موقف الفاروق من العترة الطاهرة

الفاروق حريص على مستقبل الاسلام والمسلمين ، حتى عندما كان وزيرا ، فعندما اراد النبي صلى الله عليه وآله وسلم ان يكتب وصيته ، ورأى الفاروق ان هذه الوصية قد تشكل خطرا على مستقبل الاسلام والمسلمين تصدى للنبي الكريم نفسه ،
Wednesday, July 12, 2017
الوقت المقدر للدراسة:
مؤلف: علی اکبر مظاهری
موارد بیشتر برای شما
موقف الفاروق من العترة الطاهرة
موقف الفاروق من العترة الطاهرة



 

الفاروق حريص على مستقبل الاسلام والمسلمين ، حتى عندما كان وزيرا ، فعندما اراد النبي صلى الله عليه وآله وسلم ان يكتب وصيته ، ورأى الفاروق ان هذه الوصية قد تشكل خطرا على مستقبل الاسلام والمسلمين تصدى للنبي الكريم نفسه ، وعارض كتابة الوصية واستقطب حوله مجموعة كبيرة من المعارضين ، فتمادوا بمعارضتهم للنبي حتى قالوا للنبي صلى الله عليه وآله وسلم ومواجهة ( رسول الله هجر ، استفهموه انه يهجر !!! )
والفاروق هو نفسه الذي رتب امر اختيار الخليفة وتابع الاحداث دقيقة بدقيقة حتى نصب الخليفة الجديد في غياب كل قريش وغياب العترة الطاهرة وغياب عميدها ، وذلك حرصا على مصلحة المسلمين ووحدتهم . وحتى لا يجمع الهاشميون النبوة مع الخلافة فيجحفوا على قومهم ، والفاروق بطبيعته يكره الاجحاف والظلم .
والفاروق لا يتساهل في ما يمس امن الدولة ووحدة الامة ، فأمن الدولة ووحدة الامة فوق كل اعتبار ، فاذا اعتقد ان الاخلال بأمن الدولة او تعريض وحدة الامة للخطر يصدر عن بيت فاطمة بنت محمد نفسها ، فلا مانع يمنع من حرق بيت فاطمة على من فيه ، لان القانون يسري على الجميع بما فيهم فاطمة ، وقد هم الفاروق حقيقة بحرق بيت فاطمة بعد ان جاء بالحطب ، ولكن المعارضة خرجت وعدل عن حرق بيت فاطمة . وبالرغم من ذلك فان الفاروق هو الذي اقترح على الصديق ان يذهب بعد الحادثة ويعتذر للزهراء .
والفاروق لا يتهاون بمن يتخلف عن البيعة كائنا من كان ، حتى ولو كان الولي من بعد النبي نفسه ، فعندما رفض علي مبايعة ابا بكر ، هدده الفاروق بالقتل ان لم يبايع ، ومع هذا يقول لمن استصغر شأن الولي ( هذا مولاي ومولاك ومولى كل مؤمن ومؤمنة ) وكان يرجع اليه يستشيره في كثير من الامور ، وكثيرا ما قال ( اللهم اني اعوذ بك من معضلة ليس فيها ابو حسن ) وقد وثقنا كل ذلك في هذه الدراسة وفي كتابنا النظام السياسي في الاسلام .
والفاروق نفسه هو واضع شرط عدم جواز تولية الهاشمي وتسليطه على رقاب الناس ، حتى لو كان هذا الهاشمي ذا قوة وذا امانة ، وذلك من باب سد الذرائع ـ حسب رأيه ـ حتى لا يجمع الهاشميون النبوة والخلافة معا فيؤدي ذلك لاجحافهم على بطون قريش .
وبالرغم من ذلك كان يبدأ بآل محمد عند توزيع العطايا ويقدمهم على نفسه وعلى آل ابي بكر كما يروي البلاذري في فتوح البلدان .
وباختصار ، فان للفاروق اسلوبه ومنهجه الخاص بفهم الدين ، ولا يجد حرجا ولا غضاضة بالجهر بهذا الاسلوب وهذا المنهج حتى بمواجهة النبي نفسه ، وحادثة الرزية ـ كما يسميها ابن عباس ـ خير مثال على ذلك .
وقد يبلغ به الامر حدا ان يواجه بأسلوبه ومنهجه النص القرآني نفسه وعلى سبيل المثال قوله تعالى ( انما الصدقات للفقراء والمساكين والعالمين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله ) فالنص القرآني يحدد الجهات المستفيدة من الصدقات وعلى سبيل الحصر ، ويعتبر هذا التحديد فريضة الهية مثل اي فريضة .
ثم لاح للفاروق ان سهم المؤلفة قلوبهم لا ضرورة له ، وهم لا يستحقونه ، واعطاء هذا السهم للمؤلفة قلوبهم بعثرة لمال الله ، فا لله نصر الاسلام واعز دينه ، ولاحاجة لتأليف القلوب بالمال ، وبجرة قلم اسقط سهم المؤلفة قلوبهم ، ومنع عنهم الحق الذي رتبه الله لهم ، ولم يمنعه عن ذلك علمه بأن الرسول نفسه قد اعطى المؤلفة قلوبهم هذا السهم بالرغم من مجيء نصر الله والفتح . وسهم الخمس مثال ، ومتعة الحج شرعت على عهد النبي وظلت قائمة حتى نهى عنها الفاروق ، وفي زمن النبي وابي بكر الطلقات يجب ان تكون متفرقة ، فجاء عمر وقال ( ان المسلمين يستعجلون الامر وإن الاوفق ان يكون الطلاق ثلاث مرات ) فجعل صيغة ( أنتِ طالق ثلاثا ) تحل محل الطلاق ثلاث مرات ... الخ .
الفاروق يندفع كالاعصار ، فلا شيء يقف في طريقه ولا شيء يمنعه من ان يقول ما يعتقد انه الحق بمواجهة اي كان ، فقد كانت له الكلمة العليا في زمن الصديق ، لان الصديق مدين له باستخلافه ، ولو شاء عمر لكان هو الخليفة الاول بدلا من الصديق ، وكانت له الكلمة العليا في زمنه هو الخليفة ، وكانت له الكلمة المسموعة في كل بطون قريش ، لانها تعرف انه وحده منع الهاشميين من ان يجمعوا الخلافة والنبوة ولولاه لجمعوهما ، وكانت له الكلمة العليا عند بني امية بالذات ، فهو الذي عين يزيد بن ابي سفيان ومعاوية وثبتهما على ولاية الشام ، وهو الذي اوصى عمليا لعثمان الاموي ، فغزت محبته قلوب قريش ، وامتدت لبقية المجتمع المسلم ، وسرت كالعافية ، ومما ساعد على توطيدها انه لم يتدنس بشهوة كما يقول الامام العاملي .

على مفترق الطرق

اهتزت الارض من تحت اقدام الذين آمنوا ، ومادت بهم حتى والنبي على فراش الموت ، وحدثت سلسلة هائلة من الانهيارات المتلاحقة والانهيار يتبعه بالضرورة انيهار ، والانيهار التام وارد لا محالة ، اما متى ؟ فا لله وحده هو الذي يعلم ، وقد بدأت سلسلة الانهيارات عندما حالوا بين الرسول وبين كتابة ما يريد ، وبموته وقبل دفنه ، ابرم الذين حالوا بين رسول الله وبين كتابة ما يريد الامر ، وقبضوا على زمام السلطة في غياب قريش كلها وغياب العترة الطاهرة ، وغياب عميدها ، وغياب الاكثرية الساحقة من المسلمين ، وواجهوا الجميع بدولة حقيقية تلبس رداء الشرعية كاملا وبأمر قد احكم تماما .

الحكم والمعارضة

برز القائمون على امر كحكام حقيقين بيدهم الحول والقوة ، وقد استقام لهم الامر وبايعهم الاتباع وسلموا لهم الامارة والمرجعية ، فهم حكم حقيقي وسلطة واقعية .
ووجد الولي من بعد النبي نفسه وحيداً مع القرآن ، والقرآن معه يدور حيث دار (1)
وحيداً مع الحق والحق معه يدور حيث دار (2)
وقرار التعيين الالهي بأنه الهادي (3)
وقرار الحق بالبيان عند الاختلاف بعد وفاة النبي (4)
وانه كالنبي حجة على المسلمين يوم القيامة (5)
وانه يتمتع بكافة المنازل التي كان يتمتع بها هارون مع موسى باستثناء النبوة .
وجد الولي نفسه وحيدا مع كل هذا ، ومجردا من كافة سلطاته ، ولا احد يصغي اليه ، انه مجرد مواطن عادي لا معين له الا اهل بيته الطاهرين وبني هاشم الذين انهكتهم مقارعة العرب . تلك هي التقاطيع الاساسية للمعارضة . ليست مرشحة لعمل الكثير ، لكنها مرشحة ومؤيدة من الله تبين لنا الدين على حقيقته .

خياران امام المعارضة

ليس امام المعارضة بديل غير الموادعة او المواجهة ، والمواجهة بمثل الاوضاع التي كانت تحياها الامة انتحار حقيقي ، فبها قد يتعرض الدين نفسه للخطر وقد يتعرض الولي للموت وتتعرض الذرية المباركة للردى ، فقدم الولي الاهم على المهم وشق طريق الموادعة بنفسه . لا يبخل بنصح ولا بيان للدين .

خياران امام الامة

والله لكأن الامة كانت في حلم استفاقت مذعورة بعد موت النبي صلى الله عليه وآله وسلم لتجد امامها :
1 ـ سلطة قائمة وحكماً حقيقياً يقوده ويرشده شيوخ كانوا من ابرز وزراء النبي ويعلنون انهم على حق .
2 ـ معارضة محدودة ومحجمة يقودها ويرشدها الولي من بعد النبي ولا يقف معه الا عترة النبي واهل بيته وبنو هاشم التي واقفت العرب 23 عاماً كاملة ، ويعلنون ان الحق معهم .

انقسام الناس

ففريق : آثر السلامة ، وادرك عدم جدوى المعارضة ، فوادع السلطة ( اهل السنة ) ووالاها لانها ولية النعمة ، وبيدها الحول والقوة ورمز وحدة الامة ، وعندما انتصر معاوية على علي وهزمت الشرعية امام القوة سمي هذا العام بعام الجماعة ، وسمي الذين والوا معاوية ومن غلب بأهل السنة .
وهذا الفريق شيع واحزاب ، يتفاوتون بولائهم للسلطة وتبريرهم لافعالها ، ويتفاوتون بدرجة تعاطفهم مع المعارضة ، وتفهمهم لموقفها وغالبتهم استقرت على ان الجميع صحابة ومن اهل الجنة وكلهم مجتهدون ، والمجتهدون مأجورون اصابوا ام اخطأوا ، وارتاحت هذه الجموع لهذا الحل ، وارتبط مصيرهم بمصير الحكام فدفعوا اللوم عن الحكام لا حباً بالحكام ولكن حتى يسلموا بأنفسهم من اللوم ، لانه اذا ثبت اللوم على الحكام فيثبت على من والاهم بالضرورة .
وفي ما يتعلق برئاسة الدولة استقر هذا الفريق على رأي : انهم مع من غلب ، فهم يوالون الغالب ، كائنا من كان ، وحجتهم في ذلك مقولة الصحابي عبد الله بن عمر الذي قال يوم الحرة ( نحن مع من غلب ) فصارت مقولته تلك قاعدة شرعية .
الفريق الثاني : الشيعة هم الذين والوا الولي من بعد النبي ، وآمنوا ان الحق معه يدور حيث دار ، وان الولي مع القرآن والقرآن معه ، فوالوه ووالوا عترة النبي واهل بيته ، وصدقوا قول النبي ان القرآن هو الثقل الاكبر ، وان عترة النبي واهل بيته هم الثقل الاصغر ، والهدى لا يدرك الا بالثقلين معاً : القرآن والعترة الطاهرة ، فعميد اهل بيت النبوة في كل زمان هو امامهم الشرعي وهو وليهم ، يوالون من يوالي ويعادون من يعادي ، وقد بلغ هؤلاء العمداء اثني عشر عميدا ، وقد التزمت الشيعة بالشرعية الكاملة لا تحيد عنها ولا تخرج من دائرتها ابدا مهما كانت التكاليف ، ومهما غلت التضحيات .
والهدف الاعظم للشيعة هو توحيد الامة الاسلامية تحت راية امام اهل بيت النبوة الذي سيتولى بيان احكام العقيدة الالهية وتطبيقها وحمل رسالة الاسلام النقية الى العالم لانتشاله من الظلمات الى النور . والطريق التي اختارتها الشيعة طوال التاريخ هي طريق الآلام والمصائب وهي الضريبة التي يتوجب ان تدفعها الشيعة حتى تنال رضوان الله من خلال المرتبة السنية التي خلعها النبي عليهم . عندما نزول قوله تعالى ( ان الذين آمنوا وعملوا الصالحات اولئك هم خير البرية ) قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم ( يا علي هم انت وشيعتك ) (6)
ولان الشيعة حزب معارضة ، فهي تشكك بشرعية السلطة القائمة في كل زمان ان لم يكن امامها ورئيسها من اهل بيت النبوة . فلذلك حدثت حالة من سوء الظن بين الشيعة والسلطة ، وتعمقت هذه الحالة حتى تحولت الى خصومة ، فعداوة تمخضت عن الحق المتبادل بين السلطة ـ اي السلطة ـ والشيعة طوال التاريخ .
فحاولت الشيعة كأفراد وجماعة ان تثبت ان السلطة قوة غاشمة وغالبة اغتصبت الامر من اهله ، وفرضت نفسها على الامة بحكم القوة والغلبة ، وانها حرمت المسلمين والانسانية من الاستفادة من الحكم الالهي بسبب حبها للجاه والسيطرة وايثارها للعاجلة على الآجلة . ووسائل الشيعة باثبات وجهة نظرها هذه فردية وسرية ، لان السلطة صادرت حرية الشيعة طوال التاريخ ، ولاحقتهم وطاردتهم وضيقت عليهم الخناق .
وبالمقابل فان السلطة القابضة بأيديها على زمام كل شيء في المجتمع ، صادرت حرية الشيعة بطرح وجهة نظرها ، واتهمت الشيعة بأنها خارجة على الجماعة ، وشاقة لعصا الطاعة ، واحيانا اتهمتها بالمروق والرفض والزندقة والكفر ... الخ .
وكان وجهة نظر السلطة بالشيعة متاحة للجميع ، وتنقلها كافة وسائل اعلام السلطة بحرية ، ويروج لها العلماء المتعاونون مع السلطة فصورت السلطة الشيعة بأبشع الصور ، وعمقت الهوة بين الشيعة والامة ، وماتت اجيال وجاءت اجيال ، فتصورت الاجيال اللاحقة ان التهم التي الصقتها السلطة بالشيعة صحيحة ، فأخذت تردد نفس التهم وتعزف على ذات الوتر بحكم التقليد ، والشيعة محتسبة صابرة ومثابرة ، وواثقة ان اليوم الذي تتكشف فيه الحقائق ليس ببعيد .
المصادر :
1- الخلفاء للسيوطي ج 2 ص 56 ... الخ .
2- تاريخ بغداد للخطيب البغدادي ج 14 ص 321 وترجمة الامام علي من تاريخ دمشق لابن عساكر ج 3 ص 119 ح 1162 وغاية المرام ص 539 ومنتخب الكنز ج 5 ص 30 من مسند الامام احمد الهامش ... الخ .
3- ترجمة علي من تاريخ دمشق لابن عساكر ج 2 ص 417 ومسند الامام احمد ج 5 ص 34 الهامش وتفسير الطبري ج 13 ص 108 وابن كثير ج 2 ص 502 والشوكاني ج 3 ص 70 والرازي ج 5 ص 271 والمستدرك ج 3 ص 129 ـ 130 والدر المنثور للسيوطي ج 4 ص 45 ... الخ .
4- المناقب للخوارزمي ص 236 ، ومنتخب الكنز ج 5 ص 33 من مسند الامام احمد ، وترجمة علي من تاريخ ابن عساكر ج 2 ص 88 ح 1008 و 1009 .
5- ترجمة علي من تاريخ دمشق لابن عساكر ص 273 ح 793 ـ 795 ومسند الامام احمد ج 5 ص 94 ومناقب علي لابن المغازلي والميزان للذهبي ج 4 ص 128 .
6- سورة البينة آية 7 ، وراجع الصواعق المحرقة لابن حجر الهيثمي ص 96 وراجع الدر المنثور للسيوطي ج 6 ص 379 ، وراجع تفسير الطبراني ج 3 ص 146 وفتح القدير للشوكاني ج 5 ص 477 ، وروح المعاني للآلوسي ج 30 ص 207 ، وغاية المراجع باب 28 من العقد الثاني ص 238 وفرائد السمطين ج 1 ص 156 ، والمناقب للخوارزمي الحنفي ص 62 و 187 والفصول المهمة لابن الصباغ المالكي ص 107 ... الخ وراجع ملحق المراجعات ص 62 .
 


ارسل تعليقاتك
با تشکر، نظر شما پس از بررسی و تایید در سایت قرار خواهد گرفت.
متاسفانه در برقراری ارتباط خطایی رخ داده. لطفاً دوباره تلاش کنید.