انتشار المسيحيين واضطهادهم

في سنة ١٦٦م كثر عدد البنَّائين كثيرًا وانتظم في سلك الجمعية المشار إليها عدد من السراة والأشراف، واعتنق معظم هذه الجماعات الديانة المسيحية التي امتدت امتدادًا عظيمًا، فحقد القيصر ماركوس أورالوس حقدًا شديدًا، وعزم على
Saturday, June 17, 2017
الوقت المقدر للدراسة:
مؤلف: علی اکبر مظاهری
موارد بیشتر برای شما
انتشار المسيحيين واضطهادهم
انتشار المسيحيين واضطهادهم




 

في سنة ١٦٦م كثر عدد البنَّائين كثيرًا وانتظم في سلك الجمعية المشار إليها عدد من السراة والأشراف، واعتنق معظم هذه الجماعات الديانة المسيحية التي امتدت امتدادًا عظيمًا، فحقد القيصر ماركوس أورالوس حقدًا شديدًا، وعزم على إبادة هذه الديانة الحديثة العهد بأي واسطة كانت فلم يألُ جهدًا في استنباط أسباب العذاب والاضطهاد الشديد الذي يجعل المسيحيين يجتنبونه وتفزع قلوبهم منه فيتركون هذه الديانة الحديثة ويرجعون إلى عبادة الأصنام ويعودون في أوهامهم يعمهون، ولكن هؤلاء الأقوام كانوا من الذين فعلت فيهم النعمة فعلها الحسن ففضَّل بعضهم الموت على الحياة أو يعيش شريفًا عزيزًا، فهذا مات شهيدًا وغيرهم جبن عن اقتحام الموت، ولم يرد أن يبيع دينه بدنياه فضحَّى لذلك راحته وهجر بلاده ولجأ إلى بريطانيا، حيث لقي أمنًا حريزًا.
فكان البناءُون الذين بقوا في رومية يجتمعون فرقًا ويدخلون الأسراب والمغاير والكهوف، حيث يختبئون من عذاب محتوم وموت مقرر يتممون واجبات ديانتهم في تلك الأماكن المظلمة الحقيرة ويبثون بعضهم لبعض روح المحبة والصبر على الشدائد.
ولبث حكم ماركوس أورالوس عشر سنوات ذاق المسيحيون في خلالها الموت الزؤام فكانوا يقادون أسرابًا إلى محل النطع والهلاك، وبعد أن يتكبدوا مرَّ العذاب كانوا يعدمون بلا شفقة ولا حنان.
سنة ١٨٠ب.م: قام الإمبراطور تيطس قيصرًا على الرومانيين، فأمر بإنشاء بعض هياكل ومعالم، وأقام عمودًا وسط رومية إكرامًا لأسلافهِ ماركوس أورالوس وأنطونينوس (ويدعى هذَا العمود عمود أنطونينوس).
وجدد هذا القيصر العذاب والاضطهاد الذي كان أثاره ماركوس أورالوس على المسيحيين فهرب كثيرون من الذين بقوا في رومية ولجئوا إلى الشرق، ولم يكن في رومية إلا عددٌ قليلٌ جدًّا من البنَّائين الذين لم يتركوا عبادة أصنامهم، وهكذا أخذت الماسونيَّة تنحط شيئًا فشيئًا إلى أن وصلت إلى دركات الذل.
سنة ١٩٣ب.م: تقلد إسكندر سيفير Alexandre Sévère زمام السلطنة الرومانية، وكان هذا القيصر من القوم الفضلاء الذين يفضلون مصلحة بلادهم على نفعهم الخاص، ولم يكن من الذين أعماهم الغرض، ورأى بعين الحكمة أن لا قوام لملكهِ إن لم يكن معززًا بالبنَّائين، فأعطاهم حقوقًا جمة ومنحهم امتيازات كثيرة، فعادت إلى رومية عظمتها الأولى، وتجدد بناءُ الهياكل بنشاط عظيم، ورام هذا القيصر إنشاء هيكل للمسيح الذي كان يعتقد بقدرتهِ الإلهية، ولكنه أحجم عن هذا العمل لما لقي من العقبات التي أبداها له وزراؤُه وعظماءُ مملكتهِ، وقالوا: إن الهياكل الأخرى تمس فلا يعود أحد يدخلها بعد ذلك.
سنة ٢٠٠ب.م: سعى إسكندر سيفير فبنى سورًا جديدًا في شمالي السور القديم وقايةً لأملاكهِ فيها، ولكن البنَّائين الرومانيين لم يكونوا كُفُؤًا لإتمامهِ لقلة عددهم فاضطروا إلى التسليم بإنشاء أخوية بريطانية من أبناء تلك البلاد، وجعلوا لهم امتيازاتٍ وحقوقًا كما كان لهم.
سنة ٢١١ب.م: زها ملك القيصر كاراكلا بإنشاء هياكل كثيرة أعظمها هيكل منيرفا إلهة الحكمة.
سنة ٢٣٥ب.م: تسلَّط مكسيميانوس قيصر على المملكة، فعزز الماسونيَّة ومنحها حمايته الخاصة وأمر بإنشاء معابد وهياكل كثيرة ومحلات عمومية، فصارت رومية بعد زمن يسير غاية في الرونق والجمال، ولم يكن يألو جهدًا في عمل ما يعود نفعه على العباد والبلاد.
سنة ٢٥٠ب.م: عادت الماسونيَّة إلى الانحطاط لتجريد القياصرة ديسيوس وفاليريوس سيوف الاضطهاد على المسيحيين اضطهادًا أجبرهم على المهاجرة ثانيةً فتفرَّقت مدارس البنَّائين وتشتت شمل إخوتها الذين قبلوا الديانة المسيحية الآمرة بالخير والمحبة الأخوية، والتجأ هؤلاء إلى أقطار عديدة، فمنهم من ذهب إلى غاليا، وآخرون إلى بريطانيا، حيث ذاقوا حلاوة العيش وصفاء الحياة، إذ كان فيها عدد عديد من البنَّائين النشيطين.
سنة ٢٦٠ب.م: أنشأ البناءُون جمعيات دعوها جمعيات الصنائع والفنون، وهي فرع من جمعيتهم الأصلية.
سنة ٢٧٠ب.م: اعتنق معظم الإخوة البنَّائين الذين في غاليا وبريطانيا الديانة المسيحية، واهتموا بتشييد الكنائس والمعابد التي أنشأها الواعظون والرسل الذين جاءوا من رومية سنة ٢٥٧، فأقاموا في إميان وبوفي وسواسون وريمس وباريس كأساقفة مرسلين ليبشروا العالم بهذه الديانة الشريفة.

بناءُ تَدْمُر

سنة ١٧٥ب.م: اشتهرت الماسونيَّة في ذلك العهد ببناء هياكل عظيمة في مدينة بالمير بسورية (وهي تَدْمُر الحاليَّة) ففاقت بعظمتها وفخامتها هياكل بعلبك، وكان أعظمها ذا أربعمائة وأربعة وستين عمودًا أكثرها من قطعة واحدة هائلة، وكان عدد هذه العواميد التي قام عليها الهيكلان ألفًا وأربعمائة وخمسين عمودًا. وانتهز القيصر أورليانوس زمن السلم ليعزز البنَّائين بقوتهِ ويمنحهم امتيازاتهم القديمة، وكان يعين على أعمالهم المهندسين كليودوماس Cléodomas، وأتيناكوس Athénacus، وهما تلميذان تدربا في مدارس بيزنطية العظيمة.
سنة ٢٨٠ب.م: أرسل القيصر ديوكليتيانوس واستدعى البنَّائين الذين في بريطانيا ليشيدوا المباني الفخيمة التي عزم على إنشائها في غاليا.

أول دعوة البنَّائين أحرارًا

سنة ٢٨٧ب.م: قام كاروسيوس وهو قائد الأسطول الروماني وشق عصا الطاعة وسار نحو بريطانيا، ودعا نفسه إمبراطورًا عليها، ولكي يكتسب رضا الشعب ويحرز ثقته تزلف إلى الفئة الغالبة، وهي طائفة البنَّائين ومنحهم في مدينة فيرولام (سان ألبان) مقر حكومتهِ كل الامتيازات التي كان منحهم إياها نوما بومبيليوس الواضع الأول لمدارس البنَّائين سنة ٧١٥ق.م. ومن ذلك العهد؛ أي من سنة ٢٩٠ب.م صاروا يدعون البنَّائين أحرارًا Free Masons ليفرقوهم عن الفئة الأخرى.

أول شهيد ماسوني

سنة ٢٩٣ب.م: كان «ألبانوس Albanus» كاهنًا ومهندسًا ونقَّاشًا رومانيًّا، وصار مفتشًا للبنَّائين سنة ٢٩٢، ثم صار أستاذًا أعظم للماسونية البريطانية وسفيرها أمام كاروسيوس، واعتنق الديانة المسيحية حين منحت للبنائين امتيازاتهم القديمة، فقام مبشرًا يدعو الأمم للدخول في هذه الديانة الشريفة وهزته حميته ورغبته ومحبته في الدين أن يذهب ويبشر الإمبراطور نفسه الذي ثار عليهِ حنقًا، وأمر بإعدامهِ قتلًا بالسيف فقُتل، وكان هذا الأستاذ الأعظم للماسونيَّة أول شهيد قضى في بريطانيا ظلمًا محبةً في الدين.
سنة ٢٦٩ب.م: اقترب الأسطول الروماني من بريطانيا مقلًّا قسطنطين نائب الإمبراطور فثار أشياع كاروسيوس عليهِ وقتلوه ونصَّبوا قسطنطين إمبراطورًا عليهم فاختار هذا مدينة أيبوراكوم (يورك) عاصمة له ومقرًّا لحكومتهِ.
سنة ٣٠٠ب.م: في تلك السنة زهت صناعة البناءِ في رومية وأزهرت حتى عُدَّ فيها خمسمائة هيكل وسبعة وثلاثون بابًا لها وستة جسور وسبعة عشر مرسحًا وأربعة عشر حاجزًا وخمسة تمثالات أقيمت تذكارًا لمن اشتهر من رجال الرومان العظماء وقياصرتها، وكل هذه البنايات أُقيمت بهمَّة طائفة البنَّائين ونشاطها، واشتُهر في هذه السنة كليودوماس النقاش البيزنطي في رومية بأعمالهِ وإتقانهِ.

اضطهاد المسيحيين

سنة ٣٠٣ب.م: تسلط القيصر ديوكليتيانوس على رومية وازدادت في أيامهِ البنايات واتسع نطاق البناء فيها، ولكنه اشتهر بظلمهِ واضطهادهِ للمسيحيين اضطهادًا شديدًا اضطرهم للمهاجرة إلى الأقطار البعيدة ليخلصوا من ظلم هذا الحاكم المستبد، ولكن أحكامه كانت صارمة جدًّا حتى اضطر حاكم بريطانيا رغمًا عن حلمهِ ومحبتهِ للمسيحيين أن يثير عليهم عواصف الاضطهاد، فاضطروا للمهاجرة إلى اسكوتسيا وهي قريبة منهم، وأدخلوا إلى تلك البلاد النصرانية وعلم البناء.
وهم الذين أقاموا فيها تلك البنايات الهائلة الضخمة القائمة حتى الآن تسخر بعواصف الأرياح، فلا ينالها نائلة، وهي بمعزل عن طوارق الأيام وتوالي الحدثان؛ بنايات تدلنا صريحًا على ما كان عليهِ هؤلاء الجهابذة من التقدم والفلاح في معارج الفضل والنجاح، وبقي من البنَّائين في رومية عدد قليل جدًّا من الذين لبثوا في جهالتهم ولم يعتنقوا الديانة المسيحية فأخذ البناءُ في رومية يسير القهقرى، ولم ينشأ في ذلك العهد شيءٌ يستحق الذكر.
سنة ٣٠١ب.م: اشتهر أتانيوس النقاش البيزنطي في رومية بجليل أعمالهِ.

قسطنطين الكبير والمسيحيون

سنة ٣١٣ب.م: هدأ الاضطهاد على المسيحيين وعادت إليهم أمنيتهم وراحتهم بأوامر قسطنطين الكبير الذي أصدر أمرًا بجعل الديانة المسيحية ديانة المملكة العمومية، ومن لم يقبلها تنزع عنه الحقوق الرومانية، ويُعَد كأجنبي في البلاد.
سنة ٣٢٣ب.م: أنشئوا أول كنيسة في لاتران.
سنة ٣٢٥ب.م: صادق مجمع نيقية المنعقد هذه السنة على جعل الديانة المسيحية ديانة المملكة، كما أمر قسطنطين فبدأت الماسونيَّة تزداد رفعة يومًا عن يوم والشعوب تتقاطر إلى الانتظام في عقدها الثمين.
وإذ رأى مسيحيو رومية ذواتهم آمنين، ولم يعد ثَم شيءٌ يروعهم أو يثير قلقهم؛ لأن الملك نفسه كان معتنقًا ديانتهم مجاهرًا بنفسهِ حاميًا لهم بعد الله عظيمًا نشطوا من عقال خمولهم وشمروا عن ساعد جِدهم واجتهادهم بهمة شماء لا تعرف الملل ولا يعروها الكلل لبناء الكنائس، وفي مدة وجيزة حوَّلوا كل الهياكل الوثنية إلى كنائس أنيقة، وأقام الملك قسطنطين الكبير كنيسة في الفاتيكان خصصها باسم القديس بولس تذكارًا لنصرهِ المجيد على مكسانتيوس والأعجوبة الفائقة التي ظهرت له، وفي تلك السنة أقام الشعب تمثالًا لإكرام هذا الملك العظيم الشأن.
سنة ٣٣٠ب.م: جعل هذا الملك الذي اعتاد المسيحيون على تلقيبهِ بالكبير والعظيم البيزنطية مركزًا لملكهِ ودعاها القسطنطينية باسمه فتألَّبت الماسونيَّة في أيامهِ شديدًا لإنجاز الأعمال العظيمة التي عزم على إنشائها، وكانت كنيسة أجيا صوفيا التي أمر بإنشائها سنة ٣٢٦ أول كنيسة بُنيت في القسطنطينية وأنشئت مدرسة أخرى لطائفة البنَّائين وامتزج الخط الروماني واليوناني بالخط العربي، ونشأ عن هذا الامتزاج الخط البيزنطي الذي لم يظهر بكل أُبهةٍ وعظمةٍ قبل الجيل الثامن.
وكان هذا الملك الذي اعتنق النصرانية قد أمر أن يُتَّخذ علامة الصليب شعارًا للكنيسة وعلامةً فارقة للألوية التي تتقدم جيشه، ولكي يزين عاصمته الجديدة أرسل فاستجلب من رومية وأثينا ورودس وصاقس وقبرس وسيسيليا وإيطاليا كل ما فيها من الآثارات الجميلة والزخارف البديعة الصنع، وهذه كلها أدخلها إلى مملكتهِ لتبقى فيها بعد ذلك لا ينازعها منازع ولا يعارضها معارض.
وكان البناءُون المسيحيون الذين هربوا من الاضطهاد ولجئوا إلى سوريا والبلاد العربية يشيدون الكنائس إتمامًا للأوامر المعطاة لهم من قسطنطين الملك. وفي زمن وجيز أصبحت أورشليم وبعلبك وبيت لحم وأنطاكية أماكن تضرب بعظمتها الأمثال لكثرة ما شيِّد فيها من البِيَع والكنائس وشُيدت كنيسة القبر المقدس في أورشليم بذلك الوقت.
سنة ٣٤٠ب.م: ازدادت الماسونيَّة رفعةً وإعزازًا في البيزنطية (القسطنطينية) التي أصبحت مهدًا لها ومحطًّا لرحالها، ولم تمضِ على هذه المدينة عشر سنوات وهي عاصمة البلاد حتى شُيد داخل أسوارها ثلاثة وعشرون كنيسة عظيمة عدا الكنائس الصغيرة.

المصدر :  راسخون2017
 


ارسل تعليقاتك
با تشکر، نظر شما پس از بررسی و تایید در سایت قرار خواهد گرفت.
متاسفانه در برقراری ارتباط خطایی رخ داده. لطفاً دوباره تلاش کنید.