
الامام الحسين هو أبو عبد الله الحسين بن عليّ بن أبي طالب عليه السلام ، ثالث أئمّة أهل البيت الطاهرين ، وثاني سبطَي رسول الله صلىاللهعليه وآله وسلم ، وسيّد شباب أهل الجّنة ، وريحانة المصطفى ، وأحد الخمسة أصحاب العبا ، وسيّد الشهداء ، واُمّه فاطمة عليهاالسلام بنت رسول الله صلىاللهعليه و آله و سلم.
تأريخ الولادة :
أكّد أغلب المؤرّخين أنّه عليه السلام ولد بالمدينة في الثالث من شعبان في السّنة الرابعة من الهجرة (١).وثمّة مؤرّخون أشاروا إلى أنّ ولادته عليه السلام كانت في السّنة الثالثة (٢).
رؤيا اُمّ أيمن :
أوّلَ رسول الله صلىاللهعليه وآله وسلم رؤيا للسيدة اُمّ أيمن ـ كانت قد فزعت منها حين رأت أنّ بعض أعضائه صلىاللهعليه وآله وسلم مُلقىً في بيتها ـ بولادة الحسين عليه السلام الذي سيحلّ في بيتها صغيراً للرضاعة. فقد ورد عن الإمام الصادق عليه السلام أنّه قال :أقبل جيران اُمّ أيمن إلى رسول الله صلىاللهعليه وآله وسلم فقالوا : يا رسول الله ، إنّ اُمّ أيمن لم تنم البارحة من البكاء ، لم تزل تبكي حتّى أصبحت. فبعث رسول الله إلى اُمّ أيمن فجاءته ، فقال لها : يا اُمّ أيمن ، لا أبكى الله عينكِ ، إنّ جيرانك أتوني وأخبروني أنّكِ لم تزلي الليل تبكين أجمع ، فلا أبكى الله عينكِ ، ما الذي أبكاكِ؟
قالت : يا رسول الله ، رأيت رؤيا عظيمة شديدة ، فلم أزل أبكي الليل أجمع، فقال لها رسول الله صلىاللهعليه وآله وسلم : فقصّيها على رسول الله ؛ فإنّ الله ورسوله أعلم، فقالت : تعظم عليّ أن أتكلّم بها، فقال لها : إنّ الرؤيا ليست على ما تُرى ، فقصّيها على رسول الله. قالت : رأيت في ليلتي هذه كأنّ بعض أعضائك مُلقىً في بيتي! فقال لها رسول الله صلىاللهعليه وآله وسلم : نامت عينكِ يا اُمّ أيمن ، تلد فاطمة الحسين فتربّينه وتُلبنيه (3) ، فيكون بعض أعضائي في بيتك (4).
الوليد المبارك :
ووضعت سيّدة نساء العالمين فاطمة الزهراء عليهاالسلام وليدها العظيم ، وزفّت البشرى إلى الرّسول صلىاللهعليه وآله وسلم ، فأسرع إلى دار عليّ والزهراء عليهما السلام ، فقال لأسماء بنت عميس : «يا أسماء ، هاتي ابني»، فحملته إليه وقد لُفّ في خرقة بيضاء ، فاستبشر النبي صلىاللهعليه وآله وسلم وضمّه إليه ، وأذّن في اُذنه اليمنى وأقام في اليسرى ، ثمّ وضعه في حجره وبكى ، فقالت أسماء : فداك أبي واُمّي! ممّ بكاؤك؟! قال صلىاللهعليه وآله وسلم : «من ابني هذا». قالت : إنّه ولد الساعة، قال صلىاللهعليه وآله وسلم : «يا أسماء ، تقتله الفئة الباغية من بعدي ، لا أنالهم الله شفاعتي ...» (5).ثمّ إنّ الرّسول صلىاللهعليه وآله وسلم قال لعليّ عليه السلام : «أيّ شيء سمّيت ابني؟». فأجابه عليّ عليه السلام : «ما كنت لأسبقك باسمه يا رسول الله». وهنا نزل الوحي على حبيب الله محمّد صلىاللهعليه وآله وسلم حاملاً اسم الوليد من الله تعالى ، وبعد أن تلقّى الرّسول أمر الله بتسمية وليده الميمون ، التفت إلى عليّ عليه السلام قائلاً : «سمّه حسيناً».
وفي اليوم السابع أسرع الرّسول صلىاللهعليه وآله وسلم إلى بيت الزهراء عليهاالسلام فعقّ عن سبطه الحسين كبشاً ، وأمر بحلق رأسه والتصدّق بزنة شعره فضّة ، كما أمر بختنه (6).
وهكذا أجرى للحسين السبط ما أجرى لأخيه الحسن السبط من مراسم.
اهتمام النبيّ صلىاللهعليه وآله وسلم بالحسين عليه السلام :
لقد تضافرت النصوص الواردة عن رسول الله صلىاللهعليه وآله وسلم بشأن الحسين عليه السلام وهي تبرز المكانة الرفيعة التي يمثّلها في دنيا الرسالة والاُمّة.
ونختار هنا عدّة نماذج منها للوقوف على عظيم منزلته :
١ ـ روى سلمان أنّه سمع رسول الله صلىاللهعليه وآله وسلم يقول في الحسن والحسين عليهما السلام : «اللّهمّ إنّي اُحبّهما فأَحِبَّهما ، واُحبّ مَنْ أحبّهما» (7).
٢ ـ «مَنْ أحبّ الحسن والحسين أحببته ، ومن أحببته أحبّه الله ، ومن أحبّه الله (عزّ وجلّ) أدخله الجّنة ، ومن أبغضهما أبغضته ، ومن أبغضته أبغضه الله ، ومن أبغضه الله خلَّده في النار» (8).
٣ ـ «إنّ ابنيَّ هذين ريحانتاي من الدنيا» (9).
٤ ـ رُوي عن ابن مسعود أنّه قال : كان النبيّ صلىاللهعليه وآله وسلم يصلّي فجاء الحسن والحسين عليهما السلام فارتدفاه ، فلمّا رفع رأسه أخذهما أخذاً رفيقاً ، فلمّا عاد عادا ، فلمّا انصرف أجلس هذا على فخذه الأيمن وهذا على فخذه الأيسر ، ثمّ قال : «مَنْ أحبّني فَلْيُحبّ هذين» (10).
٥ ـ «حسين منّي وأنا من حسين ، أحبّ الله مَنْ أحبّ حسيناً ، حسين سبط من الأسباط» (11).
٦ ـ «الحسن والحسين خير أهل الأرض بعدي وبعد أبيهما ، واُمّهما أفضل نساء أهل الأرض» (12).
٧ ـ «الحسن والحسين سيّدا شباب أهل الجّنة» (13).
٨ ـ عن برّة ابنة اُميّة الخزاعي أنّها قالت : لمّا حملت فاطمة عليهاالسلام بالحسن خرج النبيّ صلىاللهعليه وآله وسلم في بعض وجوهه ، فقال لها : «إنّكِ ستلدين غلاماً قد هنّأني به جبرئيل ، فلا ترضعيه حتّى أصير إليكِ». قالت : فدخلت على فاطمة حين ولدت الحسن عليه السلام ، وله ثلاث ما أرضعته ، فقلت لها : أعطينيه حتّى اُرضعه. فقالت : «كلاّ». ثمّ أدركتها رقّة الاُمهات فأرضعته ، فلمّا جاء النبيّ صلىاللهعليه وآله وسلم قال لها : «ماذا صنعتِ؟». قالت : «أدركني عليه رقّة الاُمهات فأرضعته». فقال : «أبى الله (عزّ وجلّ) إلاّ ما أراد».
فلمّا حملت بالحسين عليه السلام قال لها : «يا فاطمة ، إنّكِ ستلدين غلاماً قد هنّأني به جبرئيل فلا ترضعيه حتّى أجيء إليكِ ولو أقمت شهراً». قالت : «أفعل ذلك». وخرج رسول الله صلىاللهعليه وآله وسلم في بعض وجوهه ، فولدت فاطمة الحسين عليه السلام ، فما أرضعته حتّى جاء رسول الله ، فقال لها : «ماذا صنعت؟». قالت : «ما أرضعته». فأخذه فجعل لسانه في فمه ، فجعل الحسين يمصّ حتّى قال النبيّ صلىاللهعليه وآله وسلم : «إيهاً حسين! إيهاً حسين!». ثمّ قال : «أبى الله إلاّ ما يريد ، هي فيك وفي ولدك» (14) ، يعني الإمامة.
٩ ـ إنّ النبيّ صلىاللهعليه وآله وسلم كان جالساً فأقبل الحسن والحسين عليهما السلام ، فلمّا رآهما النبيّ صلىاللهعليه وآله وسلم قام لهما واستبطأ بلوغهما إليه ، فاستقبلهما وحملهما على كتفيه ، وقال : «نعم المطيّ مطيّكما ، ونعم الراكبان أنتما ، وأبوكما خير منكما» (15).
كنيته وألقابه :
أمّا كنيته فهي : أبو عبد الله.وأمّا ألقابه فهي : الرشيد ، والوفي ، والطيّب ، والسيّد ، والزكيّ ، والمبارك ، والتابع لمرضاة الله ، والدليل على ذات الله ، والسبط. وأشهرها رتبةً ما لقّبه به جدّه صلىاللهعليه وآله وسلم في قوله عنه وعن أخيه : «إنّهما سيّدا شباب أهل الجّنة». وكذلك السبط ؛ لقوله صلىاللهعليه وآله وسلم : «حسين سبط من الأسباط» (16)
المصادر :
1- تأريخ ابن عساكر ١٤ / ٣١٣ ، ومقاتل الطالبيين / ٧٨ ، ومجمع الزوائد ٩ / ١٩٤ ، واُسد الغابة ٢ / ١٨ ، والإرشاد / ١٨.
2- اُصول الكافي ١ / ٤٦٣ ، والاستيعاب المطبوع على هامش الإصابة ١ / ٣٧٧.
3- أي : تسقينه اللبن.
4- بحار الأنوار ٤٣ / ٢٤٢.
5- إعلام الورى بأعلام الهدى ١ / ٤٢٧.
6- عيون أخبار الرضا ٢ / ٢٥ ، إعلام الورى ١ / ٤٢٧.
7- الإرشاد ٢ / ٢٨.
8- الإرشاد ٢ / ٢٨.
9- الإرشاد ٢ / ٢٨ ، وصحيح البخاري ٢ / ١٨٨ ، وسنن الترمذي ٥ / ٦١٥ ح ٣٧٧٠.
10- مستدرك الحاكم ٣ / ١٦٦ ، وكفاية الطالب / ٤٢٢ ، وإعلام الورى ١ / ٤٣٢.
11- بحار الأنوار ٤٣ / ٢٦١ ، ومسند أحمد ٤ / ١٧٢ ، وصحيح الترمذي ٥ / ٦٥٨ ح٣٧٧٥.
12- بحار الأنوار ٤٣ / ٢٦١ ، وعيون أخبار الرضا ٢ / ٦٢.
13- سنن ابن ماجة ١ / ٥٦ ، والترمذي ٥ / ٦١٤ ح٣٧٦٨ ، وبحار الأنوار ٤٣ / ٢٦٥.
14- بحار الأنوار ٤٣ / ٢٥٤ ، وراجع المناقب ٣ / ٥٠.
15- بحار الأنوار ٤٣ / ٢٨٥ ـ ٢٨٦ ، راجع ذخائر العقبى / ١٣٠.
16- أعيان الشيعة ١ / ٥٧٩.