عن عبدالله بن جعفر الحميري أنّه سأل العمري رحمهالله فقال له : إنّي اُريد أن أسألك عن شيء وما أنا بشاكّ فيما اُريد أن أسألك عنه ، فإنّ اعتقادي وديني أنّ الأرض لا تخلو من حجّة ، إلا إذا كان قبل القيامة بأربعين يوماً ، فإذا كان ذلك رفعت الحجّة ، واُغلق باب التوبة ، فلم يك ينفع نفساً إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيراً ، فاُولئك شرار من خلق الله ، وهم الذين تقوم وتوكّل للإمام العسكري عليهالسلام فقال في حقّه : « ثقة الماضي ، وثقتي في المحيا والممات ».
وذكره الشيخ في كتابه « الغيبة » في السفراء الممدوحين قائلاً : وهو الشيخ الموثوق به.(1)
وروى الشيخ في كتاب « الغيبة » ـ في جملة الأحاديث التي رواها من طرق العامّة ، في النصّ على الأئمّة عليهمالسلام ـ قال : أخبرنا جماعة عن أبي عبدالله الحسين بن علي بن سفيان البزوفري ، عن علي بن سنان الموصلي العدل ، عن علي بن الحسين ، عن أحمد بن محمّد بن الخليل ، عن جعفر بن أحمد البصري ، عن عمّه الحسن بن علي ، عن أبيه ، عن أبي عبدالله جعفر بن محمّد الصادق عليهالسلام ، عن أبيه ، عن آبائه ، عن رسول الله صلىاللهعليهوآله أنّه قال ـ في الليلة التي كان فيها وفاته ـ : « يا أبا الحسن ، أحضر دواة وصحيفة ـ فأملى رسول الله صلىاللهعليهوآله وصيّته حتّى انتهى إلى هذا الموضع فقال ـ :
يا أبا الحسن ، إنّه يكون بعدي اثني عشر إماماً ، ومن بعدهم اثني عشر مهديّاً ، فأنت يا علي أوّل الاثني عشر إماماً ـ وذكر النصّ عليهم بأسمائهم إلى أن انتهى إلى الحسن العسكري عليهالسلام ـ فقال : إذا حضرته الوفاة فليسلّمها إلى ابنه محمّد المستحفظ من آل محمّد عليهمالسلام ، فذلك اثنى عشر إماماً ، ثمّ يكون من بعده اثنى عشر مهديّاً ، فإذا حضرته الوفاة فليسلّمها إلى ابنه أوّل المقرّبين له ثلاثة أسامي ، اسم كاسمي ، واسم كاسم أبي وهو عبدالله وأحمد ، والثالث المهدي هو أوّل المؤمنين » (2).
وروى الشيخ في كتاب « الغيبة » في آخره : عن محمّد بن عبدالله الحميري ، عن أبيه ، عن محمّد بن عبد الحميد ومحمّد بن عيسى ، عن محمّد بن الفضيل ، عن أبي حمزة ، عن أبي عبدالله عليهالسلام في حديث طويل قال : « يا أبا حمزة ، إنّ منّا بعد القائم عليهالسلام اثني عشر مهديّاً من ولد الحسين عليهالسلام » (3).
وروى الشيخ أيضاً في « المصباح الكبير » حيث أورد دعاءً ذكر أنّه مرويّ عن صاحب الزمان عليهالسلام خرج إلى أبي الحسن الضرّاب الأصفهاني بمكّة ، بإسناد لم نذكره اختصاراً ، ثمّ أورد الدعاء بطوله إلى أن قال : « اللهمّ صلِّ على محمّد المصطفى وعليّ المرتضى وفاطمة الزهراء والحسن الرضا والحسين المصفّى وجميع الأوصياء مصابيح الدجى ـ إلى أن قال ـ : وصلِّ على وليّك وولاة أمرك والأئمّة من ولده ، ومدّ في أعمارهم ، وزد في آجالهم ، وبلّغهم أقصى آمالهم ديناً ودنياً وآخرة ، إنّك على كلّ شيء قدير » (4).
وروى أيضاً في « المصباح » بعده بغير فصل دعاءً مرويّاً عن الرضا عليهالسلام فقال : روي عن يونس بن عبد الرحمن ، عن الرضا عليهالسلام أنّه كان يأمر بالدعاء لصاحب الأمر عليهالسلام بهذا الدعاء : « اللهمّ ادفع عن وليك وخليفتك ـ إلى أن قال ـ : اللهمّ وصلِّ على ولاة عهده والأئمّة من بعده ، وزد في آجالهم ، وبلّغهم آمالهم » (5) الدعاء.
وهو يشتمل على أوصاف وألقاب لا تكاد تستعمل في غير المهدي عليهالسلام.
وروى ابن بابويه في كتاب « الخصال » ـ في باب الاثني عشر ـ : عن عبدالله بن محمّد ، عن محمّد بن سعيد ، عن الحسن بن علي ، عن أبي اُسامة ، عن ابن مبارك ، عن معمّر ، عمّن سمع وهب بن منبّه يقول : « يكون بعدي اثنا عشر خليفة ثمّ يكون الهرج ، ثمّ يكون كذا وكذا » (6).
وبالإسناد : عن الحسن بن علي ، عن وليد بن مسلم ، عن صفوان بن عمرو ، عن شريح بن عبيد ، عن عمرو البكائي ، عن كعب الأحبار قال في الخلفاء : هم اثنا عشر ، فإذا كان عند انقضائهم وأتى طائفة صالحة ، مدّ الله لهم في العمر ، كذلك وعد الله هذه الاُمّة ، ثمّ قرأ : ( وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ ) (7)
وكذلك فعل الله ببني إسرائيل ، وليس بعزيز أن يجمع الله هذه الاُمّة يوماً أو نصف يوم ( وَإِنَّ يَوْماً عِندَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَة مِمَّا تَعُدُّونَ ) (8)
وفي باب اتّصال الوصية من لدن آدم من كتاب « كمال الدين » لابن بابويه :
حدّثنا أبي ، قال : حدّثنا سعد بن عبدالله وعبدالله بن جعفر ، عن أيّوب بن نوح ، عن الربيع بن محمّد ، عن عبدالله بن سليمان العامري ، عن أبي عبدالله عليهالسلام ، قال : « ما زالت الأرض إلا ولله تعالى فيها حجّة ، يعرّف الحلال من الحرام ، ويدعو إلى سبيل الله ، ولا تنقطع الحجّة من الأرض إلا أربعين يوماً قبل القيامة ، وإذا رفعت الحجّة اُغلق باب التوبة فـ ( لاَ يَنْفَعُ نَفْساً إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِن قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْراً ) (9)
أولئك شرار خلق الله وهم الذين تقوم عليهم القيامة » (10).
ورواه البرقي في « المحاسن » : عن علي بن الحكم ، عن الربيع بن محمّد مثله (11).
وقال الطبرسي في كتاب « إعلام الورى » ـ في آخر الباب الرابع ـ : قد جاءت الرواية الصحيحة أنّه ليس بعد دولة المهدي عليهالسلام دولة ، إلا ما ورد من قيام ولده مقامه إن شاء الله ذلك ولم ترد على القطع والبت ، وأكثر الروايات أنّه لن يمضي عليهالسلام من الدنيا إلا قبل القيامة بأربعين يوماً ، يكون فيها الهرج ، وعلامة خروج الأموات ، وقيام الساعة ، والله أعلم (12)
وقال المفيد في « الإرشاد » : ليس بعد دولة القائم لأحد دولة (13). ثمّ ذكر مثل كلام الطبرسي.
وقال صاحب كتاب « الصراط المستقيم » وهو الشيخ زين الدين علي بن يونس العاملي : ليس بعد المهدي عليهالسلام دولة واردة إلا في رواية شاذّة من قيام أولاده من بعده ، وهي ما روي عن ابن عبّاس من قول النبيّ صلىاللهعليهوآله : « لن تهلك اُمّة أنا أوّلها وعيسى بن مريم آخرها ، والمهدي في وسطها » ومثله روي عن أنس
وهاتان تدلاّن على دولة بعد دولته عليهالسلام ، وأكثر الروايات أنّه لا يمضي إلا قبل القيامة بأربعين يوماً ، وهو زمان الهرج ، وعلامة خروج الأموات للحساب (14)
أقول : أمّا حديث وفاة المهدي عليهالسلام قبل القيامة بأربعين يوماً ، فقد ورد من طرق متعدّدة لا تحضرني الآن ، والأحاديث في « أنّ الأرض لا تخلو من حجّة » كثيرة ، والأدلّة العقلية على ذلك قائمة ، وأحاديث حصر الأئمّة عليهمالسلام في الإثني عشر أيضاً كثيرة جدّاً ، وتحتمل هنا وجوه :
أحدها : أن يكون خلوّ الأرض من إمام على ظاهره في مدّة الأربعين ، ويكون موت الناس وجميع المكلّفين قبل الإمام ، وتكون الأرض في تلك المدّة اليسيرة خالية من المكلّفين ومن الإمام ، ولا ينافي ذلك ما روي من خروج المهدي عليهالسلام من الدنيا شهيداً ، لإمكان أن يسقيه أحد السمّ ، أو يضربه بالسيف ونحوه ، ثمّ يموت القاتل وسائر المكلّفين قبل الإمام ، وتكون الرجعة بعد المدّة المذكورة أو قبلها ، ولا يبعد كون أهل الرجعة غير مكلّفين.
ويكون إغلاق باب التوبة لانقطاع التكليف وموت المكلّفين ، فلا ينفع نفساً إيمانها ؛ لانتقال النفوس من الدنيا التي هي دار التكليف إلى البرزخ أو القيامة ، ويكون المشار إليه باُولئك هم الذين لم يؤمنوا ولم يكسبوا في إيمانهم خيراً ، وذلك غير بعيد لقرب المشار إليهم في الذكر ، ويكون قيام القيامة عليهم إشارة إلى أنّها عليهم لا لهم ، بخلاف غيرهم فإنّها لهم أو عليهم ولهم ، ونحوه ( لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ ) (15) والحاصل أنّه لا يلزم حمله على بقاء المحجوج بعد فناء الحجّة.
وثانيها : أن يكون إشارة إلى قوم لا يموتون عند موت صاحب الزمان ، بل يصيرون في حكم الأموات وبمنزلة المعدومين لارتفاع التكليف عنهم لفقدهم العقل أو غير ذلك ، كاقتضاء الحكمة الإلهية إنقضاء مدّة التكليف وقيام الساعة ، ولعلّ هؤلاء الجماعة المشار إليهم بقوله تعالى ( وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَن فِي السَّماوَاتِ وَمَن فِي الأرْضِ إِلاَّ مَن شَاءَ الله ) (16).
وحينئذ تخصيص الأحاديث المعارضة المشار إليها بزمان التكليف ، أو يحمل الحجّة فيها على ما هو أعمّ من الإمام والعقل ، لما رواه الكليني وغيره عنهم عليهمالسلام : « إنّ لله على الناس حجّتين : ظاهرة وباطنة ، فالظاهرة : الأنبياء والأئمّة عليهمالسلام ، والباطنة : العقل ».
وثالثها : أن يكون المراد بالأربعين يوماً مدّة الرجعة ، ويكون ذلك إشارة إلى قلّتها ، بالنسبة إلى زمان النشأة الاُولى والخلود في الجنّة أو النار ، فإنّه يعبّر بالسبعين عن الكثرة ، وبما دونها عن القلّة ، أو إشارة إلى ما مرّ في هذه الأحاديث من قوله في هذا المقام ( وَإِنَّ يَوْماً عِندَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَة مِمَّا تَعُدُّونَ ) ويكون وفاة جميع المكلّفين قبل المهدي عليهالسلام ، ويكون أهل الرجعة غير مكلّفين.
ورابعها : أن تكون القيامة التي أخبر بوقوعها بعد الأربعين يوماً هي قيام الأموات ، وحياتهم بعد الموت ، ويكون المراد الرجعة التي هي القيامة الصغرى ، ثمّ القيامة الكبرى ، ولا ريب في جواز استعمال القيامة فيما يشمل القيامة الصغرى والكبرى ، بل قد تقدّم إطلاق الآخرة في القرآن على الرجعة ، وورد الحديث بذلك.
وخامسها : أن يكون المراد ليس بعد دولة المهدي عليهالسلام دولة مبتدَأة فلا ينافي الرجعة ؛ لأنّها دولة ثانية ، والأربعون يوماً يحتمل كونها فاصلة بين الدولتين.
وسادسها : أن يكون المراد بموت المهدي عليهالسلام الذي لا تتأخّر القيامة عنه إلا أربعين يوماً ، الموت الثاني بعد رجعته عليهالسلام ، وقد ذكر ذلك بعض المحقّقين من المعاصرين ، وأورد أحاديث متعدّدة دالّة على رجعته عليهالسلام ، وذكر أنّه نقلها من كتب المتقدّمين والله أعلم.
وأمّا أحاديث الاثني عشر بعد الاثني عشر، فلا يخفى أنّها غير موجبة للقطع واليقين لندورها وقلّتها ، وكثرة معارضتها كما أشرنا إلى بعضه ، وقد تواترت الأحاديث بأنّ الأئمّة اثني عشر ، وأنّ دولتهم ممتدّة إلى يوم القيامة ، وأنّ الثاني عشر خاتم الأوصياء والأئمّة والخلفاء ، وأنّ الأئمّة من ولد الحسين إلى يوم القيامة ، ونحو ذلك من العبارات ، فلو كان يجب الإقرار علينا بإمامة اثني عشر بعدهم ، لوصل إلينا نصوص متواترة تقاوم تلك النصوص ، لينظر في الجمع بينهما.
وقد نقل عن السيِّد المرتضى أنّه جوّز ذلك على وجه الإمكان والاحتمال ، وقال : لا يقطع بزوال التكليف عند موت المهدي عليهالسلام ، بل يجوز أن يبقى بعده أئمّة يقومون بحفظ الدين ومصالح أهله ، ولا يخرجنا ذلك عن التسمية بالاثني عشرية ؛ لأنّا كلّفنا أن نعلم إمامتهم ، وقد بيّنّا ذلك بياناً شافياً ، فانفردنا بذلك عن غيرنا .
ويؤيّده عدم الدليل العقلي القطعي على النفي ، وقبول الأدلّة النقلية للتقييد والتخصيص ونحوهما لو حصل ما يقاومهما ، ولا يخفى أنّ الحديث المنقول أوّلاً من كتاب « الغيبة » من طرق العامّة ، فلا حجّة فيه في هذا المعنى ، وإنّما هو حجّة في النصّ على الاثني عشر ، لموافقته لروايات الخاصّة ، وقد ذكر الشيخ بعده وبعد عدّة أحاديث أنّه من روايات العامّة ، والباقي ليس بصريح.
وقد تقدّم في الحديث السادس والتسعين من الباب السابق ما هو صريح في أنّ المهدي عليهالسلام ليس له عقب ، وهنا احتمالات :
أوّلها : أن تكون البعدية غير زمانية ، بل هي مثل قوله تعالى ( فَمَن يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ الله ) فيجوز كون المذكورين في زمن المهدي عليهالسلام ، ويكونوا نوّاباً له ، كلّ واحد نائب في جهة ، أو في مدّة.
وثانيها : إنّ قوله : ( من بعد ) لابدّ فيه من تقدير مضاف ، فيمكن أن يقدّر من بعد ولادته ، أو من بعد غيبته ، ويكون إشارة إلى السفراء والوكلاء على الإنس والجنّ ، أو إلى أعيان علماء شيعته في مدّة غيبته ، ويمكن أن يقدّر من بعد خروجه ، فيكونون نوّاباً له كما مرّ.
وقد روى الصدوق في كتاب « كمال الدين وتمام النعمة » : عن علي بن أحمد بن موسى الدقّاق ، عن محمّد بن أبي عبدالله الكوفي ، عن موسى بن عمران النخعي ، عن عمّه الحسين بن يزيد النوفلي ، عن علي بن أبي حمزة ، عن أبيه قال : قلت للصادق عليهالسلام : سمعت من أبيك أنّه قال : « يكون من بعد القائم اثنا عشر مهديّاً » فقال : « قد قال : اثنا عشر مهدياً ، ولم يقل اثنا عشر إماماً ، ولكنّهم قوم من شيعتنا يدعون الناس إلى ولايتنا ، ومعرفة فضلنا » (17).
أقول : فهذا الحديث يناسب الوجوه المذكورة ، ويوافق ما يأتي أيضاً على وجه ، على أنّه يحتمل الحمل على التقية على تقدير أن يراد منه نفي الرجعة ، كما حمله بعض المحقّقين.
وثالثها : أن يكون ذلك محمولاً على الرجعة ، فقد عرفت جملة من الأحاديث الواردة في الأخبار برجعتهم عليهمالسلام على وجه الخصوص ، وعرفت جملة من الأحاديث الواردة في صحّة الرجعة على وجه العموم ، في كلّ : من محض الإيمان محضاً أو محض الكفر محضاً. وكلّ واحد من القسمين قد تجاوز حدّ التواتر المعنوي بمراتب ، كما رأيت في الأبواب السابقة.
وعلى هذا فالأئمّة من بعده هم الأئمّة من قبله قد رجعوا بعد موتهم ، فلا ينافي ما ثبت من أنّ الأئمّة اثنا عشر; لأنّ العدد لا يزيد بالرجعة ، وهذا الوجه يحصل به الجمع بين رواية الاثني عشر ورواية الأحد عشر ، فإنّ الاُولى : محمولة على دخول المهدي أو النبي عليهما السلام ، والثانية : لم يلاحظ فيها دخول أحد منهما لحكمة اُخرى ، ومثل هذا في المحاورات كثير ، والتخصيص بالذكر لا يدلّ على التخصيص بالحكم ، وليس بصريح في الحصر ، وما تضمّنه الحديث المروي في كتاب « الغيبة » أولا على تقدير تسليمه في خصوص الاثني عشر بعد المهدي عليهالسلام لا ينافي هذا الوجه ؛ لاحتمال أن يكون لفظ ابنه تصحيفاً ، وأصله أبيه بالياء آخر الحروف ، ويراد به الحسين عليهالسلام لما روي سابقاً في أحاديث كثيرة من رجعة الحسين عليهالسلام عند وفاة المهدي عليهالسلام ليغسّله ، ولا ينافي ذلك الأسماء الثلاثة لاحتمال تعدّد الأسماء والألقاب لكلّ واحد منهم عليهمالسلام ، وإن ظهر بعضها ولم يظهر الباقي ، ولاحتمال تجدّد وضع الأسماء في ذلك الزمان له عليهالسلام ، لأجل اقتضاء الحكمة الإلهية.
وقوله عليهالسلام في حديث أبي حمزة : « إثنا عشر مهديّاً من ولد الحسين عليهالسلام » لايبعد تقدير شيء له يتمّ به الكلام بأن يقال : أكثرهم من ولد الحسين عليهالسلام ، ولا يخفى أنّه قد يبني المتكلِّم كلامه على الأكثر الأغلب عند ظهور الأمر ، أو إرادة الإجمال ، وممّا يقرّب ذلك ويزيل استبعاده ما ورد في أحاديث النصّ على الأئمّة الاثني عشر عليهمالسلام : « إنّهم من ولد عليّ وفاطمة » والحديث موجود في اُصول الكليني.
ولابدّ من حمله على ما قلناه لخروج أمير المؤمنين عليهالسلام من هذا الحكم ، ودخوله في الاثني عشر عليهمالسلام ، والضمائر في الدعاءين يحتمل عودها إلى الرسول صلىاللهعليهوآله وإلى الحسين عليهالسلام ، ويحتمل الحمل على الرجعة كما مرّ ، لكن في الدعاء الثاني لا في الأوّل ؛ لوجود لفظ ولده فيه ، وحديث كعب ووهب يحتملان بعض ما مرّ وهما إلى الرجعة أقرب على أنّ قولهما ليس بحجّة ، لكنّ الظاهر أنّهما راويان لهذا المعنى عن بعض أهل العصمة عليهمالسلام ويأتي زيادة تحقيق لبعض مضمون هذا الفصل إن شاء الله تعالى.
المصادر :
1- رجال الشيخ : ٤٢٠ / ٣٦ و ٤٣٤ / ٢٢ ، الغيبة للطوسي : ٢٤٣ / ٢٠٩ و ٣٥٣ ، رجال العلاّمة : ٢٢٠ / ٧٢٩.
2- الغيبة للطوسي : ١٥٠ / ١١١ ، وعنه في البحار ٣٦ : ٢٦٠ / ٨١.
3- الغيبة للطوسي : ٤٧٨ / ٥٠٤ ، وعنه في البحار ٥٣ : ١٥٤ / ٢.
4- مصباح المتهجّد : ٤٠٦ ـ ٤٠٩.
5- نفس المصدر : ٤٠٩ ـ ٤١١.
6- الخصال : ٤٧٤ / ٣٤ ، وعنه في البحار ٣٦ : ٢٤٠ / ٤٢.
7- سورة النور ٢٤ : ٥٥.
8- سورة الحج ٢٢ : ٤٧. ـ الخصال : ٤٧٤ / ٣٥.
9- سورة الأنعام ٦ : ١٥٨.
10- كمال الدين : ٢٢٩ / ٣٤.
11- المحاسن ١ : ٣٦٨ / ٨٠٢.
12- إعلام الورى ٢ : ٢٩٥.
13- إرشاد المفيد ٢ : ٣٨٧.
14- الصراط المستقيم ٢ : ٢٥٤.
15- سورة البقرة ٢ : ٢٨٦.
16- سورة الزمر ٣٩ : ٦٨.
17- كمال الدين : ٣٥٨ / ٥٤ ، وعنه في مختصر البصائر : ٤٩٣ / ٥٥٦ ، والبحار ٥٣ : ١١٥ / ٢١.