نطرح هنا في هذا المضمار من التفاسیر نموذجا حيا من الاسلوب النقلي في التفسیر وناخذ آية الولاية للبحث بعنوان مثال لهذا الغرض ونتعرض لنماذج من کبار المفسرين إلى نموذج في الاتجاهين الأدبي والكلامي .
الآية :
﴿إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ﴾(1).
يقول الشيخ أمين الإسلام أبو علي الفضل بن الحسن الطبرسي (... - 548 هـ) في تفسیره مجمع البيان في تفسير القرآن الذي انتجه في القرن السادس الهجري ، في الاتجاه الأدبي :
اللغة :
الوليّ: هو الّذي يلي النصرة والمعونة والولي هو الّذي يلي تدبير الأمر يقال فلان وليّ المرأة إذا كان يملك تدبير نكاحها ووليّ الدم من كان إليه المطالبة بالقود والسلطان ولي أمر الرعية ويقال لمن يرشحه لخلافته عليهم بعده وليّ عهد المسلمين قال الكميت يمدح عليّاً:
ونعم وليّ الأمر بعد وليّه *** ومنتجع التقوى ونعم المؤدّب
وإنّما أراد وليّ الأمر والقائم بتدبيره قال المبرد في كتاب العبارة عن صفات الله: أصل الوليّ الّذي هو أولى أي أحقّ ومثله المولى.
والركوع هو التطأطؤ المخصوص قال الخليل كلّ شيء ينكب لوجهه فتمسّ ركبته الأرض أو لا يمسّ بعد أن يطأطىء رأسه فهو راكع وأنشد لبيد:
أخبر أخبار القرون الّتي مضت *** أدب كأنّي كلّما قمت راكع
وقال ابن دريد: الراكع الّذي يكبو على وجهه ومنه الركوع في الصلاة، قال الشاعر:
وأفلت حاجب فوق العوالي *** على شقا تركع في الظراب
وقد يوصف الخاضع بأنّه راكع على سبيل التشبيه والمجاز لما يستعمله من التطامن والتطأطؤ وعلى ذلك قول الشاعر:
لا تُهِنِ الفقير علّك أن *** تركع يوماً والدهر قد رفعه
الإعراب :
لفظة [إنّما] مخصّصة لما أثبت بعده نافية لما لم يثبت، يقول القائل لغيره: "إنّما لك عندي درهم فيكون مثل أن يقول أنّه ليس لك عندي إلّا درهم"، وقالوا: "إنّما السخاء حاتم" يريدون نفي السخاء عن غيره والتقدير إنّما السخاء سخاء حاتم فحذف المضاف، والمفهوم من قول القائل إنما أكلت رغيفاً وإنّما لقيت اليوم زيداً نفي أكل أكثر من رغيف ونفي لقاء غير زيد.
وقال الأعشى:
ولست بالأكثر منهم حصى *** وإنّما العزّة للكاثر
أراد نفي العزّة عمّن ليس بكاثر وقوله " وهم راكعون " جملة في موضع النصب على الحال من يؤتون أي يؤتون الزكاة راكعين كما يقال الجواد من يجود بماله وهو ضاحك... (2)
ويقول أبو الحسن عليّ بن إبراهيم القمي رحمه الله (... - 307 هـ) في تفسير القمي
الاتجاه الروائي :
وأما قوله ﴿إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ﴾ فإنّه حدّثني أبي عن صفوان عن أبان بن عثمان بن أبي حمزة الثمالي عن أبي جعفر عليه السلام ، قال: بينما رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم جالس وعنده قوم من اليهود فيهم عبد الله بن سلام، إذ نزلت عليه هذه الآية فخرج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى المسجد فاستقبله سائل، فقال هل أعطاك أحد شيئاً؟ قال نعم، ذاك المصلّي فجاء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فإذا هو عليّ أمير المؤمنين عليه السلام.(3)
ونقل عن الامام الحسن العسکري عليه السلام في التفسیر المنسوب الیه :
الاتجاه الروائي :
قال (أي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ): يا عبد الله بن سلام ﴿إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ﴾ ناصركم الله على اليهود القاصدين بالسوء لك (ورسوله) [إنما] وليك وناصرك (والذين آمنوا الّذين - صفتهم أنّهم - يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون) أي وهم في ركوعهم.
ثم قال: يا عبد الله بن سلام (ومن يتولى الله ورسوله والذين آمنوا) من يتولّاهم، ووالى أولياءهم، وعادى أعداءهم، ولجأ عند المهمّات إلى الله ثمّ إليهم (فإنّ حزب الله) جنده (هم الغالبون) لليهود وسائر الكافرين، أي فلا يهمنك يا بن سلام، فإنّ الله تعالى [هو ناصرك] وهؤلاء أنصارك، وهو كافيك شرور أعدائك وذائد عنك مكايدهم.
فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: يا عبد الله بن سلام أبشر، فقد جعل الله لك أولياء خيراً منهم: الله، ورسوله، والذين آمنوا الّذين يقيمون الصلاة، ويؤتون الزكاة، وهم راكعون.
فقال عبد الله بن سلام: [يا رسول الله] من هؤلاء الّذين آمنوا؟ فنظر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى سائل، فقال: هل أعطاك أحد شيئاً الآن؟ قال: نعم ذلك المصلّي، أشار إلي بأصبعه: أن خذ الخاتم.
فأخذته فنظرت إليه وإلى الخاتم، فإذا هو خاتم عليّ بن أبي طالب عليه السلام.
فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: الله أكبر، هذا وليّكم [بعدي] وأولى الناس بالناس بعدي.(4)
جاء في کتاب التبيان في تفسير القرآن تأليف شيخ الطائفة أبو جعفر محمّد بن الحسن الطوسي (385 - 460 ه) ج3 ص 557 - 562
الاتجاه الكلامي:
واعلم أنّ هذه الآية من الأدلّة الواضحة على إمامة أمير المؤمنين عليه السلام بعد النبيّ بلا فصل. ووجه الدلالة فيها أنّه قد ثبت أنّ الولي في الآية بمعنى الأولى والأحقّ. وثبت أيضاً أنّ المعني بقوله ﴿وَالَّذِينَ آمَنُواْ﴾ أمير المؤمنين عليه السلام فإذا ثبت هذان الأصلان دلّ على إمامته، لأنّ كلّ من قال: "إنّ معنى الولي في الآية ما ذكرناه قال إنّها خاصّة فيه".
ومن قال باختصاصها به عليه السلام قال المراد بها الإمامة.
فإن قيل دلّوا أوّلاً على أنّ الولي يستعمل في اللغة بمعنى الأولى والأحقّ ثمّ على أنّ المراد به في الآية ذلك، ثمّ دلّوا على توجّهها إلى أمير المؤمنين عليه السلام. قلنا: الّذي يدلّ على أنّ الولي يفيد الأولى قول أهل اللغة للسلطان المالك للأمر: فلان ولي الأمر قال الكميت:
ونعم وليّ الأمر بعد وليّه*** ومنتجع التقوى ونعم المؤدّب
ويقولون: فلان ولي عهد المسلمين إذا استخلف للأمر لأنّه أولى بمقام من قبله من غيره وقال النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم: "أيّما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل" يريد من هو أولى بالعقد عليها.
وقال تعالى:﴿فَهَبْ لِي مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا * يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ﴾(5) يعني من يكون أولى بحيازة ميراثي من بني العم.
وقال المبرد: الولي والأولى والأحقّ والمولى بمعنى واحد والأمر فيما ذكرناه ظاهر، فأمّا الّذي يدلّ على أنّ المراد به في الآية ما ذكرناه هو أنّ الله تعالى نفى أن يكون لنا ولي غير الله وغير رسوله، والذين آمنوا بلفظة "إنّما" ولو كان المراد به الموالاة في الدِّين لما خصّ بها المذكورين، لأنّ الموالاة في الدِّين عامّة في المؤمنين كلّهم.
قال الله تعالى ﴿وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ﴾(6)
وإنّما قلنا: إنّ لفظة (إنّما) تفيد التخصيص، لأنّ القائل، إذا قال إنّما لك عندي درهم فُهِم منه نفي ما زاد عليه، وقام مقام قوله: ليس لك عندي إلا درهم. ولذلك يقولون إنّما النحاة المدقّقون البصريون ويريدون نفي التدقيق عن غيرهم.
ومثله قولهم: إنّما السخاء سخاء حاتم، يريدون نفي السخاء عن غيره، قال الأعشى:
ولست بالأكثر منهم حصى *** وإنّما العزّة للكاثر(والأكثر هنا والكاثر بمعنى العدد الكثير وليس هو للتفضيل.)
أراد نفي العزّة عن من ليس بكاثر.
واحتجّ الأنصار بما روي عن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال (إنّما الماء من الماء) في نفي الغسل من غير إنزال.
وادّعى المهاجرون نسخ الخبر، فلولا أنّ الفريقين فهموا التخصيص لما كان الأمر كذلك ولقالوا (إنّما) لا تفيد الاختصاص بوجوب الماء من الماء.
ويدلّ أيضاً على أنّ الولاية في الآية مختصّة أنّه قال: "وليّكم" فخاطب به جميع المؤمنين ودخل فيه النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم وغيره، ثمّ قال ورسوله، فأخرج النبيّ صلّى الله عليه وآله من جملتهم لكونهم مضافين إلى ولايته، فلمّا قال ﴿وَالَّذِينَ آمَنُواْ﴾ وجب أيضاً أن يكون الّذي خوطب بالآية غير الّذي جُعلت له الولاية.
وإلّا أدّى إلى أن يكون المضاف هو المضاف إليه وأدّى إلى أن يكون كلّ واحد منهم وليّ نفسه، وذلك محال. وإذا ثبت أنّ المراد بها في الآية ما ذكرناه، فالّذي يدلّ على أنّ أمير المؤمنين عليه السلام هو المخصوص بها أشياء:
منها - أنّ كلّ من قال: أنّ معنى الولي في الآية معنى الأحقّ قال إنّه هو المخصوص به.
ومن خالف في اختصاص الآية يجعل الآية عامّة في المؤمنين وذلك قد أبطلناه.
ومنها - أنّ الطائفتين المختلفتين الشيعة وأصحاب الحديث رووا أنّ الآية نزلت فيه عليه السلام خاصّة.
ومنها - أنّ الله تعالى وصف الّذين آمنوا بصفات ليست حاصلة إلّا فيه، لأنّه قال: ﴿وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ﴾ فبيّن أنّ المعني بالآية هو الّذي أتى الزكاة في حال الركوع.
وأجمعت الأمّة على أنّه لم يؤت الزكاة في حال الركوع غير أمير المؤمنين عليه السلام ، وليس لأحد أن يقول: إنّ قوله ﴿وَهُمْ رَاكِعُونَ﴾ ليس هو حالاً ﴿وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ﴾ بل المراد به أنّ من صفتهم إيتاء الزكاة، لأنّ ذلك خلاف لأهل العربية، لأنّ القائل إذا قال لغيره لقيت فلاناً، وهو راكب لم يفهم منه إلّا لقاؤه له في حال الركوب، ولم يفهم منه أنّ من شأنه الركوب.
وإذا قال: رأيته وهو جالس أو جاءني وهو ماش لم يفهم من ذلك كلّه إلّا موافقة رؤيته في حال الجلوس أو مجيئه ماشياً. وإذا ثبت ذلك وجب أن يكون حكم الآية مثل ذلك. فإن قيل: ما أنكرتم أن يكون الركوع المذكور في الآية المراد به الخضوع كأنّه قال يؤتون الزكاة خاضعين متواضعين كما قال الشاعر:
ولا تهِنِ الفقير علّك أن *** تركع يوماً والدهر قد رفعه (قائلة الأضبط بن قريع الأسدي.)
والمراد علّك أن تخضع، قلنا الركوع هو التطأطأ المخصوص، وإنّما يقال للخضوع ركوعاً تشبيهاً ومجازاً، لأنّ فيه ضرباً من الانخفاض، يدلّ على ما قلناه نصّ أهل اللغة عليه، قال صاحب العين: كلّ شيء ينكبّ لوجهه فتمسّ ركبتيه الأرض أولا تمسّ بعد أن يطأطئ رأسه فهو راكع قال لبيد:
أخبر أخبار القرون الّتي مضت *** أدب كأنّي كلّما قمت راكع
... وإذا كانت الحقيقة ما قلناه، لم يجز حمل الآية على المجاز.
فإن قيل قوله ﴿وَالَّذِينَ آمَنُواْ﴾ لفظ جمع كيف تحملون ذلك على الواحد؟ قيل: قد يعبّر عن الواحد لفظ الجمع إذا كان معظّماً عالي الذكر قال تعالى﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾(7)
وقال: ﴿رَبِّ ارْجِعُونِ﴾ وقال ﴿وَلَوْ شِئْنَا لَآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا﴾(8) ونظائر ذلك كثيرة.
وقال: ﴿الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ﴾(9)
ولا خلاف في أنّ المراد به واحد، وهو نعيم بن مسعود الأشجعي.
وقال: ﴿أَفِيضُواْ مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ﴾(10)
والمراد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وقال ﴿الَّذِينَ قَالُواْ لإِخْوَانِهِمْ وَقَعَدُواْ لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا﴾(11)
نزلت في عبد الله بن أبي ابن سلول.
فإذا ثبت استعمال ذلك كان قوله: "الذين يقيمون الصلاة" محمولاً على الواحد الّذي قدّمناه.
فإن قيل: لو كانت الآية تفيد الإمامة لوجب أن يكون ذلك إماماً في الحال ولجاز له أن يأمر وينهى ويقوم بما يقوم به الأئمّة. قلنا: من أصحابنا من قال: إنّه كان إماماً في الحال ولكن لم يأمر لوجود النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم وكان وجوده مانعاً من تصرُّفه، فلمّا مضى النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم قام بما كان له.
ومنهم من قال – وهو الّذي نعتمده - أنّ الآية دلّت على فرض طاعته واستحقاقه للإمامة. وهذا كان حاصلاً له. وأمّا التصرُّف فموقوف على ما بعد الوفاة كما يثبت استحقاق الأمر لوليّ العهد في حياة الإمام الّذي قبله وإن لم يجز له التصرُّف في حياته.
وكذلك يثبت استحقاق الوصية للوصي وإن منع من التصرُّف وجود الموصي.
وكذلك القول في الأئمّة وقد استوفينا الكلام على الآية في كتب الإمامة بما لا يحتمل بسطه هاهنا.
فإن قيل: أليس قد روي أنّها نزلت في عبادة بن الصامت أو عبد الله بن سلام وأصحابه؟ فما أنكرتم أن يكون المراد بالذين آمنوا هم دون من ذهبتم إليه؟ قلنا: أول ما نقوله: إنّا دللنا على أنّ هذه الآية نزلت في أمير المؤمنين عليه السلام بنقل الطائفتين، ولما اعتبرناه من اعتبار الصفة المذكورة في الآية وأنّها ليست حاصلة في غيره بطل ما يروى في خلاف ذلك، على أنّ الّذي روي في الخبر من نزولها في عبادة بن الصامت لا ينافي ما قلناه، لأنّ عبادة لمّا تبرّأ من حلف اليهود أُعطي ولاية من تضمّنته الآية، فأمّا ما روي من خبر عبد الله بن سلام فبخلاف ما ذهبوا إليه لأنّه روي أنّ عبد الله بن سلام لمّا أسلم قطعت اليهود حلفه وتبرؤوا منه فاشتدّ ذلك عليه، وعلى أصحابه فأنزل الله تعالى الآية تسلية لعبد الله ابن سلام وأصحابه وأنّه قد عوّضهم من محالفة اليهود، ولاية الله وولاية رسوله وولاية الّذين آمنوا.
والّذي يكشف عمّا قلناه أنّه قد روي أنّها لمّا نزلت خرج النبيّ صلّى الله عليه وآله من البيت، فقال لبعض أصحابه هل أعطى أحد سائلاً شيئاً فقالوا: نعم يا رسول الله قد أعطى عليّ بن أبي طالب السائل خاتمه، وهو راكع. فقال النبيّ صلّى الله عليه وآله الله أكبر قد أنزل الله فيه قرآناً ثمّ تلا الآية إلى آخرها. وفي ذلك بطلان ما قالوه.
خلاصة :
لقد أوردنا اتجاهات في تفسير آية الولاية: ﴿إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ﴾.
1- الاتجاه الأدبي من تفسير مجمع البيان للشيخ الطبرسي من أعلام القرن السادس الهجري.
اللغة: الولي هو الّذي يلي النصرة والمعونة والولي هو الّذي يلي تدبير الأمر وهو أولى أي أحقّ ومثله المولى. والركوع هو التطأطؤ المخصوص. وقد استشهد المؤلف لاستكشاف المعنى بكلام العرب. ثم أورد المؤلّف إعراب الآية.
2- المنهج الروائي: من تفسير القمّي لأبي الحسن عليّ بن إبراهيم القمّي.
ومن تفسير العسكري، المنسوب إلى الإمام أبي محمّد الحسن بن عليّ العسكري عليه السلام.
3- الاتجاه الكلامي من التبيان: للشيخ الطوسي
حيث اعتبر المؤلّف أنّ هذه الآية من الأدلّة الواضحة على إمامة أمير المؤمنين عليه السلام بعد النبيّ بلا فصل. ووجه الدلالة فيها أنّه قد ثبت أنّ الولي في الآية بمعنى الأولى والأحقّ. وثبت أيضاً أنّ المعني بقوله ﴿وَالَّذِينَ آمَنُواْ﴾ أمير المؤمنين عليه السلام فإذا ثبت هذان الأصلان دلّ على إمامته.
ويدلّ أيضاً على أنّ الولاية في الآية مختصّة أنّه قال: "وليّكم" فخاطب به جميع المؤمنين ودخل فيه النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم وغيره،ثم قال ورسوله، فأخرج النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم من جملتهم لكونهم مضافين إلى ولايته، فلمّا قال ﴿وَالَّذِينَ آمَنُواْ﴾ وجب أيضاً أن يكون الّذي خوطب بالآية غير الّذي جعلت له الولاية. وإلّا أدّى إلى أن يكون
المضاف هو المضاف إليه وأدّى إلى أن يكون كلّ واحد منهم ولي نفسه، وذلك محال.
ومنها - أنّ الطائفتين المختلفتين الشيعة وأصحاب الحديث رووا أنّ الآية نزلت فيه عليه السلام خاصّة.
ومنها - أنّ الله تعالى وصف الّذين آمنوا بصفات ليست حاصلة إلّا فيه، لأنه قال: ﴿وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ﴾ فبيّن أنّ المعني بالآية هو الّذي أتى الزكاة في حال الركوع. وأجمعت الأمّة على أنّه لم يؤت الزكاة في حال الركوع غير أمير المؤمنين عليه السلام.
المصادر :
1- سورة المائدة، الآية: 55.
2- مجمع البيان في تفسير القرآن ج3 ص 322 - 323
3- تفسير القمي ج9 ص 11
4- تفسير العسكري منسوب إلى الإمام العسكري عليه السلام ج4 ص 101
5- سورة مريم، الآيتان:5-6.
6- سورة التوبة، الآية: 71.
7- سورة الحجر، الآية: 9.
8- سورة ألم السجدة، الآية: 13.
9- سورة آل عمران، الآية: 173.
10- سورة البقرة، الآية: 199.
11- سورة آل عمران، الآية: 168.