الاسلام ودویلات الشعوب

رجال هذه الدولة وأنصارها الديلم من الجيلان وراء خراسان، ولكن ملوكها آل بويه من الفرس، ويرتفع نسبهم إلى ملوك الفرس القدماء، وإنما سموا ديلم؛ لأنهم سكنوا بلاد الديلم. وكان العلويون يسعون في نشر دعوتهم هناك أيام
Saturday, August 12, 2017
الوقت المقدر للدراسة:
مؤلف: علی اکبر مظاهری
موارد بیشتر برای شما
الاسلام ودویلات الشعوب
الاسلام ودویلات الشعوب



 

دولة آل بويه

رجال هذه الدولة وأنصارها الديلم من الجيلان وراء خراسان، ولكن ملوكها آل بويه من الفرس، ويرتفع نسبهم إلى ملوك الفرس القدماء، وإنما سموا ديلم؛ لأنهم سكنوا بلاد الديلم. وكان العلويون يسعون في نشر دعوتهم هناك أيام الرشيد، وآخر من نجح في ذلك الحسن بن علي الأطروش من نسل الحسين عليه السلام ، فدعا الديلم إلى مذهبه في أواخر القرن الثالث فأجابوه.
وجد آل بويه الأقرب الذي أسس هذه الدولة اسمه بويه ولقبه أبو شجاع، كان له ثلاثة أولاد: علي ويلقب عماد الدولة، وحسن ويلقب ركن الدولة، وأحمد ويلقب معز الدولة.
وكان بويه رقيق الحال، فانتظم أولاده في الجندية؛ لأنها كانت يومئذ بابًا من أبواب الرزق الواسعة، وكان عماد الدولة في خدمة مرداويج مؤسس الدولة الزيارية، فارتقي عنده حتى ولاه الكرج، ثم اتسعت أحواله فكتب إلى الخليفة العباسي وهو يومئذ الراضي بالله المتوفى سنة ٣٢٩ﻫ، أن يقاطعه على أعمال فارس بمال يحمله إلى دار الخلافة، على جاري عادتهم مع الدولة العباسية في ذلك العهد، فأجابه الراضي وبعث إليه بالخلعة.
وأخوه حسن ركن الدولة تملك خوارزم، وجاء الإخوان واتحدا مع أخيهما الثالث معز الدولة في شيراز، وساروا غربًا حتى أتوا بغداد في أيام المستكفي سنة ٣٣٤ﻫ، فرحب بهم وخلع عليهم ولقبهم الألقاب المذكورة، وجعل معز الدولة أمير الأمراء، واستبدوا بالمملكة واستولوا على الخلافة، وعزلوا الخلفاء وولوهم، فرفعوا منار الشيعة وأحيوا معالمها وأضعفوا نفوذ الأتراك والخلافة العباسية لا تزال في بغداد. ولما أقضت إمارة الأمراء إلى عضد الدولة لقب الملك، وهو أول من خوطب بهذا اللقب في الإسلام. وحكم آل بويه من سنة ٣٢٠–٤٤٧ﻫ.

الدول التركية في ظل العباسيين

(١) الدول الصغرى
لما قويت شوكة الأتراك في الدولة العباسية وهابهم الخلفاء كما تقدم، طمع بعضهم في الولايات ، فاستقلوا بها فنبتت للدولة العباسية فروع تركية خارج بلاد فارس، كما نبتت الفروع الفارسية في بلاد الفرس. وإليك الفروع التركية في العصر العباسي حسب سني نشأتها وأسماء مؤسسيها وبلادها:
الطولونية / مصر/ ٢٥٤–٢٩٢ﻫ / أحمد بن طولون
الإيلكية / تركستان /٣٢٠–٥٦٠ / عبد الكريم ستق
الإخشيدية / مصر /٣٢٣–٣٥٨ / محمد الإخشيد
الغزنوية / أفغانستان والهند /٣٥١–٥٨٢ / البتكين
وتدرج الأتراك في الولايات الإسلامية كما تدرج الفرس قبلهم، أي: من الإمارة إلى السلطنة وهم أول من سموا سلاطين في الإسلام، وأولهم سلاطين الدولة الغزنوية التي منها السلطان محمود الغزنوي فاتح الهند وناشر الإسلام فيها.

الدولة السلجوقية وفروعها

على أن هذه الإمارات نشأت فروعًا للدولة العباسية، وكان أمراؤها وسلاطينها من عمال الدولة العباسية أو قوادها.
وكانت السنة قد تقوت بظهور الإمارات التركية، فلما قامت دولة آل بويه في أواسط القرن الرابع للهجرة بالعراق وفارس وعاصرتها الدولة الفاطمية بمصر، عظم أمر الشيعة في العالم الإسلامي وتضعضعت السنة فتشتت شمل المملكة العباسية. ثم ظهرت الدولة التركية الكبرى في أواسط القرن الخامس، وتعرف بالدولة السلجوقية نسبة إلى جدها سلجوق، فجاءت في حال الحاجة إليها؛ لأنها لمت شعث المملكة العباسية ونصرت مذهبها (السنة) بعد أن كادت تضمحل بين يدي الشيعة في مصر والشام والعراق وفارس وخراسان. وكانت الدولة الفاطمية قد نشرت سلطتها على المغرب، وأوشكت أن تستولي على المشرق كله، فجاء السلجوقيون من أقاصي الشرق فاستولوا على المملكة العباسية وجمعوا شملها. وبعد أن كانت ولايات مستقلة يملكها أمراء من الفرس والأتراك والأكراد والعرب، جعلوها مملكة واحدة يحكمونها تحت رعاية الخليفة العباسي.
ومؤسس الدولة السلجوقية سلجوق بن تكاك، أمير تركي كان في خدمة بعض خانات تركستان، فعلم باختلال المملكة العباسية فطمع فيها، وعلم أنه لا يبلغ ذلك وهو على دين غير دين الإسلام، فأسلم هو وقبيلته وسائر جنده ورجال عصبيته دفعة واحدة، ونهض بجميع هؤلاء من تركستان وساروا غربًا، فقطعوا نهر جيحون وتدرجوا في الفتح ونشر سلطانهم حتى اكتسحوا المملكة العباسية، وامتد سلطانهم من أفغانستان إلى البحر الأبيض. وأصبح العالم الإسلامي تتنازعه ثلاث دول إسلامية، أكبرها دولة السلاجقة في المشرق، ثم الدولة الفاطمية في مصر والمغرب، والثالثة دولة بني أمية في الأندلس.
فشأن الدولة السلجوقية غير شؤون الدول التركية الصغرى التي تقدمتها؛ لأن هذه إمارات نشأت في حجر الدولة العباسية وتفرعت من مملكتها، وأما الدولة السلجوقية فقد نشأت مستقلة وجاءت من الخارج بقوة وجند، وأنقذت الخلافة العباسية من الضياع على أيدي البويهيين وغيرهم من الشيعيين. والدولة الإيلكية نشأت مستقلة أيضًا، لكنها قلما أثرت في المملكة الإسلامية.
وللسلاجقة منزلة عظمى في تاريخ الإسلام، وفي أيامهم تكاثر نزوح الأتراك إلى المملكة الإسلامية في فارس والعراق والشام، للسكنى والارتزاق في ظل أبناء جلدتهم، والسلاجقة أول من أنشأوا المدارس في المملكة الإسلامية، بأرقى ما بلغت إليه في عهد ذلك التمدن على يد نظام الملك وزير ملك شاه السلجوقي في أواسط القرن الخامس، وقد فصلنا ذلك وعللناه في الجزء الثالث من هذا الكتاب.
ونظام الملك فارسي الأصل من أولاد الدهاقين، ولكنه أنشأ ما أنشأه من المدارس والتكايا والرباطات والمساجد والمارستانات باسم سلطانه ملك شاه.
والسلاجقة دول تفرعت من أصل واحد وعرفت باسم واحد، ولكنها تمتاز بعضها عن بعض بأماكن حكمها، وأكبر هذه الدول السلاجقة العظام، وهم أصل سائر الفروع وأقوى منها جميعًا. وإليك الدول السلجوقية ومقدار حكمها:
السلاجقة العظام: حكموا من سنة ٤٢٩–٥٥٢ﻫ.
سلاجقة كرمان: حكموا من سنة ٤٣٣–٥٨٣ﻫ.
سلاجقة الشام: حكموا من سنة ٤٨٧–٥١١ﻫ.
سلاجقة العراق: حكموا من سنة ٥١١–٥٩٠ﻫ.
سلاجقة بلاد الروم (آسيا الصغرى): حكموا من سنة ٤٧٠–٧٠٠ﻫ.
فحكمت الدولة السلجوقية على الإجمال نحوًا من ثلاثة قرون، وبلغ اتساع مملكتهم من حدود الصين إلى آخر حدود الشام.

انتقال المملكة السلجوقية إلى الأتابكة

وكان السلاجقة في أيام سلطتهم يولون الأعمال أو الولايات قوادًا من مماليكهم يسمونهم الأتابكة، واحدهم أتابك، وهو لفظ تركي معناه «الأب الأمير»، واستعملوه أولًا بمعنى وزير ثم صار بمعنى الملك. وأخذ الأتابكة يستقلون بولاياتهم شيئًا فشيئًا، حتى اقتسموا المملكة السلجوقية فيما بينهم، إلا الفرع الرومي في آسيا الصغرى، فإنه ظل في حوزة السلاجقة، حتى أتى العثمانيون في أواخر القرن السابع — وإليك تفرع المملكة السلجوقية الكبرى إلى مماليكهم الأتابكة وغيرهم وسني حكم كل دولة منها:
الدولة البورية في دمشق من سنة ٤٩٧–٥٤٩ﻫ.
الدولة الزنكية في الجزيرة والشام من سنة ٥٢١–٦٤٨ﻫ.
الدولة البكتجينية في أربلاء وغيرها من سنة ٥٢٩–٦٣٠ﻫ.
الدولة الأرتقية في ديار بكر وماردين من سنة ٤٩٥–٧١٢ﻫ.
دولة الشاهات في أرمينيا من سنة ٤٩٣–٦٠٤ﻫ.
أتابكة أذربيجان في أذربيجان من سنة ٥٣١–٦٢٣ﻫ.
الدولة السلغرية في فارس من سنة ٥٤٣–٦٨٦ﻫ.
الدولة الهزارسبية في لورستان من سنة ٥٤٣–٧٤٠ﻫ.
الدولة الخوارزمية في خوارزم من سنة ٤٧٠–٦٢٨ﻫ.
الدولة القطلغية في كرمان من سنة ٦١٩–٧٠٣ﻫ.
وما زالت هذه الممالك في حوزة الأتابكة وغيرهم من مماليك الدولة السلجوقية وقوادها، حتى جاء المغول فاكتسحوها كلها واستولوا عليها.

سلاجقة الروم

أما الفرع السلجوقي الذي ظل سائدًا دون سائر الفروع، فهو سلاجقة آسيا الصغرى، وهي بلاد الروم في اصطلاح تلك الأيام. على أن مملكتهم هناك تفرعت إلى عدة فروع يحكم كلًّا منها عائلة سلجوقية صغيرة، وهاك أسماءها مع أسماء العائلات السلجوقية التي كانت تتولاها:
ميسيا / آل كراسي
بيسيديا / آل حميد
فريجيا / آل كرميان
ليسيا / آل تاكة
ليديا / آل سروخان وأيدين
كاريا / آل منتشا
بفلاغونيا / آل قزل أحمدلي
ليكونيا / آل قرمان
وما زالت هذه الإمارات في سلطة الأمراء السلاجقة، حتى أتى العثمانيون فاستولوا عليها وأنشأوا الدولة العثمانية في أوائل القرن الثامن للهجرة.
الأكراد قوم أشداء وأكثرهم أهل بادية وخشونة وجفاء، يقيمون في الخيام وينقسمون إلى قبائل وعشائر وبطون، وهم أقل قبولًا للحضارة من الفرس والترك وغيرهما من الأمم الشرقية التي دانت للإسلام في إبان التمدن الإسلامي، وقد ظلوا أهل ظعن ورحلة في معظم ذلك التمدن.
وكانت الدولة تستعين بهم في الحروب البدوية الشبيهة بالغزو كما كانت تستعين بالأعراب، ومقامهم على الأكثر في كردستان وأرمينيا وجزيرة العراق كالموصل وديار بكر، ولا يزال سوادهم هناك إلى الآن.
ونظرًا لتمسكهم بالبداوة والخشونة لم تستخدمهم الدولة العباسية في أعمالها إلا قليلًا، فلم ينبغ فيهم أحد من رجال الإمارة المستقلة أو أهل السياسة والتدبير إلا بعد دهر طويل من عهد ذلك التمدن.
سيطر حسنويه بن حسين البرزكاني، زعيم بعض القبائل الکردية علی الأكراد في كردستان، في أواسط القرن الرابع للهجرة، وامتدت سلطته على معظم تلك المملكة وفيها ديناور (أو الدينور) وهمذان ونهاوند وسرماج وغيرها. وقد اعترف خليفة بغداد بسلطانه ولقب ابنه بعده بناصر الدولة العراقية.
ولم يطل عمرها كثيرًا فحكمت من سنة ٣٤٨–٤٠٦ﻫ ثم استقل من الأكراد أبو علي بن مروان في ديار بكر سنة ٣٨٠ﻫ، وامتدت سلطته على آمد وآرزان وميافرقين، وبايع خلفه للفاطميين حينًا من الزمن وذهبت سلطته سنة ٤٨٩ﻫ.

الدولة الأيوبية

على أن الأكراد لم يكن لهم شأن يذكر في الإسلام إلا على عهد الدولة الأيوبية من سنة ٥٦٤–٦٤٨، ومؤسسها السلطان صلاح الدين الأيوبي. وهو من رجال الإسلام ، أنشأ دولته على أنقاض الدولة الفاطمية بمصر وبايع فيها للعباسيين، وحارب الصليبيين وردهم عن سوريا وأنقذ بيت المقدس من أيديهم.
وارتفع شأن الأكراد في أيام دولته، وتولوا الإمارات والولايات في مصر والشام وكردستان واليمن وخراسان، ولما مات اقتسم مملكته إخوته وأولاده وأولاد إخوته؛ ولذلك لم يطل حكمها. فغلبهم على معظمها مماليكهم الأتراك، كما غلب الأتابكة ملوكهم السلاجقة قبلهم، فكان للمماليك بمصر دولتان تعرفان بالسلاطين المماليك.
ومما يحسن التنبيه إليه في هذا المقام أن الإسلام قد أثر في أمم المشرق تأثيرًا خاصًّا وساقها إلى التمدن تدريجًا، فتسابقت إلى إنشاء الدول وتأسيس الممالك باعتبار أسبقيتها في الإسلام، وقربها من العالم الإسلامي. فأول من أسلم من تلك الأمم العرب وأسسوا الدولة الإسلامية العربية، فاحتك بهم أولًا الفرس وهم أقرب أمم المشرق إلى جزيرة العرب فكانوا أسبق الأعاجم إلى إنشاء الدول. ثم جاء الأتراك من وراء بلاد فارس، فلما انتشر الإسلام بينهم أسسوا الدول ونظموا الحكومات. ثم ظهر الأكراد وهم أقرب من الأتراك إلى العالم الاسمي يومئذ، لكنهم تمدنوا بعدهم؛ لأن الأتراك أقرب منهم إلى سياسة الدول.
وامتد الإسلام في تركستان وما وراءها من بلاد التتر أو المغول فنهض هؤلاء وأغاروا على بلاد الإسلام للنهب والقتل، لكنهم ما كادوا يحتكون بالعالم الإسلامي حتى أخلدوا إلى النظام وأنشأوا الدول. ويقال نحو ذلك عن تأثير الإسلام في المغرب، خصوصًا قبائل البربر في شمالي أفريقيا كما تقدم.
المصادر :
ابن الأثير 10-198 ج5. / الفخري ١٢٥./ الأغاني ١٨ ج١٢./ المقريزي ٣٠١ ج٢.
 


ارسل تعليقاتك
با تشکر، نظر شما پس از بررسی و تایید در سایت قرار خواهد گرفت.
متاسفانه در برقراری ارتباط خطایی رخ داده. لطفاً دوباره تلاش کنید.