التأويل بدلالة الكتاب

ذكر العلاّمة المجلسي وغيره ضوابط للتعبير ، منها بدلالة القرآن ، والحديث ، والتأويل بالأمثال ، وبالأسامي ، وبالمعني ، وبالضدّ ، وهكذا بالوجوه الحكميّة ، واللوازم ، والتأويل بالإقرتان ، وبالدرجة والرتبة ، وبالصفة ،
Saturday, August 5, 2017
الوقت المقدر للدراسة:
مؤلف: علی اکبر مظاهری
موارد بیشتر برای شما
التأويل بدلالة الكتاب
التأويل بدلالة الكتاب


 

ذكر العلاّمة المجلسي وغيره ضوابط للتعبير ، منها بدلالة القرآن ، والحديث ، والتأويل بالأمثال ، وبالأسامي ، وبالمعني ، وبالضدّ ، وهكذا بالوجوه الحكميّة ، واللوازم ، والتأويل بالإقرتان ، وبالدرجة والرتبة ، وبالصفة ، وباختلاف الأحوال ، وغير ذلك ، فقال رحمه‌الله : « واعلم أنّ التأويل قد يكون بدلالة كتاب أو سنّة ، أو من الأمثال السائرة بين الناس ، وقد يقع التأويل على الأسماء والمعاني ، وقد يقع على الضدّ.
1 ـ فالتأويل بدلالة القرآن ، كالحبل يعبّر بالعهد ، كما مرّ ، لقوله تعالى : ( وَ اعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعاً ) (1).
والسفينة بالنجاة لقوله تعالى : ( فَأَنْجَيْنَاهُ وأَصْحَابَ السَّفِينَةِ ) (2).
والخشية بالنفاق لقوله تعالى : ( كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ ) (3).
والحجارة بالقسوة لقوله تعالى : ( أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً ) (4).
والمرض بالنفاق لقوله تعالى : ( فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ ) (5).
والماء بالفتنة في حال لقوله تعالى : ( لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقاً * لِنَفْتِنَهُمْ ) (6).
وأكل اللحم النيّ بالغيبة لقوله : ( أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً ) (7).
ودخول الملك محلّة أو بلداً أو داراً يصغر عن قدره ، وينكر دخول مثله مثلها يعبّر بمصيبة وذلّ ينال أهله ، لقوله : ( إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا ) (8).
والبيض بالنساء لقوله : ( كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَكْنُونٌ ) (9).
وكذلك اللباس ( بالنساء ) لقوله : ( هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ ) (10).
واستفتاح الباب بالدعاء لقوله : ( إِنْ تَسْتَفْتِحُوا ) (11) ، أي تدعوا.
2 ـ والتأويل بدلالة الحديث ، كالغراب بالرجل الفاسق ؛ لأنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله سمّاه فاسقاً.
والفأرة بالمرأة الفاسقة ؛ لأنّه صلى‌الله‌عليه‌وآله سمّاها فويسقة.
والضلع بالمرأة لقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : « إنّها خلقت من ضلع أعوج ».
والقوارير بالنساء لقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : « رويدك سوقاً بالقوارير ».
3 ـ والتأويل بالأمثال ، كالصائغ بالكذّاب ، لقوله : « أكذب الناس الصوّاغون ».
وحفر الحفرة بالمكر لقولهم : « من حفر حفرة لأخيه وقع فيها ».
قال تعالى : ( وَلاَ يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلاَّ بِأَهْلِهِ ) (12).
والحاطب بالنمّام لقولهم لمن نمّ ووشي : « إنّه يحطب عليه » ، وفسّروا قوله : ( حَمَّالَةَ الْحَطَبِ ) (13) بالنميمة.
وطول اليد بصنائع المعروف لقولهم : « فلان أطول يداً من فلان ». ويعبّر الرمي بالحجارة ، والسهم بالقذف ، لقولهم : « رمى
فلاناً بفاحشة ». قال الله تعالى : ( وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ) (14). وغسل اليد باليأس عمّا يؤمّل ، لقولهم : « غسلت يدي عنك ».
4 ـ والتأويل بالأسامي ، كمن رأى من يسمّى راشداً يعبّر بالرشد ، وسالماً بالسلامة ، وروي عن أنس ، قال : « قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : رأيت ذات ليلة فيما يرى النائم كأنّا في دار عقبة بن رافع ، فأتينا برطب ابن طاب ، فأوّلت الرفعة لنا في الدنيا ، والعاقبة في الآخرة ، وأنّ ديننا قد طاب ».
5 ـ والتأويل بالمعنى ، كالاُترجّ يعبّر بالنفاق لمخالفة باطنه ظاهره ، إذا لم يكن في الرؤيا ما يدلّ على المال. وكالورد والنرجس بقلّة البقاء إن عدل به عمّا نسب إليه بسرعة ذهابه. والآس بالبقاء لأنّه يدوم.
6 ـ التأويل بالضدّ ، فكما أنّ الخوف يعبّر بالأمن ، لقوله : ( وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً ) (15)
والأمن بالخوف ، والبكاء بالفرح ، إذا لم يكن معه رنّة ، والضحك بالحزن ، إلاّ أن يكون تبسّماً ، والطاعون بالحرب ، والحرب بالطاعون ، والعجلة بالندم ، والندم بالعجلة ، والعشق بالجنون ، والجنون بالعشق ، والنكاح بالتجارة ، والتجارة بالنكاح ، والحجامة بكتبة الصك ، والصك بالحجامة ، والتحوّل عن المنزل بالسفر ، والسفر بالتحوّل عن المنزل.
7 ـ وقد يتغيّر بالزيادة والنقصان ، كالبكاء إنّه فرح ، وإن كان معه صوت ورنّة فمصيبة ، وفي الضحك إنّه حزن ، فإن كان تبسّماً فصالح ، وفي الجوز مال مكنون ، فإن سمعت له قعقعة فهو خصومة ، والدهن في الرأس زنية ، فإن سال عن الوجه فهو غمّ ، والزعفران ثناء حسن ، فإن ظهر له لون مرض أو همّ ، والمريض يخرج من منزله ولا يتكلّم فهو موته ، فإن تكلّم برأ ، والفأر نساء ، فإن اختلفت ألوانها إلى البيض والسود فهي الأيّام والليالي ، والسمك نساء ، فإذا عرف عددها فإن كثر فغنيمة.
8 ـ وقد يتغيّر التأويل عن أصله باختلاف حال الرائي ، كالغلّ في النوم مكروه ، وهو في حقّ الرجال الصالح قبض اليد عن الشرّ ، وقال ابن سيرين :
« نقول في الرجل يخطب على المنبر يصيب سلطاناً ، فإن لم يكن من أهل يصلب ». وسأل رجل ابن سيرين عن الأذان ، فقال : « الحج » ، وسأله آخر فأوّل بقطع السرقة ، وقال : « رأيت الأوّل في سيماء حسنة فتأوّلت ( وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ ) (16)
ولم أرض هيئة الثاني فأوّلت : ( أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ ) (17) ».
وقد يرى فيصيبه عين ما رأى حقيقة من ولاية أو حجّ أو قدوم غائب أو خير أو نكبة ، وقد رأى النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله عام الفتح ، فكان كذلك. قال تعالى : ( لَقَدْ صَدَقَ اللهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا ) (18).
وروي عن الزهري ، عن ابن خزيمة بن ثابت ، عن عمّه : « أنّ خزيمة رأى أنّه سجد على جبهة النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فأخبره ، فاضطجع له وقال : صدّق رؤياك ، فسجد على جبهته ».
وقد يرى في المنام الشيء فيكون لولده أو قريبه أو سميّه ، فقد أرى النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله متابعة أبي جهل معه ، فكان لابنه عكرمة ، فلمّا أسلم قال صلى‌الله‌عليه‌وآله : « هو هذا ». ورأى لاسيد بن العاص ولاية مكّة ، فكان لإبنه عتاب ، ولاّه النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله مكّة » (19).
*ضوابط اُخرى للتعبير
وزاد الميرزا محسن آل العصفور في كتابه « بلغة الشيعة الكرام » بعض التأويلات بالوجوه الكتابيّة ، وبالسنّة ، والتأويل بالوجوه الحكميّة ، والأمثال المضروبة ، وبالشبه ، وباللوازم ، وبالأسامي ، وبالإقتران ، وبالدرجة والرتبة ، وبالصنعة ، وباختلاف الأحوال وغيره ، فقال :
« الأوّل : أنّ تأوّلها بالوجوه الكتابيّة ، كأن تأوّل رؤيا من اشترى بيضاً أنّه يتزوّج ، لقوله سبحانه :
ومنها : قوله تعالى : ( كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَكْنُونٌ ) (20)
أو اشترى لؤلؤاً أنّه يشتري غلماناً ، لقوله : ( كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ مَكْنُونٌ ) (21)
أو أوقد ناراً بين جماعة أنّه يفسد بينهم ويوقع لقوله تعالى : ( كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَاراً لِلْحَرْبِ ) (22)
أو ركب سفينة أنّه ينجو من الفتن لقوله تعالى : ( فَأَنْجَيْنَاهُ وأَصْحَابَ السَّفِينَةِ ) (23) ، وأمثال ذلك ، ولا بدّ لمن رام ذلك أن يقرأ القرآن بالتدبّر في آياته ومناسبات كلماته.
الثاني : التعبير بالسنّة ، كأن تفسّر الغراب بالرجل الفاسق ؛ لما روي أنّه سمّاه النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله فاسقاً ، وتفسّر الفأرة بالمرأة الفاسقة ؛ لأنّه سمّاها فويسقة ، وتفسّر الضلع بالمرأة ؛ لما روي : أنّ المرأة كالضلع الأعوج ، وتفسّر الحيوانات الممسوخة بما مسخوا عنه ، كما قدّمنا لتلك الأخبار ، ولا بدّ لمن رام ذلك من التدبّر في أخبار الآل عليهم‌السلام ، لا سيّما خطب أمير المؤمنين عليه‌السلام المشحونة بالتشبيهات السديدة الكاملة ، كأنّ تفسّر رؤيا من لبس قيمصاً ضيقّاً بأنّه ينتحل ما ليس له ؛ لقوله : « أَمَا وَالله لَقَدْ تَقَمَّصَها ابن أبي قحافة » ، أو جرى من تحته الماء بالرتبة العالية والملك ، لقوله : « يَنْحَدرُ عَنِّي السَّيْلُ » ، وكذا إذا طار إليه ولم يبلغه لقوله :
« وَلا يَرْقَىٰ إِلَيَّ الطَّيْرُ » ، أو جلس في وسط رحى أن يصير مدار اُمور الخلق لقوله : « وَإِنَّهُ لِيَعْلَمُ أَنَّ مَحَلِّي مِنهَا مَحَلُّ القُطْبِ مِنَ الرَّحَا » (24).
الثالث : التأويل بالوجوه الحكميّة ، كأن تأوّل العرش بالمكان العليّ والعظمة في القدر بالباطني والعلوم الباطنة ، وتأوّل الكرسي بالرفعة والعلوم الظاهرة ، وتأوّل الشمس بالسلطان والدين والرئاسة والملك ، وأمثال ذلك ، والقمر بالنيابة والخلافة والوصاية والوزارة.
الرابع : أنّ تأوّل بالأمثال المضروبة كأن تعبّر حفر البئر بالمكر للمثل السائر :
« من حفر بئراً لأخيه وقع فيها » ، وجواز الماء عن الجبل باشتداد الأمر والفتنة لقولهم : « قد جاوز الماء الزبى » ، والزبي : بئر في الجبال تحفر لصيد الأسد.
ورمي السهم معوجّاً بالكلام في غير محلّه للمثل : « ترسّل في غير سدد » ، وانحلال الحزم بمن لا يبالي بما يقال له للمثل : « إنّك لقلق الوضين » ، وقرّة العين بالولد ، واليد بالعون ، والخادم والظهر بالأخ ، والرجل بالدابّة ، وأمثال ذلك.
الخامس : أنّ تأوّل بالشبيه ، كأن تأوّل من رأى نفسه على النعش أنّه يركب الأعناق ، والمريض خرج من داره ساكتاً ، أو نزع فروة عليه أنّه يموت وينزع فروة بدنه ، ومنه تأويل : ( أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزاً تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ ) (25) بأنّه يصلب ويأكل الطير من رأسه ، وركوب الأسد بخدمة السلطان ، والطيران بالسفر ، والصلاة بالحجّ ، والزنا بالاُمّ والحجّ ، والاُخت زيارة المشاهد ، ومعانقة الأب بزيارة الحسين عليه‌السلام ، والميّت بالغائب.
السادس : التأويل باللوازم ، كوضع الرأس على الركبة بالهمّ ، وشرب الغليان بالحزن ، وحمرة الوجه بالسرور ، والرجفة بالخوف ، والإحتراق بالنار بالعشق أو الفراق أو بالعصيان ، والتواضع بالرفعة ، والترفّع بالضعة ، والطمع بالذلّة ، والقناعة بالعزّة.
السابع : التأويل بالأسامي ، فمن عانق من إسمه حسين يزور الحسين عليه‌السلام ، ومن رأى مسمّى بالراشد يرشد ، وبالصالح يعمل صالحاً.
الثامن : التأويل بالإقتران ، فإن رأى مقاماً خطيراً وليس هو من أهله يناله أخوه أو أبوه أو قريبه ممّن له أهل ، وإن رأى أحداً ليس في البلد مثلاً يرى نسيبه أو أقاربه أو الملازمين له ، أو رأى أنّه زار السلطان أو جالسه ، فلربّما يجالس وزيره أو بعض أرباب المناصب أو خدّامه.
التاسع : التأويل بالدرجة والرتبة ، فإنّ من رأى ما يدلّ على ارتفاع يرتفع بقدر درجته ، فارتفاع الفلاّح غير ارتفاع الوزير ، وارتفاع الوزير غير ارتفاع السلطان ، ومن رأى ما يدلّ على العلم يزداد علماً في صنعته ، فلا ينال الصائغ الحكمة الإلهيّة ، ولا الطبيب الفقاهة ، ولا الفقيه الحكمة ، وأمثال ذلك ، فاعرف قدر كلّ راء حتّى لا تخطئ.
العاشر : التأويل بنوع عين ما رأى أو جنسه ، وقد نبّهنا على ذلك سابقاً ، فمن رأى أنّه صعد جبلاً تقول : تصل إلى رتبة شامخة ودرجةعالية عليّة ، ومن رأى أنّه شرب ماءً تقول : تنال علماً فتأوّل التمر بعلم الحقيقة ، والفواكه بعلم الطريقة ، البقول بعلم الشريعة ، ورعي الغنم بالرئاسة ، وركوب البحر بارتكاب الاُمور المهولة ، والغوص فيه بالغوص في الفتن ، وإن كان البحر حلواً صافياً بعلم غزير.
الحادي عشر : التأويل بالصفة ، كورد لا دوام له بحبيب لا وفاء له ، وحيّ العالم والأشجار الخضر صيفاً وشتاءً بحبيب له وفاء ، وآلات البيت بالخدم ، والدواجن بالأضياف ، والتنّور بالقهرمان ، والسنور بالأنيس ، والفأر بالسارق ، كالعقعق والببغاء بالخطيب ، والبلبل بالمغنّي ، والخطّاف بالمستجير ، والنعل بالزوجة ...
الثاني عشر : التأويل باختلاف الأحوال ، كالفاكهة في أوانه شفاء ، وفي غير أوانه مرض ، والدهن قليله مال ، وكثيره فتنة وبليّة ، والمطر في أوانه رحمة ، وفي غير أوانه نقمة ، وقليله رحمة ، وكثيره نقمة ، وهكذا تلاحظ كلّ شيء مع مقارناته ، وكذلك قد يأوّل بالمضادّة ، وبدلالة الطبع ، وبدلالة العادة ، وبدلالة
الكسب والصنعة ، وأمثال ذلك » (26).
من رأى الحيوانات أو الطيور في منامه وفسّر أهل التعبير والتأويل بعض الحيوانات والطيور التي يراها النائم في نومه بما يوافق بعض الأحاديث الواردة عن النبيّ في تفسير ذلك وبعضها تفسير بالرأي ، وربّما كان مخالفاً لما ورد.
فنقل العلاّمة المجلسي كثير من هذه الموارد وإن لم يعتمد على شيء منها.قال : « وقال أهل التعبير ... والبقر سنون ، فإن كانت سماناً كانت مخاصب ، وإن كانت عجافاً كانت مجادب ، كما في تأويل يوسف عليه‌السلام.
ومن ركب ثوراً أصاب مالاً من عمل السلطان ، أو استمكن من عامل ، وإن رأى ثوراً من العوامل ذبح وقسّم لحمه فهو موت عامل وقسمة تركته ، فإن كان من غير العوامل كان رجلاً ضخماً ، والبعير رجل فخم ، والناقة إمرأة ، ومن رأى أنّه راكب بعير مجهول سافر ، وإن نزل عنه مرض ، وإن دخل جماعة من الإبل أرضاً دخلها عدوّ ، وربّما كان أوجاعاً ، ومن رأى أنّه يرى غنماً سوداً فهو اُناس من اُناس العرب ، وإن كانت بيضاً فمن العجم.
وروي عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال : « رأيت غنماً كثيرة سوداً دخل فيها غنم كثير بيض.
قالوا : فما أوّلته يا رسول الله ؟
قال : العجم يشاركونكم في دينكم وأنسابكم ، والذي نفسي بيده ، لو كان الإيمان معلّقاً بالثريّا لناله رجال من العجم فأسعدهم به فارس ».
والكبش رجل ضخم ، والنعجة إمرأة شريفة ، والعنز يجري مجرى النعجة إذا كان في الرؤيا ما يدلّ على المرأة ، إلاّ أنّ العنز دون النعجة في الشرف والحسب ، وقد يجري مجرى النعجة في كونها سنّة مخصبة إن كانت سمينة ، ومجدبة إن كانت عجافاً ، والفرس عزّ وسلطان ، والاُنثى إمرأة شريفة ، والبغل سفر ، والحمار جدّ الرجل الذي يسعى به ، فمن رأى أنّه ذبح حماره ليأكل من لحمه أصاب ما لا يجده ، والفيل سلطان أعجمي ، فإن ركبه في أرض حرب كانت الدبرة على أصحاب الفيل. قال تعالى : ( أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ ) (27) ، ومن أصاب حمار وحش أو وعلاً وصغيره أنّه يريد أكله يصيب غنيمة ، ومن رأى أنّه راكب حمار وحش يصرفه كيف شاء فهو راكب معصية أو يفارق رأي الجماعة.
والأسد عدوّ قاهر ، والخنزير رجل دني شديد الشوكة ، والضبع إمرأة قبيحة سوء ، والدبّ عدوّ دنّي أحمق ، والذئب سلطان غشوم أو لصّ ضعيف كذّاب ، والثعلب كثير الإختلاف ، فمن رأى أنّه ينازعه خاصم ذا قرابة ، وإن طلب ثعلباً أصابه وجع ، وإن طلبه ثعلب أصابه فزع ، ومن رأى ثعلباً يهرب منه فهو عزيمة يراوغه ، ومن أصاب ثعلباً أصاب إمرأة يحبّها حبّاً ضعيفاً ، وابن آوى كالثعلب وأضعف.
والسنور لصّ ، وابن عرس في معناه وأضعف. والكلب عدوّ دنيّ غير مبالغ في العداوة. والقرد عدوّ ملعون ، والحيّة عدو مكاتم للعداوة ، والعقرب عدوّ ضعيف لا تجاوز عداوته لسانه ، وكذلك سائر الهوامّ أعداء على منازلهم ، وذو السمّ أبلغ ، والنسر والعقاب سلطان قويّ ، والحدأة ملك خامل الذكر ، شديد الشوكة ، والبازي سلطان غشوم ، والصقر قريب منه ، والغراب إنسان فاسق كذوب ، والعقعق إنسان لا عهد له ولا حفاظ ولا دين ، والطاووس الذكر ملك أعجمي ، والاُنثى إمرأة حسناء أعجميّة ، والحمامة إمرأة أو خادمة. والفاختة إمرأة غير آلفة ، والدجاج خدم ، والديك رجل أعجمي من نسل الملوك.
قال عمر : رأيت أنّ ديكاً نقر بي نقرتين ، فأوّلت أنّ رجلاً من العجم سيقتلني ، فقتله أبو لؤلؤة. والعصفور رجل صخّاب دنيّ ، والبلبل غلام صغير ، والببغاء ولد يناغي ، والخفّاش عابد مجتهد ، والزرزور صاحب أسفار ، والهدهد كاتب يتعاطى دقيق العلم ولا دين له ، والثناء عليه قبيح لنتن ريحه ، والزنابير والذباب سفلة الناس وغوغاؤهم ، والنحلة إنسان كسوب عظيم الخطر والبركة ، وطير الماء أفضل الطير في التأويل ؛ لأنّها أكثرها ريشاً ، وأقلّها غائلة ، ولها سلطانان في البرّ والبحر ، والسمك الطريّ الكبار إذا كثر عددها مال وغنيمة ، وصغارها هموم كالصبيان. ومن أصاب سمكة طريّة أو سمكتين أصاب إمرأة أو إمرأتين ، فإن أصاب في بطنها لؤلؤة أصاب منها غلاماً. والضفدع إنسان عابد مجتهد ، فإن كثر من الضفادع فعذاب. والجراد جند. والجنود إذا دخلوا موضعاً فهو خراب.
وقال علماء التعبير : من رأى عليه سوارين من ذهب أصابه ضيق في ذات يده ، ومن الفضّة خير من الذهب ، فإن رأى عليه خلخالاً من ذهب أو فضّة أصابه حبس أو خوف أو قيد ، وليس يصلح للرجال في المنام من الحليّ إلاّ القلادة والتاج والعقد والقرط والخاتم وللنساء كلّه زينة ، والقلادة ولاية وأمانة ، واللؤلؤ المنظوم كلام الله أو من كلام البرّ ، وإن كان منثوراً فهو ولد وغلمان ، وربّما كان اللؤلؤ جارية أو إمرأة ، والقرط زينة وجمال ، والخاتم إذا كان معروف الصياغة والنقش سلطان صاحبه ، فإن اُعطي خاتماً فتختّم به ملك شيئاً ، وربّما كان الخاتم إمرأة ومالاً أو ولداً. وفصّ الخاتم وجه ما يعبّر الخاتم به ، وإن كان الخاتم من ذهب كان ما نسب إليه حراماً ، فإن رأى حلقته إنكسرت وسقطت وبقي الفصّ ذهب سلطانه وبقي الذكر والجمال.
ومن رأى أنّه أصاب ذهباً يصيبه غرم ويذهب ماله ، فإن كان الذهب معمولاً من إناء أو نحوه كان أضعف في التأويل ، والدراهم مختلفة التأويل على اختلاف الطبائع ، فمنهم من يراها في المنام فيصيبها في اليقظة ، ومنهم من يعبّرها بالكلام ، فإن كانت بيضاً فهي كلام حسن ، وإن كانت رديّه فكلام سوء ، ومنهم من لا يوافقه شيء منها ، والدراهم في الجملة خير من الدنانير ، فقد يكون الدينار الواحد والدرهم الواحد ولداً صغيراً » (28).
من رأى المياه والعيون
قال أصحاب التعبير : « الساقية التي لا يغرق في مثلها حياة طيّبة ، والبحر الملك الأعظم ، فإن استسقى منه ماءً أصاب من الملك مالاً ، والنهر رجل بقدر عظمته ، والماء الصافي إذا شرب خير وحياة طيّبة ، وإن كان كدراً أصابه ، مرض ، وشرب الماء المسخّن ودخول الحمّام همّ ومرض ، والماء الراكد أضعف في التأويل من الجاري.
والمطر غياث ورحمة إن كان عامّاً ، وإن كان خاصّاً في موضع فهو أوجاع يكون في ذلك الموضع والطين والوحل ، والماء الكدر همّ وحزن ، والسيل عدوّ يتسلّط ، والثلج والبرد والجليد همّ وعذاب ، إلاّ أن يكون الثلج قليلاً في موضعه وحينه ، فيكون خصباً لأهل ذلك الموضع ، والسباحة إحتباس أمر ، والمشي على الماء قوّة نفس ، ومن غمرة الماء أصابه همّ غالب ، والغرق فيه إذا لم يمت غرق في أمر الدنيا ، وانفجار العيون من الدار والحائط ، وحيث ينكر انفجارها همّ وحزن ومصيبة بقدر قوّة العين ، والخمر مال حرام ، فإن سكر منها أصاب معه سلطاناً ، والسكر من غير الشراب خوف ، ومن اعتصر خمراً خدم السلطان وأخصب وجرت على يده اُمور عظام. قال تعالى : ( إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْراً ) (29)
فأوّله يوسف بأنّه يسقي ربّه خمراً ، وشرب اللبن فطرة ، وهو يكون مالاً حلالاً.
من رأى الأشجار والثمار والحبوب والأشجار رجال أحوالهم كأحوال الشجر في الطبع والنفع وطيب الريح ، فمن رأى شجراً أو أصاب شيئاً من ثمرة أصاب من رجل في مثل حال ذلك الشجر ، والنخل شريف ، والتمر حال ، وشجر الجوز رجل عجمي شحيح ، والجوز نفسه مال مكنون ، وشجرة السدر رجل شريف ، وشجرة الزيتون رجل مبارك نفّاع ، وثمر الزيتون همّ وحزن ، والكرم والبستان إمرأة ، والعنب الأبيض في وقته غضارة الدنيا وخيرها ، وفي غير وقته مال يناله قبل وقته الذي يرجوه ، والأشجار العظام التي لا ثمر لها كالدلب والصنوبر إن رأى فهو رجل ضخم بعيد الصوت ، قليل الخير والمال ، والشجرة ذات الشوك رجل صعب المرام ، والصفر من الثمار ، مثل : المشمش والكمّثرى والزعرور الأصفر ونحوها ، أمراض ، والحامض منها همّ وحزن ، والحبوب كلّها مال ، والحشيش مال ، والزرع عمله في الدنيا أو دنياه ، والثوم والبصل والجزر والشلجم همّ وحزن ، والرياحين كلّها بكاء وحزن ، إلاّ ما يرى منها ثابتاً في موضعه من غير أن يمسّه ، وهو يجد ريحه (30).
من رأى الكعبة في منامه
قال المسعودي : « حدّث أبو عبدالله محمّد بن أحمد الحلبي القاضي ، قال :
حدّثني الخضر بن البزّار ـ وكان شيخاً مستوراً ثقة ، يقلبه القضاة والناس ـ قال : رأيت في المنام كأنّي على شاطئ الدجلة بمدينة السلام في رحبة الجسر ، والناس مجتمعون خلق كثير يزحم بعضهم بعضاً ، وهم يقولون قد أقبل بيت الله الحرام.
فبينا نحن كذلك إذ رأيت البيت بما عليه من الستار والديباج والقباطي ، قد أقبل مارّاً على الأرض يسير حتىّ عبر الجسر من الجانب الغربي إلى الجانب الشرقي ، الناس يطوفون به وبين يديه دار خزيمة ، وهي التي آخر من ملكها بعد عبيدالله بن عبدالله بن طاهر القمّي ، وأبو بكر المفتي ابن اُخت إسماعيل بن بلبل بدر الكبير الطولوي المعروف بالحمامي فإنّه أقطعها.
فلمّا كان بعد أيّام خرجت في حاجة إنتهيت إلى الجسر ، فرأيت الناس مجتمعين هم يقولون : قدم ابن الرضا من المدينة ، فرأيته قد عبر من الجسر على شهرى تحته كبير عليه المسير رفيقاً ، والناس بين يديه وخلفه ، وجاء حتّى دخل دار خزيمة بن حازم ، فعلمت أنّه تأويل الرؤيا التي رأيتها ، ثمّ خرج إلى سرّ من رأى فتلقّاه جملة أصحاب المتوكّل حتّى دخل عليهم » (31).
المصادر :
1- آل عمران 3 : 103.
2- العنكبوت 29 : 15.
3- المنافقون 63 : 4.
4- البقرة 2 : 74.
5- البقرة 2 : 10. المائدة 5 : 52. الأنفال : 8 : 49. التوبة 125 : 9. الحجّ 22 : 53. الأحزاب 33 : 12 و 60. محمّد 47 : 20 و 29. المدّثّر 74 : 31.
6- الجنّ 72 : 16 و 17.
7- الحجرات 49 : 12.
8- النمل 27 : 34.
9- الصافّات 37 : 49.
10- البقرة 2 : 187.
11- الأنفال 8 : 19.
12- فاطر 35 : 43.
13- المسد 111 : 4.
14- النور 24 : 4.
15- النور 24 : 55.
16- الحجّ 22 : 27.
17- يوسف 12 : 70.
18- الفتح 48 : 27.
19- بحار الأنوار : 58 / 220.
20- الصافّات 37 : 49.
21- الطور 52 : 24.
22- المائدة 5 : 64.
23- العنكبوت 29 : 15.
24- نهج البلاغة.
25- يوسف 12 : 36.
26- بلغة الشيعة الكرام : 169.
27- الفيل 105 : 1.
28- بحار الأنوار : 58 / 230.
29- يوسف 12 : 36.
30- بحار الأنوار : 58 / 229.
31- إثبات الوصيّة : 228. حياة الإمام الهادي عليه‌السلام : 138.
 


ارسل تعليقاتك
با تشکر، نظر شما پس از بررسی و تایید در سایت قرار خواهد گرفت.
متاسفانه در برقراری ارتباط خطایی رخ داده. لطفاً دوباره تلاش کنید.