الإرهاب النظري والعملي

إنّ الإرهاب صار في عصرنا الحاضر كقميص عثمان في تاريخنا الماضي ، بل هو كنخلة سمرة بن جندب ، فكلّ مَنْ أرادوا محاربته صار إرهابياً ، وأيّ دولة تريد القوى الاستعمارية ضربها أو التأثير عليها ؛ لإخضاعها صارت
Monday, May 22, 2017
الوقت المقدر للدراسة:
مؤلف: علی اکبر مظاهری
موارد بیشتر برای شما
الإرهاب النظري والعملي
الإرهاب النظري والعملي



 
إنّ الإرهاب صار في عصرنا الحاضر كقميص عثمان في تاريخنا الماضي ، بل هو كنخلة سمرة بن جندب ، فكلّ مَنْ أرادوا محاربته صار إرهابياً ، وأيّ دولة تريد القوى الاستعمارية ضربها أو التأثير عليها ؛ لإخضاعها صارت تهمة الإرهاب جاهزة.
وبالتدقيق وللحقيقة نقول : إنّ الإرهاب صناعة غربية ، ولكنّها أُلبست اللباس الشرقي عامّة وربما نُفِّذت بيد مَنْ يدّعي الإسلام ، والإسلام منها بريء مهما كان ، وفي أيّ بلد وجِد ؛
لأنّ الإسلام دين سلم ، وحب ، ووئام ، ولا مكان للقوّة والسيف عنده إلاّ للدفاع عن النفس ، ودفع الأعداء ، ومنع الاعتداء على الأعراض والأموال والأنفس في البلاد الإسلاميّة. فهي حالة استثنائية وليست أصلية في الفكر والعقيدة ؛ لأنّ الإسلام ينطلق بدعوة الإحسان لتأليف القلوب وتوحيد المجتمع ، كما قال الله تعالى : (وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ) (1).
فلا مكان للإرهاب النظري ، أو العملي في الدين الإسلامي ، وأمّا التنظيمات العنيفة ، أو التي تستخدم السلوك العنيف والعمل الشنيع فأصحابها ليسوا من الإسلام في شيء وإن اهتمّوا بالجهاد ؛ فللجهاد قوانين وشرائع وضوابط شرعيّة بالإضافة إلى الزمان والمكان ، وكلّ ذلك يحدّده الفقه والشريعة المقدّسة ، والفقهاء الأجلاّء من المجتهدين.

الإرهاب الفكري

وهو الفكر العنيف ، والكلمة القاسية ، والحكم الفظّ الغليظ بالتعامل مع الآخرين ، وأحد أهم معالم الفكر الوهابي السلفي هو رمي مخالفيهم من المذاهب الأُخرى بالابتداع والشرك ، والجهمية والتعطيل والإلحاد ، وأنّهم أعداء السنّة والتوحيد.
فالوهابيّة يرمون المتوسّلين بالأنبياء وآل البيت والأولياء ، والذين يزورون القبور ، والذين يصلّون في مسجد فيه قبر ، وزائري رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله الذين يدعون الله تعالى مستقبلين قبره الشريف بالشرك والابتداع!
كما يزعمون أنّ المتمذهبين (أتباع المذاهب كلّها) بمذاهب الأئمّة والصوفيين والأشاعرة الذين هم جمهور أهل السنّة والجماعة ، وكذا الشيعة والإباضية وغيرهم بأنّهم مبتدعة ، وأنّهم أعداء السنّة والتوحيد.
يقول الألباني : أعداء السنّة من المتمذهبين ، والأشاعرة والمتصوّفة وغيرهم (2)!
والسلفيّون الوهابيّون ليس لديهم أيّ احترام للخلاف بينهم وبين مخالفيهم مِن بقيّة المذاهب والفرق (3).
ويعتبرون أنفسهم مقدّسين وبعيدين كلّ البعد عن الشبهات ، وأنّ كلامهم موزون وصحيح وواجب الاتّباع ، ولا يجوز ترك حرف واحد منه ، فأقوالهم كأقوال ربّ العالمين ، وكتاباتهم كالقرآن الكريم ـ والعياذ بالله ـ ، ولا يجوز ردّ حرف واحد منها. تأمّل أخي القارئ في هذه الكلمة الغريبة : فإنّه مَنْ استعمل شيئاً خلاف ما في هذا الكتاب (شرح السنّة) فإنّه ليس يدين لله بدين ، وقد ردّه كلّه ، كما لو أنّ عبداً آمن بجميع ما قال الله تبارك وتعالى إلاّ أنّه شكّ في حرف ، فقد ردّ جميع ما قال الله تعالى وهو كافر (4).
هل قرأت مثل هذا الكلام وبهذا البيان في كلام أيّ عالم مسلم من غير الوهابيّة؟ وهل رأيت أجهل من هذا الداعية الذي يتحدّث بهذه العنجهية وهذه الطريقة الغريبة؟! وما علينا إلاّ نردّ جهله بقول الله تعالى : (وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلاماً) (5).

الوهابيّون يكفّرون جميع الفرق الإسلاميّة

1 ـ السنّة بمذاهبها كلّها ، الأشاعرة والمعتزلة وحتى البسطاء الفقراء من الأُمّة.
2 ـ الشيعة بفرقها كلّها ، الإمامية والإسماعيلية ، وغير ذلك.
3 ـ الصوفية بجميع طرقها ومشايخها وأورادها.
ولكن لهم مع الاثنين من هؤلاء موقفاً خاصّاً سنذكره بعد تقديم هذه الباقة العطرة من أحاديث الحبيب المصطفى صلى‌الله‌عليه‌وآله التي تعرّف المسلم والإسلام في السنّة المطهّرة ، نقدمها للقارئ الكريم على طبق من نور إن شاء الله ، نقتطفها من كتاب الشيخ سليمان بن عبد الوهاب الذي ردّ على أخيه محمد بن عبد الوهاب ردّاً رائعاً.
عن عبد الله بن عمر قال : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : «بُني الإسلام على خمس : شهادة أن لا إله إلاّ الله ، وأنّ محمداً رسول الله ، وإقام الصلاة ، وإيتاء الزكاة ، وحجّ البيت ، وصوم رمضان» (6).
وعنه قال صلى‌الله‌عليه‌وآله : «أُمرت أن أُقاتل الناس حتّى يشهدوا أن لا إله إلاّ الله ، وأنّ محمداً رسول الله ، ويُقيموا الصلاة ، ويؤتوا الزكاة ، فإذا فعلوا ذلك عصموا منّي دماءهم وأموالهم إلاّ بحقّ الإسلام وحسابهم على الله» (7).
وعن أبي هريرة قال : قال صلى‌الله‌عليه‌وآله : «أُمرت أن أُقاتل الناس حتّى يشهدوا أن لا إله إلاّ الله ، ويؤمنوا بي وبما جئت به ، فإذا فعلوا ذلك عصموا منّي دماءهم وأموالهم إلاّ بحقّها» (8).
عن عصام المزني قال : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إذا بعث سرية يقول : «إذا رأيتم مسجداً ، أو سمعتم منادياً فلا تقتلوا أحداً» (9).
عن أبي ذرّ الغفاري (رضوان الله عليه) قال ، قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : «ما من عبد قال : لا إله إلاّ الله ، ثمّ مات على ذلك إلاّ دخل الجنّة» (10).
بشرطها وشروطها كما يحدّدها الإمام الرضا عليه‌السلام في حديث السلسة الذهبية المشهورة في كتب السنن.
عن عبد الله بن مسعود (رضوان الله عليه) قال ، قال صلى‌الله‌عليه‌وآله : «سباب المسلم فسوق وقتاله كفر» (11).
وعن ابن عمر قال : قال صلى‌الله‌عليه‌وآله : «كفّوا عن أهل لا إله إلاّ الله لا تكفّروهم بذنب ؛ فمَنْ كفّر أهل لا إله إلاّ الله فهو إلى الكفر أقرب» (12).
وعن أنس بن مالك عنه صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : «ثلاث من أصل الإيمان ؛ الكفّ عمّن قال : لا إله إلاّ الله ، لا تكفّروه بذنب ، ولا تخرجوه من الإسلام بعمل» (13).
وفي حديث آخر يرويه البخاري : «مَنْ حمل علينا السّلاح فليس منّا».
وفي حديث آخر يرويه مسلم في باب النهي عن الإشارة بالسّلاح إلى مسلم ، قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : «مَنْ أشار إلى أخيه بحديدة فإنّ الملائكة تلعنه حتّى يدعه وإن كان أخاه لأبيه وأُمّه».
وعن أبي ذرّ (رضوان الله عليه) عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : «لا يرمي الرجل رجلاً بالفسق ولا يرميه بالكفر إلاّ ارتدّت عليه إن لم يكن صاحبها كذلك» (14).
وعن ثابت الضحّاك عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : «مَنْ قذف مؤمناً بكفر فهو كقتله» (15).
وأخيراً عن أبي هريرة عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : «أيّما رجل قال لأخيه يا كافر فقد باء به أحدهما» (16).
هذا ما قاله رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وفي الحديث المشهور عنه صلى‌الله‌عليه‌وآله : «المسلم مَنْ سلم المسلمون من لسانه ويده» (17) ، فماذا تقول الوهابيّة والسلفيّة بحقّ الأُمّة الإسلاميّة ، وبحقّ كلّ إنسان مسلم لا يوافقهم الرأي؟!

إليك نماذج من أقوالهم وفتاواهم :

ـ مذهب الشيعة الإمامية : مذهب مبتدع في الإسلام ؛ اُصوله وفروعه (18).
هل تعلم أنّ هذه الفتوى صادرة عن اللجنة الدائمة للبحوث العلميّة والإفتاء ، يوقّع عليها أربعة من أكبر رؤوس الوهابيّة في هذا العصر؟! وإليك واحدة أُخرى لهم كذلك.
لا يجوز للمسلم أن يقلّد مذهب الشيعة الإماميّة ، ولا الشيعة الزيديّة ، ولا أشباههم من أهل البدع ، كالخوارج والمعتزلة والجهمية وغيرهم ، وأمّا انتسابه إلى بعض المذاهب الأربعة المشهورة فلا حرج فيه إذا لم يتعصّب للمذهب الذي انتسب إليه ، ولم يخالف الدليل من أجله (19).
هل تدري لماذا هذا التقييد لمَنْ ينتسب إلى المذاهب الأربعة؟! لأنّهم سيكفّرونه ويكفّرون إمامه أوّلاً كما سنبيِّن فيما بعد.
وهذا عبد العزيز ابن باز مفتي الديار ، طُرحت عليه مسألة التقريب بين المذاهب الإسلاميّة ، فقال : التقريب بين الرافضة وبين أهل السُنّة غير ممكن ؛ لأنّ العقيدة مختلفة ؛ فعقيدة أهل السُنّة والجماعة توحيد الله وإخلاص العبادة لله سبحانه وتعالى ، وأنّه لا يُدعى معه أحد ، لا ملك مقرّب ولا نبي مرسل ؛ إنّ الله سبحانه وتعالى هو الذي يعلم الغيب. ومن عقيدة أهل السُنّة محبّة الصحابة والترضّي عنهم ، والإيمان بأنّهم أفضل خلق الله بعد الأنبياء! وأنّ أفضلهم أبو بكر ، ثمّ عمر ، ثمّ عثمان ، ثمّ علي! والرافضة خلاف ذلك ، فلا يمكن الجمع بينهما ، كما إنّه لا يمكن الجمع بين اليهود والنصارى والوثنين وأهل السُنّة ، فكذلك لا يمكن التقريب بين الرافضة وبين أهل السُنّة ؛ لاختلاف العقيدة التي أوضحناها (20).
في فتوى أُخرى لابن باز يقول فيها : أفيدكم بأنَّ الشيعة فرق كثيرة ، وكلّ فرقة لديها أنواع من البدع ، وأخطرها فرقة الرافضة الخمينيّة الاثني عشريّة ؛ لكثرة الدّعاة إليها ، ولما فيها من الشرك الأكبر ؛ كالاستغاثة بأهل البيت ، واعتقادهم أنّهم يعلمون الغيب ، ولا سيما الأئمّة الاثني عشر حسب زعمهم ، ولكونهم يكفّرون ويسبّون غالب الصحابة ، كأبي بكر وعمر ، نسأل الله السّلامة ممّا هم عليه من الباطل (21).
فتوى ابن الجبرين في كيفية التعامل مع الشيعة :
وهذا ثالث القوم ، إنّه ابن الجبرين ، وكم له من المخازي في هذا الباب الفاضح له ، يستفتونه حول وجود الشيعة في الدوائر الرسميّة وكيفية التعامل معهم ، ورسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : «الدين المعاملة» ، وهذا يقول :
يكثر الابتلاء بهم في كثير من الدوائر ؛ من مدارس وجامعات ودوائر حكومية ، في هذه الحالة نرى إذا كانت الأغلبية لأهل السُنّة أن يظهروا إهانتهم وإذلالهم وتحقيرهم ، وكذلك أن يظهروا شعائر أهل السُنّة فيذكرون دائماً فضائل الصحابة ، ويذكرون الترضّي عنهم ومدائحهم ، وتشتمل مجالسهم على ذكر فضل القرآن ، وعلى ذكر تكفير مَنْ حرَّفه أو ما أشبه ذلك ؛ لعلّهم أن ينقمعوا بذلك ، وأن يذلّوا ويهانوا ، وتضيق بذلك صدورهم ويبتعدوا. أمّا معاملتهم فيعاملهم الإنسان بالشدّة ؛ فيظهر في وجوههم الكراهية ، ويظهر البغض والتحقير والمقت لهم ، ولا يبدؤهم بالسّلام ، ولا يقوم لهم ، ولا يصافحهم ، لكن يمكن إذا بدؤوا بالسّلام أن يردّ عليهم بقوله : وعليكم أو ما أشبه ذلك (22).
فلو سُئل هذا الوهابي عن معاملة اليهود والنصارى هل كان هذا جوابه؟! أو هل قرأت مثل هذه الآداب والأخلاق في التعامل الاجتماعي؟!
وهل يمكن معاملة المسلم بهذا الشكل المزري؟ بل هل يمكن معاملة الإنسان بهذه الطريقة؟ فأين الأخلاق الإسلاميّة والفضائل والقيم الإنسانيّة أيّها المسلمون؟!
فهل نزع الله الرحمة من قلوب هؤلاء ، أم أنّهم إخوان مَنْ مُسخوا قردة وخنازير حتّى ينظروا إلى الناس بهذه الطريقة السوداويّة؟!
أين منظمات حقوق الإنسان ولوائحهم العالميّة؟ أين عقلاء العالم ليسمعوا قول هذا المتعصّب الذي لا يعلم ولا يدري ما يقول؟!
لا أيّها الشيخ ، إنّها العالميّة وعصر الفضائيّات والنشر الإلكتروني ، ففكّروا ألف مرّة قبل أن تنطقوا مثل هذه الهرطقات ، أو تكتبوا مثل هذا الكلام اللاأخلاقي.
اقرأ معي هذه الفتوى لابن الجبرين وما فيها من التفرقة العنصريّة :
إن كان لأهل السُنّة دولة وقوّة وأظهر الشيعة بدعهم وشركهم واعتقاداتهم ، فإنّ على أهل السنّة أن يجاهدوهم بالقتال بعد دعوتهم ؛ ليكفّوا عن إظهار شركهم وبدعهم ، ويلزموا شعائر الإسلام ، وإذا لم تكن لأهل السنّة قدرة على قتال المشركين والمبتدعين ، وجب عليهم القيام بما يقدرون عليه من الدعوة والبيان (23)!
الله أكبر على هذا المفتي وهذه الفتوى! ألم تقرأ أحاديث رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله التي تؤكّد على حقن دماء مَنْ شهد الشهادتين فقط؟! فكيف تفتي بوجوب قتل أهل القبلة من المسلمين ، ورسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : «سباب المسلم فسوق ، وقتاله كفر» (24).
إنّي ما أزال حائراً تجاه هذه الفتاوى ، فكيف صدرت وعلى أيّ قواعد شرعية واُصول فقهية اعتمد أصحابها ، لا سيما وهي تخالف الاُصول كلّها الكتاب ، والسنّة ، والإجماع ، والعقل ، وحتى القياس ، فمن أين جاؤوا بها؟ فلا حول ولا قوّة إلاّ بالله العلي العظيم.
كلية الطب ممنوعة على الشيعة!
هل تعلم عزيزي القارئ أنّ رسالة وجِّهت إلى وزير المعارف السعودي تستنكر وجود شخص يُدرِّس في مدارس المدينة المنوّرة (لأنّه شيعي) ، هل تصدّق ذلك؟!
وأذكر أنّ أحد الإخوة السعوديين من المنطقة الشرقية ذات الأغلبية الشيعية نجح بالشهادة الثانوية ، وبمجموع عالٍ جدّاً يؤهّله لدخول أي فرع جامعي ، إلاّ أنّ السياسة كانت تُحرِّم عليهم الجيش والكليات الراقية ، لا سيما الحقوق والطب وغيرها.
إلاّ أنّ هذا الطالب أصرَّ على التسجيل في كلّية الطب (تلك المهنة الإنسانيّة الرائعة) في المدينة المنوّرة ، وبعد أن رُفض طلبه لعدّة مرّات ، تقدّم بطلب إلى رئيس الجامعة للمقابلة ؛ ليعرف سبب عدم قبوله بفرع الطبّ البشري.
وبالفعل نجح بلقاء الدكتور رئيس الجامعة في مكتبه الضخم الفخم ، إلاّ أنّه فوجئ بهذا الدكتور يجادله ، ويريد أن يثنيه عن عزمه بدراسة الطبّ ، ليس بالحوار العقلاني ، بل بالحوار الوهّابي ، بحيث قال الدكتور : هل تستطيع أن تخبرني ما الفرق بين الشيعي والحمار؟!
فأجابه الطالب بكلّ قوّة وشجاعة : نعم يا دكتور ، لا فارق بين الشيعي والحمار إلاّ هذه الطاولة ، وضرب بيده على المكتب الذي يجلس خلفه ذاك الرجل وخرج إلى غير رجعة.
هكذا يتعاملون مع البشر بهذا المنطق العجيب الغريب الذي لم أسمع مثله في التاريخ ، ولا حتّى من أولاد الشوارع في شيكاغو ، ولا أروقة هوليود!
ابن عثيمين : نعم ، الشيعة في حكم الكفّار.
وسُئل الشيخ ابن عثيمين : هل يعتبر الشيعة في حكم الكافرين؟
فقال : الشيعة ، والصواب أن يُقال : الرافضة ؛ لأنّ تشيّعهم لعلي بن أبي طالب رضي‌الله‌عنه تشيّع متطرّف غالٍ لا يقبله علي رضي‌الله‌عنه. فالرافضة كما وصفهم شيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه (اقتضاء الصراط المستقيم) حيث قال : إنّهم أكذب طوائف أهل الأهواء ، وأعظمهم شركاً!
فلا يوجد في أهل الأهواء أكذب منهم ، ولا أبعد عن التوحيد ، حتّى إنّهم يخربون مساجد الله التي يُذكر فيها اسمه ، فيعطّلونها عن الجمعة والجماعات ، ويعمرون المشاهد التي أُقيمت على القبور التي نهى الله ورسوله عن اتخاذها (مساجد).
وقال : الرافضة أُمّة مخذولة ، ليس لها عقل صريح ، ولا نقل صحيح ، ولا دين مقبول ، ولا دنيا منصورة.
وإذا شئت أن تعرف ما كان الرافضة عليه من خبث فاقرأ كتاب (الخطوط العريضة) لمحبّ الدين الخطيب ، فقد ذكر عنهم ما لم يذكر عن اليهود والنصارى في أعظم خلفاء هذه الأُمّة أبي بكر وعمر.
وأمّا خطر الرافضة على الإسلام فكبير جدّاً ، وقد كانوا السبب في سقوط الخلافة الإسلاميّة في بغداد ، وإدخال التتر عليها ، وقتل العدد الكبير من العلماء كما هو معلوم في التاريخ.
وخطرهم يأتي من حيث أنّهم يدينون (بالتقية) التي حقيقتها النفاق ، وهو إظهار قبول الحقّ مع الكفر به باطناً. والمنافقون أخطر على الإسلام من ذوي الكفر الصريح (25).
اقرأ واعجب ، وما عشت أراك الدهر عجباً ، مثل هذا الكلام ينطلق من عضو الإفتاء الأعلى للديار الحجازية ، كيف تجرّأ وكيف أفتى بهذه الكلمات ، وفيها من الخلط والخبط ما لا يخفى حتّى على الأطفال؟!
ولكنّ فتواه تردّ عليه ، وعليه وزرها ووزر مَنْ عمل بها إلى يوم القيامة. وهذه التهمة للشيعة ليست بالجديدة ، ولكن ليس الشيعة هم الذين هدموا الخلافة الإسلاميّة ، ولا هم الذين قتلوا علماء الدين ، ولا هدموا مساجد المسلمين ، وإنّما غيرهم مَنْ فعل ذلك كلّه! وليس هنا مجال بيان ذلك.
وقد تبيّن لك بالأرقام فيما تقدّم عن أعمالهم التخريبية لبيوت الله ، وآثار الرسالة المباركة ، كيف طمسوها بحقد عجيب على الإسلام والمسلمين؟
*ذبح الشيعة في حلب :
نعم ، يشهد التاريخ على صدور فتوى من حاقد من أمثالهم ، قال في حلب : الشيعة كفّار ، واجب قتلهم ، ونهب أموالهم ، وسبي ذراريهم ، ومَنْ لم يحكم بكفرهم كافر يقتل. ولَقتلُ شيعيٍّ واحد أفضل من قتل ستين كافراً عند الله.
وعلى أثر هذه الفتوى وقعت واقعة (مرج دابق) ، ودخلوا على الجامع الكبير (الأطرش) في حلب ، وذبحوا كلّ مَنْ فيه حتّى إنّ الدماء سالت من أبواب المسجد ، وشُرّد شيعة حلب في تلك الأيام.
وسُئل أحدهم ذات مرّة : كيف يُدفن الشيعي؟
فقال : يدفع بالخشبة من بعيد إلى قبره ويهال التراب عليه!
هكذا تصنع الأحقاد ، وهذا من نتائج التعصّب والعناد على الباطل ، فهل قرأت كهذا المنطق العنيف؟! وهل توقّعت وجود مثل هذا الإرهاب الفكري في العالم الإسلامي كلّه؟! بل في العالم أجمع إلاّ عند اليهود.
فأسهل شيء عندهم أن يرموك بالكفر أو الشرك ، ويستبيحون دمك ومالك وعرضك. وليس من الضروري أن تذنب في حقّهم ، أو يكون لك عمل باطل في عرفهم ، وربما حكموا عليك من مظهرك وشكلك ، أو بلدك ودولتك. وأكبر الطامات أنّك تذهب إلى الحجّ وتتحرّق شوقاً لتلك المشاهد المشرّفة وهم يرمونك بالشرك ، ويتّهمونك بالكفر مباشرة.
المصادر :
1- سورة فصلت : الآية 34.
2- السلفية الوهابيّة ص 72.
3- سلسلة الأحاديث الصحيحة ـ للألباني 6 ص 676.
4- شرح السنّة ص 106.
5- سورة الفرقان : الآية 63.
6- صحيح البخاري 1 ص 47 ، صحيح مسلم ص ح16.
7- صحيح البخاري 3 ص 211 ، صحيح مسلم ص ح21.
8- صحيح مسلم ص ح21.
9- صحيح مسلم ص ح 21.
10- مسند أحمد بن حنبل 2 ص 495 ح 16167.
11- صحيح البخاري ص كتاب الفتن.
12- الطبراني في الكبير ص ح 13089.
13- أبو داود في السنن ص ح 2535.
14- صحيح البخاري 10 ص 388.
15- صحيح البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي ص ح 1940.
16- صحيح البخاري 10 ص 448 ، ومسلم ص ح 60.
17- نهج البلاغة ـ الخطبة 167 ، كنز العمال 1 ص 149.
18- فتاوى اللجنة 2 ص 338.
19- فتاوى اللجنة 2 ص 156.
20- المصدر نفسه.
21- مجمع الفتاوى 5 ص 157 و 4 ص 439.
22- فتوى بتاريخ 23 ص 8 ص 1424 هـ.
23- تاريخ الفتوى 23 ص 8 ص 1421 هـ.
24- صحيح البخاري ص كتاب الفتن
25- فتاوى مهمّة لعموم الأُمّة ص 145.
 


ارسل تعليقاتك
با تشکر، نظر شما پس از بررسی و تایید در سایت قرار خواهد گرفت.
متاسفانه در برقراری ارتباط خطایی رخ داده. لطفاً دوباره تلاش کنید.