قصة حارث الهمداني
معروف أن الحارث الهمداني قال: (يا أميرالمؤمنين، أنا احبك وأخاف من حالتين من حالاتي:حالة النزع، وحالة الممر على الصراط). فأنشد أميرالمؤمنين (عليه افضل الصلاة والسلام) عند ذلك:
ياحار همدان من يمت يرني *** من مؤمن أومنافق قبلا
يعرفني طرفه وأعرفه *** بنعته واسمه وما عملا
وأنت عند الصراط تعرفني *** فلا تخف عثرة ولا زللا
أقول للنار حين توقف *** للعرض: ذريه لا تقربي الرجلا
ذريه لاتقربيه ان له *** حبلا بحبل الوصى متصلا
أسقيك من بارد على ظمأ *** تخاله في الحلاوة العسلا
هذا لنا خالص لشيعتنا *** أعطاني اللّه فيهم الاملا (1)
لزين العابدين (عليه افضل الصلاة والسلام):
لنحن على الحوض ذوّاده *** نذوذ ونسعد ورّاده (2)
وما فاز من فاز الا بنا *** وما خاب من حبنا زاده
ومن سرنا نال منا السرور *** ومن سأنا ساء ميلاده
ومن كان غاصبنا حقنا *** فيوم القيامة ميعاده (3)
وقال النبي (صلی الله عليه وآله وسلم): (يا على، شيعتك هم الفائزون ). (4) وعلى من أهل الجنة بشهادة: (هل اتى على الا نسان ) على ذلك.
وقال اللّه تعالى: (يوم ندعو كل اناس بامامهم ). فيكون الشيعة مع على (عليه افضل الصلاة والسلام) بهذا النص في الجنة.
وكان جابربن عبداللّه الانصاري مع كبر سنه يطوف المدينة سكة فسكة، ويقول واقفافي كل منها مناديا: أيها الناس، سمعت جبيبي رسول اللّه (صلی الله عليه وآله وسلم) يقول: (بوروا أولادكم بحب على بن أبي طالب، فمن أحبه فاعلموا أنه رشدة، ومن أبغضه فاعلموا أنه بغية ). (5)
وفي نكت الفصول: عن النبي (صلی الله عليه وآله وسلم): النظر إلى وجه على عبادة. (6)
وفي مجتبى الصالحاني: عن النبي (صلی الله عليه وآله وسلم): من شك في على (عليه افضل الصلاة والسلام) فهو كافر. (7)
وعن الائمة (عليه افضل الصلاة والسلام): الشك فينا كفر. (8)
وفيه: أنه قال (صلی الله عليه وآله وسلم): مثل على في هذه الامة، كمثل (قل هواللّه أحد) في القرآن. (9)
وفيه أيضا: أنه (عليه افضل الصلاة والسلام) قال: (يدخل من امتي يوم القيامة الجنة سبعون ألفا لاحساب عليهم )ثم التفت إلى على (عليه افضل الصلاة والسلام) وقال: هم من شيعتك يا على، وأنت امامهم. (10)
و ان اللّه قد غفرلك ولاهلك ولشيعتك ولمحبي شيعتك ولمحبي محبي شيعتك. (11) فعلى هذا لايليق للعاقل ولا ينبغي أن يترك مثل هذا الامام، ويختار من ليس له هذه المحامد، واحد من ألف.
والدليل على أن الحق هذا، أن الخلائق يدخلون في حب على ولاينقلون من هاهنا إلى غيره، تصديقا لقوله تعالى: (ورأيت الن اس يدخلون في دين اللّه أفواجا)
الكثرة المذمومة في القرآن
مسألة: أخبر اللّه تعالى أنه يملا الجحيم. والشيعة قوم لاكثرة لهم على رأي المخالف، فلايملا بهم الجحيم، فلابد من املائها حتى يصدق قول اللّه تعالى. ولم يخبر اللّه أنه يملا الجنة، بل كل ألف فرسخ فيه مؤمن فيخص اللّه الملك الواسع بهؤلاء القليلين ويملا ما وعد بالاملاء بالكثيرين. وخاصة، الشيعة قوم ضعفاء، والجنة دار المساكين والضعفاء، والجحيم دارالحكام والاقوياء، والجمهور والسواد الاعظم.وهذا غيرنا.الفرقة الناجية من هذه الامة
سألنا من هذه المذاهب الاسلامية اثنين وسبعين فرقة: من شرالن اس ؟ قالوا بأجمعهم:الروافض، يعني به الشيعة.
وبينهم خصومات، ولكن اذا عارضوا الروافض يصيرون يدا واحدة، ولسانا واحدا، ويخاصمون بهؤلاء، فأخبر [اللّه تعالى ] عن هؤلاء الاشرار بزعمهم: (وقالوا ما لنا لانرى رجالا كنا نعدهم من الا شرار). ومنه قول الصادق (عليه افضل الصلاة والسلام): لا تجد منا اثنين في النارـ ثم قال: لا واللّه، ولاواحدا. (12)
وهذا دليل قوى وبرهان واضح بأن المذهب الحق الذي أخبر النبي (صلی الله عليه وآله وسلم) بأنه ناج هم الشيعة. فتأمل فيه، فانه بعيد الشأن.
وقال النبي (صلی الله عليه وآله وسلم): (ستفترق امتي على ثلاث وسبعين، كلهم في النار الا فرقة واحدة (13).
فقيل: ماهي يا رسول اللّه ؟ ولم يكن محمد(صلی الله عليه وآله وسلم) وأصحابه لا شافعيين ولا حنفيين، بل كانوا على دين اللّه الذي أوحى اللّه به، كما أن الشيعة عليه. ولذلك لاينسبون إلى أحد كما ينسب الخوارج إلى امام فامام.
حديث الغدير
مسألة: معروف أن النبي (صلی الله عليه وآله وسلم) لما رجع عن حجة الوداع، وبلغ غدير خم، ولم يكن هناك منزل يصلح للنزول، بل كان مجمع مسيل الماء، فنزل جبرئيل (عليه افضل الصلاة والسلام) بقوله تعالى: (يا ايهاالرسول بلغ ما انزل اليك من ربك وان لم تفعل فما بلغت رسالته ). وأمره بأن ينزل وينصب عليا خليفة.فقال: يا جبرئيل اني اخاف المنافقين. قال: لابد من القيام به، حتى انه أخذ عنق ناقته، ورده حتى وقع رأسها إلى فخذ الرسول (صلی الله عليه وآله وسلم) وقال: يا محمد، عزيمة لارخصة.
فنزل وشاور عليا في ذلك، فقال: المدينة أصلح لهذا فاني خائف من المنافقين.
فقال: يا رسول اللّه، كنت يوم أحد اقاتل بين يديك في سبيل اللّه وكان هنالك وهن المسلمين و كثرة قتلاهم. ولم يبق منك الا أن اقاتل. فقلت: ما عذر من كتم الحق وأنت ناصره ؟ فأنا أقول اليوم: ما عذر من كتم الحق واللّه عاصمه ؟.
فعند هذا أمر حتى وضعت الاكوار بعضها على بعض وهيئ له شبه المنبر، وكان وقت الهجرة وحر الظهيرة، فلم يستطع الناس الجلوس على الرمال لشدة رمضائها فلفوا أرجلهم بالمناديل، فنادى (بالجامعة )، وصعد المنبر وخطب خطبة، وهي مشهورة بين الناس. ثم قال في آخرها: يا أيها الناس، ألست أولى بكم من أنفسكم ؟ فقالوا جميعا: بلى يا رسول اللّه.
فقال: من كنت مولاه فهذا على مولاه.
وكان يد على (عليه افضل الصلاة والسلام) بيده، فرفعه حتى ظهر ابطه. فلما أقر الناس بامامة على (عليه افضل الصلاة والسلام) نزل من المنبر وأنزل عليا، وأمر الرجال بأن يبايعوه بالخلافة والامامة.
ولما فرغ الرجال أمرالنساء بأن يبايعنه. وضرب لعلي خيمة منفردة، فأمر على أن يحضر بطست، فملاه بالماء ووضع يده فيه، ووضعه على باب خيمته، فجاءت النسوان زرافات ووحدانا، ويسلمن عليه ويقررن ببيعته، ويضعن يدهن بذلك الطست المملوءة بالماء الذي وضع يده فيه أ ولا وجعله بمنزلة يده للنساء.
وكان (عمر) من ساقة القوم، فلما وصل انهى إليه بماجرى، فجاء إلى على، وقال: بخ بخ يا على، أصبحت مولاى ومولى كل مؤمن ومؤمنة إلى يوم القيامة. (14)
وأنشد حسان بن ثابت به هناك بأبيات في ذلك الباب، وفي ذلك اليوم. فأنشاء يقول:
يناديهم يوم الغدير نبيهم *** بخم وأسمع بالرسول مناديا
فقال: فمن مولاكم ووليكم ***فقالوا ولم يبدو هناك التعاديا
الهك مولانا وأنت ولينا *** ومالك منا في المقالة عاصيا
فقال له: قم يا على فانني *** رضيتك من بعدي اماما وهاديا
هناك دعا اللهم وال وليه *** وكن للذي عادى عليا معاديا
فخص بها دون البرية كلها *** عليا، وسماه الوزير المواخيا
فقال له رسول اللّه (صلی الله عليه وآله وسلم): لا تزال يا حسان مؤيدا بروح القدس ما نصرتنابلسانك.، (15)
وكان ذلك مكان يتفرق فيه الناس إلى البلاد والقبائل، لكونه مفرق الطرق فتفرق الناس (16).
قيل: كانوا ستة آلاف، وقيل: كانوا اثني عشر ألفا.
وأورد أكثر المفسرين هذا الباب في تفاسيرهم رواية، وبعضهم أصالة.
والثعلبي والن هروانى (17) كانا من الاولين، والشيرازي من الاخرين.
وذكر محمد بن جرير الطبري في كتابه المسترشد: (18)
أن ثلاث مائة وستين نفساشهدوا بذلك، ومنهم: أبوبكر وعمر والحسن والحسين إلى آخرهم تمام العدد. (19) وقال أبوسعيد الخدري: ما تفرقنا من الغدير حتى نزلت آية (اليوم اكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الا سلام دينا). (20)
فقال النبي (صلی الله عليه وآله وسلم) عند ذلك: الحمدللّه على اكمال الدين واتمام النعمة (21)
ورضا الرب برسالتي، وولاية على بن أبي طالب (عليه افضل الصلاة والسلام) (22).
وكان على (عليه افضل الصلاة والسلام) على منبر الكوفة يخطب الناس يوما فاستشهد، وناشدالقوم بأن كل من حضر غدير خم، وسمع من النبي (صلی الله عليه وآله وسلم) أنه قال: (من كنت مولاه فهذاعلى مولاه فليقم. قال الطبرى في (المسترشد): انه قام ثمانية عشررجلا. فعند التنازع يجب على العاقل التمسك بعلى وترك غيره لهذه الحجة من القرآن.ومسجد غدير بين مكة والمدينة مشهور يزوره الحجاج.
سؤال: لم يوجد للّه ولا للرسول مسجد ولا منبر ولا بلد لهذا الامر حتى اختار غديرا في بعد من الناس ؟ الجواب: لم يوجد للّه [أيضا] مسجد ولا بلد في بعثة موسى (عليه افضل الصلاة والسلام) إلى فرعون وقومه حتى اختار الليلة الظلماء المغيمة الممطرة، مع أن النبوة أنبل من الامامة. ووقع هذا بمحضر اثني عشر ألفا من الناس وقت الضحوة. سؤال: لا يتصور ارتداد هؤلاء الجمهور.
الجواب: لم يرتد من ذلك القوم جماعة من الصلحاء، الا أنهم كانوا خائفين من اظهارذلك. فلما هلك المنافقون أقاموا الشهادة للّه، مع أن قوم موسى (عليه افضل الصلاة والسلام) ارتدوا بعبادة العجل ثمانون ألفا، وروي ثلاث مائة آلاف وثمانون ألفا، وهم كانو أولاد الانبياء(عليه افضل الصلاة والسلام)، (23)
وهؤلاء أولاد المشركين، وهم أيضا مثلهم ثم تابوا بعد ذلك، بل بعد موته. فالامر ثمة أغلظ. فكل ما أجاب به المخالف فهو جوابنا بعينه.
المصادر:
1- بـشـارة الـمـصـطـفـى: 4ـ6, الامالي للطوسي 2: 239, مجالس المفيد: 11, بحار الأنوار 6: 178ـ180 وأيضا 68:121ـ122, نقلا عن بشارة المصطفى.
2- بحار الانوار 46: 91 نقلا عن مناقب آل أبي طالب هكذا: لنحن على الحوض رواده نذود ونسقى رواده
3- بشارة المصطفى: 112... ظالمنا.
4- بشارة المصطفى: 112, بحار الأنوار 46: 91 نقلا عن مناقب آل أبي طالب.
5- تـرجمة الامام على بن أبى طالب 1: 344ـ348, اعلام الورى: 165, مشكاة الانـوار: 80, احقاق الحق 7: 299,نقلا عن: المناقب المرتضوية: 113, درر بحر المناقب: 58 وكنوز الحقائق: 98 ومفتاح النجاة: 61.
6- اعلام الورى: 165, أسنى المطالب: 58, بناء المقالة الفاطمية: 232.
7- المناقب لابن المغازلي: 206ـ207, حلية الاولياء 2: 183, تـاريـخ بـغداد2: 51,ميزان الاعتدال 3: 484, 236, المستدرك على الصحيحين 3: 141.
8- المناقب لابن المغازلي: 45, كشف اليقين: 293, احقاق الحق 4: 333, نقلا عن اخبار اصبهان 2: 183.
9- كشف اليقين: 297.
10- المناقب لابن المغازلي: 69, كشف اليقين: 297.
11- المناقب لابن المغازلي: 293, مشكاة الانوار: 96, المناقب للخوارزمي: 328.
12- المناقب للخوارزمي: 294.
13- بصائرالدرجات: 270, فضائل الشيعة: 41.
14- الفرق بين الفرق: 4. وقريبا منه في: سنن ابن ماجة 2: 1322, المستدرك على الصحيحين 4:430, الامالي للمفيد:30.
15- مـسـند أحمد 4: 281, وأيضا 1: 118, 119, 152, وأيضا 5: 370, سنن الـتـرمذي 5: 298, المناقب لابن المغازلي:16ـ 26,445, ترجمة الامام علي بن أبي طالب 2: 35ـ90, الـدر الـمنثور 2: 298, وأيضا 5: 182, اسد الغابة 4: 28,المعيار والموازنة: 71, 210, تـاريـخ بـغـداد 1: 352, الـولايـة فـي طـرق الـغدير لمحمد بن جرير الطبري بتمامها, اسـبـاب النزول للواحدي: 150, فرائد السمطين 1: 67ـ 85, وراجع أيضا غيرها من المصادر فـي: الغدير 1: 14ـ 158, خلاصة العبقات 6: 56ـ 138, احقاق الحق 2: 415ـ501, الطرائف: 139ـ 153.
16- النور المشتعل من كتاب مانزل من القرآن في على (صلی الله عليه وآله وسلم): 57, اعلام الورى: 140, الغدير1: 232.
17- الغدير 1: 14 (الهامش) و153.
18- معجم المفسرين 1: 212, معجم الادبا 11: 234.
19- حديث الغدير: الغدير 1: 152.
20- السمطين 1: 71, الغدير 1: 11, نقلا عن مصادره.
21- الغدير 1: 43, نقلا عن أبي نعيم الاصبهاني.
22- كمال الدين وتمام النعمة , كما في اعلام الورى: 140.
23- الـنورالمشتعل من كتاب ما نزل من القرآن في على (عليه افضل الصلاة والسلام): 56, احقاق الحق 14: 289.