مشاکل الزواج

الخلافات بين الزوجين تخلق في الاُسرة أجواء متوترة ومتشنجة تهدد استقرارها وتماسكها ، وقد تؤدي إلى انفصام العلاقة الزوجية وتهديم أركان الاُسرة ، وهي عامل قلق لجميع أفراد الاُسرة بما فيهم الأطفال ، ولها تأثيراتها السلبية على المجتمع أيضا ،
Thursday, January 19, 2017
الوقت المقدر للدراسة:
مؤلف: علی اکبر مظاهری
موارد بیشتر برای شما
مشاکل الزواج
 مشاکل الزواج

 





 

الخلافات بين الزوجين تخلق في الاُسرة أجواء متوترة ومتشنجة تهدد استقرارها وتماسكها ، وقد تؤدي إلى انفصام العلاقة الزوجية وتهديم أركان الاُسرة ، وهي عامل قلق لجميع أفراد الاُسرة بما فيهم الأطفال ، ولها تأثيراتها السلبية على المجتمع أيضا ، لأنّ الخلافات الدائمة تزرع القلق في النفوس ، والاضطراب في التفكير والسلوك ، فتكثر التعقيدات والاضطرابات النفسية في أوساط المنحدرين من أُسر مفككة بسبب كثرة الخلافات والتشنجات ، فتنعدم فيهم الثقة بالنفس وبالمجتمع .
لذا حثّ الإسلام على إنهاء الخلافات الزوجية وإعادة التماسك الاُسري ، قال تعالى : « وإن امرأةٌ خافت مِن بَعلِها نُشُوزا أو إعراضا فلا جُناحَ عليهِما أن يُصلِحا بَينَهُما صُلحا والصُّلحُ خيرٌ ... » (1).
وأمر القرآن الكريم الزوج بالمعاشرة بالمعروف فقال : « ... وَعَاشِرُوهنَّ بالمعرُوفِ فإن كَرِهتُموهنَّ فعسى أن تَكرَهُوا شيئا وَيَجعَل اللّه فيه خَيرا كثيرا» (2).
وحذّر الإسلام من الطلاق وإنهاء العلاقة الزوجية ، قال الإمام جعفر الصادق عليه ‌السلام : «ما من شيء ممّا أحلّه اللّه عزَّ وجلَّ أبغض إليه من الطلاق ، وإنّ اللّه يبغض المطلاق الذوّاق» (3).
وقال عليه ‌السلام : «إنّ اللّه عزَّ وجلَّ يحبُّ البيت الذي فيه العرس ، ويبغض البيت الذي فيه الطلاق، وما من شيءٍ أبغض إلى اللّه عزَّ وجلَّ من الطلاق» (4).
وإذا لم تنفع جميع محاولات الاصلاح وإعادة العلاقات إلى مجاريها ، وإذا لم تتوقف المشاكل والتوترات إلاّ بالطلاق ، فقد يكون الطلاق سعادة لكلا الزوجين ، ومع ذلك فقد منح الإسلام الفرصة للعودة إلى التماسك الاُسري ، فأعطى للزوج حق العودة أثناء العدة دون عقد جديد ، وبعد العدة بعقد جديد ، وجعل له حق العودة بعد الطلاق الأول والثاني ، وفيما يلي نستعرض المواقف والمظاهر المتعلقة بالخلافات الزوجية.

الشقاق والنشوز :

إذا حدث الشقاق ، وضع الإسلام أُسسا وقواعد موضوعية لانهائه في مهده ، أو التخفيف من وطأته على كلا الزوجين ، فإذا كانت الزوجة هي المسببة للشقاق والنشوز بعدم طاعتها للزوج وعدم احترامه ، فللزوج حق استخدام بعض الأساليب كالوعظ أولاً ، والهجران ثانيا ، والضرب الرقيق أخيرا (5).
قال تعالى :
« ... واللاتي تَخافُونَ نُشُوزهُنَّ فَعِظُوهنَّ واهجرُوهُنَّ في المضَاجعِ واضرِبُوهُنَّ فإن أطعنَكُم فلا تَبغُوا عَليهِنَّ سبيلاً إنّ اللّه كانَ عَليّا كبيرا» (6).
ثم تأتي المرحلة الثانية وهي مرحلة السعي في المصالحة ببعث حكم من أهل الزوج وحكم من أهل الزوجة ، كما جاء في قوله تعالى : «وإن خِفتُم شِقَاقَ بَينهما فابعثُوا حَكما من أهلهِ وحَكما من أهلِها إن يُريدا إصلاحا يوفِّقِ اللّه بينهما إنَّ اللّه كان عَلِيما خَبِيرا» (7).
وينبغي على الحكمين مراجعة الزوج والزوجة قبل بدء التشاور ، فان جعلا إليهما الاصلاح والطلاق ، انفذوا ما رأياه صلاحا من غير مراجعة ، وإن رأيا التفريق بينهما بطلاق أو خلع ، لا يحق لهما امضاء ذلك إلاّ بعد مراجعة الزوجين (8).
قال الإمام جعفر الصادق عليه ‌السلام :
«ليس للحكمين أن يفرقا حتى يستأمرا الرجل والمرأة ، ويشترطا عليهما إن شئنا جمعنا ، وإن شئنا فرّقنا ، فان جمعا فجائز ، وإن فرّقا فجائز» (9).
ويجوز للحاكم الشرعي أن يبعث الحكمين من غير أهلهما.
ومهما اتفق الحكمان فلا يجوز الفصل بين الزوجين في حال غياب أحدهما (10).
وإن كان أحد الزوجين مغلوبا على عقله بطل حكم الشقاق (11).
وفي جميع مراحل عمل الحكمين يستحبُّ لهما الاصلاح إن أمكن ذلك ، لعموم أدلة بغض الطلاق وكراهيته من قبل اللّه تعالى.
ومن الأفضل اختيار الحكمين على أساس العلم والتقوى والكفاءة في مواجهة الاُمور ، والقدرة على استيعاب المواقف المتشنجة ، والصبر عليها ، وأن يقولا الحقّ ولو على أنفسهما.
وينبغي على الحكمين أن يمنحا الفرص المتاحة لاعادة مسار العلاقات الزوجية إلى حالتها قبل الشقاق والنشوز ، وإن طالت مدة الاصلاح والمفاوضات المتقابلة.

الايلاء :

الايلاء : هو حلف الزوج على أن لا يطأ زوجته (12).
والايلاء مظهر من مظاهر الانحراف عن الفطرة ، وهو مقدمة من مقدمات التنافر والتدابر بين الزوجين.
وليس أمام الزوجة إزاء هذه الحالة إلاّ أحد خيارين ؛ إمّا الصبر على ذلك حفاظا على كيان الاُسرة من التفكك ، وإمّا اللجوء إلى الحاكم الشرعي ، فإن رفعت خصومتها إليه أنظر الحاكم زوجها أربعة أشهر لمراجعة نفسه في ذلك ، فان أبى الرجوع والطلاق جميعا حبسه الحاكم وضيّق عليه في المطعم والمشرب ، حتى يفيء إلى أمر اللّه تعالى بالرجوع إلى معاشرة زوجته أو طلاقها (13).
قال تعالى :
«لّلِّذينَ يُؤلُونَ مِن نِّسائِهم تَربُّصُ أربعةِ أشهُرٍ فإن فاءُوا فإنّ اللّه غَفُورٌ رَّحيمٌ * وإن عَزمُوا الطَّلاقَ فإنّ اللّه سميعٌ عليمٌ» (14).
وقال الإمام جعفر الصادق عليه ‌السلام : «إذا آلى الرجل أن لا يقرب امرأته ولا يمسها ولا يجمع رأسه ورأسها ، فهو في سعة ما لم تمض الأربعة أشهر ، فإذا مضت الأربعة أشهر وقف ، فإمّا أن يفيء فيمسّها ، وإمّا أن يعزم على الطلاق فيخلّي عنها ، حتى إذا حاضت وتطهّرت من حيضها طلّقها تطليقة قبل أن يجامعها بشهادة عدلين ، ثمّ هو أحقّ برجعتها ما لم تمض الثلاثة أقراء» (15).

اللعان :

إذا قذف الرجل زوجته الحرّة بالفجور ، وادّعى أنّه رأى معها رجلاً يطأها ، فان لم يأت بشهود أربعة ، لاعَنَ الزوجة (16).
والذي يوجب اللعان أن يقول : رأيتك تزنين ؛ ويضيف الفاحشة منها إلى مشاهدته ، أو ينفي ولدا أو حملاً (17).
أمّا إذا قال لها : يا زانية ؛ ولم يدّعِ المشاهدة ، فلا لعان بينهما ، وإنّما يكون الزوج قاذفا (18).
قال الإمام الصادق عليه ‌السلام : «لا يكون لعان حتى يزعم أنّه قد عاين (19)».
وصيغة الملاعنة كما ورد في القرآن الكريم :
«والّذينَ يَرمُونَ أزواجَهُم ولم يَكُن لهم شُهداءَ إلاّ أنفُسُهُم فَشهادةُ أحدِهِم أربَعُ شَهاداتٍ باللّه إنّهُ لَمنَ الصَّادِقينَ * والخَامِسةُ أنَّ لَعنتَ اللّه عليه إن كان مِنَ الكاذِبينَ * وَيَدرَؤا عنها العذابَ أن تَشهدَ أربعَ شَهاداتٍ باللّه إنَّهُ لمِنَ الكاذبينَ * والخامسةَ أنَّ غَضَبَ اللّه عليها إن كانَ مِن الصَّادِقين» (20).
فيقول له الحاكم قُل : (أشهدُ باللّه إنّي لمن الصادقين فيمن ذكرته عن هذه المرأة من الفجور).
ويكرر ذلك أربع مرّات ، فإن رجع عن قوله ، جلده حدّ المفتري ثمانين جلدة ، وردّ امرأته عليه.
وإن أصرّ على ما ادّعاه ، قال له قل : (إنّ لعنة اللّه عليَّ ان كنت من الكاذبين).
ويقول الحاكم لزوجته قولي : (أشهدُ باللّه إنّه لمن الكاذبين فيما رماني به) وتكرّر القول أربع مرات.
وتقول في الخامسة : (إنّ غضب اللّه عليَّ إن كان من الصادقين).
فإذا قالت الزوجة ذلك ، فرَّق الحاكم بينهما ، ولم تحلّ له أبدا ، وقضت منه العدّة منذ تمام لعانها له (21).
أمّا إذا كانت الزوجة خرساء ، فرّق بينهما ، وأقيم عليه الحدّ ، ولا تحلّ له أبدا ، ولا لعان بينهما (22).
المصادر :
1- النساء : ٤ / ١٢٨.
2- النساء : ٤ / ١٩.
3- الكافي ٦ : ٥٤.
4- الكافي ٦ : ٥٤.
5- الوسيلة إلى نيل الفضيلة : ٣٣٣. وجواهر الكلام ٣١ : ٢٠٢ وما بعدها.
6- سورة النساء : ٤ / ٣٤.
7- سورة النساء : ٤ / ٣٥.
8- الوسيلة إلى نيل الفضيلة : ٣٣٣. وجواهر الكلام ٣١ : ٢١٠ ، ٢١٥.
9- تهذيب الاحكام ٨ : ١٠٣.
10- الوسيلة إلى نيل الفضيلة : ٣٣٣.
11- المصدر السابق نفسه.
12- المبسوط ٥ : ١١٤.
13- المقنعة : ٥٢٣.
14- سورة البقرة : ٢ / ٢٢٦ ـ ٢٢٧.
15- تهذيب الاحكام ٨ : ٣.
16- المقنعة : ٥٤١.
17- الانتصار : ٣٣٠.
18- المصدر السابق.
19- تهذيب الاحكام ٨ : ١٨٦.
20- سورة النور : ٢٤ / ٦ ـ ٩.
21- المقنعة : ٥٤١.
22- الانتصار : ٣٣١.

 



ارسل تعليقاتك
با تشکر، نظر شما پس از بررسی و تایید در سایت قرار خواهد گرفت.
متاسفانه در برقراری ارتباط خطایی رخ داده. لطفاً دوباره تلاش کنید.