ظهر قبيل بعثة عيسى عليه السلام ـ بحسب ما ورد في الإنجيل ـ وفي أرض يهودية شاب هو يحيى بن زكريا يوحنا المعمدان ، ذاع أمره في بني إسرائيل وكان يعظ الناس بقوله توبوا، قد اقترب ملكوت السماوات (1).
ويُراد بملكوت السماوات لدى بني إسرائيل : مملكة السماء، وهي هدفهم النبيل . وقد أحرزت دعوة يوحنا المعمدان نجاحاً باهراً، وكانت تقصده جماعات كثيرة وتتوب على يديه، وكان هو يعمّدهم أي يغسلهم في نهر الأردن لتطهيرهم من الخطايا والذنوب . وكان يحيى عليه السلام جريئاً في الحق، وقد ندّد بخطايا هيرودس ملك اليهود الظالم وحاكم ولاية الجليل، فأمر بقطع رأسه في السجن .
واصل عيسى مهمة يحيى وبدأ دعوته مبشراً بقرب ملكوت السماء وتصدى للإرشاد والوعظ في الكنائس . واختار في بداية الدعوة أتباعاً يستعين بهم على نشرها، وقد عُرف هؤلاء الأتباع بتلاميذ عيسى عليه السلام ، واختار منهم 12 تلميذاً سمّاهم الرسل، وأطلق عليهم القرآن الكريم اسم الحواريين (2).
وأسماؤهم كما وردت في الأناجيل : شمعون بن يونا بطرس ، اندراوس شقيق بطرس ، يعقوب بن زبدى، يوحنّا شقيق يعقوب ، فيليبس، برتلماوس، توماس، متّى العشار، يعقوب بن حلفى، تدّاوس يهوذا، شقيق يعقوب ، شمعون الغيور، يهوذا الإسخريوطي .
وتذكر الأناجيل ـ وكما تنبأ عيسى ـ بأن جميع الرسل انفضّوا من حوله حينما ألقي القبض عليه، وكان يهوذا الإسخريوطي قد خان المسيح من قبل وأرشد إليه الفريسيين والرومان، وسهّل لهم صلبه وتقاضى منهم على ذلك أجراً، ولمّا مضى عيسى عليه السلام ، وبغية إكمال عدد الرسل تم انتخاب ميتاس بدلاً عن يهوذا الإسخريوطي (3).
ويعدّ شمعون من كبار الرسل، وقد أطلق عليه عيسى اسم بطرس أي الصخرة لأنه يشكل الحجر الأساس للكنيسة أو المجتمع اليهودي (4).
وعلى الرغم من أن عيسى عيّن بطرس خلفاً له، إلا أن رسولاً آخر هو بولس حاز على مكانة أفضل حتى عدّ المؤسس الحقيقي للمسيحية .
بولس
كان اسمه في البداية شاؤول، وهو من الأسماء العبرية، ثم بدّل اسمه إلى بولس بعد اعتناقه المسيحية .وكان بولس الروماني الجنسية من اليهود المتطرفين الذين اضطهدوا المسيحيين بعنف، ثمّ ادّعى أنه بينما كان يسير في طريقه من مدينة القدس إلى دمشق لإلقاء القبض على بعض المسيحيين،آنس في الطريق نورعيسى عليه السلام ، فاعتنق المسيحية بأمره (5)، ثم أخذ بعد هذا التحوّل المفاجئ بالتبشير للمسيحية، وطاف مدناً عديدة ونشر المسيحية إلى سواحل البحر الأبيض المتوسط، ووجّه رسائل إلى حديثي العهد بالمسيحية نُقل بعضها في العهد الجديد .
وقد أثارت الأفكار الجديدة التي طرحها بولس صراعاً عنيفاً بينه وبين بطرس وسائر الرسل، وانعكس جانب من هذا الصراع في سفر أعمال الرسل، وفي رسائله : ولكن لما قدم صخر بطرس إلى أنطاكية قاومته وجهاً لوجه لأنه كان يستحق اللوم (6).
كما أشار إلى الإخوة الكذّابين ويقصد بذلك الرسل الذين خالفوه الرأي (7).
انتشار المسيحية
لقد تعرض المسيحيون طيلة 300 سنة من ظهور المسيحية إلى ألوان من المحن والاضطهاد، وقدموا ضحايا كثيرة في هذا السبيل، حتى تمكنوا في هذه المدة من وضع أسس الدين، ومن نشره بين أقوام مختلفة، ولكن جهودهم لم تكن تخلو من إخفاقات .أما موقف السلطات الرومانية من الكنيسة فكان متسامحاً في بعض الأحيان، ولكن غالباً ما لجأ الولاة إلى اضطهاد الأتباع وقتل الكثيرين منهم بمن فيهم بطرس وبولس، ومع مرور الزمن بدأت بعض المراكز كروما وأورشليم والإسكندرية وإنطاكية تكتسب أهمية خاصة وقدرة متميزة، وكان لهذه المدن الأربع بطاركة يرعون شؤونها كما أنشئت في مناطقهم مقاطعات عرفت باسم الأبرشيات يتولى أمورها الأساقفة . ولما بنى قسطنطين عاصمته الجديدة القسطنطينية اسطنبول في القرن الرابع أصبحت هذه المدينة من المراكز الهامة التي يرعى كنيستها أحد البطاركة . وقد تحول المسيحيون في أيام قسطنطين المتوفي 337 م من مجموعة تضطهدها سلطات الأمبراطورية الرومانية إلى كيان ذي شأن عبر الاعتراف الرسمي بالكنيسة، الأمر الذي أسفر عن تحولات كبيرة في حياتها، ففي ظل الأمبراطوريتين البيزنطية والرومانية أصبح أغلب الناس ـ باستثناء اليهود ـ مسيحيين (8).
الإمبراطورية المقدسة
ما أن اعتنق قسطنطين قيصر الروم المسيحية في مطلع القرن الرابع الميلادي حتى أخذ نفوذ الكنيسة يتصاعد بالتدريج وبدأ تدخلها في السياسة يأخذ منحى صعودياً، وفي عام 800 م توّج البابا زعيم المسيحيين شارلمان ملك فرنسا، فكانت هذه الخطوة بداية تأسيس الإمبراطورية المقدسة، ومنذ ذلك الحين أصبح تدخل رجال الدين المسيحي في السياسة أمراً علنياً، وفي ذلك العصر كان اندلاع الحروب الصليبية، واستمر ذلك التدخل إلى عام 1806 م ، حيث أعلن رسمياً عن إنهاء تدخل الكنيسة في الشؤون السياسية .إن إحدى أفجع الحوادث التي مُنيت بها الإنسانية في القرون الأخيرة هي صيحات الاعتراض التي رفعها رجال الكنيسة بوجه العلماء والمفكرين الغربيين في سعيهم نحو التقدم والرقي، هذا السلوك غير اللائق أساء إلى الوجه المشرق للدين ودفع الناس إلى إعلان رفضهم للكنيسة . حيث وصل علماء الغرب ومفكروهم إلى نتيجة أن تدخل الدين في السياسة يحقق المنافع لرجال الدين ويجلب المضار للناس كافة، وقد نالت هذه الفكرة تأييداً واسعاً من قبل قطاعات كبيرة من الشعب الذي سخط على الكنيسة وخاض نضالاً فكرياً ومسلحاً ضدها انتهى إلى التحرر من قيودها.
المجمع الفاتيكاني الثاني 1962 – 1965 م
انعقد آخر المجاميع المسكونية في الكنيسة بدعوة من البابا يوحنا الثالث والعشرين، وكان يهدف إلى تجديد الكنيسة الكاثوليكية بمقتضى حاجات العصر الحديث، وقد شارك في المجمع أساقفة كاثوليك من جميع أرجاء العالم، وحضر إلى جانبهم مراقبون من الكنائس الأرثوذكسية والبروتستانتية، بالإضافة إلى ضيوف ينتمون إلى الإسلام واليهودية وديانات أخرى .وقد صدر عنه ست عشرة وثيقة، وأهم تعاليمه :
1-مكانة الكتاب المقدس المميّزة في إيمان الكنيسة .
2-كهنوت جميع المسيحيين .
3-الالتزام بمتابعة العمل في سبيل الوحدة المسيحية .
4-الالتزام الفعّال بالنضال من أجل العدالة والسلام وحقوق الإنسان .
5-إقامة شعائر العبادة باللغات المحلية .
6-خلاص الله لأتباع سائر الديانات .
وثمّة وثيقة صادرة عن المجمع بعنوان تصريح حول علاقة الكنيسة بالديانات غير المسيحية والفصل الخاص منها بالإسلام هو أول كتابة عالجت فيها الكنيسة موضوع المسلمين معالجة رسمية، ومما ورد فيه :
ـ على المسيحيين أن يحترموا المسلمين ويولوهم كل اعتبار .
ـ المسلمون والمسيحيون يعبدون الإله الواحد خالق السماء والأرض القدير الرحيم المكلّم البشر .
ـ المسلمون والمسيحيون على السواء يجتهدون في أن يخضعوا لأوامره تعالى .
واختتم المجمع تصريحه حول الإسلام بهذا الكلام : ولئن نشأت على مر القرون منازعات وعداوات كثيرة بين المسيحيين والمسلمين، فالمجمع يحضّ الجميع على أن يتناسوا الماضي وينصرفوا بإخلاص إلى التفاهم ويصونوا ويعززوا معاً السلام والحرية والعدالة الاجتماعية والقيم الأخلاقية لصالح جميع الناس .
الكنائس والأسرار
إن أهم الانشقاقات في تاريخ الكنيسة هو ذلك الذي حصل بين كنيستي القسطنطينية وروما، وقد عرف أحياناً بـ الانشقاق بين الشرق والغرب، فقد ذهبت الكنيسة الرومانية إلى أن الذين يرعون الكنائس ويسوسونها هم أساقفة العالم عاملين معاً في جسم واحد يشرف عليه أسقف روما، أما كنيسة القسطنطينية فترى أن خمسة مراكز للمسيحية تتساوى في السلطة، وهي : أورشليم وأنطاكية وروما والإسكندرية والقسطنطينية .وعلى الرغم من هذا الاختلاف في مفهوم السلطة ظلّ المسيحيون التابعون لروما والقسطنطينية متحدين حتى القرن التاسع عندما حصل أول انقسام مؤقت أعقبه مصالحات وانقسامات متعددة لفترات معينة، إلى أن تم الانشقاق الأخير بين روما والقسطنطينية سنة 1045 م وقوام هذا الانشقاق استعمال عبارة والابن في قانون الإيمان، فالكاثوليك وكذلك البروتستانت يستعملون هذه العبارة للدلالة على إيمانهم بأن روح القدس منبثق من الله الأب ومن عيسى الابن العاملين معاً .
أما الأرثوذكس فإنهم يتمسكون بالصيغة الأصلية ولا يستخدمون عبارة والابن ويقولون بأن روح القدس منبثق من الله الأب فحسب .
والمشكلة لا تعني في الواقع إلا علماء اللاهوت، أما عامة المسيحيين فهم بعيدون عن هذا الجدل .
الفرق المسيحية
ظهرت في المسيحية كسائر الديانات فرق ومذاهب متعددة، ويطلق المسيحيون على الفرقة اسم الكنيسة، وثمّة ثلاث فرق أو كنائس كبرى في المسيحية إلى جانب فرق صغرى، والإختلاف بين بعضها كالكاثوليك والأرثوذكس جزئي للغاية، في حين كان كبيراً بين بعضها الآخر كالكاثوليك والبروتستانت ، وفي ما يلي نشير إلى الفرق أو الكنائس الثلاث الكبرى في المسيحية :1- الكنيسة الكاثوليكية :
وهي قديمة للغاية، يعود تاريخها إلى عصر الحواريين أي نحو 2000 سنة ، وللكاثوليك رئيس روحي واحد هو البابا، وظهرت لهم منذ تبشير رسل عيسى عليه السلام خمس كنائس كبرى أقيمت في كل من : أورشليم والإسكندرية وإنطاكية والقسطنطينية وروما .
وقد تم تأسيس كنيسة روما على يد بطرس، وتزعمها بولس لبرهة من الزمان، وقد اعتبرت كنيسة روما نفسها أفضل من سائر الكنائس، وبالفعل أصبح تفوقها أمراً واضحاً . يشار إلى أن معنى الكاثوليكية في اللغة اليونانية : الجامع .
2- الكنيسة الأرثوذكسية :
ظهرت هذه الفرقة قبل ألف سنة، وهي لا تختلف في عقائدها عن فرقة الكاثوليك، غير أنها لا تعترف بسلطة روحية واحدة، بل تذهب إلى أن أسقف روما البابا هو كسائر الزعماء الروحيين . وتضم الكنائس الأرثوذكسية البطريركيات الأربع القديمة : القسطنطينية، والإسكندرية، وإنطاكية، وأورشليم، إلى جانب البطريركيات الحديثة : روسيا، وصربيا، ورومانيا، وبلغاريا، وجورجيا . فضلاً عن الكنائس الأرثوذكسية في قبرص واليونان والجمهوريتين التشيكية والسلوفاكية وبولونيا وألبانيا .
وينضوي المسيحيون الأرمن في عداد الأرثوذكس في العقائد، ولكنها لم تقبل بمجمع خلقيدونية 41 م . ولذا فهي ليست متحدة بالكنائس الكاثوليكية أو الأرثوذكسية، والزعيم الروحي لتلك الكنيسة هو كاثوليكوس إتُشمِيدَزين .
ويختلف الأرثوذكس عن الكاثوليك في بعض المسائل الكلامية، فهم يعتقدون أن روح القدس صادر عن الأب فقط، بينما يعتقد الكاثوليك والبروتستانت أنه صادر عن الأب والابن معاً . وينكر الأرثوذكس وجود المَطْهَر وهو مكان تطهر الأنفس فيه بعد الموت . يشار إلى أن معنى أرثوذكس في اللغة اليونانية : المستقيم الرأي .
3- الكنيسة البروتستانتية :
من حوالى 500 سنة وحتى اليوم، برزت في المسيحية فرق بروتستانتية لا حصر لها، والكنيسة البروتستانتية لا تعترف بزعامة روحية مركزية، ولا تقيم وزناً للرهبنة . وترفض عقائد الفرق الأخرى وتؤمن بمسيحية معراة منها، كما أنها حافظت على عقائد غير عقلانية كالتثليث والفداء . يشار إلى أن البروتستانت اصطلاح فرنسي مشتق من اللاتينية معناه المحتج (9).
الأسرار السبعة
يؤمن المسيحيون بأن المسيح القائم من الأموات يحيا في مجتمعه ومعه، وأنه ما زال ينجز الأعمال التي كان ينجزها مدة حياته من تعليم وصلاة وخدمات وشفاء المرضى وإطعام الجياع ومسامحة الخطأة وتكبد الآلام والموت . تلك الأعمال غير المنظورة التي قام بها المسيح تصبح منظورة في الحياة التي تحياها الكنيسة بالأسرار، أو بعبارة أخرى، عندما يشترك المسيحي في أحد الأسرار فإنه يؤمن إذ ذاك بأنه يلتقي المسيح الذي قام من الموت ومنحه نعمة الله المخلِّص .ويتفق جميع المسيحيين تقريباً على أن السرين الأساسيين هما التعميد والعشاء الرباني، وثمة خمسة أسرار أخرى يعتقد بها المسيحيون الأرثوذكس والكاثوليك، فيكون مجموع الأسرار سبعة .
أما البروتستانت فإنهم يختلفون في عدد الأسرار التي يعتقدون بها باختلاف طوائفهم، على الرغم من أن السواد الأعظم منهم يقبل السرين الأساسيين . وثمة كنائس بروتستانتية قليلة لا أسرار عندها، والأسرار السبعة هي :
1-التعميد : وهو نوع من الغطس في الماء، وفي بعض الكنائس يتم سكب الماء على رأس من يطلب التعميد، وفي بعضها يغطس المتعمد في حوض من الماء ثم يخرج منه، ويتم التعميد في عدد من الكنائس باللجوء إلى المياه في وسط الطبيعة، أي إلى الأنهار والبحيرات، ويقرأ القسيس عند التعميد هذه العبارة المقتبسة من إنجيل متّى : إني أعمدك باسم الأب والابن وروح القدس، ودرجت العادة أن يكون التعميد في عيد الفصح أول يوم أحد من صيرورة القمر بدراً عقب الاعتدال الربيعي في 22 آذار إلى 25 نيسان .
والتعميد هو أول الأسرار وأساسها، فهو الدخول في الجماعة المسيحية، وهو الوسيلة التي بها يمنحه الله سائر المفاعيل الناتجة عن حياة عيسى وموته . والتعميد يكون مرة واحدة .
2-التثبيت : ويتولاه الأسقف أو من ينوب عنه، وقوامه أن يمسح طالبه بالزيت في حين يقال له : تقبل روح القدس لتستطيع تأدية الشهادة للمسيح، وقد تختلف تلك العبارة اختلافاً بسيطاً بين الكنائس .
والتثبيت هو القسم الثاني من طقس التدرج في المسيحية، ففي التعميد يكون التركيز على الخلاص من الخطيئة، إذ يصالح الله تعالى الخاطئ ويدعوه إلى حياة الإيمان والطاعة، أما في التثبيت فإنه يقوي من يتقبله ليتحمل أعباء مسؤوليته في المجتمع على ما يليق بالمسيحي الراشد .
3-الزواج المسيحي : يرى المسيحيون أن الزواج ليس من الأمور الدنيوية، فهو يرمز إلى حب الله للبشرية، ولما كان الزواج وحده حباً بين شخصين يلتزمان العيش معاً في الأمانة المتبادلة والتعاون ويسعيان لخلق جو يساعد على إنجاب الأولاد وتربيتهم بحيث يعيشون في الإيمان وحباً الله، فإن المسيحيين يعتبرونه رمزاً بشرياً للطريقة التي يعامل الله بها الإنسانية، ذلك بأن الله سبحانه يحب الناس ويهتم بهم ويظل أميناً لوعوده لهم، ولهذا السبب يرون أن الزواج التزام مدى الحياة، ولا يوافقون على الطلاق وإعادة الزواج مادام القرين حياً .
4-الدرجات المقدسة : بهذا السر يكرس المرء حياته لخدمة الجماعة المسيحية، ومن خلالها جميع بني البشر، وهناك ثلاث درجات أساسية : المطران يمثل المسيح في منطقة معينة تدعى الأبرشية، فينوب عنه معلماً وإماماً لمراسم العبادة وخادماً ، الكاهن أو القسيس يعاون المطران في مهامه على صعيد جماعة واحدة ، الشمّاس يبشر بكلمة الله ويساعد الفقراء والمسنين والمرضى والمحتضرين . وأما سائر الألقاب فهي تشير إلى وظائف معينة في الجماعة، ولا مدلول لها على صعيد الأسرار .
5-المصالحة : أو سر التوبة، وقد اتخذ وجوهاً مختلفة على مر القرون، ففي العصور الأولى من تاريخ الكنيسة كانت التوبة تتم على نحو علني، ثم في العصور المتأخرة درجت عادة الاعتراف الفردي بالخطايا .
في سر التوبة أو المصالحة يتقبل المسيحيون غفران الله، ويأتي المسيحيون إلى سر المصالحة ليسمعوا كلام الغفران الإلهي، وليتذكروا كيف أن الله حقق مغفرته هذه الحاضرة أبداً بواسطة أفعال الخلاص التي أجراها المسيح أثناء حياته .
6-مسحة المرضى : مسحة المرضى بالزيت المقدس تؤكد للمريض أنه ليس وحده، بل إن المسيح معه يقوده إلى الله تعالى، وأن ثمة جماعة من إخوانه المؤمنين تدعو له، ومعه .
7-العشاء الرباني : لقد ابتكرت الكنائس طقوسها أو شعائرها الخاصة للاحتفال بالعشاء الرباني، إلا أن هناك عنصرين أساسيين ثابتين في سائر تلك الطقوس هما : القراءات في الكتاب المقدس، وتناول القربان المقدس . وفي خلال مباركة الخبز والخمر يتلو المترئس كلمات المسيح في العشاء الأخير .
يشعر الكثير من البروتستانت بأن العشاء الرباني بالغ الخطورة بحيث ينبغي التهيّؤ له على أتم وجه، فلا يحتفل به إلا في بعض المناسبات، وبناء على ذلك يقيم الكثيرون منهم عشاء الرب أربع مرات في السنة، أو مرة واحدة في الشهر، أما الأرثوذكس فيحتفلون به في أيام الأحد والأعياد، في حين يرى الكاثوليك أن العشاء الرباني قلب عبادة الله اليومية، وهذا ما يحدوهم إلى الاحتفال به كل يوم .
ويعتبر العشاء الرباني العمل الأساسي في الإيمان المسيحي وشعائر العبادة المسيحية، وهو في نفس الوقت ذكرى لعشاء المسيح الأخير مع تلاميذه في الليلة التي سبقت موته، في اثناء ذلك العشاء أعطى المسيح تلاميذه الخبز والخمر على أنهما جسده ودمه، ويؤمن المسيحيون أنهم حين يشتركون في هذا العشاء يكون المسيح موجوداً معهم وجوداً جسدياً، ويؤمنون أيضاً أنه كما أبرم العهد بين الله والشعب اليهودي بدم الذبائح على جبل سيناء، فكذلك يبرم العهد الجديد بين الله والبشر بدم عيسى المسيح (10).
المصادر :
1- متى : 3-2 ، مرقس : 1-4، لوقا 3-3.
2- متى : 19-28.
3- أعمال الرسل : 1-15-26.
4- متى : 16-18-19، ويوحنا : 21-15-19.
5- أعمال الرسل : 9-1-31.
6- رسالة إلى أهل غلاطية : 2-11.
7- الرسالة الثانية إلى أهل قورنتس : 11-22-33.
8- كتاب دروس في تاريخ الأديان ص 200 .
9- كتاب دروس في تاريخ الأديان صفحة 200 إلى 217.
10- كتاب : دروس في تاريخ الأديان، صفحة 193 إلى 199 .