الصلاة

وهي عند جمع المسلمين عمود الدين ، والصلة بين العبد والربِّ ، ومعراج الوصول إليه. والنصوص في فضلها وفي عقاب تاركها أكثر من أنْ تحصىٰ ، أعرضنا عن ذكرها في هذا المختصر؛ اتّكالاً علىٰ ما في زبر الأصحاب.
Sunday, February 12, 2017
الوقت المقدر للدراسة:
مؤلف: علی اکبر مظاهری
موارد بیشتر برای شما
الصلاة
الصلاة

 





 

وهي عند جمع المسلمين عمود الدين ، والصلة بين العبد والربِّ ، ومعراج الوصول إليه. والنصوص في فضلها وفي عقاب تاركها أكثر من أنْ تحصىٰ ، أعرضنا عن ذكرها في هذا المختصر؛ اتّكالاً علىٰ ما في زبر الأصحاب.
والأقوىٰ أن الصلاة بمعنًى واحد ، وهو العطف ، وهو الجامع؛ إذ العطف منه تعالى الرحمة ، ومن الملائكة الاستغفار ، ومن الناس الدعاء.
وأما معنى الصلاة شرعاً ، بناءً علىٰ ثبوت الحقيقة الشرعية ـ كما هو كذلك ـ ذكروا لها معرّفات ، لكنها ليست بحدٍّ ولا برسم ، بل أشبه بشرح الاسم. وقد أعرضنا عن جمعها ومنعها ، وعمّا في طردها وعكسها؛ إذ معناها أظهر من أن يحتاج إلى المعرّف ، وانْ اختفىٰ فلفرط ظهورها ، بل لا يكاد يسلم تعريف مما ذكروا ، بل قد يخرج تعريفها عن حدود التعاريف؛ لاختلاف أحوالها.
فلها من المختار حال ، ومع المضطرّ آخر ، ومع السقيم حال ، ومع الصحيح آخر. وهي قول محض تارة ، وفعل محض اُخرىٰ.
والظاهر أنها اسم للصحيح لا اسم للأعمّ؛ لعدم وجود الجامع ،ولا عبرة بما تكلَّفوا به في إثباته. وكيف يتصوّر الجامع بين الصحيح الواجد ، والفاسد الفاقد؟
والواجب منها أصلاً وعرضاً بسبب المكلّف تسعة :
اليومية ، ومنها صلاة الاحتياط ، إنْ لم نقل بأنها صلاة مستقلّة تعلَّق بها تكليف مستقلٌّ ، خوطب به المكلَّف ، باعتبار كونه شاكّاً ، فيكون الموضوع نفس الشكِّ. وإنما تندرج في اليوميَّة باعتبار كونها جزءاً منها ، والتكليف بها نفس التكليف بالصلاة. وليس المحلُّ محلَّ تحقيق ذلك نفياً وإثباتاً.
وصلاة الجمعة ، والكسوف والزلزلة والآيات ، إن لم نقل باندراج الجمعة في اليومية ، واتحاد الآيات والكسوف والزلزلة. والظاهر الاندراج.
والطواف الواجب ، والعيدين ، والأموات ، وما يلتزمه الإنسان بنذر وشبهه؛ كالعهد واليمين ، أو بإجارة. وكالقضاء حتّىٰ من الوليّ في اليوميَّة.
فتكون ستّاً مع التداخ ، و عشراً لو قيل باستقلال صلاة الاحتياط.
والواجب في اليومية سبع عشرة ركعة؛ الصبح ركعتان ، والمغرب ثلاث ركعات ، والبواقي لكلّ واحدة أربع. وذلك بالضرورة من الدين والكتاب المبين وشريعة سيِّد المرسلين ، وبإجماعنا وإخواننا المسلمين.
وقال بعض إخواننا المسلمين لأبي حنيفة : كم الصلاة؟ قال : خمس. قال : فالوتر؟ قال : فرض. قال : لا أدري تغلط في الجملة أو في التفصيل؟
قال صاحب (الجواهر) : (إن هذه السخرية غير لائقة بأبي حنيفة) (1).
أقول : ليس كذلك؛ إذ كونها سخرية غير معلوم؛ إذ من القريب جداً كون ذلك من نتائج اجتهاده.
وأهمُّ النوافل عندنا الرواتب ، وهي ضعف الفرائض ، التي هي سبع عشرة ركعة. فمجموع الفرائض والنوافل في اليوم والليلة عند الشيعة ، إحدىٰ وخمسون. ويتبع الرواتب ، كما عند إخواننا المسلمين ، وهي المعروفة عندهم بالتراويح. غير أن الشيعة لا يرون مشروعية الجماعة فيها. كما أن إخواننا يرون قراءة بعض السورة فيها أفضل من السورة الكاملة ، وبعضهم استثنىٰ سورة الإخلاص.
وبقيَّة النوافل وباقي الفرائض استوفيناه بنحو البسط في كتابنا المعروف بـ (هداية العقول). وكتب علمائنا مملوءة بذلك ممّا لا يحصر ويعدُّ.
وللصلاة عند الإماميَّة شروط صحَّة ، وأفعال تتركَّب الصلاة منها؛ وتسمى المقارنات والموانع.
شروط صحة الصلاة وبعض أحكامها
أما الشروط ـ وهي عبارة عن الأوصاف المقارِنة لها ، والاعتبارات المنتزعة من اُمور خارجة عنها ـ فهي ثمانية :
1 ـ الإسلام.
2 ـ البلوغ أو التمييز.
3 ـ الطهارة من الحدث.
4 ـ من الخبث في بدن المصلّي وثيابه ، وموضع سجوده.
5 ـ سترة العورة ـ وهي القبل والدبر في الرجل ـ مع أمن الناظر وعدمه. ومجموع البدن في المرأة ، حتّى الشعر عدا الوجه والكفّين.
ويلزم أنْ يكون الساتر طاهراً مباحاً ، وألّا يكون من جلد أو شعر أو صوف أو وبر غير مأكول اللحم. وألّا يكون ذهباً أو حريراً للرجل. ومع الشكّ فالأصل الطهارة والحلّيّة على الأقوىٰ.
والمحمول من هذه الأشياء لا يمنع من الصحّة. علىٰ إشكال في المغصوب المتحرّك بحركة المصلِّي ، أحوطه الإعادة.
ولا يجوز لبس الحرير بما يزيد على أربعة أصابع مضمومة ، ولا بأس بافتراشه والالتحاف به.
6 ـ الوقت. وثبوته في الصلاة اليومية من البديهيّات ، وفي الدين من الضروريّات ، وفي أحكام المسلمين من القطعيات. والنصُّ والإجماع علىٰ ذلك. (2)
والوقت منه المختصّ ، ومنه المشترك ، ومنه وقت الإجزاء ، ومنه وقت الفضيلة. فأوّل الزوال إلىٰ مقدار أداء الظهر ، بحسب حاله ، وقت لها ، ولا تصحّ العصر فيه بوجه العمد. كما أن آخر الوقت بمقدار العصر ، وقت لها. فلا يصحّ فيه الظهر إلّا بضرب من العناية. وما بينهما من الوقت مشترك تصحّان فيه.
والظاهر أن هذين الاختصاصين من باب شرطيّة الترتيب اللازمة للتكليف ، والمقيَّدة بصورة العمد ، المجرَّدة عن العذريَّة؛ فلو وقعت العصر وقت الاختصاص نسياناً صحَّت ، وليس كوقوعها قبل الزوال.
فأول الوقت بالفعل للظهر ، ولكنه صالح شأناً للعصر. بحيث لو فرض شخص غير مكلّف أو كان بريئاً ، جاز الإتيان بها في أوله. ومع الشكِّ فالأصل يقضي بذلك؛ لدوران الأمر بين التعييني والتخييري. والأول متعيِّن.
والوقت المختصُّ هو وقت الفضيلة إلى أنْ يكون ظلُّ الشاخص مثلَه. ثم يكون بعده المختصّ مشترك بين الظهر والعصر ، إلى أنْ يبقىٰ من الشمس مقدار ما يصلي العصر ، بحسب حاله ، فيختصّ بالعصر. وفضيلتها من بعد المثل إلى المثلين.
أما وقت الإجزاء للظهر ، فهو كما لو أتىٰ بالظهر قبل الزوال باعتقاد دخول الوقت بعد الاجتهاد ، ثمّ دخل عليه ولو قبل التسليم.
ووقت الإجزاء للعصر مقدار ركعة من آخر الوقت ، والباقي في خارجه؛ لقوله عليه السلام : «ومن أدرك من الوقت ركعة فكأنما أدرك الوقت كلّه» (3).
(وهي أداء ولا أداء ، وقضاء ولا قضاء) ، كما ارتضاه المرتضىٰ (4).
والكلام في العشاءين علىٰ حدّ الكلام في الظهرين ، فيدخل وقتها بغروب الشمس ، ويختصُّ المغرب من أوّله بمقدار ثلاث ركعات ، ثم تشترك مع العشاء إلىٰ ما قبل انتصاف الليل ، بمقدار أداء العشاء. ووقت الفضيلة في المغرب إلىٰ ذهاب الشفق. والأقوىٰ امتداد وقت العشاءين لذوي الأعذار إلى الفجر.
ثم من طلوع الفجر الثاني إلىٰ طلوع الحمزة وقت فضيلة الصبح. ثم يمتدّ وقت الإجزاء إلىٰ طلوع الشمس ، بل يجزي وإنْ طلعت الشمس ، إذا أدرك من الوقت مقدار ركعة.
7 ـ القبلة. وثبوتها عند الإماميّة وعامة المسلمين غير قابل للتشكيك ، بل هو من ضروريّات الدين. ووجوب التوجّه إليها واستقبالها في الصلاة ، وفي الذبح ، وفي الاحتضار ، وفي دفن الميت والصلاة عليه شرطاً أو تكليفاً من لوازم شريعة سيد المرسلين.
ويجوز الإتيان بالنافلة ماشياً وراكباً وإنْ لم يكن الإتيان إليها. ولو اشتبهت الجهات صلّىٰ حتّىٰ يحصل العلم باستقبالها.
8 ـ مكان المصلي. والكلام فيه تارة من ناحية طهارته ، واُخرىٰ من ناحية إباحته.
والمراد من الأوَّل ، معنًى مجازي بيِّن.
وأما الثاني ، فالظاهر أن معناه واحد ، وهو ما يتَّحد فيه الكونان : الصلاتي والتصرُّفي. إذ هو المراد من المكان الّذي اُخذت الإباحة شرطاً للصلاة فيه ، بحيث تبطل الصلاة بعدمها؛ لعدم اجتماع الأمر والنهي من غير فرق بين كونه المحلَّ الذي يستقر عليه المصلِّي حال تشاغله بأفعال الصلاة ، أو ما يعمُّ الفضاء الّذي يشغله المصلِّي.
واختلاف التعاريف أو التفاسير الَّتي كثير منها لا يسلم من القدح ليس هو لاختلاف المعنىٰ والمبيِّن ، بل هو لاختلاف البيان ، وإلّا فالكلُّ يرمي لغرض واحد ، ومعنًى فارد. والاختلاف في العبارة :
عبائرنا شتىٰ وحسنك واحد / وكلٌّ إلىٰ ذاك الجمال يشير
وليس من مهمّتنا (1) شرح مفهومه عرفاً أو لغة أو اصطلاحاً إذ الأحكام مترتّبة بحسب أدلَّتها علىٰ موضوعات لا تتوقّف معرفتها علىٰ صدق مفهوم المكان.
والخلاف في بعض الصور للخلاف في صدق الاتحاد ، كالاُرجوحة والساباط المغصوبة (2) فوائمهما ، مع كون فضائهما محلّلاً. فقد يشكّ في بطلان الصلاة فيهما للشكّ في صدق اتحاد الكونين.
والظاهر البطلان؛ لاستقراره عليه ولو بالواسطة ، وهو تصرف فيه ، وهو عين الكون الصلاتيّ.
ومنها السفينة المغصوب منها لوح يتوقّف عليه بقاؤها في البحر إلّا أنه حيث لا تقع الصلاة علىٰ ذلك اللوح. والظاهر الصحة في غير المستثنىٰ؛ لعدم الاتحاد ، إذ المفروض توقف بقائها علىٰ ظاهر البحر على المغصوب ، وبدونه تكون في باطنه كما قيل :
ومصاحب السلطان مثل سفينة / في البحر يرجف دائماً من خوفه
إنْ أدخلت من مائه في جوفها / دخلت وما في جوفها في جوفه
وليس المكان من الأركان وإنْ كان ضرورياً ، فمن جهل غصبيَّته أو نسيها وصلّىٰ ، وكذا من اُضطر إلى التصرُّف أو اُكره عليه ، فصلاته صحيحة. ولا لذلك الجاهل بالحكم تكليفاً أو وضعاً؛ فإنّه غيرمعذور إلّا إذا كان عن قصور.
نعم ، لو صلّىٰ فيه عالماً أعاد. ويعتبر إباحته وطهارة موضع سجوده.
وكذا تصحُّ على الظاهر لو صلّىٰ في حال خروجه من المكان المغصوب ، مع ضيق الوقت إذا لم يَحدث تصرُّفٌ زائد علىٰ مقدار الخروج؛ لكون الخروج أقلَّ مفسدة من البقاء. بل ذلك ثابت في كلّ صورة يتسبَّب المكلَّف في جعل نفسه بين محذورين؛ إما القتل ، أو الزنا أو شرب الخمر ، فيحكم العقل بارتكاب أقل القبيحين وأضعف المعصيتين. بل الشرع يوجب ذلك بطور الإرشاد إلى أقلَّ الضررين وأهون المفسدتين.
المصادر :
1- جواهر الكلام 12 : 7.
2- انظر جواهر الكلام 71 : 7
3- الذكرىٰ : 122 ، الوسائل 218 : 4 ، أبواب المواقيت ب 30 ، ح 4 ، وفيهما : «ومن أدرك من الصلاة ركعة فكأنما أدرك الصلاة».
4- مدارك الأحكام 94 : 3 ، الحدائق الناضرة 277 : 6 ـ 278 ، جواهر الكلام 258 : 7.

 



ارسل تعليقاتك
با تشکر، نظر شما پس از بررسی و تایید در سایت قرار خواهد گرفت.
متاسفانه در برقراری ارتباط خطایی رخ داده. لطفاً دوباره تلاش کنید.