الألفاظ العلمية الدخيلة

الألفاظ العلمية التي دخلت اللغة العربية في هذه النهضة كثيرة جدًّا، ومعظمها مقتبس من الفرنسية والإيطالية والإنجليزية لأن أكثر العلوم المترجمة إلى لساننا منقولة عنها. على أن المصطلحات العلمية متشابهة في لغات الإفرنج، لأن
Thursday, July 6, 2017
الوقت المقدر للدراسة:
مؤلف: علی اکبر مظاهری
موارد بیشتر برای شما
الألفاظ العلمية الدخيلة
الألفاظ العلمية الدخيلة



 

الألفاظ العلمية التي دخلت اللغة العربية في هذه النهضة كثيرة جدًّا، ومعظمها مقتبس من الفرنسية والإيطالية والإنجليزية لأن أكثر العلوم المترجمة إلى لساننا منقولة عنها. على أن المصطلحات العلمية متشابهة في لغات الإفرنج، لأن مصدرها عندهم إما اللاتينية أو اليونانية، فلا غرو إذا أخذناها بلفظها كما أخذها الإنجليز أو الفرنسيون أو غيرهم، وعددناها من قبيل الألفاظ الوضعية بلفظها ومعناها.
ويدخل في ذلك أسماء العلوم الجديدة كالجيولوجيا، والمترولوجيا، والفيسيولوجيا، والثرابيوتيا، والفرينولوجيا، والهيستولوجيا، والهدروستاتيك، والميكانيكيات، وغيرها. ويدخل في ذلك أيضًا أسماء الآلات الطبيعية أو الفلكية أو الكهربائية أو نحوها مما لم يكن له مثيل عند العرب، وسيأتي ذكرها.
فالألفاظ الطبية الدخيلة كثيرة، وفي جملتها أسماء كثير من الأمراض أو العقاقير والأدوات، وأكثره لم يكن له مثيل في الطب العربي كالدسببسيا، والبانكرياس، والنفرالجيا، والبلورا، والسمباتوي، والبلهارسيا، والدفتيريا، والهستيريا، والأنيميا، والبروتوبلاسم، ونحوها.
ومن المصطلحات الكيميائية غير أسماء العقاقير الكثيرة ما يحدث من تراكيبها كالأكسيد، والكلوريد، واليودور، والكربونات، والفوسفا، والاكسسموس، والاندسموس، والكربونيك، والهدروكلوريك، والهدروسيانيك، والفوتوغراف، والزنكوغراف، وغيرها من الأسماء الصناعية المبنية على الكيمياء.
ومن المصطلحات الطبيعية البارومتر، والكهربائية (الكهرباء لفظ فارسي مركب من «كاه» التبن و«ربا» جاذب)، والبطارية، والكلفانومتر، والثرمومتر، والهيدرومتر، والإلكتروتيب، والميكروسكوب، والتلسكوب، والسبكتروسكوب، والستيريوسكوب، والتلغراف، والفونوغراف، والتليفون، والفوتوفون، والميكروفون، وغيرها.
ولو أردنا الإتيان بكل المصطلحات العلمية لما وسعها غير المجلدات، فنكتفي بما تقدم على سبيل المثال.

التراكيب الغیر عربية

معلوم أن أكثر المصادر التي يرجع إليها كتاب اللغة العربية في العلم الطبيعي وفروعه مكتوبة باللغات الإفرنجية، وأكثر الكتَّاب عندنا يحسنون لسانًا أو غير لسان من اللغات الأعجمية، وأكثر ما يقرءونه من الكتب أو الجرائد في اللغات الإفرنجية، فضلًا عن شيوع تلك اللغات بين العامة، فحيث سار الكاتب في المدن الكبرى فإنه يسمع العبارات الإفرنجية.
فلا غرو إذا داخل عبارته تركيب إفرنجي أو تعبير أجنبي. ولا يخفى أن لكل لغة أسلوبًا في التعبير لا ينطبق بكل تفاصيله على أساليب اللغات الأخرى، واللغات تتقارب وتتباعد في تلك الأساليب بتقارب أصول الشعوب وتباعدها، والعرب بعيدون في أصولهم عن الإفرنج فأساليب التعبير في لغاتهم متباعدة ومتباينة، والغالب أن تمتاز كل لغة ببعض أساليبها على اللغات الأخرى وتقصر في البعض الآخر. يعلم ذلك الذين يعانون الترجمة من لسان إلى لسان، فاقتباس العرب بعض أساليب الإفرنج في كتابتهم قد يكون من جملة مكملاتها، وإذا عده بعض اللغويين فسادًا في اللغة فلأن بعض كتابنا يبالغون في ذلك الاقتباس، فيتناولون عبارات إفرنجية في اللغة العربية ما هو أجمل منها وأمتن.
ومن أمثلة ما حدث في اللغة العربية من التراكيب الإفرنجية وقد جرت على أقلام كثيرين قولهم:
فلان كلاهوتي يقدر أن يؤثر كثيرًا.
رأيت صديقي فلان الذي أعطاني الكتاب (أي فأعطاني).
رغمًا عن مساعيه الحميدة لم ينجح في عمله.
مستمِدًّا العناية من الله أقف بينكم خطيبًا.
لعب فلان دورًا مهمًّا في هذه المسألة.
المعاهدة المصادق عليها من الدولة الفلانية.
إن الأمر الفلاني مضرٌّ بقدر وشرف ومالية فلان.
يوجد في بلاد الحجاز عدة جبال.
ونحو ذلك من التراكيب التي ترى الصيغة الإفرنجية ظاهرة فيها. على أن أهل العناية في الإنشاء العربي قلما يستخدمونها، وإن كنا لا نرى بأسًا من استخدام بعضها في الأحوال التي تضيق التراكيب العربية فيها.

المولَّد

ونريد بالمولَّد ألفاظًا عربية تنوعت دلالتها للتعبير عما حدث من المعاني التي اقتضاها التمدن الحديث في الإدارة أو السياسة أو العلم أو غير ذلك، وهي كثيرة نذكر أمثلة منها:
الألفاظ الإدارية المولَّدة
وهي ما استخدمته الحكومة من الألفاظ العربية لمعانٍ حدثت في الدولة أو تنوعت على مقتضى السياسة أو الإدارة،
هذه أمثلة من الألفاظ المولَّدة في النهضة الأخيرة في الإدارة، والسياسة، والتجارة، والعلم، والصناعة. وهي كما تراها عربية الأصل والاشتقاق، وأكثرها كان معروفًا في اللغة ومدونًا في المعجمات من قبل لمعانٍ قريبة مما استعملها له المولَّدون أو شبيهة بها
على نحو ما حصل في العصر العباسي. ولكلٍّ من هذه الألفاظ تاريخ يدل على ما تقلبت فيه من الدلالات المتقاربة من زمن الجاهلية، فالعصر الإسلامي، فعصر التدهور، إلى هذا العصر.
ولا ننكر أن بعض هذه المولَّدات كان في الإمكان الاستغناء عن توليدها باستعمال ألفاظ كانت في اللغة قبل هذه النهضة ولها نفس الدلالة المطلوبة، ولكن قضت الأحوال بالتجديد المستمر وهو من نواميس الحياة.
وأكثر التوليد المذكور حدث تدريجًا واعتباطًا لأسباب متفرقة ومختلفة لا يمكن تعيينها أو حصرها، على أن بعضها وُضِع عن روية وقصد وهو قليل، وأما الأغلب في هذا التوليد أن يدخل اللغة تدريجًا مثل تدرج العادات والآداب في تولدها ودخولها في جسم الأمة.
ومن أوضح الأمثلة على ما تتقلب فيه الألفاظ من المعاني أو تتدرج في إبداله، ما أصاب نعوت التفخيم من التغيير العجيب بانتقالها من عصر إلى عصر، فالأديب، والألمعي، والفاضل، والعلَّامة، والفهَّامة، وحضرة، وجناب؛ يستخدمها الكتَّاب اليوم لغير ما كان يستخدمها الأقدمون. وقد يكون الفرق بعيدًا بين المعنيَين.
فالأديب مثلًا مشتقة من الأدب وهو يشمل معظم ضروب العلم، وقد استعملها المولدون في العصور الإسلامية الوسطى لما نستعمل له اليوم لفظ العالم الفاضل، وما زالت دلالتها تتصاغر حتى صاروا يستخدمونها لأصغر خَدَمة الأدب. والحضرة والجناب كانتا من نعوت الملوك والأمراء، فأصبحتا تُستخدَمان لأحقر العامة. وقس على ذلك سائر الألقاب.
وشأن هذه النعوت في حياتها شأن الرتب وأدوارها، فلفظ «بيك» مثلًا معناه الأمير أو الملك، وكانوا يسمون به كبار الأمراء والقواد، ثم جعلوه لقبًا ملكيًّا يُمنَح لبعض الوجهاء ونحوهم ممن يأتون عملًا عظيمًا، ثم صار إلى ما تعلم. ويقال نحو ذلك في سائر الرتب والنعوت، فهي في صعود وهبوط وتولُّد ودثور في دلالتها شأن الطبيعة في كل أحوالها.
المصدر : راسخون 2017
 


ارسل تعليقاتك
با تشکر، نظر شما پس از بررسی و تایید در سایت قرار خواهد گرفت.
متاسفانه در برقراری ارتباط خطایی رخ داده. لطفاً دوباره تلاش کنید.