لقد أثنى على الإمام الرضا (عليه السلام) كثير من الشعراء، سواء كان ذلك في حياته أو بعد شهادته، من المتقدمين والمتأخرين وعلى مر العصور وكر الدهور، وذلك لانبهارهم بفضائله وكراماته الظاهرة في حياته وبعد شهادته، فراحوا يصفون ويصورون ما يخالج نفوسهم من الولاء والحب، ويستعرضون مناقبه وتأريخه ومواقفه المختلفة. وفيما يلي نماذج من القصائد التي استعرض فيها الشعراء جوانب من حياة الإمام المفدى (عليه السلام) وبينوا فضائله ومناقبه وتأريخه السياسي وما إلى ذلك من الأبعاد المتعددة في حياة الإمام (عليه السلام)، وقد رتبناها وفقا لتسلسل أسماء الشعراء حسب الحروف:
إبراهيم بن إسماعيل:
في (نهاية الإرب): قال إبراهيم بن إسماعيل في الإمام علي بن موسى الرضا (عليه السلام):إن الرزية يا بن موسى لم تدع * في العين بعدك للمصائب مدمعا
والصبر يحمد في المواطن كلها * والصبر أن نبكي عليك ونجزعا (1)
إبراهيم بن العباس الصولي
(هو إبراهيم بن العباس بن محمد بن صول، أبو إسحاق، أصله من خراسان، وكان جده محمد من دعاة الدولة العباسية ورجالها، وكان كاتبا للمعتصم والواثق والمتوكل، وتنقل في الأعمال والدواوين إلى أن مات سنة 243 ه. قال المسعودي: لا يعلم فيمن تقدم وتأخر من الكتاب أشعر منه.): قال :ألا إن خير الناس نفسا ووالدا * ورهطا وأجدادا علي المعظم
أتتنا به للحلم والعلم ثامنا * إماما يؤدي حجة الله تكتم (3)
وقال يخاطب الإمام علي بن موسى الرضا (عليه السلام) ويفضله على المأمون:
كفى بفعال امرئ عالم * على أهله عادلا شاهدا
يرى لهم طارفا مونقا * ولا يشبه الطارف التالدا (4)
يمن عليكم بأموالكم * وتعطون من مائة واحدا
فلا يحمد الله مستنصرا * يكون لأعدائكم حامدا فضلت قسيمك في قعدد * كما فضل الوالد الوالدا
ابن حماد
(هو أبو الحسن علي بن حماد بن عبيد الله بن حماد العدوي البصري، علم من أعلام الشيعة، وفذ من علمائها، ومن مشاهير شعرائها، ومن حفظة الحديث المعاصرين للشيخ الصدوق ونظرائه. وأدركه النجاشي حيث قال في رجاله: قد رأيته، ولد في أوائل القرن الرابع، وتوفي في أواخره، وهو من المكثرين في أهل البيت (عليهم السلام) مدحا ورثاء، وقد عده ابن شهرآشوب في المجاهرين من شعرائهم (عليهم السلام)، وجمع العلامة السماوي شعره فيهم (عليهم السلام) مدحا ورثاء في ديوان يربو على 2200 بيت. الغدير 4: 153. ): قال في مدحه (عليه السلام):ساقها شوقي إلى طوس * ومن تحويه طوس
مشهد فيه الرضا * العالم والحبر النفيس
ذاك بحر العلم وال* - حكمة إن قاس مقيس ذاك نور الله لا يطفى * له قط طميس (5)
قال ابن شهرآشوب: وروي أنه أتته ظبية فلاذت به. قال ابن حماد:
الذي لاذ به * الظبية والقوم جلوس
من أبوه المرتضى * يزكو ويعلو ويروس (6)
ابن المشيع المدني
(عده ابن شهرآشوب من شعراء أهل البيت المتقين، وهو في المناقب والمعالم لابن شهرآشوب (المشيع)، واستظهر السيد محسن الأمين في الأعيان سقوط لفظة (ابن) من أوله. أعيان الشيعة 2: 272. ): روى الشيخ الصدوق بإسناده عن أحمد بن علي الأنصاري، قال:قال ابن المشيع المدني يرثي الرضا (عليه السلام):
يا بقعة مات بها سيدي * ما مثله في الناس من سيد
مات الهدى من بعده والندى * وشمر الموت به يقتدي
لا زال غيث الله يا قبره * عليك منه رائحا مغتدي
كان لنا غيثا به نرتوي * وكان كالنجم به نهتدي
إن عليا بن موسى الرضا * قد حل والسؤدد
في ملحد يا عين فابكي بدم بعده * على انقراض المجد والسؤدد (7)
أبو بكر الخوارزمي
(هو محمد بن العباس الخوارزمي، ولد سنة 323 هـ بخوارزم، وتوفي سنة 383 هبنيسابور، أحد الشعراء العلماء في اللغة ومعرفة الأنساب، له ديوان شعر ورسائل. الكنى والألقاب 1: 22، أعلام الزركلي 6: 183. ):يا هارون من أمره بدعه * جاورت قبرا قربه رفعه
تريد أن تفلح من أجله * لن تدخل الجنة بالشفعه (8)
أبو عبد الله بن الحجاج
(هو الشيخ أبو عبد الله الحسين بن أحمد بن الحجاج الكاتب البغدادي، كان فاضلا شاعرا أديبا، عده ابن شهرآشوب في معالم العلماء من شعراء أهل البيت، وكان معاصرا للشريف 83: الرضي وأخيه الشريف المرتضى. أمل الآمل 2: 88.2):يا بن من تؤثر المكارم عنه * ومعالي الآداب تمتار عنه
من سمى الرضا علي بن موسى * رضي الله عن أبيه وعنه (9)
أبو فراس الحمداني
(هو الحارث بن سعيد بن حمدان التغلبي الربعي، أبو فراس، أمير شاعر، وهو ابن عم سيف الدولة، وكان الصاحب بن عباد يقول: بدئ الشعر بملك وختم بملك - يعني امرئ القيس وأبا فراس - وله وقائع كثيرة قاتل بها بين يدي سيف الدولة الحمداني، وتقلد إمارة حران ومنبج، وقتل سنة 357 ه، وله من العمر نحو 37 سنة.):قال من قصيدته الشافية:
الدين مخترم والحق مهتضم * وفئ آل رسول الله مقتسم
يا للرجال أما لله منتصف * من الطغاة ولا للدين منتقم
بنو علي رعايا في ديارهم * والأرض تملكها النسوان والخدم
لا يطغين بني العباس ملكهم * بنو علي مواليهم وإن زعموا
أتفخرون عليهم لا أبا لكم * حتى كأن رسول الله جدكم
وما توازن يوما بينكم شرف * ولا تساوت بكم في موطن قدم
لا بيعة ردعتكم عن دمائهم * ولا يمين ولا قربى ولا ذمم
أأنتم آله فيما ترون وفي * أظفاركم من بنيه الطاهرين دم
ليس الرشيد كموسى في القياس ولا * مأمونكم كالرضا إن أنصف الحكم
باءوا بقتل الرضا من بعد بيعته * وأبصروا بعض يوم رشدهم وعموا
يا عصبة شقيت من بعد ما سعدت * ومعشر هلكوا من بعد ما سلموا (10)
أبو محمد اليزيدي
(هو أبو محمد يحيى بن المبارك بن المغيرة العدوي، أديب ولغوي ومؤدب، ولد سنة 138 ه، وتوفي بمرو سنة 202 ه،): روى الشيخ الصدوق بالإسناد عن محمد بن يحيى الصولي، قال: أنشدني عون بن محمد، قال: أنشدني منصور بن طلحة، قال أبو طلحة: قال أبو محمد اليزيدي: لما مات الرضا (عليه السلام)(11) رثيته فقلت:ما لطوس لا قدس الله طوسا * كل يوم تحوز علقا نفيسا
بدأت بالرشيد فاقتنصته * وثنت بالرضا علي بن موسى
بإمام لا كالأئمة فضلا * فسعود الزمان عادت نحوسا (12)
أبو نؤاس (الحسن بن هانئ)
(هو الحسن بن هانئ بن عبد الأول بن صباح الحكمي بالولاء، أبو نؤاس، شاعر العراق في عصره، ولد في الأهواز، ونشأ بالبصرة، ورحل إلى بغداد، فاتصل فيها بالخلفاء من بني العباس، فمدح بعضهم، وخرج إلى دمشق ومصر، ومدح أمير مصر الخصيب، وعاد إلى بغداد فأقام بها، وقد اختلف في سنة وفاته، فقيل: سنة 198 ه، وقيل: سنة 196 ه، وقيل غير ذلك، وبناء على مدحه الرضا (عليه السلام) فإنه توفي بعد سنة 202 ه، ولعله ورد مرو أيضا. الأعلام للزركلي 2: 2251):1 - روى الشيخ الصدوق بالإسناد عن علي بن محمد بن سليمان النوفلي، قال: إن المأمون لما جعل علي بن موسى الرضا (عليه السلام) ولي عهده، وإن الشعراء قصدوا المأمون ووصلهم بأموال جمة حين مدحوا الرضا (عليه السلام)، وصوبوا رأي المأمون في الأشعار دون أبي نؤاس، فإنه لم يقصده ولم يمدحه، ودخل على المأمون فقال له: يا أبا نؤاس، قد علمت مكان علي بن موسى الرضا مني، وما أكرمته به، فلماذا أخرت مدحه وأنت شاعر زمانك، وقريع دهرك، فأنشد يقول:
قيل لي أنت أوحد الناس طرا * في فنون من الكلام النبيه
لك من جوهر الكلام بديع * يثمر الدر في يدي مجتنيه
فعلى م تركت مدح ابن موسى * والخصال التي تجمعن فيه
قلت لا أهتدي لمدح إمام * كان جبريل خادما لأبيه
فقال له المأمون: أحسنت، ووصله من المال بمثل الذي وصل به كافة الشعراء، وفضله عليهم (13).
2 - وعنه بإسناده عن أبي الحسن محمد بن يحيى الفارسي، قال: نظر أبو نؤاس إلى أبي الحسن علي بن موسى الرضا (عليه السلام) ذات يوم وقد خرج من عند المأمون على بغلة له، فدنا منه أبو نؤاس، فسلم عليه وقال: يا بن رسول الله، قد قلت فيك أبياتا فأحب أن تسمعها مني. قال: هات. فأنشأ يقول:
مطهرون نقيات ثيابهم * تجري الصلاة عليهم أينما ذكروا
من لم يكن علويا حين تنسبه * فما له في قديم الدهر مفتخر
الله لما برا خلقا فأتقنه * صفاكم واصطفاكم أيها البشر
فأنتم الملأ الأعلى وعندكم * علم الكتاب وما جاءت به السور
فقال الرضا (عليه السلام): قد جئتنا بأبيات ما سبقك إليها أحد، ثم قال: يا غلام، هل معك من نفقتنا شيء؟ فقال: ثلاثمائة دينار. فقال: أعطها إياه. ثم قال (عليه السلام): لعله استقلها، يا غلام سق إليه البغلة (14).
3 - وعنه بالإسناد عن أبي بكر محمد بن يحيى الصولي، قال: سمعت أبا العباس محمد بن يزيد المبرد يقول: خرج أبو نؤاس ذات يوم من داره، فبصر براكب قد حاذاه، فسئل عنه ولم ير وجهه، فقيل:
إنه علي بن موسى الرضا (عليه السلام)، فأنشأ يقول:
إذا أبصرتك العين من بعد غاية * وعارض فيك الشك أثبتك القلب
ولو أن قوما أمموك لقادهم * نسيمك حتى يستدل به الركب (15)
الشيخ أحمد آل عصفور:
قصدتك يا أرضا أتاها الرضا قسرا * وذلك عن أمر الدعي له جهرالثمت ثراك عندما بان بيرق * يرفرف من بعد على القبة النورا
حثثت ركابي قاصدا لرحاب من * أريد به ذخرا وأرجوه للأخرى
فلسنا ننال القرب إلا بقربهم * ولسنا ننال الخلد إلا بهم طرا
ولكنني مع طول مكثي عنده * فلم أك أحضر بالدنو له نثرا
لكثرة من هم يحدقون بقبره * يطوفون حسنا واجدا لم أجد بشرا
وجدت حديثا مرسلا جاء عنكم * يقول بأن الزائرين له نذرا
فقلت له مولاي صح حديثكم * وإني لما قد جاء عنكم له أقرا
وتفسيره أن الذين أتوا لكم * لأصحاب أهل البيت هم به أدرى
فقلت لشخص جاء يبقى جواركم * وقد هجر الأوطان والأهل والوفرا (16)
الشيخ أحمد القطيفي (هو الشيخ العلامة أحمد بن الشيخ صالح بن الطحان):
1 - قال في مدحه (عليه السلام):
للإمام الرضا مناقب شتى * قد روتها الأصحاب والأعداء
يعجز الحاسبون عن نشر بعض * ومحال لكلها الإحصاء
كم أتاح العدى له مهلكات * فيجئ الرضا منها الرخاء
سل بها بركة السباع ففيها * معجز للولي فيه الشفاء
رام منها الرشيد فيها افتراسا * للرضا روحنا إليه الفداء
فأتته لعزه خاضعات * إذ بدى من بهائه الكبرياء
وانثنى الرجس خاطبا ذاك فضل الله يؤتيه من عباده من يشاء
وبطبع الحصاة أجلى دليل * أنه للهدى إمام سواء
مظهر أنه خليفة من في * كفه سبح الإله الحصاء
وبرفع الستور رفع ستور * عن مزايا لهن منه اعتناء
فعليه السلام باق متى ما * أضحك الأرض من سماء بكاء (17)
2 - وقال أيضا:
قل في ابن موسى الرضا ما شئت من * مدح فمنتهى المدح في علياه تقصير
فكلما ستر الأعداء مناقبه * فأتاهم من نكال الله تخسير
كم حاول الغادر المأمون غائلة * فآب وهو قريح القلب مثبور
قد ذاد شيعته عنه وأحضره * بمجلس هو مشهود ومشهور
فجد في زبره ثم استخف به * فقام وهو سخين الدمع مقهور
يدعو الإله بأسماء معظمة * وصوته فيه للجلمود تفجير
ففاجأته من الله العقوبة إذ * دعا عليه الرضا والحق منصور
فنال ما نال من ذل ومسخرة * وما نساه من الجبار تحذير
فدس قوما له في الليل يقدمهم * صبيح الديلمي والكل مأمور
أن قطعوه ولا تبقوا له رمقا * واطووا البساط به والأمر مستور
فقطعوه ولفوا بالبساط كما * شاء اللعين فأخطته المقادير
يريد إطفاء نور الله جل ويأبى * الله أن يتوارى ذلك النور (18)
أشجع بن عمرو السلمي
(كان شاعرا مفلقا مكثرا، معدودا في فحول الشعراء، عده ابن شهرآشوب في شعراء أهل البيت (عليهم السلام) المتكلفين، وفي أمالي الشيخ الطوسي: أنه قال في الإمام الصادق (عليه السلام) مدحا فأكرمه خاتمه وأربعمائة درهم. أعيان الشيعة 3: 447. ): قال أبو الفرج الإصفهاني: وقال أشجع بن عمرو السلمي يرثيه، هكذا أنشدنيها علي بن الحسين بن علي بن حمزة، عن عمه، وذكر أنها لما شاعت غير أشجع ألفاظها، فجعلها في الرشيد:يا صاحب العيس يحدي في أزمتها * اسمع وأسمع غدا يا صاحب العيس
أقر السلام على قبر بطوس ولا * تقر السلام ولا النعمى على طوس
فقد أصاب قلوب المسلمين بها * روع وأفرخ فيها روع إبليس
وأخلست واحد الدنيا وسيدها * فأي مختلس منا ومخلوس
ولو بدا الموت حتى يستدير به * لاقى وجوه رجال دونه شوس
بؤسا لطوس فما كانت منازله * مما تخوفه الأيام بالبوس
معرس حيث لا تعريس ملتبس * يا طول ذلك من نأي وتعريس
إن المنايا أنالته مخالبها * ودونه عسكر جم الكراديس
أوفى عليه الردى في خيس أشبله * والموت يلقي أبا الأشبال في الخيس (19)
ما زال مقتبسا من نور والده * إلى النبي ضياء غير مقبوس
في منبت نهضت فيه فروعهم * بباسق في بطاح الملك مغروس
والفرع لا يرتقي إلا على ثقة * من القواعد والدنيا بتأسيس
لا يوم أولى بتخريق الجيوب و* لطم الخدود ولا جدع المعاطيس
من يوم طوس الذي نادت بروعته * لنا النعاة وأفواه القراطيس
حقا بأن الرضا أودى الزمان به * ما يطلب الموت إلا كل منفوس
ذا اللحظتين وذا اليومين مفترش * رمسا كآخر في يومين مرموس
بمطلع الشمس وافته منيته * ما كان يوم الردى عنه بمحبوس
يا نازلا جدثا في غير منزله * ويا فريسة يوم غير مفروس
لبست ثوب البلى أعزر علي به * لبسا جديدا وثوبا غير ملبوس
صلى عليك الذي قد كنت تعبده * تحت الهواجر في تلك الأماليس
لولا مناقضة الدنيا محاسنها * لما تقايسها أهل المقاييس
أحلك الله دارا غير زائلة * في منزل برسول الله مأنوس
قال أبو الفرج: هذه القصيدة ذكر محمد بن علي بن حمزة أنها في علي بن موسى الرضا (عليه السلام) (20).
البحتري
(هو أبو عبادة الوليد بن عبيد الطائي البحتري، ولد سنة 206، ومات سنة 284 ه، أعيان الشيعة 10: 274، والظاهر من تأريخ ولادته أنه لم يقل هذا الشعر في الإمام الرضا (عليه السلام)، لكنا ذكرناه لأن ابن شهرآشوب أورده ضمن مدائح الرضا (عليه السلام) ونسبه للبحتري، ولعله رآه مناسبا لوصف الإمام الرضا (عليه السلام) حين خرج لصلاة العيد، فأورده في مدحه (عليه السلام) مع علمه بأن الشاعر لم يرد الإمام (عليه السلام) وأنه متأخر عن عصره وزمانه ):قال في مدحه (عليه السلام):
ذكروا بطلعتك النبي فهللوا * لما طلعت من الصفوف وكبروا
حتى انتهيت إلى المصلى لابسا * نور الهدى يبدو عليك فيظهر
ومشيت مشية خاشع متواضع * لله لا يزهى ولا يتكبر
ولو أن مشتاقا تكلف غير ما * في وسعه لمشى إليك المنبر (21)
الشيخ جعفر الهلالي
(هو الشيخ جعفر بن عبد الحميد بن إبراهيم الهلالي، ولد في مدينة البصرة سنة 1351 ه، وأكمل دراسته في النجف الأشرف على يد نخبة من العلماء، وتخرج من كلية الفقه في النجف سنة 1384 ه، وهو اليوم من خطباء المنبر الحسيني المشهورين، له: الملحمة العلوية، وديوان شعر مخطوط، ومعجم شعراء الحسين عليه السلام)تفضل سماحة الأديب الشاعر والخطيب المفوه الشيخ جعفر الهلالي، بتقديم هذه القصيدة بمناسبة ميلاد الإمام الرضا (عليه السلام) بخطه مشكورا اخترنا منها ما يفي بالمقام:يمم خراسان واقصد ظلها الرحبا * وانشد بها من قريض الشعر ما عذبا
وحيها تربة تسمو بروعتها * فها هنا المجد صرح ينطح الشهبا مجد له في سما العلياء مؤتلق * لا زال يخترق الأجيال والحقبا
مجد تهاوى له الأملاك ساجدة * من قبل ألف ولم تعدل به سببا
مجد (الرضا) من على هام الزمان له * تاج، فسبحان من أعطى ومن وهبا
سبط النبي وفرع من أرومته * قد شرف الله فيه العجم والعربا
منزه عن صفات النقص طاهرة * منه الثياب تسامى عزة وإبا
من معشر هم لهذا الخلق سادته * من حبهم في كتاب الله قد وجبا
آل الرسول وهل تحصى مناقبهم * عدا، وهل يبلغ المعشار من كتبا
حار الأنام فأفكار الحصيف بها * تاهت وردت على أعقابها نكبا وهل يحيط بماء البحر من غرفت * كفاه والبحر زخار وما نضبا
ماذا يقول أخو الأشعار في بشر * جلوا عن المدح حتى أخرسوا الخطبا
سر الوجود فلولاهم لما برأ * الله الخلائق لا شمسا ولا قطبا
كانوا البدور بعرش الله محدقة * أنوارهم تكشف الظلماء والحجبا
من قبل آدم للباري تسبحه * حتى تحول فيه النور والتهبا
وحين تسجد أملاك السماء له * كانوا هم السبب المنشود مطلبا
هذا الفخار فأين المدعي كذبا * وهل يسوى برأس أبترا ذنبا
آل النبي وأبناء الوصي فقد * طابوا بذلك أما برة وأبا
(أبا الجواد) وحسبي أن أبثكها * عواطف الحب لا زورا ولا كذبا
نهلتها فزكت روحي بخالصها * درا زكيا طهورا صافيا رطبا
وفيك ظلت أغنيها بقافية * شأت على كل من غنى ومن طربا
في يوم ميلادك الأسمى أرددها * على المسامع تجلو الهم والتعبا
يوم طلعت على الدنيا فراح به * يزهو الوجود وأبدى ثوبه القشبا
يوم لتكتم حيث الفضل تكسبه * وفي سباق المعالي تحرز القصبا
و الكاظم الغيظ يحيي ذكره خلف * صب الإمامة يتلوه بها عقبا
أكبرته علما تهدى النفوس به * إلى الحقيقة نهجا مشرقا لحبا
يا من غدوت من الباري بقيته * على العباد يزيل الشك والريبا
ويا إماما تحدى في إمامته * أهل الضلال وقد راموا بها شغبا ف(الواقفية) أغرتها مطامعها * غداة راحت تحيك الزور مكتسبا
قد أنكرت لأبيك الطهر موتته * وصورت أنه قد غاب واحتجبا
وتلكم الطعنة النجلاء كاد بها * ركن الإمامة أن ينهد منشعبا
فرحت تبطل ما حاكوا وما برموا * بثاقب من دليل الحق قد لهبا
حتى شمخت وقد هدت مطامعهم * وزيفوا وتلاشوا بعد ذاك هبا
سبحان ربك لم يترك شريعته * نهبا فأعطاك منه النصر والغلبا
يا من به الدين قد ألفى دعائمه * مصانة حيث كنت الدرع واليلبا
شيدته بعظيم الفكر تنشره * رعبا هزمت به للكفر ما جلبا
قارعتها حججا وافى بها نفر * من كل طائفة قد أجلبت عصبا
ولا غرابة يا بن الأكرمين إذا * لاحت خلالك في دنيا الهدى شهبا
فأنت للعلم والعرفان وارثه * من أحمد فاض كالبركان وانسكبا
حتى عدوك لم تبخل عليه بما * وضعت من منهج للطب قد نسبا
ورحت ترشده عن نقض بيعته * في شكلها فأعاد الأمر واضطربا
قد رام خفض مقام أنت صاحبه * فكان كالوعل أدمى قرنه فنبا
يريد إطفاء نور الله في صلف * والله يأبى سوى ما خط أو كتبا
أين الصروح بني العباس هل بقيت * آثارها حين ضجت منكم صخبا
أين الجمور وقد كانت معتقة * تجلى الكؤوس بها صرفا لمن شربا
أين المزامير والقينات تصحبها * تحيى الليالي بها مجنونة طربا
أين الذي وسع الدنيا بما غنمت * يجبى الخراج له ما أمطرت سحبا
وأين من كاد يبغي في حبائله * غدر الرضا مذ له من داره جلبا
فلا الرشيد له ملك يخلده * ولا بقي لابنه المأمون ما طلبا
وقبلهم في الورى كانوا فراعنة * طواهم الدهر لا مجدا ولا حسبا
وذاك (موسى) وبرد الخلد جلله * وذا (علي) تسامى عزه قببا
فبالتقى هذه الآثار واضحة * أعلامها للهداة السادة النجبا
على الطريق مصابيح منورة * ما خاب من بهم استهدى وما نكبا
الشيخ جابر الكاظمي
(هو الشيخ جابر بن الشيخ عبد الحسين الكاظمي، ولد في مدينة الكاظمية سنة 1222 ه، وله ديوان شعر، وتوفي سنة 1312 ه، ودفن في صحن الإمامين الجوادين (عليهما السلام)، كان فاضلا أديبا، وشاعرا ألمعيا، حسن الخط، متين النثر، وترك عدة آثار أدبية وشعرية. معارف الرجال 1: 147.)قال (رحمه الله) عندما زار مشهد الإمام الرضا (عليه السلام) في إيران:
ثنينا عطف محمود الثناء * لمغنى سبط ختم الأنبياء
لربع هداية لله فيه * مواهب رحمة لذوي الولاء
لمغنى فيه للرضوان مأوى * وفيه للرضا أسمى بناء
لمغنى تلثم الشمس اعتمادا * تراه في الصباح وفي المساء
إلى شمس الشموس وما سواه * أنيس في الأسى للأصفياء
إلى شمس حبا طوسا بشمس * تفوق الشمس باهرة الضياء علي الندب وابن الندب موسى * سليل ذوي الهدى أهل العباء
إمام من إمام من إمام * وما لله فيه من بداء
وثامن سادة سادت بمجد * سما أدناه مجد الأنبياء (22)
السيد حسن الأعرجي
هو السيد حسن بن السيد يحيى بن السيد أحمد الأعرجي الحلي، شاعر وأديب. أعيان الشيعة 5: 392، البابليات 1: 159.علي بن موسى حجة الله في الورى * بعيد مدى العلياء زاكي المناسب
إمام الورى هادي الأنام بلا مرا * عظيم القرى رب التقى والمناصب
هو البحر بحر العلم والحلم والحجى * وبحر العطايا والندى والمواهب
نماه إلى العلياء سراة أماجد * مناجيب من عليا لؤي بن غالب
علومهم تهدي الورى من دجى العمى * وآراؤهم مثل النجوم الثواقب
صناديد ورادون في كل مأقط * يطير له لب الكمي المحارب
إذا استعرت نار الهياج وأرعدت * فوارسها من كل قوم موائب
وقد عقدت أيدي المذاكي عجاجه * من النقع تسمو فوق مجرى الكواكب
يروون أطراف الأسنة والظبا * نجيعا عبيطا من نحور الكتائب
بضرب يقد الهام عن مقعد الطلى* وطعن يرد السمر حمر الذوائب
هم آل بيت المصطفى معدن الوفا * غيوث سما الجدوى ليوث المقانب
بهم نهتدي من ظلمة الجهل والعمى * ونرجوهم عند اشتداد النوائب
فيا خير من سارت إليه بنو الرجا * فراحت بجدواه ثقال الحقائب (23)
السيد حسين محمد تقي بحر العلوم
هو السيد حسين بن محمد تقي بن حسن بن إبراهيم الطباطبائي، الشهير ببحر العلوم، أديب 96: فاضل، وشاعر مطبوع، ولد سنة 1347 ه، شعراء الغري 3: 254.قال في مدحه (عليه السلام):
كما ودع الطفل در الحنان * برغم عواطفه يفطم
كما ودعت زهرة حقلها * ففاض الشذى وارتمى
البرعم كما ودعت رعشات الضحى * بلابل باتت به تحلم
كما ودع القلب دار الحبيب * فأرخت عيون وشاط الدم
مثلت أودع قبر الرضا * وقد شف لي سره المبهم
ونور الإمامة حول الضريح * غمر بفيض الهدى مرزم
فجلت كأني ببيت الإله * وكعبته الجدث الأعظم
تجول الورى حوله مثلما * يجول بأشواطه المحرم
وتضرع أنفسهم بالدعاء * إلى مصدر الخير تسترحم
سيول تدافع من مثلها * فهذي تمس وذي تهجم
وتلك تقبل في لهفة * فينبض قلب ويطري فم
وفي مكة حجر واحد * يسابق باللثم إذ يزحم ولكن هنا في ضريح الإمام * أحجاره كلها تلثم (24)
السيد حسين رضا بحر العلوم
( هو السيد حسين بن السيد رضا بن مهدي، الشهير ببحر العلوم، شاعر كبير، وعالم جهبذ، ولد في النجف سنة 1221 ه، وتوفي سنة 1306 ه، وقد أصيب ببصره ثمان سنين لم ينفعه علاج الأطباء، ثم ذهب إلى إيران عام 1284 هللعلاج، فلما استيأس من علاج الأطباء، قصد الإمام الرضا (عليه السلام) في خراسان للتبرك، ونظم هذه القصيدة، فتوسل بها إليه مستغيثا مما حل به، وبقي أياما يكتحل بتلك التربة حتى برئ ورجع إلى النجف مبصرا سنة 1287 ه. شعراء الغري 3: 216. )كم أنحلتك على رغم يد الغدر * فلم تدع لك من رسم ولا أثر
أراك من عظم ما تحويه من كرب * تجوب قفر الفيافي البيد في خطر
أحشاك من لوعة الأحزان مشعلة * ودمع عينيك يحكي جدولي نهر
لا غرو أن لا يطيق الصبر ذو نصب * مضنى الفؤاد قريح الجفن من سهر
الصبر يحمد كل الحمد جارعه * لكن بشرب مراد الهم غير مري
ما زلت من ألم الأسقام في غصص * لم تخل يوما أخا البلوى من الكدر
ولم يخلف دواهي الدهر منك عدا * زفير وجه يضاهي لفحة الشرر
فلست تنفك كلا عن شدائدها * لا والمقام وركن البيت والحجر
ولا ينجيك من ضر تكابده * سوى علي بن موسى خيرة الخير
ذاك الهمام الذي إن صال يوم وغى * حكى أبا الحسن الكرار خير سري
سامي مقام أقام الدين في حجج * لم تبق غيا لغاو لا ولم تذر
إن خانك الدهر وأصمتك أسهمه * فالجأ إليه لكي تنجو من الدهر
من قاس كفيه بالبحر المحيط فقد * أطرى بأبلغ إطراء على البحر
وفقت يا طوس آفاق السما علا * مذ حل فيك سليل الطاهر الطهر
يا آية الحق بل يا معدن الدرر * يا أشرف الخلق يا بن الصيد من مضر
قد حزت فضلا عن الصيد الكرام كما * في الفضل حازت ليالي القدر
عن آخر وكم بدت لك من آي ومعجزة * يصفو لها كل ذي قدر ومقتدر
واسيت جدك في أشجان غربته * حتى قضيت بفتك الغادر الأشر
أشكو إلى الله من دهر أبادكم * بالسم طورا وطورا بالقنا السمر
يا نير ا فاق كل النيرات سنا * فمن سناه ضياء الشمس والقمر
قصدت قبرك من أقصى البلاد * ولا يخيب تالله راجي قبرك العطر
رجوت منك شفا عيني وصحتها * فامنن علي بها واكشف قذى بصري
حتام أشكو سليل الأكرمين أذى * أذاب جسمي وأوهى ركن مصطبري
صلى الإله عليك الدهر متصلا * ما إن يسح سحاب المزن بالمطر (25)
دعبل بن علي الخزاعي
هو دعبل بن علي بن رزين بن عثمان الخزاعي، أبو علي، ويقال له: أبو جعفر، أصله من الكوفة، وأقام في بغداد، أكثر شعره في مدح أهل البيت (عليهم السلام) وهجاء حكام عصره. روى عن الإمام الكاظم والرضا والجواد (عليهم السلام)، وله مصنفات، منها: (الواحدة) و(طبقات الشعراء) وغيرهما، استشهد سنة 246 ه..1 - روى الشيخ الصدوق عن دعبل بن علي، قال: جاءني خبر موت الرضا (عليه السلام) وأنا بقم، فقلت قصيدتي الرائية:
أرى أمية معذورين إن قتلوا * ولا أرى لبني العباس من عذر
أولاد حرب ومروان وأسرتهم * بنو معيط ولاة الحقد والوغر
قوم قتلتم على الإسلام أولهم * حتى إذا استمكنوا جازوا على الكفر
أربع بطوس على قبر الزكي بها * إن كنت تربع من دين على وطر
قبران في طوس: خير الناس كلهم * وقبر شرهم، هذا من العبر
المصادر :
1- إحقاق الحق 12: 411، العوالم 22: 527 / 4.
2- الأعلام للزركلي 1: 45.
3- المناقب 4: 332. تكتم والدة الإمام (عليه السلام).
4- الطارف: المال الحديث أو المستحدث، ويقابله التالد.
5- المناقب 4: 350.
6- المناقب 4: 348. 81:
7- عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 2: 25 / 1، بحار الأنوار 49: 317 / 2، المناقب 4: 359.
8- مناقب ابن شهرآشوب 4: 350.
9- مناقب ابن شهرآشوب 4: 343.
10- ديوان أبي فراس: 259 - 260، والقصيدة طويلة ورد بعض أبياتها في المناقب 4: 376.
11- الكنى والألقاب 3: 295، أعلام الزركلي 8: 163.
12- عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 2: 251، بحار الأنوار 49: 318 / 4، العوالم 22: 516 / 1، 84: والبيت الثاني من القصيدة ينطوي على مدح للرشيد أيضا، كما هو ظاهر، لأن اليزيدي كان قد اتصل ببعض بني العباس وأدب أولادهم، واتصل بهارون الرشيد فعهد إليه بتأديب المأمون.
13- عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 2: 142 / 9، إعلام الورى: 329، المناقب 49: 235 / 3، بحار الأنوار 49: 235 / 3.
14- عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 2: 143 / 10، المناقب 4: 366، بحار الأنوار 49: 236 / 5.
15- عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 2: 144 / 11، بحار الأنوار 49: 236 / 4.
16- مجموعة الآثار 2: 376.
17- مجموعة الآثار 2: 377.
18- مجموعة الآثار 2: 377.
19- الخيس: موضع الأسد.
20- مقاتل الطالبيين: 378، العوالم 22: 525 / 2.
21- المناقب 4: 372، العوالم 22: 428 / 3
22- موسوعة العتبات المقدسة 11: 175، عن ديوان جابر الكاظمي: 31 - 34، بغداد 1964
23- مجموعة الآثار 2: 387.
24- مجموعة الآثار 2: 388.
25- مجموعة الآثار 2: 389