
، لقد نطق القرآن الکريم بهذا المعنى و لا خلاف ولا شكّ فيه عند أحد من المسلمين ، وأنا أذكر هنا جملة من الأحاديث الواردة في ذلك ولا أدّعي الاستقصاء فإنّها أكثر من أن تحصى ، وقد تضمّنت كتب العامّة والخاصّة شيئاً كثيراً من ذلك ، وقد نقلوا هذا المعنى في كتب التواريخ وكتب الحديث والتفاسير وغيرها ، ولم أنقل إلا بعض ما ورد من طريق علماء الخاصّة واقتصرت على أحاديث :
الأوّل :
ما رواه الشيخ الجليل رئيس المحدِّثين أبو جعفر ابن بابويه في كتاب « عيون الأخبار » ـ في باب الأخبار المنثورة ـ قال : حدّثنا أبي 2 قال : حدّثنا علي بن موسى بن جعفر الكميداني ، ومحمّد بن يحيى العطّار جميعاً ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر البزنطي ، قال : سمعت الرضا عليه السلام يقول : « إنّ رجلاً من بني إسرائيل قتل قرابة له ، فطرحه على طريق أفضل سبط من أسباط بني إسرائيل ، ثمّ جاء يطلب بدمه.
فقال لموسى : إنّ سبط آل فلان قتلوا فلاناً فأخبرنا من قتله ، فقال : إئتوني ببقرة
( قَالُوا أَتَتَّخِذُنَا هُزُواً قَالَ أَعُوذُ بِاللهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ ) ولو أنّهم عمدوا إلى بقرة أجزأتهم ولكن شدّدوا فشدّد الله عليهم ـ إلى أن قال ـ : فاشتروها وجاءوا بها فأمر بذبحها ، ثمّ أمر أن يضرب الميّت بذَنَبها ، فلمّا فعلوا ذلك حيى المقتول ، فقال : يا رسول الله إنّ ابن عمّي قتلني دون من يدّعي عليه قتلي » (1) الحديث.
الثاني :
ما رواه ابن بابويه أيضاً في كتاب « عيون الأخبار » ـ في باب مجلس الرضا عليه السلام مع أهل الأديان وأهل المقالات في التوحيد عند المأمون ـ قال : حدّثنا أبو محمّد جعفر بن علي بن أحمد الفقيه القمّي ، قال : أخبرنا أبو محمّد الحسن بن محمّد بن حسن بن علي بن صدقة القمّي ، قال : حدّثني أبو عمرو محمّد بن عبد العزيز الأنصاري ، قال : حدّثني من سمع الحسن بن محمّد النوفلي ثمّ الهاشمي يقول : ثمّ ذكر احتجاج الرضا عليه السلام على أهل المقالات ـ إلى أن قال الرضا عليه السلام لبعض علماء النصارى ـ : « ما أنكرت أنّ عيسى عليه السلام كان يُحيي الموتى بإذن الله؟ » قال الجاثليق : أنكرت ذلك من قبل ، أنّ من أحيا الموتى وأبرأ الأكمه والأبرص فهو ربّ مستحقّ لأن يُعبد.
فقال الرضا عليه السلام : « فإنّ اليسع قد صنع مثل ما صنع عيسى عليه السلام ، مشى على الماء وأحيا الموتى وأبرأ الأكمه والأبرص ، فلم تتّخذه اُمّته ربّاً ، ولم يعبده أحد من دون الله ، ولقد صنع حزقيل النبي عليه السلام مثل ما صنع عيسى بن مريم عليه السلام ، فأحيا خمسة وثلاثين ألف رجل بعد موتهم بستّين سنة ».
ثمّ التفت إلى رأس الجالوت فقال له : « أتجد هؤلاء في شباب بني إسرائيل في التوراة ، اختارهم بخت نصّر من سبي بني إسرائيل حين غزا بيت المقدس ، ثمّ انصرف بهم إلى بابل فأرسله الله إليهم فأحياهم ، هذا في التوراة لا يدفعه إلا كافر منكم؟ » قال رأس الجالوت : قد سمعنا به وعرفناه قال : « صدقت » ثمّ أقبل على النصراني فقال : « يا نصراني فهؤلاء كانوا قبل عيسى أم عيسى كان قبلهم؟ » قال : بل كانوا قبله.
فقال الرضا عليه السلام : « لقد اجتمعت قريش إلى رسول الله صلی الله عليه وآله وسلم فسألوه أن يُحيي لهم موتاهم ، فوجّه معهم علي بن أبي طالب عليه السلام فقال : يا علي إذهب إلى الجبّانة فنادِ بأسماء هؤلاء الرهط الذين يسألون عنهم بأعلى صوتك : يا فلان ويافلان ويافلان ، يقول لكم محمّد صلی الله عليه وآله وسلم : قوموا بإذن الله ، فقاموا ينفضون التراب عن رؤوسهم ، فأقبلت قريش تسألهم عن أحوالهم ثمّ أخبروهم أنّ محمّداً صلی الله عليه وآله وسلم قد بُعث نبيّاً ، فقالوا : وددنا أنّا أدركناه فنؤمن به ـ إلى أن قال ـ : إنّ قوماً من بني اسرائيل خرجوا من ديارهم من الطاعون وهم اُلوف حذر الموت ، فأماتهم الله في ساعة واحدة ، فعمد أهل القرية فحظروا عليهم حظيرة ، فلم يزالوا فيها حتّى نخرت عظامهم وصارت رميماً ، فمرّ بهم نبيّ من أنبياء بني إسرائيل فتعجّب من كثرة العظام البالية ، فأوحى الله إليه : أتحبّ أن اُحييهم لك فتنذرهم؟ قال : نعم يا رب ، فأوحى الله إليه : نادهم فقال : أيّتها العظام البالية قومي بإذن الله تعالى ، فقاموا أحياء أجمعون ، ينفضون التراب عن رؤوسهم.
ثمّ إبراهيم خليل الرحمن حين أخذ الطير فقطّعهن قطعاً ، ثمّ وضع على كلّ جبل منهنّ جزءاً ، ثمّ ناداهن فأقبلن سعياً إليه.
ثمّ موسى بن عمران وأصحابه الذين كانوا سبعين اختارهم فصاروا معه إلى الجبل ، فقالوا : إنّك قد رأيت الله سبحانه فأرناه كما رأيته ، فقال : إنّي لم أره ، فقالوا : لن نؤمن لك حتّى نرى الله جهرة ، فأخذتهم الصاعقة فاحترقوا عن آخرهم ، فبقي موسى وحيداً ، فقال : يا ربّ إنّي اخترت منهم سبعين رجلاً فجئت بهم وأرجع وحدي فكيف يصدّقني قومي بما اُخبرهم به ، فأحياهم الله تعالى من بعد موتهم.
وكلّ شيء ذكرته لك لا تقدر على دفعه ، لأنّ التوراة والإنجيل والزبور والفرقان قد نطقت به » (2) الحديث.
ورواه ابن بابويه أيضاً في كتاب « التوحيد » في الباب المذكور بالإسناد السابق (3).
ورواه الشيخ الطبرسي في كتاب « الاحتجاج » مرسلاً (4).
أقول : قوله : « ما أنكرت » ... إلى آخره. معناه أيّ شيء أنكرت من إحياء عيسى للموتى بإذن الله ، حتّى زعمت أنّه ينافي البشرية ويستلزم الربوبيّة ، فإنّ النصارى لم ينكروا إحياء الموتى وإنّما أنكروا البشرية وهو ظاهر.
واعلم أنّ هذا الحديث الشريف يدلّ على أنّ الرجعة لا تستلزم التكليف ولا تنافيه ، بل يمكن كون أهل الرجعة كلّهم مكلّفين ، وأن يكونوا غير مكلّفين ، وأن يكون بعضهم مكلّفاً وبعضهم غير مكلّف ، لأنّ الجماعة من قريش لمّا أحياهم الله لم يكونوا مكلّفين وإلا لما قالوا : « وددنا أنّا أدركناه فنؤمن به » وأنّ الجماعة من بني إسرائيل لمّا أحياهم الله بعد موتهم كانوا مكلّفين. ويأتي تحقيق ذلك إن شاءالله تعالى.
الثالث :
ما رواه ابن بابويه أيضاً في « عيون الأخبار » ـ في باب ذكر مجلس آخر للرضا عليه السلام عند المأمون في عصمة الأنبياء : ـ قال : حدّثنا تميم بن عبدالله بن تميم القرشي ، عن أبيه ، عن حمدان بن سليمان النيسابوري ، عن علي بن محمّد بن الجهم ـ في حديث طويل ـ إنّ المأمون قال للرضا عليه السلام : فأخبرني عن قول إبراهيم عليه السلام : ( رَبَّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِن قَالَ بَلَى وَلكِن لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي ) ؟ فقال الرضا عليه السلام : « إنّ الله أوحى إلى إبراهيم عليه السلام : إنّي متّخذ خليلاً إن سألني إحياء الموتى أحييتها له ، فوقع في قلب إبراهيم أنّه ذلك الخليل فقال : ( رَبَّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِن قَالَ بَلَى وَلكِن لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي ـ على الخلّة ـ قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَل مِنْهُنَّ جُزْءاً ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْياً ).
فأخذ إبراهيم عليه السلام نسراً وبطّاً وطاووساً وديكاً فقطّعهنّ وخلطهنّ ، ثمّ جعل على كلّ جبل ـ من الجبال التي كانت حوله وكانت عشرة ـ منهنّ جزءاً وجعل مناقيرهنّ بين أصابعه ، ثمّ دعاهنّ بأسمائهنّ ووضع عنده حبّاً وماءً ، فتطايرت تلك الأجزاء بعضها إلى بعض حتّى استوت الأبدان ، وجاء كلّ بدن حتّى انضمّ إلى رقبته ورأسه ، فخلّى إبراهيم عن مناقيرهنّ فطرن ، ثمّ وقعن فشربن من ذلك الماء ، والتقطن من ذلك الحبّ وقلن : يا نبي الله أحييتنا أحياك الله ، فقال إبراهيم : بل الله يحيي ويميت وهو على كلّ شيء قدير » فقال المأمون : بارك الله فيك يا أبا الحسن (5) ، الحديث.
ورواه في كتاب « التوحيد » أيضاً بهذا السند في باب القدرة (6).
ورواه الطبرسي في « الاحتجاج » مثله (7).
الرابع :
ما رواه ابن بابويه في « عيون الأخبار » ـ في الباب المذكور ـ بالإسناد السابق أنّ المأمون سأل الرضا عليه السلام فقال : أخبرني عن قول الله عزّوجلّ ( وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي ) فقال : « إنّ موسى لمّا كلّمه ربّه رجع إلى قومه فأخبرهم ، فقالوا : لن نؤمن لك حتّى نسمع كلامه ، وكان القوم سبعمائة ألف ، فاختار منهم سبعين ألفاً ، ثمّ اختار منهم سبعة آلاف ، ثمّ اختار منهم سبعمائة ، ثمّ اختار منهم سبعين رجلاً.
فخرج بهم إلى طور سيناء ، فلمّا سمعوا كلام الله ، قالوا : لن نؤمن لك حتّى نرى الله جهرة ، فبعث الله عليهم صاعقة فأخذتهم بظلمهم فماتوا ، فقال موسى : يا ربّ ما أقول لبني إسرائيل إذا رجعت إليهم؟ فقالوا : إنّك ذهبت بهم فقتلتهم ؛ لأنّك لم تكن صادقاً؟ فأحياهم الله وبعثهم معه » (8) الحديث.
ورواه الطبرسي في « الاحتجاج » مثله (9).
الخامس :
ما رواه ابن بابويه أيضاً في كتاب « الخصال » ـ في باب الأربعة ـ قال : حدّثنا محمّد بن علي ماجيلويه ، عن عمّه محمّد بن أبي القاسم ، عن محمّد بن علي الكوفي ، عن موسى بن سعدان ، عن عبدالله بن القاسم ، عن صالح بن سهل ، عن أبي عبدالله عليه السلام في قوله تعالى ( فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ ) قال : « أخذ الهدهد والصرد والطاووس والغراب فذبحهنّ وعزل رؤوسهنّ ، ثمّ دقّ أبدانهنّ حتّى اختلطت ، ثمّ جزّأهنّ عشرة أجزاء على عشرة أجبل ، ثمّ وضع عنده حبّاً وماءً ، ثمّ جعل مناقيرهنّ بين أصابعه ، ثمّ قال : إئتين سعياً بإذن الله عزّوجلّ ، فتطاير بعضها إلى بعض ـ اللحم والريش والعظام ـ حتّى استوت الأبدان كما كانت ، وجاء كلّ بدن حتّى التزق برقبته التي فيها رأسه والمنقار ، فخلّى إبراهيم عن مناقيرهنّ فوقفن وشربن من ذلك الماء ، والتقطن من ذلك الحبّ ، ثمّ قلن : أحييتنا يا نبيّ الله أحياك الله ، فقال إبراهيم : بل الله يُحيي ويميت » (10).
السادس :
ما رواه ثقة الإسلام محمّد بن يعقوب الكليني ـ في باب النوادر من كتاب الجنائز ـ : عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن محبوب ، عن أبي أيّوب ، عن يزيد الكناسي ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : « إنّ فتية من أولاد ملوك بني إسرائيل كانوا متعبّدين ، خرجوا يسيرون فمرّوا بقبر على ظهر الطريق قد سفى عليه السافي ، ليس منه إلا رسمه ، فقالوا : لو دعونا الله الساعة فينشر لنا
صاحب هذا القبر فساءلناه كيف وجد طعم الموت ، فدعوا الله عزّوجلّ وكان دعاؤهم الذي دعوا الله به : أنت إلهنا يا ربّنا ليس لنا إله غيرك ـ إلى أن قالوا ـ : انشر لنا هذا الميّت بقدرتك.
قال : فخرج من ذلك القبر رجل أبيض الرأس واللحية ، ينفض رأسه من التراب فزعاً شاخصاً بصره إلى السماء ، فقال لهم : ما يوقفكم على قبري؟ فقالوا : دعوناك لتخبرنا كيف وجدت طعم الموت؟ فقال لهم : قد سكنت في قبري تسعاً وتسعين سنة ما ذهب عنّي ألم الموت وكربه ، ولا خرج مرارة طعم الموت من حلقي ، فقالوا له : متّ وأنت على ما نرى أبيض الرأس واللحية؟ فقال : لا ولكن لمّا سمعت الصيحة اُخرج اجتمعت تربة عظامي إلى روحي فبقيت فيه ، فخرجت فزعاً شاخصاً بصري ، مهطعاً إلى صوت الداعي ، فابيضّ لذلك رأسي ولحيتي » (11).
أقول : وإذا جاز أن يحيي الله الموتى بدعاء أولاد الملوك المتعبّدين ، فكيف يجوز أن ينكر إحياء الموتى بدعاء أولاد الأنبياء المعصومين والأئمّة الطاهرين ، مع ما تقدّم في الباب السابق وغيره.
السابع :
ما رواه الكليني أيضاً ـ في كتاب العقل والجهل ـ : عن الحسين بن محمّد ، عن أحمد بن محمّد السياري ، عن أبي يعقوب البغدادي ، عن أبي الحسن عليه السلام (12) في حديث أنّه قال : « إنّ الله بعث عيسى عليه السلام في زمان قد ظهرت فيه الزمانات ، واحتاج الناس إلى الطبّ ، فأتاهم من عند الله بما لم يكن عندهم مثله ، وبما أحيا لهم الموتى وأبرأ لهم الأكمه والأبرص بإذن الله » الحديث.
ورواه ابن بابويه في كتاب « العلل » : عن جعفر بن محمّد بن مسرور ، عن الحسين بن محمّد مثله (13).
ورواه في كتاب « عيون الأخبار » أيضاً قريباً من نصف الكتاب (14).
ورواه البرقي في كتاب العلل من « المحاسن » .
الثامن :
ما رواه الكليني في ـ باب أنّ الأئمّة : ورثوا علم النبي وجميع الأنبياء والأوصياء : ـ : عن محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن أبي زاهر أو غيره ، عن محمّد بن حمّاد ، عن أخيه أحمد بن حمّاد ، عن أبيه ، عن أبي الحسن الأوّل عليه السلام قال : قلت له : إنّ عيسى عليه السلام كان يُحيي الموتى بإذن الله ، قال : « صدقت ، وسليمان كان يفهم منطق الطير ، وكان رسول الله صلی الله عليه وآله وسلم يقدر على هذه المنازل » (15) الحديث.
ورواه الصفّار في « بصائر الدرجات » : عن محمّد بن حمّاد ، عن أخيه أحمد بن حمّاد ، عن إبراهيم ، عن أبيه ، عن أبي الحسن عليه السلام مثله (16).
ورواه في باب آخر عن محمّد بن حمّاد ، عن إبراهيم بن عبدالحميد ، عن أبيه ، عن أبي الحسن الأوّل عليه السلام (17).
التاسع :
ما رواه الكليني في « الروضة » ـ بعد حديث قوم صالح ـ : عن عدّة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن ابن محبوب ، عن عمر بن يزيد وغيره ، عن بعضهم ، عن أبي عبدالله عليه السلام وبعضهم عن أبي جعفر عليه السلام في قوله تعالى ( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِن دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقَالَ لَهُمُ اللهُ مُوتُوْا ثُمَّ أَحْيَاهُمْ ) فقال : « إنّ هؤلاء أهل مدينة من مدائن الشام وكانوا سبعين ألف بيت ، كان الطاعون يقع فيهم في كلّ أوان ، وكانوا إذا أحسّوا به خرج الأغنياء لقوّتهم ، وبقي الفقراء لضعفهم ، فيقلّ الطاعون في الذين خرجوا ويكثر في الذين أقاموا.
قال : فاجتمع رأيهم جميعاً أنّهم إذا أحسّوا بالطاعون خرجوا من المدينة كلّهم ، فلمّا أحسّوا بالطاعون خرجوا جميعاً وتنحّوا عن الطاعون حذر الموت ، فساروا في البلاد ما شاء الله ثمّ إنّهم مرّوا بمدينة خربة قد جلا أهلها وأفناهم الطاعون ، فنزلوا بها فلمّا حطّوا رحالهم ، قال لهم الله : موتوا جميعاً ، فماتوا من ساعتهم وصاروا رميماً وكانوا على طريق المارّة ، فجمعوهم في موضع فمرّ بهم نبيّ من أنبياء بني إسرائيل يقال له : حزقيل ، فلمّا رأى تلك العظام بكى واستعبر وقال : ربِّ لو شئت لأحييتهم الساعة كما أمتّهم فعمّروا بلادك وولدوا عبادك وعبدوك مع من يعبدك من خلقك ، فأوحى الله إليه أفتحبّ ذلك؟ قال : نعم يا رب ، فأوحى الله إليه أن قل كذا وكذا فقال الذي أمره الله أن يقول.
قال أبو عبدالله عليه السلام : وهو الاسم الأعظم ، قال : فلمّا قال حزقيل ذلك الكلام ونظر إلى العظام يطير بعضها إلى بعض فعادوا أحياءً ينظر بعضهم إلى بعض ، يسبِّحون الله ويكبِّرونه ويهلِّلونه ، فقال حزقيل عند ذلك : أشهد أنّ الله على كلّ شيء قدير » قال عمر بن يزيد : قال أبو عبدالله عليه السلام : « فيهم نزلت هذه الآية » (18).
العاشر :
ما رواه الكليني أيضاً في « الروضة » قريباً من النصف : ( عن محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن محمّد بن خالد والحسين بن سعيد جميعاً ، عن النضر بن سويد ) عن يحيى بن عمران الحلبي ، عن هارون بن خارجة ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله عليه السلام في قول الله عزّوجلّ ( وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ ) قلت : ولده كيف أُوتي مثلهم؟ قال : « أحيا له من ولده الذين كانوا ماتوا قبل ذلك بآجالهم ، والذين هلكوا يومئذ » (19).
الحادي عشر :
ما رواه الكليني أيضاً في « الروضة » ـ في حديث عنوانه حديث الميّت الذي أحياه عيسى عليه السلام ـ : عن محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد ، عن الحسن بن محبوب ، عن أبي جميلة ، عن أبان بن تغلب وغيره ، عن أبي عبدالله عليه السلام أنّه سُئل هل كان عيسى عليه السلام أحيا أحداً بعد موته حتّى كان له أكل ورزق ومدّة وولد؟ قال : « نعم إنّه كان له صديق مواخ له في الله ، وكان عيسى عليه السلام يمرّ به وينزل عليه ، وإنّ عيسى عليه السلام غاب عنه حيناً ثمّ مرّ به ليسلّم عليه ، فخرجت إليه اُمّه فسألها عنه ، فقالت : مات يا رسول الله ، قال : أفتحبّين أن تريه؟ قالت : نعم ، فقال لها : إذا كان غداً فآتيك حتّى اُحييه لك بإذن الله.
فلمّا كان من الغد أتاها فقال لها : انطلقي معي إلى قبره فوقف عليه عيسى عليه السلام ، ثمّ دعا الله عزّوجلّ فانفرج القبر وخرج ابنها حيّاً ، فلمّا رأته اُمّه ورآها بكيا فرحمهما عيسى عليه السلام ، فقال عيسى عليه السلام : أتحبّ أن تبقى مع اُمّك في الدنيا؟ فقال : يا نبيّ الله بأكل ورزق ومدّة أم بغير أكل ولا رزق ولا مدّة؟ فقال عيسى عليه السلام : بل بأكل ورزق ومدّة تعمّر عشرين سنة ، وتزوّج ويولد لك ، قال : نعم إذاً ، فدفعه عيسى عليه السلام إلى اُمّه فعاش عشرين سنة وتزوّج وولد له » (20).
الثاني عشر :
ما رواه رئيس المحدِّثين أبو جعفر ابن بابويه في كتاب « علل الشرائع والأحكام » ـ في باب العلّة التي من أجلها اتّخذ الله إبراهيم خليلاً ـ قال : سمعت محمّد بن عبدالله بن طيفور يقول : إنّ إبراهيم سأل ربّه أن يُحيي له الموتى ، فأمره أن يميت له الحيّ سواءً بسواء لما أمره بذبح ابنه إسماعيل ، وإنّ الله أمر إبراهيم أن يذبح أربعة من الطير طاووساً ونسراً وديكاً وبطّاً. ثمّ ذكر القصّة السابقة وأنّ الله أحياها له. وذكر ما في ذلك من الإشارة (21).
الثالث عشر :
ما رواه ابن بابويه أيضاً في « العلل » ـ في باب النوادر بعد أبواب الحجّ ـ : عن أبيه ، عن سعد بن عبدالله ، عن يعقوب بن يزيد ، عن محمّد بن عمرو ، عن صالح بن سعيد ، عن أخيه سهل الحلواني ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : « بينا عيسى بن مريم في سياحته إذ مرّ بقرية فوجد أهلها موتى في الطريق والدور ، فقال : إنّ هؤلاء ماتوا بسخطة ولو ماتوا بغيرها تدافنوا ، قيل له : ياروح
الله نادهم ، فقال : يا أهل القرية فأجابه مجيب : لبّيك يا روح الله » (22). ثمّ ذكر ما جرى بينهما من الكلام والخطاب والسؤال والجواب.
ورواه الكليني أيضاً في « اُصول الكافي » (23).
ورواه ابن بابويه أيضاً في كتاب « ثواب الأعمال وعقاب الأعمال » في عقاب حبّ الدنيا وعبادة الطاغوت (24).
الرابع عشر :
ما رواه ابن بابويه في كتاب « كمال الدين وتمام النعمة » ـ في باب غيبة إدريس النبي عليه السلام ـ : عن أبيه ومحمّد بن الحسن ومحمّد بن موسى بن المتوكّل كلّهم ، عن سعد بن عبدالله وعبدالله بن جعفر الحميري ومحمّد بن يحيى جميعاً ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى وإبراهيم بن هاشم جميعاً ، عن الحسن بن محبوب ، عن إبراهيم بن أبي البلاد ، عن أبيه ، عن أبي جعفر عليه السلام في حديث طويل : « إنّ إدريس عليه السلام اضطرّه الجوع إلى أن وقف إلى باب عجوز ، فقال لها : أطعميني فإنّي مجهود من الجوع ، فقالت : إنّهما قرصتان واحدة لي وواحدة لإبني ، فقال لها : إنّ ابنك صغير يجزيه نصف قرصة فيحيى به ، ويجزيني النصف الآخر فأحيى به ، فأكلت المرأة قرصتها وكسرت النصف الآخر بين إدريس وبين ابنها ، فلمّا رأى ابنها إدريس عليه السلام يأكل من قرصته اضطرب حتّى مات.
فقالت اُمّه : يا عبد الله قتلت عليَّ ابني جزعاً على قوته؟ قال إدريس : فأنا اُحييه بإذن الله تعالى فلا تجزعي ، ثمّ أخذ إدريس بعضدي الصبي فقال : أيّتها الروح الخارجة من بدن هذا الغلام بإذن الله ارجعي إلى بدنه ، بإذن الله وأنا إدريس النبي ، فرجعت روح الغلام إليه بإذن الله ، فلمّا سمعت المرأة ذلك ونظرت إلى ابنها قد عاش ، قالت : أشهد أنّك إدريس النبي وخرجت تنادي » الحديث.
الخامس عشر :
ما رواه ابن بابويه أيضاً في كتاب « كمال الدين وتمام النعمة » ـ في حديث الخضر عليه السلام ـ : بإسناده عن عبدالله بن سليمان قال : قرأت في بعض كتب الله عزّوجلّ : إنّ ذا القرنين كان عبداً صالحاً ـ إلى أن قال ـ : فوصفت له عين الحياة ، وقيل له : من شرب منها شربة لم يمت حتّى يسمع الصيحة ، وأنّه خرج في طلبها حتّى انتهى إلى موضع فيه ثلاثمائة وستّون عيناً ، وكان الخضر على مقدّمته فأعطاه حوتاً مالحاً وأعطى كلّ واحد من أصحابه حوتاً مالحة ، وقال لهم : ليغسل كلّ رجل منهم حوته عند عين فانطلقوا.
وانطلق الخضر إلى عين من تلك العيون ، فلمّا غمس الحوت في الماء حيي وانساب ، فلمّا رأى ذلك الخضر علم أنّه ظفر بماء الحياة ، فرمى بثيابه وسقط في الماء ، فجعل يرتمس فيه ويشرب منه ، فرجع كلّ منهم إلى ذي القرنين وحوته معه ، ورجع الخضر وليس معه حوت فسأله عن قصّته فأخبره ، فقال له : شربت من ذلك الماء؟ فقال : نعم ، فقال له : أنت صاحبها ، فابشر بالبقاء في هذه الدنيا مع الغيبة عن الأبصار ، إلى النفخ في الصور (25) الحديث.
السادس عشر :
ما رواه علي بن إبراهيم في « تفسيره » : مرسلاً وأورد قصّة
الخضر عليه السلام وحياة الحوت المذكور بنحو الرواية السابقة مع مخالفة في كثير من الألفاظ واكتفيت بالإشارة إليها للاختصار.
السابع عشر :
ما رواه الشيخ الجليل أمين الدين أبو علي الفضل بن الحسن الطبرسي في كتاب « مجمع البيان لعلوم القرآن » نقلاً من كتاب « تفسير القرآن » للشيخ الجليل محمّد بن مسعود العيّاشي : مرفوعاً عن الصادق عليه السلام في قوله تعالى ( فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا كَذلِكَ يُحْيِي الله الْمَوْتَى ) قال : « كان المقتول شيخاً مثرياً قتله بنو أخيه ، وألقوه على باب بعض الأسباط ـ إلى أن قال ـ : فأوحى الله إلى موسى أن يأمرهم بذبح بقرة ويضربوا القتيل ببعضهاو فيحيي الله القتيل » الحديث.
قال الطبرسي : وإنّما أمرهم بضرب القتيل ببعضها وجعل التخيير في وقت الإحياء إليهم ، ليعلموا أنّ الله قادر على إحياء الموتى في كلّ وقت من الأوقات .
الثامن عشر :
ما رواه الطبرسي في « مجمع البيان » أيضاً في قوله تعالى ( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِن دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقَالَ لَهُمُ اللهُ مُوتُوْا ثُمَّ أَحْيَاهُمْ ) قال : أجمع أهل التفسير على أنّ المراد بألوف هنا كثرة العدد إلا ابن زيد فإنّه قال : خرجوا مؤتلفي القلوب فجعله جمع ألف مثل قاعد وقعود ، واختلف من قال بالعدد.
فروي : أنّهم كانوا ثلاثة آلاف ، وقيل : ثمانية آلاف ، وقيل عشرة آلاف ، وقيل : بضعة وثلاثين ألفاً ، وقيل : أربعين ألفاً ، وقيل : سبعين ألفاً ، فقال لهم الله : موتوا ، معناه فأماتهم الله ثمّ أحياهم ، قيل : أحياهم بدعاء نبيّهم حزقيل ، وقيل : إنّه شمعون نبي من أنبياء بني إسرائيل .
وهذا الكلام يشتمل على عدّة روايات مرسلة.
التاسع عشر :
ما رواه الطبرسي أيضاً في هذه الآية قال : روي أنّ الله أماتهم جميعاً وأمات دوابّهم ، وأتى عليهم ثمانية أيّام حتّى انتفخوا ، فخرج إليهم الناس فعجزوا عن دفنهم ، فحظروا عليهم حظيرة دون السباع ، ومضت عليهم مدّة حتّى بليت أجسادهم وعريت عظامهم ، فمرّ عليهم حزقيل فجعل يتفكّر فيهم متعجّباً ، فأوحى الله إليه : تريد أن اُريك آية كيف اُحيي الموتى؟ قال : نعم ، فأحياهم الله تعالى .
العشرون :
ما رواه الطبرسي أيضاً في هذه الآية قال : وروي أنّهم كانوا قوم حزقيل فأحياهم الله تعالى بعد ثمانية أيّام ، وذلك أنّه لمّا أصابهم ذلك خرج حزقيل فوجدهم موتى فبكى ، فأوحى الله إليه : قد جعلت حياتهم إليك ، فقال لهم حزقيل : احيوا بإذن الله فعاشوا (26).
الحادي والعشرون :
ما رواه الطبرسي في هذه الآية قال : سأل حمران بن أعين أبا جعفر عليه السلام عن هؤلاء القوم الذين قال الله لهم ( مُوتُوْا ثُمَّ أَحْيَاهُمْ ) أحياهم الله حتّى نظر الناس إليهم ثمّ أماتهم أم ردّهم إلى الدنيا حتّى سكنوا الدور وأكلوا الطعام؟ قال : « لا ، بل ردّهم الله حتّى سكنوا الدور ، وأكلوا الطعام ، ونكحوا النساء ، ومكثوا بذلك ما شاء الله ، ثمّ ماتوا بآجالهم » .
الثاني والعشرون :
ما رواه الطبرسي في « مجمع البيان » في قوله تعالى ( أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَة ) الآية قال : قيل : « هو عزير » وهو المروي عن أبي عبدالله عليه السلام ، وقيل : « هو ارميا » وهو المروي عن أبي جعفر عليه السلام ، وقيل : هو الخضر أحبّ الله أن يريه إحياء الموتى مشاهدة ( وانْظُرْ إلَى العِظَامِ ) قيل : المراد عظام حماره ، وقيل : عظامه وإنّ الله أوّل ما أحيا منه عينيه ، فجعل ينظر إلى العظام البالية المتفرِّقة تجتمع إليه ، وإلى اللحم الذي أكلته السباع يأتلف إلى العظام من هنا ومن هنا ، ويلتزق بها حتّى قام وقام حماره (27).
أقول : ويأتي ما يدلّ على ذلك ، وعلى أنّ عزيراً وارميا من الأنبيا :.
الثالث والعشرون :
ما رواه الطبرسي في تفسير قوله تعالى ( وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى ) قال : روي عن ابن عبّاس وسعيد بن جبير والسدّي : إنّ الملك بشَّر إبراهيم بأنّ الله اتّخذك خليلاً وأنّه يجيب دعوتك ويُحيي الموتى بدعائك ، فسأل الله أن يفعل ذلك ليطمئنّ قلبه ، فأجاب الله دعوته وأحيا له الموتى (28).
الرابع والعشرون :
ما رواه الطبرسي أيضاً في هذه الآية ، قال : روي عن أبي عبدالله عليه السلام في قوله ( اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَل مِنْهُنَّ جُزْءاً ) « إنّ معناه فرّقهن على كلّ جبل ، وكانت عشرة ، ثمّ خذ بمناقيرهنّ وادعهنّ بإسمي الأكبر يأتينك سعياً ، قال : ففعل إبراهيم ذلك ثمّ دعاهنّ فقال : احيين بإذن الله ، وكانت تجتمع وتأتلف وطارت إلى إبراهيم عليه السلام » (29).
الخامس والعشرون :
ما رواه الطبرسي في قوله تعالى ( فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ ) قال : قيل : « إنّها الطاووس والديك والحمام والغراب ، أمر أن يقطّعها ويخلط ريشها بدمها » وهو المروي عن أبي عبدالله عليه السلام
السادس والعشرون :
ما رواه الطبرسي في تفسير قوله تعالى حكاية عن عيسى عليه السلام ( وَأُبْرِئُ الأكْمَهَ وَالأبْرَصَ وَأُحْيِي الْمَوْتَى بِإِذْنِ الله ) قال : قيل : إنّ عيسى عليه السلام أحيا أربعة أنفس : عازر ، وكان صديقاً له ، وكان قد مات منذ ثلاثة أيّام ، فقال لاُخته : انطلقي إلى قبره ، ثمّ قال : اللهمّ ربّ السماوات السبع وربّ الأرضين السبع ، إنّك أرسلتني إلى بني إسرائيل أدعوهم إلى دينك ، واُخبرهم أنّي اُحيي الموتى فأحيي عازراً ، قال : فقام عازر وخرج من قبره ، وبقي وولد له.
وابن العجوز تركته على سريره ميّتاً فدعا الله عيسى عليه السلام فجلس على سريره ، ونزل عن أعناق الرجال ، ولبس ثيابه ورجع إلى أهله وبقي وولد له.
وابنة العاشر ، قيل له : أتحييها وقد ماتت أمس؟ فدعا الله فعاشت وبقيت وولدت.
وسام بن نوح دعاه باسم الله الأعظم فخرج من قبره وقد شاب نصف رأسه ، وقال : قد قامت القيامة؟ قال : لا ، ولكنّي دعوتك باسم الله الأعظم ، قال : ولم يكونوا يشيبون في ذلك الزمان ، وإنّ سام بن نوح قد عاش خمسمائة عام وهو شاب ، فقال له : مت فقال : بشرط أن يعتقني الله من سكرات الموت فدعا الله ففعل (30).
السابع والعشرون :
ما رواه الطبرسي في تفسير هذه الآية قال : قيل : إنّ عيسى عليه السلام كان يُحيي الموتى بـ ( يا حيّ يا قيّوم ) وقيل : إنّ الله كان يُحيي الموتى عند دعائه (31).
الثامن والعشرون :
ما رواه الطبرسي في تفسير قوله تعالى ( وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً لِمِيقَاتِنَا ) قال : روي « أنّ موسى اختار سبعين رجلاً حين خرج إلى الميقات ليكلِّمه الله بحضرتهم ، فلمّا حضروا وسمعوا كلامه سألوا الله الرؤية فأصابتهم الصاعقة ، ثمّ أحياهم الله » (32).
قال : ورواه علي بن إبراهيم وهو الصحيح (33).
التاسع والعشرون :
ما رواه الطبرسي في تفسير قوله تعالى ( وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ ) عن ابن عبّاس وابن مسعود : إنّ الله ردّ على أيّوب أهله الذين هلكوا بأعيانهم ، وأعطاه مثلهم معهم وكذلك ردّ الله عليه أمواله ومواشيه بأجمعها ، وأعطاه مثلها معها. وبه قال الحسن وقتادة.
قال الطبرسي : وهو المروي عن أبي عبدالله عليه السلام وقيل : كان له سبع بنات وثلاث بنين ، وقيل : سبع بنين وسبع بنات .
الثلاثون :
ما رواه الشيخ الثقة الجليل أبو الحسن علي بن إبراهيم بن هاشم القمّي في « تفسير القرآن » قال : حدّثني أبي ، عن ابن أبي عمير ، عن بعض رجاله ، عن أبي عبدالله عليه السلام « إنّ رجلاً ـ من خيار بني إسرائيل وعلمائهم ـ خطب امرأة فأنعمت له ، وخطبها ابن عمّه وكان فاسقاً رديّاً فلم ينعموا له ، فحسد ابن عمّه فقعد له فقتله غيلة ، ثمّ حمله إلى موسى ، فقال : يا نبي الله إنّ ابن عمّي قد قُتل ، فقال موسى : مَنْ قتله؟ قال : لا أدري.
وكان القتل عظيماً في بني إسرائيل ، فاجتمعوا وبكوا وضجّوا ، فقال لهم موسى : إنّ الله يأمركم أن تذبحوا بقرة ـ إلى أن قال ـ : فأوحى الله إلى موسى قل لهم : اضربوه ببعضها ، وقولوا له : من قتلك؟ فأخذوا الذَنَب فضربوه به ، وقالوا : مَن قتلك يا فلان؟ قال : قتلني فلان بن فلان وهو قوله ( اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا كَذلِكَ يُحْيِي الله الْمَوْتَى وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ) »
الحادي والثلاثون :
ما رواه علي بن إبراهيم في « تفسيره » مرفوعاً : « أنّه كان وقع طاعون بالشام ، فخرج منهم خلق كثير هرباً من الطاعون ، فصاروا إلى مغارة فماتوا في ليلة واحدة كلّهم ، فبقوا حتّى كانت عظامهم يمرّ بها المارّ فينحّيها برجله عن الطريق ، ثمّ أحياهم الله فردّهم إلى منازلهم فبقوا دهراً طويلاً ، ثمّ ماتوا وتدافنوا ..
الثاني والثلاثون :
ما رواه علي بن إبراهيم أيضاً في « تفسيره » قال : حدّثني أبي ، عن ابن أبي عمير ، عن أبي أيّوب ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : « إنّ إبراهيم نظر إلى جيفة على ساحل البحر تأكلها سباع الطير وسباع البحر ، ثمّ تثب السباع بعضها على بعض ، فيأكل بعضها بعضاً ، فتعجّب إبراهيم فقال : ( ربِّ أرني كيف تُحيي الموتى ) قال الله ( أَوَلَمْ تُؤْمِن قَالَ بَلَى وَلكِن لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ ) الآية.
فأخذ إبراهيم الطاووس والديك والحمام والغراب فقطّعهنّ وأخذ لحماتهنّ ففرّقه على عشرة أجبال ، وأخذ مناقيرهنّ ثمّ دعاهنّ ، فقال : إحيي بإذن الله ، فكانت تتألّف وتجتمع لحم كلّ واحد وعظمه إلى رأسه ، وطارت إلى إبراهيم ، فعند ذلك قال إبراهيم ( أَنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ) » (34).
الثالث والثلاثون :
ما رواه علي بن إبراهيم في « تفسيره » أيضاً مرسلاً : « إنّ الله لمّا أنزل على موسى التوراة وكلّمه قال في نفسه : ما خلق الله خلقاً أعلم منّي ، فأوحى الله إلى جبرئيل عليه السلام أن أدرك موسى وأعلمه أنّ عند ملتقى البحرين رجلاً هو أعلم منك فاتّبعه وتعلّم منه ، فقال لوصيّه يوشع : إنّ الله أمرني أن أتّبع عند ملتقى البحرين رجلاً وأتعلّم منه ، فتزوّد يوشع حوتاً مملوحاً ، وخرجا وبلغ ذلك المكان ، فأخرج وصيّ موسى الحوت وغسله بالماء ، ووضعه على الصخرة ، وكان ذلك الماء ماء الحَيَوان فحيي الحوت ودخل في الماء » الحديث.
الرابع والثلاثون :
ما رواه علي بن إبراهيم أيضاً في « تفسيره » قال : حدّثنا جعفر بن أحمد ، عن عبدالله بن موسى ، عن الحسن بن علي بن أبي حمزة ، عن أبيه ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : سألته عن قول الله تعالى ( وَيَسْأَلُونَكَ عَن ذِي الْقَرْنَيْنِ ) فقال : « إنّ ذا القرنين بعثه الله إلى قومه فضُرب على قرنه الأيمن فأماته الله خمسمائة عام ، ثمّ بعثه الله فضُرب على قرنه الأيسر فأماته الله خمسمائة عام ، ثمّ بعثه الله إليهم بعد ذلك ، فملّكه مشارق الأرض ومغاربها من حيث تطلع الشمس إلى حيث تغرب ».
أقول : ويأتي مثله في معناه وأنّ أمير المؤمنين عليه السلام قال : « وفيكم مثله » يعني نفسه.
الخامس والثلاثون :
ما رواه علي بن إبراهيم أيضاً في « تفسيره » قال : حدّثني أبي ، عن الحسن بن محبوب ، عن مالك بن عطية ، عن أبي حمزة الثمالي ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : سألته عن تفسير هذه الآية ( وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلاً أَصْحَابَ الْقَرْيَةِ إِذْ جَاءَهَا الْمُرْسَلُونَ * إِذْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُمَا فَعَزَّزْنَا بِثَالِث ).
قال : « بعث الله رجلين إلى أهل مدينة أنطاكية ، فجاؤوهم بما لا يعرفون ، فغلظوا عليهما فأخذوهما وحبسوهما في بيت الأصنام ، فبعث الله الثالث ـ وذكر القصّة بطولها ـ وفيها : إنّ الثالث أظهر دين الملك أوّلاً ثمّ أمر بإحضارهما للمناظرة فطلب منهما أن يدعوا لأعمى ومقعد بالشفاء ، ففعلا مرّة بعد اُخرى فأجاب الله دعاءهما ، فقال : أيّها الملك قد أتيا بحجّتين ولكن بقي شيء واحد فإن فعلاه دخلت معهما في دينهما.
ثمّ قال : أيّها الملك بلغني أنّه كان للملك ولد واحد ومات فإن أحياه إلهـهما دخلت معهما في دينهما ، فقال الملك : وأنا أيضاً معك ، ثمّ قال لهما : قد بقيت هذه الخصلة الواحدة ، قد مات ابن للملك فادعوا إلهكما فيحييه ، قال : فخرّا ساجدَين فأطالا السجود ثمّ رفعا رأسهما وقالا : ابعث إلى قبر ابنك تجده قد قام من قبره إن شاء الله.
قال : فخرج الناس فوجدوه قد خرج من قبره ينفض رأسه من التراب ، فأتى به الملك فعرف أنّه إبنه ، فقال له : ما حالك يا بني؟ قال : كنت ميّتاً فرأيت رجلين بين يدي ربّي الساعة ساجدَين يسألانه أن يحييني فأحياني ، فقال : يا بني تعرفهما إذا رأيتهما؟ قال : نعم ، فأخرج الناس جملة إلى الصحراء ، فكان ينظر إلى رجل رجل حتّى مرّ بالأوّل بعد جمع كثير ، فقال : هذا أحدهما ، ثمّ مرّ أيضاً بقوم كثيرين حتّى رأى الآخر ، فقال : وهذا الآخر ، فآمن الملك وأهل مملكته » (35).
السادس والثلاثون :
ما رواه علي بن إبراهيم أيضاً في « تفسيره » قال : حدّثني أبي ، عن ابن فضّال ، عن عبدالله بن بحر ، عن ابن مسكان ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : سألته عن بلية أيّوب ـ وذكر الحديث ـ إلى أن قال أبو عبدالله عليه السلام في قوله تعالى ( وَوَهَبْنَا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُم مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنَّا وَذِكْرَى لاَولِي الألْبَابِ ) قال : « فردّ الله عليه أهله الذين ماتوا قبل البلاء ، وردّ عليه أهله الذين ماتوا بعدما أصابهم البلاء كلّهم ، أحياهم الله تعالى فعاشوا معه » .
السابع والثلاثون :
ما رواه الشهيد الثاني الشيخ زين الدين 1 في كتاب « مسكّن الفؤاد عند فقد الأحبّة والأولاد » نقلاً من كتاب « العيون والمحاسن » للشيخ المفيد : عن معاوية بن مرّة ، قال : كان أبو طلحة يحبّ ابنه حبّاً شديداً ، فتوفّي الولد ثمّ ذكر أنّ امرأته صبرت صبراً عظيماً ، وأنّ أباه أيضاً صبر وأنّ رسول الله صلی الله عليه وآله وسلم لمّا علم بذلك قال : « الحمد لله الذي جعل في اُمّتي مثل صابرة بني إسرائيل » فقيل : يا رسول الله ما كان من صبرها ؟ فقال : « كان في بني إسرائيل امرأة لها زوج ولها منه غلامان ، فأمرها بطعام ليدعو الناس عليه ، ففعل واجتمع الناس في دارها ، فانطلق الغلامان يلعبان فوقعا في بئر كان في الدار فماتا ، فكرهت أن تنغّص على زوجها الضيافة ، فأدخلتهما البيت وسجّتهما بثوب.
فلمّا فرغوا دخل زوجها ، فقال : أين ابناي؟ فقالت : هما في البيت ، وأنّها كانت تمسّحت بشيء من الطيب ، وتعرّضت للرجل حتّى وقع عليها ، ثمّ قال : أين ابناي؟ قالت : هما في البيت فناداهما فخرجا يسعيان ، فقالت المرأة : سبحان الله قد والله كانا ميّتين ولكنّ الله تعالى أحياهما ثواباً لصبري » .
الثامن والثلاثون :
ما رواه رئيس المحدِّثين أبو جعفر ابن بابويه في « اعتقاداته » ـ في باب الإعتقاد في الرجعة ـ مرسلاً في قوله تعالى ( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِن دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلوفٌ ) .قال : « هؤلاء كانوا سبعين ألف بيت وكان فيهم الطاعون كلّ سنة ـ إلى أن قال ـ : فأجمعوا على أن يخرجوا جميعاً من ديارهم إذا كان وقت الطاعون ، فخرجوا بأجمعهم فنزلوا على شطّ بحر.
فلمّا وضعوا رحالهم ناداهم الله موتوا فماتوا جميعاً ، فكنستهم المارّة عن الطريق ، فبقوا بذلك ما شاء الله ، فمرّ بهم نبيّ من أنبياء بني إسرائيل يقال له : ارميا ، فقال : لو شئت يا ربّ لأحييتهم فيعمّروا بلادك ويلدوا عبادك ، ويعبدونك مع من يعبدك ، فأوحى الله إليه أتحبّ أن اُحييهم لك؟ قال : نعم ، فأحياهم الله وبعثهم معه فهؤلاء ماتوا ورجعوا . إلى الدنيا ثمّ ماتوا . بآجالهم » (36).
التاسع والثلاثون :
ما رواه ابن بابويه أيضاً في « اعتقاداته » مرسلاً في قوله تعالى ( أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَة وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّى يُحْيِيْ هذِهِ اللهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللهُ مِاْئَةَ عَام ثُمَّ بَعَثَهُ ) . قال : فهذا مات مائة عام ، ثمّ رجع إلى الدنيا ثمّ مات بأجله ، وهو عزير عليه السلام. وروي أنّه : ارميا عليه السلام
الأربعون :
ما رواه ابن بابويه أيضاً في « اعتقاداته » مرسلاً في قصّة المختارين من قوم موسى لميقات ربّه وقوله تعالى ( ثُمَّ بَعَثْنَاكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ ) قال : إنّهم لمّا سمعوا كلام الله قالوا : لا نصدّق به حتّى نرى الله جهرةً فأخذتهم الصاعقة فماتوا ، فقال موسى : يا ربّ ما أقول لبني إسرائيل إذا رجعت إليهم؟ فأحياهم الله عزّوجلّ ثمّ رجعوا إلى الدنيا فأكلوا وشربوا ونكحوا النساء ، وولدت لهم الأولاد ، وبقوا فيها ثمّ ماتوا بآجالهم .
الحادي والأربعون :
ما رواه ابن بابويه أيضاً في « اعتقاداته » مرسلاً : أنّ عيسى عليه السلام كان يحيي الموتى بإذن الله ، وأنّ جميع الموتى الذين أحياهم عيسى عليه السلام بإذن الله رجعوا إلى الدنيا ، وبقوا فيها ثمّ ماتوا بآجالهم .
الثاني والأربعون :
ما رواه ابن بابويه أيضاً في « اعتقاداته » مرسلاً : أنّ أصحاب الكهف لبثوا في كهفهم ثلاثمائة سنين وازدادوا تسعاً ، ثمّ بعثهم الله فرجعوا إلى الدنيا ليتساءلوا بينهم وقصّتهم معروفة.
قال ابن بابويه : فإن قال قائل : قد قال الله ( وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظاً وَهُمْ رُقُودٌ ) .
قيل له : إنّهم كانوا موتى ، وقد قال الله عزّوجلّ ( مَنْ بَعَثَنَا مِن مَّرْقَدِنَا هذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ ) وإن قالوا ذلك فإنّهم كانوا موتى ومثل هذا كثير « انتهى ».
الثالث والأربعون :
ما رواه الشيخ تقي الدين إبراهيم بن علي العاملي الكفعمي في « مصباحه » ـ في الفصل الثلاثين في أدعية الأنبياء : دعاء آصف عليه السلام ـ : روي أنـّه أتى بعرش بلقيس بهذا الدعاء وإنّ به كان عيسى عليه السلام يحيي الموتى ، وهو : « اللهمّ إنّي أسألك بأنّك لا إله إلا أنت » (37) وذكر دعاءً قصيراً .
الرابع والأربعون :
ما رواه الشيخ الجليل أبو منصور أحمد بن علي بن أبي طالب الطبرسي في كتاب « الاحتجاج على أهل اللجاج » ـ في احتجاج الصادق عليه السلام على الزنديق الذي سأله عن مسائل كثيرة ـ في حديث طويل يقول فيه الزنديق : فلو أنّ الله ردّ إلينا من الأموات في كلّ مائة عام لنسأله عمّن مضى منّا إلى ما صاروا وكيف حالهم؟
فقال أبو عبدالله عليه السلام : « هذه مقالة من أنكر الرسل وكذّبهم ، إنّ الله أخبر في كتابه على لسان الأنبياء حال من مات منّا ، أفيكون أحد أصدق من الله ورسله؟ وقد رجع إلى الدنيا ممّن مات خلق كثير ، منهم أصحاب الكهف أماتهم الله ثلاثمائة عام وتسعة ، ثمّ بعثهم في زمان قوم أنكروا البعث ليقطع حجّتهم ، وأمات الله ارميا النبي عليه السلام الذي نظر إلى خراب بيت المقدس فقال : ( أَنَّى يُحْيِيْ هذِهِ اللهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللهُ مِاْئَةَ عَام ) ثمّ أحياه وبعثه » (38) الحديث.
الخامس والأربعون :
ما رواه الطبرسي أيضاً في « الاحتجاج » ـ في احتجاج الصادق عليه السلام على بعض أعداء الدين ـ في حديث طويل قال : « إنّ الله أمات قوماً خرجوا عن أوطانهم ، هاربين من الطاعون لا يحصى عددهم فأماتهم الله دهراً طويلاً حتّى بليت عظامهم ، وتقطّعت أوصالهم وصاروا تراباً ، فبعث الله ـ في وقت أحبّ أن يُري عباده قدرته ـ نبيّاً يقال له : حزقيل ، فدعاهم فاجتمعت أبدانهم ورجعت فيها أرواحهم وقاموا كهيئة يوم ماتوا لا يفتقدون من أعدادهم رجلاً ، فعاشوا بذلك دهراً طويلاً » .
السادس والأربعون :
ما رواه الطبرسي أيضاً في احتجاج الصادق عليه السلام في حديث طويل قال : « وإنّ الله تعالى أمات قوماً خرجوا مع موسى حين توجّه إلى الله فقالوا : ( أَرِنَا اللهَ جَهْرَةً ) فأماتهم الله ثمّ أحياهم » (39) الحديث.
السابع والأربعون :
ما رواه الشيخ الجليل قطب الدين سعيد بن هبة الله الراوندي في كتاب « الخرائج والجرائح » ـ في أعلام فاطمة سلام الله عليها ـ : عن المفضّل بن عمر ، عن الصادق عليه السلام قال : « لمّا تزوّج رسول الله صلی الله عليه وآله وسلم خديجة هجرتها نساء قريش وقلن : تزوّجت يتيم آل أبي طالب فقيراً لا مال له ، فلمّا حضرت ولادة فاطمة سلام الله عليها بعثت إليهنّ وطلبتهنّ فلم تأت منهنّ واحدة.
فاغتمّت خديجة ، فبينا هي كذلك إذ دخلت عليها أربع نسوة طوال كأنّهنّ من نساء بني هاشم ، ففزعت منهنّ ، فقالت إحداهنّ : لا تحزني يا خديجة فإنّا رسل ربّك إليك ونحن أخواتك ، أنا سارة وهذه آسية بنت مزاحم وهي رفيقتك في الجنّة ، وهذه مريم بنت عمران ، وهذه اُمّ البشر اُمّنا حوّاء ، بعثنا الله إليك لنلي منك ما تلي النساء من النساء ، فجلست واحدة عن يمينها ، واُخرى عن شمالها ، والثالثة بين يديها ، والرابعة من خلفها ، فوضعت فاطمة سلام الله عليها » الحديث.
الثامن والأربعون :
ما رواه رئيس المحدّثين أبو جعفر ابن بابويه في كتاب « الأمالي » ـ في المجلس السابع والثمانين ـ : عن أبي عبدالله أحمد بن محمّد الخليلي ، عن محمّد بن أبي بكر الفقيه ، عن أحمد بن محمّد النوفلي ، عن إسحاق بن يزيد ، عن حمّاد بن عيسى ، عن زرعة بن محمّد الحضرمي ، عن المفضّل بن عمر ، قال : قلت لأبي عبدالله عليه السلام : كيف كانت ولادة فاطمة سلام الله عليها ؟ فذكر الحديث بطوله ، وفيه دخول النساء الأربع من الاُمم السالفة على خديجة سلام الله عليها كما رواه الراوندي ، إلا أنّه لم يذكر حوّاء اُمّ البشر وإنّما ذكر مكانها كلثم اُخت موسى بن عمران عليه السلام.
التاسع والأربعون :
ما رواه الراوندي في كتاب « الموازاة بين المعجزات » ـ الذي ألحقه وأضافه إلى كتاب « الخرائج والجرائح » ـ قال : قال الصادق عليه السلام : « إنّ الله تعالى ردّ على أيّوب أهله وولده الذين هلكوا بأعيانهم ، وأعطاه مثلهم معه ، وكذلك ردّ الله عليه ماله ومواشيه بأعيانها وأعطاه مثلها » (40).
الخمسون :
ما رواه الراوندي في كتاب « الموازاة » أيضاً عن الصادق عليه السلام قال : « إنّ عزيراً أماته الله مائة عام ، ثمّ بعثه وأحياه وكان معه اللبن لم يتغيّر ، قال : ولمّا
مرّ عزير على قرية وهي خاوية على عروشها خراب أهلها كلّهم موتى ، فعلم أنّهم ماتوا بسخط الله ، فدعا ربّه فقال تعالى : رشّ عليهم الماء ففعل فأحياهم الله وهم اُلوف ، وبعثه إليهم رسولاً وعاش سنين ».
الحادي والخمسون :
ما رواه الراوندي أيضاً في كتاب « الموازاة » رفعه قال : « إنّ عيسى عليه السلام بعث رجلاً إلى الروم لا يداوي رجلاً إلا أبرأه ، ثمّ بعث آخر وعلّمه الذي يُحيي به الموتى ، فدعا الروم فاُدخل على الملك ، فقال : أنا اُحيي الموتى ، وكان للملك ولد قد مات ، فركب الملك والناس معه إلى قبر ابنه ، فدعا رسول عيسى عليه السلام وأمّن طبيب الملك الذي هو رسول المسيح أوّلاً.
فانشقّ القبر وخرج ابن الملك ثمّ جاء يمشي حتّى جلس في حجر أبيه ، فقال : يا بنيّ مَنْ أحياك؟ فنظر إلى الرسولين فقال : هذا وهذا ، فقاما وقالا : أيّها الملك إنّا رسولا المسيح ، فآمن الملك وأهل بيته في الحال ».
الثاني والخمسون :
ما رواه رئيس الطائفة أبو جعفر الطوسي في أوائل كتاب « الغيبة » مرسلاً قال : « وإنّ أصحاب الكهف قد أخبر الله عنهم أنّهم بقوا في كهفهم ثلاثمائة سنة وازدادوا تسعاً ، ثمّ أحياهم الله تعالى فعادوا إلى الدنيا ورجعوا إلى قومهم.
وقد كان من أمر صاحب الحمار الذي نزل بقصّته القرآن ، وأهل الكتاب يرون أنّه كان نبيّاً فأماته الله مائة عام ثمّ بعثه ».
الثالث والخمسون :
ما رواه الحسن بن سليمان بن خالد القمّي في « رسالته » نقلاً من كتاب « مختصر البصائر » لسعد بن عبدالله : عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن الحسن بن محبوب ، عن الحسين بن علوان ، عن محمّد بن داود العبدي ، عن الأصبغ بن نباتة ، أنّ عبدالله بن الكوّا قام إلى أمير المؤمنين عليه السلام : فقال : إنّ أبا المعمّر يزعم أنّك حدّثته أنّك سمعت رسول الله صلی الله عليه وآله وسلم يقول : إنّا قد رأينا وسمعنا برجل أكبر سنّاً من أبيه.
فقال أمير المؤمنين عليه السلام : « إنّ عزيراً خرج من أهله وامرأته في شهرها وله يومئذ خمسون سنة ، فابتلاه الله وأماته مائة عام ، ثمّ بعثه ورجع إلى أهله واستقبله ابنه وهو ابن خمسين ومائة سنة ، وردّ الله عزيراً إلى الذي كان به ، وإنّ الله ابتلى قوماً بذنوبهم فأماتهم قبل آجالهم ، ثمّ ردّهم إلى الدنيا ليستوفوا أرزاقهم ، ثمّ أماتهم بعد ذلك.
إنّ الله قال في كتابه : ( وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً لِمِيقَاتِنَا ) فانطلق بهم فقالوا : ( لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللهُ جَهْرَةً ) قال الله عزّوجلّ : ( فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ ـ يعني الموت ـ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ * ثُمَّ بَعَثْنَاكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ * وَظَلَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْغَمَامَ وَأَنْزَلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوى ) فهذا بعد الموت إذ بعثهم ، وأيضاً مثلهم الملأ الذين خرجوا من ديارهم وهم اُلوف حذر الموت ، فقال لهم الله موتوا ثمّ أحياهم ، ومثلهم عزيراً أماته الله مائة عام ثمّ بعثه ، يا ابن الكوّا فلا تشكّنّ في قدرة الله عزّوجلّ » .
الرابع والخمسون :
ما رواه أيضاً نقلاً من « مختصر البصائر » لسعد بن عبدالله : عن محمّد بن الحسين ، عن صفوان بن يحيى ، عن أبي خالد القمّاط ، عن حمران بن أعين ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : قلت له : هل كان في بني إسرائيل شيء لا يكون هاهنا مثله؟ فقال : « لا » فقلت : قوله تعالى ( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِن دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقَالَ لَهُمُ اللهُ مُوتُوْا ثُمَّ أَحْيَاهُمْ ) هل أحياهم الله تعالى حتّى نظر الناس إليهم ثمّ أماتهم من يومهم أو ردّهم إلى الدنيا؟ قال : « بل ردّهم إلى الدنيا حتّى سكنوا الدور ، وأكلوا الطعام ونكحوا النساء ، ولبثوا بذلك ما شاء الله ثمّ ماتوا بالآجال » (41).
الخامس والخمسون :
ما رواه ابن بابويه في كتاب « الأمالي » ـ في المجلس السابع والثلاثين ـ : عن علي بن الحسين بن شاذويه ، عن محمّد بن عبدالله بن جعفر الحميري ، عن أبيه ، عن يعقوب بن يزيد ، عن محمّد بن أبي عمير ، عن أبان بن عثمان ، عن أبان بن تغلب ، عن عكرمة ، عن ابن عبّاس ، قال : لمّا مضى لعيسى عليه السلام ثلاثون سنة ، بعثه الله عزّوجلّ إلى بني إسرائيل ، فلقيه إبليس على عقبة بيت المقدس ـ وهي عقبة أفيق ثمّ ذكر ما جرى بينهما من المكالمات إلى أن
قال ـ : فقال إبليس : أنت الذي بلغ من عظم ربوبيتك أنّك تخلق من الطين كهيئة الطير ، فتنفخ فيه فيصير طيراً؟
فقال عيسى عليه السلام : « بل العظمة للذي خلقني وخلق ما سخّر لي » قال إبليس : فأنت الذي بلغ من عظم ربوبيّتك أنّك تحيي الموتى؟ قال عيسى : « بل العظمة للذي بإذنه اُحييهم ولابدّ من أن يميت ما أحييت ويميتني » (42) الحديث.
السادس والخمسون :
ما رواه علي بن إبراهيم بن هاشم في « تفسيره » عند قوله تعالى ( أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَة ) الآية قال : حدّثني أبي ، عن النضر بن سويد ، عن يحيى الحلبي ، عن هارون بن خارجة ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : « لمّا عملت بنو إسرائيل بالمعاصي ـ وذكر الحديث بطوله ـ وأنّ الله سلّط عليهم بخت نصّر فقتلهم ـ إلى أن قال ـ : فخرج ارميا فنظر إلى سباع البرّ وسباع الطير تأكل من تلك الجيف ، ففكّر في نفسه وقال : أنّى يُحيي هذه الله بعد موتها فأماته الله مائة عام ثمّ بعثه أي أحياه ، لمّا رحم الله بني إسرائيل وأهلك بخت نصّر ، ردّ بني إسرائيل إلى الدنيا » الحديث.
أقول : هذا الحديث مع قوّة سنده جدّاً يدلّ على أنّ الله أحيا بني إسرائيل بعد القتل وأحيا نبيّهم بعد الموت وردّه إليهم ، فرجع ورجعوا إلى الدنيا وبقوا مدّة طويلة.
السابع والخمسون :
ما رواه الراوندي في الباب السابع من كتاب « الخرائج والجرائح » : عن يونس بن ظبيان ، قال : قلت للصادق عليه السلام : قوله عزّوجلّ لابراهيم ( فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ ) الآية ، قال : « نعم قد كان ذلك ، فتحبّون أن اُريكم مثله » (43) الحديث.
الثامن والخمسون :
ما رواه الحسن بن سليمان بن خالد القمّي في « رسالته » نقلاً من كتاب « مختصر البصائر » لسعد بن عبدالله : عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب ، عن وهيب بن حفص ، عن أبي بصير ، قال : دخلت على أبي عبدالله عليه السلام فقلت : إنّا نتحدّث أنّ عمر بن ذر [ لا يموت حتّى يقاتل قائم آل محمّد صلی الله عليه وآله وسلم ، فقال عليه السلام : « إنّ مثل عمر بن ذر مثل ] رجل كانفي بني إسرائيل يقال له : عبد ربّه ، وكان يدعو أصحابه إلى ضلالة فمات ، فكانوا يلوذون بقبره ويتحدّثون عنده ، إذ خرج عليهم من قبره ينفض التراب عن رأسه ويقول لهم : كيت وكيت » (44).
التاسع والخمسون :
ما رواه الثقة الجليل سعيد بن هبة الله الراوندي في كتاب « قصص الأنبياء » : بإسناده عن ابن بابويه ، عن أبيه ، عن سعد بن عبدالله ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن محمّد بن خالد البرقي ، عن إسماعيل بن إبراهيم ، عن أبي بكر ، عن زرارة ، عن أبي عبدالله عليه السلام : « إنّ داود كان يدعو الله أن يعلّمه القضاء بما هو الحقّ عنده ، فأوحى الله إليه : إنّ الناس لا يحتملون ذلك وإنّي سأفعل ».
وأتاه رجلان استعدى أحدهما على الآخر فأمر المستعدى عليه أن يقوم إلى المستعدي فيضرب عنقه ـ إلى أن قال ـ : فأوحى الله إليه : إنّ هذا المستعدي قتل أبا هذا المستعدى عليه ، فأمرت فضربت عنقه قوداً بأبيه ، وهو مدفون في حائط كذا وكذا تحت صخرة كذا ، فأته فناده باسمه فإنّه سيجيبك فسأله ، فخرج إليه داود فناداه يا فلان فقام ، فقال : لبّيك يا نبيّ الله ، فقال : مَنْ قتلك؟ فقال : فلان ، فقالت بنو إسرائيل : سمعناه يقول » الحديث.
الستّون :
ما رواه أيضاً فيه : عن ابن بابويه ، عن محمّد بن إبراهيم الطالقاني ، عن أحمد بن محمّد بن سعيد الهمداني ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر ، عن أبان بن عثمان ، عن محمّد الحلبي ، عن أبي عبدالله عليه السلام ، قال : « إنّ عيسى بن مريم عليه السلام بعث رسولا إلى الروم وعلّمه ما به يُحيي الموتى فأخبروا الملك ، وكان ابنه مات ، فركب الملك والناس إلى قبر ابن الملك ، فدعا رسول المسيح وأمّن طبيب الملك ـ الذي هو رسوله أيضاً ـ فانشقّ القبر فخرج ابن الملك ، ثمّ جاء يمشي حتّى جلس في حجر أبيه ، فقال : يا بُني من أحياك؟ فنظر فقال : هذا وهذا » (45) الحديث.
ولا يخفى أنّ مضمون البابين واحد لكنّي جعلت الأحاديث قسمين ; لأنّ منكر الرجعة قد رجع إلى الإقرار برجعة الشيعة وغيرهم من الرعية ، وتوقّف في الإقرار برجعة الأنبياء والأئمّة : ، فأردت أن يكون القسم الثاني مجموعاً في باب مفرد ، وإلا فالقسمان دالاّن على مضمون واحد ، وقد تجاوزا حدّ التواتر المعنوي ، مع أنّي لم أنقل جميع ما ورد في ذلك ، ومع ضميمة أحاديث الباب الرابع يتمّ الاستدلال على الرجعة ، مع قطع النظر عن أحاديث الإخبار بالرجعة الصريحة بالكلّية ، فكيف إذا انضمّ الجميع بعضه إلى بعض والله الموفّق.
المصادر :
1- عيون أخبار الرضا عليه السلام 2 : 13 : 31.
2- عيون أخبار الرضا عليه السلام 1 : 154 / ضمن حديث 1.
3- التوحيد : 422 ـ 423.
4- الاحتجاج 2 : 407 / 307.
5- عيون أخبار الرضا عليه السلام 1 : 198 / 1.
6- التوحيد : 132 / 14.
7- الاحتجاج 2 : 426.
8- عيون أخبار الرضا عليه السلام 1 : 200 / ضمن حديث 1.
9- الاحتجاج 2 : 430.
10- الخصال : 264 / 146.
11- الكافي 3 : 260 / 38.
12- الكافي 1 : 24 / 20.
13- علل الشرائع : 121 / 6.
14- عيون أخبار الرضا عليه السلام 2 : 79 / 12.
15- الكافي 1 : 226 / 7.
16- بصائر الدرجات : 67 / 1.
17- بصائر الدرجات : 134 / 3 .
18- الكافي 8 : 198 / 237.
19- الكافي 8 : 252 / 354.
20- الكافي 8 : 237 / 532.
21- علل الشرائع : 136 / 8.
22- علل الشرائع : 466 / 21.
23- الكافي 2 : 318 / 11.
24- عقاب الأعمال : 303 / 1.
25- كمال الدين : 385 / 1.
26- مجمع البيان 2 : 172.
27- مجمع البيان 2 : 218 ـ 219.
28- مجمع البيان 2 : 223 ، باختلاف.
29- مجمع البيان 2 : 224.
30- مجمع البيان 2 : 365 ـ 366.
31- مجمع البيان 2 : 366.
32- مجمع البيان 4 : 398.
33- تفسير القمّي 1 : 241.
34- تفسير القمّي 1 : 91.
35- تفسير القمّي 2 : 212 ـ 214.
36- اعتقادات الصدوق : 60 ( ضمن مصنّفات المفيد ج 5 ).
37- مصباح الكفعمي 1 : 554.
38- الاحتجاج 2 : 230.
39- الاحتجاج 2 : 231.
40- الخرائج والجرائح 2 : 933.
41- مختصر البصائر : 105 / 76 ، باب الكرّات وحالاتها ، وأورده العيّاشي في تفسيره 1 : 130 / 433.
42- أمالي الصدوق : 272 / 1 ، المجلس السابع والثلاثون.
43- الخرائج والجرائح 1 : 297 / 4.
44- مختصر البصائر : 98 / 68 ، باب الكرّات وحالاتها.
45- قصص الأنبياء : 267 / 309 ، .