![الفجوة بين السنة والشيعة الفجوة بين السنة والشيعة](https://rasekhoon.net/_files/thumb_images700/article_ar/%D8%A7%D9%84%D9%81%D8%AC%D9%88%D8%A9%20-%D8%A8%D9%8A%D9%86%20-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%86%D8%A9%20-%D9%88-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D9%8A%D8%B9%D8%A9.jpg)
قال الشّيخ محمّد الغزالي المصري:
« أنّ كلّ مابقي في عصرنا هذا من خلاف هو الفجوة الّتي افتعلت افتعالاً بين السنة والشيعة !! وهي فجوة يعمل الاستعمار على الأقل يستبقيها لتكون قطيعة دائمة بين الفريقين ثم ينفذ من خلالها إلى أغراضه..»(1)
الحمد الله ربّ العالمين والصلاة والسلام على اشرف الأنبباء والمرسلين محّمد بن عبد الله خاتم النبييّن المبعوث رحمة وهداية لكافة الخلائق أجمعين ، وعلى عترته البررة الميامين ، الطيّبين الطاهرين ، وصحابته الأخيار الأطياب ، المنتجبين.
من هم خير البرية ؟
اخرج ابن مردويه عن عائشة قالت :قلت يا رسول الله : من أكرم الخلق على الله ؟
قال يا عائشة : أما تقرئين : ( إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية ) .
واخرج ابن عساكر عن جابر بن عبد الله قال :
كنّا عند النبي صلّى الله عليه وسلام فأقبل عليّ فقال النبي صلّي الله عليه وسلم:
والذي نفسي بيده : ان هذا وشيعته لهم الفائزون يوم القيامة ونزلت :
( ان الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية )
فكان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أذا أقبل عليّ قالوا :جاء خير البريّة (2)
وأخرج ابن عدي ، وابن عساكر عن أبي سعيد مرفوعاً : علي خير البرية .
نُبذة من معتقدات الشيعة الأماميّة
قال الأمام كاشف الغطاء طاب ثراه :إنّ الدّين ينحصر في قضايا خمس :
1ـ معرفة الخالق .
2ـ معرفةالمُبلَّغ عنه .
3ـ معرفة ما تَعبّد به والعمل به .
4ـ الأخذ بالفضيلة ، وترك الرذيلة .
5ـ الاعتقاد بالمعاد والدينونة . فالدين علم وعمل ، و( إن الدين عند الله الإسلام) والإسلام والإيمان مترادفان ، ويُطلقان على معنىَ أعم يعتمد على ثلاثة أركان :
التوحيد والنُبّوة والمعاد .
فلو انكر الرجال واحداً منحا فليس بمسلم ، ولا مؤمن ، وإذا دان بتوحيد الله ، ونبوَّة سيّد الأنبياء محمّد صلّى الله عليه وآله وسلم ، واعتقد بيوم الجزاء من آمن بالله ورسوله فهو مسلم حقاً ، له ما للمسلمين وعليه ما عليهم دمه ، و ماله حرام ، ويطلقان ايضاً على معنى أخص يعتمد على تلك الأركان الثلاثة . وركن رابع وهو :
العمل بالدعائم التي بُني الإسلام عليها وهي خمس :
الصلاة ، والصوم ، والزكاة ، والحج ، والجهاد.
وبالنظر ألى هذا قالوا :
الإيمان اعتقاد بالجَنان ، وإقرار باللسان ، وعمل بالأركان .
( من آمن بالله وعمل صالحاً )
فكل مورد في القرآن اقتصر على ذكر الإيمان بالله ورسوله ، واليوم الآخر.
وكل مورد أُضيف أليه العمل الصالح يراد به المعنى الثاني .
والأصل في هذا التقسيم قوله تعالى :
(قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ، ولمّا يدخل الإيمان في قلوبكم ) وزاده أيضاحا بقوله بعدها :
(انما المؤمنون الذين آمنو بالله ورسوله ثم لم يرتاُبوا ، وجاهدوا بأموالهم ، وانفسهم في سبيل الله أولئك هم الصادقون) .
يعني : أن الإيمان قول ويقين وعمل . فهذه ألاربعة هي أُصول الإسلام والإيمان بالمعنى الأخص عند جمهور المسلمين.
ولكن الشيعة الإمامية زادوا « ركناُ خامسا » وهو : الاعتقاد بالإمامة .
يعني : أن يعتقد أنَّ الإمامة منصب إلهي كالنبوة ، فكما أن الله سبحانه يختار من يشاء من عباده للنبوة والرسالة ، ويؤيده بالمعجزة التي هي كنصّ من الله عليه .
( وربّك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة من أمرهم).
فكذلك يختار للإمامة من يشاء ويأمر نبيَّه بالَّنص عليه ، وأن ينصبه أماماُ للناس من بعده للقيام بالوظائف التي كان على النبي أن يقوم بها سوى أنَّ الإمام لا يوحى أليه كالنّبي ، وانّما يتلقى الأحكام منه مع تسديد ألهي .
فالنّبي مبلَّغ عن الله ، والإمام مبلغ عن النّبي . والإمامة متسلسلة في اثني عشر ، كُلّ سابق يُنصّ على الّلاحق.
ويشترطون ، أن يكون معصوماُ كالّنبي عن الخطأ والخطية . وإلاّ زالت الثقة به والآية الكريمة من قوله تعالى :
( أني جاعلك للناس إماماُ قال ومن ذريَّتي قال لا ينال عهدي الظالمين ).
صريحة في لزوم العصمة في الإمام لمن تدبّرها جيداَ .
وأن يكون أفضل أهل زمانه في كلّ فضيلة ، وأعلمهم بكلّ علم ، لأنَّ الغرض منه تكميل البشر ، وتزكية النّفوس ، ووتهذيبها بالعلم ، والعمل الصالح.
( هو الَّذي بعث في الأمييّن رسولاً يتلو عليهم آياته ويزكّيهم ويعلّمهم الكتاب والحكمه).
والناقص لا يكون مكمَّلاّ ، والفاقد لا يكون معطياً.
فالإمام في الكمالات دون النّبي ، وفوق البشر .
فمن اعتقد بالإمامة بالمعنى الّذي ذكرناه فهو عندهم مؤمن بالمعنى الأخص.
واذا اقتصر على تلك الأركان الأربعة فهو مسلم ومؤمن بالمعنى الأعم . تترب عليه جميع أحكام الإسلام : من حرمة دمه ، وماله ، وعرضه ، ووجوب حفظه ، وحرمة غيبتة وغير ذلك . لا أنّه بعدم الاعتقاد بالإمامة يخرج عن كونه مسلماً (3) .
تسمية الشيعة بشيعة أهل البيت(4)
لما رأى الإستعمار ـ وفي الآونه الأخيرة بالذات ـ أن الإسلام لا الشيعة : من يتقوى بهم الإنسان وينتشرون عنه . (5)
أصل الشيعة : الفرقة من الناس فأذا قيل فلان من الشيعة عرف أنه منهم ، وتجمع الشيعة على شيع ، وأصلها من المشايعة وهي المتابعة والمطاوعة . (6) .
(شايع) فلاناً : والاه وتابعه على أمر وهو من الشيعة كما أنّ والاه من الولاء . (7) .
التشيّع : لفرقة أو طائفة . الخ (8).
قال ابو علي : وحدثنا أبو الحسن جحظة قال : قال الشعبي : ما لقينا من عليّ رضي الله عنه أن أحببناه قتلنا ، وإن أبغضناه كفرنا .. وقال ابن هرمة:
مهمـا أُلام على حُبّهــم * فإنّي اُحِبُّ بنــي فاطمة
بني بنت من جاء بالمحكما * ت والدين والسُّنن القائمة
فلقيه بعد ذلك رجل فسأله من قائلها فقال : من عضّ ببظر امّه ، فقال له ابنه يا أبت ألست قائلها قال : بلى قال : فلم تشتم نفسك قال : أليس الرّجل يعضّ بظر أّمّه خيراً له من أن يأخذه ابن ينطبق إلاّ على المذهب الشيعي الإمامي . ولا يتحق النصر للمسلمين إلاّ به وقد أخذ يشقّ طريقه نحو الظهور وهو الآن في دور أو مرحلة التطبيق « وذلك بعد أن أعلنت إيران أنها جمهورية إسلامية وأخذت تسير سيراً هادئاً وحثيثاً نحو تطبيق النّظام الإسلامي » إذا بالإستعمار تيّقظ من نومته وأخذ يحيك المؤامرات الدنيئة بكلّ ما أوتي من خبث وشيطنة في إحباط هذه الجهود والمساعي وإخفاقه وتمزيقه على يد عملائه الصّهاينة وغيرهم .
إن إيران منذ العهود الماضية عرفت بالتشيع والولاء المحض لأهل بيت المصطفى عليهم السّلام . « وإن واضع بذرة التشيع هو نفس صاحب الشريعة الإسلامية . يعني : إن بذرة التشيّع وٌضعت مع بذرة الإسلام جنباً إلى جنب ، وسواء بسواء ولم يزل غارسها يتعاهدها بالسقي والعناية حتّى نمت وازدهرت في حياته ثم أثمرت بعد وفاته
وقال العلامة الكبير السيّد محمد صادق الصدر :
« ونحن إذا رجعنا للأحاديث النبوية الشريفة وجدنا النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم قد عيّن الفرقة الناجية بحديث آخرمجمع على صحته قاطبة . (9) .
شيعة الرّجل : أولياؤه ، وأنصاره ، ج أشياع . وشيع « وغلّب على من يتولّى عليّاً وأهل بيته عليهم السلام وهم فرق متعدّدة أشهرها . وأكثرها عدداً : الإمامية الإثنا عشرية . وليسوا من الغلاة كما زعم صاحب التاج ، بل إنّهم يكفّرون الغلاة كما يعرفه كل من اطّلع على مذهبهم ، وفتاوي فقهائهم » . وقال الأزهري : الشيعة هم الذين يهووٌن عترة النبي ويوالونهم . (10) .
وقد ذكره علماء الطائفتين وهو قوله صلّى الله عليه وآله وسلّم : « أنما مثل أهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح ، من ركب فيها نجا ، ومن تخلّف عنها غرق ، وفي رواية هلك (11).
فأنت تراه صلّى الله علّيه وآله وسلم قد حكم بالنجاة على الفرقة التي تتمسك بأهل البيت عليهم السّلام ، وتعتصم بحبلهم .
وما من شك أن الراكب في هذه السفينة والمتمسك بها ليس إلاّ الشيعة لأنّها هي التي شايعتهم على كل قول ، وتابعتهم على كلّ فعل ، وأخذت عنهم معالم الدين والأصول ، والفروع ، والأخلاق ، والتفسير ، وكلّ ما يحتاجونه من أٌمور الدنيا والدين ، يوالون وليَّهم ويعادون عدوَّهم حتى أصبحوا يلقَّبون : بـ « شيعة أهل البيت ».
ومن الغريب المضحك إنا نرى ابن حجر في صواعقه يريد أن يغتصب لقب التشيّع ويجعله له ولأتباعه ، وأنّهم هم الذين شايعو أهل البيت ، ووالوهم .
وليت شعري هل يكون من شيعتهم من يرجع في الأصول إلى الأشعري ؟! وفي الفقه إلى مالك ، والشافعي ، وأبي حنيفة ، وأحمد بن حنبل ؟!!
والله در الإمام الشافعي حيث يقول :
و لمــّا رأيت النـاس قد ذهبت بهم / مذاهبهم فــي أبحـر الغي والجهل
ركبت على اسم الله فــي سفن النجا / وهم أهل بيت المصطفى خاتم الرسل
وأمسكت حبـل الله وهــو ولاؤهم / كما قد أٌمرنــا بالتمســك بالحبل
إذا افترقت في الدين سبعــون فرقة / ونيف كما قد جاء في محكم النقــل
ولم يــك ناج منهم غيــر فرقـة / فقل لي بها يا ذا الرجاحــة والعقل
أفـي الفــرق الهلاك آل محمَّــد / أم الفـرق اللاتي نجت منهم قل لي
فإن قلــت في الناجين فالقول واحد / وإن قلت في الهلاك جدت عن العدل
إذا كــان مولى القــوم منهم فإنني / رضيت بهم لازال في ظلهــم ظلي
فخل علياً لــي إمامــاً ونسلــه / وأنت من الباقين فــي أوسع الحـل
هل يكون من شيعتهم من لايعوَّل عليهم ، ويعول على الخوارج ، والمرجئة ، والمضعَّفين ؟؟!
هل يكون ابن حجر وأمثاله من شيعتهم وفيهم امثال ابن خلدون الذي يرى « والعياذ با الله » أن أهل البيت شذاذ مبتدعون وامثال ابن حزم الذي لا يرى لهم نفعاُ في علم كما ستعرف ذلك ؟ (12)
هل يكون هؤلاء من شيعتهم؟؟!
سبحانك اللهُم هذا بهتان عظيم .
فالمذهب الحق إذاُ هو مذهب أهل البيت ، وهو مذهب الشيعة الإمامية وهي الحرَّية بالنّجاة لما عرفت من مفاد الحديثين .
وهناك مسائل لاتلائم روح الإسلام تجدها مبثوثة في كتب القوم ، و أحاديثهم ، ومعتقداتهم ، نضع بين يديك مثلاُ تستطيع به أن تحكم على معتنقيها بالبعد عن النّجاة المنوَّه عنهما في حديث افتراق الأمة .
المصادر :
1- دفاع عن العقيدة والشريعة ص 253 ط رابعة بمصر عام 1395 هـ
2- الدر المنثور في التفسير بالمأثور : 6 / 379 طبعه مصر .
3- اصل الشيعة وأصولها ص 126 ، 129 طبعة القاهرة .
4- الشيعة : الفرقة والجماعة ويقال : هم شيعة فلان ، وشيعة كذا من الآراء . ـ وفرقة كبيرة من المسلمين اجتمعوا على حبّ عليّ وآله ، وأحقيتهم بالإمامة . ( المعجم الوسيط : 1 / 503 ) .
5- مفردات غريب القرآن ص 271 ط مصر
6- النهاية لإبن الأثير : 2 / 519 ، 520
7- أقرب الموارد 1 /626
8- المصطلحات العلميّة والفنيّة :2 / 85 ط بيروت
9- الأماني لأبي علي القالي : 2 / 177 ط مصر
10- معجم متن اللغة 3 / 400 ط بيروت
11- الصواعق الحرقة لإبن حجر ص 93 طبعة مصر.
12- مقدمه ابن خلدون ص 498 المطبوعة بالقاهرة عام 1327هـ بمطبعة حسين أفندي شرف