كتابه "حقوق بكيران انكليس در ايران" لكي يشوّه صورة علماء الدين من خلال ذلك. (8)
يتمنى الاستعمار أن يقال: إنّ جميع العلماء مأجورون له، وذلك لكي تتشوه سمعة علماء الإسلام بين الناس، لكي يعرض الناس وينصرفوا عنهم.
ومن جهة اُخرى يسعى بدعاياته وتلقيناته لتصغير الإسلام وتحديده، وحصر دور فقهاء الإسلام وعلمائه بالأعمال الصغيرة. فأرجوا إلينا أن لا شغل للفقهاء سوى بيان الأحكام، ولا تكليف لهم سوى ذلك. وقد صدقهم البعض عن قلة فهم وضاعوا. لم يعلموا أن هذه مخططات هدفها القضاء على استقلالنا، والتسلط على جميع مقدرات بلادنا الإسلامية. وقاموا بتقديم العون ـ من دون علم ـ لمراكز التبليغ والدعاية الاستعمارية في سياستهم، وفي تحقيق أهدافهم. لقد أشاعت المؤسسات التبليغية للاستعمار بأنّ الدين منفصل عن السياسة، وأن علماء الدين لا ينبغي لهم أن يتدخلوا في أي أمر اجتماعي، والفقهاء ليسوا مكلفين بالاشراف على مصيرهم ومصير الاُمة الإسلامية. وقد صدّقهم البعض ـ مع الأسف ـ ووقعوا تحت تأثيرهم، وكانت النتيجة ما نراه الآن. إنّها أمنية الاستعمار في الماضي والحاضر والمستقبل.انظروا إلى الحوزات العلمية لتروا آثار هذه الدعايات والتلقينات الاستعمارية فستجدون أناساً مهملين عاطلين عن العمل، لا همة لهم، يقتصرون على بيان الأحكام والدعاء، ولا يقدرون على سوى ذلك. وستواجهون خلال ذلك أفكاراً ومناهج من آثار هذه الدعايات والتلقينات. كمثال على ذلك فكرة: أنّ الكلام ينافي شأن عالم الدين، وأن العالم والمجتهد لا ينبغي أن يكون متحدثاً (خطيباً) وإذا كان خبيراً بذلك فلا ينبغي له أن يمارسه! وإنّما عليه أن يقول "لا إله إلاّ الله" فحسب، وينطق بكلمة واحدة أحياناً. مع أنّ هذه الفكرة غلط، وخلاف سنة رسول الله (صلی الله عليه وآله وسلم). لقد امتدح الله تعالى البيان والقلم، ويقول في سورة الرحمن: {علمه البيان} ويعدّ تعليمه البيان إكراماً ونعمة كبرى. فالبيان يحتاج إليه لأجل نشر أحكام الله وتعاليم الإسلام وعقائده، وإنّما نستطيع تعليم الناس الدين ونصير مصداقاً لـ"يعلّمونها الناس" بواسطة البيان. كان لرسول الله (صلی الله عليه وآله وسلم)ولأميرالمؤمنين (عليه السلام) مواقف بيانية وخطب مشهورة، فقد كانوا فرسان الكلام.
إصلاح المقدسين (المتظاهرين بالقداسة)
هناك نمط من الأفكار البلهاء موجودة في أذهاب البعض، حيث يرون مساعدة المستعمرين والدول الجائرة، للمحافظة على وضع البلاد الإسلامية بهذه الصورة، ومنع النهضة الإسلامية. هذه أفكار جماعة مشهورين باسم "المقدسين" بينما هم الحقيقة "متصنعو القداسة" لا مقدسون، ويجب علينا أن نصلح أفكار هؤلاء، ونوضح موقفنا منهم، لأنّهم يعيقون نهضتنا وعملنا الاصلاحي، وقد كبلوا أيدينا. اجتمع في منزلي يوماً آية الله البروجردي وآية الله حجت وآية الله الصدروآية الله الخونساريآية الله العظمى السيد حسين بن علي الطباطبائي البروجردي (1292 ـ 1380 هـ ق) فقيه، اُصولي، وزعيم الحوزة العلمية ومرجع الشيعة في العالم. استفاد من دروس علماء مثل: الآخوند الخراساني، والسيد كاظم اليزدي، وشيخ الشريعة الاصفهاني. له حواش على العروة الوثقى، وكفاية الاُصول، ونهاية الشيخ الطوسي، وكذلك تقريرات لدروسه في الفقه والاُصول بقلم طلابه.
آية الله محمد حجّت (الحجة) (1310 ـ 1373 هـ ق) من المجتهدين ومدرسي الفقه والاُصول. سكن في قم منذ سنة 1349 هـ ق، وقام بالتصدي لادارة الحوزة مع آية الله الصدر وآية الله الخونساري بعد وفاة آية الله الحائري. من آثاره: رسالة في الاستصحاب، ورسالة في البيع وحاشية على الكفاية.
آية الله صدر الدين الصدر (1299 ـ 1373 هـ ق) من طلاب الآخوند الخراساني وآية الله النائيني. أتى إلى قم بدعوة من آية الله الحائري، وصار كمستشار ومعأون له. ومن آثاره: المهدي، وخلاصة الفصول، ومدينة العلم.
آية الله محمد تقي الخونساري (1305 ـ 1371 هـ ق) استفاد من محضر اساتذة عظام كالآخوند الخراساني، والميرزا النائيني، والسيد محمد كاظم اليزدي. كان في عداد المجاهدين في ثورة الشعب العراقي على الاستعمار الانكليزي. تولى مع آية الله الحجة وآية الله الصدر إدارة الحوزة العلمية في قم بعد وفاة آية الله الحائري، وأقام صلاة الاستسقاء حين الجفاف سنة (1363 هـ ق) بدعوة من أهالي قم، حيث هطل على إثرها المطر الغزير.(رضوان الله عليهم أجمعين)
لأجل البحث في أمر سياسي. فقلت لهم: قبل كل شيء احسموا وضع هؤلاء المتقدسين، فإنّ وجود هؤلاء بمثابة تقييد لكم من الداخل مع هجوم العدو من الخارج. إنّ هؤلاء اسمهم مقدسون ـ لا أنهم مقدسون واقعاً ـ وليسوا مدركين للمصالح والمفاسد، وقد كبّلوا أيديكم. وإذا أردتم القيام بعملٍ ما من استلام الحكم، أو السيطرة على المجلس لمنع وقوع هذه المفاسد، فإنّ هؤلاء سوف يقضون على جهودكم في المجتمع، فعليكم إيجاد حلٍّ لهؤلاء قبل كل شيء.
بحسب ما ذكره السادة الخلخالي والدواني فإنّ الأمر السياسي المذكور كان البحث حول مسألة "مجلس المؤسسين".أضحى وضع المجتمع الإسلامي هذه الأيام بنحو بات فيه متصنّعو القداسة يعيقون تأثير الإسلام والمسلمين، ويطعنون الإسلام باسم الإسلام. وأساس هذه الجماعة ـ الممتدة في المجتمع ـ من الحوزات العلمية. ففي حوزات النجف وقم ومشهد وغيرها من الحوزات يوجد أشخاص يحملون روحية التظاهر بالقدسية، ومنهم تسري روحية وأفكار السوء في المجتمع باسم الإسلام، وهم الذين يعارضون كل صوت يدعو للحياة الحرة والاستقلال من تحت هيمنة الآخرين، وإلى منع الانكليز والأمريكان من الهيمنة علينا إلى هذه الدرجة، وإلى مواجهة اسرائيل في اعتداءاتها على المسلمين. علينا في البدء أن ننصحهم ونوقظهم وننبههم إلى الخطر، إلى جرائم إسرائيل من قتل وتهجير، وإلى دعم الانكليز وأمريكا لها، بينما هم يتفرجون. ونلفتهم إلى ضرورة اليقظة آخر الأمر، وحمل هم مشاكل الناس وحاجاتهم، وإلى أن الدرس وبيان الأحكام وحدهما لا يكفيان. ففي الوقت الذي يقوم به الأعداء بالقضاء على الإسلام وعلى وجوده لا يجب أن نظل ساكتين، ونجلس كالنصارى الذين جلسوا يتكلمون حول الروح القدس والتثليث؛ بينما العدو يقوم بالقضاء عليهم. استيقظوا وعوا هذه الحقائق والوقائع، والتفتوا إلى مسائل العصر، ولا تدعوا أنفسكم هَمَلاً إلى هذه الدرجة.
أتريدون أن تضع الملائكة اجنحتها تحت أقدامكم وأنتم بهذا الاهمال؟ فهل الملائكة أعوان المتقاعسين (التنابل) ؟ الملائكة يضعون أجنحتهم تحت قدم أمير المؤمنين (عليه السلام)، لأنه رجل ينفع الإسلام، وينصر الإسلام ويعظمه، وقد انتشر الإسلام في الدنيا واشتهر في العالم بواسطته، وفي ظل قيادته وجد المجتمع المحترم والحر، والمملوء حيوية وفضيلة. فمن الطبيعي أن تخضع له الملائكة، وأن يخضع ويخشع له الجميع، فحتى العدو يخضع أمام عظمته. أمّا أنتم الذين لا دور لكم سوى بيان الأحكام، فلا معنى ولا محل للخضوع لكم.وإذا لم يستيقظ هؤلاء بعد الارشاد والتذكير والنصائح المتكررة، ولم ينهضوا للقيام بوظائفهم، عندها يُعلم أن قصورهم ليس عن غفلة، وإنّما عندهم مرض آخر. فعندئذ سيكون حسابهم بنحو آخر.
تطهير الحوزات
إن الحوزات العلمية هي مراكز تدريس وتعليم وارشاد وقيادة للمسلمين. وهي مركز الفقهاء العدول والفضلاء والمدرسين والطلاب، مركز أمناء الأنبياء وخلفائهم، مركز الأمانة. ومن الواضح أنّ الأمانة الإلهية لا يمكن تسليمها لأي كان. فالشخص الذي يريد تولِّي منصب مهم كهذا ـ ليكون وليّاً لأمر المسلمين، ونائباً لأمير المؤمنين (عليه السلام)، ومسؤولاً عن الأعراض والأموال، والنفوس والمغانم والحدود وأمثالها ـ يجب أن يكون نزيهاً ومعرضاً عن الدنيا. فذلك الذي يسعى ويجدّ لأجل تحصيل الدنيا ـ وإن كان ذلك في أمر مباح ـ ليس أمين الله، ولا يمكن الاطمئنان إليه، وذلك الفقيه الذي يدخل في أجهزة الظلمة، ويصير من حواشي البلاط، ويطيع أوامرهم، ليس أميناً، ولا يمكنه أن يكون حامل الأمانة الإلهية. والله يعلم كم نال الإسلام من مصائب من علماء السوء هؤلاء من صدر الإسلام إلى اليوم. أبو هريرةأبو هريرة (57 أو 58 هـ ق) صحابي أسلم في السنة السابعة للهجرة . لم ينل صحبة النبي (صلی الله عليه وآله وسلم)أكثر من ثلاث سنوات، وروى عنه أحاديث أكثر من أي صحابي آخر. حتى اعترض عليه كبار الصحابة مرات عديدة في عصر الخلفاء. تولى البحرين في عهد عمر، ثم عُزِل وغُرِّم بعشرة آلاف درهم بجريمة أخذ أموال بيت المال. في زمن خلافة عثمان وضع بعض الأحاديث في فضيلته تقرباً منه إليه، وفي عهد خلافة أمير المؤمنين (عليه السلام) لم يمتنع عن ابداء ما يدلّ على ارادته الخير لجهاز معأوية. يقال إنه اعتزل القتال في حرب صفين، وكان يمضي يوماً في معسكر أمير المؤمنين (عليه السلام)، ويوماً في معسكر معأوية. ويقال إنه في الصلاة كان يقتدي بعلي (عليه السلام) وفي الطعام كان يرجح سفرة معأوية ويقول: طعام معأوية أدسم، والصلاة مع علي (عليه السلام) أفضل. واعتبر الكثير من علماء المسلمين ـ سواء الشيعة أو السنة ـ أحاديثه مردودة. (9)
أحد الفقهاء، لكن الله يعلم كم وضع من أحاديث لصالح معأوية وأمثاله، وكم سبب من مصائب للإسلام. إنّ دخول العلماء في أجهزة الظلمة والسلاطين يختلف عن دخول الأفراد العاديين. إنّ الإنسان العادي الداخل في أجهزتهم فاسق، ولا يترتب عليه شيء أكثر من هذا. لكن دخول فقيه أو قاض كأبي هريرة، وشريح القاضي يمنح الجهاز الظالم عظمة وقوة، ويضعف الإسلام. إنّ دخول فقيه واحد في أجهزة الظلمة يشابه دخول اُمة، وليس كدخول شخص عادي، ولذا حذَّر الأئمة (عليهم السلام) من الدخول في تلك الأجهزة، وذكروا أنه لولا دخول الفقهاء لما وصلت الأمور إلى ما وصلت إليه. إنّ التكاليف والوظائف المطلوبة من فقهاء الإسلام لا تجب على غيرهم، ففقهاء الإسلام ـ وبسبب مرتبة الفقاهة التي يمتلكونها ـ عليهم التخلي عن الكثير من المباحات والإعراض عنها.
إذ ليس لفقهاء الإسلام أن يستعملوا التقية في بعض الموارد التي يجوز للآخرين استعمالها. فالتقية كانت لأجل حفظ الإسلام والمذهب، فلو لم يتّقوا لما بقي المذهب.
والتقية إنما تكون في الفروع ككيفية الوضوء مثلاً، أما عندما تكون أصول الإسلام وكرامته في خطر؛ فلا مجال للتقية والسكوت. فلو ألجؤا فقيهاً ما لصعود المنبر، والتكلم بخلاف حكم الله، فهل يمكنه الاطاعة تحت شعار "التقية ديني ودين آبائي"(10).
هنا لا محل للتقية. ولو كان دخول فقيه في أجهزة الظلمة مؤدياً إلى رواج الظلم وضعف الإسلام؛ فلا يحق له الدخول، حتى لو أدى ذلك إلى قتله. ولا يقبل منه أي عذر، إلاّ أن يكون لدخوله أساس ومنشأ عقلائي، كحالة علي بن يقطين.
كان أبوه من دعاة آل العباس في عهد حكم بني اُمية، ولذا نال علي بن يقطين عندهم المنزلة التامة بعد توليهم الحكم، إلى أن اختاره هارون الرشيد وزيراً له.
وكان في نفس الوقت مرتبطاً بالإمام الكاظم (عليه السلام) ويراه واجب الاطاعة، ويسعى في تنفيذ أوامره .... وقال الإمام (عليه السلام) في حقه (ما معناه) : "يا علي إنّ للّه أعواناً عند الظلمة يحمي بهم أولياءه. وأنت يا علي منهم".الذي كان سبب دخوله معلوماً، أو العلامة نصير الطوسي رضوان الله عليه الذي كان لدخوله تلك الفوائد المعلومة. وبالطبع فإنّ فقهاء الإسلام منزهون عن تلك الأمور، ووضعهم واضح من صدر الإسلام إلى الآن، كمثل النور يشعون فينا، وليس فيهم مجال للخدش، أمّا رجال الدين أولئك الذين كانوا مع الحكام في ذلك الزمان فليسوا من مذهبنا، ففقهاء الإسلام لم يكتفوا بعدم إطاعة الحاكم، بل عارضوهم أيضاً، وتعرضوا للحبس والضغوطات، ومع هذا لم يخضعوا لهم. لا يتوهمن أحد أن علماء الإسلام كانوا داخلين في تلك الأجهزة، أو أنهم الآن كذلك. نعم في بعض الأحيان يدخلون ضمن النظام لأجل السيطرة عليه أو قلبه، والآن أيضاً لو أمكن القيام بذلك بالنسبة لنا؛ لوجب علينا الدخول، وهذا ليس محلاً للكلام. وانما الإشكال على أولئك الذين وضعوا العمائم على رؤوسهم، ودرسوا بضع كلمات في مكان ما، أو لم يدرسوا، واتبعوا تلك الأنظمة لأجل بطونهم، أو طلباً للرئاسة. فماذا ينبغي أن نفعله مع هؤلاء؟
اطردوا علماء البلاط
إنّ هؤلاء ليسوا فقهاء الإسلام، والكثير منهم قد عمّمهم السافاك (جهاز الأمن عند الشاه) ليدعوا وليسبحوا بحمد الشاه وجلاله، ويكون عندهم البديل فيما لو لم يتمكّنوا من اجبار أئمة الجماعة عن الحضور في الأعياد وسائر المراسم، ولقد منحوه لقب "جل جلاله" مؤخراً! هؤلاء ليسوا بفقهاء، وباتوا معروفين والناس صارت تعرفهم. يقول الإمام (عليه السلام) في ذلك الحديث: خافوا (من هؤلاء) على دينكم، انهم يقضون على دينكم. هؤلاء يجب أن يُفضحوا ويُسقّطوا عند الناس لو كان عندهم وجاهة ـ فهؤلاء ما لم يسقطوا في المجتمع؛ فانهم يلحقون الاهانة بإمام الزمان، ويسقطون الإسلام.على شبابنا أن ينزعوا عمائم هؤلاء المعممين الذين يقومون بفساد كهذا في مجتمعنا باسم فقهاء الإسلام وعلمائه.لست أدري هل مات شبابنا في إيران؟ أين هم؟ عندما كنا هناك لم يكن الأمر كذلك. لِمَ لا ينزعون عمائم هؤلاء؟ لم أقل اقتلوهم، فإنهم لا يُقْتَلون. لكن انزعوا عمائمهم. إن شعبنا مكلف، وشبابنا الغيور في إيران مكلف بعدم السماح لهؤلاء المعممين (الناطقين بجلاله) بالظهور كمعممين في أماكن تجمعنا، وبالتحرك كمعممين بين الناس. ليس من الضروري الإكثار من ضربهم وتأديبهم، لكن لينزعوا عمائمهم، وليمنعوهم من الظهور بالعمائم. هذا اللباس شريف، فلا يجب أن يرتديه أي كان.
لقد ذكرت أنّ علماء الإسلام منزَّهون عن هذه الأمور، ولم يكونوا ـ ولا هم حالياً كذلك ـ ضمن هذه الأجهزة. وأولئك التابعون لهذه الأجهزة إنما هم من الفارغين، الذين ألصقوا أنفسهم بالمذهب وبالعلماء، ووضعهم مختلف، والناس يعرفونهم.
نحن أيضاً عندنا مسؤوليات وتكاليف صعبة. يجب أن نكمِّل أنفسنا أكثر من الناحية الروحية، ومن ناحية نمط المعيشة. يجب أن نترقى في الصلاح والتقى أكثر فأكثر، وأن نعرض عن حطام الدنيا. أنتم أيّها السادة(الكلام موجّه للعلماء) عليكم أن تجهزوا أنفسكم لحفظ الأمانة الإلهية. أن تكونوا اُمناء، وأن تحقِّروا الدنيا. صحيح أنكم لا تستطيعون أن تكونوا كأمير المؤمنين (عليه السلام) الذي يقول إنّ الدنيا عند "كعفطة عنز" لكن أعرضوا عن حطام الدنيا، وزكّوا أنفسكم، وتوجهوا إلى الله تعالى، وكونوا أتقياء. إذا كنتم ـ لا سمح الله ـ تدرسون لأجل نيل الوجاهة فلن تصبحوا فقهاء ولا اُمناء للإسلام. جهِّزوا أنفسكم لتكونوا مفيدين للإسلام. كونوا جنود إمام الزمان (عليه السلام) لتتمكنوا من تأدية الخدمات ونشر العدالة. الأشخاص الصالحون هم الذين يكون وجودهم في المجتمع كمصلحين.
لقد رأينا مثل هؤلاء الأشخاص الذين ينال الإنسان النزاهة بمجرد معاشرتهم ومرافقتهم. اعملوا لتصلحوا الناس، ويقتدوا بكم من خلال تصرفاتكم وأعمالكم وسلوككم وأخلاقكم وإعراضكم عن الدنيا. كونوا قدوة للأنام. كونوا جند الله، لتعرفوا الناس الإسلام وحكومته. أنا لا اقول لكم اتركوا التحصيل، يجب أن تدرسوا وتصبحوا فقهاء، جدّوا في الفقاهة، لا تدعوا هذه الحوزات تخلو من الفقاهة، فما لم تصبحوا فقهاء لن تتمكنوا من خدمة الإسلام. الإسلام في هذه الأيام غريب، ولا أحد يعرفه، وعليكم أن توصلوا الإسلام وأحكامه إلى الناس ليفهموا ما هو الإسلام، وكيف تكون حكومته، وماذا تعني الرسالة والإمامة، وما الهدف الذي جاء لأجله الإسلام، وما الذي يريده. وعندما يُعرف الإسلام شيئاً فشيئاً، ستقام الحكومة الإسلامية في يوم من الأيام إن شاء الله.
لنسقط الحكومات الجائرة
لنقطع علاقاتنا بالمؤسسات الحكومية ونمتنع عن التعأون معها، ونرفض القيام بكل ما من شأنه أن يُعَدَّ عوناً لهم، ونبني مؤسسات قضائية ومالية واقتصادية وثقافية وسياسية جديدة.إنّ إسقاط الطاغوت ـ أي السلطات غير الشرعية القائمة في مختلف أنحاء الوطن الإسلامي ـ هو مسؤوليتنا جميعاً. يجب أن نستبدل الأجهزة الحكومية الجائرة والمعادية للشعب بمؤسسات خدمات عامة تدار وفقاً للقانون الإسلامي، وشيئاً فشيئاً تستقر الحكومة الإسلامية. لقد نهى الله تعالى في القرآن الكريم عن إطاعة "الطاغوت" والسلطات غير المشروعة، وحث الناس على الثورة ضد السلاطين، وأمر موسى (عليه السلام) بذلك. توجد أحاديث كثيرة تحث على محاربة الظلمة، والذين يتصرفون بالدين. كان للأئمة (عليه السلام) ولأتباعهم ـ أي الشيعة ـ مواجهات مستمرة مع الحكومات الجائرة وسلطات الباطل، وهذا الأمر واضح في سيرتهم ونمط حياتهم. وقد ابتلوا بحكام الظلم والجور في كثير من الأحيان، وعاشوا في ظروف تقية وخوف شديدين. وبالطبع فإنّ خوفهم كان لأجل المذهب لا على أنفسهم، ونلاحظ هذا الأمر كلما راجعنا الروايات. كما كان حكّام الجور يشعرون بالخوف من الأئمة (عليه السلام) باستمرار، إذ كانوا يعلمون أنهم لو فسحوا المجال للأئمة (عليه السلام) لثاروا عليهم، وحرَّموا عليهم حياة اللهو والترف والمجون. فعندما نرى هارون الرشيد يحبس الإمام الكاظم (عليه السلام) عدة سنوات، أو نرى المأمون يأخذ الإمام الرضا (عليه السلام) إلى "مرو" ليكون تحت نظره، ومن ثم يقوم بسمِّه(11)فليس ذلك لأن الأئمة (عليه السلام) سادة وأولاد النبي (صلی الله عليه وآله وسلم)بينما الرشيد والمأمون معادون للنبي، إذ هارون والمأمون كانا شيعيين كلاهما
يُشير الإمام (رحمه الله) في هذا إلى اقرارهما بحقانية إمامة الأئمة (عليه السلام). إذ يعد المأمون نفسه شيعياً، ويعتبر أن مصدر تشيّعه أبوه هارون. وقال أنه عندما سأل أباه عن الإمام الكاظم (عليه السلام) أجابه هارون: "أنا إمام الجماعة في الظاهر بالغلبة والقهر، وموسى بن جعفر إمام حق، والله يا بني وإنه لأحق بمقام رسول الله (صلی الله عليه وآله وسلم)مني ومن الخلق جميعاً، والله لو نازعتني هذا الأمر لأخذت الذي فيه عيناك، فإنّ الملك عقيم (12).
لأنهم كانوا يعلمون أنّ أولاد علي (عليه السلام) يرون الخلافة لأنفسهم ومن مسؤولياتهم، ويصرّون على إقامة الحكومة الإسلامية. إذ عندما طُلب من الإمام (عليه السلام) أن يعيّن حدود "فدك" ليردُّها لهم قام الإمام (عليه السلام) ـ حسب الرواية ـ بذكر حدود البلاد الإسلامية (كحد لفدك). وهذا يعني أنه يرى حقه ما بين هذه الحدود، وأنه هو الذي يجب أن يكون حاكماً عليه، وأن الذين يحكمون حينها كانوا غاصبين، فرأى أنه إذا بقي الإمام موسى بن جعفر
ذكروا عن المهدي الخليفة العباسي: أنه صمم على اعادة الحقوق والأموال المأخوذة من غير حق لأصحابها. فوصل هذا الخبر للإمام الكاظم (عليه السلام) فقال له: لِمَ لا تُعيد لنا حقنا أيضاً؟ فقال المهدي: فما هو حقكم؟ قال الإمام (عليه السلام) : حقنا فدك. ثم عين حدودها بجبل أحد، وعريش مصر، ودومة الجندل، وسيف البحر، وعندما سأل المهدي متعجباً عما إذا كانت كل تلك المساحة. أجاب الإمام (عليه السلام) : أجل كل ذلك. (13)ومن الممكن أن تتاح له الفرصة، فيقوم بالثورة عليهم وانتزاع السلطة منهم، ولذا لم يمهلوه. ولو أمهلوه لكان قام بثورته بلا شك. كونوا متيقنين أنه لو دامت الفرصة للإمام الكاظم (عليه السلام) لكان ثار، وقلب نظام حكم السلاطين الغاصبين.
كذلك المأمون قام بوضع الإمام الرضا (عليه السلام) تحت نظره ـ مع كل ما أبداه المأمون من تملق وكذب ومحابات ـ ومخاطبته له بـ"يا ابن العم"، أو "يا ابن رسول الله"، وذلك خوفاً من أن يثور يوماً عليه ويقلب أساس الحكم. إذ أنه ابن رسول الله (صلی الله عليه وآله وسلم)، وقد أوصى له، فلا يمكن تركه في المدينة حراً طليقاً.
إنّ حكام الجور يريدون السلطة، وهم يضحّون بكل شيء في سبيلها، لا أنهم يمتلكون عدأوة خاصة تجاه أحد. إذ لو رضي الإمام (عليه السلام) ـ والعياذ بالله ـ أن يكون من أتباع البلاط، لعاملوه بمنتهى الإعزاز والاحترام، ولقاموا بتقبيل يديه أيضاً ـ بحسب الرواية ـ عندما دخل الإمام (عليه السلام) على هارون أمر بأن يظل راكباً حتى يصل إلى مجلسه، وعامله بمنتهى الاحترام. وعندما جاء وقت توزيع عطاء بيت المال ووصل الدور لبني هاشم أعطاهم مبلغاً يسيراً، وكان المأمون حاضراً. فتعجب من ذلك الاحترام مع هذا النحو من التوزيع. فقال له هارون: يا بني أنت لا تدري. ينبغي أن لا يزيد سهم بني هاشم عن هذا المال، إن هذا الأمر لهم، وهم أولى به منا، فلو مكناهم لوثبوا علينا(14) فيجب أن يبقى بنو هاشم هكذا فقراء، مسجونين منفيين، مقتولين، مسمومين، يعيشون المعاناة، وإلاّ لقاموا علينا، وأبدلوا حلأوة أيامنا بالمرارة.
ولم يكتف الأئمة (عليه السلام) بأن يقوموا هم بمحاربة الأنظمة الظالمة والدولة الجائرة واتباع البلاط الفاسدين، بل حثُّوا المسلمين على جهادهم أيضاً. هناك أكثر من خمسين رواية في وسائل الشيعة والمستدرك والكتب الأخرى تدعو إلى الابتعاد عن السلاطين والحكام الظلمة، وإلى وضع التراب في فم المداحين لهم. وتبين مراتب عقوبة من ينأولهم دواة، أو يملأها لهم بالحبر والخلاصة أنها تأمر بقطع العلاقات معهم، وعدم التعأون معهم بأي شكل من الأشكال. ومن جهة اُخرى وردت كل تلك الروايات في مدح وتفضيل العالم والفقيه العادل ونبهت إلى أفضليتهم على سائر الناس. فهذا كله يمثّل خطة وضعها الإسلام لتشكيل الحكومة الإسلامية، وذلك من خلال إبعاد الناس وصرفهم عن الأنظمة الظالمة، وتخريب بيوت الظلم، وفتح أبواب الفقهاء ـ العدول المتقين المجاهدين العاملين في سبيل تطبيق الأحكام الإلهية، وإقامة النظام الإسلامي ـ أمام الناس.
لن يتمكن المسلمون من العيش في أمن وهدوء ـ مع حفظ إيمانهم وأخلاقهم الفاضلة ـ إلاّ في كنف حكومة العدل والقانون، الحكومة التي وضع الإسلام نظامها وطريقة إدارتها وقوانينها. فتكليفنا اليوم هو تطبيق مشروع الحكومة الإسلامية وترجمته في ساحة العمل.
آمل أن يؤدي بيان وتعريف نمط الحكومة، والاُصول السياسية والاجتماعية للإسلام للمجاميع البشرية الكبيرة، إلى ايجاد تيار فكري، وقوة ناتجة من نهضة الشعب تكون العامل في استقرار النظام الإسلامي.اللهم اقطع ايدي الظالمين عن بلاد المسلمين، واقض على الخائنين للإسلام وللبلاد الإسلامية، وايقظ قادة الدول الإسلامية من نومهم هذا، ليعملوا لأجل مصالح الشعوب، ويتخلوا عن التفرقة والسعي خلف المصالح الشخصية. ووفِّق جيل الشباب وطلاب العلوم الدينية وطلاب الجامعات للنهوض في سبيل الأهداف الإسلامية المقدسة، والعمل المشترك لأجل التخلّص من براثن الاستعمار وعملائه الخبثاء، والدفاع عن البلاد الإسلامية. ووفِّق الفقهاء والعلماء للسعي في هداية المجتمع، وتنوير أفكاره، وتوضيح الأهداف الإسلامية المقدّسة للمسلمين، وخصوصاً لجيل الشباب، والجهاد في سبيل إقامة الحكومة الإسلامية.
المصادر :
من کتاب الحکومة الاسلامية للامام الخميني رحمه الله
1- راجع أصول الكافي، ج1، ص37 ـ 38، كتاب فضل العلم.
2- نهج البلاغة، الخطبة 215.
3- بحار الأنوار، ج4، ص337 و338. تاريخ أميرالمؤمنين (عليه السلام)، باب 98. وسائل الشيعة، ج68، ص521، كتاب الحدود والتعزيرات، أبواب حد السرقة، ج11، ص395.
4- نهج البلاغة، الخطبة 11، 27، 29، 51، 54 ... والحكمة 365. ووسائل الشيعة، ج11، ص395 .
5- تاريخ الطبري، ج2، ص319 ـ 322.
6- التفسير الكبير، ج 12، ص 53. وأسد الغابة، ج 4، ص 28. والغدير، ج1، ص 11 ـ 213
7- راجع "حقوق بكيران انكليس در ايران لاسماعيل رائين، ص 102 ، 103.
8- راجع "ظهور وسقوط سلطنة بهلوي"، ج2، ص 242 ـ 246،
9- "شرح نهج البلاغة" لابن أبي الحديد، ج4، ص 63 و 78 "ودائرة المعارف الإسلامية" لابن أبي الحديد، ج1، ص418، 419.
10- رواية مروية في مستدرك الوسائل، ج 12، ص 258، كتاب الأمر بالمعروف، أبواب الأمر والنهي، باب 24، الحديث 45.
11- الارشاد، ص 290 ـ 295. وتاريخ اليعقوبي، ج 2، ص 146، 149، ومروج الذهب، ج3، ص 440 ـ 441.
12- "بحار الأنوار، ج48، ص129 ـ 133.،
13- بحار الأنوار، ج 48، ص 7 ـ 56، تاريخ موسى بن جعفر (عليه السلام)، باب 40، الحديث 29. مناقب آل أبي طالب، ج4، ص346.(عليه السلام)
14- عيون أخبار الرضا (عليه السلام)، ج1، ص 88 ـ 91، وبحار الأنوار، ج 48، ص129،