نجد ذكراً يسيراً عن حيات الکاتب علي بن عباس صاحب کتاب الصناعة الطبية في كتاب عيون الأنباء لأبن أبي أصيبعة: هو من الأهواز, وكان طبيباً مجيداً ومتميزاً في صناعة الطب وهو الذي صنف كتابه المشهور الملكي, الذي صنفه للملك عضد الدولة فناخسيرو بن ركن الدولة, وهو كتاب جليل مشتمل على أجزاء الصناعة الطبية علمها وعملها, وكان قد اشتغل بصناعة الطب على أبي ماهر موسى بن سيار وتتلمذ له.
رايه في أسباب وأعراض وعلامات العقم وتدبيره:
وقد أفرد المؤلف بابأً كاملاً للحديث عن مداواة عدم الحبل وذلك في الباب 24 من المقالة الثامنة في مداواة العلل العارضة لأعضاء التناسل والمفاصل, وفي هذا الفصل نجد تفصيلاً للعلاجات المختلفة للعقم مع ذكر لأسباب العقم وعسر الحبل ولكننا لا نجدها مرتبة كما هي عند ابن سينا ولا مفصلة ولا يشرحها أو يعلق عليها أو على علاماتها.أسباب عدم الحبل:
من قراءة هذا الفصل يتبين إن المؤلف لم يفرد قسم خاص للحديث عن أسباب العقم بل دمجها مباشرة مع العلاجات الخاصة للعقم في كل حالة مفردة وبعض العلاجات والفرزجات المشتركة:(الباب الرابع والعشرون في مداواة عدم الحبل )أما مداواة عدم الحبل فمتى كان عن سوء مزاج فينبغي أن تدبر المرأة بالتدبير المضاد لذلك المزاج من الأغذية والأدوية المشروبة والمصبوبة في الرحم من الأدهان وغيرها ويجتنب الأشياء التي تزيد في ذلك المزاج وإن كانت بسبب الأخلاط الكائنة في تجويف الرحم فمداواته باستفراغ ذلك الخلط وبتقنية البدن منه بالأدوية المسهلة وتدبير المرأة بالأغذية المولدة للخلط الجيد .
واستعمال الحقن المنقية لما في الرحمن من ذلك الخلط (وأما متي) كأن عدم الحبل بسبب السدة فينبغي أن تستعمل الأدوية والأغذية التي من شأنها أن تفتح السدود وتدر الطمث على ما ذكرنا فيما نقدم وما نذكره بعد قليل (وأما متي) كان عدم الحبل بسبب سمن المرأة فينبغي أن تدبر بالتدبير المهزل حتى ترجع إلى حد الاعتدال وأما متى كان الحبل من قبل الرحم فحمل المرأة الفرزجات النافعة من ذلك
(وهذه صفة فرزجة تقوي الرحم وتعين على الحبل) يؤخذ شب يماني درهمين سماق وزعفران وعود هندي من كل واحد وزن درهم يدق الجميع ناعماً ويداف بعسل ويأخذ صوفة ويغمسها في دهم ورد ويعصرها ويغمسها في ذلك العسل والدواء وتستعلمها المرآة بعد الغسل من الحيض تفعل ذلك ثلاثة أيام ثم تجامع
(صفة أخرى لذلك) مرارة الذئب أو مرارة الأسد أو مرارة السمك يغمس في أيها حضر فرزجة وتتحمل بها المرأة مع شيء من دهن البلسان ودهن الناردين
(صفة أخرى لذلك) فإن أخذت علك الانبساط ودفعته مع شيء من شحم البط والإوز وأمرت المرأة بأن تتحمل منه مرارا انتفعت بذلك (صفة أخرى لذلك) يؤخذ أنفحة الأرنب وبعره وعسل أجزاء سواء يدق الجميع ناعماً ويخاط بالعسل ويستعمل ثلاثة أيام وتأمر المرأة بأن تشرب في كل يوم نشارة العاج فإنها تحبل وإن كانت عاقراً
(صفة فرزجة أخرى تنفع من عدم الحبل وتمسك المني وتحفظه) يؤخذ مخ الأيل وزوقاً رطب وصمغ اللوز وسمن عنز وميعة سائلة وإكليل الملك من كل واحد درهمين يدق الجمع ناعماً وتداف الميعة والسمن بالدهن ويخلط بعسل ويغمس فرزجة وتتحمل بها وتعني في كل ثلاثة أيام دفعات في تسعة أيام
(صفة وصفها جالينوس لعدم الحبل) صبر اسقطري ومقل أزرق وشحم حنظل وغار يقون وستمونيا أجزءا سواء يدق ذلك ناعماً ويعجن بماء ويحبب الشربة نصف مثقال (بخور تتبخر به المرأة العاقر فتحبل) دار شيشعان ووبر الأرنب وسذاب يابس بالسوية يدق ويعجن بشمع ويتخذ أقراصاً وتتبخر بها فإنها مجربة (بخور آخر مجرب) زرنيخ أحمر ومر وجوز السرور وميعة سائلة وماء ورد وحب الغار بالسوية ويدق ويعجن بشراب ويتخذ أقراصاً وتتبخر به المرأة بعد الطهر فإنها تحبل
(فرزجة أخرى مجربة تنفع من عدم الحبل) زعفران وحماما وسنبل وإكليل الملك من كل واحد ثلاثة دراهم ونصف ساذج هندي وقردماناً من كل واحداً أوقية شحم الذئب والأوز والدجاج وشمع وصفرة بيض مسلوق من كل واحد أوقيتان دهن الناردين درهمان تدق الأدوية اليابسة وتذاب الشحوم بالدهن ويخلط الجميع ويعمل فرزجة في صوفة أسما نجونية بعد الطهر ثلاثة أيام متوالية (فرزجة أخرى للعاقر) زعفران ومصطكي وميعة من كل واحد درهمان ساذج هندي وشمع من كل واحد سبعة دراهم دهن الناردين ودهن ورد ما يكفي ويخلط ويستعمل
(صفة حقنة تنفع من عدم الحبل إذا كان ذلك بسبب رطوبة تزلق المني وتقوي الرحم) قشور الكندر وسعد مرضوض من كل واحد ثلاثون درهماً مر عشرون درهماً يطبخ بثلاثة أرطال ماء حتى يبقى منه رطل ويؤخذ منه كل يوم أربع أواق ويحقن به الرحم ثلاثة أيام وينبغي أن يكون استعمالك الجماع بعد طول عهد من الرجل والمرأة بالجماع عند شدة الشهوة وبعقب الطهر من الطمث (وأما متى) كان عدم الحبل من قبل الرجل وكان ذلك من قبل قلة موافقة منيه لبعض النساء فينبغي أن يبدل النساء ليقع على ما يوافق مزاج منيه وان كان ذلك من قبل سدة في مجرى القضيب فينبغي أن يعالج بتفتيح تلك السدة وإن كان ذلك من قبل التواء مجرى القضيب فينبغي أن يستعمل فيه العلاج بالحديد على ما سنذكره في باب العمل باليد إن شاء الله تعالى).
نجد إن المؤلف لم يخرج عن النظرية السابقة في تحديد أسباب وعلاجات كل حالة من الحالات التي ذكرها كمسبب للعقم.وذلك لأنه يعتمد نفس النظرية التشريحية والفيزيولوجية للجهاز التناسلي ولعملية الإلقاح والتي اعتمدها الأطباء العرب ومن قبلهم الأطباء اليونان.وهو يحدد أسباب العقر في :
-أسواء المزاج عند المرأة أو الرجل,فهو لم يخرج عن النظرية السابقة في تحديد أسباب العقم.
-أخلاط رديئة داخل الرحم أو علل الرحم بالخاصة: كالسدة ونقص القوة الماسكة والرطوبة المزلقة داخل الرحم المانعة من استمساك الجنين
-سمن المرأة وكثرة شحمها ,وهو ما ذكره ابن سينا من قبله وإن لم يعلله المؤلف.
-عدم موافقة مني الرجل لمني المرأة وهو يقابل ما أسميناه العقم المناعي.
-علل القضيب وآفاته من سدة فيه أو التواء في مجراه ولم يفصل فيها.
وقد ناقشنا هذه الأسباب سابقاً في حديثنا عن العقم في كتاب القانون.ولكننا نجد المؤلف قد أختصر العديد من الأسباب خاصة تلك المتعلقة بعلل آلات التوليد أو العلل الطارئة أو العلل في المبادي ولم يذكرها حتى في العلاجات. كما لا نجد ذكر للأسباب التي أوردها ابن سينا كأسباب للإسقاط والعقم معاً.
علامات العقم:
لم يذكر المؤلف في مقالته هذه العلامات المحددة لكل حالة من حالات العقم ولم يذكر التجارب التي أوردها من قبله في هذا المجال.العلاجات:
قسم المؤلف العلاجات المتنوعة حسب السبب الذي حدده للعقم, فهو يقول في علاجات أسواء المزاج: تعالج بتعديل المزاج بما يوافق المزاج المناسب للتوليد ولم يذكر أدوية معينة لهذه الحالة.أما سمن المرأة فيعالج بالتهزيل ولم يذكر أدوية خاصة بها.
أفات الرحم بالخاصة:
كوجود أخلاط رديئة فيه تمنع التوليد أو عدم استمساك الرحم للمني, أو لوجود رطوبة مزلقة تمنع استمساك المني.ووضع عدداً من الفرزجات والمركبات والبخورات التي نجد ما يشابهها في كتاب القانون.
كما يذكر بعض التوصيات بالنسبة لعملية الاشتمال كتأخير الجماع وأن أفضل وقت للجماع هو بعد الطهر من الطمث وهي ما وضعها ابن سينا في علاجات الأسباب الطارئة للاشتمال, ولكن المؤلف لم يفصل فيها
علل القضيب:
وقال بعلاجها بالأعمال باليد أي الجراحة. دون تفصيل فيها.يميل المؤلف إلى الاختصار في الكثير من الأماكن على المفيد والقليل في مجمل حديثه عن العقم سواء بأسبابه أو علاجاته.
كما حذف العديد من الأسباب التي وردت في كتاب القانون كالأسباب الناجمة عن علل آلات التوليد أو العلل الجهازية العامة العلل في المبادي.واقتصر في علاجاته على الأسباب الموضعية للعقم , ولهذا جاءت معظم علاجاته معتمدة على الفرزجات الموضعية.
لا مجال لمقارنة العلاجات التي طبقها المؤلف أو غيره مع العلاجات الحديثة للعقم, لاختلاف النظرية والتشريح والفيزيولوجيا وتقدم علم الأدوية بشكل هائل ولغياب أي بحث علمي حقيقي عن فعالية هذه الأدوية العلاجية - بافتراض وجود مثل هذه التأثيرات-. وحالياً توجد العديد من العلاجات الهرمونية وغير الهرمونية لعلاج كل حالة مسببة للعقم أو نقص الخصوبة.
المصدر : تحقيق راسخون 2016