محمّد الباقر عليه السلام

هو خامس أئمّة أهل البيت الطاهر، المعروف بالباقر ، وقد اشتهر به لبقره العلم وتفجيره له. قال ابن منظور في لسان العرب: لقّب به لأنّه بقر العلم وعرف أصله واستنبط فرعه وتوسّع فيه
Monday, September 12, 2016
الوقت المقدر للدراسة:
مؤلف: علی اکبر مظاهری
موارد بیشتر برای شما
محمّد الباقر عليه السلام
 محمّد الباقر عليه السلام

 





 

هو خامس أئمّة أهل البيت الطاهر، المعروف بالباقر ، وقد اشتهر به لبقره العلم وتفجيره له. قال ابن منظور في لسان العرب: لقّب به لأنّه بقر العلم وعرف أصله واستنبط فرعه وتوسّع فيه(1).
وقال ابن حجر: سمّي بذلك لانّه من بقر الارض أي شقّها، وإثارة مخبآتها، ومكامنها، فكذلك هو أظهر من مخبآت كنوز المعارف وحقائق الاحكام، والحكم واللطائف ما لا يخفى إلاّ على منطمس البصيرة او فاسد الطوية والسريرة، ومن ثمّ قيل فيه هو باقر العلم وجامعه وشاهر علمه ورافعه(2).
وقال ابن كثير: أبو جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، وسمّي بالباقر لبقره العلوم، واستنباطه الحكم، كان ذاكراً خاشعاً صابراً، وكان من سلالة النبوّة، رفيع النسب، عالي الحسب، وكان عارفاً بالخطرات، كثير البكاء والعبرات، معرضاً عن الجدال والخصومات(3).
وقال ابن خلّكان: ابو جعفر محمّد بن زين العابدين، الملقّب بالباقر، أحد الأئمة الإثني عشر في اعتقاد الإمامية، وهو والد جعفر الصادق. كان الباقر عالماً سيّداً كبيراً، وإنّما قيل له الباقر لانّه تَبقَّر في العلم أي توسّع، وفيه يقول الشاعر:
يا باقر العلم لاهل التُقى *** وخير من لبّى على الأجبل(4)
ولد بالمدينة غرة رجب سنة 57 هجري وقيل 56 هجري، وتوفّي في السابع من ذي الحجّة سنة 114 هجري، وعمره الشريف 57 سنة. عاش مع جدّه الحسين - عليه السلام - 4 سنين، ومع ابيه - عليه السلام - بعد جدّه - عليه السلام - تسعاً وثلاثين سنة، وكانت مدة إمامته - عليه السلام - 18 سنة(5).
وأمّا النصوص الدالة على إمامته من أبيه وأجداده والتي ذكرها المحدّثون والمحقّقون من علمائنا الاعلام فهي مستفيضة نقلها الكليني - رضي الله عنه - وغيره.
قال ابن سعد: محمّد الباقر من الطبقة الثالثة من التابعين من المدينة، كان عالماً عابداً ثقة، وروى عنه الائمّة أبو حنيفة وغيره.
قال أبو يوسف: قلت لابي حنيفة: لقيت محمّد بن علي الباقر؟ فقال: نعم وسألته يوماً فقلت له : أراد الله المعاصي؟ فقال: «أفيعصى قهراً»؟ قال ابو حنيفة: فما رأيت جواباً أفحم منه.
وقال عطاء: ما رأيت العلماء عند احد أصغر علماً منهم عند ابي جعفر، لقد رأيت الحكم عنده كأنّه مغلوب، ويعني الحكم بن عيينة، وكان عالماً نبيلاً جليلاً في زمانه.
وذكر المدائني: عن جابر بن عبد الله: أنّه أتى أبا جعفر محمّد بن علي الى الكتاب وهو صغير فقال له: رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يسلّم عليك، فقيل لجابر: وكيف هذا؟ فقال: كنت جالساً عند رسول الله والحسين في حجره وهو يداعبه فقال:«يا جابر يولد مولود اسمه عليّ إذا كان يوم القيامة نادى مناد: ليقم سيّد العابدين فيقوم ولده، ثمّ يولد له ولد، اسمه محمّد ، فإن أدركته يا جابر فاقرأه منّي السلام».
وذكر ابن الصبّاغ المالكي بعد نقل القصّة: إنّ النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم قال لجابر:
«وإن لاقيته فاعلم أنّ بقاءك في الدنيا قليل» فلم يعش جابر بعد ذلك إلاّ ثلاثة أيّام. ثمّ قال: هذه منقبة من مناقبه باقية على ممر الأيّام، وفضيلة شهد له بها الخاص والعام(6).
وقال المفيد: لم يظهر عن احد من ولد الحسن والحسين - عليهما السلام - في علم الدين والآثار والسنّة وعلم القرآن والسيرة وفنون الآداب ما ظهر من أبي جعفر الباقر - عليه السلام -(7).
وروى عنه معالم الدين بقايا الصحابة ووجوه التابعين وفقهاء المسلمين وسارت بذكر كلامه الاخبار وأنشدت في مدائحه الأشعار...(8).
قال ابن حجر: صفا قلبه ، وزكا علمه وعمله، وطهرت نفسه، وشرف خلقه، وعمرت اوقاته بطاعة الله، وله من الرسوم في مقامات العارفين ما تكلّ عنه ألسنة الواصفين، وله كلمات كثيرة في السلوك والمعارف لا تحتملها هذه العجالة(9).
وأمّا مناظراته مع المخالفين فحدّث عنه ولا حرج، وقد جمعها العلاّمة الطبرسي في كتاب الاحتجاج (10).
قال الشيخ المفيد في الارشاد: وجاءت الاخبار: انّ نافع بن الأزرق (11) جاء الى محمّد بن علي فجلس بين يديه يسأله عن مسائل الحلال والحرام.
فقال له أبو حعفر في عرض كلامه:
«قل لهذه المارقة، بم استحللتم فراق امير المؤمنين، وقد سفكتم دماءكم بين يديه في طاعته والقربة الى الله بنصرته؟ فسيقولون لك: إنّه حكَّم في دين الله، فقل لهم: قد حكّم الله تعالى في شريعة نبيّه صلى الله عليه وآله وسلم رجلين من خلقه فقال: {فابعثوا حكماً من أهله وحكماً من أهلها إن يُريدا إصلاحاً يوفّق الله بينهما}،
وحكَّم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سعد بن معاذ في بني قريظة فحكم فيهم بما امضاه الله، أوما علمتم أنّ امير المؤمنين إنّما امر الحكمين أن يحكما بالقرآن ولا يتعدّياه، واشترط ردّ ما خالف القرآن في أحكام الرجال، وقال حين قالوا له: حكّمت على نفسك من حكم عليك؟ فقال: ما حكّمت مخلوقاً وإنما حكّمت كتاب الله.
فأين تجد المارقة تضليل من امر بالحكم بالقرآن، واشترط ردّ ما خالفه لولا ارتكابهم في بدعتهم البهتان»؟ فقال نافع بن الازرق: هذا والله كلام ما مرّ بسمعي قط ولا خطر منّي ببال، وهو الحقّ إن شاء الله.
ثمّ إنّ الشيعة الإمامية اخذت كثيراً من الاحكام الشرعية عنه وعن ولده البار جعفر الصادق وحسب الترتيب المتداول في الكتب الفقهية، حيث روي عنه - عليه السلام - الكثير من الروايات الفقهية التي تناولت مختلف جوانب الحياة، وللاطلاع على ذلك تراجع كتب الفقه وموسوعاته المختلفة.
وأمّا ما روي عنه في الحكَم والمواعظ، فقد نقلها ابو نعيم الاصفهاني في حلية الاولياء، والحسن بن شعبة الحرّاني في تحفه(12).
وقد توفّي الإمام محمّد الباقر - عليه السلام - عام 114 هجري، ودفن في جنب قبر أبيه في البقيع، ومن اراد البحث عن فصول حياته في شتى المجالات فليراجع الموسوعات التي تحفل بها المكتبات العامّة والخاصّة.
المصادر :
1- لسان العرب 4 / 74.
2- الصواعق المحرقة 201.
3- البداية والنهاية 9 / 309.
4- وفيات الأعيان 4 / 174.
5- إعلام الورى بأعلام الهدى 264 - 265.
6- ابن الجوزي: تذكرة الخواص 302 - 303، الفصول المهمّة 215 - 216.
7- الارشاد 262.
8- الفصول المهمّة 210 نقله عن ارشاد الشيخ المفيد 261، فلاحظ.
9- الصواعق المحرقة 301.
10- الاحتجاج 2 / 54 - 69 طبع النجف.
11- الارشاد 265، ولعلّ المناظر هو عبد الله بن نافع بن الازرق، لانّ نافعاً قتل عام 65 من الهجرة وللإمام عندئذ من العمر دون العشرة، وقد نقل ابن شهر آشوب بعض مناظرات الإمام مع عبد الله بن نافع فلاحظ 4 / 201.
12- حلية الأولياء 3 / 180 - 235 وفي بعض ما نقل عنه تأمّل ونظر. والحسن بن علي بن شعبة في تحف العقول 284 - 300.

 



ارسل تعليقاتك
با تشکر، نظر شما پس از بررسی و تایید در سایت قرار خواهد گرفت.
متاسفانه در برقراری ارتباط خطایی رخ داده. لطفاً دوباره تلاش کنید.