أصيب الاقتصاد العالمي بالركود جنباً إلى جنب مع البنية السياسية والاجتماعية الوطنية منذ ديسمبر/ كانون الأول 2007. اتجه هذا الركود العالمي إلى انحدار شديد في سبتمبر/ أيلول 2008، خاصة في سوق الولايات المتحدة، مع استمرار معدلات البطالة كما هي، مع انخفاض ثقة المستهلك، واستمرار هبوط قيمة المنازل وزيادة في حبس الرهن والإفلاس الشخصي، مع أزمة ديون فدرالية متفاقمة، وتضخم اقتصادي، وارتفاع في أسعار الوقود والغذاء.
من بين عدة تقارير، ذكر تقرير أطلقته بلومبيرج عام 2009 عن انخفاض ساحق 14.5 تريليون دولار أمريكي (أو 33 في المائة) من قيمة الشركات العالمية منذ بداية الأزمة.
كما هو متوقع، ألقت هذه الأزمة بظلالها على غالبية الدول الأوروبية، مما يعكس تقدير تمثيل الأزمة المالية العالمية لخطر وتهديد حقيقي للثبات والاستقرار الدولي. حتى سبتمبر/ أيلول 2008، كانت التدابير السياسية الأوروبية محدودة على عدد صغير من البلدان (اليونان، إسبانيا، وإيطاليا)، بينما اقترحت المفوضية الأوروبية خطة تحفيز بضخ 200 مليار يورو.
اجتمعت مجموعة العشرين في قمة انعقدت في نوفمبر/ تشرين الثاني 2008 في واشنطن لمعالجة الأزمة الاقتصادية. تبعتها قمة أخرى لمجموعة العشرين انعقدت في لندن في أبريل/ نيسان 2009. وبالرغم من عمليات الوساطة المتعددة التي نُفذت في أكتوبر/ تشرين الأول 2011 وفبراير/ شباط 2012، لا تزال عدة بلدان أوروبية غير قادرة على توفير الدعم المادي لدين حكوماتها دون مساعدة طرف ثالث.
تتحرك أوروبا الآن نحو مرحلة نمو بطيء بينما تحاول الابتعاد عن ما يعتبر دين غير مستدام. تدعم الانتقال بينما تحافظ على منقطة اليورو متماسكة، أعد قادة الاتحاد الأوروبي ثلاث حزم لإنقاذ اليونان، البلد الأكثر تعرضاً للكارثة، بينما يعيد تمويل البنوك والعمل على توفير آلية مستقرة للبلدان التي تقع في مشكلة.
لكن أخر الأخبار بالنسبة لكثير من الأعضاء السبعة عشر لا تبدو جيدة على الإطلاق في هذا الصدد.
اليوم حتى استقرار عملة اليورو يعد في خطر ويتزايد الاضطراب في كل أنحاء أوروبا خاصة في الشوارع اليونانية والمدن الإسبانية.
بينما تعرض وسائل الإعلام التقليدية، والساسة، والخبراء مجموعة من وجهات النظر والآراء المتزاحمة للحلول الممكنة، يُعبِر المواطنون عن خيبة أملهم المكبوتة في البلدان التي تعقد اتفاقيات ضمانات مالية.
نُظمت عدة تظاهرات في جميع أنحاء أوروبا عام 2011 أصبحت دليل على السخط المنتشر حيال التعامل مع الأزمة الاقتصادية تلك. مع انتشار استخدام الإنترنت، أصبحت مواقع التواصل الاجتماعي ومنصات الصحافة الشعبية مركز رئيسي للناس محاولين فهم ما ينتظر منطقة اليورو في المستقبل.
تحديداً منذ بدء حركة «تخييم» و«الغاضبون» في إسبانيا واليونان في مايو/ أيار 2011، انتشر سرد الأفراد للأخبار بالطرق الرقمية بشكل متزايد مدفوعين بضرورة عدم السكوت على الأخبار والحكايات اليومية في أوروبا حول الأزمة الاقتصادية.
انطلقت تغطية الأصوات العالمية الخاصة لأزمة أوروبا في ربيع عام 2011 وتهدف إلى منح صوت للأشخاص العاديين الذين يعيشون عواقب اجتماعية، سياسية ومالية للضمانات المالية الأوروبية. قمنا وسنستمر بتغطية اليونان، إسبانيا، البرتغال، إيطاليا، وبلدان أوروبية أخرى تأثرت بالأزمة البنكية وأزمة اليورو عبر رؤية وعدسة الإعلام الاجتماعي على الإنترنت.
حتى يوليو/ تموز 2012، أعد فريقنا المتطوع للتغطية البالغ عددهم 80 أكثر من 80 مقال بالإنجليزية، تمت ترجمة أغلبها للغات عدة. يحتوي هذا الكتاب الإلكتروني على عدد قليل من المقالات المختارة بعناية لتغطي أغلب بلدان الاتحاد الأوروبي كما تم إعداده ليكون أداة مرنة للنشر والإتاحة والنقاش حول القضايا الجارية.
بينما تسلط وسائل الإعلام التقليدية الضوء غالباً على ضعف الاتحاد الأوروبي أو القوى الثابتة، تهتم تغطيتنا بالتضامن والتفاهم بين الدول الأوروبية. هدفنا التقاط الأفكار والنقاش المستمر الذي أثارته الضمانات الأوروبية، نسلط الضوء على أفكار جديدة وردود واستجابات بديلة.
عن طريق الترجمة وبفضل العمل الجماعي بين الفريق الدولي، تأمل تغطية الأصوات العالمية المنتقاة لإعلام المواطن حول أزمة أوروبا في بناء جسور للتفاهم بين المواطنين، ممثلي الإعلام الدوليين، النشطاء، الدارسين، وشباب الدول المتأثرة بالأزمة الاقتصادية اليوم وغداً. بما في ذلك الروابط والصلات الممتدة مع مناطق أخرى، بما في ذلك دول إفريقية عديدة.
التركيز هنا على إعلام المواطن حتى نُظهر كيف ساهم الأفراد الذين ذهبوا لأبعد من مجرد استخدام الإعلام الاجتماعي ومواقع التواصل الاجتماعي كبوق للتفكير الفردي على الإنترنت، منخرطين بتلقائية في عملية ريادة الإبداع الجماعي. ساهمت أدوات الإنترنت والهاتف المحمول أيضاً في جلب زخم جديد لإعادة استخدام المواطنين للمعلومات – بغض النظر عن أعمارهم – واختبار ديمقراطية تصنعها بنفسك.
ومن أجل نشر أوسع لهذه الأصوات ولإعداد نوع من الذكرى التاريخية، يعمل كتاب الأصوات العالمية الإلكتروني الأول هذا، أوروبا في خضم الأزمة، على تجميع أفضل المحادثات الاجتماعية، والمشاركات، والحشد الذي دعمه المواطنون خلال الأوقات العصيبة في القارة العجوز وأبعد من ذلك. دعونا نرى ما سيصبح عليه هؤلاء.
فريق الأصوات العالمية المعني بأوروبا في خضم الأزمة
الأصوات العالمية منظمة لا تهدف للربح ومجتمع مكون من أكثر من 500 مدون من جميع أنحاء العالم، يبلغون عن كيفية استخدام المواطنين للإنترنت والإعلام الاجتماعي لإيصال صوتهم.يعمل الكتاب والمترجمين المتطوعين معاً لتضخيم المحادثات التي تجري على الإنترنت، محققين بذلك جسر بين مجتمعات التدوين المختلفة عن طريق العمل عبر اللغات والثقافات المختلفة.
يبلغ زوار مواقع الأصوات العالمية المختلفة بلغاتها الأكثر من 20 لغة إلى 500,000 زائر في الشهر (راجعوا مشروع لينجوا للمزيد).
في وقت كانت فيه وسائل الإعلام الدولية المتحدثة باللغة الإنجليزية تتجاهل الكثير من الأمور المهمة بالنسبة لكثير من سكان العالم، صوبت الأصوات العالمية نظرها نحو تعويض هذا التجاهل عن طريق دعم القوة التي تحظى بها الصحافة الشعبية وإعلام المواطن.
نؤمن بحريّة الكلمة، نريد أن نبني الجسور التي تجتاز حواجز اللغة والثقافة التي تفصل البشر.
على الرغم من تركيز الأصوات العالمية بالأساس بشكل أكبر على بلدان غير أمريكا وأوروبا الغربية، إلا أنه مؤخراً اهتمت تغطيتنا على الإنترنت بتوسيع مداها في البلدان الأوروبية أيضاً.
المصدر : راسخون / 2017