أهل البيت و جمع القرآن

إن الإمامية أشد تمسكا بالقرآن الكريم، ومحافظة عليه وتعظيما له، ومنه يستقون عقيدتهم وأحكامهم، وبه يدفعون شبهات المبطلين، وأقوال المتحذلقين، فهو عندهم المعجزة الكبرى، والمقياس الصحيح للحق والهداية، فقد رووا أن أئمتهم أمروهم أن
Sunday, June 12, 2016
الوقت المقدر للدراسة:
مؤلف: علی اکبر مظاهری
موارد بیشتر برای شما
أهل البيت و جمع القرآن
أهل البيت و جمع القرآن

 






 

إن الإمامية أشد تمسكا بالقرآن الكريم، ومحافظة عليه وتعظيما له، ومنه يستقون عقيدتهم وأحكامهم، وبه يدفعون شبهات المبطلين، وأقوال المتحذلقين، فهو عندهم المعجزة الكبرى، والمقياس الصحيح للحق والهداية، فقد رووا أن أئمتهم أمروهم أن يعرضوا ما ينقل عنهم على القرآن، فإن خالفه فهو كذب وافتراء، وزخرف وباطل، يجب ضربه في عرض الجدار. (1)
قال تعالى (هذا بيان للناس وهدى وموعظة للمتقين) (ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين) (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون) (كتاب أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير) (لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد)
قال الإمام شرف الدين العاملي (وكان القرآن مجموعا أيام النبي (صلى الله عليه وآله) على ما هو عليه الآن من الترتيب والتنسيق، في آياته وسوره وسائر كلماته وحروفه بلا زيادة ولا نقصان، ولا تقديم ولا تأخير، ولا تبديل ولا تغيير، إن القرآن كان عند الشيعة مجموعا على عهد النبي والوحي، مؤتلفا على ما هو عليه الآن، وقد كان القرآن زمن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يطلق عليه الكتاب قال تعالى (ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين) وهذا يشعر بأنه كان مجموعا ومكتوبا، فإن ألفاظ القرآن إذا كانت محفوظة ولم تكن مكتوبة لا تسمى كتابا، وإنما تسمى بذلك بعد الكتابة كما لا يخفى...
ورأي المحققين من علماء الشيعة هو أن القرآن العظيم إنما هو ما بين الدفتين الموجود في أيدي الناس، والباحثون من أهل السنة يعلمون ذلك، والمنصفون منهم يصرحون به.
والمعروف عدم وقوع التحريف في القرآن، وأن الموجود بين أيدينا هو جميع القرآن المنزل على النبي الأعظم، وقد صرح بذلك كثير من الأعلام منهم: العالم الشيخ محمد جواد البلاغي في مقدمة تفسيره آلاء الرحمن، والشيخ المفيد، والشيخ البهائي... والمشهور بين علماء الشيعة الإمامية ومحققيهم، بل المتسالم عليه بينهم هو القول بعدم التحريف (ولا يوجد في القرآن الكريم زيادة ولا نقصان). (2)
قال الشيخ الصدوق في كتابه (الإعتقاد) اعتقادنا أن القرآن الذي أنزله الله على نبيه محمد (صلى الله عليه وآله) هو ما بين الدفتين وهو ما في أيدي الناس، ليس بأكثر من ذلك، ومبلغ سوره ماءة وأربع عشرة سورة. وعندنا أن الضحى وألم نشرح لك صدرك سورة واحدة، ولإيلاف قريش وألم تر كيف سورة واحدة، ومن نسب إلينا أننا نقول أكثر من ذلك فهو كاذب. (3)
وقال الشيخ المفيد محمد بن محمد بن النعمان (أقول بسلامة القرآن الكريم). أوائل المقالات في المذاهب المختارات صفحة 95 طبع طهران.
وقال الشريف المرتضى (إن القرآن الكريم على عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله) مجموعا مؤلفا على ما هو عليه الآن، فإن القرآن كان يحفظ ويدرس جميعه في ذلك الزمان، حتى عيب على جماعة من الصحابة في حفظهم له، وأنه كان يعرض على النبي (صلى الله عليه وآله)، وإن جماعة من الصحابة مثل عبد الله بن مسعود وأبي بن كعب وغيرهما ختموا القرآن على النبي (صلى الله عليه وآله) عدة ختمات، وكل ذلك يدل بأدنى تأمل على أنه كان مجموعا مرتبا غير منثور ولا مبثوث. (4)
وقال الشيخ الطوسي (اعلم أن القرآن معجزة عظيمة على صدق النبي (عليه السلام) بل هو أكبر المعجزات وأشهرها... إلى أن قال: وأما الكلام في زيادته ونقصانه فمما لا يليق به أيضا، لأن الزيادة فيه مجمع على بطلانها، والنقصان فيه فالظاهر أيضا من مذهب المسلمين خلافه، وهو الأليق بالصحيح... وإذا كان الموجود بيننا مجمعا على صحته ينبغي أن نتشاغل بتفسيره وبيان معانيه وترك ما سواه. (5)
إلى أن قال: والعلم بصحة نقل القرآن كالعلم بالبلدان والحوادث الكبار، والوقائع العظام، والكتب المشهورة، وأشعار العرب المسطورة، فإن العناية اشتدت، والدواعي توفرت على نقله وحراسته، وبلغت إلى حد لم يبلغه فيما ذكرناه، لأن القرآن معجزة النبوة، ومأخذ العلوم الشرعية والأحكام الدينية، وعلماء المسلمين قد بلغوا في حفظه وحمايته الغاية، وقد عرفوا كل شئ اختلف فيه من إعرابه وقراءته وحروفه وآياته، فكيف يجوز أن يكون مغيرا أو منقوصا مع العناية الصادقة والضبط الشديد؟ إلخ.
وقال الفيض الكاشاني (قال تعالى: وإنه لكتاب عزيز لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه. وقال إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون) فكيف يتطرق إليه التحريف والتغيير؟
وقال الشيخ العلامة جعفر الجناحي النجفي: لا زيادة فيه من سورة ولا آية من بسملة وغيرها، ولا كلمة ولا حرف، وجميع ما في الدفتين مما يتلى كلام الله تعالى بالضرورة من المذهب، بل الدين، وإجماع المسلمين، وأخبار النبي (صلى الله عليه وآله) والأئمة الطاهرين (عليهم السلام).. وقال: ولا ريب في أنه محفوظ من النقصان بحفظ الملك الديان، كما دل عليه صريح القرآن، وإجماع العلماء في جميع الأزمان، ولا عبرة بالنادر.
وقال الشيخ آل كاشف الغطاء (وإن الكتاب الموجود في أيدي المسلمين هو الكتاب الذي أنزله الله للإعجاز والتحدي وتمييز الحلال من الحرام، وأنه لا نقص فيه ولا تحريف ولا زيادة، وعلى هذا إجماعهم). (6)
وقال السيد الشريف شرف الدين (والقرآن الحكيم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه) إنما هو ما بين الدفتين، وهو ما في أيدي الناس لا يزيد حرفا ولا ينقص حرفا، ولا تبديل فيه لكلمة بكلمة ولا لحرف بحرف، وكل حرف من حروفه متواتر في كل جيل تواترا قطعيا إلى عهد الوحي والنبوة، وقد كان مجموعا على ذلك العهد الأقدس مؤلفا على ما هو عليه الآن، وكان جبريل (عليه السلام) يعرض على رسول الله (صلى الله عليه وآله) بالقرآن في كل عام، وقد عارضه به عام وفاته مرتين والصحابة كانوا يعرضونه ويتلونه على النبي (صلى الله عليه وآله) حتى ختموه عليه مرارا عديدة، وهذا كله من الأمور المعلومة الضرورية لدى المحققين من علماء الإمامية.
وروى روح بن عبد الرحيم، عن الإمام جعفر الصادق (عليه السلام) قال: سألته عن شراء المصاحف وبيعها فقال: إنما كان يوضع الورق عند المنبر وكان ما بين المنبر والحائط قدر ما تمر الشاة أو رجل منحرف قال: فكان الرجل يأتي ويكتب من ذلك، ثم إنهم اشتروا قلت: فما ترى إن أعطي على كتابته أجرا؟ قال: لا بأس ولكن هكذا كانوا يصنعون.
وروى سليم بن قيس الهلالي، قال: قلت لأمير المؤمنين (عليه السلام): إني سمعت من سلمان والمقداد وأبي ذر شيئا من تفسير القرآن وأحاديث عن نبي الله (صلى الله عليه وآله) غير ما في أيدي الناس، ثم سمعت منك تصديق ما سمعت منهم ورأيت في أيدي الناس أشياء كثيرة من تفسير القرآن ومن الأحاديث عن النبي (صلى الله عليه وآله) أنتم تخالفونهم فيها، وتزعمون أن ذلك كله باطل، أفترى الناس يكذبون على رسول الله (صلى الله عليه وآله) متعمدين، ويفسرون القرآن بآرائهم؟ قال: فأقبل علي فقال: قد سألت فافهم الجواب، إن في أيدي الناس حقا وباطلا، وصدقا وكذبا، وناسخا ومنسوخا، وعاما وخاصا، ومحكما ومتشابها، وحفظا ووهما، وقد كذب على رسول الله (صلى الله عليه وآله) على عهده حتى قام خطيبا فقال: أيها الناس قد كثرت علي الكذابة فمن كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار، ثم كذب عليه من بعده، وإنما أتاكم الحديث من أربعة ليس لهم خامس: رجل منافق يظهر الإيمان، متصنع بالإسلام لا يتأثم ولا يتحرج أن يكذب على رسول الله (صلى الله عليه وآله) متعمدا، فلو علم الناس أنه منافق كذاب، لم يقبلوا منه ولم يصدقوه، ولكنهم قالوا هذا قد صحب رسول الله (صلى الله عليه وآله) ورآه وسمع منه فأخذوا عنه وهم لا يعرفون حاله، وقد أخبره الله عن المنافقين بما أخبره ووصفهم بما وصفهم فقال عز وجل (وإذا رأيتهم تعجبك أجسامهم وإن يقولوا تسمع لقولهم ثم بقوا بعده فتقربوا إلى أئمة الضلالة والدعاة إلى النار بالزور والكذب والبهتان فولوهم الأعمال وحملوهم على رقاب الناس، وأكلوا بهم الدنيا، وإنما الناس مع الملوك والدنيا إلا من عصم الله، فهذا أحد الأربعة.
ورجل سمع من رسول الله شيئا لم يحمله على وجهه ووهم فيه، ولم يتعمد كذبا فهو في يده، يقول به ويعمل به ويرويه فيقول: أنا سمعته من رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فلو علم المسلمون أنه وهم لم يقبلوه، ولو علم هو أنه وهم لرفضه.
ورجل ثالث سمع من رسول الله (صلى الله عليه وآله)، شيئا أمر به ثم نهى عنه هو لا يعلم، أو سمعه ينهى عن شئ ثم أمر به وهو لا يعلم، فحفظ منسوخه ولم يحفظ الناسخ، ولو علم أنه منسوخ لرفضه، ولو علم المسلمون إذ سمعوه منه أنه منسوخ لرفضوه.
وآخر الرابع لم يكذب على رسول الله (صلى الله عليه وآله)، مبغض للكذب خوفا من الله وتعظيما لرسول الله (صلى الله عليه وآله)، لم ينسه، بل حفظ ما سمع على وجهه فجاء به كما سمع، لم يزد فيه ولم ينقص منه، وعلم الناسخ من المنسوخ، فعمل بالناسخ ورفض المنسوخ فإن أمر النبي (صلى الله عليه وآله) مثل القرآن ناسخ ومنسوخ (وخاص وعام) ومحكم ومتشابه، قد كان يكون من رسول الله (صلى الله عليه وآله) الكلام له وجهان: كلام عام، وكلام خاص، مثل القرآن وقال الله عز وجل في كتابه: ما آتاكم الرسول فخذوه، وما نهاكم عنه فانتهوا فيشتبه على من لم يعرف ولم يدر ما عنى الله به ورسوله (صلى الله عليه وآله)، وليس كل أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان يسأله عن الشئ فيفهم، وكان منهم من يسأله ولا يستفهمه، حتى أن كانوا ليحبون أن يجئ الأعرابي والطاري فيسأل رسول الله (صلى الله عليه وآله) حتى يسمعوا. وقد كنت أدخل على رسول الله (صلى الله عليه وآله) كل يوم دخلة وكل ليلة دخلة فيدخلني فيها أدور معه حيث دار، وقد علم أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنه لم يصنع ذلك بأحد من الناس غيري، فربما كان في بيتي يأتيني رسول الله (صلى الله عليه وآله) أكثر ذلك في بيتي، وكنت إذا دخلت عليه بعض منازله أخلاني وأقام عني نسائه، فلا يبقى عنده غيري، وإذا أتاني للخلوة معي في منزلي لم تقم عني فاطمة ولا أحد من بني، وكنت إذا سألته أجابني، وإذا سكت عنه وفنيت مسائلي ابتدأني، فما نزلت على رسول الله (صلى الله عليه وآله) آية من القرآن إلا قرأنيها وأملاها علي فكتبتها بخطي وعلمني تأويلها وتفسيرها وناسخها ومنسوخها، ومحكمها ومتشابهها، وخاصها وعامها، ودعا الله أن يعطيني فهمها، وحفظها، فما نسيت آية من كتاب الله ولا علما أملاه علي وكتبته، منذ دعا الله لي بما دعا، وما ترك شيئا علمه الله من حلال وحرام، ولا أمر ولا نهي كان أو يكون ولا كتاب منزل على أحد قبله من طاعة أو معصية إلا علمنيه وحفظته، فلم أنس حرفا واحدا، ثم وضع يده على صدري ودعا الله لي أن يملأ قلبي علما وفهما وحكما ونورا، فقلت: يا نبي الله بأبي أنت وأمي منذ دعوت الله لي بما دعوت لم أنس شيئا ولم يفتني شئ لم أكتبه أفتتخوف على النسيان فيما بعد؟ فقال: لا لست أتخوف عليك النسيان والجهل.

تهمة والرد عليها

قال الإمام شرف الدين العاملي: نسب إلى الشيعة القول بتحريف القرآن بإسقاط كلمات وآيات... إلخ. فأقول: نعوذ بالله من هذا القول، ونبرأ إلى الله تعالى من هذا الجهل، وكل من نسب هذا الرأي إلينا جاهل بمذهبنا، أو مفتر علينا، فإن القرآن العظيم والذكر الحكيم متواتر من طرقنا بجميع آياته وكلماته وسائر حروفه وحركاته وسكناته تواترا قطعيا، من أئمة الهدى من أهل البيت (عليهم السلام)، لا يرتاب في ذلك إلا معتوه، وأئمة أهل البيت كلهم أجمعون رفعوه إلى جدهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) عن الله تعالى، وهذا أيضا مما لا ريب فيه. وظواهر القرآن الحكيم - فضلا عن نصوصه - أبلغ حجج الله تعالى، وأقوى أدلة أهل الحق بحكم الضرورة الأولية من مذهب الإمامية، وصحاحهم في ذلك متواترة من طريق العترة الطاهرة، وبذلك تراهم يضربون بظواهر الصحاح المخالفة للقرآن عرض الجدار، ولا يأبهون بها عملا بأوامر أئمتهم (عليهم السلام). (7)

الغاية من التوسع في بسط نظرية شيعة أهل البيت

لقد أبرزت التقاطيع الأساسية لنظرية شيعة أهل البيت في موضوع جمع القرآن، ونقلت حرفيا لكثير من أقوال علمائهم في هذا المجال، بسبب أن الأكثرية الساحقة من علمائنا نحن أهل السنة يجهلون جهلا مطبقا وجهة نظر شيعة أهل البيت في مختلف الأمور.
ولهذا ما زالوا يرددون نفس المقولات التي قيلت عن الشيعة قبل 1200 عام، ويتصورون أن هذه المقولات هي بعينها وجهة نظر أهل الشيعة، مع أن هذه المقولات قالها أعداء شيعة أهل البيت، فكان أعداء الشيعة هم الخصم، وهم الشهود، وهم الحكم بنفس الوقت،والضحية في النتيجة الشيعة والعدالة.
والعدالة مقصود شرعي، حتى ولو كان أطراف القضية من أهل الكتاب أو المشركين.
وقد تندهش إذا علمت أن أساتذة جامعات يدرسون الشريعة الإسلامية ومع هذا لا يفهمون معنى التشيع، ولا يفهمون معنى أهل البيت، ويعتقدون أن للشيعة قرآنا غير قرآننا نحن أهل السنة، وأنهم يقولون بوجود نبي غير نبينا محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)، بل ويشككون بإسلام الشيعة مع أن الشيعة تعلموا الإسلام عن طريق أئمة أهل البيت الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا، والذين ورثوا علم النبوة، وواكبوا دعوة الإسلام، ودولة النبوة، منذ اللحظة التي أشرقت فيها شمس الهداية الإلهية إلى اللحظة التي انتقل فيها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى الرفيق الأعلى.
هؤلاء هم أساتذة شيعة أهل البيت.
أما أساتذتنا نحن أهل السنة فهم عمليا معاوية، وابنه يزيد، وخلفاء بني أمية، لأن التدوين وخاصة كتابة الحديث وروايته انتشر في عهدهم، ومن المعروف أن بني أمية طلقاء أسلموا يوم الفتح، ومعرفتهم بالدين محدودة، وأنهم حاربوا النبي والإسلام واحدا وعشرين عاما حتى أحيط بهم، فاضطروا للإسلام لأن كل الأبواب قد أغلقت في وجوههم إلا باب الإسلام!
فأئمة أهل البيت مدرسة علمية، وطلاب هذه المدرسة هم شيعة أهل البيت.
وخلفاء بني أمية ومن والاهم كأبي هريرة مدرسة، وطلاب هذه المدرسة هم أهل السنة. فما الداعي للتفريق بين طلاب مدرستين إسلاميتين!!
هذا إذا اعتبرنا أن أمية كهاشم، وأن المهاجر تماما كالطليق، وأن من قاتل تحت لواء الإسلام هو تماما مثل الذي قاتل الإسلام.
على الأقل لنعامل طلاب المدرستين بروح المساواة والأخوة، وليكن هدف أتباع المدرستين الوقوف على الحقائق الشرعية المجردة.

موقع بيان النبي من المنظومة الحقوقية

الركيزة الثانية من المنظومة الحقوقية الإلهية وهي نبي الله المرسل، بذاته، وقوله، وفعله، وتقريره، ولو لا (المماحكة) والتقليد الأعمى، وأحابيل السياسة ومكرها، فإن محمدا خاتم الأنبياء غني عن التعريف بذاته وقوله وفعله وتقريره، وللأسباب التي ذكرناها لا بد من أن نفرد أبوابا أربعة، للذات، وللقول، وللفعل وللتقرير.

ذات النبي عند الحكام وشيعتهم

إنها أحسن ذات عرفتها الخليقة، فهو المؤتمن على الوحي الإلهي وهو المكلف بتبليغ آخر رسالة إلهية لبني البشر، وهي رسالة الإسلام بصيغتها النهائية، وهو خيرة الله من خلقه (شجرته خير الشجر، وعترته خير العتر) فهو الأسوة والقدوة، طاعته طاعة الله ومعصيته معصية الله، واتباعه محبة لله، وطريق المغفرة، والإيمان به إيمان بالله، والكفر به كفر بالله، صادق مصدق في كل شئ، لا ينطق عن الهوى، فما يقوله حق لا ريب فيه، (وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى) سورة النجم آية 3، (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا) الأحزاب آية 21، (قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم) سورة آل عمران آية 31، (فآمنوا بالله ورسوله النبي الأمي الذي يؤمن بالله وكلماته واتبعوه) سورة الأعراف آية 158.
وجاء في سنن الدارمي ، وسنن أبي داود ، ومسند أحمد ، ومستدرك الحاكم ، وجامع بيان العلم وفضله لابن عبد البر ، قال عبد الله بن عمرو بن العاص (كنت أكتب كل شئ أسمعه من رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فنهتني قريش وقالوا: أتكتب كل شئ سمعته من رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ورسول الله بشر يتكلم في الغضب والرضا، فأمسكت عن الكتابة، فذكرت ذلك لرسول الله، فأومأ بإصبعه إلى فيه وقال (أكتب، فوالذي نفسي بيده ما خرج منه إلا حق).
فكلما قاله الرسول حق، لأنه المبين للقرآن البيان القائم على الجزم واليقين، وهو قائد الأمة إلى الصراط المستقيم بتفويض من ربه، وبرعاية وعناية إلهية تسدده في كل خطوة من خطواته، بلغ القرآن حرفيا، فهو صادق، وكفى بالله شهيدا، وبين القرآن بيانا كاملا فهو صادق في بيانه وكفى بالله شهيدا، وقاد الأمة حتى وضعها على الصراط المستقيم، وهو موفق بقيادته وكفى بالله شهيدا، فالفصل بين النبي وبين القرآن مرفوض لأن من شك في النبي فقد شك في القرآن، ومن آمن بالقرآن ولم يؤمن بالنبي فهو كافر، ومن آمن بالنبي ولم يؤمن بالقرآن فهو كافر، فالقرآن والنبي جملة كاملة تساوي الإسلام، والهدى لا يطلب إلا بالاثنين معا، القرآن والنبي، والتمسك بأحدهما دون الآخر ضلالة ستقود صاحبها إلى النار حتما، فالنبي بالضرورة هو الإنسان الكامل وكماله الإنساني ضرورة من ضرورات تبليغ رسالة الكمال الإلهية، فلو لم تتوفر فيه (صلى الله عليه وآله وسلم) خاصية الكمال الإنساني، لما كان مؤتمنا على تبليغ رسالة الكمال الإلهية.(8)
ولا عجب في ذلك، فقد تنتشر الأمراض بين أفراد شعب، فتقوم دولة ذلك الشعب باختراع مصل وتقوم بتطعيم رعاياها ضد هذا المرض، فينجو الذين تطعموا ولا يصيبهم هذا المرض ولا يؤثر فيهم، والأطباء بشر، والأمصال من صنع البشر فهل نستكثر على رب البشر أن يطعم أنبياءه ورسله ضد الخطأ!!
ذات النبي عند قادة التاريخ الإسلامي وشيعتهم
روى البخاري ومسلم في كتاب الدعوات باب قول النبي من آذيته، وروى مسلم في صحيحه كتاب البر والصلة باب من لعنه النبي، فقالا - البخاري ومسلم إن رسول الله كان يغضب، فيلعن ويسب ويؤذي من لا يستحقها، ودعى الله أن يجعلها لمن بدرت منه إليه زكاة وطهورا! تمعن بهذا الحديث، ثم أتل قول الله تعالى في نبيه (وإنك لعلى خلق عظيم) سورة القلم آية 2، فالشخص العادي، الذي لا تتوفر فيه صفات النبوة يترفع عن لعن وسب من لا يستحق اللعنة والمسبة، فكيف بالنبي ذي الخلق العظيم، السمح، اللين، الذي لا يعرف الفضاضة إطلاقا، صاحب الصدر الواسع؟ إنا لله وإنا إليه راجعون، إذا كانت الأمور على هذه الشاكلة، فمن مصلحة كل مسلم أن يثير غضب النبي، حتى يسبه النبي ويشتمه، ويحصل على الزكاة والطهر!!!.
إن هذا لأمر عجاب!!

وظيفة هذا الحديث

جاء في السيرة الحلبية مجلد 2 صفحة 234 طبعة مصر (أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) صار يقول:
اللهم العن فلانا وفلانا.
وأخرج البخاري عن يحيى بن عبد الله السلمي، أخبرنا معمر، عن الزهري، حدثني سالم، عن أبيه أنه سمع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول: إذا رفع رأسه من الركوع من الركعة الأخيرة من الفجر يقول: اللهم العن فلانا وفلانا وفلانا بعد ما يقول: سمع الله لمن حمده، فأنزل الله (ليس لك من الأمر شئ) إلى قوله (فإنهم ظالمون).
وقال السيوطي وأخرج أحمد، والبخاري، والترمذي، والنسائي، وابن جرير، والبيهقي في الدلائل عن ابن عمر قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يوم أحد: (اللهم العن أبا سفيان، اللهم العن الحرث بن هشام، اللهم العن سهيل بن عمرو واللهم العن صفوان بن أمية).
ثم قال السيوطي، وأخرج الترمذي، وصححه وابن جرير، وابن أبي حاتم عن ابن عمر قال: كان النبي (صلى الله عليه وسلم) يدعو على أربعة نفر وكان يقول في صلاة الفجر: اللهم العن فلانا وفلانا، (9)
وأخرج نصر بن مزاحم المنقري، عن عبد الغفار بن القاسم، عن عدي بن ثابت، عن البراء بن عازب قال: أقبل أبو سفيان ومعه معاوية فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) اللهم العن التابع والمتبوع، اللهم عليك بالأفيعس، فقال ابن البراء لأبيه، من الأفيعس؟ قال: معاوية.
وأخرج نصر عن علي بن الأقمر في آخر حديثه قال: فنظر رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إلى أبي سفيان وهو راكب، ومعاوية وأخوه أحدهما قائد والآخر سائق، فلما نظر إليهم رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال: اللهم العن القائد والسائق والراكب، قلنا: أنت سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم)؟!
قال: نعم وإلا صمت أذناي كما عميت عيناي. (10)
ولا يماري أحد بأن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لعن الحكم بن العاص، ولعن ما في صلبه، وطرده من المدينة ونفاه إلى منطقة وج، وحرم عليه دخول المدينة، ولما انتقل رسول الله إلى جوار ربه راجع عثمان أبا بكر ليدخل الحكم بن العاص إلى المدينة فرفض الصديق ذلك، ولما توفي الصديق راجع عثمان الفاروق ليدخله المدينة فرفض الفاروق ذلك، ولما آلت الأمور إلى عثمان أدخل الحكم بن العاص معززا مكرما، وأعطاه ماءة ألف درهم دفعة واحدة! ولا أحد من أهل الملة ينكر هذه الوقائع.
أبو سفيان
قاد الشرك في حربه مع النبي واحدا وعشرين سنة هو وأولاده وبنو أمية، واشترك في حصار بني هاشم، وحاول أن يقتل النبي، وفشلت المحاولة، وقاد الأحزاب، وبانهيار أبي سفيان وأولاده انهارت جبهة الشرك، واستمرت عداوة أبي سفيان وأولاده لرسول الله ولآله وللإسلام 21 عاما بلا انقطاع، فهل يستغرب عاقل أن يلعن رسول الله من كان هذا حالهم؟!
الحكم بن العاص
لقد كثر إيذاء الحكم لرسول الله، كما هو معروف، ومن أجل هذا نفاه الرسول ورفض صاحباه إعادته، بالرغم من إلحاح عثمان. خاطبت أم المؤمنين مروان بن الحكم بن العاص قائلة: كذبت والله ما هو به، ولكن رسول الله لعن أبا مروان ومروان في صلبه فمروان فضض من لعنة الله عز وجل! والفضض القطعة..(11)
ومرة أخرى فهل كثير على رسول الله أن يلعن الحكم بن العاص وما في صلبه بعد إيذاء له من جانبهم دام 21 عاما!!؟
أعداء الرسول تولوا الحكم وأولياؤه أصبحوا مملوكين 21 عاما وأبو سفيان وذريته ومن والاهم يكيدون لرسول الله ويحاربونه بكل وسائل الحرب، حتى نصر الله رسوله ودخل مكة عاصمة الشرك فاتحا، فأغلقت الأبواب أمام أبي سفيان ومن والاه ولم يبق أمامه إلا باب الإسلام مفتوحا، وعندما وجد نفسه وسط جزيرة الشرك حفيرة، وقد أحيط به أسلم، فأصبح أبو سفيان ومن والاه طلقاء ومن المؤلفة قلوبهم، فصحب الرسول سنتين، واستغل الخلاف الذي نشأ بين الصديق والفاروق من جهة وبين الإمام علي من جهة أخرى، فحسن وضعه، وولى الصديق ابنه على الشام وألحق به معاوية، وبموت شقيق معاوية أصبح معاوية هو حاكم الشام، واستقرت الأمور لبني أمية في إمارة عثمان، وفجأة، وبدون مقدمات، وضد الطبيعة، ومنطق الأشياء، وبالقوة، آلت الأمور إلى معاوية، فأصبح هو سيد المسلمين يتأمر على الذين قاتلوه وأباه على الإسلام، ثم أوصى بالحكم من بعده لابنه يزيد، الذي ارتكب مجزرة كربلاء. ثم آلت الأمور إلى مروان بن الحكم بن العاص، ومن سلالة الحكم وصلبه انحدر كل خلفاء بني أمية.

الحقائق الثابتة

الحقيقة الأولى: أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لعن الحكم بن العاص، ولعن ما في صلبه، ولعن أبا سفيان، ولعن ابنيه.
والحقيقة الثانية: أن عداء أبي سفيان ومن والاه للنبي لم يتوقف طوال 21 عاما، وأن إيذاء الحكم بن العاص للنبي لم يتوقف أيضا طوال هذه المدة.
والحقيقة الثالثة: أن أبناء أبي سفيان سادوا المسلمين بالقوة، كذلك فإن أبناء الحكم بن العاص سادوا المسلمين بالقوة. والثابت أن تدوين الحديث النبوي تم رسميا في العهد الأموي.
هنا يثور التساؤل المرير، كيف يحكم أمة محمد أولئك الذين لعنهم محمد؟!!
الحديث يحل الإشكال
لعنة النبي لهاتين الأسرتين، وأمثالهما كان في لحظة غضب، فقد لعنهم الرسول وسبهم وهم لا يستحقون اللعنة والمسبة، وأدرك الرسول ذلك فدعا أن تتحول لعنة هاتين الأسرتين وأمثالهما إلى زكاة وطهور لهم. وتلك قفزة بالتفضيل لم يشهد العقل البشري لها مثيلا.
فأهل البيت الذين انحدروا من صلب النبي أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا، والذين عادوا النبي طوال سني البعثة طهرهم الله أيضا تطهيرا!! إن هذا لأمر عجاب!!
شخصية النبي الباهرة طاهرة مطهرة، تسامى الله بها وهي بأدق الموازين العلمية لا تخدش ولا تعاب، ولكن إذا كان الناس أمام خيارين: إما أن يخدشوا النبي الراحل ويطعنوا في شخصيته، وإما أن يخدشوا الخليفة الحي ويطعنوا في شخصيته، فالحل هو الطعن في شخصية النبي! وهكذا صوروه كرجل يفقد السيطرة على نفسه في الغضب، فيلعن، ويسب، ويؤذي من لا يستحق اللعن، والسب، والإيذاء، وهكذا خدشوا نبيهم، وأضفوا الكمال والزكاة والطهر على غالبيهم، وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا!
اللهم إن هذا منكر لا ترضى به، اللهم إن هذه مصيبة، فأذن لنا أن نردد ما أمرتنا بقوله: إنا لله وإنا إليه راجعون.
رسول ونبي لا يعرف أنه رسول
روى البخاري في مجلد 1 صفحة 3 باب بدء الوحي وتفسير سورة إقرأ، وروى مسلم في كتاب الإيمان - باب بدء الوحي الحديث 252، وروى أحمد في مسنده مجلد 6 صفحة 223 و 233: أن رسول الله لما جاءه جبريل بآيات (إقرأ باسم ربك الذي خلق) إلى قوله تعالى (علم بالقلم) رجع إلى بيته ترجف بوادره، وقال لخديجة: إني خشيت على نفسي، فقالت له خديجة: أبشر، كلا والله لا يخزيك الله أبدا، وانطلقت به إلى ورقة بن نوفل - وكان امرءا نصرانيا - فأخبره رسول الله (صلى الله عليه وسلم) خبر ما رآه، فقال له ورقة: هذاالناموس الذي أنزل على موسى...
فورقة هنا أدرى بالوحي وجبريل من رسول الله الذي خوطب بالوحي، ونتيجة ما قاله ورقة اطمأن الرسول لمصيره، وقبل ذلك كان النبي يريد أن يلقي بنفسه من حالق جبل كما يروي ابن سعد في طبقاته مجلد 1 صفحة 129 - 130، وكما يروي الطبري في خبر البعثة.
فأنت تلاحظ أن السيدة خديجة وهي امرأة عرفت ما لم يعرفه النبي، وأن ورقة وهو نصراني هو الذي طمأن النبي بأنه نبي، وقبل ذلك لم يكن النبي يعرف أنه نبي مرسل!!!
إن هذا لأمر عجاب، وتلك والله مصيبة، فإنا لله وإنا إليه راجعون.
يقول العلامة مرتضى العسكري: لست أدري كيف لم يكن الرسول يعرف نفسه وعلى كتفه خاتم النبوة التي يعرفه بها كل من رآه من أهل الكتاب؟.

خلفاء أتقى من نبي

روى البخاري في كتاب فضائل أصحاب النبي - باب مقدم النبي وأصحابه المدينة، وفي كتاب العيدين - باب سنة العيدين لأهل الإسلام، وروى مسلم في صحيحه كتاب صلاة العيدين - باب الرخصة في لعب يوم العيد: أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) استمع إلى غناء جوار من الأنصار فنهرهن أبو بكر.
وروى مسلم في كتاب صلاة العيدين بأن الرخصة في اللعب الذي لا معصية فيه في أيام العيد الحديث 18 و 19 و 20 و 21 و 22: أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) رفع عائشة على منكبيه لتنظر إلى الحبشة الذين يلعبون في المسجد، فنهرهم عمر. وروى الترمذي في أبواب المناقب باب مناقب عمر: إذ اطلع عمر فانفض الناس، فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) (عليهم السلام) إني لأنظر إلى شياطين الجن والإنس قد فروا من عمر! فشياطين الجن والإنس لا تفر من النبي، ولكنها ما إن ترى الخليفة عمر حتى تفر منه، وهومجرد صحابي جليل ومسلم، والناس يلعبون أمام النبي ولا ينكر عليهم لعبهم، ثم يأتي أبو بكر وعمر فينهرا الجميع.
ومثل هذا النصوص التي رواها الترمذي، باب المناقب عن عمر، ومسند أحمد مجلد 5 صفحة 353 حيث يقعد الشيطان آمنا مطمئنا مع النبي حتى إذا دخل عمر فر الشيطان!!
روى البخاري في كتاب بدء الخلق - باب صفة إبليس وجنوده، وفي كتاب الطب - باب هل يستخرج السحر، وكتاب الأدب - باب أن الله يأمر بالعدل، وكتاب الدعوات - باب تكريم الدعاء، وروى مسلم في صحيحه - باب السحر: أن بعض اليهود سحروا رسول الله حتى يخيل إليه أنه يفعل الشئ وما فعله!
روى البخاري في باب قول الله (وصل عليهم) وكتاب الشهادات - باب شهادة الأعمى ونكاحه، وروى مسلم في كتاب فضائل القرآن - باب الأمر بتعهد القرآن، عن عائشة رضي الله عنها: أن النبي سمع رجلا يقرأ في المسجد، فقال: رحمه الله اذكرني كذا وكذا آية أسقطتها من سورة كذا!
فأنت ترى أنه لولا هذا القارئ لما تذكر النبي الآية التي أسقطها من سورة كذا!
ونترك لك الحكم، فإنا لله وإنا إليه راجعون.
روى البخاري في صحيحه - كتاب الذبائح - باب ما ذبح على النصب والأزلام مجلد 2 صفحة 207، وروى أحمد في مسنده مجلد 2 صفحة 19 و 86، أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قبل أن ينزل عليه الوحي قدم إلى زيد بن عمرو بن نفيل سفرة فيها لحم فأبى زيد أن يأكل منها، ثم قال زيد للنبي: إني لا آكل إلا ما ذكر اسم الله عليه، وزيد هذا هو ابن عم الخليفة عمر بن الخطاب!
فانظر كيف احتاط زيد حتى قبل أن يدخل في الإسلام، وكيف رفض أن يأكل من طعام النبي، النبي الذي رباه الله، وصنعه على عينه. راجع نهج البلاغة، الخطبة في وصف النبي (صلى الله عليه وآله) صفحة 44 - شرح صبحي الصالح.
بعد كل هذا فلا ينبغي أن تندهش إذا رفع مقام الخلافة على مقام النبوة، فقد خطب الحجاج بن يوسف الثقفي في أهل الكوفة، فذكر الذين يزورون قبر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بالمدينة، فقال: إنما يطوفون بأعواد ورمة بالية!!! هلا طافوا بقصر أمير المؤمنين عبد الملك، ألا يعلمون أن خليفة المرء خير من رسوله! راجع شرح النهج لابن أبي الحديد مجلد 5 صفحة 242، وراجع الكامل للمبرد صفحة 222 طبعة النهضة بمصر، وراجع معالم المدرستين مجلد 1 صفحة 45.
قال ابن أبي الحديد المعتزلي في مقام الاعتذار عن تخلف الخليفتين - أبي بكر وعمر - عن جيش أسامة: إنه (أي الرسول) كان يبعث السرايا عن اجتهاد لا عن وحي يحرم مخالفته! ثم أطال الحديث عن اجتهاد الرسول في هذه القضية، راجع شرح النهج لابن أبي الحديد مجلد 4 صفحة 172 - 178... وسنعالج الموضوع في باب الاختلاف. إن شاء الله تعالى.
روى البخاري في صحيحه - كتاب الجهاد والسير - باب الجوائز مجلد 4 صفحة 21 ط. دار الفكر وروى مسلم في صحيحه - كتاب الوصية - باب ترك الوصية مجلد 2 صفحة 16 ط عيسى الحلبي، وفي مجلد 11 صفحة 89 - 94 ط مصر بشرح النووي، وروى الإمام أحمد في مسنده مجلد 1 صفحة 222 ط الميمنية ومجلد 3 صفحة 286 الحديث 1935 بسند صحيح، ومجلد 5 صفحة 45 الحديث 3111
عن ابن عباس: أن النبي اشتد به وجعه يوم الخميس فقال: ائتوني بكتاب أكتب لكم كتابا لن تضلوا بعده أبدا، فتنازعوا، ولا ينبغي عند نبي تنازع، فقالوا: هجر رسول الله، قال: دعوني فالذي أنا فيه خير مما تدعوني، وأوصى عند موته بثلاث:
أخرجوا المشركين من جزيرة العرب، وأجيزوا الوفد بنحو ما كنت أجيزه، ونسيت الثالثة.
وروى مسلم في صحيحه، كتاب الوصية، باب ترك الوصية مجلد 2 صفحة 16 ومجلد 11 صفحة 94 - 95 بشرح النووي، وروى الإمام أحمد في مسنده مجلد 1 صفحة 355، والطبري في تاريخه مجلد 3 صفحة 193، وابن الأثير في الكامل مجلد 2 صفحة 320 عن ابن عباس قال: يوم الخميس وما يوم الخميس، ثم جعل تسيل دموعه حتى رأيت على خديه كأنها نظام اللؤلؤ قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): إئتوني بالكتف والدواة، أو اللوح والدواة، أكتب لكم كتابا لن تضلوا بعده أبدا فقالوا: إن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يهجر.
روى البخاري في صحيحه كتاب النبي إلى كسرى وقيصر - باب مرض النبي ووفاته مجلد 5 صفحة 137، والطبري في تاريخه مجلد 3 صفحة 192 - 193 عن ابن عباس قال: يوم الخميس وما يوم الخميس اشتد برسول الله (صلى الله عليه وسلم) وجعه فقال:
إئتوني أكتب لكم كتابا لن تضلوا بعده أبدا، فتنازعوا، ولا ينبغي عند نبي تنازع، فقالوا عن النبي ما شأنه أهجر؟ استفهموه، فذهبوا يرددون عليه، فقال: دعوني فالذي أنا فيه خير مما تدعوني إليه، وأوصاهم بثلاث قال: أخرجوا المشركين من جزيرة العرب، وأجيزوا الوفد بنحو ما كنت أجيزهم، وسكت عن الثالثة أو قال فنسيتها.
وروى البخاري في صحيحه كتاب الجزية - باب إخراج اليهود من جزيرة العرب مجلد 4 صفحة 65 - 66 أنه قال (صلى الله عليه وسلم) إئتوني بكتف أكتب لكم كتابا لا تضلوا بعده، فتنازعوا ولا ينبغي عند نبي تنازع، فقالوا: ما له؟! أهجر؟ استفهموه...
وذكر السبط بن الجوزي الحنفي في كتابه تذكرة الخواص صفحة 62 المطبعة الحيدرية، وجاء في كتاب سر العالمين، وكشف ما في الدارين لأبي حامد الغزالي صفحة 21 مطبعة النعمان: أن عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) قال: إن النبي ليهجر.
إذا حالوا بينه، وبين كتابة ما أراد، مع أن الوصية حق لكل مسلم، ولم يكتفوا بذلك إنما صرحوا علنا، وصدموا خاطر النبي الشريف، وزعموا أنه هجر، يهجر، ليهجر، حاشا له مع أن الصديق (رضي الله عنه) اشتد به المرض أكثر مما اشتد برسول الله المرض، وأملى جزءا من وصيته، ثم فارق وعيه، وبعد أن استرد وعيه أكمل وصيته، ولم يقل أحد عل الإطلاق أن الصديق يهجر، ولم يحل بين الصديق وبين كتابة ما أراد حائل، ونفذت بدقة تعليمات الصديق ووصيته، ولم ينقسم الحاضرون عنده إلى قسمين، بل كانوا كتلة واحدة خلفه وفي حضرته كأنهم بنيان مرصوص، لا يعلو على صوت الصديق صوت، إمعانا باحترامه، وإجلالا له!!!
مع أن الصديق ليس أكثر من صحابي جليل، ومن حاكم عادل، ولم يصل إلى درجة النبوة، ولا قال أحد أنه قد وصل إلى هذه الدرجة!!
كذلك فإن المرض قد اشتد بعمر (رضي الله عنه) أكثر مما اشتد برسول الله مرضه، وتكلم عمر وأصغى له المسلمون بإجلال ولم ينقسموا بين يديه، ونفذوا كلامه، وأوصى، ونفذوا وصيته، وتحدث أثناء مرضه ما شاء أن يتحدث، ولم يحل بينه وبين أن يقول ما يشاء حائل،ولم يقل له أحد قط إن الفاروق (رضي الله عنه) هجر أو يهجر، مع أن الفاروق ليس أبدا أكثر من صحابي جليل ومن حاكم عادل!!
إن هذا لشئ عجاب!!
القرآن وحده يكفي ولا حاجة لوصية النبي وقوله
هذه التصورات المهزوزة عن ذات النبي جمحت بالمسلمين، فجنحت بهم عن الطريق، فركبوها، وأرخوا لها العنان، فأدخلتهم بليل الغموض والتيه، وآفاق الهوى، فتصوروا أن بإمكانهم أن يدركوا الرشد بدون نبي وبالقرآن وحده، وتصوروا أن بإمكانهم أن يهتدوا، وأن لا يضلوا إذا تمسكوا بالقرآن وحده، بمعنى أن دور النبي محدود، وثانوي جدا.
كانت هذه التصورات وساوس خفية في الصدور، وأفصحت عن ذاتها في مرض النبي، وبرزت سافرة وبدون ستر، وتبين أن لهذه التصورات أنصارا وأعوانا، وأخيرا واجه أصحاب هذه التصورات النبي نفسه، وانتصروا، وانتصرت تصوراتهم.
وآية ذلك وبرهانه:
1 - جاء في صحيح البخاري كتاب المرضى - باب قول المريض: قوموا عني مجلد 7 صفحة 9 دار الفكر، وجاء في صحيح مسلم في آخر كتاب الوصية مجلد 5صفحة 75 مطبعة المكتبة التجارية، ومجلد 11 صفحة 95 من صحيح مسلم بشرح النووي مطبعة مصر، ومسند الإمام أحمد مجلد 4 صفحة 356 الحديث 2992بسند صحيح دار المعارف بمصر عن ابن عباس قال: لما حضر رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وفي البيت رجال فيهم عمر بن الخطاب، قال النبي (صلى الله عليه وسلم) هلم أكتب لكم كتابا لا تضلوا بعده، فقال عمر: إن النبي قد غلب الوجع، حسبنا كتاب الله، فاختلف أهل البيت فاختصموا، منهم من يقول: قربوا يكتب لكم رسول الله كتابا لا تضلوا بعده، ومنهم من يقول! القول ما قال عمر، فلما أكثروا اللغو والاختلاف عند النبي، قال لهم رسول الله: قوموا عني.
وأنت تلاحظ أن الفريق الذي كان يعارض كتابة الكتاب كان بقيادة عمر بن الخطاب (رضي الله عنه).
2 - وجاء في شرح نهج البلاغة لعلامة المعتزلة ابن أبي الحديد مجلد 6 صفحة 51 - مطبعة مصر بتحقيق محمد أبو الفضل - عن ابن عباس: لما حضرت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) الوفاة، وفي البيت رجال فيهم عمر بن الخطاب، قال رسول الله: إئتوني بدواة وصحيفة أكتب لكم كتابا لا تضلوا بعده، قال ابن عباس: فقال عمر كلمة معناها: أن الوجع قد غلب على رسول الله، قال: عندنا القرآن، حسبنا كتاب الله...
3 - وجاء في صحيح البخاري كتاب العلم - باب كتابة العلم مجلد 1 صفحة 37 دار الفكر، عن ابن عباس: لما اشتد بالنبي (صلى الله عليه وسلم) وجعه قال: إئتوني بكتاب أكتب لكم كتابا لا تضلوا بعده، قال عمر: إن النبي (صلى الله عليه وسلم) غلبه الوجع وعندنا كتاب الله حسبنا فاختلفوا، وأكثروا اللغط، قال النبي: قوموا عني، ولا ينبغي عندي التنازع....
4 - وجاء في صحيح البخاري - كتاب الإعتصام بالكتاب والسنة - باب كراهية الخلاف مجلد 8 صفحة 161 دار الفكر عن ابن عباس قال: لما حضر النبي (صلى الله عليه وسلم) وفي البيت رجال فيهم عمر بن الخطاب قال: هلم أكتب لكم كتابا لن تضلوا بعده، قال عمر: إن النبي (صلى الله عليه وسلم) غلبه الوجع وعندكم القرآن، فحسبنا كتاب الله، فاختلف أهل البيت واختصموا، فمنهم من يقول قربوا يكتب لكم رسول الله كتابا لن تضلوا بعده، ومنهم من يقول ما قال عمر....
5 - روى الذهبي في تذكرة الحفاظ بترجمة أبي بكر مجلد 1 صفحة 2 - 3 أن أبا بكر جمع الناس بعد وفاة نبيهم فقال.... إلى أن قال: فلا تحدثوا عن رسول الله شيئا، فمن سألكم فقولوا بيننا وبينكم كتاب الله...
6 - وروى ابن عبد البر بثلاثة أسانيد في جامع البيان مجلد 2 صفحة 147، والذهبي في تذكرة الحفاظ مجلد 1 صفحة 4 و 5 قول عمر بن الخطاب.... إنكم تأتون أهل قرية لهم دوي بالقرآن كدوي النحل فلا تصدوهم بالأحاديث عن رسول الله وأنا شريككم....

ذات الخليفة أهم من ذات النبي!

روى الزبير بن بكار في الموفقيات صفحة 575 - 576، وروى علامة المعتزلة بن أبي الحديد في شرح النهج مجلد 2 صفحة 176 عن المطرف بن مغيرة بن شعبة قال:
دخلت مع أبي على معاوية، فكان أبي يأتيه ويتحدث معه، ثم ينصرف إلي فيذكر معاوية وعقله، ويعجب بما يرى منه، إذ جاء ذات ليلة فأمسك عن العشاء، ورأيته مغتما، فانتظرته ساعة، وظننت أنه لأمر حدث فينا، فقلت: ما لي أراك مغتما منذ الليلة، فقال: يا بني جئت من أكفر الناس وأخبثهم، قلت: وما ذاك؟ قال: قلت له وقد خلوت به: إنك قد بلغت سنا يا أمير المؤمنين فلو أظهرت عدلا، وبسطت خيرا فإنك قد كبرت، ولو نظرت إلى إخوتك من بني هاشم فوصلت أرحامهم، فوالله ما عندهم اليوم شئ تخافه، وإن في ذلك مما يبقى لك ذكره وثوابه؟ فقال: هيهات، هيهات، أي ذكر أرجو بقاءه، ملك أخو تيم فعدل وفعل ما فعل، فما عدا أن هلك حتى هلك ذكره إلا أن يقول قائل: أبو بكر، ثم ملك أخو عدي فاجتهد وشمر عشر سنين، فما عدا أن هلك حتى هلك ذكره إلا أن يقول قائل: عمر، وإن ابن أبي كبشة (يعني النبي) ليصاح به كل يوم خمس مرات (أشهد أن محمدا رسول الله) فأي عمل يبقى؟ وأي ذكر يدوم بعد هذا؟
لا والله إلا دفنا دفنا. إنتهى النص كما ورد في المرجعين السابقين، وكما نقله العلامة السيد مرتضى العسكري في مجلد 2 صفحة 356 - 357 من معالم المدرستين.
وطمعا برفع مقام الخلفاء ودوام ذكرهم، انتشر الحديث الموضوع، لرفع مقام الخلافة، فكما فرض الله طاعة رسوله (أطيعوا الله والرسول) فرضت تلك الأحاديث الموضوعة طاعة الخليفة مهما فعل، وحرمت الخروج عليه مهما فعل، فعندما أرادوا هدم الكعبة لمحاصرة أعداء الخليفة، قالوا: إن هدم الكعبة حرمة، وطاعة الخليفة واجبة، فغلبت طاعة الخليفة محارم الله، وهدموا الكعبة فعلا!
وكان شمر بن ذي الجوشن يقعد حتى يصبح، ثم يصلي ويقول في دعائه (اللهم اغفر لي) فقيل له: كيف يغفر الله لك وقد خرجت إلى ابن بنت رسول الله فأعنت على قتله؟ قال: ويحك فكيف نصنع، إن أمراءنا هؤلاء أمرونا، فلم نخالفهم، ولو خالفناهم كنا شرا من هذه الحمر).(12)
وكان كعب بن جابر ممن حضر قتال الحسين في كربلاء يقول في مناجاته (يا رب إنا قد وفينا فلا تجعلنا يا رب كمن غدر) يقصد بمن غدر من خالف الخليفة وعصى أمره.
ودنا عمر بن الحجاج يوم عاشوراء من أصحاب الحسين، ونادى وقال: يا أهل الكوفة الزموا طاعتكم وجماعتكم، ولا ترتابوا في قتل من مرق من الدين وخالف الإمام.
وقد قال مسلم بن عقبة الذي استباح المدينة، وختم أعناق الصحابة، وأذلهم وقتل يوم الحرة أحد عشر ألف مسلم، قال عن عمله هذا: اللهم إني لم أعمل عملا قط بعد شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله (أي بعد الإسلام) أحب إلي من قتل أهل المدينة (أي مدينة الرسول) ولا أرجى عندي في الآخرة، وإن دخلت النار بعد ذلك إني لشقي فإن هذا تدين بحب الخلفاء، وطاعتهم فريد من نوعه.
وثمرة لهذا كله تعاظم مقام الخليفة، حتى بلغ عند شيعة الخلفاء مرتبة لم يبلغها النبي نفسه، فقد كتب مروان بن محمد - وكان واليا على أرمينية - إلى الوليد بن يزيد بن عبد الملك الفاسق: يبارك له خلافة الله على عباده. راجع تاريخ بن كثير مجلد 10 صفحة 4، وهذا الوليد هو الذي سعى أخوه سلمان في قتله، وقال أشهد أنه كان شروبا للخمر ماجنا فاسقا، ولقد أرادني على نفسي، وأراد الوليد أن يشرب الخمر فوق الكعبة، ولما قيل عنه في مجلس المهدي: إنه كان زنديقا، قال المهدي: خلافة الله عنده أجل من أن يجعلها في زنديق. راجع تاريخ ابن كثير مجلد 10 صفحة 7 - 8
روى أبو داود في سننه مجلد 4 صفحة 210 الحديث 4645 باب في الخلفاء، عن سليمان بن الأعمش قال: جمعت مع الحجاج فخطب... قال فيها: إسمعوا وأطيعوا لخليفة الله وصفيه عبد الملك بن مروان!
وروى أبو داود في سننه مجلد 4 صفحة 209 الحديث 4642، والمسعودي في مروجه - ذكر طرف من أخبار الحجاج مجلد 3 صفحة 147 - وابن عبد ربه في العقد الفريد مجلد 5 صفحة 52، واللفظ لأبي داود قال: عن الربيع بن خالد العنبي قال:
سمعت الحجاج يخطب، فقال في خطبته: رسول أحدكم في حاجته أكرم عليه أم خليفته في أهله!
وفي العقد الفريد مجلد 5 صفحة 51 أنه - أي الحجاج - كتب إلى عبد الملك يعظم فيه أمر الخلافة، ويزعم أن السماوات والأرض ما قامتا إلا بها، وأن الخليفة عند الله أفضل من الملائكة المقربين والأنبياء المرسلين، ذلك أن الله خلق آدم بيده وأسجد له ملائكته، وأسكنه جنته، ثم أهبطه إلى الأرض وجعله خليفته، وجعل الملائكة رسلا إليه، فأعجب عبد الملك بذلك وقال: لوددت أن بعض الخوارج عندي فأخاصمه بهذا الكتاب... إلخ!
ثم أنزل من قدر الخليفة وجعله مساويا للرسول، فقال في خطبة له - كما في سنن أبي داود والعقد الفريد: إن مثل عثمان عند الله كمثل عيسى بن مريم، ثم قرأ الآية: إذ قال الله يا عيسى بن مريم إني متوفيك ورافعك إلي ومطهرك من الذين كفروا وجاعل الذين اتبعوك فوق الذين كفروا إلى يوم القيامة). (13)
وأمر الوليد بن عبد الملك خالد بن عبد الله فحفر بئرا بمكة فجاءت عذبة الماء طيبة، وكان يستقي منها الناس، فقال خالد في خطبته على منبر مكة: أيها الناس أيها أعظم خليفة الرجل على أهله أم رسوله إليهم؟ والله لو لم تعلموا فضل الخليفة! إلا أن إبراهيم خليل الرحمن استسقى فسقاه ملحا أجاجا، واستسقاه الخليفة فسقاه عذبا فراتا!! بئرا حفرها الوليد بن عبد الملك بالثنيتين ثنية طوى وثنية حجون، فكان ينقل ماؤها فيوضع في حوض من أدم إلى جنب زمزم ليعرف فضله على زمزم، قال الراوي: ثم غارت البئر، فذهبت فلا يدرى أين هي اليوم.
هكذا بلغت منزلة الخليفة خاصة أبي بكر وعمر ، فصار من الشروط على الخليفة الجديد بعدهما أن يعمل بكتاب الله وسنة رسوله وسيرة الصديق والفاروق، كما هو ثابت بدون توثيق.
وخطب الحجاج يوما على منبر الكوفة، فذكر الذين يزورون قبر رسول الله فقال:
تبا لهم يطوفون بأعواد ورمة بالية، هلا طافوا بقصر أمير المؤمنين عبد الملك بن مروان، ألا يعلمون أن خليفة الرجل خير من رسوله!!!
وهكذا ارتقت مرتبة الخلافة فوق مرتبة النبوة وبلغ الإسفاف بشيعتها حدا يخجل الإنسان من وصفه.
وفي هذا المناخ التربوي كتبت أحاديث رسول الله بعد 95 سنة من منعها وحصارها!!
المصادر :
1- آراء علماء المسلمين للسيد مرتضى الرضوي صفحة 150، وراجع الشيعة في الميزان صفحة 314
2- آراء علماء المسلمين صفحة 151 - 152 للسيد مرتضى العسكري صفحة 157 - 158
3- كتاب الإعتقاد صفحة 63 طبع طهران.
4- راجع آراء علماء المسلمين صفحة 161 - 162، .
5- تفسير التبيان مجلد 1 صفحة 3
6- أصل الشيعة وأصولها صفحة 133 وصفحة 172 من آراء علماء المسلمين.
7- أجوبة مسائل جار الله صفحة 33 ، وراجع صفحة 169 - 170 من آراء علماء المسلمين لمرتضى العسكري.
8- سنن الدارمي مجلد 1 صفحة 125 ، وسنن أبي داود مجلد 2 صفحة 126 ، ومسند أحمد مجلد 2 صفحة 162 و 207 و 216، ومستدرك الحاكم مجلد 1 صفحة 105 - 106، وجامع بيان العلم وفضله لابن عبد البر مجلد 1 صفحة 85
9- الدر المنثور في التفسير المأثور مجلد 2 صفحة 71. وأراء علماء المسلمين للسيد مرتضى الرضوي صفحة 73 - 76
10- وقعة صفين صفحة 217 تحقيق وشرح عبد السلام محمد هارون، طبع مصر، وصفحة 220، وراجع النهاية في غريب الحديث والأثر مجلد 4 صفحة 87 و 88 وصفحة 75 من آراء علماء المسلمين.
11- تاريخ ابن الأثير مجلد 3 صفحة 199 وراجع فتح الباري مجلد 10 صفحة 197 وصفحة 198، وأخرج القصة بتفصيلها أبو الفرج في الأغاني مجلد 1 صفحة 90 - 91، .
12- تاريخ الإسلام للذهبي مجلد 3 صفحة 18 - 19.
13- سنن أبي داود مجلد 4 صفحة 209، والعقد الفريد مجلد 5 صفحة 51

 



ارسل تعليقاتك
با تشکر، نظر شما پس از بررسی و تایید در سایت قرار خواهد گرفت.
متاسفانه در برقراری ارتباط خطایی رخ داده. لطفاً دوباره تلاش کنید.