ينشغل الإنسان أحياناً بالدنيا دون أن يشعر، ويكون أحياناً مشغولاً بالتفاخر والعجب ولا يدري أنه مبتليّ به، فإذا أراد الشيطان أن يغوي عالماً أو متديناً فإنه يغويه بالتفاخر والعجب الذي يناسب اختصاصه، كأن يقول: عندي كذا من التلاميذ، أو عندي كذا من المأمورين، أو أني ألفت كتباً أكثر من غيري، وأن التلاميذ الذين تربوا عندي أكثر من تلامذة سواي... الخ.
فأي شيء يشغل الإنسان بغير الله سبحانه فهو عجب، فإذا قال المقاتل: لقد ذهبت كذا مرة إلى الجبهة أو: ذهبت أكثر من الآخرين، فهو عجب.
إن تشخيص الطريق صعب للغاية، ولهذا قالوا: إن الصراط المستقيم أرفع من الشعرة وأحد من السيف.
كتب المرحوم المحقق الطوسي ـ قدس سره ـ رسالة بعنوان المبدأ والمعاد)، في أن الإنسان من أين جاء؟ وإلى أين يذهب؟ وفي أي طريق؟
وقد قال فيها: الصراط أدق من الشعرة وأحد من السيف، أي أن تشخيص الوظيفة والعمل بها صعب ومشكل، ففهم الإنسان ما هي وظيفته، وما هو تكليفه شيء مشكل، مثل العبور على خط أدق من الشعرة وأحد من السيف، وأصعب منه أن يلتزم بهذه الوظيفة ويعمل بها.
فليس من السهولة أن يصل الإنسان إلى سر العبادات، فهناك مشاكل تعترض تشخيص الطريق، ومشاكل خلال الطريق نفسه، فإذا لم ينخدع الإنسان بالأرض والمال، فإن الشيطان سوف يدخل إليه ويخدعه من طريق آخر، لهذا يقول المحروم الاستاذ العلامة الطباطبائي ـ رضوان الله عليه ـ: يقضي الإنسان عمره تحت ولاية الشيطان وهو لا يدري، ولهذا يجب أن يحاسب نفسه كل يوم.
الصراط المستقيم الذي نقول عنه (إهدنا الصراط المستقيم) أدق من الشعرة وأحد من السيف، فتشخيصه صعب والعمل به أصعب وإذا عرف الإنسان هذا الطريق وانتهجه، فسيصبح أفضل من الملائكة، بل تصبح الملائكة خداماً له، تفتح الملائكة أبواب الجنة وتقول للمؤمن: (سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين)، (الزمر: 73) هكذا تستقبل الملائكة المؤمنين، فالملائكة خدام المؤمن، وليس ذلك بالمجان، فليس بالمجان أن تدعو الملائكة للصائمين، وأن تقف من الأرض إلى العرش تدعو للمؤمن في حال الصلاة، أن يميز الإنسان الطريق ويعرفه ويعمل بوظيفته، أمر صعب ومشكل، يحتاج إلى خلوص نية.
فباطن الدين أن يكون الصراط المستقيم يوم القيامة جسراً فوق جهنم وتحته نار مستعرة، والالتزام بالدين يكون للبعض سهلاً وللبعض الآخر صعباً.
نسأل الله تعالى في دعاء اليوم الثالث عشر من شهر رمضان: اللهم طهرنا فيه من الدنس والأقذار، لا تطلبوا مالاً ولا مسكناً، فالله سبحانه يعطي هذه المسائل والله تعالى لا يترك أحداً دون إعانة، ونقرأ في دعاء شهر رجب: (يا من يعطي من لم يسأله من لم يعرفه تحنناً منه ورحمة، أعطني بمسالتي إياك جميع خير الدنيا وجميع خير الآخرة، واصرف عني بمسألتي إياك جميع شر الدنيا وشر الآخرة، فإنه غير منقوص ما أعطيت، وزدني من فضلك يا كريم).(1).
جاء في التعبير الديني، إذا أردتم أن تعرفوا ما قيمة الدنيا والثروة، فانظروا عند من تكون، فإذا كانت عند أفراد صالحين فهي ذات قيمة، وإذا كانت عند أفراد صالحين فهي ليست بذات قيمة.
يستدل أمير المؤمنين (عليه السلام)بهذا الدليل(2).
هل كان رسول الله (صلی الله عليه وآله وسلم)عند الله مكرماً ومعززاً أم لا؟ هل كان عظيماً عند الله أم لا؟ يقيناً أنه كان كذلك، قال تعالى: (ورفعنا لك ذكرك) فعلى الرغم من أن الرسول (صلی الله عليه وآله وسلم)مكرم ومعزز عد الله وليس في هذا شك أو تردد، فقد كانت معيشته بسيطة وفقيرة وليس في ذلك جدل، ثم يقول علي (عليه السلام): إن الدنيا لم تكن عند النبي، فاما أن نقول أن المال والثروة كمال، أو نقول أنها ليست كذلك فإذا كانت الثروة كمالاً، فمعناه ـ والعياذ بالله ـ أن الله عز وجل لم يحسب النبي كريماً وعزيزاً ولم يعطه المقام اللائق به، ثم يقول الإمام (عليه السلام): هل يستطيع أحد أن يقول: إن الله لم يعزز ويكرم النبي (صلی الله عليه وآله وسلم)؟ إذا لم يكن قد وقر النبي (صلی الله عليه وآله وسلم)فقد حقره، أما إذا قلتم أن الله أعطاه الكرامة، ولم يمنع عنه أي فضيلة، فهذا يعني أن الدنيا والثروة ليست جزءاً من الكمالات وإلا لأعطاه إياها ويمكن أن تصوغ هذا المعنى على شكل استدلال رياضي واضح.
كل شيء يشغل الإنسان عن الله فهو دنيا، يخدع الشيطاع بعض الأحيان مجاهداً أو حارساً من حراس الثورة ويدفعه لأن يقول: ذهبت إلى الجبهة عشر مرات بينما لم يذهب غيري إلا مرة واحدة، فيفخر على غيره بهذا، أو أن يقول الشيطان للعالم: قل أنا كتبت عشرة كتب بينما الآخر لم يكتب سوى خمسة، وبهذه المفاخرة يخدع الناس أما الآخرون فيخدعهم بطرق أخرى وكل حسب الوسيلة التي تخرجه عن الخط المستقيم، لا يتوقع أحد أن الشيطان لا يستغل اللحظات التي نغفل فيها، فالشيطان يتحين الفرصة للغواية دائماً.
يقول الصدوق في كتاب الأمالي، الجلسة السابعة، قال الصادق (عليه السلام): (تبحروا قلوبكم فإن انقاها الله من حركة الهواجس لسخط شيء من صنعه فإذا وجدتموها كذلك فاسالوه ما شئتم)، خوضوا في أعماق قلوبكم، وانظروا ماذا يوجد هناك، هل يوجد في بحر القلب أسماك حرام أو حلال؟
انظروا ماذا يمر في بحر القلب، فإذا كان المقام بالنسبة للمؤمن في غاية الأهمية، فستأتي الملائكة لاستقباله، تبحروا في بحر القلب وانظروا ما هي الخواطر التي تمر فيه! وبأي شيء يكون مشغوفاً، وبأي شيء يشغل قلوبكم في الليل؟ هل كنتم أنتم المهزومين على الساحة أم كان دين الله إحياؤه على أيديكم؟ إذا لم يوجد في قلب الإنسان غير إحياء دين الله فهو قلب طاهر، يوصي رسول الله (صلی الله عليه وآله وسلم)في الخطبة الشعبانية ويقول: (فاسألوا الله ربكم بنيات صادقة وقلوب طاهرة)،
ويقول الإمام الصادق (عليه السلام): (فاسألوه ما شئتم)، فأي شيء تريدونه فاسألوه من الله تعالى. يقول الإمام الحسن المجتبى (عليه السلام): إذا راقب الإنسان قلبه ولم يدع الهواجس والخواطر التي لا ترضي الله سبحانه تخطر على قلبه فأنا أضمن له استجابة الدعاء: (وأنا الضامن لمن لم يهجس في قلبه إلا الرضا بما قضى الله أن يدعو الله فيستجاب له).
مادام الإنسان مشغولاً بالتفكير بوجوده وكيانه، فإنه محروم من الفيض الإلهي، وإذا كان الإنسان كذلك فهو ليس في راحة، بل في تعب ومشقة، ولا يستريح الإنسان إلا بالخلاص من قيود النفس.
طلب تلاميذ الإمام الخميني (قدس سره) في النجف الأشرف منه أن يسمح لهم بطبع رسالته بلغة (الأردو) لكي يرسلوها إلى باكستان، فقال: ألا يوجد هناك رسالة؟ فقالوا: توجد، لبعض المراجع، فقال: إذن، ذلك يكفي.
فإذا أصبح الإنسان كذلك، فسيكون الله في عونه، ولهذا عرف العدو والصديق أن الإمام يعمل لله سبحانه، فأي شخص يكون هكذا، سيكون الله في عونه.
إذا لم يمكن الوصول إلى مقام الإمام المعصوم الشامخ، فيمكن الوصول إلى مقام تلاميذه كان المرحوم آية الله الشيخ محمد تقي الآملي ـ رضوان الله تعالى عليه ـ، مثالاً للتواضع والأدب والفقه والحكمة وقد قال مرة: رأيت في عالم الرؤيا أنّ الأعداء هجموا عليّ فأشتبكت معهم اشتباكاً عنيفاً.. ورأيت أن أحدهم لا يريد تركي، فلم أر طريقة للخلاص منه إلا بعضّ يده لكي يتركني، واستيقظت فرأيت يدي في فمي وأنا عاض عليها، لقد عرفوني في عالم الرؤيا أنه لي لك عدو إلا نفسك التي بين جنبيك، فاسع للخلاص منها.
إذا كان للإنسان عدو، فليس هو إلا نفسه، ومثل هذه الأحلام لا يريها الله تعالى لكل أحد، فلابد من توفر شروط كثيرة في الإنسان حتى يرى مثل هذه الأحلام الجيدة.
في بعض التعبيرات الروائية للأئمة ـ عليهم السلام ـ إذا أصبح شخص في ظل عناية الله سبحانه (بصره عيوبها ودواءها)، يعرفه عيوبه ودواءها، فإذا انتبه الإنسان لنفسه وراقبها في ساعات اليقظة، فسيطلعه الله سبحانه في عالم الرؤيا على أحلام نافعة جيدة.
(وارفعوا إليه أيديكم بالدعاء في أوقات صلواتكم فإنها افضل الساعات ينظر الله تعالى فيها بالرحمة إلى عباده)، فساعات شهر رمضان المبارك أفضل ساعات السنة كلها، ولحظات الصلاة في شهر رمضان افضل اللحظات، ينظر الله تعالى إليه بعين الرحمة والبركة.
(يجيبهم إذا ناجوه) فالله سبحانه يجيب من يناجيه.
(ويلبيهم إذا نادوه) وإذا أحس العبد بالبعد وناداه، فالله سبحانه يلبي طلبه، ونظير هذا ما جاء في حق يونس (عليه السلام)في قوله تعالى: (وذا النون إذ ذهب مغاضباً فظن أن لن نقدر عليه فنادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت)، (الأنبياء: 87) فإذا وقع الإنسان في خطر أحس بالبعد.
(ويستجب لهم إذا دعوه)، ثم قال (صلی الله عليه وآله وسلم): (أيها الناس إن أنفسكم مرهونة بأعمالكم ففكوها باستغفاركم)، أيها الناس أنتم لستم أحراراً، فأرواحكم مرهونة بأعمالكم أي أن الأعمال التي عملتموها أقفاص وحبال جعلتم أيديكم وأنفسكم مشدودة بها، فهي مرهونة، وأنتم لستم أحراراً.
فالشخص المدين يدفع رهناً في الديون المالية، يصنع الإنسان أثاثه أو بيته أو فراشه رهناً مقابل المال الذي يأخذه، فإذا كان الإنسان مطلوباً بلحاظ العقيدة والأخلاق والعمل الصالح، فلا يؤخذ منه مال، بل تكون نفسه هي الرهينة.
الإنسان الحر هو كما يصفه أمير المؤمنين (عليه السلام)بقوله: (من ترك الشهوات كان حراً) وقليل من النعم التي توازي نعمة الحرية.
قال (صلی الله عليه وآله وسلم): اسعوا في هذا الشهر المبارك لأن تكونوا أحراراً، وفكوا رهائنكم بالاستغفار وطلب العفو، يقول القرآن الكريم: (كل امرئ بما كسب رهين). (طور: 21) (كل نفس بما كسبت رهينة * إلا أصحاب اليمين)، (المدثر: 38 ـ 39) فالأحرار هم الذين عملوا بالميمنة والبركة أولئك الذين لم يملكهم الغضب والشهوة.
نرى أحياناً أن الشخص المظلوم يرد على ظالمه أضعافاً مضاعفة، وهذا يبين أن ذلك الشخص إنما يعمل عىل أساس الغضب لا على أساس العقل، ونرى أحياناً شخصاً يتبجح بأنه يقول ما يحلو له، ويفعل ما يريد، ويذهب إلى أي مكان يشتهي، فمثل هذا الشخص رهين الشهوات وليس في فعله وقوله اعتبار للعقل، فإذا أردنا أن نعرف أن هذا الإنسان حرّ أم سجين ومقيد، فلننظر إلى عقله كيف يفكر!
لم تأت الثورة لتحرر الناس من عبودية الله عز وجل، فنحن عبيد الله وقمنا بالثورة لأجل أن لا يتسلط علينا غير الله سبحانه.
يقول علي (عليه السلام)في رسالة إلى مالك الأشتر (3)
"إن هذا الدين كان أسيراً في أيدي الأشرار، يعمل فيه بالهوى وتطلب به الدنيا" كان الإسلام قبل الثورة الإسلامية أسيراً لدى النظام الملكي، هذا الدين كان في أسر الأشرار كانوا يعملون حسب ما يحلو لهم ويفسرونه حسب ما يروق لهم.
جاءت هذه الثورة لأجل تحرير الدين من الأشرار، ولأجل أن يكون الإنسان عبداً لله سبحانه لا غير.
إن أفضل الأعمال في هذا الشهر المبارك هي أن يكون الإنسان حراً (أنتم مرهونون)، هذه الأقفاص وهذه القضبان الحديدية صنعتموها بأيديكم، ووقفتم مسجونين فيها، ألا تريدون أن تتحرروا في هذا الشهر المبارك من هذا القفص والسجن؟ فالذين عاشوا أحراراً هم أصحاب اليمين فقط، أحرار عالم الآخرة.
إن طريق التحرر هو الاستغفار وطلب العفو، وقد أمرنا بتكرار الاستغفار في شهر رمضان: (أستغفر الله ربي وأتوب إليه)، في الصلاة وفي غير الصلاة، فالطلبوا المغفرة لأنفسكم ولغيركم، لأجل أن تنكسر القضبان الحديدية للسجن ليس الكلام في أن أعمل عملاً حتى لا اذهب إلى النار أو أدخل الجنة، وأتناول من طعامها وشرابها. الهدف أعلى وأسمى من ذلك.
يعطي الله سبحانه النعم، وليس في ذلك كلام، ونحن نعبده لا لأجل أن نذهب على الجنة ونأكل من ثمارها، قالك كونوا أحراراً، فلا يستطيع شيء أن يخيفكم أو أن يجذبكم إليه، إن الذين يخسرون الحرب، إنما يمنون بالخسارة لأمرين بينهما الإسلام: حب البقاء في الدنيا، والخوف من التحرر، ويدين الإسلام هذين الأمرين ويرفضهما، ويبين لنا أمرين آخرين: أحدهما أن لا نركن إلى الدنيا، والآخر أن لا نخاف ونخشى الغيب، هذه هي الخطوط الكلية في القرآن الكريم.
(وظهوركم ثقيلة من أوزاركم فخففوا عنها بطول سجودكم)،(4).
فظهوركم ثيقلة بسبب كثرة الذنوب، فخففوا هذا الحمل بطول السجود.
يقول الإمام السجاد (عليه السلام)في دعاء أبي حمزة الثمالي مصوراً كيفية النشور من القبور وصورة القيامة: [مفاتيح الجنان، دعاء أبي حمزة الثمالي]. "فمالي لا أبكي، أبكي لخروج نفسي، أبكي لظلمة قبري، أبكي لضيق لحدي، أبكي لسؤال منكر ونكير إياي، أبكي لخروجي من قبري عرياناً ذليلاً" فالذنوب ثقيلة ولكن السجود يخفف الحمل الثقيل.
ينقل الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام)في بيان لطيف عن الرسول (صلی الله عليه وآله وسلم)يقول: (فاز المخفون)، فأولئك الذين خففوا أثقالهم هم الفائزون.
يقول علي (عليه السلام): "تخففوا تلحقوا"(5)
خففوا من ذنوبكم لكي تلحقوا وتصلوا: (ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم أن لا خوف عليهم ولا هم يحزنون)، (آل عمران: 170) وجملة (لم يلحقوا بهم) يعني أولئك الذين في الطريق وعندهم قابلية الوصول، لكنهم لم يصلوا بعد، أما الذين ليسوا في الطريق أصلاً، فلا يقال لهم لم يلحقوا، فالسيارة التي تقف في مرآب البيت لا يقال لها: وصلت، لكن إذا كان في الطريق سيارتان، إحداهما سريعة والثانية متوسطة السرعة، فيقال للأولى عندما تصل إلى مقصدها أنها وصلت، أما الثانية فيقال لها: لم تصل بعد.
لا يرسل الشهداء نداءهم إلى كل أحد، بل يقولون فقط للذين هم في الطريق، تعالوا، فالشخص الذي في الطريق ويريد أن يصل، عليه أن يخفف، (تخففوا تلحقوا).
تخفيف ثقل الذنوب عامل للوصول إلى الهدف، أحياناً يصل الإنسان ويوصل الآخرين وذلك لخفة ثقله، ينقل الشيخ البهائي ـ رضوان الله عليه ـ أن حريقاً حدث في المدائن، وكان الوالي في ذلك الوقت سلمان الفارسي ـ رضوان الله عليه ـ وكان عنده قرآن وسيف، فعندما شب الحريق أخذ قرآنه وسيفه ونجا، وعندها قال: (هكذا ينجو المخففون)، أي أن الإنسان الخفيف الذنوب هكذا ينجو في يوم القيامة.
فهذه الأثقال الكثيرة يصعب حملها في أيام الخطر، والحل هو تخفيف الحمل وثقل الذنوب، وذلك بإطالة السجود كما يقول الرسول (صلی الله عليه وآله وسلم)، ولا يستطيع الإنسان أحياناً أن يسجد سجدة طويلة، ولكن تبقى هذه الخصوصية لأصل السجود في الصلاة وفي غيرها، وهي تخفيف الحمل، فإذا تخلص الإنسان من شر نفسه، فليس هناك شيء يقلقه ويؤذيه، النفس دائماً هي مصدر الأذى للإنسان، فهو يريد كل شيء يراه، سواء أكان سيارة أم بيتاً أم غذاءً، لأنه لا يملك هذه الامور، ولهذا فهو يشكو عدم التملك لهذه الأشياء، فيصرف وقته في السعي لتحصيلها، فتكون نتيجته كما عبر عنها الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام)بقوله: خلاصة حياة هؤلاء الناس بين المطبخ والمستراح.
إنهم لم يروا في الحياة هدفاً سامياً، ولم يقدموا خدمة لأحد ولم يفهموا لماذا جاؤوا وماذا يجب عليهم، فإذا خفف الحمل، عندها يتخلص الإنسان من أذى عدوه، إن أول لذة يذوقها هي تخلصه من العدو الداخلي يعني نفسه، ومن ثم يصل إلى اللذائذ الأخرى.
1- مفاتيح الجنان، أعمال شهر رجب
2- نهج البلاغة الخطبة 151، 182
3- رسالة الإمام علي (عليه السلام)إلى مالك الأشتر، نهج البلاغة الرسالة (53)
4- الأربعين للشيخ البهائي، الحديث 9، الخطبة الشعبانية
5- نهج البلاغة، الخطبة (21، 167)