
نظرنا في القرآن ووجدنا أن اللّه لم يعين لقوم وظيفة . وادرارا ومرسوما، وسهامافي أموال العالمين، وخزائن كافة الخلق، الا لعلي (عليه افضل الصلاة والسلام) ثم أراد أن يزيد شرفه ولايستنكف من أخذه على وجه التحرج،عين سهما لنفسه، وسهما لرسوله، وسهما لعلي (عليه افضل الصلاة والسلام)من غير قيد وشرط، غنيا أوفقيرا.
وجعل الصدقة التى هي وسنح المال عليه حراما، كما قال النبي (صلی الله عليه وآله وسلم): نحن أهل البيت لايحل لنا الصدقة . (1) وقال في حقه : (واعلموا أنما غنمتم من شىء فان للّه خمسه وللرسول ولذى القربى). وجعل باقي سهامه مقيدا بالمسكنة، والفقر، واليتم، ولابد أن يتحول هؤلاء منها الى اخر، ولكن سهام اللّه ورسوله و وليه مطلقة على وتيرة واحدة . وهذه غاية التعظيم له ولذريته في مساهمتهم اللّه ورسوله .
وليس هذا الادرار منه تعالى لمتقدميهم، ولاالزكاة أيضا، لأنهم خرجوا بجاههم في الخلافة عن استحقاق الزكاة . أيضا ولاخذ الزكاة شرائط لم توجد فيهم . وأيضا يأخذ الزكاة الكافر أيضا، كالمؤلفة قلوبهم، والساعي، وغير ذلك .
ولما وجدنا عليا(عليه افضل الصلاة والسلام) وأهل بيته معظمين مكرمين من عنداللّه بهذه الكرامة ولم يكن لغيرهم هذا، وجب لنا الاقتداء بهم وترك غيرهم .
أمر الوصاية عند الانبياء
في كتاب الزينة لاهل السنة في الجلد الثالث أن النبي (صلی الله عليه وآله وسلم) قال :ان اللّه تعالى بعث أربعة آلاف نبى وجعل لهم أربعة آلاف وصى وثمانية آلاف سبط. واللّه أنا خير الأنبياء و وصيي خير الاوصياء وسبطاي خير الاسباط. (2)
فعلى هذا قال اللّه تعالى فيه : (قل ما كنت بدعا من الرسل )، وقال : (سنة من قد أرسلنا قبلك من رسلنا ولا تجد لسنتنا تحويلا). وقال النبي (صلی الله عليه وآله وسلم) كائن في امتي ما كان في بني اسرائيل . (3)
فعلى هذا يجب أن يكون لمحمد(صلی الله عليه وآله وسلم) أيضا وصى وسبطان .
والمخالف يقول : مات محمد(صلی الله عليه وآله وسلم) ولم يستخلف، (4)
ولم يترك شيئا يوصي به .فالبناء على هذا الخبر وصحته، بقي الوصاية لعلي ولاولاده (صلی الله عليه وآله وسلم).
حديث السفينة
ورد في كتاب الشهاب للقاضي القضاعي أن النبي (صلی الله عليه وآله وسلم) قال :مثل أهل بيتي كمثل سفينة نوح، من ركب فيها نجا ومن تخلف عنها غرق . (وهوى ).
فمن تمس ك بعلى (عليه افضل الصلاة والسلام) نجا من النار ومن تمسك بغيره استقر في سواء الجحيم .فالتمسك به هوالاحتياط والاوجب .
اتفاق الامة على عدل علي (عليه افضل الصلاة والسلام)
على (عليه افضل الصلاة والسلام) هوالمتفق عليه في العدالة والمجمع عليه، لكن وقع الخلاف في عصمته .
وغيره من متقدميه هم المتفق عليهم بارتفاع العصمة عنهم، واختلف في عدالتهم، فعندالتنازع التمسك بمتفق العدالة أولى من المختلف فيها، يعني في عدالته . (5)
اتفاق الامة علي امامته (عليه افضل الصلاة والسلام)
على (عليه افضل الصلاة والسلام) أجمع الناس في امامته ولو يوما ولم يجمع في خلافة متقدميه ولوساعة .
ويعين ذلك أن أباحنيفة قال : (على (عليه افضل الصلاة والسلام) امام إلى يوم التحكيم )، (6)
لكن يكذبه حديث : (الخلافة بعدي ثلاثون سنة ). والشافعي قال : إلى يوم موته، بعده الخلافة للحسن والحسين عليه افضل الصلاة والسلام) وأجمع كافة الخلق في امامته لكن اختلفوا أنها بعد النبي (صلی الله عليه وآله وسلم) بلافصل أو مع الفصل .
فعند التزلزل والتنازع التمسك بمن هو امام على كل حال أولى ممن لم يجمع الناس على خلافته .
علي مع القرآن
ورد في كتاب نكت الفصول عن صحيح الحاكم أن النبي (صلی الله عليه وآله وسلم) قال : على مع القرآن والقرآن مع على، لن يفترقا حتى يردا على الحوض . وأجمع الرواة أنه (صلی الله عليه وآله وسلم) قال : اني تارك فيكم الثقلين : كتاب اللّه وعترتي، ما ان تمسكتم بهما لن تضلوا. (7)وجعل العترة قرين القرآن والتمسك بهما هداية اللّه، لاضلالة، ولم يفرق بين القرآن والعترة، وقال : (انهما لن يفترقا أبدا). فمن تمسك بواحد منهما كمن تمسك بخر، فاذاكان على (عليه افضل الصلاة والسلام) بهذه المنزلة فأي عاقل يترك مثله ويتمسك بمن ليس له هذه المنزلة ؟
حديث المنزلة
مسألة : اتفق العلماء على أن النبي (صلی الله عليه وآله وسلم) قال : أنت مني بمنزلة هارون من موسى غير أنه لا نبى بعدي . (8) ونصبه في المدينة استخلافا، ولم يعزله عنها. فسنته باقية إلى يوم موته، كما أن خلافة هارون كانت باقية إلى يوم موته لا ن عزل النبي عن النبوة محال، فالتمسك بعلى حينئذ أولى من غيره .حديث (لايتقدمك الا كافر)
أورد أبوالقاسم المأموني الخوارزمي في كتاب الحاوية أنه (صلی الله عليه وآله وسلم) قال : يا على لايتقدمك بعدي الا كافر، ولا يتأخر عنك الا كافر.حديث (أنا مدينة العلم) وغيره
ورد في خطبة تفسير أبي بكر الشيرازي : أنه (صلی الله عليه وآله وسلم) قال : على خيرالبشر، ومن أبى فقد كفر، فمع وجود خيرالبشر لايتمسك بمن ليس هو كذلك .وذكرنا أن الناس اتفقوا على خبر (أنا مدينة العلم و علي بابها. (وقال اللّه تعالى : (وأتوا البيوت من أبوابها). فأورد بلفظ الجمع، لان كل امام باب للنبوة، فأهل كل زمان يدخلون مدينة النبي (صلی الله عليه وآله وسلم)من بابه، وباب زماننا المهدى (عليه افضل الصلاة والسلام).
وان لم تحمل على هذا يبقى معنى الاية عبثالغوا، لا ن كل حيوان يدري أنه يدخل في مكمنه من باب فكيف لايعلم العاقل هذاالنوع .
بيعة أبي بكر عن لسان عمر
قال عمر في أبي بكر اتفاقا للعالمين على صحته : (كانت بيعة أبي بكر فلتة، وقى اللّه شرها، فمن عاد إلى مثلها فاقتلوه ). (9)والشر لايقع الا من الشرير. والفلتة أمر يقع من غير فكر ومشورة العقلاء ورأي الاكياس . فهذا يدل على أن أمره لم يكن بالاجماع، بل بانتهاز الفرصة، ولذلك وضع عمر أمر الخلافة في الشورى . (10)
المصادر :
1- مسند أحمد 1: 201, 2:444, سنن الترمذي 2: 84, النقض : 615.
2- نفس الحديث في : كفاية الاثر:80, بحار الأنوار 36: 312, نقلا عنه , وراجع في هذا: احقاق الحق 5: 103ـ109.
3- سنن ابن ماجة 2: 1322.
4- شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 1: 185.
5- أصول الدين للبغدادى : 277ـ 278 وراجع تفصيل الكلام في هذا المقام : تلخيص الشافي 1: 252ـ253, تقريب المعارف : 118.
6- مـسند أحمد 3: 14ـ17, المناقب لابن المغازلي : 234ـ236, الامالي للمفيد: 135, الطرائف : 113, كشف اليقين :335.
7- مـسند أحمد 1: 175, ترجمة الامام علي بن أبي طالب 1: 281ـ 350, اعلام الـورى : 171 و172 و188, سـنـن الـترمذي 5: 304, المناقب لابن المغازلي , 27ـ 26, كشف الـمراد: 290 و311, كشف اليقين : 279, الرسالة السعدية : 24,الطرائف : 51, ارشاد الطالبين : 350.
8- التوحيد الصدوق : 307, ترجمة الامام علي بن أبي طالب 2: 462, المناقب لابن الـمـغازلي : 427, سنن الترمذي :5: 301, النقض : 434, كفاية الطالب : 220, المجازات النبوية للشريف الرضي : 144.
9- مـسـند أحمد 1: 55, صحيح البخاري 8: 25 و26, التمهيد للباقلاني : 196, الـسيرة النبوية لابن هشام 4: 307,308, تلخيص الشافي 2: 104, شرح تجريد العقائد: 371, كـشـف الـمراد: 294, الرسائل العشر: 123, شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 2: 26و29, الايضاح : 134, نهج الحق وكشف الصدق : 264, المعيار والموازنة : 38, و...
10- شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 1: 185, الإمامة والسياسة 1: 23 و24, شرح تجريد العقائد: 371.