
الذين اخترعوا نظرية عدالة کل الصحابة فانهم علقوا عليها الآمال التالية :
1 ـ تأويل خصوصية اهل بيت النبوة تأويلاً يفرغها من مضمونها ووظيفتها .
2 ـ ايجاد خصوصية بديلة تنافس خصوصية اهل البيت ، وتقوم بالتعاون مع الحكام بوظائف اهل البيت .
3 ـ خلق الشبهات وايجاد حالة من الحيرة والشك لتفريق المحكومين واشغالهم عن الحكام بخلافات جانبية وتغذية هذه الخلافات لتتحول الى خلافات عميقة ودائمة .
التقابل بالصفات
أهل البيت الكرام اذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً . ومن اهل البيت ـ بكل الموازين ـ فاطمة وعلي وحسن وحسين على الاقل . لقد طهر الله هؤلاء وبشرهم في الجنة قبل ان يبشر المبشرين في الجنة ، وهم سادات اهل الجنة بالنص (1) وغني عن البيان انهم عدول ، لان من ملك الاكثر ملك الاقل ، ومن حاز الدائرة حاز ما في ضمنها .اجلاء الصحابة الذين اخلصوا لله قوم مكرمون عدلهم الله ، ولكن الذين حكموا ليسوا من اجلاء الصحابة ، بل هم في غالبهم طلقاء اسلموا بعد ان احيط بهم . انه لايوجد طريقة في الدنيا يمكن ان تجعلهم في مرتبة اهل البيت الا نظرية عدالة كل الصحابة بالمعنيين اللغوي والاصطلاحي . فهي تساوي بين من اسلم من قبل الفتح وقاتل ، وبين من اسلم بعد الفتح . تساوي بين القاتل والمقتول ، والمحاصَر والمحاصِر ، وبين المهاجر والطليق ، وبين المؤمن والمنافق ، وتعطيهم جميعا نفس الصفة ( العدالة ) . فعلي بن ابي طالب من اهل البيت وصحابي ، ومعاوية بن ابي سفيان صحابي . هذا عادل وهذا عادل ، هذا مجتهد وهذا مجتهد ، هذا في الجنة وهذا في الجنة ، وكلاهما منزه عن الكذب . علي اول من اسلم ، وولي الله بالنص ، وحامل لواء النبي في كل معاركه ، وبطل الإسلام في كل مواقعه ، هو تماماً كمعاوية الذي حارب وابوه الاسلام في كل المواقع ، واسلما بعد ما احيط بهما !!!
العدالة الوضعية ترفض هذا التكييف ، ومن باب اولى ان ترفضه عدالة السماء ، الله فرق بين الاثنين ، ونبيه فرق بين الاثنين ، والاعمال فرقت بين الاثنين ، فمن امرنا بمساواتهما ؟ وما هو الدليل على ذلك غير نظرية عدالة الصحابة ؟
تلك النظرية التي وجدت اصلا للقضاء على الفوارق بين المتقدمين والمتأخرين ، بين المجاهدين والقاعدين ، بين الاولين والآخرين .
فما وجدت نظرية عدالة كل الصحابة وما خلصت صفة العدالة على الجميع الا لغايات منافسة العدالة للطهارة التي اختص الله بها اهل بيت نبيه .
مثال من الواقع
علي عميد اهل البيت بالنص ، وولي الامة بالنص ، واول من اسلم بالنص ، ومجاراة للذين يكرهون ان يكون الاول هو ثاني من اسلم بالنص ، والحق معه يدور حيث دار بالنص ، وموالاته موالاة لله بالنص ، ومعاداته معاداة لله بالنص ، وهو صحابي باعتراف كل الذين اسسوا نظرية عدالة الصحابة ، وهو مبشر بالجنة . فاذا كان علي صحابياً ، فماذا فرضتم لعنه فوق كل المنابر وفي كل الامصار الاسلامية ؟ ولماذا لعنتموه وشتمتموه فعلا ؟ الستم انتم الذين حددتم عقوبة من يشتم الصحابي فقلتم : انه زنديق ، لا يؤاكل ولا يشارب ولا يصلى عليه ؟ ام ان عدالة كل الصحابة تعمل لصالح الجميع الا لصالح علي واهل بيته ؟ حيث تتعطل عندهم ولا تعمل ولا تخلع عليهم صفة العدالة ؟مثال آخر من الواقع
الحسن بن علي والحسين بن علي سيدا شباب اهل الجنة في الجنة ، وريحانتا النبي من هذه الامة ، وهما ابنا رسول الله بالنص ، فقد جعل الله ذرية كل نبي من صلبه ، وجعل ذرية النبي من صلب علي ، وهما صحابيان ومن العدول لانهما صحابيان ، ومن غير الجائز الانتقاص من صحابي او شتمه او طعنه ، ومن يفعل ذلك فهو زنديق لا يؤاكل ولا يشارب ولا يصلى عليه ... الخ .فما لكم بمن سموا الصحابي الحسن بن علي ؟ وما هو حكمكم بمن قتل الحسين وحرم عليه وعلى اهل بيته ان يشربوا من ماء الفرات وهو حلال للوحش والطير والحيوان وحتى للكلاب ؟ الا يعتبر القتل انتقاصاً ؟ ما رأيكم بمن يقتل ذرية محمد كلها ويسلبها متاعها وهي ميتة ويسبي النساء وذرية محمد من الصحابة ونساء الذرية من الصحابة ؟ !
توضيح الصورة
الذين سموا الحسن صحابة بالمعنيين اللغوي والاصطلاحي ، والذين قتلوا علياً صحابة ، والذين قتلوا الحسين صحابة ، والذين ابادوا ذرية النبي في كربلاء صحابة ، والذين لعنوا علياً وشتموه ومن والاه صحابة ، والذين لم يقبلوا شهادة من يحب عليا صحابة .تسأول واستغراب
الحسن بن علي المسموم من العدول ، لانه من الصحابة ، والذين سموه عدول ، لانهم من الصحابة ، والحسين بن علي من العدول لانه صحابي ، والذين قتلوه من العدول ، لانهم من الصحابة ، وذرية محمد التي قتلت في كربلاء عدول ، لانهم صحابة ، والذين قتلوهم عدول ، لانهم صحابة .السام ( الذي ارتكب جريمة القتل بالسم ) وهو الجاني ، والمسموم وهو الضحية في الجنة ، لانهم صحابة ، ولانهم عدول ، والقاتل والمقتول في الجنة ، فكلاهما صحابي ومن العدول ، والسالب والمسلوب في الجنة ، وكلاهما صحابي ، وكلاهما من العدول .
هذه المساواة تشكل استهتاراً بالعقل البشري ومظهراً من مظاهر العبودية المخجلة للتقليد .
أدت الرسالة
ونظرية عدالة الصحابة ادت الرسالة تماما . فعلي كمعاوية ، فكلاهما صحابي ، وهما من العدول ، وكلاهما في الجنة ، وكلاهما على الحق ، والمنتصر هو ولي الأمة ، والعام الذي انتصر احدهما على الآخر هو عام الجماعة .التقابل بالحماية
من آذى اهل البيت فقد آذى النبي ، ويقابلها : من آذى صحابيا فقد آذى النبي ، ومن ابغض اهل بيت محمد فهو في النار ، ومن ابغض صحابياً على الاطلاق فهو في النار . وزيادة على الحماية المخصصة لاهل البيت ، فان من انتقص صحابيا فهو زنديق ، ويجب ان يعزل فلا يؤاكل ولا يشارب ولا يصلى عليه ، انما ينبذ كجيفة ميتة . فنظرية عدالة الصحابة اعطت الصحابة الحماية المقررة لاهل البيت وزيادة .في مجال البيان
القرآن هو الثقل الاكبر ، واهل بيت محمد هم الثقل الاصغر ، والهداية لا تدرك الا بالتمسك بالثقلين . والضلالة لايمكن تجنبها الا بالتمسك بهما . هذا بالنص الشرعي القاطع واهل البيت هم سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق بالنص الشرعي القاطع وهم باب حطة ، من دخله غفر له بالنص الشرعي القاطع . وهم امان لهذه الامة .النجوم امان لاهل الارض ، واهل بيته امان لامة محمد من الاختلاف ، بالنص الشرعي القاطع ، والامة بدونهم كالحمار اذا كسر صلبه ، وعميدهم يبين للناس ما اختلفوا فيه من بعد وفاة النبي بالنص الشرعي .
أمثلة ما تعطيه نظرية عدالة كل الصحابة للصحابة
( مثل اصحابي في امتي كالملح في الطعام فلا يصلح الطعام الا بالملح ) ورد هذا الحديث في الاستيعاب على هامش الاصابة في تمييز الصحابة لابن حجر ( ج 1 ص 7 ) وانظر الى الحديث رقم 33792 ( ج 12 ص 22 ) من كنز العمال حيث جاء فيه بالحرف ( قريش صلاح الناس ، ولايصلح الناس الا بهم ، ولا يعطى الا عليهم ، كما ان الطعام لا يصلح الا بالملح ... ) نقله عن ابن عدي في الكامل عن عائشة . ( امان لاهل الارض من الغرق القريش ، وامان الارض من الاختلاف الموالاة لقريش ، قريش اهل الله ، فاذا خالفتها قبيلة من قبائل العرب صاروا حزب ابليس ) . وقد نقله عن الطبراني في الكبير ، وعن الحاكم في مستدركه .وقد روى الترمذي وابن حيان كما ذكر ابن حجر في الاصابة ( ص 19 ) ان الرسول صلى الله عليه وآله وسلم قد قال ( الله الله في اصحابي لا تتخذوهم عرضاً ، فمن احبهم فبحبي احبهم ، ومن ابغضهم فببغضي أبغضهم ، ومن آذاهم فقد آذاني ، ومن آذاني فقد آذى الله ، ومن آذى الله فيوشك ان يأخذه ) (2)
نصوص للتدبر
1 ـ قال صلى الله عليه وآله وسلم : ( يا علي من فارقني فقد فارق الله ، ومن فارقك فقد فارقني ) (3) .
وقال ( من آذى عليا فقد آذاني ) (4) .
وقال ( من احب علياً فقد احبني ، ومن ابغض علياً فقد ابغضني ) (5) .
وقال لعلي مرة ( حبيبك حبيبي وحبيبي حبيب الله ، وعدوك عدوي وعدوي عدو الله والويل لمن ابغضك بعدي ) (6) .
وقال ( طوبى لمن احبك وصدق فيك ، وويل لمن ابغضك وكذب فيك ) (7) .
وقال ( اوصى من آمن بي وصدقني بولاية علي بن ابي طالب ، فمن تولاه فقد تولاني ، ومن تولاني فقد تولى الله ، ومن احبه احبني ومن احبني فقد احب الله ، ومن ابغضه ابغضني ، ومن ابغضني فقد ابغض الله ) .
ب ـ قال صلى الله عليه وآله وسلم ( النجوم امان لاهل الارض من الغرق ، واهل بيتي امان لامتي من الاختلاف ، فاذا خالفتها قبيلة من قبائل العرب ، واختلفوا فصاروا حزب ابليس ) وانظر الى قوله صلى الله عليه وآله وسلم ( النجوم امان لاهل السماء واهل بيتي امان لامتي ) . (8)
تساؤلات
ماذا يكون الموقف لو ان صحابيا ابغض علياً او آذاه ، او ان عليا ابغض صحابيا أو آذاه فمن نتبع ؟ ومن هو المحق ومن هو المبطل ؟ ماذا يكون الموقف لو ان قريشا قالت : نحن امان لهذه الامة ، وقال اهل البيت : نحن امان لهذه الامة ؟ فمن نصدق ؟ ماذا يكون الموقف لو ان قسما من الامة اتبعوا قريشا ، وقسما اخر اتبعوا اهل البيت ؟ وكل فريق زعم انه على الحق ، فمن هو الذي على الحق في الحق والحقيقة ؟انظر الى الحديث المكذوب على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو ( اصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم ) .
هذا حديث مكذوب . يقول ابن تيمية على الصفحة 551 من كتاب المنتقى للذهبي ( وحديث اصحابي كالنجوم ، ضعفه ائمة الحديث فلا حجة فيه ) . فلو ان مجموعا من الصحابة وقفوا مع علي ، ومجموعة اخرى وقفوا مع معاوية ، ومجموعة ثالثة اعتزلت الفريقين ، ومجموعة رابعة تربصت لترى من يغلب فتقف معه ، فهل يعقل شرعاً وعقلاً ان من يتبع اي مجموعة من هذه المجموعات الاربعة هو محق ؟ فمن يكون المبطل اذاً ؟ !!
ماذا يكون الموقف لو ان صحابياً قال : ان الحق عندي هنا في الشرق . وبنفس الوقت قال صحابي آخر : ان الحق عندي في الغرب ، ثم قال ثالث : ان الحق عندي هنا في الشمال ، وقال رابع : ان الحق عندي هنا في الجنوب ، وقال خامس : ان الحق عندي هنا في زاوية 45 شمال ... الخ ، وانقسمت الامة 73 فرقة كما اخبرنا النبي ، وبيد كل فرقة ذريعة ، فهل يعقل بالشرع والعقل ان يكونوا كلهم على الحق ؟ انه لا يوجد الا حق واحد !! ان الفرقة جريمة ، وان الوحدة قربة من الله ، فهل يعقل ان يفرق النبي امته ؟
تلقين الحجة بالواسطة
قال النبي لعلي ( انت تؤدي عني وتسمعهم صوتي وتبين لهم ما اختلفوا فيه من بعدي ) (9) .مع ان ابا حنيفة كان متحمسا للعباس ، فقد كان يقدم رأي الصحابي عليه اذا تعارضا في مورد من الموارد (10) وجاء عنه انه كان يقول ( ان لم اجد في كتاب الله ولا في سنة رسول الله اخذت بقول اصحابه ، فاذا اختلفت آراؤهم في حكم الواقعة اخذت بقول من شئت وادع من شئت ، ولا اخرج من قولهم الى قول غيرهم من التابعين ) (11) .
وجاء في اعلام الموقعين لابن القيم ( ان اصول الاحكام عند الامام احمد خمسة : الاول : النص ، والثاني : فتوى الصحابة ، وان الاحناف والحنابلة قد ذهبوا الى تخصيص الكتاب بعمل الصحابي ، لان الصحابي العالم لا يترك العمل بعموم الكتاب الا لدليل ، فيكون عمله على خلاف عموم الكتاب دليلاً على التخصيص ، وقوله بمنزلة عمله ) (12) .
ونذكر بالمناسبة بأن سنة الرسول تعني : القول والفعل والتقرير . ولاحظ ( وقوله عن الصحابي بمنزلة عمله ) . فقول الصحابي على الاطلاق بالمعنيين اللغوي والاصطلاحي يخصص عموم القرآن ويقيد مطلقاته ، كأن قول الصحابي وحي من السماء لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، والمشكلة اي صحابي بالمعنيين اللغوي والاصطلاحي . ان نظرية عدالة الصحابة اعطت الصحابة ما لم يعطه الشرع لائمة اهل البيت .
قال ابن خلدون ( ان الصحابة كلهم لم يكونوا اهل فتيا ، ولا كان الدين يؤخذ عن جميعهم ، وانما كان مختصا بالحاملين للقرآن ، العارفين بناسخه ومنسخوخه ، ومتشابهة ومحكمه ، وسائر ادلته بما تلقوه من النبي صلى الله عليه وآله وسلم او ممن سمعه منهم ومن عليتهم ، وكانوا يسمون لذلك القراء اي الذين يقرؤون الكتاب ، لان العرب كانوا امة امية ، فاختص من كان قارئا للكتاب بهذا الاسم لقرابته يؤمئذ ، وبقي الامر كذلك صدر الملة ) .
وعن محمد بن ابي سهل بن ابي خيثمة عن ابيه قال ( كان الذين يفتون على عهد رسول الله ثلاثة نفر من المهاجرين وثلاثة نفر من الانصار : عمر وعثمان وعلي ، وابي بن كعب ومعاذ بن جبل وزيد بن ثابت ) .
وعن عبد الرحمن بن القاسم عن ابيه ( ان ابا بكر الصديق كان اذا نزل به امر يريد مشاورة اهل الرأي دعا رجالاً من المهاجرين والانصار . دعا عمر وعثمان وعلياً وعبد الرحمن بن عوف ومعاذ بن جبل وابي بن كعب وزيد بن ثابت ، وكل هؤلاء كان يفتي في خلافة ابي بكر ، وانما تصير فتوى الناس الى هؤلاء ، فمضى ابو بكر على ذلك ، ثم ولى عمر فكان يدعو هؤلاء النفر ) (13) .
التوسعة في التفقه
انت تلاحظ ان نظرية عدالة كل الصحابة نسفت كل الاعراف التي اعتمدت زمن ابي بكر وعمر وخرجت عن كل المفاهيم المألوفة في عهده صلى الله عليه وآله وسلم ، واعطت الفرصة لكل صحابي على الاطلاق وبالمعنيين اللغوي والاصطلاحي ليدلي بدلوه في كل مسألة من المسائل . ومن حق المجتهد والباحث عن الجواب للسؤال المطروح ان يأخذ برأي اي واحد من هؤلاء الصحابة . كيف لا وكلهم عدول ، وكلهم من اهل الجنة ، ولا يجوز عليهم الكذب ، فاختلطت الامور ، فالمتقدم كالمتأخر ، والطليق كالمهاجر ، فكلهم ينعم بصفة العدالة ، ولا تثريب عليه ، ولا معقب لقوله حسب الاطار العام لنظرية عدالة كل الصحابة وما يروي عنهم . وتثبت صحة نسبته اليهم ، فهو الحق الذي لا يأتيه الباطل ، لانه قد صدر عن عدول بامكانهم ان يخصصوا العام من القرآن ، وان يقيدوا المطلق منه . ومن هنا فقد كانت الجهود منصبة بالدرجة الاولى على درس حياة اولئك الذين ينقلون هذه الاحاديث والتحقق من حسن سيرتهم ، وصدق ايمانهم ، وصدق اقوالهم . فاذا توافرت هذه الصفات بالراوي ، وتحققت نسبة النص الى الصحابي ، فهذا النص حق لانه صادر عن صحابي من العدول .
قيد على الرواة من حيث المبدأ
يمكن لاحد الرواة ان يتشيع لابي بكر او لعمر او لعثمان او لسعد او لاي صحابي على الاطلاق ، فهذا لا يخدش بصدقه وامانته ، ولا يكون محلاً للشبهة ، انما الشبهة تقع على من يوالي علياً واهل البيت ويتشيع لهم ، فمن المحال ان يكون ثقة وتقبل روايته ، واذا اجتمع عدة رواة كلهم ثقات وبينهم رجل يحب اهل البيت ، ويتشيع لهم فيترك الحديث كله ، لانهم لا يقبلون الا رواية الثقة ، والثقة والتشيع لاهل بيت محمد لا يجتمعان .قال ابو عمرو بن عبد البر ( روينا عن محمد بن وضاح قال : سألت يحيى بن معين عن الشافعي ( محمد بن ادريس الشافعي ) فقال : ليس بثقة ) ويحيى بن معين هذا من كبار ائمة الجرح والتعديل الذين جعلوا قولهم في الرجال حجة قاطعة . فتصور ان الشافعي صاحب المذهب ليس بثقة بنظر ابن معين ، لان فيه بعض التشيع لاهل البيت . وقد ادرك الذهبي ان هذا غير معقول فقال : وكلام ابن معين في الشافعي انما كان من فلتات اللسان بالهوى والعصبية .
والامام جعفر بن محمد الصادق استاذ اصحاب المذاهب الاربعة ، وصاحب مدرسة تخرج منها اربعة الاف فقيه ومحدث ، وهو صاحب مذهب اهل البيت الكرام ، وعلم شامخ من اعلام النبوة ، وثقه ابو حاتم والنسائي ، الا ان البخاري لم يحتج به كأنه ليس ثقة ، مع ان البخاري روى لمروان بن الحكم !
قال يحيى بن معين : وقيل له في سعيد بن خالد البجلي حين وثقه ( شيعي ) قال : وشيعي ثقة ؟ انه يستغرب ان يتشيع رجل لاهل البيت ويكون ثقة .
ومن لا يواليهم ولا يشايعهم فهو ثقة . قال العجلي في عمر بن سعد بن ابي وقاص قائد الجيش الذي قتل الحسين واهل البيت في كربلاء : هو تابعي ثقة روى عنه الناس . وقال العجلي كذلك في عمران بن حطان : ثقة ، وعمران هذا مدح ابن ملجم لعنه الله ، وابن ملجم هو قاتل الامام علي . يقول عمران في مدح ابن ملجم :يا ضربة من تقي ما أراد بها * الا ليبلغ عند الله رضواناً
المصادر :
1- كنز العمال ج 12 ص 93 وما فوق من فقد روى عن اكثر اهل الحديث .
2- راجع الاصابة في تمييز الصحابة لابن حجر ص 19 . وانظر الحديث 33807 ( ج 12 ص 25 )
3- اخرجه الحاكم في مستدركه ص 124 ج 3 وصحيحه على طريق الشيخين .
4- اخرجه الحاكم في ج 3 ص 130 من المستدرك .
5- اخرجه الحاكم في ج 3 ص 130 من المستدرك .
6- اخرجه الحاكم ج 3 ص 135 .
7- اخرجه الطبراني في الكبير وهو الحديث 2571 ج 3 ص 154 من الكنز ، واخرجه ابن عساكر .
8- راجع الحديث 2576 ص 155 ج 6 من الكنز ، واخرجه الطبراني .
9- راجع شرح النهج لعلامة المعتزلة ابن ابي الحديد ، واورده ابو نعيم في حلية الاولياء .
10- المستصفى للغزالي ص 35 ـ 136 وآراء علماء المسلمين في التقية ، والصحابة للسيد الرضوي .
11- راجع ابا حنيفة لابي زهرة ص 304 .
12- راجع المدخل الى علم اصول الفقه لمعروف الدواليبي .
13- طبقات ابن سعد ج 4 ص 168 ، وراجع آراء علماء المسلمين في التقية والصحابة وصيانة القرآن الكريم ص 50 وما فوق .