الوقاية خير من العلاج

لقد اهتم الاسلام بصحة الانسان اهتماما بالغا ، حتى لقد روي ان النبي (صلی الله عليه وآله وسلم) قال : ان في صحة البدن فرح الملائكة ، ومرضاة الرب ؛ وتثبيت السنة وعنه (صلی الله عليه وآله وسلم) : لا خير في الحياة الا مع الصحة ..
Tuesday, February 14, 2017
الوقت المقدر للدراسة:
مؤلف: علی اکبر مظاهری
موارد بیشتر برای شما
الوقاية خير من العلاج
 الوقاية خير من العلاج

 





 

لقد اهتم الاسلام بصحة الانسان اهتماما بالغا ، حتى لقد روي ان النبي (صلی الله عليه وآله وسلم) قال : ان في صحة البدن فرح الملائكة ، ومرضاة الرب ؛ وتثبيت السنة (1). وعنه (صلی الله عليه وآله وسلم) : لا خير في الحياة الا مع الصحة .. (2)
وقد تقدم : ان الاسلام قد اعتبر العلم علمين : علم الاديان ، وعلم الابدان. والروايات في هذا المجال كثيرة ، لا مجال لتتبعها ..
كما ان الاسلام قد اهتم بأن يوجه الانسان نحو الوقاية الصحية ، حتى لا يقع في براثن المرض اصلا ، وقد ورد عن الإمام الصادق عليه‌السلام : « ان عامة هذه الارواح من المرة الغالبة ، او دم محترق ، او بلغم غالب ، فليشتغل الرجل بمراعاة نفسه قبل ان تغلب عليه شيء من هذه الطبايع ، فيهلكه .. ». (3)
وفسر المجلسي كلمة الارواح بقوله : « وكأن المراد هنا : الجنون ، والخيل ، والفالج ، واللقوة ، بل الجذام والبرص ، واشباهها (4) ».
وروى : لاتأكل ما قد عرفت مضرته ، ولاتؤثر هواك على راحة بدنك (5) وعن الرضا عليه‌السلام : « ان الجسد بمنزلة الارض الطيبة الخراب ، ان تعوهدت بالعمارة والسقي ، من حيث لا تزداد الخ (6) ».
وان القاء نظرة اجمالية على شمولية وسعة موضوع الوقاية الصحية في الاسلام ليعطينا :
ان الحديث عن هذا الموضوع بشكل علمي دقيق ومستوعب ليس سهلا وميسوراً وانما هو امر بالغ الصعوبة .. وذلك لانه يدخل فيه العديد من الموضوعات الواسعة والمتشعبة جدا .. وقد يضطر الباحث فيما لو اراد استيفاء الحديث في هذا الاتجاه الى الاستشهاد بأحاديث ربما تتجاوز المئات الى الآلاف ، فضلا عن العشرات من المصادر الاسلامية الموثوقة ، ان لم نقل عن المئات ايضا .. كما ان ذلك يحتاج الى كتابة مجلدات كثيرة ، ووقت طويل يبذله القارىء والباحث على حد سواء ..
كما اننا لا يجب ان ننسى : ان استيعاب هذا الموضوع ، واستيفاء البحث فيه من جميع جوانبه ، يحتاج الى الكفاءات والاختصاصات المتنوعة ، التي تمتلك خبرات كبيرة في مجالات اختصاصها من جهة ، ثم في مجال الاطلاع على النصوص الاسلامية في القرآن والسنة النبوية واهل البيت ، وفهم تلك النصوص ، والاستفادة منها في الموقع المناسب ، من الجهة الاخرى ..
البحث في خصائص الاشياء :
وعلى ضوء ما تقدم ؛ فاننا نجد انفسنا مضطرين الى حصر البحث في الموضوعات الاكثر الحاحاً في هذا المجال ..
فلن نتعرض للبحث في الاحاديث الكثيرة جداً ، والتي تعد بالمئات ان لم يكن بالآلاف والتي تتعرض لكثير من الخصائص والمزايا لقسم وافر من البقول والفواكه ، والخضار ، والحبوب ، واللحوم ، والاطعمة ، والالبان .. مثل :
التفاح ، والرمان ، والعنب ، والتمر ، والتين ، والهندباء ، والجزر ، والفجل ، والثوم ، والبصل ، والسعتر ، والحنطة ، والزيتون ، والشعير ، ولحم الضأن ، ولحم البقر ، والسمك ، والبان الضأن والبقر ، البطيخ ، والاجاص ، والمشمش ، والحمص ، والعدس ، وقصب السكر .. الىعشرات من الانواع الاخرى ، التي ورد في كل منها روايات كثيرة ، لو اردنا جمعها ، وذكر مصادرها لاحجتنا الى العشرات ، بل المئات من الصفحات فكيف اذا اردنا استقصاء البحث فيها ، ولا سيما وانه قد ذكر في كثير منها خصائص وقائية لكثير من الامراض ، وقد كتب الشهيد السعيد الدكتور باك نجاد في كتابه القيم : « اولين دانشكاه وآخرين بيامبر » عن عدد وافر منها ، وقد احسن واجاد فيها افاد ، نسأل الله ان يوفيه اجر ذلك من جنانه افسحها منزلا ، وافضلها غرفا ، ويحشره مع الأئمة الطاهرين ، بحق محمد وآله صلوات الله وسلامه عليهم اجمعين .. وعلى هذا .. فان بحثنا في هذا المجال سوف يتقصر على اعطاء نظرة سريعة وواضحة بقدر الامكان عن الوقاية الصحية في المجالات التي وجه فيها المعصومون الى مواقف وافعال معينة من شأنها ان تقي الانسان من كثير من المخاطر ، من دون ان يكون لخصائص الاشياء مدخلية كبيرة فيها ، بل الفعل والمواقف منها هو الذي يعطي القسط الاكبر من الفائدة في مجال الوقاية الصحية ..
ولاجل ذلك فلسوف يكون بحثنا على النحو التالي :
نستعرض اولا قسما وافراً مما يرتبط بالنظافة الجسدية كالسواك والخلال ، والوضوء والغسل ، وغير ذلك ..
ثم نتعرض لنظافة الثياب والاواني والبيت ، وكثير من اوضاعه المطلوبة شرعا ، والتي تؤثر في حفظ الصحة والوقاية من كثير من الاخطار المحتملة في هذا المجال ..
وبعد ذلك نستعرض بعض ما يرتبط بالمحيط والبيئة والمجتمع بشكل عام ..
ولسوف نشير ايضا : الى طائفة مما يرتبط بأحوال الانسان في طعامه وشرابه ويقظته ، ونومه ، وسفره ، وكذلك ما يرتبط بالوقاية الصحية فيما يتعلق بموضوع الجنس.
الى غير ذلك مما تقتضيه ضرورة البحث ، مع مراعاة جانب الاختصار والوضوح مهما امكن ..
فالى البحوث التالية ، مع جزيل شكري وعميق تقديري للقارىء الكريم.
النظافة في مجالها العام :
لقد اهتم الاسلام بالنظافة الجسدية اهتماما بالغا ، يفوق حد التصور ، ولا يستطيع اي دين ان يدعي : انه اهتم بذلك ولو بمقدار معشار اهتمام الاسلام هذا ..
ويكفي ان نذكر : انه قد جعل الوضوء ، والغسل في احيان كثيرة من الواجبات التي يعاقب تاركها ؛ بل ولا تتم كثير من اعماله العبادية الهامة جدا بدونها .. كما هو الحال في الصلاة التي هي عمود الدين ، ومعراج المؤمن ، وغيرها ..
بل لقد جعل ذلك من العبادات التي تقرب الى الله ، ويستحق فاعلها الثواب الجزيل ، والاجر الجميل ..
وعدا عن ذلك كله ، فقد اعتبر الايمان شطر الوضوء ؛ واعتبرت النظافة من الايمان ، والايمان مع صاحبه في الجنة ..
الى غير ذلك مما يعبر عن مدى اهتمام الاسلام البالغ في هذا المجال .. سواء في ذلك ما ورد ليؤكد على النظافة ، او الوضوء اوالغسل في مورده الجزئي الخاص ، او ما ورد في مقام الحث على ذلك بصورة عامة ..
أمثلة على ما تقدم :
وكأمثلة على ما تقدم نشير الى رشحة هي غيض من فيض مما ورد عن المعصومين عليهم‌السلام من الامر بالنظافة بصورة عامة ..
فقد تقدم في اوائل القسم الثاني الاشارة الى قوله : ان الله ليبغض من عباده القاذروة : وان النظافة من الايمان والايمان مع صاحبه في الجنة.
وقال الكراجكي : « وفيما صح عندنا من اجتهاد رسول الله (صلی الله عليه وآله وسلم) في النظافة ، وكثرة استعماله للطيب على ما اتت به الرواية » (7).
وعن الرضا عليه‌السلام : « من اخلاق الانبياء التنظيف » (8).
وعن أمير المؤمنين عليه‌السلام : تنظفوا بالماء من الريح المنتن ، الذي يتأذى به ، وتعهدوا انفسكم ، فأن الله ليبغض من عباده القاذورة ، الذي يتأنف به من جلس اليه (9).
وجاء في رواية عن الباقر والصادق يذكر فيها : ان دواء العرب في خمسة وعّد منها الحمام (10). وعن النبي (صلی الله عليه وآله وسلم) : أتاني جبرئيل عليه‌السلام ، فقال : يا محمد ، كيف ننزل عليكم؟! ، لا تستاكون ، ولا تستنجون بالماء ، ولا تغسلون براجمكم (11).
قال ابن الاثير : « فيه : من الفطرة غسل البراجم ، وهي العقد التي في ظهور الاصابع ، يجتمع فيها الوسخ الواحدة : برجمة » (12).
وقد نص القرآن على ان الله تعالى : « يحب التوابين ، ويحب المتطهرين (13) ». وقال تعالى مخاطبا المسلمين في مناسبة بدر : « وينزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به ، ويذهب عنكم رجز الشيطان » (14). وقال تعالى : « فيه رجال يحبون ان يتطهروا والله يحب المتطهرين » (15).
قال المجلسي : قيل : ربما دلت هذه الآية على استحباب المبالغة في الاجتناب عن النجاسات ، ولايبعد فهم استحباب النورة وامثالها ، بل استحباب الكون على طهارة وتأييد له ، لا بل الاغسال المستحبة » (16).
وقال تعالى : « انه لقرآن كريم. في كتاب مكنون. لا يمسه الا المطهرين » (17).
الى غير ذلك من الآيات التي تمدح التطهر ، وتحث عليه تصريحا ، او تلويحا. وقد ورد عنهم عليهم‌السلام : ان « الطهر نصف الايمان » (18). وعن النبي (صلی الله عليه وآله وسلم) وعلي (عليه السلام) : « الوضوء شطر الايمان » (19).
وعن أمير المؤمنين عليه‌السلام : « من احسن الطهور ثم مشى الى المسجد فهو في صلاة ما لم يحدث » (20).
وعن النبي (صلی الله عليه وآله وسلم) : يا علي ، على الناس في كل سبعة ايام الغسل ، فاغتسل في كل جمعة ، ولو انك تشتري الماء بقوت يومك وتطويه ، فانه ليس شيء من التطوع اعظم (21).
وعن الصادق عليه‌السلام : ليتزين احدكم يوم الجمعة ، يغتسل ، ويتطيب (22) .. الخبر.
وعن امير المؤمنين عليه‌السلام : غسل الاعياد طهور لمن اراد طلب الحوائج واتباع للسنة (23).
بل يكفي ان نذكر : ان الاغسال المستحبة ، قد انهاها بعضهم الى اربعين غسلاً تقريبا ، كما ان بعض الروايات قد عدت منها ومن الواجبات ثلاثة وعشرين غسلا في مناسبات مختلفة .. ومن يراجع الروايات في باب علل الاغسال وثوابها في البحار ج ٨١ ص ٣ و ٢٢ و ٢٣ و ٢٤ يخرج بحقيقة : ان الغسل مستحب او واجب في اكثر من تلك الموارد التي ذكرها ذلك البعض.
نعم .. وهذا غيض من فيض مما ورد عنهم عليهم‌السلام في هذا المجال .. وأما ما ورد عنهم عليهم‌السلام في الموارد الخاصة والعامة مما يدل على مطلوبية النظافة ، فانه لا يكاد يحصر لكثرته ، ولا نرى اننا بحاجة الى التعرض له .
المصادر :
1- اولين دانشكاه وآخرين بيامبر ج ٢ ص ٣٨٠ عن : آئين جاويدان ص ٣٢٢.
2- اولين دانشكاه ج ٢ ص ٣٨٢ عن نهج الفصاحة.
3- طب الائمة ص ١١٠ والبحار ج ٦٢ ص ٢٦٤ عنه.
4- البحار ج ٦٢ ص ٢٦٤.
5- البحار ج ٦٢ ص ٢٦٩.
6- الرسالة الذهبية ص ١٣ / ١٤.
7- البحار ج ٨٠ ص ١٠٦ عن كنز الفوائد ..
8- تحف العقول ص ٣٣٠ ، والبحار ج ٧٨ ص ٣٣٥ عنه.
9- الخصال ج ٢ ص ٦٢٠ حديث الاربعمائة والبحار ج ٨٦ ص ٨٤ ، وتحف العقول ص ٧٣ وراجع المصادر المتقدمة في اول القسم الثاني.
10- طب الائمة ص ٥٥ والبحار ج ٦٢ ص ٢٦٣ وراجع الوسائل ج ١ ص ٣٦١ عن الفقيه ج ١ ص ٣٧ وغير ذلك.
11- البحار ج ٨٠ ص ٢١٠ عن نوادر الراوندي ..
12- النهاية لابن الاثير ج ١ ص ١١٣ والبحار ج ٨٠ ص ٢١٠ عنه.
13- البقرة ٢٢٢.
14- الانفال ١١.
15- براءة ١٠٨.
16- البحار ج ٨٠ ص ٥.
17- الواقعة ٧٧ ـ ٧٩.
18- البحار ج ٨٠ ص ٢٣٧ وفي هامشه عن الدعائم ج ١ ص ١٠٠.
19- امالي الطوسي ج ١ ص ٢٩ وفيه : « نصف » بدل كلمة « شطر » والبحار ج ٨٠ ص ٢٣٧ و ٢٣٤ و ٢٦٦ وفي هوامشه عن الاول وعن : امالي المفيد ص ١٤٦ وعن نوادر الراوندي ص ٤٠.
20- البحار ج ٨٠ ص ٢٣٧ وفي هامشه عن الدعائم ج ١ ص ١٠٠.
21- البحار ج ٨١ ص ١٢٩ عن جمال الاسبوع.
22- المصدر السابق عنه.
23- تحف العقول ص ٦٦ والبحار ج ٨١ ص ١٥ و ٢٢ و ٢٧ عنه وعن اختيارات ابن الباقي ، في حديث الاربعمائة ، وليراجع في الخصال ، والبحار ، والمواعظ العددية وغير ذلك ..

 



نظرات کاربران
ارسل تعليقاتك
با تشکر، نظر شما پس از بررسی و تایید در سایت قرار خواهد گرفت.
متاسفانه در برقراری ارتباط خطایی رخ داده. لطفاً دوباره تلاش کنید.