إن المطلوب ممن يلقبون أنفسهم بجيل البؤس عدم حث الأكبر منهم سناً الى تغيير نمط حياتهم بل المطالبة بأن يتمكنوا هم أيضاً من الحفاظ على هذا النمط. أما من سيأتي بعدهم، فسيتدبر أمره. بالمختصر المفيد، بعد سنوات قليلة، سنشهد احتجاجات لجيل يصف نفسه بنعوت أسوأ بكثير من “البؤس”.
يناشد لويس نوفايس تيتو تغيير الوضع الراهن على مدونة أباربياريا دو سينيور لويس (صالون حلاقة السيد لويس) ويطلق تحذيراُ فيما يختصّ بصراع الأجيال:
أوافق أنه عوضاً عن النواح والتباكي في الزوايا والتحجج “لم يعد بوسعي الاستمرار بعد الآن”، توجه إلى الشارع واهتف أن الوقت قد حان للتغيير قبل أن يرسلوك مغلّفاً ومسافراً.
إذا - من مقالات وتعليقات فافتتاحيات وآراء على وسائل الإعلام التقليدية - هناك من ما زالوا يسعون إلى أن يدفعوا المجتمع إلى قلب المشكلة: أسبابهم وحلولها (علماً أنه من الأسهل الاتفاق على الأسباب لا على الحلول). وهكذا فقد امتدّ النقاش ليشمل دور الدولة والمشرّع ناهيك عن الجامعات والتعليم العالي.
هذه هي حال البرتغال “البلد الخلوق” التي امتلأت سلته بالامتثال وفاضت. نائياً بنفسه من إيجاد منصة تشاور والطبقة السياسية والمجتمع المدني والجيل المعني، فإن الحركة التي نمت وانتشرت رغم كلّ شيء، تبحث الآن لنفسها عن طريق البلوغ. اليوم أول اختبار ونظراً لهشاشة تعداد الأرقام على شبكات التواصل الإجتماعية، فإنه فقط حين تحين الساعة، لنعرف مدى رغبة هذا الجيل بتغيير البلد. وها نحن ننتظر على أحر من الجمر.
المتظاهرون في مدريد،اتهم بعض القادة السياسيين والجهات الإعلامية الحركة إنها تفتقر إلى بنية محددة. ولكن المواطنين والشباب والكبار مستمرون في التنظيم بطرق مختلفة وجديدة. فهم يحتلون الساحات العامة، في الشوارع وعلى الإنترنت، ويستخدمون الأدوات الرقمية في التنظيم والمشاركة، وكتابة قصصهم الخاصة.
تأثر المدونون البرتغاليون بممارسة الأيسلنديين للديمقراطية المباشرة في استجابة للأزمة التي عصفت بالبلاد في أبريل/ نيسان. تابعوا هذه النظرة العامة على بعض الأفكار والآراء المنشورة على الإنترنت.
في نفس الأسبوع من شهر أبريل/نيسان الذي أعلن فيه رئيس وزراء البرتغال السابق خوسيه سوكراتيس عن الحاجة إلى ضمان مالي دولي لسداد الدين العام بقيمة 80 مليار يورو (116 مليار دولار)، ذهب الآيسلنديون إلى مراكز الاقتراع لرفض مشاركة دافعي الضرائب في صفقة ضمان بنك “آيس سيف”.
على الرغم من ممارسة آيسلندا للديمقراطية المباشرة، لم تتم تغطية التنازل عن ضمان دولي وانتعاش اقتصادي خلال سنتين بشكل جيد من قبل الإعلام البرتغالي التقليدي، يحلل المدونون مستلهمين الخبر.
يخبرنا كلافيس بروفيتاروم، من مدونة كوينتوس، لماذا يتم تجاهل “مقاومة آيسلندا الشجاعة للمجمع السياسي-المالي الذي يحكم الاتحاد الأوروبي بطريقة غير ديمقراطية هذه الأيام”:
لا يخدم الخيار الآيسلندي مصالح البنوك الأوروبية، لذلك لديهم مصالح راسخة في هذا الخيار لا يتم ذكرها وإن إمكانية هذا الخيار لم تصبح معروفة أبداً للمواطنين.
بينما كانت آيسلندا أول بلد أوروبي يغرق في مواجهة الأزمة العالمية عن طريق إعلان إفلاسها بسبب انهيار أكبر بنوكها، تغاضى الكثيرون عن تأثير الأزمة وزعموا أنها مجرد بلد صغير بها فقط نصف مليون نسمة وسيكون من السهل إنقاذها عن طريق قرض من صندوق النقد الدولي. كانت المشكلة في آيسلندا إجراء استفتاء على “مساعدة” صندوق النقد الدولي…وقد تم رفضه.
يضيف أنه في البرتغال أيضاً، “لا يمكن أن يعتمد الحل للأزمة الحالية على ميزانية قاسية للعشر سنوات القادمة من أجل الحفاظ على البنوك التي أقرضتنا المال بجشع وبدون قيود أو رقيب”.
يعتبر الاقتراع القومي والتصويت مجرد أحد “الدروس” التي تتعلمها البرتغال وباقي الدول الأوروبية من آيسلندا، كما تخبرنا منصة الأخبار على الإنترنت آي أونلاين. بالإضافة إلى تنظيم الناس إلى وقفات واعتصامات أمام البرلمان مطالبين بسقوط الحكومة المحافظة، ومحاسبة المسؤولين عن هذه الأزمة أمام المحكمة - بمن فيهم رئيس الوزراء الأسبق جير هآرده الذي بالإضافة إلى إعداد دستور جديد يعتمد في صياغته على حشد المصادر.
بالنسبة لميجل ماديرا، من مدونة فياس دي فاكتو، “يعتبر النجاح النسبي الآيسلندي نتيجة للحشد الشعبي أكثر منه للحكومات الجديدة”. في تعليق على تدوينته، يبدأ فيرناندو ريبيرو بتسليط الضوء على حقيقة عدم الحاجة إلى “الاشتباكات العنيفة” في آيسلندا بينما “في اليونان، أيرلندا، والبرتغال لم تستشر الطبقة السياسية ولن تستشير الناخبين الذين تمثلهم عند اتخاذ مثل تلك القرارات الهامة مثل التراجع عن التمويل الأوروبي”. من المهم:
طلب المزيد من الديمقراطية وقت اتخاذ قرارات جوهرية وهامة، والتغلب على الحجة الباطلة للديمقراطية الليبرالية التي تقول أن الديمقراطية التمثيلية تعمل على هذا النحو.
لا يطلب الآيسلنديون فقط مزيداً من الديمقراطية لكن أيضا “المشاركة في التأكيد الجوهري على الديمقراطية التشاركية. الديمقراطية ، عبر دستور جديد قائم على حشد المصادر يتم مناقشته في البرلمان في أكتوبر/ تشرين الأول. تلخص باولا توماس من موقع كارتا كابيتال العملية:
تجري المناقشات حول دستور آيسلندا عبر فيديوهات يوتيوب، التي تُظهر النقاشات في البرلمان؛ صور على فليكر؛ جمل قصيرة على تويتر؛ على الموقع الرسمي للمسودة؛ وعلى فيسبوك حيث الأفكار مفتوحة ومطروحة للنقاش.
وفي ختام الجولة التحليلية لاستجابة آيسلندا للأزمة، في مقال رأي نُشر على موقع نوتيسياس دو دورو وتمت مشاركته ونشره على نطاق واسع على الإنترنت، كتب المهندس والموظف في الحكومة فيرناندو جوفيا:
إذا كان يوضح هذا المقال الأمور ولو لشخص واحد على الأقل من هذه البلد الفقير المحشور مباشرة في نهاية أوروبا، شخص يتجول هنا دون أن يملك بنساً ليتذوق الاتفاقيات بالبلايين التي يتوصل إليها قادة حكومته مع رؤوس أموال دولية، وحيث يجوع المواطنين حتى تمتلئ حسابات الفاسدين على آخرها، بل يمكنني أن أعد الوقت الذي قضيته في كتابة هذا المقال أيضاً.
المصدر :
راسخون : 2017