سنة ١٥٤٧ميلادي: تبوأ الملك «إدورد السادس» سنة ١٥٤٧، وكان قاصرًا فعيَّن وصيًّا له إدورد سيمور دوق أوف سومرست فأخذ على نفسهِ ترتيب الماسون، وبنى بيت سومرست في سترند. وقُتل هذا الدوق سنة ١٥٥٢؛ لأنه كان مخلصًا لعائلة ستورت، وبعد قتلهِ أخذت الحكومة بيته، ثم عُيِّن يوحنا بوينت أسقف ونشستر رئيسًا على المحافل الماسونيَّة إلى حين موت الملك سنة ١٥٥٣.
سنة ١٥٥٣ميلادي: ولما توفي إدورد السادس في ٦ يوليو سنة ١٥٥٣ جعلت «حنة غراي» حفيدة «هنري السابع» ملكة لإنكلترا، واستمرَّ ملكها عشرة أيام فقط وتشتت حزبها، وجلست ماري بكر هنري الثامن مكانها، فقتلت دوق نورثمبرلند وحنة وزوجها، وماتت على إثر انتصار الفرنسويين في كالي في ١٧ نوفمبر سنة ١٥٥٨ بعدما أحرقت كثيرين وظلمت ظلمًا فاحشًا.
سنة ١٥٥٨ميلادي: وبقي الماسون بلا أستاذ أعظم إلى أن جلست إليصابات على سرير الملك بعد وفاة ماري في ١٧ نوفمبر سنة ١٥٥٨، فعين السر توما ساكفيل أستاذًا أعظم، وكانت المحافل تجتمع في كل جهات إنكلترا بلا ممانعة ولا معارضة، وكان مركز المحفل الأكبر في يورك، حيث كان الإخوة أكثر عددًا من بقية الجهات، وكانوا مشهورين بغيرتهم فاعتبروا كثيرًا.
سنة ١٥٦١ميلادي: وسنة ١٥٦١ ثار المفسدون فأضرموا فؤاد الملكة «إليصابات» غيظًا على الماسونيَّة واتهموا البنَّائين الأحرار وجمعيتهم بالتشيُّع والأغراض، وأنها لم توجد إلا للخراب والدمار، وزادوا لها الوشاية عن الجمعية أنها تجتمع سرًّا لأمور لا توافق المملكة، وكانت إليصابات تخاف من الجمعيات السرية فأوجست منها شرًّا. ودرى الأستاذ الأعظم بوشايات المفسدين، فتدبر الأمر بحكمته وعقله، وأدخل ضباط العساكر وأصحاب المناصب العالية في المحافل الماسونيَّة بعدما صادقهم وعاشرهم وامتزج معهم.
سنة ١٥٦١ميلادي: وفي ٢٧ ديسمبر سنة ١٥٦١ أرسلت الملكة قوة مسلحة إلى يورك لقفل المحفل الماسوني ومنع الإخوان من الاجتماع، فأحاطت العساكر بالمحفل ومنعوا افتتاحه. ولكن الضباط الذين كانوا يقودونهم عادوا إلى الملكة ورفعوا لها التقارير الحسنة عن الجمعية فصدَّقتهم واقتنعت بحسن نيَّة الجمعية، فأصدرت أمرًا ثانيًا يخالف أمرها الأول ومنحتهم كل امتيازاتهم وحقوقهم القديمة، ولم تعد إلى معارضتهم في كل مدة حكمها. وفي مدة حكم هذه الملكة حدثت مذبحة مار برثولماوس في فرنسا، حيث قُتل جمهور غفير من البروتستانت وبينهم جماعة من الماسون، وكان هؤلاء يأتون من ألمانيا وهولندا وفرنسا وغيرها ويستجيرون بإنكلترا فتحميهم من الظلم، فأدخلوا معهم كثيرًا من الصنائع والفنون إلى البلاد الإنكليزية. وأدخل الهولنديون الشاي إلى إنكلترا والجرمانيون الساعات، وأدخل أحد أمراء الإنكليز التبغ والبطاطا، وسنة ١٥٨٠ عُملت المركبات وسنة ١٦٠٠ أُسست شراكة الهند الشرقية التي دخلت بلاد الهند بسببها في طاعة بريطانيا.
سنة ١٥٦٢ميلادي: وفي سنة ١٥٦٢ميلادي الْتأمت الجمعيات الماسونيَّة المنقطعة لبناء الجسور وانتخبت جان دي ميديسيس أستاذًا أعظم لها.
محفل ستراسبورج الألماني الأعظم
سنة ١٥٦٣ميلادي: وسنة ١٥٦٣ اجتمع محفل ستراسبورج الألماني الأعظم بعدما نازع محفل كولونيا الرئاسة طويلًا، وطلب في تلك السنة اجتماع مجمع عام، فالتأم ماسون ألمانيا وسويسرا في بال وقرءوا التقارير والفصول المطولة عن حالة البناء والصناعة، وما وصلت إليه في تلك الأيام وبحثوا طويلًا ليروا الوسائل الممهدة للعقبات الحائلة دون إتمام بنايات الكنائس والمعابد، إذ كان يضادهم الكهنة بذلك .سنة ١٥٦٤ميلادي: وسنة ١٥٦٤ اجتمع الماسون في ستراسبورج أيضًا وقرروا أن المحافل الباقية ترفع قضاياها فيما بعد لمحفل ستراسبورج الأعظم وهو يرى بها ولا يتعرض فيما بعد لمجالس أخرى، فصار محفل ستراسبورج مركزًا لأعمالهم بدلًا من محفل كولونيا.
وبقي السر توما ساكفيل أستاذًا أعظم للمحافل الإنكليزية إلى سنة ١٥٦٧ فاسْتُعْفِيَ وصار رئيسًا مكانه فرنسيس روسل أرل أوف بدفورد والسر ثوماس جريشام أحد التجار المشهورين وتولى الأول رئاسة الماسون في الجهة الشمالية، والثاني الرئاسة في الجهة الجنوبية؛ لأن الماسون كانوا قد زادوا بسبب التقرير الحسن الذي تقدم للملكة إليصابات عنهم وارتياحها إليهم كما ذكرنا آنفًا.
وبقي الاجتماع السنوي يُعقَد في يورك، حيث تحفظ كل التقارير والسجلات، وحيث تُفصل كل المشاكل والأشغال المهمة.
وبنى السر ثوماس جريشام سوقًا للبورصة غاية في الإتقان اشتغل فيها جماعة الماسون ووصفها التاريخ الماسوني الإنكليزي وصفًا مدققًا فلم نرَ حاجة لذكر فخامتها، وإنما نقول: إنها كانت تحتوي على مائة وعشرين دكانًا ١٣ عدا البنايات الأخرى.
وزارت الملكة إليصابات السر ثوماس جريشام وتغدت عنده ثم زارت السوق وسُرَّت من إتقانها وترتيب بضائعها، وأمرت أن تصدح الموسيقى العسكرية فيها وحينئذٍ ظهر السر ثوماس بملابسهِ الماسونيَّة أمام جميع الناس، وأعلن أنه رئيس الماسونيَّة فسرَّت الملكة، وتأكدت أن الجمعية مؤلَّفة من بنَّائين ماهرين ومن غير بنَّائين ممن لهم شغف وحب للبناء، وأن لا دخل للسياسة فيها، ورأى الشعب ذلك فنمت الجمعية وأنشئت المحافل في كل جهات المملكة وكثر عدد الماسون في لندن وضواحيها وأتموا أعمالًا عظيمة بتنشيط السر ثوماس جريشام المشار إليهِ.
سنة ١٥٣٨ميلادي: وخلف السر ثوماس في الرئاسة على الماسون بالجهة الجنوبية تشارلس هوَرد أرل أوف اثنهام، وبقي يرأس تلك المحافل إلى سنة ١٥٨٨، فانتخبوا جورج هاستنس أرل أوف هانتدون، وبقي في هذا المنصب إلى وفاة الملكة إليصابات في ٢٤ مارس سنة ١٦٠٣، وقد دام حكمها ٤٥ سنة في أثنائها قتلت ماري ستورت ملكة اسكوتلندا أم جمس السادس بعدما أبقتها أسيرة عندها ١٩ سنة، وعملت أعمالًا عظيمة، وزاد مجد شعبها بمستعمراتهِ التي أُسست في جهات الأرض المختلفة، وانقرضت دولة تيودور بوفاتها بعدما ملكت نحو ١١٨ سنة.
الملك جمس ستورت السادس لاسكوتلندا والأول لإنكلترا
سنة ١٦٠٣ميلادي: ولد جِمس ستورت الملك السادس لاسكوتلندا والأول لإنكلترا في ١٩ يونيو سنة ١٥٦٦ في مدينة أيدنبرج باسكوتلندا وملك على اسكوتلندا في يوليو سنة ١٥٦٧، وبعد وفاة إليصابات في ٢٤ مارس سنة ١٦٠٣ خلفها ملكًا على إنكلترا وتوِّج في ٢٥ يوليو سنة ١٦٠٣ بكنيسة وستمنستر، وكانت إليصابات قبل موتها قد أقرَّت له بالخلافة من بعدها؛ لأنه كان ابن ابن ابنة هنري السابع ملك اسكوتلندا التي قطعت إليصابات رأسها، ومن ذلك الوقت انضمت اسكوتلندا إلى بريطانيا وصارت مملكة واحدة وتوفي جمس في قصر ثيوبلدس سنة ١٦٢٥ (انظر ترجمته في كتابنا «الجوهر المصون»).وقد ابتدأ مُلك جِمس عندما خلعت أمه ماري ستورت ملكة اسكوتلندا وانتقلت السلطة إلى أيدي البروتستانت فجعل الوصي عليهِ أرل مار، وعين العالم جورج بوكانان أستاذًا له، وسنة ١٥٧٧ استلم جمس السلطة وسنة ١٥٨٢ عقد محالفة بالنيابة عن البروتستانت مع إليصابات ملكة إنكلترا التي كانت الدول الكاثوليكية تتهددها، وسعى في نجاة أمهِ من الموت عندما صدر الحكم عليها بالقتل في إنكلترا فلم ينجح، واتحد مع إنكلترا عند خروج الأسطول منها.
سنة ١٥٨٩ميلادي: وسنة ١٥٨٩ سافر إلى الدنيمارك وتزوج بحنة ثانية بنات فردريك الثاني، وألَّف كتابه المعروف ﺑ «باسيليكون دورُن» لتعليم ابنهِ هنري، وقد طبع هذا الكتاب سنة ١٥٩٩.
سنة ١٦٠٣ميلادي: وحاول إرجاع الطريقة الأسقفية فخاب مسعاه. وفي ٢٤ مارس سنة ١٦٠٣ نادى المجلس الملكي باسمهِ ملكًا لإنكلترا ضد وصية هنري الثامن، وكانت إليصابات قد اعترفت له بهذا الحق كما تقدم. وفي ٥ أبريل سنة ١٦٠٣ خرج من أيدنبرج قاصدًا لندن، وكان جسمه ضخمًا وعوائده خشنة قبيحة وهيئته مكربة فلم تحبه رعيته الجديدة كما يجب، ولكنَّ الماسونيَّة التي كان منها عضدت أعماله الأدبية، ولا سيما عند المباشرة بترجمة الكتاب المقدس إلى اللغة الإنكليزية تحت نظرهِ وتدبيرهِ، وكان عالمًا عارفًا حَذِقًا أديبًا بارعًا في العلوم والمعارف يحب المطالعة والتأليف ويعرف اللغة العبرانية واليونانية واللاتينية مغرمًا بالتكلم بها حتى إن وزراءَه كان يصعب عليهم أحيانًا أن يفهموا كلامه، وكان يبغض الحروب ولذلك قضى معظم حياتهِ بالسلم.
سنة ١٦٠٧ميلادي: وسنة ١٦٠٧ انتخب الملك «جمس» حاميًا للماسونية في إنكلترا فزاد عدد المحافل في أيامهِ؛ ولذلك بعد إعلان حكمهِ على إنكلترا واسكوتلندا وأرلاندا نَمَتِ الماسونيَّة كثيرًا في إنكلترا واسكوتلندا، وكانت المحافل تجتمع تحت عنايتهِ. وعاد كثيرون من الماسون الذين تفرقوا في جهاتٍ أخرى، وقد زادوا اختبارًا ومعرفةً فأحيوا ما كان قد اندرس من الماسونيَّة الرومانية واليونانية القديمة وجلبوا معهم رسومًا وكتبًا وأشياءَ مختلفة لفن البناء، وجاءَ بينهم الماسوني الشهير أنيكوجونس ابن أنيكوجونس من أهالي لندن، وهو الذي كان يتعلم صناعة النجارة. وبرع هذا الشاب في أعمالهِ، وكان يميل ميلًا خصوصيًّا لفن الرسم والتلوين، فبرع بهما وأتقنهما على يد المعلم وليم هربرت، ثم على يد الأرل أوف بمبروك، فلما رأى هذا براعته وأمياله الخصوصية إليهما أرسله على نفقته إلى إيطاليا، وهناك أتقن هذا الفن على أحد تلامذة أندريا بلاديو المشهور، وعاد إلى إنكلترا وتعاطى فن البناء والنقش، ففاق الأقران وزاحم مَهَرة الإيطاليين.
سنة ١٦٠٧ميلادي: ولما كان الملك «جمس الأول» حاميًا للماسونية ونموها يزيد في أيامه سمَّى «أنيكوجونس» المذكور مهندسًا عموميًّا له وعيَّنه أستاذًا أعظم على المحافل الماسونيَّة في إنكلترا فانضم إليها كثيرون من المتعلمين، وازدادت أهمية الجمعية وشهرتها، وأتى كثيرون من النقاشين والبنَّائين إلى إنكلترا من الخارج فقوبلوا بالترحاب ولقوا كل تشجيع.
وزادت العلاقات الماسونيَّة بين الإنكليز والطليان، ونظمت المدارس على نسق مدارس إيطاليا وبنيت المباني الفخيمة بعناية الملك وأُمر أنيكوجونس أن يبني للملك قصرًا جديدًا في هوَيتهول يليق بسكنى الملوك.
سنة ١٦٠٧ميلادي: وفي هذه السنة جاءَ الملك «جمس» بحضور «جونس» الأستاذ الأعظم و«وليم هربرت» و«أرل أوف بمبروك» المنبهين والأستاذ نقولا ستون وكثيرين من الماسون، وكانوا جميعهم بملابسهم الماسونيَّة الرسمية. وجاء كثيرون من غير الماسون بالدعوة أيضًا لمشاهدة الاحتفال فتقدم الملك بعد تقديم الفروض الماسونيَّة ووضع بيدهِ حجر الزاوية لتلك البناية التي لم يقم أكبر من قاعتها من أيام أغسطس قيصر وجُعلت لمقابلة السفراء، وقد نقشها السر بطرس بولس روبنسن (الذي كان سفيرًا لإنكلترا في أيام تشارلس الأول)، وقد صارت الآن كنيسة للعبادة، وكان لهذا العمل تأثير عظيم في كل المملكة.
سنة ١٦١٨ميلادي: وبقي «أنيكو جونس» أستاذًا أعظم للماسون إلى سنة ١٦١٨ وخلفه أرل أوف بمبروك، فانضمَّ إلى الماسونيَّة كثيرون من الموسرين وأشراف الأهالي بمدة الرئاسة.
سنة ١٦٢٥ميلادي: وتوفي جمس سنة ١٦٢٥ غير محمود في سياسة المملكة الداخلية والخارجية، وتبوأ تخت الملك بعده ابنه تشارلس الأول.
سنة ١٦٣٠ميلادي: وبقى أرل أوف بمبروك أستاذًا أعظم للماسون إلى سنة ١٦٣٠، حيث اسْتُعْفِيَ وخلفه على الرئاسة العظمى في المحافل الإنكليزية أرل أوف دانبي هنري دانفرس.
سنة ١٦٣٠ميلادي: وفي هذه السنة (١٦٣٠) كانت الماسونيَّة في اسكوتلندا لا تزال على حالها واجتمع الإخوة الماسون وقرروا إثبات وراثة الرئاسة العظمى لورثة وليم سانكلار بارون دي روسلين التي كان جِمس الثاني ملك اسكوتلندا قد منحه إياها مكافأةً له على أعمالهِ المجيدة (انظر [الباب الثاني، الماسونية العلمية، جمس الثاني ملك اسكوتلندا)، وبقي هذا القرار معمولًا به إلى سنة ١٧٣٦.
سنة ١٦٣٣ميلادي: وبقي أرل أوف دانبي هنري دانفرس أستاذًا أعظم على المحافل الإنكليزية إلى سنة ١٦٣٣ وخلفه ثوماس هورد أرل أوف أروندل، جد عائلة نورفوك وخلفه سنة ١٦٣٥ فرنسيس روسل أرل أوف بدفورد، وكان أنكوجونس يعضد المحافل بتلك المدة فانتخب ثانيةً إلى الرئاسة العظمى في سنة ١٦٤٦، وبقي رئيسًا إلى يوم وفاتهِ من تلك السنة فحزن الناس عليهِ حزنًا شديدًا ودفنوه بالإكرام اللائق بمقامهِ، وكانت أعماله العظيمة وبناياته الجميلة أعظم أثر له ولا يزال التاريخ يذكر بالثناء شارع الملكة العظيم والمستشفيات والبنايات التي بناها أنكوجونس في لندن وغيرها، ويطنب في مديح هذا المفضال.
المصدر : راسخون 2017