من الأمور الهمة والقضايا الحساسة في حياة الفرد المؤمن هو مسألة يوم القيامة ـ المعاد ـ حيث نرى الكثير من الناس عندما يسمعون المعاد ويوم القيامة واليوم الآخر يأنون من ذكره حيث هناك تلاقي البشر مع خالقهم والوقوف بين يديه للحساب .
ولا شك ولاريب انّ الكثير من الناس يخافون عدل الله تعالى ويطلبون منه ان يحاسبهم برحمته لا بعدله لأنه لو يحاسبهم الله تعالى .
بعدله لما ترك عليها من دابة ، لذا نجد من خلال القرآن الكريم والروايات الشريفة إنّه من ظاهر رحمته الله تعالى يوم القيامة هو إعطاءه الشفاعة لبعض أولياؤه حيث تعتبر الشفاعة مظهر من ظاهر رحمة الله لكي يبين الله تعالى قدرة ومنزلة ومقام العبد المؤمن ذلك اليوم ـ أي يوم الحساب ـ ومن هنا نجد إن من الذين تشملهم العناية الربانية في الشفاعة يوم القيامة هم آل الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وهذا ما أثبتته الكثير من الآيات والروايات ولا نريد الوقوف الطويل مع هذه الآيات والروايات بل نقف مع أحد دعائم أهل بيت النبوة والمتمثلة في الصديقة الطاهرة فاطمة الزهراء عليها السلام تلك هي بضعة الرسول وريحانته وزوجة الوصي المرتضى وأم الحسنين .
وهذه الشفاعة التي نتكلم عنها هي نموذج من يوم المعاد الذي سوف تجتمع به الخلائف ، وبذلك تكون الشفاعة جزءاً مهماً بل هو الامل الوحيد للخلائق يوم القيامة . اذن الشفاعة مظهر من مظاهر رحمة الله تعالى ومظهر من مظاهر المعاد ، ونحن نجد من خلال إستقراء الروايات الشريفة الواردة في مقام الشفاعة يوم القيامة هو الشفاعة التي تعطي للزهراء عليها السلام ، وعليه تكون الزهراء مرتبطة إرتباط وثيق بيوم القيامة والمعاد الذي نؤوب إليه ، أما كيف نثبت أن لها هذا الإرتباط من خلال الروايات الشريفة فهذا ما تبينه بعض النصوص الشريفه التي تثبت إرتباط الصديقة الشهيدة بيوم المعاد :
* عن أبو القاسم العلوي الحسني ـ معنعناً ت عن ابن عباس : « إذا كان يوم القيامة نادي مناد : يا معشر الخلائق ، غضوا أبصاركم حتى تمر فاطمة بنت محمد صلى الله عليه وآله وسلم ...
فيجوزون بها الصراط حتى ينتون بها إلى الفردوس فيتباشر فيها أهل الجنان ...فتجلس على كرسي من نور ويجلس حولها ، ويبعث إليها ملك لم يبعث إلى أحد قبلها ولا يبعث الى أحد بعدها فيقول : إن ربك يقرئك السلام ويقول : سليني أعطيك ؛ فتقول قد أتم عليّ نعمته ، وهنأني كرامته وأباحني جنته ، أسأله ولدي وذريتي ومن ودهم بعدي ، وحفظهم من بعدي ، فيوحي الله إلي الملك من غير أن نزول من مكانه : أن سرّها وبشرّها أنّي قد شفعتها في ولدها ومن ودهم بعدها وحفظهم فيها . فتقول : الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن وأقر عيني .
قال جعفر : كان أبي يقول : كان إبن عباس إذا ذكر هذا الحديث تلا هذه الآية ( والذين امنوا واتبعتهم ذريتهم بأيمانهم الحقنابهم ذريتهم ) (1) .
* عن الحسن بن سعيد ـ معنعنا ـ عن جعفر ، عن أبيه عليه السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : إذا كان يوم القيامة نادي مناد من بطنان العرش : يامعشر الخلائق . غضوا أبصاركم حتى تمر بنت حبيب الله إلى قصرها « إبنتي فاطمة وعليها » ويطتان خضروان حواليها سبعون الف حوراء ، فإذا بلغت غلى باب قصرها وجدت الحسن قائماً ن والحسين نائماً مقطوع الرأس ، فتقول للحسن : من هذا ؟ فيقول : هذا أخي إنّ أمة نبيك قتلوه وقطعوا رأسه .
فيأتيها النداء من عندالله : يا بنت حبيب الله إني إنما ما فعلت به أمة أبيك لأني أدخرت لك عندي تعزية بمصيبتك فيه ، إني جعلت نعزيتك اليوم أني لا أنظر في محاسبة العباد حتى تدخل الجنّة أنت وذريتك وشيعتك قبل أم أنظر بمحاسبة العباد ، فتدخل فاطمة أبنتي الجنة وذريتها وشيعتها ومن أولاها معروفاً ممن ليس من شيعتها ، فهو قول الله عزّ وجلّ : « لا يحزنهم الفزع الاكبر » قال : قول يوم القيامة « وهم في ما اشتهت أنفسهم خالدون » هي والله ـ فاطمة وذريتها وشيعتها ومن أولاهم معروفاً ممن ليس هو من شيعتها (2) .
* روي عن سلمان قال : أتيت ذات يوم منزل فاطمة عليها السلام ـ في حديث إلى أن قال ـ قال صلى الله عليه وآله وسلم : والذي بعثني بالرسالة وإصطفاني بالنبوه قد حرم الله تعالى النار على لحم فاطمة ، ودمها ، وشعرها ، وعصبها وعظمها وذريتها وشيعتها . أن من نسل فاطمة من تطيعه النار ، والشمس والقمر والنجوم والجبال وقد ضرب الجن بين يديه بالسيف ويوافي إليه الانبياء بعهودهم وتسلم إليه الأرض كنوزها وينزل عليه من السماء بركات ما فيها ، الويل لمن شك في فضل فاطمة لعن الله من يبغضها ، ويبغض بعلها ولم يرضى بأمامة ولدها ، إن لفاطمة يوم القيامة موقفاً وإن فاطمة تدعى وتكسى وتشفع ، فتشفع على رغم كل راغم (3) .
* عن علي عليه السلام : دخلت يوماً منزلي فإذا رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم جالس والحسن عن يمينه ، والحسين عن يساره ، وفاطمة بين يديه ، وهو يقول : يا حسن ويا حسين ، أنتما كفتا الميزان وفاطمة لسانه ، ولا تعدل الكفتان إلا باللسان ولا يقوم اللسان إلا على الكفتين ... إنتما الإمامان ولأمكما الشفاعة (4) .
* وقد ورد في الخبر أنها لما سمعت بأن أباها زوجها وجعل الدراهم مهراً لها ، قالت يا رسول الله ، إن بنات الناس يتزوجن بالدراهم فما الفرق بيني وبينهن ، أسألك أن تردها وتدعوا الله أن يجعل مهري الشفاعة في عصاة أمتك ؛ فنزل جبريل عليه السلام ومعه بطاقة من حرير مكتوب فيها : جعل الله مهر فاطمة الزهراء عليها السلام شفاعة المذنبين من أمة أبيها ؛ فلما إحتضرت أوصت بأن توضع تلك البطاقة على صدرها تحت الكفن فوضعت ، وقالت : إذا حشرت يوم القيامة رفعت تلك البطاقة بيدي ، وشفعت في عصاة أمّة أبي (5) .
وكثيرة هي الروايات التي ثبتت شفعة فاطمة عليها السلام للشيعة والمحبين والمذنبين من أمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم ، هذه تدل دلالة واضحة على ارتباط الزهراء عليها بيوم المعاد وان لها منزلة وكرامة على الله تعالى في ذلك اليوم .
لابــد أن تـرد القـيامة فـاطم / وقميصها بـدم الحسـين مـلطخ
ويل لمـن شـفعاؤه وخـصمائه / والصور في يوم القيامـة يـنفخ .
محمد حسن سميسم (6)
مـن مـبلغ عـني الزمــان عـتابا / ومــــقرعّ مـــني له أعـــتابا
دهـر تـعامى عـــن هـداه كأنـما / أصـحاب أحـمد أشـركوا مـذ غـابا
نكـصوا على الأعـقاب بـعد مـماتهٍ / سـيرون فـي هـذا النكـوص عـقابا
سـل عـنهم القـرآن يشـهد فــيهم / إن كــنت لم تــفقه لذاك جـوابــا
فكأنــهم لـم يشـــهدوا خـمّاً ولا / بــدراً ولا أحــداً ولا الأحـزابــا
وبــخيبرٍ مـن راح يــرقل بـاللوا / مـن قـدّ مـرحب مـن أزال البــابا
ومـن اشـترى إلاه نـــفس مـحمدٍ / فــي نـفسه لمـا دعــي فأجــابا
من في الصلاة يرى الصـلاة فـريضةً / مــن نـال خـاتمه الشـريف جـوابا
مـن بـاب حطة غـير حيدرةٍ ومـن / لمــدينة المــختار كـــان البـابا
أعــجبت مـمن أخـرّوا مـقدامـهم / بــعد النــبي وقــدموا الأذنــابا
قـد أضـمروها للــوصي ضـغائناً / مـذ دحـرجــوها للــنبّي دبــابا
لينفرّوا العـضباء عـن قطب الهـدى / حـتى بـعود الديــن بــعد يــبابا
نستــبوا له هـجراً لحـذف كـتابه / فكأنـــهم لا يســـمهون كـــتابا
ما كـان يـنطق عـن هـواه وإنـما / وحــي تــلقاه النــبّي خـــطابا
يــاباب فــاطم لاطـرقت بـخيفةٍ / ويـد الهـدى سـدلت عـليك حــجابا
أو هـي عـليك أمـا عـلمت بـفاطم / وقـــفت وراك تــناشد الأصــحابا
لهفي عـليك أمـا اسـعطعت تـصدّهم / لمـا أتـاك بــنو الضـلال غــضابا
أو مـارققت لضــلعها لمـا انـحنى / كسـراً ومــنه تــزجر الخـــطابا
أفـهل درى المسـمار حـين اصـابها / مـن قــبلها قـلب النــبيّ أصــابا
عتبي على الأعـقاب أسـقط مــحسن / فـيها ومـا انــهالت لـذاك تــرابـا
المصادر :
1- تفسير فرات : 169 ، دلائل الإمامة : 57 تأويل الآيات : 2 | 618 | ح 7 .
2- مستدرك الحاكم : 3 | 161 ، الخصائص : 2 | 265 ، الفصول المهمة 127 فضائل الصحابة : 2 | 763 ح 1344 ، ميزان الاعتدال : 2 | 538 ، كفاية الطالب : 364 ، تفسير فوات الكوفي : 97 .
3- الثاقب في المناقب : 293 | ح 250 .
4- كشف الغمة : 1 | 506 .
5- اخبار الدول : 88 ، الاحقاق : 10 | 367 ، وسيلة النجاة : 217 .
6- زعيم أسرة آل سميسم من أصحاب الفضل والأدب والسخاء وله ديوان شعر مخطوط أكثره في أهل البيت . ولد شاعرنا سنة 1279 هـ و توفي 1343 هـ .