هناك أصلين انفرد بهما مذهب الشيعة الإمامية ، ولذلك يُعدّان من أُصول المذهب ، دون أُصول الدين ، لأنّ الثاني عبارة عن الأُصول التي يشترك فيها جميع المسلمين بخلاف أُصول المذهب ، فانّها من خصوصيات مذهب دون مذهب آخر ، وقد تقدّم انّ التوحيد والمعاد والنبوة العامة والخاصة ممّا اتفقت عليه عامة المسلمين دون العدل والإمامة ، فالأوّل قالت به المعتزلة والشيعة ، والثاني انفردت به الشيعة وبالأخص الإمامية منهم ، وقد فرغنا عن بيان العدل ودلائله وشبهاته وحلولها ، فحان البحث في الأصل الثاني وهو الإمامة والخلافة.
وليُعلم انّ أصل الإمامة ممّا اتّفقت عليه كلمة المسلمين إلا بعض الفرق الشاذة ، فالجميع على لزوم وجود إمام يقود الأُمة إلى الصلاح والفلاح ، ويقوم بإدارة البلاد على أفضل وجه ، ويُطبّق الشريعة على صعيد الحياة إلى غير ذلك ممّا كان النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم يقوم به. وهذا ممّا لا خلاف فيه بين المسلمين.
إنّما الكلام في أنّ تعيين النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ونصبه لهذا المنصب ، هل هو بيد الله سبحانه وبذلك يُعَدُّ منصب الإمامة كالنبوة ، منصباً إلهياً ؟ أو بيد الأُمَّة أو بعضهم فتصير الإمامة منصباً اجتماعياً كسائر المناصب الاجتماعية أو السياسية التي يقوم به آحاد الأُمَّة أو طبقة منهم ؟
فالإمامية عن بكرة أبيهم على القول الأوّل ، حيث يرون انّ نصب الإمام بيد الله تبارك وتعالى ويسوقون على ذلك دلائل عقلية وتاريخية ، كما أنّ أهل السنة على القول الثاني ، وبذلك تجاذب تيّاران مختلفان الأُمَّة الإسلامية.
بما انّ أهل السنة يرون الإمامة منصباً اجتماعياً أو سياسياً ، قالوا بأنّ الإمامة من فروع الدين لا من أُصوله ، وهي من أغصان الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وذلك لأنّ تحقيق ذلك الأصل في المجتمع ، أي إشاعة المعروف وتحجيم دور المنكر يتوقف على وجود إمام عادل مبسوط اليد يتمتع بنفوذ على نطاق واسع ، ولذلك يجب على الأُمّة نصب إمام بغية تحقّق الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وإليك سرد كلماتهم في هذا المجال :
لا نزاع في أنّ مباحث الإمامة بعلم الفروع أليق لرجوعها إلى أنّ القيام بالإمامة ونصب الإمام الموصوف بالصفات المخصوصة من فروض الكفايات ، ولا خفاء انّ ذلك من الأحكام العملية دون الاعتقادية. (1)
وعلى هذا فالإمامة أمر لا يناط به الإيمان والكفر ، بل موقفه كسائر الأحكام الشرعية الفرعية التي لا يكفر المنكر إلا إذا استلزم إنكارهُ إنكارَ الرسالة والنبوة لنبينا صلىاللهعليهوآلهوسلم. فلا فرق بين مسألة الإمامة ، ومسألة المسح على الخفين حيث أصبحت مسألة خلافية بين أهل السنّة.
ولكن ـ يا للأسف ـ انّهم ربما يتعاملون مع الإمامة والخلافة بعد النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بغير هذا النحو ، فربما ويُكفرون أو يفسقون من لم يعترف بإمامة الخلفاء عن اجتهاد. ولذلك نرى أنّ إمام الحنابلة ( المتوفّى عام 241 ه ) يذكر خلافة الخلفاء الأربعة في عداد المسائل العقائدية ، وتبعه أبو جعفر الطحاوي ( المتوفّى عام 321 ه ) في « العقيدة الطحاوية » (2) ، وقد تبعهما أكثر من جاء بعدهم كالأشعري ( المتوفّى عام 324 ه ) في كتاب « الإبانة » (3) وعبد القاهر البغدادي ( المتوفّى عام 429 ه ) في « الفرق بين الفرق » (4) ، كلّ ذلك تبعاً لإمام الأشاعرة أو الشيخ الطحاوي الذي أصبح الأخير إماماً للعقيدة في الديار المصرية.
والحقّ هو ما صرّح به عضد الدين الإيجي والتفتازاني من أنّ الإمامة من فروع الدين لا من أُصوله ، وانّ النصب لتحقيق غاية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ولا صلة له بأُصول الدين ، وقد كان النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم يقبَل إسلام من أسلم واعترف بالشهادتين من دون أن يسأله عن واقع الإمامة ، وانّه هل هو منصب إلهي أو اجتماعي ، ومن دون أن يعلمه بلزوم اجتماع الأُمّة بعد رحيله على نصب إمام لهم ، ولم يكن أي أثر من تلك المباحث في عصر النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فلذلك لم يتلق أهل السنّة الإمامة والخلافة بعد النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أمراً أصيلاً من صميم الدين.
نعم أوّل من أدخل خلافة الشيخين في أُصول الدين هو داهية العرب عمروابن العاص عند اجتماعه مع أبي موسى الأشعري في دومة الجندل للتشاور في مسألة التحكيم المعروفة ، ولم يكن هدفه من عدّ خلافة الخليفتين من أُصول الإسلام إلاّ الإطاحة بالإمام علي بن أبي طالب عليهالسلام .
حيث تقدّم عمرو بن العاص بالكلام ، وقال للكاتب : اكتب ، فكتب الشهادة بالتوحيد والرسالة ، ثمّ قال للكاتب : ونشهد انّ أبا بكر خليفة رسول الله ، عمل بكتاب الله وسنّة رسول الله حتى قبضه الله إليه ، وقد أدّى الحق الذي عليه ...
فخرجنا بالنتيجة التالية : انّ منصب الإمامة عندهم منصب اجتماعي يُشبه منصبَ رئاسة الجمهورية في الوقت الحاضر ، أو منصب رئاسة الوزراء في الحكومات الملكية أو ما يشبه ذلك ، ولذلك لا يشترط فيه سوى الكفاءة لإدارة البلاد. ولا ينعزل بالفسق والظلم ولا بأكبر من ذلك ، وما هذا إلاّ لأنّه منصب اجتماعي ، وما أكثر الظلم والفسق في أوساط الأمراء ورؤساء الجمهور ، وإن كنت في شكّ من ذلك فاقرأ ما كتبه عظيم الأشاعرة أبوبكر الباقلاني وغيره.
قال الباقلاني ( المتوفّى عام 403 ه ) : لا ينخلع الإمام بفسقه وظلمه بغصب الأموال ، وضرب الأبشار ، وتناول النفوس المحرمة ، وتضييع الحقوق ، وتعطيل الحدود ، ولا يجب الخروج عليه بل يجب وعظه وتخويفه وترك طاعته في شيء ممّا يدعو إليه من معاصي الله.
وليس الباقلاني نسيج وحده في تلك الفكرة ، بل هي فكرة سادت عبر القرون ، تراها في كلمات الآخرين ، يقول التفتازاني :
ولا ينعزل الإمام بالفسق أو بالخروج عن طاعة الله تعالى والجور ، لأنّه قد ظهر الفسق وانتشر الجور من الأئمّة والأُمراء بعد الخلفاء الراشدين ، والسلف كانوا ينقادون لهم ويقيمون الجُمَع والأعياد بإذنهم ، ولا يرون الخروج عليهم ، ونقل عن كتب الشافعية انّ القاضي ينعزل بالفسق ، بخلاف الإمام ، والفرق انّ في انعزاله ووجوب نصب غيره ، إثارة الفتن لما له من الشوكة بخلاف القاضي. (5)
هذا كلّه عند أئمّة السنة ، وأمّا الشيعة فماهيَّة الإمامة عندهم ، عبارة عن الرئاسة العامة في أُمور الدين والدنيا نيابة عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم .
وبعبارة أُخرى : الإمامة هي استمرار وظائف النبوة ( لا نفس النبوة لانقطاعها برحيل النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فيقوم الإمام بنفس ما كان النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم يقوم به ، فالنبوة ونزول الوحي منقطعة لكن الوظائف الملقاة على عاتق النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم كلّها على عاتق الإمام ، فهو يقوم وراء إدارة البلاد وعمرانها وتوزيع الأرزاق وتأمين السبل والطرق والجهاد في سبيل الله لإشاعة الإسلام وكسر الموانع والعوائق.
فهو يقوم مع هذه الوظائف بوظائف أُخرى ، تطلب لنفسها صلاحيات إلهية وتربية سماوية ، وتلك الوظائف عبارة عن :
1. بيان الأحكام الإسلامية من كليات وجزئيات.
2. تفسير الكتاب العزيز وشرح مقاصده ، وبيان أهدافه ، وكشف رموزه وأسراره.
3. تربية المسلمين ، وتهذيبهم وتزكيتهم وتخليص نفوسهم من شوائب الشرك والكفر والجاهلية.
4. الردّ على الشبهات والتشكيكات التي كان يُلقيها أعداء الإسلام ويوجهونها ضد الدعوة الإسلامية.
5. الحفاظ على الرسالة الإلهية من أية محاولة تحريفية ، ومن أي دسٍّ في التعاليم المقدسة.
فقد كان النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم يقوم بهذه الأُمور معتمداً على الوحي ، فيجب أن يقوم من ناب بها عنه بتعليمٍ غيبيّ حتى لا يطرأ خلل في الحياة الدينيّة.
وعندئذٍ يطرح هذا السؤال نفسه ، وهو إذا كان النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قائماً بهذه الوظائف العلمية والفكرية معتمداً على الوحي ، فكيف يقوم غيره مقامه مع انقطاع الوحي والسفارة من الله سبحانه. والإجابة عن هذا واضحة ، فانّ الفيض الإلهي لم يزل يمدُّ عباده الصالحين وإن لم يكونوا رسلاً وأنبياء ، وهذا هو الذي يعبر عنه بالمحدَّث ، فيلهم إليه وإن لم يكن نبياً من عند الله ، وهذا هو مصاحب
موسى يعرفه سبحانه بقوله : ( فَوَجَدَا عَبْدًا مِّنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْمًا ).
فعلى ذلك فالإشراقات الإلهية على قلوب الصالحين لا تلازم النبوة والرسالة ، بل يكفي أن يكون إنساناً مثالياً ، وهذا هو جليس سليمان يصفه سبحانه بقوله : ( قَالَ الَّذِي عِندَهُ عِلْمٌ مِّنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِندَهُ قَالَ هَٰذَا مِن فَضْلِ رَبِّي ).
وهذا الجليس لم يكن نبيّاً ، ولكن كان عنده علم من الكتاب ، وهو لم يحصِّله من الطرق العادية بل كان علماً إلهياً أُفيض إليه ، لصفاء قلبه وروحه ولأجل ذلك يَنسب علمه إلى فضل ربه ، ويقول : ( هَٰذَا مِن فَضْلِ رَبِّي ).
كما تضافرت الروايات على أنّ في الأُمّة الإسلامية ـ كالأُمم الغابرة ـ رجالاً مخلصين محدَّثين تفاض عليهم حقائق من عالم الغيب من دون أن يكونوا أنبياء ، وإن كنت في شكّ من ذلك فارجع إلى ما رواه أهل السنّة في هذا الموضوع :
أخرج البخاري في صحيحه : « لقد كان في من كان قبلكم من بني إسرائيل يُكلّمون من غير أن يكونوا أنبياء ، فإن يكن من أُمّتي منهم أحد فعمر » (6).
قال القسطلاني : ليس قوله : « فان يكن » للترديد بل للتأكيد ، كقولك : إن يكن لي صديق ففلان ، إذ المراد اختصاصه بكمال الصداقة لا نفي الأصدقاء.
وإذا ثبت أنّ هذا وجد في غير هذه الأُمّة المفضولة ، فوجوده في هذه الأُمّة الفاضلة أحرى (7).
وأخرج البخاري في صحيحه أيضاً بعد حديث الغار : عن أبي هريرة مرفوعاً : أنّه قد كان فيما مضى قبلكم من الأُمم محدَّثون ، إن كان في أُمّتي هذه منهم ، فإنّه عمر بن الخطاب (8).
قال القسطلاني في شرحه : قال المؤلف : يجري على ألسنتهم الصواب من غير نبوّة (9).
وقال الخطابي : يُلقى الشيء في روعه ، فكأنّه قد حُدِّث به يظن فيصيب ، ويخطر الشيء بباله فيكون ، وهي منزلة رفيعة من منازل الأولياء.
وأخرج مسلم في صحيحه في باب فضائل عمر عن عائشة عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : « قد كان في الأُمم قبلكم محدَّثون ، فإن يكن في أُمّتي منهم أحد فإنّ عمر بن الخطاب منهم ».
ورواه ابن الجوزي في صفة الصفوة ، وقال : حديث متّفق عليه.
وأخرجه أبو جعفر الطحاوي في « مشكل الآثار » بطرق شتى عن عائشة وأبي هريرة ، وأخرج قراءة ابن عباس : وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي ولا محدّث. قال : معنىٰ قوله محدَّثون أي ملهمون ، فكان عمر ـ رضي الله عنه ـ ينطق بما كان ينطق مُلهماً.
قال النووي في شرح صحيح مسلم : اختلف تفسير العلماء للمراد ب « محدّثون » ، فقال ابن وهب : ملهمون ، وقيل : مصيبون ، إذا ظنّوا فكأنّهم حُدِّثوا بشيء فظنّوه. وقيل : تكلّمهم الملائكة ، وجاء في رواية : مكلّمون.
وقال البخاري : يجري الصواب على ألسنتهم ، وفيه إثبات كرامات الأولياء.
وقال الحافظ محبّ الدين الطبري في « الرياض » : ومعنى « محدّثون ـ والله أعلم ـ أي ويلهمون الصواب ، ويجوز أن يحمل على ظاهره ، وتحدّثهم الملائكة لا بوحي ، وإنّما بما يطلق عليه اسم حديث ، وتلك فضيلة عظيمة ».
قال القرطبي : محدَّثون ـ بفتح الدال ـ اسم مفعول جمع محدَّث ـ بالفتح ـ أي ملهم أو صادق الظن ، وهو من أُلقي في نفسه شيء على وجه الإلهام والمكاشفة من الملأ الأعلى ، أو من يجري الصواب على لسانه بلا قصد ، أو تكلّمه الملائكة بلا نبوّة ، أو مَن إذا رأى رأياً أو ظنّ ظنّاً أجاب كأنّه حُدِّث به وأُلقي في روعه من عالم الملكوت فيظهر على نحو ما وقع له ، وهذه كرامة يُكرم الله بها من شاء من عباده ، وهذه منزلة جليلة من منازل الأولياء.فإن يكن من أُمّتي منهم أحد فإنّه عمر ، كأنّه جعله في انقطاع قرينة في ذلك كأنّه نبيّ ، فلذلك أتى بلفظ « إن » بصورة الترديد. قال القاضي : ونظير هذا التعليق في الدلالة على التأكيد والاختصاص ، قولك : إن كان لي صديق فهو زيد ، فإنّ قائله لا يريد به الشكّ في صداقته بل المبالغة في أنّ الصداقة مختصّة به لا تتخطّاه إلى غيره.
فإذا كان في الأُمم السالفة رجال بهذا القدر والشأن ، فلِماذا لا يكون في الأُمّة الإسلامية رجال شملتهم العناية الإلهية فأحاطوا بالكتاب والسنّة إحاطة كاملة يرفعون حاجات الأُمّة في مجال العقيدة والتشريع.
فمن زعم أنّ مثل هذه الإفاضة تساوق النبوّة والرسالة ، فقد خلط الأعم بالأخصّ ، إذ النبوّة منصب إلهيّ يقع طرفاً للوحي يسمع كلام الله تعالى ويرى رسول الوحي ، ويكون إمّا صاحب شريعة مستقلّة أو مروّجاً لشريعة من قبله.
وأمّا الإمام : وهو الخازن لعلوم النبوّة في كل ما تحتاج إليه الأُمّة من دون أن يكون طرفاً للوحي أو سامعاً كلامه سبحانه أو رائياً للملك الحامل له. ولإحاطته بعلوم النبوّة طرق أشرنا إليها.
ومن التصوّر الخاطئ : الحكم بأنّ كل من أُلهم من الله سبحانه أو كلّمه الملك فهو نبيّ ورسول ، مع أنّ الذكر الحكيم يعرّف أُناساً ، أُلهموا أو رأوا الملك ولم يكونوا بالنسبة إلى النبوّة في حلّ ولا مرتحل.
هذه أُمّ موسى يقول سبحانه في حقّها : ( وَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ أُمِّ مُوسَىٰ أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلا تَخَافِي وَلا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ المُرْسَلِينَ ).
أفصارت أُمّ موسى بهذا الإلهام نبيّة من الأنبياء ؟
وهذه مريم البتول ، تكلّمها الملائكة من دون أن تكون نبيّة ، قال سبحانه : ( وَإِذْ قَالَتِ المَلائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَىٰ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ ... ).
بلغت مريم العذراء مكاناً شاهدت رسول ربّها المتمثَّل لها بصورة البشر ، قال سبحانه : ( فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا * قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَٰنِ مِنكَ إِن كُنتَ تَقِيًّا * قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لأَهَبَ لَكِ غُلامًا زَكِيًّا * قَالَتْ أَنَّىٰ يَكُونُ لِي غُلامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا * قَالَ كَذَٰلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِّلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِّنَّا وَكَانَ أَمْرًا مَّقْضِيًّا ).
نرى أنّ مريم البتول رأت الملك وسمعت كلامه ولم تُصبح نبيّة ولا رسولة.فمن تدبّر في الكتاب والسنّة يقف على أبدال شملتهم العناية الإلهية ووقفوا على أسرار الشريعة ومكامن الدين بفضل من الله سبحانه من دون أن يصيروا أنبياء.
المصادر :
1- شرح المقاصد : 2 / 271.
2- شرح العقيدة الطحاوية : 471.
3- الابانة في أُصول الديانة : 190 ، الباب 16.
4- الفرق بين الفرق : 350.
5- شرح العقائد النسفية : 185 ـ 186 ، ط اسلامبول.
6- صحيح البخاري : 2 / 149.
7- إرشاد الساري في شرح صحيح البخاري : 6 / 99.
8- صحيح البخاري : 2 / 171.
9- إرشاد الساري في شرح صحيح البخاري : 5 / 431.