فقهيات الارض

إن الشارع الحكيم في الشريعة الاسلامية قد علّق على الارض جملة أحكام ذكرها الفقهاء في متفرق كتب الفقه; وقد ذكرناها في رسائلنا العملية المطبوعة (كالوجيزة) و (حواشي التبصرة) و (السفينة) و (السؤال والجواب) وغيرها، فلنذكرها هنا بالايماء
Tuesday, November 1, 2016
الوقت المقدر للدراسة:
مؤلف: علی اکبر مظاهری
موارد بیشتر برای شما
فقهيات الارض
 فقهيات الارض

 





 

إن الشارع الحكيم في الشريعة الاسلامية قد علّق على الارض جملة أحكام ذكرها الفقهاء في متفرق كتب الفقه; وقد ذكرناها في رسائلنا العملية المطبوعة (كالوجيزة) و (حواشي التبصرة) و (السفينة) و (السؤال والجواب) وغيرها، فلنذكرها هنا بالايماء والاشارة بمناسبة ذكر الارض وشؤونها وأحكامها; مرتبة على حسب ترتيب الفقهاء لكتب الفقه.
1 ـ الارض من المطهرات العشرة، تطهّر باطن القدم وأسفل العصا وباطن النعل والحذاء ونظائرها مع المشي عليها وزوال عين النجاسة.
2 ـ الاستجمار بأحجار ثلاثة طاهرة من الارض تطهّر المخرج وتغني عن الماء.
3 ـ التيمّم بالصعيد وهو إما مطلق وجه الارض فيشمل الصخر والحصى والرمل وأشباهها، أو خصوص التراب على خلاف بين الفقهاء كالخلاف بين اللغوين، ولعلّ الاول أرجح وهو بالكيفية المشروحة في كتب الفقه يغني عن الغسل والوضوء الواجبين والمستحبين في مواضع الضرورة بل ومطلقاً في بعض الموارد.
4 ـ وجوب دفن الاموات في الارض بنحو يمنع ظهور رائحته ومن وصول الوحوش إليه.
5 ـ تعفير خده بالارض عند دفنه.
كتاب الصلاة
1 ـ جواز الصلاة والمرور في الاراضي الواسعة المملوكة، ولو مع عدم الاستيذان من مالكها مع عدم الاضرار، وكذا جواز الوضوء والشرب من الانهار الواسعة المملوكة بغير استيذان.
2 ـ وجوب السجود على الارض الطاهرة وما تنبته غير المأكول والملبوس.
3 ـ إرغام الانف بالارض عند السجود.
4 ـ زلزلة الارض سبب صلاة الايات المعروفة وهي عشر ركوعات بنحو مخصوص.

الزكاة

وجوب الزكاة فيما تخرجه الارض من الغلات الاربع: الحنطة والشعير والتمر والزبيب، واستحبابه فيما عدا ذلك، نصف العشر فيما تسقى بالالة، وضعفه فيما عدا ذلك.

الخمس

أحد موارد وجوب الخمس الارض المنتقلة من المسلم إلى الذمي.

البيع

إرث الزوجة في الخيار المتعلّق بالارض التي ترث فيها الزوجة المنتقلة إلى الزوج أو المنتقلة منه، وهي من معضلات المسائل وفيها أبحاث عميقة ودقيقة ولنا فيها رسالة.

المزارعة

وهي معاملة على زرع الارض بحصّة معينة من عائدها، وهي نوع من أنواع الاجارة والاستيجار انفردت عنها بأحكام خاصة ومثلها.

المساقاة

وهي معاملة على سقي الغروس بحصة معينة من ثمرتها.

المغارسة

وهي معاملة على غرس في مدّة معيّنة بمقدار معين من المال أو من ثمراتها. والمشهور عند الفقهاء صحّة المعاملتين الاُوليين وبطلان الاخيرة، والاصح عندنا صحّتها أيضاً.

إحياء الموات

وستأتي الاشارة الموجزة إلى بيان بعض أحكامه في الفائدة الثالثة.

الميراث

حرمان الزوجة من مطلق الارض عيناً وقيمة، سواء كانت خالية أو مشغولة ببناء وعمارة; أو غرس أو زرع. وترث من البناء والغروس قيمة، ومن المنقولات عيناً. وهذا مما انفردت به الامامية لاخبار خاصة عن أئمة أهل البيت(عليهم السلام).
هذا ما حضرنا على جري القلم وربّما يجد المتتبع أكثر من هذا.

فائدة نافعة وواسعة:

إن الاراضي التي استولى عليها المسلمون أيام الفتح وفي الصدر الاول من الاسلام لا تخلو عن كونها:
(إما غامرة) وهي الموات التي لا تصلح للزرع عادة إما لان الماء يغمرها أكثر السنة، أو لانه لا يصل إليها مطلقاً أو في أيام الزرع، أو لانها سباخ. ويدخل فيها الاودية والاجام ورؤوس الجبال وسيف البحار.
وكل هذه الانواع تدخل في الانفال، وهي راجعة لولي الامر يعمل فيها وفيما يوجد من المعادن في باطنها، وغيرها ما يراه صالحاً للاسلام وشؤونه وقوة جنديته وأسلحته، فلا يجوز لاحد أن يستغل شيئاً منها إلا بإذنه أو إذن خلفائه أو أمنائه على مرور الاحقاب والاعقاب.

واما (عامرة) وهي أقسام:

(أولها) وأشهرها: المفتوح عنوة أي بالقهر والقوة، وهو ما أوجف المسلمون عليه بخيل وركاب، وذلك كالعراق بأجمعه، وأكثر إيران، وأكثر أراضي الشام وفلسطين وشرق الاردن ونحوها. وقد شاع واشتهر أن هذا القسم ملك أو مختص بالمسلمين، وأن تقبيله وتصريفه أيضاً لولي الامر وخلفائه، وهذا القسم هو المعروف بأرض الخراج يقبل الامام لاحاد المسلمين مقداراً منه فيزرعونه، ويأخذ منه العشر، قيمة وهو الخراج أو عيناً وهو المقاسمة، ثم يصرف ما يستوفيه من ذلك في مصالح الاسلام والمسلمين سلماً أو حرباً هجوماً أو دفاعاً مما لا مصداق له اليوم، بل وياليتنا نسلم من شرّهم ونفلت من اشراكهم.
(ثانيها) الارض التي أسلم عليها أهلها اختياراً كالمدينة وكثير من أراضي اليمن.
(ثالثها) الارض التي صالح عليها أهلها من أهل الذمة وهي المعروفة بأرض الجزية.
وحكم هذين القسمين أنهما ملك طلق لاربابه لا شيء عليهم فيهما سوى الزكاة في غلّتهما بشروطها المعلومة.
أما المفتوح عنوة فبعد اتفاق الاصحاب أنها للمسلمين ـ وأن في غلّتها مضافاً إلى الزكاة الخراج أو المقاسمة ـ اختلفوا أشد الاختلاف في ملكيتها; فبين قائل إنها لا تملك مطلقاً بل هي لعنوان المسلمين الكلي في جميع الطبقات إلى آخر الدهر; وبين قائل بأنه يملكها من تقبّلها من الامام أو السلطان بفرضه عليه من الشروط، وبين مفصّل بأنها تملك تبعاً للاثار لا مطلقاً، واستدل كل من هؤلاء على مختاره بدليل من الاخبار ووجوده من الاعتبار وغيرهما. وارتبك القائلون بعدم الملكية مطلقاً أو الاتباع للاثار بالسيرة المستمرة من اليوم إلى يوم الاسلام الاول في البيع والشراء والوقف والرهن على رقبة الارض، مع قطع النظر عن الاثار. وهذه العقود تتوقف على الملكية إذ لا بيع إلا في ملك، ولا وقف إلا في ملك وهكذا. ثم لازم القولين ان المسجد إذا زال بنيانه بالكلية يزول عن المسجدية حينئذ، ويصح جعله داراً ومزرعة أو غير ذلك، بل ويجوز تنجيسه ومكث الجنب فيه إلى آخر ما هناك. وهذه اللوازم مما لا يمكن الالتزام بها أصلا.
وحل عقدة هذا البحث: إن الاصحاب رضوان الله عليهم من الصدر الاول إلى اليوم قد توهموا من الاخبار وفهموا منها عدم الملكية الشخصية لاحد من الناس لشيء من المفتوح عنوة، وأنه ملك لكلّي المسلمين إلى نهاية الدهر لو أن للدهر نهاية، وغفلوا عن نقطة دقيقة في تلك الاحاديث لو التفت أحد منهم إليها لما وقع هذا الارتباك. وحاصل ما يستفاد من مجموع ما ورد من الروايات في هذا الباب هو أن الارض العامرة قسمان:
(القسم الاول): هو مطلق لاربابه لا شيء عليهم فيه سوى الزكاة، وهما الارض التي أسلم عليها أهلها، والتي صالحوا عليها.
(والقسم الثاني): وهو المفتوح عنوة مضافاً إلى الزكاة حق آخر لعنوان المسلمين ومصالحهم إلى يوم القيامة، لا يراد بذلك نفي الملكية مطلقاً، بل نفي الملكية المطلقة وبيان أن لها نوعاً خاصاً من الملكية، وذاك أن في عائده حقاً للمسلمين ليس في سائر الانواع، وهذه النكتة بعد التنبيه عليها جلية من الروايات والعجب غفل عنها أولئك الاعاظم.
ففي خبر محمد بن شريح: سألت أبا عبدالله ]أي الصادق(عليه السلام)[ عن شراء الارض من أرض الخراج فكرهه، وقال: إنما أرض الخراج للمسلمين، فقالوا له: فانه يشتريها الرجل وعليه خراجها؟ فقال: لا بأس إلا أن يستحي من عيب ذلك(1).
وفي (صحيحة صفوان) قال: حدثني أبو بردة بن رجا قال: قلت لابي عبدالله(عليه السلام): كيف ترى في شراء أرض الخراج؟ قال: ومن يبيع ذلك ؟!! هي أرض المسلمين; قال: قلت يبيعها الذي هي في يده، قال: ويصنع بخراج المسلمين ماذا ؟! ثم قال: لا بأس اشتر(2) حقه منها ويحوّل حق المسلمين عليه ولعلّه يكون أقوى عليها وأملا بخراجهم منه(3).
أنظر كيف استنكر الامام(عليه السلام)بيعها ثم أمضاه من الذي هي بيده إذا التزم بخراجها، فليس محط النظر في كل طائفة من الاخبار الواردة في هذا الموضوع إلا المحافظة على الخراج الذي هو حق المسلمين ومصالح الاسلام. نعم في هذا كثير من الاخبار ما يظهر منه المنع مطلقاً، مثل صحيحة ابن ربيع الشامي: «لا تشتر من أرض السواد شيئاً إلا من كانت له ذمة فإنما هو في للمسلمين»(4)، وهو وأمثاله محمول على ما ذكرناه.
فاغتنم هذه الفائدة فإنها فريدة ومفيدة، وهي من مفرداتنا فيما أحسب. والمراد بأرض السواد العراق فإنه كان عامراً بأجمعه فمن توجه إليه يرى من بعد سواداً متراكماً، وهذا السواد هو البياض حقيقة، أما بياض أراضي العراق اليوم لخرابها وعدم عمرانها فيها سواد الوجه، وحقاً ما قالوا: الظلم لا يدوم وإذا دام دمر، هذا حال العامر حال الفتح فإذا خرب وكان صالحاً للعمارة ألزم السلطان صاحب الارض بعمارتها،
فإن عجز دفعها ولي الامر لمن يعمرها وتبقى على ملك الاول ويأخذ أجرة الارض من المعمرّ الثاني ويدفع خراجها، أما لو جهل مالك الارض فلولي الامر أن يدفعها للمعمر أو تقبيلاً أو تمليكاً أو إجارة حسبما يراه من المصلحة، فلو ظهر صاحبها أخذ الاجرة، هذا حكم الموات بعد الفتح، أما الموات قبله وهو الذي أشرنا إليه في صدر هذه الفائدة وهو المعنون بكتب الفقهاء بكتاب (إحياء الموات) فقد شاع واشتهر حديث: «من أحيا أرضاً ميتة فهي له»(5).
وربما يستكشف منه الاذن العام في الاحياء لكل أحد مسلماً كان أو غيره، وتكون ملكاً طلقاً له لا حق فيها لاحد لاخراجها ولا مقاسمة ولا غيرهما، نعم في غلّتها الزكاة بشروطها كغيرها من الاراضي المملوكة، ولكن الاصح عندنا وهو الاحوط إستئذان الامام في الاحياء أو نائبه، فإن شاء أذن له مطلقاً وإن شاء بأجرة حسبما يراه من المصلحة ووضع الارض سهولاً وحزوناً وغير ذلك. نعم اشترطوا في إحياء الموات شروطاً:
1 ـ أن لا يكون مملوكاً لمسلم ومعاهد، سواء لم يعلم ملكية أحد له أو علم وباد أهله.
2 ـ أن لا يكون محجراً فإن التحجير يفيد الاختصاص والاولوية.
3 ـ أن لا يكون قد جرى عليه إقطاع من السلطان أو الامام فإنه كالتحجير.
4 ـ أن لا يكون مشعراً للعبادة كعرفة ومنى وأمثالهما.
5 ـ أن لا يكون حريماً لعامر من بلد أو قرية أو بستان أو مزرعة، ولا ما يحتاج إليه العامر من طريق أو شرب أو مراح أو ميدان سباق ونحوها.
مما يلحق بهذا البحث المشتركات العامة وأصولها ثلاثة:
المياه، والمعادن، والمنافع وهي ستة منافع: المساجد، والمشاهد، والمدارس، والربط ومنها الخانات في الطرق والمنازل للمسافرين، والطرق أي الشوارع والجادات، ومقاعد الاسواق.
ومعنى الاشتراك هنا أن كل من سبق إلى شيء أو محل من تلك الاماكن فهو أحق به ولا يجوز لغيره مزاحمته، فلو دفعه غيره فعل حراماً قطعاً، فإن كان عيناً كالماء والمعدن فهو غصب بلا إشكال، وإن كان موضعاً كالمدرسة والخان والشارع فلا يبعد الغصب على إشكال، وإن كان مشعراً كالمشاهد والمساجد ونحوها فالاقرب عدم تحقيق الغصبية لعدم حق مالي فيها يتحقق به الغصب، كما أوضحناه في كثير من مؤلفاتنا، وها هنا مباحث جليلة وتحقيقات دقيقة لا يسعها هذا المختصر وهي موكولة إلى محالهّا.
المصادر :
1- الشيخ الطوسي، تهذيب الاحكام، ج: 7، كتاب التجارة، باب أحكام الارضين، ح: (654)3، ص: 148.
2- هكذا في الاصل، ولعل الصواب (أن يشتري).
3- المصدر السابق، ج: 4، كتاب الزكاة، باب الزيادات، ح: (406)28، ص: 146، والاستبصار للشيخ الطوسي، ج: 3، كتاب البيوع باب ارض الخراج، ح: (387)4، ص: 109.
4- الطوسي، تهذيب الاحكام، ج: 7، كتاب التجارات، باب احكام الارضين، ح: (653)2، ص: 147، والاستبصار للشيخ الطوسي، ج: 3، كتاب البيوع، باب ارض الخراج، ح: (385)2، ص: 109.
5- الكافي للكليني، ج: 5، كتاب المعيشة، باب إحياء أرض الموات، ص: 279 ـ 280، والبحار للمجلسي، ج: 73، كتاب الادب والسنن، باب اللحية والشارب، ح: 10، ص: 111.

 



ارسل تعليقاتك
با تشکر، نظر شما پس از بررسی و تایید در سایت قرار خواهد گرفت.
متاسفانه در برقراری ارتباط خطایی رخ داده. لطفاً دوباره تلاش کنید.