وقفة مع الوهابية

لا يمكن للباحث أن يتجاهل الوهابيّة السلفية إذا أراد أن يكتب عن تلك الجماعة من الناس كما سمّاهم ابن الآلوسي في كتابه (تاريخ نجد) ، لا سيما وأنّ عقائدهم استشرت ، وطرائقهم تفشَّت في الأُمّة كالنار في الهشيم إذا رافقه رياح
Friday, April 21, 2017
الوقت المقدر للدراسة:
مؤلف: علی اکبر مظاهری
موارد بیشتر برای شما
وقفة مع الوهابية
وقفة مع الوهابية

 





 
 
لا يمكن للباحث أن يتجاهل الوهابيّة السلفية إذا أراد أن يكتب عن تلك الجماعة من الناس كما سمّاهم ابن الآلوسي في كتابه (تاريخ نجد) ، لا سيما وأنّ عقائدهم استشرت ، وطرائقهم تفشَّت في الأُمّة كالنار في الهشيم إذا رافقه رياح قويّة في أواخر أيام الصيفية.
فالرياح جاءت عن السياسة وبعض الدول التي تبعت تلك الأفكار الضالة المضلّة ، وراحت تضخّ الأموال الطائلة في سبيل الدعوة لأفكار محمد بن عبد الوهاب ؛ للانقلاب على دين رسول الله محمد بن عبد الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ولكن كانوا كما يحدّثنا ربّنا عن أهل جهنّم والعياذ بالله (كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَهَا) (1).
وهؤلاء كلّما جاء مجدّد منهم لعن الأُمّة وكفّرها وتشدّد أكثر من سابقيه ، وراحوا يتسابقون في إظهار انحرافاتهم عن الدّين والملّة الحقّة ، ويتفاخرون بالجرأة على الله ورسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله وأهل البيت الأطهار عليهم‌السلام لإظهار العداء السافر والنصب الواضح لهم.
فهلمَّ معنا عزيزي القارئ نقوم بجولة سريعة في عقائد القوم التي يعاكسون بها عقائد الأُمّة ويناقضونها ، ويكفّرون كلّ مَنْ وقف في وجههم كائناً مَنْ كان ، وسنوافيك خلال البحث ببعض المواقف والحوادث التي تخبرك عن حقيقة القوم وعقائدهم.

عقيدة الوهابيّة في التوحيد

إنّ الوهابيّة كفّرت الأُمّة بسبب التوحيد وهم أبعد ما يكون عن التوحيد ؛ لأنّ لهم توحيداً مخترعاً ما أنزل الله به من سلطان ، ومَنْ لا يقول بتوحيدهم كافر مشرك ، حلال الدم والمال والعرض.
والحديث عن التوحيد يستوقفنا كثيراً لدى القوم ؛ لأنّه الأساس المعتمد لإبطال الدين ، وإخراج المسلمين من حظيرة الإسلام المنيعة. إنّهم يبنون عقيدة التوحيد على الرمال المتحرّكة دون أساس ؛ لأنّ الأساس العلمي والعقائدي بالله (عزَّ وجلَّ) عندهم باطل بإجماع الأُمّة الإسلاميّة قديماً وحديثاً.

التجسيم والتشبيه عند الوهابيّة :

يقولون بالتجسيم والتشبيه لله تعالى ، ويسمّونها من باب المغالطة : توحيد الأسماء والصفات.
إنّ المتأمّل في العقائد الوهابيّة يجد أنّهم يتخيّلون الله تعالى على صورة آدمي ، وبناءً على هذا الأصل يبنون أساس الصفات في التوحيد الذي في عقيدتهم ، فيقولون : إنّ لله صورةً ووجهاً ، وعينين وجبيناً ، وحَقْواً (خصراً) وذراعين ، ويدين وأصابع ، وأنامل وصدراً ، وساقاً وقدماً ورجلاً وغيرذلك من أعضاء الآدميين.
ويقولون : بأنّه ينزل ويتحرّك ويأتي ، ثمّ يعقّبون على ذلك ليرضوا العامّة بقولهم ، بلا كيف ولا تشبيه! (2).
وأوائل مَنْ قال بالتجسيم في هذه الأُمّة استقاه من العقائد السابقة والديانات السالفة المزوّرة ، لا سيما ما دخل في ديننا الحنيف من إسرائيليات عن طريق عدد من اُولئك اليهود الذين دخلوا في دين الله بقصد الكيد والدسّ ، منطلقين من حقدهم الدفين على هذا الدين الذي لم يستطيعوا مقاومته بالعلن ، فأرادوا الدخول فيه ليعبثوا فيه من الداخل فيكون ذلك عليهم أسهل.
وبالتالي تكون مهمّتهم أبسط ما يكون ، بحيث يتعاطف معهم المسلمون الأوائل ويتقبّلون أقوالهم لأنّهم منهم وفيهم ؛ ولذا كان خطر المنافقين على الأُمّة أكبر بكثير من خطر الكفّار والمشركين ، وهم الذين وصفهم الله سبحانه في القرآن بقوله : (هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ) (3).
فقد اندسّ في الدين الإسلامي من اليهود عدد من الأحبار والعلماء الكبار حتّى صاروا من أعاظم المحدّثين إلى يومنا هذا ، ككعب الأحبار وعبد الله بن منبه وأبو هريرة الدوسي ـ على أقوال ـ ، فنقولوا الكثير من الإسرائيليات ، وقصص الأنبياء من كتبهم ، ورووها على أنّها من السنّة النبويّة المطهّرة أو أحاديثه الشريفة ، وكثير من علمائنا الأعلام صنّفوا كتباً عن هذا الموضوع.

الله جالس على كرسي :

وكان من أخطرهم كعب الأحبار الذي قال عنه الذهبي : (جالس أصحاب محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله فكان يحدّثهم عن الكتب الإسرائيلية ...) (4).
وينقل عنه حديث (العلو) ، وأنّ الله تعالى في المكان الفوق (السماء العالية) ، فقد روي عنه أنّ الله سبحانه قال : (أنا الله فوق عبادي ، وعرشي فوق جميع خلقي ، وأنا على عرشي أدير أمور عبادي ، ولا يخفى عليَّ شيء في السماء ولا في الأرض).
وفي حديث آخر له يقول : (فما في السماوات سماء إلاّ وله أطيط كأطيط الرَّحل في أوّل ما يرتحل ـ عندما يكون جديداً ـ من ثقل الجبّار فوقهنّ) (5).
ومن هذا الباب قالوا : (إنّ الكرسي هو موضع القدمين من العرش ، أو هو العرش الذي يقعد عليه الله ـ تعالى شأنه ـ فلا يفضل منه مقدار أربع أصابع ، وله أطيط كأطيط الرحل الجديد) (6).
وكثيرة جدّاً إسرائيليات كعب الأحبار هذا ، ولا يقلُّ عنه زميله وصديقه وهب بن منبِّه الذي يروي حديثاً في بعض المعاني المتقدّمة في التجسيم ، كقوله : (إنّ السماوات والبحار لفي الهيكل ـ السليماني ـ وإنّ الهيكل لفي الكرسي ، وإنّ قدميه (عزّ وجلّ) لعلى الكرسي ، وقد عاد الكرسي كالنعل في قدميه) (7).

يشتركون مع اليهود والنصارى في التجسيم :

هذا التجسيم والتشبيه لله ـ تعالى الله عن أقوالهم علوّاً كبيراً ـ جاء من أصحاب الديانات الباطلة المزيّفة السابقة ، لا سيما اليهود والنصارى الذين ادّعوا له الجسميّة ، واخترعوا له الزوجة والأولاد (قَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ) (8).
اعلم يرحمك الله تعالى ، أنّ الإغريق أو اليونان واليهود المجسّمة اشتركوا في أنّهم وصفوا الله تعالى وتخيّلوه على شكل إنسان ، وأثبتوا له أفراد عائلة خياليّة كالزوجة والأولاد ، ووصفوه بأنّه يذهب ويأتي ، ويصعد وينزل ، ويضحك ويغضب ، وأثبتوا له أعضاء كأعضاء البشر ، وأنّه على صورة شاب أمرد ، أو شيخ كبير طاعن في السنّ (9) ، وله لحية بيضاء ناصعة.
ينقل ابن تيمية شيخ المجسّمين عن النصارى قولهم : وفي الإنجيل أنّ المسيح عليه‌السلام قال : لا تحلفوا بالسماء ؛ فإنّها كرسي الله. وقال للحواريين : إن أنتم غفرتم للناس فإنّ أباكم الذي في السماء يغفر لكم كلّكم ، انظروا إلى طير السماء فإنّهنّ لا يزرعن ولا يحصدن ، ولا يجمعن في الهواء ، وأبوكم الذي في السماء هو الذي يرزقهم (10).
وأتباع هؤلاء اندسّوا في الإسلام منذ أوائل تبلوره وتجسيده كدولة وكقوّة دينية ودنيوية ، وهذا ما اعترف به أحد مشايخ الوهابيّة بقوله : وتسرّب الإسرائيليات إلى المسلمين ، ومبدأ دخولها في علومهم أمر يرجع تاريخه إلى عهد الصحابة ؛ وذلك لأنّ القرآن يتّفق مع التوراة والإنجيل في ذكر بعض المسائل والحوادث التاريخية (كقصص الأنبياء) ، وإن كان بينه وبين التوراة والإنجيل فرق كبير ، وهو الإيجاز الذي يتميّز به القرآن ويجعله كمعجزة ، والإطناب والتفصيل الذي يتّصف بهما التوراة والإنجيل ، إضافة إلى تحريفهما وتغييرهما كما نصّ القرآن على ذلك (11).
وأمّا أخبار أبي هريرة الدوسي وتدليسه في الحديث ، وكذبه الفاضح على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وتدجيله لصالح معاوية بن أبي سفيان تحت تأثير بطنته ، ومضيرة معاوية اللذيذة حتّى سمّاه الشيخ محمود أبو رية المصري (شيخ المضيرة) فإنّ حديثه يطول تتبّعه ، وما على الباحث إلاّ قراءة ما كتبه السيد عبد الحسين شرف الدين والشيخ أبو رية ، كلّ في كتابه عن أبي هريرة.
ويروى بخصوص ما نحن فيه أنّ التابعي الكبير بسر بن سعيد ، كان يقول : (اتّقوا الله وتحفّظوا من الحديث ، فو الله رأيتنا نجالس أبا هريرة فيحدّث عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ويحدّثنا عن كعب الأحبار ثمّ يقوم ، فأسمع بعض مَنْ كان معنا يجعل حديث رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عن كعب ، ويجعل حديث كعب عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله (12).
المصادر :
1- سورة الأعراف : الآية 38.
2- السلفية الوهابيّة ص 21.
3- سورة المنافقون : الآية 4.
4- سير أعلام النبلاء 3 ص 489.
5- المصدر نفسه.
6- ابن تيمية ، حياته وعقائده ص 122.
7- كتاب السنّة ـ لعبد الله بن أحمد بن حنبل 2 ص 477.
8- سورة التوبة : الآية 30.
9- السلفية والوهابيّة ص 24.
10- فتاوى ابن تيمية 5 ص 604.
11- السلفية والوهابيّة ص 27.
12- رواه مسلم في كتاب (التمييز) 1 ص 175.

 



نظرات کاربران
ارسل تعليقاتك
با تشکر، نظر شما پس از بررسی و تایید در سایت قرار خواهد گرفت.
متاسفانه در برقراری ارتباط خطایی رخ داده. لطفاً دوباره تلاش کنید.