دين الدنيا والاخرة

يولي المسلمون أهميّة كبرى للعقيدة الصحيحة لأنّها تشكّل حجر الزاوية في سلوكهم ومناراً يضيءُ دروبهم وزاداً لمعادهم.
Thursday, June 1, 2017
الوقت المقدر للدراسة:
مؤلف: علی اکبر مظاهری
موارد بیشتر برای شما
دين الدنيا والاخرة
 دين الدنيا والاخرة





 

يولي المسلمون أهميّة كبرى للعقيدة الصحيحة لأنّها تشكّل حجر الزاوية في سلوكهم ومناراً يضيءُ دروبهم وزاداً لمعادهم.
ولهذا كرّسَ رسُولُ الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في الفترة المكيّة من حياته الرسالية نفسه لإرساء أُسس التوحيد الخالص، ومكافحة الشرك والوثنية، ثم بنى عليها في الفترة المدنية صَرحَ النظامِ الأخلاقي والاجتماعي والاقتصادي والسياسيّ.
يتّسم الدين الإسلامي في أبرز ما يتّسم به، بأنّه دين الدنيا والآخرة، ومن هنا يجب على المسلم أن يهتم بالجانبين، فيعمل لآخرته كما يعمل لدنياه، ويتزوّد من حياته الحاضرة لحياته الأبديّة المستقبلة كما قال تعالى: {وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا} (1)
ولهذا كان من الواجب على المسلم أن يعمل بالفرائض الدينية، ويتجنّب المحرّمات الإلهية، ويلتزم بقواعد الشرع الحنيف، جهد إمكانه، فيصلّي الخمس، ويصوم شهر رمضان، ويزكّي ماله، ويحجّ بيت الله الحرام، ويأمر بكل خير قَدِر عليه، ويعتمد في تحصيل السعادة الأُخروية على العمل الصالح، والطاعة لله تعالى، كيف وقد نصّت الآيات القرآنية على أنّ كلّ امرئ مرهون بعمله، إن خيراً فخير وإن شراً فشر؟
كما نصّت الأحاديث الشريفة المأثورة عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)وعترته الطاهرة وصرّحت بضرورة العمل والطاعة للحصول على النجاة والسعادة الأُخرويتين.
فقد روي أنّ الإمام جعفر الصادق (عليه السلام) أمر بحضور جميع أقربائه قبيل وفاته، ثمّ التفت إليهم وأكّد على أهمية الصلاة. وإليك الحديث بأكمله:
روى أبو بصير عن أصحاب الإمام قال: دخلت على أُم حَمَيْدة (زوجة الإمام جعفر الصادق (عليه السلام)) أُعزِّيها بأبي عبد الله (عليه السلام)فبكت وبكيت لبكائها، ثم قالت: يا أبا محمد لو رأيت أبا عبد الله (عليه السلام) عند الموت لرأيت عجباً، فتح عينيه، ثم قال: " اجمعوا كلّ من بيني وبينه قرابة ".
قالت: فما تركنا أحداً إلاّ جمعناه، فنظر إليهم ثم قال: " إنّ شفاعتنا لا تنال مستخفاً بالصلاة "(2).
فليس للمسلم أن يعول على شيء إذا أهمل الواجبات وترك الفرائض، أو استهان بها.
نعم، خلق الإنسان ضعيفاً ـ بحكم جبلته ـ محاصَراً بالشهوات، محاطاً بالغرائز، ولذلك ربما سها ولها، وربّما بدرتْ منه معصية، واستحوذ عليه الشيطان، ووقع في شباكه وشراكه، فعصى من حيث لا يريد، وخالف من حيث لا يجب، ثم تعرض لضغط الوجدان، ووخْزِ الضمير، فهل له أن ييأس في هذه الحالة ويقنط، وقد قال ربّ العزّة: {لا ييأس من روح الله إلاّ القوم الكافرون} (3)
كلاّ ليس له إلاّ الرجاء في رحمة الله، والأمل في عفوه ولطفه، وقد فتح الإسلام نوافذ الأمل والرجاء أمام العاصي النادم، ليعود إلى ربه، ويواصل مسيرة تكامله في ثقة وطمأنينة.
ومن هذه النوافذ: التوبة والإنابة والاستغفار، ومنها: الشفاعة للمذنبين، الشفاعة التي تنالهم وفق معايير وردت في الكتاب والسنّة، الشفاعة التي يبعث الأمل فيها بصيصاً من الرجاء في نفوس العصاة، ويمنع من قنوطهم ويأسهم، ويبعث فيهم روح العمل والنشاط.
وهذا لا يعني تمهيد الطريق للعصاة، لما للشفاعة من شروط وقيود، بل هي عملية زرع الأمل، والرجاء في النفوس، مادام الأصل هو العمل والإتيان بالواجبات واجتناب المحرمات.
وتوضيحاً لهذه الحقيقة، وتبييناً لهذا المفهوم القرآني الإسلامي أعددنا هذه الرسالة، آملين أن نلقي الضوء على إحدى السبل الإسلامية لمعالجة اليأس والقنوط الذي يصيب المذنبين.

موقف علماء الإسلام من الشفاعة

أجمع علماء الأُمة الإسلاميّة على أنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) أحد الشفعاء يوم القيامة مستدلّين على ذلك بقوله سبحانه: {ولسوف يعطيك ربّك فترضى} (الضحى/5) والذي أُعْطي هو حقّ الشفاعة الذي يُرضيه، وبقوله سبحانه: {عسى أن يبعثك ربك مقاماً محموداً} (الإسراء/79) واتّفق المفسّرون على أنّ المقصود من المقام المحمود، هو مقام الشفاعة.
إنّ الشفاعة من المعارف القرآنية التي لا يصح لأحد من المسلمين إيجاد الخلاف والنقاش في أصلها، وإن كان يمكن لهم الاختلاف في بعض فروعها، فها نحن نورد آراء كبار علماء الإسلام ـ من القدامى والجدد ـ حتى يُعلَم موقِفهم من هذا الأصل:
1 ـ قال أبو منصور الماتريدي السمرقندي (ت 333 هـ)، إمام أهل السنّة في المشرق الإسلامي، بعد أن أورد قوله سبحانه: {ولا يقبل منها شفاعة} (البقرة/48)، وقوله تعالى: {ولا يشفعون إلاّ لمن ارتضى} (الأنبياء/28) قال: إنّ الآية الأُولى وإن كانت تنفي الشفاعة، ولكن هنا شفاعة مقبولة في الإسلام وهي التي تشير إليها هذه الآية(4).
2 ـ وقال تاج الإسلام أبوبكر الكلاباذي (ت 380 هـ): إنّ العلماء قد أجمعوا على أنّ الإقرار بجملة ما ذكر الله سبحانه وجاءت به الروايات عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في الشفاعة واجب، لقوله تعالى: {ولسوف يعطيك ربّك فترضى} (الضحى/5) ولقوله: {عسى أن يبعثك ربّك مقاماً محموداً} (الإسراء/79) وقوله: {ولا يشفعون إلاّ لمن ارتضى} (الأنبياء/28). وقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): " شفاعتي لأهل الكبائر من أُمتي "(5).
3 ـ وقال الشيخ المفيد (633 ـ 134 هـ): اتّفقت الإماميّة على أنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يشفع يوم القيامة لجماعة من مرتكبي الكبائر من أُمته، وإنّ أمير المؤمنين (عليه السلام) يشفع في أصحاب الذنوب من شيعته، وإنّ أئمة آل محمد (عليهم السلام) كذلك، وينجي الله بشفاعتهم كثيراً من الخاطئين(6).
وقال في موضع آخر: إنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يشفع يوم القيامة في مذنبي أُمته فيشفّعه الله عزّ وجلّ، ويشفع أمير المؤمنين فيشفّعه الله عزّ وجلّ، وتشفع الأئمة في مثل ما ذكرناه فيُشفّعهم الله، ويشفع المؤمن البر لصديقه المؤمن المذنب فتنفعه شفاعته، ويشفّعه الله.
وعلى هذا القول إجماع الإمامية إلاّ من شذّ منهم، وقد نطق به القرآن، وتظاهرت به الأخبار، قال الله تعالى في الكفار عند إخباره عن حسراتهم وعلى الفائت لهم ممّا حصل لأهل الإيمان: {فما لنا من شافعين * ولا صديق حميم} (الشعراء/100) ; وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): إنّي أشفع يوم القيامة فأُشفّع، ويشفع عليّ (عليه السلام) فيشفّع، وإنّ أدنى المؤمنين شفاعة يشفع في أربعين من إخوانه(7).
4 ـ وقال الشيخ الطوسي (538 ـ 046 هـ): حقيقة الشفاعة عندنا أن يكون في إسقاط المضار دون زيادة المنافع، والمؤمنون عندنا يشفع لهم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فَيشفِّعه الله تعالى ويسقط بها العقاب عن المستحقين من أهل الصراط لما روي من قوله (عليه السلام): إدّخرت شفاعتي لأهل الكبائر من أُمتي، والشفاعة ثبت عندنا للنبي، وكثير من أصحابه ولجميع الأئمة المعصومين وكثير من المؤمنين الصالحين(8).
5 ـ قال القاضي عياض بن موسى (ت 544 هـ): مذهب أهل السنّة هو جواز الشفاعة عقلا ووجودها سمعاً بصريح الآيات وبخبر الصادق، وقد جاءت الآثار التي بلغت بمجموعها التواتر بصحّة الشفاعة في الآخرة لمذنبي المؤمنين، وأجمع السلف الصالح ومن بعدهم من أهل السنّة عليها(9).
6 ـ وقال الإمام أبو حفص النسفي (ت 385 هـ): والشفاعة ثابتة للرسل والأخيار في حقّ الكبائر بالمستفيض من الأخبار.
وقد أيّد التفتازاني في "شرح العقائد النفسية" هذا الرأي وصدّقه دون أي تردّد أو توقف(10).
7 ـ وقال الزمخشري (ت 385 هـ) في تفسير قوله تعالى: {ولا يقبل منها شفاعة ولا يؤخذ منها عدل} (البقرة/48): كانت اليهود تزعم أنّ آباءهم الأنبياء يشفعون لهم فَأُويِسوا.
ثم أتى بكلام في حد الشفاعة وأنّها للمطيعين لا للعاصين، وسنوافيك عن ذلك في فصل خاص(11).
8 ـ قال الإمام ناصر الدين أحمد بن محمد بن المنير الاسكندري المالكي في كتابه "الانتصاف فيما تضمّنه الكشاف من الاعتزال": وأمّا من جحد الشفاعة فهو جدير أن لا ينالها، وأمّا من آمن بها وصدّقها وهم أهل السنّة والجماعة فأولئك يرجون رحمةَ الله، ومعتقدهم أنها تنال العصاة من المؤمنين وإنما ادّخرت لهم، وليس في الآية دليل لمنكريها، لأنّ قوله {يوماً} في قوله: {واتّقوا يوماً لا تجزي نفس عن نفس شيئاً ولا يقبل منها شفاعة} (البقرة/48) أخرجه منكراً. ولا شك أنّ في القيامة مواطن، يومها معدود بخمسين ألف سنة. فبعض أوقاتها ليس زماناً للشفاعة وبعضها هو الوقت الموعود، وفيه المقام المحمود لسيّد البشر، عليه أفضل الصلاة والسلام.
وقد وردت آيات كثيرة ترشد إلى تعدّد أيامها واختلاف أوقاتها، منها قوله تعالى: {فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون} (المؤمنون/101)، مع قوله: {وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون} (الصافات/27)، فيتعيّن حمل الآيتين على يومين مختلفين ووقتين متغايرين، أحدهما محل للتساؤل، والآخر ليس له، وكذلك الشفاعة، وأدلّة ثبوتها لا تُحصى كثرة(12).
9 ـ قال البيضاوي في تفسير قوله تعالى: {واتّقوا يوماً لا تجزي نفس عن نفس شيئاً ولا يقبل منها شفاعة} (البقرة/48): ربّما تجعل الآية ذريعة على نفي الشفاعة لأهل الكبائر وأُجيبوا بأنّها مخصوصة بالكفار، للآيات والأحاديث الواردة في الشفاعة. ويؤيده أنّ الخطاب هنا مع الكفار، والآية نزلت ردّاً لما كانت اليهود تزعم أن آباءهم تشفع لهم(13).
10 ـ وقال الفتال النيسابوري ـ من علماء القرن السادس الهجري ـ: لا خلاف بين المسلمين أنّ الشفاعة ثابتة مقتضاها إسقاط المضار والعقوبات(14).
11 ـ وقال الرصاص الذي هو من علماء القرن السادس الهجري في كتابه "مصباح العلوم في معرفة الحي القيوم": إنّ شفاعة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)يوم القيامة ثابتة قاطعة(15).
وقال ابن تيمية الحراني الدمشقي (ت 728 هـ): للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في يوم القيامة ثلاث شفاعات ـ إلى أن قال: ـ وأمّا الشفاعة الثالثة فيشفع في من استحقّ النار وهذه الشفاعة له (صلى الله عليه وآله وسلم) ولسائر النبيّين والصدّيقين وغيرهم في من استحق النار أن لا يدخلها ويشفع في من دخلها(16).
12 ـ وقال ابن كثير الدمشقي (ت 773 هـ) في تفسير قوله سبحانه: {من ذا الذي يشفع عنده إلاّ بإذنه} (البقرة/255): هذا من عظمته وجلاله وكبريائه عزّ وجلّ أنّه لا يتجاسر أحد على أن يشفع لأحد عنده إلاّ بإذنه له في الشفاعة كما في حديث الشفاعة عن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم): " آتي تحت العرش فأخرّ ساجداً، فيدعني ما شاء الله أن يدعني، ثم يقال: ارفع رأسك وقل تسمع، واشفع تشفع. قال: فيحدّ لي حدّاً فأدخلهم الجنّة "(17).
13 ـ وقال نظام الدين القوشجي (ت 879 هـ) في شرحه على "تجريد الاعتقاد": اتفق المسلمون على ثبوت الشفاعة لقوله تعالى: {عسى أن يبعثك ربّك مقاماً محموداً} وفسّر بالشفاعة(18).
14 ـ قال المحقّق الدواني: الشفاعة لدفع العذاب، ورفع الدرجات حق لمن أذن له الرحمن من الأنبياء، والمؤمنين بعضهم لبعض، لقوله تعالى: {يومئذ لا تنفع الشّفاعة إلاّ لمن أذن له الرحمن ورضي له قولا} (19).
15 ـ قال الشعراني، في المبحث السبعين: إنّ محمداً هو أول شافع يوم القيامة، وأول مشفّع وأولاه فلا أحد يتقدّم عليه، ثم نقل عن جلال الدين السيوطي: إنّ للنبي يوم القيامة ثمان شفاعات، وله (صلى الله عليه وآله وسلم)يوم القامة ثمان شفاعات: وثالثها: فيمن استحقّ دخول النار أن لا يدخلنها(20).
16 ـ وقال العلاّمة المجلسي (ت 1110 هـ): أما الشفاعة فاعلم أنّه لا خلاف فيها بين المسلمين بأنّها من ضروريات الدين وذلك بأنّ الرسول يشفع لأُمته يوم القيامة، بل للأُمم الأُخرى، غير أنّ الخلاف إنّما هو في معنى الشفاعة وآثارها هل هي بمعنى الزيادة في المثوبات، أو إسقاط العقوبة عن المذنبين؟ والشيعة ذهبت إلى أنّ الشفاعة تنفع في إسقاط العقاب وإن كانت ذنوبهم من الكبائر، ويعتقدون أيضاً بأنّ الشفاعة ليست منحصرة في النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) والأئمة (عليهم السلام) من بعده، بل للصالحين أن يشفعوا بعد أن يأذن الله لهم بذلك(21).
17 ـ قال محمد بن عبد الوهاب (5111 ـ 6120 هـ): وثبتت الشفاعة لنبينا محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) يوم القيامة ولسائر الأنبياء والملائكة والأولياء والأطفال حسبما ورد، ونسألها من المالك لها والآذن فيها بأن نقول: اللّهمّ شفِّعْ نبينا محمداً فينا يوم القيامة أو اللّهمّ شَفِّعْ فينا عبادك الصالحين، أو ملائكتك، أو نحو ذلك مما يطلب من الله لا منهم ـ إلى أن قال: ـ إنّ الشفاعة حقّ في الآخرة، ووجب على كلّ مسلم الإيمان بشفاعته، بل وغيره من الشفعاء إلاّ أنّ رجاءها من الله، فالمتعيّن على كل مسلم صرف وجهه إلى ربّه، فإذا مات استشفع الله فيه نبيه(22).
18 ـ وقال السيد سابق: المقصود بالشفاعة سؤال الله الخير للناس في الآخرة. فهي نوع من أنواع الدعاء المستجاب ومنها الشفاعة الكبرى، ولا تكون إلاّ لسيّدنا محمد رسول الله فانّه يسأل الله سبحانه أن يقضي بين الخلق ليستريحوا من هول الموقف، فيستجيب الله له فيغبطه الأوّلون والآخرون، ويظهر بذلك فضله على العالمين وهو المقام المحمود الذي وعد الله به في قوله سبحانه: {ومن الليل فتهجّد به نافلة لك عسى أن يبعثك ربك مقاماً محموداً} (الإسراء/79). ثم نقل الآيات والروايات الخاصة بالشفاعة والمثبتة لها وقد ذكر بعض شروط قبولها(23).
19 ـ وقال الدكتور سليمان دنيا: والشفاعة لدفع العذاب ورفع الدرجات حقّ لمن أذن له الرحمن من الأنبياء (عليهم السلام)والمؤمنين بعضهم لبعض لقوله تعالى: {يومئذ لا تنفع الشّفاعة إلاّ لمن أذن له الرحمن ورضي له قولا} وقوله: {من ذا الذي يشفع عنده إلاّ بإذنه} (24).
20 ـ يقول الشيخ محمد الفقي: وقد أعطى الله الشفاعة لنبيه ولسائر الأنبياء والمرسلين وعباده الصالحين وكثير من عباده المؤمنين، لأنّه وإن كانت الشفاعة كلّها لله كما قال: {لله الشفاعة جميعاً} إلاّ أنّه تعالى يجوز أن يتفضّل بها على من اجتباهم من خلقه واصطفاهم من عباده وكما يجوز أن يعطي من ملكه ما شاء لمن شاء ولا حرج(25).
هذا نزر من كثير، وغيض من فيض أوردناه ليكون القارئ على بصيرة من موقف علماء الإسلام من هذه المسألة المهمة. والاستقصاء لكلمات المفسّرين والمحدّثين والمتكلّمين، يدعونا إلى تأليف مفرد في خصوص هذا الفصل والغرض إراءة نماذج من كلماتهم. وهي نصوص وتصريحات لا تترك ريباً لمرتاب، ولا شكاً لأحد بأن الشفاعة أصل من أصول الإسلام نطق بها الكتاب الكريم، وصرّحت بها السنّة النبوية والأحاديث المعتبرة من العترة الطاهرة، وأنّ الاختلاف إنّما هو في معناها وبعض خصوصياتها وسنوافيك بالتفاصيل.
المصادر:
1- القصص/77.
2- الحر العاملي: الوسائل: 3/71.
3- يوسف/87
4- تفسير الماتريدي المعروف بـ "تأويلات أهل السنّة": ص 148، والمشار إليه هي الآية الثانية.
5- 2 التعرّف لمذهب أهل التصوّف: تحقيق د. عبد الحليم محمود، شيخ الأزهر الأسبق، ص 54 ـ 55.
6- أوائل المقالات، ص 15.
7- أوائل المقالات، ص 53.
8- التبيان للشيخ الطوسي: 1/213 ـ 214.
9- النوويّ: شرح صحيح مسلم: 3/35، دار إحياء التراث العربي.
10- العقائد النسفية: ص 148.
11- الكشاف، 1/314 ـ 315.
12- الانتصاف المطبوع بهامش الكشاف، 1/214، ط 1367 هـ.
13- أنوار التنزيل وأسرار التأويل، 1/152.
14- روضة الواعظين، ص 406.
15- مصباح العلوم في معرفة الحي القيوم المعروف بـ (ثلاثين مسألة).
16- مجموعة الرسائل الكبرى، 1/403 ـ 404.
17- تفسير ابن كثير: 1/309 ـ والحديث مروي في صحيح البخاري في تفسير سورة الإسراء، ج 6، لكن بلفظ آخر.
18- علاء الدين القوشجي: شرح التجريد: ص 501، ط 1307 هـ.
19- الدواني: شرح العقائد العضدية: ص 207، ط. مصر.
20- الشعراني: اليواقيت والجواهر: 2/170.
21- بحار الأنوار، 8/29 ـ 63 ; حق اليقين، ص 473.
22- الهدية السنية، الرسالة الثانية، ص 42.
23- العقائد الإسلامية، ص 73.
24- محمد عبده: بين الفلاسفة والكلاميين: 2/628.
25- التوسل والزيارة في الشريعة المقدسة، ص 206، ط. مصر.
 


ارسل تعليقاتك
با تشکر، نظر شما پس از بررسی و تایید در سایت قرار خواهد گرفت.
متاسفانه در برقراری ارتباط خطایی رخ داده. لطفاً دوباره تلاش کنید.