عن النبّي صلى الله عليه وآله وسلم قال : إنّ الله خلقني وخلق عليّا وفاطمة والحسن والحسين قبل أن يخلق آدم عليه السلام ، حين لاسماء مبنّية ، ولا أرض مدحيّة ، ولا ظلمة ولانور ، ولا شمس ولا قمر ، ولا جنّة ولانار ، فقال العبّاس : فكيف بدء خلقكم يا رسول الله ؟ فقال : يا عمّ : لمّا أراد الله أن يخلقنا تكلّم بكلمة خلق منها نوراً ، ثمّ تكلّم بكلمة أخرى فخلق منها روحاً ، ثمّ مزج النور بالروح فخلقني وخلق عليّا وفاطمة والحسن والحسين ، فكنّا نسبّحه حين لا تسبيح ، ونقدّيه حين لا تقديس ، فلما أراد الله تعالى أن نشيء خلقه فتق نوري فخلق منه العرش فالعرش من نوري ، ونوري من نور الله ، ونوري أفضل من العرش ، ثمّ فتق نور أخي علّي فخلق منه الملائكة ، فالملائكة من نور علّي ، ونور عليّ من نور الله ، وعلي أفضل من الملائكة ، ثم فتق نور ابنتي فخلق منه السماوات والأرض ، فالسموات والأرض من نور ابنتي فاطمة ، ونور ابنتي فاطمة من نور الله ، وابنتي فاطمة أفضل من السماوات والأرض . ثمّ فتق نور ولدي الحسن ، ونور الحسن من نور الله ، والحسن أفضل من الشمس والقمر .
ثمّ فتق نور ولدي الحسين فخلق منه الجنّة والحور العين ، فالجنّة والحور العين من نور ولدي الحسين ، ونور ولدي الحسين من نور الله ، وولدي الحسين أفضل من الجنّة والحور العين (1) .
في عرض ولايتها على الأشياء
* في حديث الإسراء : يا محمّد ! إنّي خلقتك وخلقت عليّا وفاطمة والحسن والحسين والأئمة من ولد الحسين من نوري ، وعرضت ولايتكم على أهل السماوات والأرض ، فمن قبلها كان عندي من المؤمنين ، ومن جحدها كان عندي من الظالّين « الظالمين خ ل » . يا محمّد ! لو أنّ عبداً من عبيدي عبدني حتىّ ينقطع ، أو يصير كالشنّ البالي ، ثمّ أتاني جاحداً لولا يتكم ما غفرت له حتى يقرّ بولايتكم .يا محمّد : أتحبّ أن تراهم ؟ قلت : نعم ، يا ربّ ! قال : التفت ، فالتفتّ عن يمين العرش ، فإذا أنا باسمي وباسم علّي وفاطمة والحسن والحسين وعليّ ومحمّد وجعفر وموسى وعلّي والحسن ، والمهديّ في وسطهم كأنّه كوكب درّيّ ، فقال : يا محمّد ! هؤلاء حي على خلقي ، وهذا القائم من ولدك بالسيف من أعدائك (2) .
في سبق دخولها الجنّة
* عن علي عليه السلام عن النيّي صلى الله عليه وآله وسلم إنّ أوّل من يدخل الجنّة أنا وأنت وفاطمة والحسن والحسين . قال عليّ : فمحبّونا ؟ قال : من ورائكم (3) .في كونها في خطيرة القدس
* وعنه صلّى الله عليه وآله : إنّ فاطمة وعليّا والحسن والحسين في خطيرة القدس في قبّة بيضاء ، سقفها عرش الرحمن (4) .في جواز دخولها عليها السلام مسجد النبي
وعنه صلّى الله عليه وآله : ألا لا يحلّ المسجد لجنب ولا حائض إلاّ لرسول الله وعلّي وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام (5) .في سكونتها معهم في الجنّة
* عن النبّي صلّى الله عليهم وآله قال : في الجنّة درجة تدعى الوسيلة ، فإذا سألتم الله فاسألوا لي الوسيلة . قالوا : يا رسول الله ! من يسكن معك فيها ؟ قال : علّي وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام (6) .في كونها ركناً لعلّي عليهم السلام
* على النبّي صلى الله عليه وآله وسلم إنه قال لعلّي بن أبي طالب عليه السلام : سلام عليك يا أبا الريحانتين ، فعن قليل يذهب ركناك ، والله خليفتي عليك . فلّما قبض رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال علي عليه السلام : هذا أحد الركنين ، فلمّا ماتت فاطمة عليها السلام قال : هذا الركن الآخر (7) .أقول : ينبغي إمعان النظر في معنى الركنيّة ، فأيّ معنى تصوّر لركنيّة صلى الله عليه وآله وسلم لعلّي عليه السلام فهوثابت لفاطمة الزهراء عليها السلام ، ولعمري هذا مقام شامخ لم ينله أحد إلاّ هي ، وهو من مختصّاتها عليها السلام .
في إصابة نور الله لها
* عن النبّي صلى الله عليه وآله وسلم قال: لمّا خلق الله الجنّة خلقها من نور وجهه ، ثمّ أخذ ذلك النور فقذفه فأصابني ثلث النور ، وأصاب فاطمة ثلث النور ، وأصاب عليّاً وأهل بيته ثلث النور . فمن أصابه من ذلك النور اهتدى إلى ولاية آل محمّد صلى الله عليه وآله وسلم (8) ، ومن لم يصبه من ذلك النور ضلّ عن ولاية آل محمد صلى الله عليه وآله وسلمأقول : التدبّر في هذا الحديث يعطي جلالة شأنها وعلوّ درجاتها عليها السلام ، إذ جعلها الله ـ تعالى شأنه ـ في النور قسيم أبيها وبعلها وبنيها عليهم السلام ، بل هي أكبر حظّاً منهم . وهذا لعمري شأوّ لاتنالها أيدي المتناولين ، وبحر لا يدرك قعرها غوص المتعمّقين . *في كونها خير خلق الله تعالى
* عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم في حديث طويل : على ساق العرش مكتوب : لا إله إلاّ الله ، محمّد رسول الله ، وعلى وفاطمة والحسن والحسين خير خلق الله (9) .
في اختيار الله تعالى ايّاها على النساء
* قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لعلّي عليه السلام : إنّ الله عزّ وجلّ أشرف على الدنيا فاختارني منها على رجال العالمين ، ثمّ اطّلع الثانية فاختارك على رجال العالمين ، ثمّ اطلع الثالثة فاختار الأئمّة من ولدك على رجال العالمين ، ثمّ اطّلع الرابعة فاختار فاطمة على نساء العالمين (10) .* قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ليلة عرج بي إلى السماء رأيت على باب الجنّة مكتوباً : لا إله إلاّ الله ، محمّد رسول الله ، عليّ حبيب الله ، والحسن والحسين صفوة الله ، فاطمة خيرة الله ، على باغضهم لعنة الله (11) .
في وجوب إطاعتها على الكائنات
* عن أبي جعفر عليه السلام في حديث طويل : ولقد كانت عليها السلام مفروضة الطاعة على جميع من خلق الله من الجنّ والإنس والطير والوحش والأنبياء والملائكة ـ الحديث (12) .* عن محمّد بن سنان قال : كنت عند أبي جعفر الثاني عليه السلام فأجريت اختلاف الشيعة ، فقال : يا محمّد إنّ الله تبارك وتعالى لم يزل متفّرداً بوحدانّيته ، ثمّ خلق محمّداً وعليّاّ وفاطمة ، فمكثوا ألف دهر ، ثمّ خلق جميع الأشياء فأشهدهم خلقها ، وأجرى طاعتهم عليها ، وفوّض أمورها إليهم ، فهم يحلّون ما يشاؤون ، ويحرّمون ما يشاؤون ، ولن يشاؤوا إلاّ أن يشاء الله تبارك وتعالى . ثمّ قال : يا محمّد ، هذه الديانة التي من تقدّمها مرق (13) ، ومن تخلّف عنها محق ، زن لزمها لحق ، خذها إليك يا محمّد (14) .
قال العلامة المجلسيّ في شرح هذا الحديث : « فأشهدهم خلقها » ، أي خلقها بحضرتهم وهم يطّلعون على أطوار الخلق وأسراره . « وأجرى طاعتهم عليها » أي أوجب على جميع الأشياء طاعتهم حتّى الجمادات والسماويّات والأرضيات . « وفوّض أمورها إليهم » من التحليل والتحريم والعطاء والمنع ، وإن كان ظاهره تفويض تدبيرها إليهم من الحركات والسكنات والأرزاق والأعمار وأشباهها (15) .
* عن أبي سعيد الخدريّ قال : كنّا جلوساً عند رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا قبل إليه رجل فقال : يا رسول الله أخبرني عن قول الله عزّ وجلّ لإبليس : « أستكبرت أم كنت من العالمين » ، من هم يا رسول الله الّذين هم أعلى من الملائكة المقرّبين ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : أنا وعليّ وفاطمة والحسن والحسين ، كنّا في سرادق العرش نسبّح الله فسبّحت الملائكة بتسبحنا قبل أن يخلق الله عزّ وجلّ آدم بألفي عام ، فلمّا خلق الله عزّ وجلّ آدم أمر الملائكة أن يسجدوا له ، ولم يؤمروا بالسّجود إلاّ لأجلنا ، فسجدت الملائكة كلّهم أجمعون إلاّ إبليس أبي أن يسجد ، فقال الله تبارك وتعالى : « يا إبليس ما منعك أن تسجد لما خلقت بيديّ أستكبرت أم كنت من العالمين » أي من هؤلاء الخمسة المكتوبة أسماؤهم في سرادق العرش . فنحن باب الله الّذي يؤتى منه ، وبنا يهتدي المهتدون ، فمن أحبّنا أحبّه الله وأسكنه جنّته ، ومن أبغضنا أبغضه الله وأسكنه ناره ، ولا يحبّنا إلاّ من طاب مولده (16) .
في مرکبها يوم القيامة
* عن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم : يبعث الله الأنبياء يوم القيامة على الدوابّ ، ويبعث صالحاً على ناقته كيما يوافي بالمؤمنين من أصحابه المحشر ، وتبعث فاطمة ، والحسن والحسين عليهم السلام على ناقتين من نوق الجنّة ، وعليّ بن أبي طالب على ناقتي ، وأنا على البراق ، ويبعث بلالاً على ناقته فينادي بالأذان ـ الحديث (17) .في تكلّمها في بطن أمّها
* عن بعض الرواة الكرام : إنّ خديجة الكبرى رضي الله عنها ـ تمنّت يوماً من الأيّام على سيّد الأنام أن تنظر إلى بعض فاكهة دار السّلام ، فأتى جبرئيل إلى المفضّل على الكونين من الجنّة بتفّاحتين وقال : يا محمّد ، يقول لك من جعل لكلّ شيء قدراً :كل واحدة وأطعم الاخرى لخديجة الكبرى ، فاغشها ، فإنّي خالق منكما فاطمة الزهراء . ففعل المختار ما أشار به الأمين وأمر . فلّما سأله الكفّار أن يريهم انشقاق القمر ـ وقد بان لخديجة حملها بفاطمة وظهر ـ قالت خديجة : واخيبة من كذّب محمّدا وهو خير رسول ونبّي ! فنادت فاطمة من بطنها : يا أمّاه لا تحزني ولا ترهبي فإنّ الله مع أبي ـ الخبر (18) .
في كونها تحت قبّة العرش
* قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : أنا وعليّ وفاطمة والحسن والحسين يوم القيامة في قبّة تحت العرش . قلت « الحافظ الكنجيّ » ما كتبناه إلاّ من هذا الوجه «السند المذكور فيه » وهو حديث حسن عال (19) .في ثواب السلام عليها
* عن يزيد بن عبدالملك النوفلّي ، عن أبيه ، عن جدّه قال : دخلت على الفاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، قال : فبدأتني بالسّلام ، قال : وقالت : قال أبي ـ وهو ذا حيّ ـ من سلّم عليّ وعليك ثلاثة أيّام فله الجنّة . قلت لها : ذا في حياته وحياتك أو بعد موته وموتك ؟ قالت : في حياتنا وبعد وفاتنا (20) .* عن ابن عبّاس قال : لمّا ولدت فاطمة بنت النبّي صلى الله عليه وآله وسلم سماّها المنصورة ، فنزل جبرئيل عليه السلام فقال : الله يقرئك السّلام ويقرئ مولودك السّلام (21) .
في نزول حنوطها من الجنّة
* عن ابن سنان رفعه قال : السّنة في الحنوط ثلاثة عشر درهماً وثلث . قال محمّد بن أحمد : ورووا أنّ جبرئيل عليه السلام نزل على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بحنوط ، وكان وزنه أربعين درهماً ، فقسمه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ثلاثة أجزاء : جزءاً له ، وجزءاً لعليّ ، وجزءاً لفاطمة صلوات الله عليهم أجمعين (22) .اشتراكها معهم في الحرب والسلم
* عن أبي حازم ، عن أبي هرية قال : نزر النبّي صلى الله عليه وآله سلم إلى الحسن والحسين وفاطمة فقال : أنا حرب لمن حاربكم ، وسلم لمن سالمكم (23) .أقول : ولمّا جرّ البحث بنا إلى هنا ينبغي لنا أن نورد شيئاً من الأخبار ثم من الكلام حول المسالة إتماماً للفائدة وإيفاءً لبعض حقّها عليها السلام فنقول :
عن مجاهد : خرج النبّي صلى الله عليه وآله وسلم وهو آخذ بيد فاطمة ، فقال : « من عرف هذه فقد عرفها ، ومن لم يعرفها فهي فاطمة بنت محمّد ، وهي بضعة منّي ، وهي قلبي ، وهي روحي الّتي بين جنبّي ، من آذاها فقد آذاني ، ومن آذاني فقد آذى الله » (24) .
وعنه صلى الله عليه وآله وسلم إنّما فاطمة حذية (25) منّي ، يقبضني ما يقبضها .
وعن جابر بن عبدالله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إنّ فاطمة شعرة منّي ، فمن آذى شعرة منّي فقد آذاني ، ومن آذاني فقد آذى الله ، ومن آذى الله لعنه الله مل السماوات والأرض (26) .
وعن ابن عباس قال : قال صلى الله عليه وآله وسلم : يا علي إنّ فاطمة بضعة منّي ، هي نور عيني وثمرة فؤادي ، يسوءني ماساءها ويسرّني ما سرّها ، وإنها أوّل من يلحقني من أهل بيتي ، فأحسن إليها من بعدي ، والحسن والحسين فهما ابناي وريحانتاي ، وهما سيدا شباب أهل الجنّة ، فليكونا عليك كسمعك وبصرك . ثمّ رفع صلى الله عليه وآله وسلم يديه إلي
فقال : اللّهمّ إنّي أشهدك أنّي محبّ لمن أحبهّهم ، مبغض لمن أبغضهم ، سلم لمن سالمهم ، حزب لم حاربهم ، عدوّ لمن عاداهم ، ولّي لمن والاهم (27) .
وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : إنّما فاطمة بضعة منّي ، يسوءني ماساءها (28) .
وعن علّي عليه السلام إنّ الله عزّ وجلّ ليغضب لغضب فاطمة ، ويرضى لرضاها (29) .
وعنه عليه السلام : يا فاطمة إنّ الله ليغضب لغضبك ، ويرضى لرضاك (30) .
وإنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال : فاطمة بضعة منّي ن فمن أغضبها أغضبني (31) .
وقال عليه السلام : إنّما فاطمة بضعة منّي ، يؤذيني ما آذاها (32) .
وعنه عليه السلام : فإنّما ابنتي بضعة منّي ، يريبني مارابها ، ويؤذيني ما آذاها (33)
وعنه عليه السلام : إنّ فاطمة بنت محمّد مضغة منّي (34) .
وعنه عليه السلام : « إنّما فاطمة بضعة منّي ، يؤذيني ما آذاها، وينصبني ما أنصبها » . هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم ـ يخرجاه (35) .
وعنه عليه السلام : إنّما فاطمة مضغة منّي ، فمن آذاها فقد آذاني (36) .
وعنه عليه السلام : فاطمة بضعة منّي ، يسعفني ما أسعفها (37) .
وعنه عليه السلام : فاطمة شجنة منّي ، يبسطني ما يبسطها ، ويقبضني ما يقبضها (38) .
اشتراكها معهم في تكوّن الميزان
قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : أنا ميزان العلم ، وعليّ كفّتاه والحسن والحسين خيوطه ، وفاطمة علاقته ، والأئمّة من أمّتي عموده ، يوزن فيها أعمال المحبّين لنا والمبغضين لنا (39) .اشتراكها معهم في قصّة سفينة نوح عليه السلام
* عن النبّي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال : لمّا أراد الله عزّوجلّ أن يهلك قوم نوح عليه السلام أوحى الله إليه أن شقّ ألواح الساج . فلّما شقّها لم يدر ما صنع ، فحبط جبرئيل عليه السلام فأراه هيئة السفينة ومعه تابوت فيه مائة ألف مسمار وتسعة وعشرون ألف مسمار . فسمر المسامير كلّها في السفينة إلى أن بقيت خمسة مسامير ، فضرب بيده إلى مسمارٍ منها ، فأشرق في يده وأضاء كما يضيء الكوكب الدرّي في أفق السماء فتحّير من ذلك نوح ، فأنطق الله ذلك المسمار بلسان طلقٍ ذلق فقال : أنا على اسم خير الأنبياء محمّد بن عبدالله صلى الله عليه وآله وسلم .فهبط جبرئيل عليه السلام فقال له : يا جبرئيل ، ما هذا المسمار الّذي ما رأيت مثله ؟ قال : هذا باسم خير الأولين والآخرين محمّد بن عبدالله عليه السلام ، أسمره في أوّلها على جانب السفينة الأيمن . ثمّ ضرب بيده على مسمار ثانٍ ، فاشرق وأنار ، فقال نوح عليه السلام : وما هذا المسمار ؟ قال : مسمار أخيه وابن عمه علّي بن أبي طالب ، فأسمره على جانب السفينة اليسار في أولها .
ثمّ ضرب بيده على مسمار ثالث ، فزهر وأشرق وأنار ، فقال له جبرئيل عليه السلام : هذا مسمار فاطمة عليها السلام ، فأسمره إلى جانب مسمار أبيها صلى الله عليه وآله وسلم . ثمّ ضرب بيده إلى مسمار رابع فزهر وأنار، فقال له : هذا مسمار الحسن عليه السلام فأسمره إلى جانب مسمار أليه صلى الله عليه وآله وسلم . ثمّ ضرب بيده إلى مسمار خامس ، فأشرق وأنار وبكى وأظهر النداوة (النداوة : البلل ) ، فقال : يا جبرئيل ما هذه النداوة ؟ فقال : هذا مسمار الحسين بن عليّ سيّد الشهداء ، فأسمره إلى جانب مسمار أخيه .
ثمّ قال النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم قال الله تعالى : ( وحملناه على ذات ألواح ودسرٍ ) (40)
قال النبيّ عليه السلام : الألواح خشب السفينة ، ونحن الدسر ، ولولانا ماسارت السفينة بأهلها (41) .
توسّل زكريّا بها عليهما السلام
* عن مولانا المهديّ عليه السلام في جواب سعد بن عبدالله في حديث طويل : إنّ زكريّا سأل ربّه أن يعلّمه أسماء الخمسة ، فأهبط عليه جبرئيل عليه السلام فعلّمه إيّاها . فكان زكرّيا إذا ذكر اسم الحسين خنقته العبرة ووقعت عليه البهرة (42) .فقال ذات يوم : إلهي ما بالي إذا ذكرت أربعاً منهم تسلّيت بأسمائهم من همومي ، وإذا ذكرت الحسين تدمع عيني وتثور زفرتي ؟ فأنبأه الله تبارك وتعالى عن قصّته وقال : « كهيعص » (43)
فالكاف اسم كربلاء ، والهاء هلاك العترة ، والياء يزيد وهو ظالم الحسين ، والعين عطشه ، والصاد صبره . فلّما سمع ذلك زكرّيا عليه السلام لم يفارق مسجده ثلاثة أيام ، ومنع فيها الناس من الدخول عليه ، وأقبل على البكاء والنحيب ، وكانت ندبته : « إلهي ، أتفجع خير خلقك بولده ؟ أتنزل بلوى هذه الرزّية بفنائه ؟ إلهي أتلبس عليّاً وفاطمة ثياب هذه المصيبة ؟ أتحّل كربة هذه الفجيعة بساحتهما » ؟ ثمّ كان يقول : « الهي ارزقني ولداص تقرّ به عيني على الكبر ، اجعله وارثاً وصيّاً ، واجعل محلّه الحسين ، فإذا رزقتنيه فافتنّي بحبّه ، ثمّ افجعني به كما تفجع محمّداً حبيبك بولده » ، فرزقه الله يحيى عليه السلام ، وفجعه به . وكان حمل يحيى ستّة أشهر وحمل الحسين عليه السلام كذلك (44) .
تحّية الله تعالى إيّاها معهم بتفّاحة
* عن ابن عبّاس قال : كنت جالساً بين يدي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ذات يوم وبين يديه عليّ وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام إذ هبط جبرائيل ومعه تفّاحة فيحّى بها النبّي صلى الله عليه وآل وسلم فتحيّى بها ، وحيّى بها عليّ بن أبي طالب عليه السلام فتحيّى بها وقبلّها ورّدها إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فتحيّى بها ، وحيّى بها الحسين فتحيّى بها وقبّلها ورّدها إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فتحّيى بها ، وحيىّ بها فاطمة عليها السلام فتحيّت بها وقبلتها وردّتها إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فتحيّي بها الرابعة وحيّى بها عليّ بن أبي طالب عليه السلام فتحيّى بها ، ولمّا همّ أن يرّدها إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سقطت التفّاحة من بين أنامله فانفلقت نصفين فسطع منها نور حتّى بلغ السماء الدنيا ، فاذا عليها سطران مكتوبان : « بسم الله الرحمن الرحيم ، تحيّة من الله تعالى إلى محمد المصطفى ، وعليّ المرتضى ، وفاطمة الزهراء ، والحسن والحسين سبطي رسول الله ، وأمان لمحبيّهم يوم القيامة من النار » (45) .عرض حبّها على البريّة
* قال النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم : إنّ الله له الحمد عرض حبّ عليّ وفاطمة وذرّيتها على البرّية ، فمن بادر منهم بالإجابة جعل منهم الرسول ، ومن أجاب بعد ذلك جعل منهم الشيعة ، وإن الله جمعهم في الجنّة (46) .اشتراكها معهم في الصلوات
* عن كعب بن عجرة قال : لمّا نزلت هذه الآية ( إنّ الله وملائكته يصلّون على النبيّ يا أيّها الذين آمنوا صلّوا عليه وسلمّوا تسليماً ) (47) قلنا : يا رسول الله قد علمنا كيف نسلّم عليك ، كيف نصلّي عليك ؟ فقال : قولوا : اللّهمّ صلّ على محمّد وعلى آل محمّد ـ إلى آخره .وفي رواية الحاكم : فقلنا : يا رسول الله كيف الصلاة عليكم أهل البيت ؟ قال : قولوا : اللّهم صل على محمد وعلى آل محمّد ـ إلى آخره .
ويروى : لا تصلّوا عليّ الصلاة البتراء، فقالوا : وما الصلاة البتراء ؟ قال : تقولون : اللّهم صلّ على محمّد ، وتسكتون ، بل قولوا : اللّهم صلّ على محمّد وعلى آل محمّد (48) ...
فقيل له من أهلك يا رسول الله ؟ قال : عليّ وفاطمة والحسن والحسين (49) .
وقال العلاّمة المحقّق المولى أحمد الأردبيليّ : واعلم أنّه قد ادّعى المصنّف « العلامة الحلّي ـ ره » في « المنتهى » : إجماع علمائنا أيضاً على وجوب الصلاة على آله عليهم السلام ، وأن المجزّي من الصلاة على النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم أن يقول : « اللّهمّ صلّ على محمّد وآل محمّد » . ويدلّ عليه أيضاً ماروي عن طرقهم عن كعب الأحبار في كيفية الصلاة عليه حيث قال : قد عرفنا السلام عليك ، فكيف الصّلاة ؟ قال : اللّهمّ صلّ على محمد وآل محمّد . والعجب أنّهم يحذفون الآل ويتركون هذا المنقول حتّى في هذا الخبر . ويقولون : قال : صلّى الله عليه . أفاده بعض السادة رحمهم الله وهو سيّد حسن السفطّي . ويدلّ على ذلك غيره أيضاً ، والظاهر أنّ المراد بآله ـ صلوات الله عليه وآله ـ الأئمّة مطلقاً وفاطمة عليها السلام حقيقة لا تغليباً ، يدلّ عليه وضع الآل لغة ثمّ عرفاً أيضاً ، وبعض الأخبار أيضاً ، ولا يدل على الاختصاص بأمير المؤمنين وفاطمة وولديهما ـ صلوات الله عليهم أجمعين ـ الروايات الواقعة في سبب نزول آية التطهير ، لأنّهم كانوا موجودين في ذلك الزمان ، والحصر كان إضافّياً حيث يقول لبعض نسائه : إلى خير . ولهذا أثبت الأصحاب عصمتهم بالآية ، فلا ينبغي قول المحقّق الثاني والشهيد الثاني (50) .
وقال العلامة الأمينيّ : أخرج الديلميّ أنّه صلى الله عليه وآله وسلم قال : الدعاء محجوب حتّى يصلّى على محمد وأهل بيته : اللّهمّ صلّ على محمد وآله . ورواه عنه ابن حجر في « الصواعق » ص 88 . وأخرج الطبراني في « الأوسط » عن عليّ أمير المؤمنين عليه السلام : كلّ دعاء محجوب حتّى يصلّى على محمّد وآل محمّد . وذكره الحافظ الهيثمي في « مجمع الزوائد » ج 1 ، ص 160 . وقال : رجاله ثقات . وأخرج البيهقّي وابن عساكر وغيرهما عن عليّ عليه السلام مرفوعاً ما معناه : الدعاء والصلاة معلّق بين السماء والأرض لا يصعد إلى الله منه شيء حتّى يصلّي عليه ـ صلّى الله عليه ـ وعلى آل محمّد . ـ « شرح الشفا » للخفاجي ، ج 3 ، ص 506 (51) .
وقال الرازي في تفسيره الكبير : وأنا أقول : آل محمّد صلى الله عليه وآله هم الّذين يؤول أمرهم إليه ، فكلّ من كان أمرهم إليه أشد وأكمل كانوا هم الآل . ولا شك أنّ فاطمة وعلّياً والحسن والحسين كان التعّلق بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أشدّ التعلّقات ، وهذا كالمعلوم بالنقل المتواتر ، فوجب أن يكونوا هو الآل (52) .
وقال أيضاً : أنّ أهل بيته صلى الله عليه وآله وسلم يساوونه في خمسة أشياء : في السلام ، قال : السلام عليك أيّها النبيّ ؛ وقال : « سلام على آل ياسين » « الصافّات ، 120 » ، وفي الصلاة عليه وعليهم في التشهد ، وفي الطهارة ، قال تعالى : « أي يا طاهر . وقال : « ويطهّركم تطهيراً » « الأحزاب ، 33 » وفي تحريم الصدقة وفي المحبّة ، قال تعالى : « فاتّبعوني يحببكم الله » « آل عمران ، 31 » . وقال : « قل لا أسألكم عليه أجراً إلاّ المودّة في القربى » «الشورى ، 22 » .
وقال ابن حجر : صحّ عن كعب بن عجرة قال : لمّا نزلت هذه الآية « يا أيّها الذين آمنوا صلّوا عليه وسلّموا تسليماً » قلنا : يا رسول الله ، قد علمنا كيف نسلم عليك ، فكيف نصلّي عليك ؟ فقال : قولوا : اللّهمّ صلّ على محمد وآل محمّد ـ إلى آخره . فسؤالهم بعد نزول الآية وإجابتهم باللّهمّ صلّ على محمّد وعلى آل محمد ـ إلى آخره دليل ظاهر على أنّ الأمر بالصلاة على أهل بيته وآله عقب نزولها ولم يجابوا بما ذكر ؛ فلّما أجيبوا به دلّ على أنّ الصلاة عليهم من جملة المأمور به ، وأنّه صلى الله عليه وآله وسلم أقامهم في ذلك مقام نفسه ، لأنّ القصد من الصلاة عليه مزيد تعظيمه ، ومنه تعظيمهم . ومن ثمّ لمّا أدخل من مرّ في الكساء قال : اللّهم إنّهم منّي وأنا منهم ، فاجعل صلاتك ورحمتك ومغفرتك عليّ وعليهم . وقضّية استجابة هذا الدعاء أنّ الله صلّى عليهم معه ، فحينئذٍ طلب من المؤمنين صلواتهم عليهم معه .
ويروى : لا تصلّوا علّي الصلاة البتراء ، فقالوا : وما الصلاة البتراء ؟ قال تقولون : اللّهم صلّ على محمّد ، وتمسكون ، بل قولوا : اللّهمّ صلّ على محمّد وعلى آل محمّد (53) .
خامساً : صدر من الإمام المهدي عجل الله تعالى فجره الشؤيف في التوقيع المعروف الذي يقول فيه .
« ولولا ما عندنا من محبة صلاحكمم ورحمتكم والشفاق عليكم لكنا عن مخاطبتكم في شغل ، مما قد امتحنا من منازعة الظالم الضال الضال المتابع في غيّه ، المضاد في لربّه ، المدعي ماليس له ، الجاحد حق من إفترض الله طاعته ، الظالم الغاصب ، وفي أبنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لي أسوة حسنة وسيروي الجاهل رداءة علمه ، وسيعلم الكافر لمن عقبى الدار » (54) .
انظر من خلال فهم مدلول كلمة أسوة حسنة كيف جعل الإمام المهدي « عج » جدته الزهراء عليها السلام اسوة حسنة في كل اموره وبحيث يجيب أحد شيعته من خلال بعض المسائل ويذكر له في التوقيع الشريف الصادر منه انه يقتدي بجدته الزهراء عليها السلام وجعلها قدوة له في حياته وله فيها اسوة حسنة كما لنا اسوة حسنة برسول الله وأهل بيته الطيبين الطاهرين .
المصادر :
1- بحار الانوار : 15 / 10 .
2- تأويل الآيات : 1 / 98 .
3- مسند فاطمة الزهراء عليها السلام للسيوطيّ : 45 ، 46 .
4- مسند فاطمة الزهراء عليها السلام : للسيوطي : 45 ، 46 .
5- تأويل الآيات : 1 / 98 .
6- المصدر السابق : 69 .
7- ذخائر العقبي : 56 .
8- البحار : 43 / 44 .
9- بحر المعارف : للمولى عبدالصمد الهمداني : 428 .
10- زين الفتى : للحافظ العاصميّ ، كما في « فاطمة الزهراء » للعلاّمة الأميني ص 43 .
11- تاريخ بغداد : 1 / 259 .
12- دلائل الإمامة : للطبريّ ، ص 28 .
13- مرق من الدين : خرج منه بضلالة أو بدعة .
14- بحار الانوار : 15 / 19 .
15- مرآة العقول : 5 / 190 ـ 192 .
16- تأويل الآيات : 2 / 509 .
17- كنز العمّال : 6 / 193 ، كما في فضائل الخمسة : 3 / 163 .
18- روض الفائق : للعلاّمة الشيخ شعيب الحريفش ص 255 وهذا الاشتراك مع ابنها الحسين عليه السلام حيث يكلّمها في بطنها .
19- كفاية الطالب : الباب 85 /311 .
20- المناقب : لابن المغازليّ : 363 .
21- ملحقات إحقاق الحقّ : 10 / 134 .
22- البحار : 22 / 504 .
23- مسند أحمد : 2 / 442 .
24- نور الأبصار للشبلنجي : 52 .
25- الحذية من اللحم ما قطع طولاً .
26- البحار : 43 / 54 .
27- أهل البيت توفيق أبو علم : 124 .
28- الطبقات لأبن سعد : 8 / 262 .
29- « كنز العمّال » 12 / 111 ، « مجمع الزوائد » 9 / 203 .
30- كنز العمّال : 12 / 111 ، مجمع الزوائد : 9 / 203 .
31- صحيح البخاري : 5 / 26 .
32- صحيح مسلم : 7 / 141 ، 142 ، باب الفضائل ، ورابنى الأمر وأرابني إذا رأيت منه ماتكره .
33- « صحيح البخاري » 5 / 141 و 142 ، باب الفضائل ، ورابنى الأمر وأرابني إذا رأيت منه ما تكره .
34- صحيح مسلم : 7 / 141 و 142 . باب الفضائل . ورابني الأمر وأرابني إذا رأيت منه ما تكره .
35- « مستدرك الصحيحين » : 3 / 159 .
36- مستدرك الصحيحين : 3 / 159 .
37- كنز العمّال : 12 / 111 . والاسعاف : القرب والإعانة وقضاء الحاجة .
38- كنز العمال : 12 / 111 .
39- مقتل الحسين الخوارزمي : 107 .
40- القمر : آية 13 .
41- عبقات الأنوار : حديث السفينة / 1081 .
42- البهرة : تتابع النفس وانقطاعه .
43- مريم : 1 .
44- البحار : 52 / 84 .
45- مقتل الحسين للخوارزمي : 95 .
46- المناقب المرتضويّة للعلامة الكشفي : 97 .
47- الأحزاب : آية 56 .
48- ينابيع المودّة : 295 .
49- احقاق الحق : 9 / 237 ، عن عبد الوهاب الشعراني في كشف الغمّة : 1 / 110 .
50- شرح إرشاد الأذهان : 2 / 276 ، 277 .
51- الغدير : 2 / 304 .
52- التفسير الكبير : 27 / 166 .
53- الصواعق : 146 .
54- البحار : 53 / 179 ـ 180 .