سنة ١٦٨٥ميلادي: جمس الثاني ملك إنكلترا والسابع لاسكوتلندا هو ثاني أولاد «تشارلس الأول» من امرأتهِ «هنريت دي فرانس»، ولد في ١٥ أكتوبر سنة ١٦٣٣ في قصر سان جمس، وتوفي أبوه وهو صغير لا يتجاوز التاسعة من عمرهِ وانتشبت إذ ذاك الحروب الأهلية فشهد معركة أوجهل.
وكاد يخسر فيها حياته وشهد حصار بريستول سنة ١٦٤٣ وأُخذ أسيرًا بعد افتتاح أُكسفورد سنة ١٦٤٦، وأرسل إلى جزيرة فيرفكس. وكان يقضي معظم أوقاتهِ في قصر سان جمس مع أخيهِ «غلوسستر» وأختهِ «إليصابات» تحت وصاية «أرل نرثمبرلند»، وفي سنة ١٦٤٨ نجا من سجنهِ وفر إلى نذرلندا، وذهب منها إلى باريس سنة ١٦٤٩ فانتظم في جيشها وحارب أعداءَها.
وامتاز ببسالتهِ تحت قيادة تورين القائد العام. وفي سنة ١٦٥٥ تصالحت إنكلترا وفرنسا فاضطر جمس إلى ترك فرنسا فدخل في جيش الإسبانيوليين وحارب الإنكليز والإفرنسيين، وكان الإسبانيول يحترمونه كثيرًا، وسبب لإنكلترا قلقًا جسيمًا خصوصًا لانضمامه إلى الكاثوليك. وفي سنة ١٦٦٠ عاد مع عائلتهِ إلى إنكلترا، وفي ٣ سبتمبر من تلك السنة تزوج بحنة هيو بنت «أرل كلارندون» فتوفيت سنة ١٦٧١، وتزوج سنة ١٦٧٣ ثانيةً بماريا بياتريس إليونورا، وهي برنسة من بيت إستي من مورية، وكانت أصغر منه بنحو ٢٥ سنة، وكان جمس قد اعتنق في منفاه الديانة الكاثوليكية.
ولكنه لم يعترف بها جهرًا إلا بعد رجوع الحكومة الملكية ببضع سنين؛ أي في سنة ١٦٧١، وكان له في البلاط سطوة عظيمة، وعند وفاة أخيهِ تشارلس الثاني سنة ١٦٨٥ خلفه في الملك. ودخل جمس في الماسونيَّة وتولى حمايتها، قال صاحب التاريخ الماسوني الفرنسوي: إن الملك جمس كان الأستاذ الأعظم لمجمع هيرودوم الذي كان يدعى محفل كلوينن (وهو الذي عززه روبرت بروس ملك اسكوتلندا سنة ١٣١٤ وصيَّره محفلًا أعظم. (1)
وجدد جمس دخول درجة القديس أندراوس التي كانت قد أُهملت في عهد الإصلاح وضبطت كل أموالها ومقتنياتها، وكان قصده أن يجعل هذه الدرجة علامة مميزة للذين يمتازون عن غيرهم من الماسونيين.
وامتاز جمس بمضاء عزمهِ وشدة عزيمتهِ على تجديد الحروب الدموية واضطهاد المخالفين له في معتقدهِ وقاوم الكنيسة الأسقفية وألغى امتيازات المدارس الكلية؛ فانقسمت إنكلترا إلى حزبين عظيمين فكان الماسون الاسكوتلنديون من حزب الملك جمس الثاني (أي من حزب الجزويت) والماسون الإنكليز، ومن غرضهم خلعه، وكان كلٌّ من الحزبين يؤيد مدعاه ففاز أخيرًا الماسون الإنكليز واضطروا جمس إلى الفرار فهرب ومعه كثيرون من الأشراف والجزويت وجماعة الماسون المحازبين له.
وفي ٣٠ يونيو سنة ١٦٨٨ طلب الإنكليز إلى «وليم» الذي كان يدعى «برنس أورانج»، وهو ابن أخ الملك جمس أن يُغِير على إنكلترا قصدَ امتلاكها بدلًا من عمهِ فسافر وليم بحرًا من هولاندا بجيش مؤَلف من ١٥ ألف رجل، ونزل المهاجمون من ترباي في ٢٥ أكتوبر سنة ١٦٨٨ فترك جمس الجميع حتى أخته حنة، وهرب من إنكلترا إلا أنه قُبض عليهِ وأُرسل إلى لندن، ولكنه تمكَّن من الهرب ثانيةً فلجأ إلى فرنسا فقابله «لويس الرابع عشر» بكل إكرام، وعيَّن له مبلغًا وافرًا لنفقاتهِ.
وخصص قصر سان جرمين بإقامته. وابتدأ جمس الثاني يغري لويس الرابع عشر ويحركه ليحارب عدوه ويعيده إلى سرير الملك فأجابه. وبعد انتصارات قليلة أحرزها جمس الثاني عاد فانكسر انكسارًا عظيمًا في المعركة الفاصلة التي جرت في برلين في ١ يوليو سنة ١٦٩٠، فرجع إلى فرنسا حزينًا وظل فيها إلى أن مات في ٢ سبتمبر سنة ١٧٠١ بداءِ السكتة.
وكانت الماسونيَّة في كل مدة حكم جمس الثاني متأخرة وانحطت كثيرًا، وخصوصًا في جنوبي إنكلترا، ولم يبقَ إلا سبعة محافل أعظمها محفل القديس بولس الذي كان رئيسه السر خريستوفور وَرِن، ومحفل مستشفى القديس توما ورئيسه السر روبرت كلايتون.
ذكر في التاريخ الماسوني الإنكليزي أنه في ٢٧ ماي سنة ١٣٣٠ من مُلك إدورد الثالث كان البنَّاءُون يتقدمون في بناء كنيسة مار استفانوس وكليتها. ويوجد في قلعة لندن كتابة جلية تبين أنه لم يتم بناء هذه الكلية إلا لمدة سنين مضت، وفيها كلام الملك بوضوح أنه أمر بإتمامها. وفي أول يناير سنة ١٣٥٢ أعطى قطعة أرض من التي فيها الكنيسة لقبيلة الدانوا ممتدة إلى نهر التيمس ليبنوا فيها مدرسة، وأعطاهم قسمًا من البيوت المجاورة، ووضع للمدرسة عدة قوانين، وعيَّن جان دوق أوف لنكستر أمينًا على المدرسة وسلمه كل أمورها وسلمه وكالة كلية مار استفانوس السابق ذكرها، وهي التي صارت محلًّا لاجتماع الوزراء والأمراء فيما بعد.
ولد هنري الرابع سنة ١٣٦٧، وجلس على سرير الملك سنة ١٣٩٩، وعين حاميًا للماسون بهذه السنة، ومات سنة ١٤١٣ .
ولد هنري الخامس ملك إنكلترا سنة ١٣٨٨، وتولى الملك سنة ١٤١٣، وعُين حاميًا للماسونية بهذه السنة، وتوفي سنة ١٤٢٢ (2)
جاءَ في التاريخ الماسوني الإنكليزي أن همفري دوق كلوسستر كان عالمًا فاضلًا ومهذبًا أكثر من كل إنسان آخر في زمانهِ بمملكة الإنكليز كلها، وأنشأ مكتبة عظيمة لم يجمع أحد مثلها في بلادهِ، وكان مثالًا حسنًا لجميع شعبهِ، وساعد الماسونيَّة في بداية حكم هنري السادس مساعدة تذكر فتشكر.
لما اجتمع البرلمان حضر خدم وأتباع الأشراف مدججين بالسلاح، ومعهم العصي والنبابيت حتى إذا لم يقر البرلمان على ما يرغبون فيه يكدرون السلام بتعدياتهم.
ذكر في السجل اللاتيني لوليم ملر أنه في عهد قصور البرنس هنري السادس سنة ١٤٢٩ اجتمع محفل ماسوني معتبر في كسنتربري برئاسة الكردينال هنري تشيتشلي وحضره الأستاذ توما ستبيلتون المنبه الأول وبوحنا مورس المنبه الثاني للمحفل مع خمسة عشر أخًا من الماسون ودخل حينئذٍ ثلاثة إخوان في المحفل ذكرت أسماؤُهم بتدقيق.
كان اجتماع البرلمان في ٢٥ يونيو سنة ١٤٢٦ في ليسستر، وجاء أحزاب الفريقين بالعصي والحجارة حسب المعتاد، ولكن حكمة دوق بدفورد حافظت على السلام بين الفريقين.
نظروا في السجل الماسوني القديم المحفوظ للآن أن الماسونيين في أيام هنري السادس كانوا يجتمعون بكل وقت في السنة الثانية عشرة من ملكهِ السعيد سنة ١٤٣٤، وأن شرائع وقوانين الماسون تثبتت وتصدق عليها بواسطة هذا الملك واللوردات الذين كانوا في مجلسهِ الملوكي وأعلنوا أنها واجبة الاتباع، فانضموا إلى الماسونية فكانوا قدوة للآخرين، وتمسكوا بتلك الأحكام كما أخذوها وجمعوها من السجلات القديمة، ومن هذا السجل يظهر أن الماسونيَّة كانت محترمة يُنظر إليها بعين الاعتبار قبل الحوادث التي انتابتها في بداية حكم هذا الملك وهو صغير.
ولد خريستوفور ورن سنة ١٦٢٢ وهو الولد الوحيد للأسقف ورن فرباه والده إلى أن بلغ الثالثة عشرة من العمر، فظهرت عليهِ مخايل النجابة والميل الشديد إلى العلوم والفنون ودخل المدرسة الكلية في إكس سنة ١٦٤٦، وترعرع بعناية الدكتور جون ولكنس وغيره من المعلمين فاخترع عدة اختراعات مهمة.
وألف كتبًا كثيرة في مواضيع شتى، ومن جملة اختراعاتهِ آلته الفلكية التي كانت واسطة عظمى لتوسيع نطاق علم الفلك، وآله لتقسيم أوقات النهار بالتساوي، وهو الذي اكتشف طريقة البناء تحت الماء وكيفية بناء السدود في البحر والصعود في الأنهار بالقوارب، وهو الذي بحث عن أصل الأنهر وحسَّن في نوع البناء وعمل أعمالًا عظيمة يذكرها له العلم والتاريخ بالفخر والشكر مدى الدهر.
المصادر:
1- الباب الثاني، الماسونية العلمية، روبرت بروس الأول ملك اسكوتلندا
2- الجوهر المصون في مشاهير الماسون