عناصر الاجسام المادية

كان قدماء فلاسفة الحكمة الطبيعية إلى هذه العصور الاخيرة يرون أن عناصر الاجسام المادية التي تتركب الكائنات العنصرية منها هي أربعة: الماء، والتراب، والنار، والهواء، ويسمونها (الاستقصات) وهي كلمة يونانية، ومنه نشأت النادرة الادبية
Tuesday, November 1, 2016
الوقت المقدر للدراسة:
مؤلف: علی اکبر مظاهری
موارد بیشتر برای شما
عناصر الاجسام المادية
 عناصر الاجسام المادية

 





 

كان قدماء فلاسفة الحكمة الطبيعية إلى هذه العصور الاخيرة يرون أن عناصر الاجسام المادية التي تتركب الكائنات العنصرية منها هي أربعة: الماء، والتراب، والنار، والهواء، ويسمونها (الاستقصات) وهي كلمة يونانية(1)، ومنه نشأت النادرة الادبية المعروفة، حيث أن أحد أدباء الموصل في بغداد قال في موشحته:
كرة النار على أيدي الهواء** رفعت يحملها ابن السماء
استقصات بزعم الحكماء ** بعضها من فوق بعض ركبا
ليتني كنت تمام الاربع
فقال له بعض النجفيين مطايبة، قال الله سبحانه في كتابه: (ويقولُ الكافرُ يا ليتني كنتُ تُراباً)(2).
نعم العناصر عند القدماء أربعة، أما اليوم وفي العلم الحديث فقد بلغت العناصر التي تتركب منها الاجسام جامدة أو سائلة أو غازاً سبعين عنصراً أو أكثر(3)،
وأكثر العناصر والمركّبات الكيماوية التي تتكون منها الارض ولا سيما الاراضي الزراعية هي: الازوت والسليس والاوكسجين وكربونات الجير المغنيسيات وأوكسيد الحديد والپوتاسا والصودا وغيرها، وتختلف مقاديرها بحسب إختلاف الاراضي، وتسمى عندهم باسم العنصر الغالب، فبعضها طينية وبعضها رملية وأخرى حصوية وهكذا، وكما أن الارض والتراب تتركب من العناصر وتنحل إليها فكذلك الماء والهواء، فإن كلاً منهما يتركب من الاوكسجين والهيدروجين وغيرها بنسب متفاوتة ومقادير معينة، وكذلك الاجسام البشرية والحيوانية والنباتية. ولكل واحد من هذه العناصر مزية تخصه لا توجد في الاخر، وكل هذا مذكور ومفصل في العلوم الطبيعية بالمعنى الواسع، وليس الغرض هنا إلا ذكر ما يتعلق بالارض بنحو موجز كالرمز ويطلبه من أراد التوسع من محالّه ومن أهله.
فيما يتعلق بحركة الارض وسكونها وهي من مهمات المسائل الرياضية وأمهاتها. ومن المعلوم لدى كل ذي حس أن الزمان عبارة عن ليل ونهار يتقوم بهما الشهر، والسنة عبارة عن الفصول الاربعة، وكل هذه المعاني والاعتبارات متحصلة من الشمس والقمر والارض من حركة بعضها على نفسها، ودوران بعضها على بعض، إنما الاشكال على أوليات الدهر
والخلاف بين أعاظم الحكماء اليونانيين الاولين وغيرهم أنه هل الشمس تدور على الارض أو الارض تدور عليها؟ بعد الاتفاق على أن القمر هو الدائر على الارض ويتم دورته من المغرب إلى المشرق في سبعة وعشرين يوماً تقريباً، ومن هذه الدورة وما يلحقها يحصل الشهر. والاقوال في حركة الشمس أو الارض كثيرة قد تزيد على ستة، ولكن المشهور منها مذهبان: الاول مذهب (فيثاغورس) الذي كان قبل المسيح بخمسمائة سنة، ثم تبعه جماعة من فلاسفة اليونان مثل (فلوطرخوس) و (ارشميدس) و (إيزاخوس).
ولكن حيث أن هذا الرأي قد يتنافى مع ظاهر الحس، وما أكثر ما يخطئ الحس، فالمحسوس أن الارض واقفة والشمس والقمر يتحركان عليها كما قال الشاعر:
تجري على كبد السماء كما** يجري حمام الموت بالنفس
لذلك كفّرهم أهل زمانهم وبقي هذا الرأي مهجوراً ومستوراً حتى جاء (بطليموس) قبل المسيح بمائة وخمسين سنة فأيّد ما يراه العوام من سكون الارض وحركة جميع السيارات عليها، وشاع واشتهر هذا الرأي، وعليه جرى حكماء الاسلام من زمن الرشيد والمأمون إلى زمن ابن سينا ونصير الدين الطوسي وأمثالهم من أعاظم فلاسفة الاسلام إلى هذه العصور الاخيرة، وفرضوا لكل واحد من السيارات فلكاً خاصاً والكوكب مركوز في ثخنه وفرضوا العالم الجسماني كلّه في ثلاث عشرة كرة:
1 ـ الارض: وهي المركز الذي تدور عليه جميع الكرات والسيارات والافلاك والنيران وغيرها.
2 ـ الماء: وهو غير تام الاستدارة لانحساره عن الربع المسكون من الارض، واللازم بعد اكتشاف أمريكا أن المسكون أكثر من الربع(4).
3 ـ ثم كرة الهواء محيطة بالارض والماء.
4 ـ كرة النار تحيط بالجميع.
5 ـ فلك القمر محيط بتلك الكرات ومتصل مقعره بمحدبها والقمر مركوز في ثخنه.
6 ـ فلك عطارد.
7 ـ الزهرة.
8 ـ الشمس.
9 ـ المريخ.
10 ـ المشتري.
11 ـ زحل.
12 ـ فلك الثوابت.
13 ـ الفلك الاطلس وهو فلك الافلاك ومحرك الكل، وينتهي عالم الاجسام بنهاية هذا الفلك الاعلى، فلا خلا ولا ملا، ويقال إن فلك البروج هو العرش، وفلك الافلاك هو الكرسي والله العالم
وألجأهم ما رصدوه من حركة القمر والسيارات وما وجدوه لما عدا النيرين من الرجوع والاقامة والاستقامة وهي الخمسة المتحيرة إلى الالتزام بأن كل فلك في ضمنه قطعات كالجوزهرات والموائل والحوامل والمثلات وغير ذلك من الفروض التي صارت بها هذه الهيئة (البطليموسية) أعقد من (ذنب الضب).
وكان علماء الغرب في القرون التي انبثق فيها نور الاسلام في ظلام دامس، فلما احتكوا بالمسلمين في الحروب الصليبية وفي مدارس قرطبة وغيرها من الاندلس فتحوا عيونهم واتسعت معارفهم من القرن التاسع، وخاضوا في شتّى العلوم وأخصّها الرياضيات، وكانت الهيئة السائدة عندهم هي هيئة بطليموس ومن خالفها أحرقوه وأحرقوا كتبه.
ونقل أن الفلكي (برنو) قال بحركة الارض في القرن العاشر الهجري فأجلوه عن وطنه، ثم سجنوه ست سنين ثم أحرقوه وأحرقوا كتبه، ولكن تأثر به وشيد رأيه (غاليلو) بعد القرن العاشر فاضطهدوه حتى كاد أن يهلك، ولكن بما أن الحقيقة تهتك الستور وتأبى إلا السفور، لذلك انتشر هذا الرأي حتى صار من المسلّمات التي لا تقبل الشك. وخلاصته: إن الارض كوكب سيار وكرة سابحة في هذا الفضاء حول الشمس كسائر الكواكب التي يتألف منها نظامنا الشمسي، وهي السيارات السبع وغيرها مما توصلوا إليه من الدائرات حول الشمس، ولم يكن معروفاً مثل (فلكان) و (نبتون)، ولها ـ أي الارض ـ حركتان (وضعية) و (موضعية) أي انتقالية، فأولى دورانها على محورها نحو الشمس ومنها يحصل الليل والنهار، وتقطع بهذه الحركة في الثانية (300) كيلو متر.
والثانية على الشمس وحولها، ومنها تحصل فصول السنة: الربيع والشتاء والخريف والصيف. ومحيطها (40000) كيلو متر وقطرها (13000) وكلها تقريبية، ونسبة حجمها إلى الشمس نسبة الواحد إلى المليون وأربعمائة ألف، وتقطع في حركتها الثانية الدورة في 365 يوم، وتطوي في اليوم الواحد أكثر من خمسمائة ألف فرسخ سابحة في الفضاء تقرب من الشمس وتبعد عنها في مدار إهليجي تقريباً وهي منتفخة مستديرة في وسطها مسطحة في قطبيها وكروية في الجملة، تستمد نورها وسائر السيارات من الشمس، والشمس تفيض عليها وعلى سائر السيارات الدائرة حولها النور والحرارة.
ويعجبني ما في بعض الاخبار على ما يخطر ببالي من قول الامام الصادق(عليه السلام) لبعض أصحابه ممن يزاول علم النجوم إذ يقول للامام(عليه السلام): إن لي في النظرة في النجوم لذّة، فيقول(عليه السلام) له ممتحناً: كم تسقي الشمس القمر من نورها؟ فقال: هذا شيء لم أسمعه قطّ، فقال الامام(عليه السلام): وكم تسقي الزهرة الشمس من نورها؟ إلى أن قال الامام(عليه السلام): كم تسقي(5)الشمس من اللوح المحفوظ من نوره(6)؟
فإن النور لما كان ألطف وأخف من الماء ويجري أشد من جريانه فإنه يطوي في اللحظة الواحدة مئات الملايين من الاميال حسُن جداً التعبير عن إفاضته على الاجسام الفاقدة له بالسقي والاستقاء، وفي هذا الخبر معان عميقة وأسرار دقيقة لا مجال لذكرها هنا، وإنما الغرض الاشارة إلى بلاغة التعبير بالسقي هنا ومناسبته للمقام. وأبلغ وأعلى منه كلمة القرآن المجيد عن دوران الكواكب في مداراتها وحركاتها في أفلاكها بقوله عز من قائل: (كلٌ في فَلك يَسبحون)(7)
فإن هذا الفضاء غير المتناهي أو الذي لم تصل عقول البشر إلى منتهاه لما كان مملوءاً بالاثير أو بما هو أشف وألطف منه وهو أرق من الماء أشبه أن يكون كالبحر المتلاطم والكواكب في جريانها وحركاتها تسبح فيه وتشق عبابه.
وها هنا نكتة بديعة وهي أن هذه الجملة الصغيرة لفظاً العظيمة مغزى ]كل في فلك[ تضمّنت نوعاً من ألطف أنواع البديع وهو (ما لا يستحيل بالانعكاس)، وألطف مثال له النادرة المشهورة في كتب الادب، وهي أن العماد الكاتب التقى ببعض أمراء عصره راكباً فرساً فقال له بديهة: (سر فلا كبا بك الفرس) فتنبه الامير لنكتته البديعة (وإنّ هذا طرده كعكسه) فأجابه بالمثل فوراً وقال له: (دام علاء العماد).
هذا ما اتخطّره من عهد بعيد يوم كنا نطالع كتب الادب أيام الصبا، وهي في الحق لو كانت مع الفكرة وطول الروية فهي آية في قوة الفكر وحدة الذهن، فكيف لو صح أنها على البديهة، ولكن لا يذهبن عنك أن البراعة في الاية الشريفة وعلوّ الاعجاز فيها رعاية مناسبة الجملة للموضوع.
فإن الموضوع لما كان هو الكوكب الذي يتحرّك في فلكه ومداره حركة مستديرة ولازمها أن تعود إلى مبدئه ويدور على نفسه وطرده كعكسه، فالموضوع معنى موضوع لا يستحيل بالانعكاس، فناسب أن يعبرّ عنه بجملة لا يستحيل بالانعكاس كنفس المعنى والموضوع، وهذه النكتة غاية في الاعجاز والروعة ولم يلتفت إليها أحد من الادباء والمفسّرين.
ونعود إلى ما كنا فيه فنقول: تلك لمحة من حال أرضنا ونظامنا الشمسي، أما الثوابت عند أهل هذه الهيئة فهي شموس أيضاً في الفضاء، ولكل واحد منها أقمار وأراض وتوابع وأنظمة، وكل واحدة من تلك الشموس أكبر من شمسنا هذه بألوف الملايين، حسبما اكتشفوه بالالات الجديدة والارصاد المستخدمة والتلسكوبات الجبارة، وقد وزنوا النور وضبطوا مقادير سيره وانعكاساته وجاءوا بالاعاجيب المدهشة مع اعترافهم بأن نسبة ما عرفوه واكتشفوه من تلك العوالم الشاسعة النيّرة إلى ما جهلوا نسبة الومضة إلى بركان النور
والقطرة إلى البحور، ولكن كل ما اكتشفوه بآلاتهم وأرصادهم تجد الاشارة إليه في القرآن العظيم وأخبار أئمتنا(عليهم السلام) حتى كون النور، وإنه مما يوزن وله مقادير معينة أشار إليه الخبر المتقدم بقوله: «كم تسقي الشمس الارض من نورها؟» حيث يدل على أن النور له كمية ومقدار تفيضه الشمس على الارض.
(والخلاصة) أن حركة الارض وسائر ما برهنت عليه الهيئة الجديدة هو الموافق للقرآن الكريم والسنة النبوية ولا سيما أخبار أئمتنا(عليهم السلام) وهو مما يحتاج إلى مؤلّف أو مؤلّفات.
مما يتعلّق بالارض: إن الرياضيين من المسلمين بل وغيرهم فرضوا على الفلك المحيط بالارض وما فوقها من الافلاك على طريقتهم دوائر عظام وصغار، والدائرة العظيمة عندهم هي التي تقسم الكرة نصفين متساويين والدوائر العظام عشرة، أهمها دائرة المعدل المفروضة على الفلك الاعلى، وتقسم الارض إلى نصف جنوبي وآخر شمالي.
ودوائر منطقة البروج المنتزعة من سير الشمس السنوي على البروج الاثني عشر من الحمل إلى الحوت، وموضع التقاطع في نقطتين بينهما وبين الاُولى يسمّيان الاعتدال الربيعي والخريفي، وأبعد نقطتين بينهما نقطتا الانقلابين الصيفي إلى الشمال والشتوي إلى الجنوب. والثالثة من الدوائر العظام دائرة نصف النهار التي تمرّ على سمت الرأس والقدم وتقسم الفلك والارض إلى قسمين شرقي وغربي وتقاطع الاولى والثانية في نقطتين إلى آخر ما ذكر في كتب الهيئة مما ليس الغرض بيانه، وإنما المقصود بيان أنهم ذكروا أن المعمور من الارض هو الربع الشمالي فقط من خط الاستواء إلى ما يقرب من القطب الشمالي، وقسموه إلى الاقاليم السبعة، مبتدئين من جزائر الخالدات من المغرب.
أما علماء الغرب فقسموا هذا الربع المعمور إلى القارات الثلاث قبلاً وهي آسيا وأفريقيا وأوربا ثم أضافوا إليها (استراليا) بعد اكتشاف (أمريكا)، فصارت القارات اليوم خمسة(8)
وهي عبارة عن مجموع ما على هذه الكرة التي نحن عليها من البلدان والعمارات; ثم أن القرآن ينص على أن الارضين سبعة حيث يقول جل شأنه: (اللهُ الذي خلقَ سبعَ سماوات ومنَ الارضِ مثلهنَّ يتنزّلُ الامر بينهنَّ)(9).
وقد اختلف الفقهاء والمفسرون في تعيين الاراضي المشار إليها بالاية الكريمة بين ذاهب إلى أنها الاقاليم السبعة، وآخر أنها طبقات الارض. وهي بعضها متصل ببعض لا فرجة بينهما، وقيل سبع بين كل واحدة إلى الاُخرى مسيرة خمسمائة عام، وفي كل أرض منها خلق، حتى قيل في كل واحدة منها آدم وحواء ونوح وإبراهيم.
وقد يوجد بعض هذا في بعض الاخبار ولكن الارجح منه إرادة الطبقات الارضية فقد ذكر علماء طبقات الارض (الجيولوجيا) أنها تتكون من طبقة طينية ومعدنية، وطبقة الادخنة والابخرة، وطبقة نارية تنفجر منها البراكين النارية، وطبقة الجليد والزمهرير، ولكن الاصح من هذا كلّه والاحرى بالاعتبار ما ورد في بعض الاخبار في تفسير هذه الاية عن الامام الرضا(عليه السلام).
فإن الرضا(عليه السلام) أجاب من سأله عن ترتيب السماوات السبع والارضين السبع فقال(عليه السلام): هذه أرض الدنيا والسماء الدنيا عليها قبّة، والارض الثانية فوق السماء الدنيا والسماء الثانية فوقها قبة والارض الثالثة فوق السماء الثانية والسماء الثالثة فوقها. إلى آخر الخبر، وفي بعضها أنه(عليه السلام) وضع يده فوق الاُخرى تمثيلاً(10).
ومن الادعية الشائعة المعتبرة وذوات الشأن الدعاء المعروف بدعاء الفرج المستحب في قنوت النوافل والفرائض «سبحان الله ربّ السماوات السبع، وربّ الارضين السبع، ورب العرش العظيم»(11).
وفي بعض خطب النهج: «الحمد لله الذي لا تواري عنه سماءٌ سماءً ولا أرضٌ أرضاً»(12).
ويظهر من هذه الفقرات المتعالية ومن الاية الشريفة بل صريحها أن هذه الاراضي السبع منفصل بعضها عن بعض، بل يظهر أو صريح جملة من أخبار اُخرى منها أن فيها خلائق وسكاناً، ويشهد له قوله تعالى: (يتنزّلُ الامر بينهنَّ).
كما يظهر من جملة أخرى أن الاراضي والكواكب السيارة أكثر من سبع، وأن له عزّ شأنه عوالم سيارات وأراضي تتجاوز مئات الاُلوف كلها موجودة فعلاً، ولا يحصي عددها إلاّ الله عزّ شأنه وجلّت عظمته.
مبدأ تكوين الارض:
الذي يظهر أن مجموع آثار الشريعة الاسلامية ومن بعض خطب (النهج) أن العالم الجسماني كله سماواته وأرضوه خلقت من زبد البحر، وأن أول ما خلق الله من الاجسام هو الماء(13).
ولعلّه يشير إلى غاز أثيري شفاف من أحد العناصر، وانضم إليه عنصر آخر عبّرت عنه الشريعة بالدخان والزبد تقريباً للاذهان، ثم خلقت منه الكواكب والارضون خلقاً استقلالياً لا اشتقاقياً توليدياً; نعم يظهر من علماء الغرب أن الارض شعلة انفصلت من الشمس قبل آلاف الملايين من السنين ثم بردت وجمدت قشرتها الاولى بحيث صارت صالحة للسكنى والانتفاع، والقمر قطعة من الارض، فالارض بنت الشمس والقمر ابن الارض وكل هذا حدس وتخمين وأحلام ولكنها أحلام جميلة.
نهاية الارض:
وقد ذكر الكثير من الفلاسفة الاقدمين والمتجدّدين أن هذه الارض لابدّ وأن تنتهي إلى الفناء والتلاشي، وذكروا أسباباً متعدّدة لذلك، منها اصطدامها بمذنّب يجعلها هباءً منثوراً، كما اصطدمت بمذنّب في طوفان نوح، حيث دفعها إلى البحار المحيطة ففاضت البحار عليها وأغرقتها. ويشهد لهذا ـ أي لتلاشي الارض ـ كثير من آيات الفرقان المجيد منها قوله: (إذا رُجَّتِ الاَرضُ رجاً * وبُسَّتِ الجبالُ بَساً * فَكانتْ هباءً مُنبثاً)(14).
ولا شك أنها ترتّج باصطدامها بقوة هائلة من مذنّب أو نحوه، وحينئذ تبس الجبال ـ أي تتفتّت ـ ثم تطير وتصير هباءً في الفضاء. وهكذا الشمس والسماء والنجوم (إِذا الشمس كوِّرت * وإِذا النُّجُومُ انكَدَرَتْ)(15).
وتكويرها انطفاء نورها وبرودة حرارتها وخمود نارها، وهكذا النجوم. فسبحان وارث السماوات والارضين وما فيها ومن عليها، وحيث بلغ بنا الحديث إلى نهاية الارض فلينته ما أردناه من القول عن الارض وبعض شؤونها وأحوالها.
المصادر :
1- البحار للمجلسي، ج: 56، كتاب السماء والعالم، باب النار وأقسامها، ص: 331.
2- سورة النَّبأ: 40.
3- في الوقت الحاضر فقد تجاوز عدد العناصر المائة عنصر.
4- هذا بلحاظ الفترة التأريخية لکتابة المقال
5- هكذا في الاصل ولعل الصحيح «تستقي».
6- المجلسي، بحار الانوار، ج: 55، كتاب السماء والعالم، باب علم النجوم والعمل به، ح: 33، ص: 250.
7- سورة يس: 40.
8- والمعروف اليوم أن القارات سبع.
9- سورة الطلاق: 12.
10- القمي، تفسير القمي، ج: 2، سورة الذاريات، ص: 329، والبحار للمجلسي، ج: 57، كتاب السماء والعالم، باب الارض وكيفيتها، ص: 79 عنه.
11- الطوسي، تهذيب الاحكام، ج: 5، كتاب الحج، باب العمل والقول عند الخروج، ح: (154)17، ص: 50.
12- نهج البلاغة، خطبة 172.
13- علل الشرائع للشيخ الصدوق، باب 77، ح: 6، ص: 83، والبحار للمجلسي، ج: 5، كتاب العدل، باب الطينة والميثاق، ح: 23، ص: 240 عنه، والمناقب لابن شهر آشوب، ج: 4، باب إمامة الرضا(عليه السلام)، ص: 54، والبحار للمجلسي، ج: 6، كتاب العدل، باب علل الشرائع (النوادر)، ح: 6، ص: 111 عنه، ونهج البلاغة، خ: 1.
14- سورة الواقعة: 4 ـ 6.
15- سورة التكوير: 1 ـ 2.

 



ارسل تعليقاتك
با تشکر، نظر شما پس از بررسی و تایید در سایت قرار خواهد گرفت.
متاسفانه در برقراری ارتباط خطایی رخ داده. لطفاً دوباره تلاش کنید.