
هل يخفى على أحد ما في الكذب من المنقصة الخسيسة، والسقوط الرذيل، والوبال والخزي ( ولعـذاب الآخرة أخـزى )(1).
قال الله تعالى في سورة النحل، في الآية الخامسة بعد المائة: ( إنّما يَفتري الكذب الذين لا يؤمنون بآيات الله وأولئك هم الكاذبون ) المعتادون بخيانتهم على الكذب وإن كنت لا تلتفت إلاّ إلى قليل من كذبهم وافترائهم.
وفي سورة الزمر، في الآية الثانية والثلاثين: ( فمن أظلم ممن كذب على الله وكذب بالصدق إذ جاءه أليس في جهنم مثوىً للكافرين ).
وفي الآية الستّين: ( ويوم القيامة ترى الذين كذبوا على الله وجوههم مسودة ).
وفي التوراة الرائجة: " لا تكذبوا "(2)
وفي كتاب الأمثال لسليمان: "المتكلّم بالأكاذيب يهلك" (3)
" كراهة الله شفتا كذب " (4).
وفي الأصحاح الثامن من إنجيل يوحنّا، في العدد الرابع والأربعين، في وصف إبليس، ما هذا نصّه: "لأنّه كذّاب وأبو الكذّاب ".
إذن فاقرأ ـ ويا للأسف ـ ما نذكره هنا في الأعداد من الأكاذيب المهولة الفظيعة، وانظر مصادرها الموحشة فيما ذكرنا من الكتب، وقد تركنا كثيراً من ذلك حبّاً للاختصار.
وها هي الأكاذيب المشار إليها في ضمن أعداد، فانظر واعتبر ياذا الرشد والشرف..
رد أكذوبة أنّ القرآن يقول:إن هارون عبد العجل
في كتاب "ثمرة الأماني" المطبوع بالمطبعة الإنگليزية الأمريكانية ببولاق مصر سنة 1911، قال في صحيفة 79:"إنّ القرآن يقول: إن هارون عَبَدَ العجلَ حينما كان أخوه موسى على الجبل" انتهى.
ويا للعجب! أين يقول القرآن ذلك؟! وأي قرآن يقول ذلك؟!
أليس القرآن يقول في الآية التسعين والحادية والتسعين من سورة طه: ( ولقد قال لهم هارون(أي: قال هارون لعبدة العجل) من قبل يا قوم إنما فتنتم به وإن ربكم الرحمن فاتبعوني وأطيعوا أمري * قالوا لن نبرح عليه عاكفين ).
فانظر كيف يبرّئ القرآن هارون من عبادة العجل والمساعدة عليها، واعرف مقدار التقحّم في الكذب في كتاب " ثمرة الأماني ".
ولعل الأيام قد خبّـأت ـ لمصادمة الحقائق بالكذب ـ كتاباً آخر ينسب إلى التوراة ما ذكرناه من القرآن في براءة هارون من شرك العجل، وينسب بأمانته للقرآن ما ذكرته التوراة في سفر الخروج في الأصحاح الثاني والثلاثين، من العدد الأوّل إلى السابع، ما حاصله:
إن بني إسرائيل قالوا لهارون: اصنع لنا آلهة ; فأخذ منهم أقراط الذهب وصنعها لهم عجلا مسبوكاً، فقالوا: هذه آلهتك يا إسرائيل ; فلما رأى هارون إقبالهم على عبادة العـجل بنى أمامه مذبحاً لعبادته بالقرابين والمحرّقات ونادى: غداً حجّ للرب، فبكّروا في الغد وأصعدوا في عبادة العجل محرّقات، وقدّموا ذبائح سلامة.
رد أُكذوبة أن القرآن يقول:إنّ داود أخذ نعجة أخيه
وقال أيضاً كتاب "ثمرة الأمانيّ" في صحيفة 87:" إنّا نقرأ في القرآن أنّ داود أخذ نعجة أخيه" انتهى.
ويا للعجب! أين يذكر القرآن ذلك؟!
وها هو القرآن يذكر مسألة النعجة بين الخصمين اللّذين اختصما إلى داود، فقال من الآية الحادية والعشرين إلى الثالثة والعشرين من سورة ص: ( وهل أتيك نبؤُا الخصمِ إذْ تَسَوَّروا المحراب * إذ دخلوا على داودَ ففزع منهم قالوا لاتخف خصمان بغى بعضنا على بعض فاحكم بيننا بالحق ولا تشطط واهدنا إلى سواء الصراط * إن هذا أخي له تسع وتسعون نعجة ولي نعجة واحدة فقال أكفلنيها وعزّني في الخطاب ).
فالقرآن يقول: إن أحد الخصمين سأل من الذي له نعجة واحدة أن يعطيها إيّاه، ولم يقل: إن أحد الخصمين أخذها ; فكيف يقال: إنّا نقرأ في القرآن أن داود أخذ نعجة أخيه؟! فيا للعجب ما هو ذنب الصدق والأمانة؟!
وإنا نشكر كتاب "ثمرة الأماني" حيث لم ينسب للقرآن ما ذكرته كتبهم التي ينسبونها إلى الوحي الإلهي كما في الأصحاح الحادي عشر من سفر صموئيل الثاني، إذ ذكر ما حاصله:
إن داود عشق امرأة أوريا الحثيّ المجاهد الناصح، وأتى بها وهو يعرف أنها محصنة وأمرأة أوريّا، فزنى بها وحملت منه، فأرسل على أوريا لكي يدخل على امرأته ويواقها فيلتصق به ذلك الحمل الزنائي. ولكن أوريا ذلك المؤمن الكامل المجاهد، أبى أن يستريح إلى بيته مع أن المؤمنين في متاعب الجهاد، بل رجع إلى الجهاد فسعى داود في قتله، فقتل مجاهداً صابراً، فأخذ داود امرأته!!
حاشا أنبياء الله من ذلك.
ردّ أُكذوبة أنّ القرآن يقول:إن إبراهيم كان عابد وثن
وقال أيضاً كتاب "ثمرة الأمانيّ" صحيفة 78، فيما ادّعى أنه يقرأ من القرآن:"وإن إبراهيم كان عابد وثن" انتهى وياللعجب! ولا عجب من بعض الناس، أين يذكر القرآن ذلك؟!
أو ليس قد تكرر في القرآن أن إبراهيم ما كان من المشركين،(5)
1- ونصّها: ( وقالوا كونوا هوداً أو نصارى تهتدوا قل بل ملة إبراهيم حنيفاً وما كان من المشركين ).
2- ونصهما: ( مَاكَانَ إبْرَاهِيمُ يَهُودِيّاً وَلا نَصْرَانِيّاً وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفاً مُسْلِماً وَمَا كَانَ مِنَ المُشْرِكِينَ ). و( قُلْ صَدَقَ اللهُ فَاتَّبِعُوا مِلَّةَ إبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَاكَانَ مِنَ المُشْرِكِينَ ).
3- ونصها: ( قل إنّني هداني ربّي إلى صراط مستقيم ديناً قِيَماً ملّة إبراهيم حنيفاً وما كان من المشركين ).
4- ونصّهما: ( إن إبراهيم كان أُمّة قانتاً لله حنيفاً ولم يك من المشركين ) و ( ثم أوحينا إليك أن اتبع ملّة إبراهيم حنيفاً وما كان من المشركين ).
وانظر: صفحة 125 في فصل: "ملحق من بعض ما تركناه" فهناك تتمة هذا الموضوع.
ردّ النهي عن الإكثار من ذكر الله وتسبيحه وتمجيده وتهليله
وإن كتاب "ثمرة الأمالي" في صحيفة 83 و84 يعيب على المسلمين إكثارهم لذكر الله، وينسب إلى التوراة النهي عن تكرار اسم الله في عبادته، وتشبّث لذلك بقول بعض التراجم في العدد السابع من الأصحاح العشرين من سفر الخروج:"لا تنطق باسم الله إلهك باطـلا، لأن الله لا يبرّئ من نطـق باسمه باطلا".
والترجمة الصحيحة هكذا: "لا تقصد اسم الله إلهك بسوء فإن الله لا يبرّئ من قصد اسمه بسوء".
ويا للعجب! هل في هذا الكلام نهي عن الإكثار من ذكر الله وتسبيحه وتمجيده وقول لا إله إلاّ الله؟! وهل ينسب ذلك إلى هذا الكلام إلاّ من يتعمّد الكذب؟ فلماذا يكّذب "ثمرة الأماليّ" على التوراة لغرضه الفاسد؟!
ردّ مزعمة أن القرآن ودين الإسلام اُمور صبيانية وخرافات
ويقول كتاب "ثمرة الأمانيّ" أيضاً في الصحيفة الثالثة معرضاً بالقرآن ودين الإسلام، زاعماً أنها:"اُمور صبيانية، وخرافات وضلالات منسدلة على أصل التوحيد، وملتفّة عليه منذ اثني عشر قرناً" انتهى.
ويا للعجـب! أيها القارئ، هلّم واحضـر العهد القـديم والجـديد والقرآن، ونقرؤها ونجعل الحكم للوجدان الحرّ، والتوحيد الحقيقي المعقول، والأخلاق الفاضلة، والمدنية، والتعاليم الكريمة ثمّ ننظر هل في القرآن خرافات صبيانية وضلالات؟!
نعم، فيه قوله تعالى في سورة النساء : ( ولا تقولوا ثلاثة انتهوا خيراً لكم إنما الله إله واحد سبحانه أن يكون له ولد ) (6)
وفي هذه الآية أنوار من الحقيقة ساطعة يعشو عنها التثليث البرهميّ والبوذي، وما هناك من أوهام الأقانيم وتجسد الإله وتعدد الآلهة والأرباب، ودع كتاب "ثمرة الأماني" يكذب على دين الإسلام ويفتري!
كشف التلاعب والتحريف في التوراة العبرانية وزيادة لفظتي (أتى) و(أياماً) فيها
وهذا هاشم العربي، في الصحيفة الحادية عشر من الطبعة الأولى، في تذييله المستقلّ لتعريبه لمقالة "سايل" في الإسلام... وهذا الغريب بن العجيب، في الصحيفة السابعة والتسعين من كتاب رحلته الحجازية; كلاهما قالا فيما أشرنا إليه من كتابيهما ما نصّه ولفظه:"وأيضاً ورد في التكوين أن إسماعيل لمّا مات أبوه أتى فدفنه".
فهذان الداعيان إلى الديانة النصرانية قد زادا على التوراة لفظ (أتى) لكي يتشبثّا بهذه الزيادة الكاذبة لترويج غرض لهما فاسد، مع أن هذه الزيادة لا تساعدهما على غرضها!
وهل يخفى أن لفظ (أتى) لا يوجد في هذا المقام، ولا هو ولا ما في معناه، لا في التوراة العبرانية ولا في تراجمها!
وهذا نصّ الموجود في الأصل العبراني، في العدد الثامن والتاسـع مع الأصحاح الخامس والعشرين من سفر التكوين، المسمى في العبرانية: " برئشـيت ": " ويمت إبراهام بشيبه طوب
زقن وشبع وياسف آل عميو وبقبر واتّو يصحق ويشمعئل بنيوال معرت همكفلة" انتهى.
وترجمته الحرفية: "ومات إبراهيم بشيبة صالحة وشبعان وانضم إلى قومه وقبره إسحاق وإسماعيل ابناه في مغارة المكفلة".
ولعل القارئ يقول: إن كـل الذي رأيناه من تراجم التوراة تقول في هذا المقام: " شيخاً وشبعان أيّاماً " مع أنه لا يوجد في الأصل العبراني ولا حواشيه لفظ (أيّاماً) فلماذا لا تجعل زيادة لفظ (أياماً) من الكذب العام على التوراة؟
فنقول: إنه يمكن أن تكون التراجم زادت لفظ (أيّاماً) من أجل سوء الفهم للتوراة، وقصداً لإصلاح خللها، ولم يفطن المترجمون إلى أن المعنى أن إبراهيم مات شيخاً وشبعان، أي مثرياً ليس بفقير..
ولعل القارئ يقول أيضاً: كيف يتصرّفون بتوارتهم بالإصلاح؟! فهل يقولون: إنها نزلت على موسى ناقصة معيبة وهم يصلحونها؟!!
فنقول: قد وقع منهم مثل هذا في كتب وحيهم كثيراً، وزادوا في التراجم على خصوص أسفار التوراة الخمسة مقدار ستين كلمة، وطبعت هذه الزيادات في بعض الطبعات بحرف صغير إشارة إلى زيادتها على الأصل...
ولعل القارئ يسأل ويقول: ما حال هذه الزيادات؟
فنقول: إنّ بعضها إصلاح لغلط التوراة العبرانية، وبعضها من الخطأ في فهم المعنى!
المصادر :
1- سورة فصلت 41: 16.
2- لا [أي: سفر اللاويّين] 19: 11.
3- أم [أي: أمثال سليمان] 19: 9.
4- أم [أي: أمثال سليمان] 12 22.
5- فانظر إلى سورة البقرة الآية 135، وآل عمران 67 و95، والأنعام 161، والنحل 120 و 123.
6- سورة النساء، الآية 171