طبيعة العلاقة بين الغني والفقير

عندما يقوم الإسلام بالحملة الاعلامية الواسعة لموضوع الإنفاق من خلال الآيات والأخبار وتشويق الأفراد وحثهم على التسابق إليه لا يقصد من وراء ذلك اعطاء الفقير المال وانعاشه مادياً وتخليصه من ويلات الفقر فقط ، بل يريد ذلك ـ وفي الوقت نفسه
Wednesday, February 22, 2017
الوقت المقدر للدراسة:
مؤلف: علی اکبر مظاهری
موارد بیشتر برای شما
طبيعة العلاقة بين الغني والفقير
طبيعة العلاقة بين الغني والفقير

 





 

عندما يقوم الإسلام بالحملة الاعلامية الواسعة لموضوع الإنفاق من خلال الآيات والأخبار وتشويق الأفراد وحثهم على التسابق إليه لا يقصد من وراء ذلك اعطاء الفقير المال وانعاشه مادياً وتخليصه من ويلات الفقر فقط ، بل يريد ذلك ـ وفي الوقت نفسه ـ ان يجعل من هذه العملية قضية اصلاحية لكلا الطرفين المعطي والفقير.
المعطي : ليهذب نفسه ويصقلها ويروضها على فعل الخير والشعور بأن ما اعطاه الله من مال ليس له فقط ، بل له وللآخرين عبر رصيده وتملكه.
فهو يريد من صاحب المال ان يبقى دائماً بجانب الآخرين يتحسس آلامهم ، ويعيش مشكلاتهم ، كما لو كانت قد حلت بأسرته البيتية.
وأما الفقير : فليفهم بأن هذا الاهتمام به لسد جوعه ، وان يملأ ما في بطنه من فراغ فقط بل ليشعره بأنه لم يترك في هذه الحياة وحيداً يعاني لوحده الأنواء والهزات التي تعاكس سفينته الصغيرة ، وهو يمخر بها وسط أمواج الحياة العاتية بل هناك من يقف إلى جانبه ويمد له الحبل ليلقي به على الساحل فينجيه مما هو فيه.
إنه الإسلام يريد من الفقير أن لا ينظر إلى الغني نظر المعدم إلى الملئ فقط بل نظر الصديق إلى الصديق نظر الإنسان الذي يتحسس بآلامه ويشعر بضيقه ليكون ذلك درساً له لو ضحكت له الدنيا وتحسنت حالته المادية فأصبح ملياً كالآخرين فيسير على نفس الخط الذي سار عليه يداً بيد مع المعطي وبذلك يتحقق التكافل الاجتماعي من الطرفين كما نبهنا إلى ضرورته فيما سبق.
ان هذه النقطة الدقيقة يعير لها القرآن أهمية بالغة ، وقد أكد عليها عبر آيات عديدة جاء منها قوله سبحانه :
( ألم يجدك يتيماً فآوى * ووجدك ضالاً فهدى * ووجدك عائلاً فأغنى * فأمّا اليتيمَ فلا تَقهَر * وأمّا السّائلَ فلا تنهَرْ ) (1).
فالقضية ليست قضية مال يشبع بها الغني بطن الفقير بل قضية كرامة واعتبار.
قضية التحسس بآلام اللآخرين.
قضية الادوار التي مربها الإنسان لو قدر أن كان يتيماً فقد أباه في الصغر.
أو سائلاً حيث كانت الضروف قست عليه فيما سبق فكما عطف الله عليه فيهأ له من ينحو عليه ، ومن قابله بلطف وهو يملأ كفه من المال ، فلا بد أن يحذو نفس الطريقة التي عومل بها يوم كان يتيماً أو فقيراً.
ولو لم يكن قد مر بهاتين المرحلتين فليحسب للدنيا حسابها فيتصور اليوم الذي قد يمر به أولاده لو فقدوا كافلهم وهم صغار ، أو ليضع أمامه الظروف التي قد تلجئه لأن يمثل نفس الدور الذي يقوم به الفقير حينما يلجأ إليه فيسلب منه تلك النعمة ويكون هو ضيفاً على الطرق والأبواب يسأل هذا ويتكف من آخرين.
وإذاً فإلى الانعاش المالي من الاغنياء لابد من رعاية الجانب الآخر المتمثل بالانعاش المعنوي ليجد اليتيم من رعايته ما يسببه ذل اليتم ، وهو في كنفه ، وليشعر الفقير إنه لا يمد يداً للغني وهو فقير بل إلى أخ يسعف أخاه ، كما يلجأ المريض إلى الطبيب لينقذه من براثن المرض.
وإذا كانت عملية الانفاق درساً تهذيبياً أكثر من كونها مساعدة مالية فلا بد إذاً لهذا الدرس من شروط تتناسب ، والغاية التي حشد الشارع المقدس لها هذا القدر من الآيات ، والاخبار الكريمة.

الشرط الأول : ابتغاء وجه الله

الإنسان الكامل هو الذي يجعل رضا الله والتقرب إليه هو الغاية التي يقصدها من وراء كل عمل يقوم به في هذه الحياة ... ذلك لأن ما كان لله يبقى ويكتب له النمو والبركة أما ما يقصد به غير وجه الله ، ولم يكن في سبيله فيذهب جفاء.
ثم ليقف الإنسان وليقارن بين من ينظر أجره منه :
من الله القادر الرازق ؟.
أم من انسان مثله عاجز ؟.
ومرة أخرى نقول أن اشتراط كون الإنفاق لوجهه وابتغاء مرضاته إنما يأتي في صالح المنفق قبل الفقير لأن الله يدعوه لأن يركز علاقته معه لتكون أعماله خالصة له فيجازيه بمايستحقه على ذلك ويضاعفه ، وبذلك ينال خير الدنيا والآخرة.
ولذلك رأينا الآية الكريمة ، والأخبار العديدة ـ فيما تقدم بيانه ـ تشوق المعطي بأن ما يصل ليد الله قبل الوصول إلى يد الفقير.
وهذا ـ كما قلنا ـ معنى كنائي يرمز إلى أن ما يقدمه الإنسان إلى الفقير إنما يقدم لله بطلب مرضاتها ـ والفقير طريق يوصل إلى هذه الغاية الرفيعة لذلك كان الشرط الأول للإنفاق إذا أراد المعطي ان يزكوا ماله وينمو ليحصل من وراء ذلك الثواب الأخروي أن يكون ما يقدمه لله وفي سبيله لا لغرض آخر من الرياء ، أو التماس الشهرة ، أو تسجيل يد على الفقير ليكافئه على هذا اليد فيرد عليه جميله بخدمة يقوم بها تقديراً لعمله.
( ومثل الذين ينفقون أموالهم ابتغاء مرضات الله وتثبيتاً من أنفسهم كمثل جنّةٍ بربوةٍ أصابها وابلٌ فآتَت أكلهَا ضعفين فإن لم يُصبها وابلٌ فطلٌّ واللهٌ بما تعملونَ بصيرٌ ) (2).
والقضية تأخذ مسارها بشكل طبيعي فإن هذا النماء الذي يرجى حصوله مضاعفاً مصدره الله سبحانه ، وإذا كان مصدره الله فلا بد أن يكون العطاء بداعي التقرب اليه وابتغاء مرضاته.
وأما لو كان في سبيل غيره فما معنى أن يتوقع المعطي الأجر من الله وهو يعمل لغيره ؟
ويأتي هذا المعنى واضحاً في آية اخرى حيث يقول سبحانه : ( وما تُنفقوا من خير فلأنفسكم وما تُنفقونَ إلا ابتغاءَ وجهِ اللهِ وما تنفقُوا من خيرٍ يوفَّ إليكُم وأنتم لا تُظلمون ) (3).
وهذا التدرج في الآية الكريمة هو الذي يوضح مسيرة الإنسان العطائية وكيف يجب أن يتبع هذه التعاليم القرآنية.
فما ينفقه من خير فلنفسه وهذه هي النقطة الأولى ، لأن المعطي هو الذي يحصل الثواب والأجر في الدارين ، ولكن ذلك الانفاق لابد أن يكون لابتغاء وجه الله وهذه هي النقطة الثانية ، وإلا فلا نحصل على النقطة الأولى وهي الأجر والثواب.
وبعد ذلك ليعلم المعطي ان ما ينفق من خير على النحو الذي بينته الآية يوف اليه وهذه في النقطة الثالثة.
أما لو ضربنا كل ذلك عرض الجدار وكان العطاء لغير الله فإن على المعطي أن يذهب لمن قدم له وليأخذ منه جزاءه وقد جاء في كتب الاخبار الواردة عن أهل البيت عليهم‌السلام بأن المرائي في عمله ليلتمس أجره ممن عمل له.
( ومن الأعراب من يتخذ ما ينفق مغرماً ويتربص بكم الدوائر عليهم دائرة السوء والله سميع عليم * ومن الأعراب من يؤمن بالله واليوم الآخر ويتخذ ما ينفق قربات عند الله وصلوات الرسول ألا إنها قربة لهم سيدخلهم الله في رحمته إن الله غفور رحيم ) (4).
لقد تعرضت الآيتان إلى الحديث عن قسمين من الناس ، أو فريقين ما شئت فعبر.
أحدهما : جعل الانفاق في سبيل الجهاد ، أو في سبيل الخير لاغراضه الشخصية ولم يكن لوجه الله.
أما الآخر : فقد كان الإنفاق عنده وسيلة للوصول إلى مرضات الله والتقرب إليه.
فقالت عن القسم الأول :( ومن الأعراب من يتخذ ما ينفق مُغرماً ) :
والغرامة ما يخسره الرجل وليس يلزمه لأنه لا ينفق إلا تقية من المسلمين رياءً لا لوجه الله عزوجل وابتغاء المثوبة عنده.
وهؤلاء جزاؤهم نتيجة انفاقهم لغير وجه الله لأنهم يتربصون الدوائر بالمسلمين أن : ( عليهِم دائرةُ السّوءِ )
وعليهم تدور الدائرة يبتلون بنفس ما كانوا يدبرونه للمسلمين من سوء وما يعدونه لهم من عقبات
أما القسم الثاني فقد قالت الآية الكريمة عنهم : ( ومن الأعراب من يؤمن بالله واليوم الآخر )
وهؤلاء هم المؤمنون بالله وبما أخبر عنه من يوم القيامة والجزاء وما يترتب على ذلك من غير شك وريب ، وقد أعطت وصفاً دقيقاً عنهم عندما ينفقون فقالت :( ويتّخذُ ما ينفق قربات عندَ الله والرسولِ )
ولنقف قليلاً مع الفرد من هؤلاء لنرى كيفية انفاقه وما يقصد من وراء هذا العطاء.
أولاً : عندما ينفق تكون غايته التقرب إلى الله عز وجل ، ويجعل من عمله هذا وسيلة لنيل مرضاته فقط.
ثانياً : انه عندما ينفق يطلب من النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أن يدعوا له بالخير والبركة ليكون هذا الدعاء أيضاً وسيلة أخرى للتقرب إلى الله والركون إليه.
وهنا تواجه الآية هؤلاء المؤمنين بأن هذا النوع من الإنفاق ، وبهذه الكيفية مشفوعاً بطلب الدعاء من الرسول تحقق لهم الغاية التي يقصدونها ( ألا إنها قربة لهم )
وهذه أول بشارة لهم في تحقيق ما يريدون الوصول إليه فقد أخبرتهم الآية الكريمة بأن هذه النفقة قربة لهم ، وقد قبل الله قربهم.
أما البشارة الثانية فقد جاءت مترتبة على هذا الاخبار بحصول التقرب منه سبحانه : ( سيدخلهم الله في رحمته )
ورحمته هنا مطلقة لم تقيد بأنها في الدنيا فقط ، أو في الآخرة فقط ، بل هي شاملة لهما معاً ولا ينقص من عطائه شيء ويدل على ذلك قوله سبحانه في آخر الآية : ( إنّ الله غفورٌ رحيمٌ )
فما يعود إلى ذنوبهم فهو غفور. وما يعود إلى جزائهم فهو رحيم.
يشملهم بكل جزاء في الدنيا بأن يبارك في أعمالهم. وفي الآخرة بأدخالهم الجنة التي أعدها لعباده المؤمنين.
وعندما تتطور العلاقة بين العبد وربه فتخرج عن نطاق تقرب العبد إلى ربه لنيل جزاء أو لغفران ذنب بل لتصل إلى مرحلة الحب والفناء في سبيل الطرف الآخر نجد القرآن الكريم يتحدث باعتزاز لينوه عن هذا النوع من المحبين ويكشف عن نفسياتهم العالية ، والتي تتجه إلى خالقها اتجاه الحبيب يحن إلى لقيا حبيبه انصهروا في ذاته المقدسة فأخذوا يقدمون النفوس للتقرب لساحته المقدسة لا المال والطعام فقط فهم يحبونه ويحنون إليه.
يقول سبحانه عن هؤلاء : ( إن الابرار يشربون من كأس كان مزاجها كافورا * عيناً يشرب بها عباد الله يفجرونها تفجيرا * يوفون بالنذر ويخافون يوماً كان شره مستطيراً * ويطعمون الطعام على حبّه مسكيناً ويتيماً وأسيراً * إنّما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاءً ولا شكورا * إنّا نخاف من ربّنا يوماً عبوساً قمطريرا * فوقاهم الله شرّ ذلك اليوم ولقّاهم نضرةً وسُروراً * وجزاهم بما صبروا جنّة وحريراً ) (5).
والملاحظ على هذه الآيات الكريمة انها مهدت للحديث عن هذه الشخصيات المؤمنة بأن ذكرت جزاءهم في الآخرة وان مكانهم الجنة.
وقد ذكر المفسرون أن هذه الآيات نزلت في آل بيت محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله علي وفاطمة والحسن والحسين عليهم‌السلام ، حيث روي عن ابن عباس ان الحسن والحسين عليهم‌السلام مرضاً فعادهما رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في اناس معه ، فقالوا : يا ابا الحسن لو نذرت على ولدِك فنذر علي وفاطمة وفضة جارية لهما إن عافاهما الله تعالى أن يصوموا ثالثة أيام فشفيا وما معهم شيء فاستقرض علي عليه‌السلام ثلاثة اصوع من شعير فطحنتة فاطمة عليه‌السلام صاعاً وخبزته خمسة أقراص على عددهم ووضعوها بين أنديهم ليفطروا فوقف عليهم سائل فقال :
« السلام عليكم أهل بيت محمد مسكين من مساكين المسلمين اطعموني أطعمكم الله من موائد الجنة فآثروه وباتوا لم يذوقوا إلا الماء فأصبحوا صائمين فلما أمسكوا ووضعوا الطعام بين أيديهم وقف عليهم يتيم فآثروه وجاءهم أسير في الثالثة ففعلوا مثل ذلك فلما أصبحوا أخذ علي عليه‌السلام بيد الحسن والحسين عليهم‌السلام ، ودخلوا على الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله فلما أبصرهم ، وهو يرتعشون كالفراخ من شدة الجوع قال :
ما أشد ما أرى بكم ، وقام فأنطلق معهم فرأى فاطمة في محرابها ، وقد التصق بطنها بظهرها ، وغارت عيناها فساءه ذلك فنزل جبرائيل بالسورة ، وقال خذها يا محمد هنأك الله في أهل بيتك فأقرئها السورة » (6).
وبين يدي هذه الآيات الكريمة والواقعة التي كانت السبب في نزولها نقف لنستفيد من نقاطها التالية دروساً قيّمة نكيف على ضوئها حياتنا لنسير على الخط الذي رسمه لنا هؤلاء القادة الابطال وبينوا الخطوط العريضة لنوعية العلاقة التي لابد من حصولها بين الإنسان وخالقة وبين الإنسان ومجتمعه.
( ويطعمون الطعام على حبّه ) : هذا العلاقة الشفافة التي لا يشوبها رياء ، ولا يشوه منظرها من شيء من المقاصد والغايات الدنيوية كأنتطار جزاء من أحد ، ولا خوف من آخرين.
بل كل ما في البين هوحب الله والفناء في ذاته المقدسة ، وهو الغاية لهم في كل عمل يقدمون عيله في هذه الحياة.
واطعام الطعام على حبه صورة من صور هذه العلاقة الأكيدة بين الله ، وعباده المؤمنين.
( إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا ) :عباد الله المؤمنين بهذه النفسية العالية يواجهون الطبقات الضعيفة المحرومة.
انهم لا ينتطرون منهم جزاءً ولا يريدون منهم التملق والشكر على ما منحوه لهم ذلك لأن الفقير ليس طرفاً للحساب معهم بل حسابهم مع الله ، والفقير إنما هو المسرح الذي يعرضون عليه صور حبهم لله سبحانه سواء كانت تك الصورة لمسكين ، أو ليتيم ، أو لأسير ، أوغير ذلك من القضايا والمشاكل التي تحيط بالمجتمع ككل وبالأفراد على نحو الخصوصية الفردية.
مع الحادثة التي كانت السبب في نزول الآيات :
وعندما تتأمل الحادثة التي كانت السبب في نزول هذه الآيات بما اشتملت عليه من نقاط حساسة نقول بالإمكان أن نستفيد منها الدروس التالية :
١ ـ فقالوا با ابا الحسن لو نذرت على ولدك نذراً :
يقول العائدون لأمير المؤمنين عليه‌السلام لو نذرت على ولدك نذراً ، ويمتثل الأب العطوف ، والأم الحانية تتبعهما جاريتهما فينذرون لله ان عافى الحسن ، والحسين صاموا لله ثلاثة أيام.
ومن هذا الامتثال تتجلى روعة التقديس لله ، والحب له إذ كان بأمكان الإمام أمير المؤمنين أن يتوجه إلى النبي محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله فيطلب منه أن يرفع يده إلى السماء ليدعوا لشفاء ولديه ، ولا بد من الاستجابة لأن الله لا يرد دعوة نبيه ، ولا يخيبه فيها ، وتنتهي المشكلة بسلام.
ولكن الإمام لم يسلك هذا الطريق لأنه كان يتحين الفرص لأن يتوجه إلى الله عبر صلاته ، أو صيام ، أو جهاد ، أو عمل فيه خير ، وما شاكل.
إن الدعاء يسد عليه هذا الطريق ، ويضيع عليه هذا الفرصة لذلك امتثل ابن أبي طالب ، ونذر صوم الأيام الثلاثة ، وتبعه موكب الإيمان يتمثل بنذر سيدة النساء ، وفضة جاريتها التي نشأت في هذا البيت الذي لا تسمع بين أروقته الا تلاوة القرآن الكريم ، أو الدعاء ، والتضرع إلى الله عز وجل.
٢ ـ وما معهم شيء فاستقرض علي عليه‌السلام ثالثة أصوع من شعير :
علي عليه‌السلام ، وهو صهر الرسول ، وابن عمه والمقرب عنده ، والذاب عن الإسلام.
وفاطمة بنت الزعيم الروحي ، والعسكري للمسلمين.
والحسنان ريحانتا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وولداه وحبه لهما أشهر من أن يتحدث عنه.
ومع كل هذا الخصوصيات نرى هذا البيت يخلوا من طعام يفطرون عليه مع ما عليه هذه العائلة من قلة العدد بحيث يضطر الإمام عليه‌السلام أن يستقرض ثلاثة أصوع من شعير ليكون قوتاً لهم في إفطارهم لصوم نذره لشفاء ريحانة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله .
ولم يحدثنا التاريخ ان الرسول الأعظم ، وهو القائد الأعلى للمسلمين والأب الروحي لهم ، وولي الأمر ، ومن بيده بيت المال المسلمين رعى هذا البيت من الجهة المالية بأكثر مما كان يرعى يه بقية البيوت.
ان فاطمة بنت محمد : صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والذي كان يقبل يديها ويقول مفتخراً ليعلم الناس بمكانتها عنده ( فاطمة أم أبيها ) ، ويسلم عليها عند خروجه من المسجد ، وفي طريق عودته منه عنده كبقية نساء المسلمين.
وعلي : وهو الذي اتخذه أخاً عندما آخى بين المسلمين بعضهم مع البعض عنده من هذه الجهة كفرد من أفراد المسلمين من الجهة المالية.
والحسنان : ولطالما رأى المسلمون النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله يطيل في سجوده لأن ، أحدهما جلس على ظهر جده فلا يريد أن ينحى لئلا ينزعج الطفل فيفسد عليه بسمته ، وفرحته.
هذا البيت الطاهر بهذه الأسرة الكريمة نراه خالياً من ثلاثة أصوع من الشعير يقتات بها أهله.
وهكذا تتجلى الأمانة علىالأموال ، والترفع عن مد اليد إلى أموال المسلمين وإن كان ذلك من مثل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وهوالولي ، والمشرع الذي لا يقف في وجهه شيء.
٣ ـ وفاطمة تطحن الشعير ـ ومن خلال هذا العمل تظهر عملية التكافل لتبرز بأجلى صورة عاطفية :
ففاطمة بنت النبي ، وزوجة أمير المؤمنين ، وأم الحسنين ، وسيدة نساء العالمين تتحمل المسؤلية بنفسها ، فتطحن الشعير ، وتخبزه ، وهي صائمة مع وجود خادمتها فضة في البيت.
هكذا فليكن العطف والنحو نحو الخدم ، والمساعدين ان الإسلام لا يريد من الفرد ان يفرض سيطرته على الأفراد بغض النظر عن شخصية هذا الفرد فالناس اكرمهم عند الله اتقاهم ، وهم كأسنان المشط لافضل لأبيضهم على أسودهم ، ولا العكس إلا بالتقوى.
وإنما أجاز أن يخدم بعضهم بعضاً بعنوان المساعدة ، ولقاء أجور يتقاضاها من يقدم الخدمة.
أما أن يكون ذلك سبباً لتسلط أحدهم على لآخر تسلطاً يشوبه الظلم والاستعلاء ، والتكبر فهذا ما لا يريده للمسلمين.
وحري بسيدات المجتمع وأمهات البيوت أن تكون هذه الحادثة هي المقياس للمعاملة مع الخدم والمساعدين ، وكل الطبقات الضعيفة المحرومة.
إن على ربة البيت أن تفكر أن الخادمة انسانة مثلها ، وليس على الله بعزيز ان يمكنها لتكون أم بيت مثلها ، ولكن لحكمة اقتضت هذا التفريق بينهما فتكون هي أم بيت وتلك خادمة.
ان التاريخ يحدثنا عن سيرة أهل البيت عليهم‌السلام مع خدمهم وجواريهم فيعطينا صوراً رقيقة لمعاملة حسنة تنسي الخادم ، أنه يخدم في البيت.
فهذا أمير المؤمنين عليه‌السلام تقول مصادر التاريخ عنه انه كان يشتري الثوبين له ولغلامه قنبر ، ويخيره أولاً بانتقاء أحسنهما.
وفي صورة أخرى من صور العطف نرى الإمام زين العابدين عليه‌السلام في مشهد من المشاهد المألوفة في تلك الأيام تصب الجارية الماء على يده فيقع الأبريق على رأسه أو يده فيشجه ، وقبل أن يلتفت الإمام إلى الجارية تسارع الجارية والخوف قد أخذ مأخذه منها.
فتقول للإمام : والكاظمين الغيظ.
فيجيب الإمام : كظمت غيظي.
وتعقب الجارية قائلة : والعافين عن الناس.
فيقول الإمام : قد عفوت عنك.
وتطمع الجارية في المسامحة التي تشاهدها من الإمام فتقول :« والله يحب المحسنين » :
فيبتسم الإمام في وجهها قائلاً : أذهبي فأنت حرة لوجه الله.
صلوات الله عليكم يا أهل بيت النبوة ويا معدن الخلق ، والسماحة ، والكرم. بهذه المعاملة الطيبة تعاملون الطبقات الفقيرة كأنهم اخوان لا خدم فلا تشعرونهم بذلة الخدمة ، بل بعزة الإنسان الذي يتطوع لمساعدة أخيه.
٤ ـ فانطلق الرسول معهم فرأى فاطمة في محرابها وقد التصق بطنها بظهرها وغارت عيناها فساءه ذلك ! :
يدخل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله على ابنته الصائمة التي أخذ الجوع منها مأخذه ، وبدلاً من أن يجدها تولول ، أو تثور في وجهه شاكية من انتقالها إلى مثل هذا البيت الذي لا تضم خباياه ثلاثة اصوع من شعير ، بدلاً من كل هذا ، وغيره يراها في محرابها تتجه إلى خالقها في خلوة حبيبه تقدسه ، وتمجده وتصلي له.
لقد فقدت فاطمة عليها‌السلام الغذاء الجسمي لأنها بذلك ضربت المثل الإعلى للمواساة ، ولكنها عوضت عنه بالغذاء الروحي لتسلم أمرها إلى الله الذي بذلوا كل نفيس في سبيل التقرب إليه.
إن هذا البيت المقدس ليكون بجدارة ، واستحقاق موضع عناية الله ، ورعايته وتقديره ليُذهب عن أهله الرجس ، ويطهرهم تطهيراً.
ولتنال هذه الأسرة الصابرة المحتسبة جزاء حبهم لله وتعلقهم به أن يقول عنهم القرآن لكريم :
( فواقاهم الله شر ذلك اليوم ولقاهم نضرة وسرورا * وجزاهم بما صبروا جنة وحريرا * متكئين فيها على الأرائك لا يرون فيها شمساً ولا زمهريرا * ودانية عليهم ظلالها وذُلّلَت قطوفها تذليلا * ويطاف عليهم بآنية من فضة وأكواب كانت قواريرا * قواريرا من فضة قدروها تقديرا * ويسقون فيها كأساً كان مزاجها زنجبيلا * عيناً فيها تسمى سلسبيلا * ويطوف عليهم ولدان مخلدون إذا رأيتهم حسبتم لؤلؤا منثورا * وإذ رأيت ثم رأيت نعيما وملكاً كبيرا * عاليهم ثياب سندس خضر وإستبرق وحلوا أساور من فضة وسمقاهم ربهم شرابا طهورا * إن هذا كان لكم جزاء ) (7).
وبعد كل هذا الجزاء الوافي تلقوا من ربهم الوسام الروحي الذي يفترحون به على مرور الزمن حيث قال سبحانه يختم هذه المشاهد :
( وكان سعيكم مشكورا ).
وقبل أن نودع الآيات الكريمة بمشاهدها المثيرة وبما اشتملت عليه من عرض هذه الصور الجزائية نقول : ليس ذلك مختصاً بآل البيت عليهم‌السلام ليحرم منه غيرهم لا ، بل أن أهل البيت إنما نالوا ذلك لأنهم أظهر المصاديق لعباد الله المؤمنين المحبين له ، والمتفانين في ذاته المقدسة ، وقد جعل الله الباب مفتوحاً لكل فرد من الناس يرغب في إنشاء مثل هذه العلاقة معه فهو الغفور الرحيم ، وهو الذي يقبل التوبة من عباده ، وهو الذي يقول عبدي أوجدت صدراً أوسع مني فشكوتني إليه ؟.
*الشرط الثاني : الاعتدال في الانفاق
لقد سبق أن بينا في أول البحث أن الإسلام قد أخذ بعين الاعتبار الاعتدال في الأمور كأساس للنظام الإجتماعي ، وبذلك يمكن التعديل وتسير الأمور على النحو الوسط.
وقد جعل من الآية الكريمة : ( ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوماً محسورا ) (8).
مقياساً وضابطاً لتعديل الإنسان في حياته الإجتماعية. والآية الكريمة ، وان كان لسانها هو العطاء والبذل ، والمنع ، والشح ، ولكن ـ كما قلنا ـ آيات القرآن أحكام تشريعية لا تخص بمورد دون آخر ، ولا بوقت دون وقت إلا أن تقوم القرينة على الاختصاص ، ومع عدمها فالقضية تبقى عامة والحكم شامل وسار ، وقد اشتملت الآية الكريمة على مقاطع ثلاث ، ومن مجموعها تثبت القاعدة المذكورة.
١ ـ ( ولا تجعل يدك مغلوقة إلى عنقك ) :
وهذا هو المقياس ، والضابط للإمتناع ، وعدم الاقدام ومسك اليد كما لو كانت يد الإنسان مشدودة إلى عنقه فلا يقدر على البذل ، والعطاء
٢ ـ ( ولا تبسطها كل البسط ) :
وهذه هي الصورة المعبرة لإنبساط اليد ، وعدم الادخار بحيث يبذل الإنسان يبقى فلا شيئاً له.
فلا هذا ولا ذاك لأن كلاً من هاتين الحالتين تؤدي بالإنسان إلى عدم الاعتدال ، وحينئذٍ :
٣ ـ ( فتقعد ملوماً محسوراً ) :
ملوماً في حالة الإمتناع حيث تلوكه الألسن وتتحدث عن بخله الناس فيلومونه على هذه الحالة.
ومحسوراً في حالة البسط ، والعطاء الكلي لأنه سينقطع عن كل أحد ، والناس كما يقول الشاعر :
والناس من يلق خيراً قائلون له / لك البقا ولأم الخاسر البهل
وقد جاء عن الإمام الصادق عليه‌السلام في توضيح له لهذه الآية :
« أن أمسكت تقعد ملوماً مذموماً ، وان أسرفت بقيت منحسرا مغموماً » (9).
ومن هذا المنطلق والسير على ضوء هذه القاعدة الكبرى كأساس لحفظ التوازن والتعديل.
تأتي الآيات الكريمة لتضع الشرط الثاني للإنفاق فتقرر ضرورة الاعتدال فيه.
( والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواماً ) (10).
والآية جاءت في معرض الحديث عن عباد الرحمن حيث قال سبحانه فيما سبق هذه الآية :
( وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هوناً وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاماً * والذين يقولون ربنا اصرف عنا عذاب جهنم إن عذابها كان غراماً * إنها ساءت مستقراً ومقاماً ) (11).
وقال تعالى فيما بعد هذه الآية ، وهو يعدد صفات عباده الذين ارتضاهم لنفسه.
( والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرّم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق آثاما ) (12).
هؤلاء هم عباد الرحمن الذين تحدثت عنهم الآيات الكريمة بشيء من الاعتزاز.
سمتهم الاعتدال في كل اعمالهم مع ربهم ، ومع مجتمعهم ، وفي ليلهم ، وفي نهارهم.
أما مع ربهم حيث رأينا الآية تقول عنهم : انهم يبتون لربهم سجداً وقياماً.
يحنون إلى الليل كما تحن الطيور إلى أوكارها يقومون بين يدي الله خاشعين مصلين يسبحونه ويعظمونه سجداً وقياماً.
وربما كان منظرهم هذا وانهماكهم بالعبادة موجباً لأن يتخيل الإنسان أن هؤلاء رهباناً عباداً تركوا الدنيا وعزفت نفوسهم عن كل شيء ، واتجهوا إلى الله فأين الاعتدال في أوضاعهم ؟
وسرعان ما يتبدد هذا التصور عندما نراهم يطلبون من الله ، وهم في مثل هذا الحال قائلين :
( والذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذريتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماماً ) (13).
فهم في الوقت الذي يؤدون ما عليهم اتجاه خالقهم يريدون منه أن يهيء لهم أزواجاً ، ومن الأزواج ذرية طيبة تقر بذلك أعينهم فهم يجمعون بين الغذائين الروحي والجسدي.
وأما مع مجتمعهم فهم يتحسسون مشاكله ويعيشون آلام الطبقات الضعيفة ينفقون مما رزقهم الله ولا يضنون بالمال عليهم ، ولكن بشكل معتدل يرضون به ربهم ويحفظون به على رصيدهم.
( والذين إذا انفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواماً ) (14).
وهذا هو الخط المعتدل في الصرف والانفاق « لم يسرفوا ولم يقتروا » حفاظاً على المال ورعاية له.
( لم يسرفوا ) : لأن المال الذي أعطاه الله لهم فيه حق لآخرين من الأهل والعيال والورثة فلا بد من رعايتهم لئلا يتركهم من يعول بهم يتسولون.
( ولم يقتروا ) : لأن في ذلك جناية على المال وكفراناً لنعمة الله على من ملكه ... ذلك لأن الله رزق العبد لينتفع به وفي الوقت نفسه لينتفع به الآخرون من أفراد المجتمع لا ليحبسه ويحجر عليه.
وإذاً فلا بد من الاعتدال في الإنفاق والمحافظة على النقطة ، والوسط بين الحالتين ، ولذلك أوصت الآية الكريمة أن يتحلى الإنسان في هذه الحياة بما فيه إنفاقه بمضمون الآية عندما تقرر قوله تعالى : ( وكان بين ذلك قواماً ) : والقوام الوسط العدل بين الافراط والتفريط وبين الاسراف والشح وبين الاسراع والتباطؤ.
وبعد أن تعدد الآيات صفات هؤلاء المؤمنين المعتدلين تبشرهم بجزاء هذه الصفات ، وهذا الاعتدال الطبيعي في مسيرتهم الحياتية.
( أولئك يجزون الغرفة بما صبروا ويلقون فيها تحية وسلاماً * خالدين فيها حسنت مستقراً ومقاماً ) (15).
وكان من هؤلاء الذين ذكرت جزاءهم الآية الكريمة : المؤمنون المعتدلون في الانفاق ـ موضوع بحثنا ـ فقد جزاهم ربهم الغرفة ـ الجنة ـ تتلقاهم الملائكة بالتحية والسلام تكريماً لهم خالدين فيها حسنت مستقراً ومقاماً.
التحذير من الوقوع في التهلكة :
وفي وصايا أخرى تتعلق بموضوع بحثنا نرى القرآن الكريم يحذر المنفقين في أن يبسطوا أيديهم في إنفاقهم بما يضر بحالهم ويؤثر على الوضع المالي للمنفقين قال عز وجل : ( وأنفقوا في سبيل الله ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة ) (16).
أما سبيل الله : هو كل طريق شرعه الله تعالى لعباده ، ويدخل فيه الجهاد والحج ، وعمارة القناطر ، والمساجد ، ومعاونة المساكين ، والأيتام ، وغير ذلك ، بل وكل ما أمر الله به من أبواب الخير ، والبر ، وحينئذٍ فيكون السبيل هو الطريق.
والآية تسير على نفس الخط الذي رسمته الآيات المتقدمة من ضرورة الاعتدال في الانفاق وعدم الإسراف فيه لأن الاسراف وانفاق المال يؤدي إلى التهلكة وهي الضياع إذ أن أصل الهلاك هو الضياع والهالك الفقير بمضيعة (17).
وإنما يكون بمضيعة لأنه كان غنياً موسراً فأصبح فقيراً معدماً ، فهو بمضيعة فقد ما يقوم مغاشه يقول الإمام أبو عبد الله الصادق عليه‌السلام : لو أن رجلاً انفق ما في يده في سبيل الله ما كان أحسن ولا وفق لقوله سبحانه : ( ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة ) (18).
وعندما يحذر القرآن المنفقين عن إلقاء أنفسهم في التهلكة عند الإنفاق بغير اعتدال فإنه في نفس الوقت يوجههم إلى السير المنظم في الطريق المستقيم كحد وسط بين الاسراف والتقتير لذلك ختمت الآية الموضوع بقوله عز وجل :( وأحسنوا إن الله يحب المحسنين ) (19).
وقد فسر قوله ( المحسنين ) بالمقتصدين. والاقتصاد هو الاعتدال في الصرف (20).
الإنفاق بدون تبذير :
ولا يقتصر الايصاء من القرآن على الاعتدال في الإنفاق من حيث القلة والكثرة ، بل هناك جهة أخرى لابد من رعايتها ، وهي عدم التبذير فقد قال سبحانه :
( وآت ذي القربى حقه والمسكين وابن السبيل ولا تبذر تبذيراً * إن المبذرون كانوا إخوان الشياطين وكان الشيطان لربه كفورا ) (21).
قال في المجمع التبذير التفريق بالاسراف ، وأصله أن يفرق البذر إلا أنه يختص بما يكون على سبيل الافساد. وما كان على
سبيل الإصلاح لا يسمى تبذيراً وان كثر (22).
وهذه النقطة لابد من ملاحظتها ورعايتها لأن النتائج المترتبة على التبذير أخطر من النتائج التي تترتب على الاسراف في الانفاق والذي عبر القرآن عنه بالوقوع بالتهلكة ، أو في الآية المتقدمة أن المسرف يقعد ملوماً محسوراً.
وذلك لأن الاسراف لا يخلف إلا الضرر على المنفق ، ومن يرثه حيث صرف المال كله وجلس معدماً محسوراً ، أما المبذر فإنه لا ينفق المال في حقه.
« وعن مجاهد لو انفق المال في باطل كان مبذراً ».
وفرق كثير بين إنفاقه كله وعلى الأخص لو كان في سبيل الله وبين إنفاقه في الباطل.
ولذا رأينا الآية الكريمة قالت عن المبذرين إنهم.
( كانوا إخوان الشياطين ) :
لأنهم لا ينفقون مالهم في الحق ، وفي طريق الخير ، ولذا كانوا إخواناً للشياطين وليتبوأ مقعده في النار من كان اخاً للشيطان وقريناً له.
أما المسرفون : فلم يرد فيهم مثل ذلك بل أقصى ما جاء فيه ان يدخل الضرر على نفسه فيقعد ملوماً محسوراً.
المصادر :
1- سورة الضحى / آية : ٦ ـ ١٠.
2- سورة البقرة / آية : ٢٦٥.
3- سورة البقرة / آية : ٢٧٢.
4- سورة التوبة / آية : ٩٨ ـ ٩٩.
5- سورة الدهر / آية : ٥ ـ ١٢.
6- الميزان في تفسير القرآن عند تفسيره لهذه الآية.
7- سورة الدهر / آية : ١١ ـ ٢٢.
8- سورة الاسراء / آية : ٢٩.
9- مجمع البيان في تفسيره لهذه الآية ٢٩ من سورة بني اسرائيل.
10- سورة الفرقان / آية : ٦٧.
11- سورة الفرقان / آية : ٦٣ و ٦٥ و ٦٦.
12- سورة الفرقان / آية : ٦٨.
13- سورة الفرقان / آية : ٧٤.
14- سورة الفرقان / آية : ٦٧.
15- سورة الفرقان / آية : ٧٥ ـ ٧٦.
16- سورة البقرة / آية : ١٩٥.
17- مجمع البيان في تفسيره لهذه الآية.
18- مجمع البيان في تفسيره لهذه الآية.
19- سورة البقرة / آية : ١٩٥.
20- مجمع البيان في تفسيره لهذه الآية.
21- ) سورة الاسراء / آية : ٢٦ ـ ٢٧.
22- لاحظ مجمع البيان في تفسيره لهذه الآية.

 



ارسل تعليقاتك
با تشکر، نظر شما پس از بررسی و تایید در سایت قرار خواهد گرفت.
متاسفانه در برقراری ارتباط خطایی رخ داده. لطفاً دوباره تلاش کنید.